العهدة الرابعة للاحتباس الحراري

سطر رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، من فنزويلا خارطة الطريق التي يجب أن يتبعها العالم في المستقبل لتحقيق التوازن المناخي والاقتصادي والاجتماعي... وجاءت هذه الخارطة بعد تلك التي سطرها للحكومة الجزائرية خلال جلسات استماعه للوزراء في شهر رمضان. ومعلوم أن رئيس الجمهورية عدل الدستور وطلب عهدة ثالثة لاستدراك فشل السياسات السابقة واستكمال ''مصالحة الجزائريين مع الذات'' كما ردد مرارا. ولا ندري ما هي وحدة القياس التي سيعتمدها الرئيس أو مساندوه لمعرفة متى يكتمل تصالح الجزائريين مع الذات ويحين وقت التناوب على السلطة. كما طلب عهدة ثالثة حتى يكمل برنامجه الاقتصادي الخماسي الذي بقي منه نصف المبلغ المعلن عنه تقريبا، مع الإعلان عن برنامج خماسي جديد قد لا ينتهي قبل حلول القرن القادم، إذا نظرنا إلى حجم المشاريع المسجلة فيه والوقت الذي استغرقته المشاريع المنجزة في الجزائر منذ الاستقلال. فإذا كان خط ميترو ''البريد المركزي ـ الحراش'' لم يشتغل بعد، فللمواطن الجزائري أن يحسب متى سيركب ميترو ''الحراش ـ عين النعجة'' و''باب الوادي ـ البريد المركزي'' و''عين النعجة ـ براقي''... كذلك الشأن بالنسبة لطريق الهضاب العليا الذي لا يقل مسافة عن ''طريق شرق ـ غرب'' السكك الحديدية المقرر أن تربط كل دوائر وبلديات الوطن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. أما مشاكل الفيضانات وأسعار البطاطا والأموال العمومية التي تستنزف، فهذه كلها مشاكل هامشية لا تقلق الرئيس إلى درجة أنه لا يكلف نفسه حتى عناء قراءة رسائله المتعددة الموجهة للداخل في المناسبات الوطنية والدينية. فهو الآن متفرغ للمشاكل العالمية كمشكل الاحتباس الحراري وإصلاح منظمة الأمم المتحدة والنظام الاقتصادي والمالي العالميين. بالنسبة لإصلاح الأمم المتحدة والنظام الاقتصادي العالمي، علينا أن نعرف إن كان بوتفليقة يفكر في نفس الحلول التي طبقها في الداخل. وفي هذه الحالة يصعب عليه إقناع الشركاء الأجانب بضرورة تحويل الأمم المتحدة إلى إدارة لا تكلف نفسها حتى عناء شطب الأموات وتسجيل الولادات، مثلما هو حال الإدارة الجزائرية. ويصعب عليه إقناع شركائه الأجانب بجعل الهيئات المالية الدولية والبنوك العالمية صناديق تكدس الأموال ولا تصرفها. أما بخصوص التغيرات المناخية، فالظاهر أن بوتفليقة هذه المرة اختار أن يوجه من الخارج رسالة إلى الداخل بعدما كان يفعل العكس. ومفاد هذه الرسالة، أن الوعود المستهلكة في العهدات الثلاث الماضية، لا تنفع لعهدة رابعة، وأحسن وعد يمكن قطعه على نفسه الآن، ولن يحاسبه أحد على عدم تحقيقه، هو حل مشكل الاحتباس الحراري.