الغابة تنتخب رئيسها

تباهت حيوانات الغابة باختيارها النمر ملكاً عليها، ولكن تباهيها لم يستمر طويلاً لأن النمر مرض مرضاً غامضاً غير معروف، حيّر الأطباء وعجزوا عن مداواته، وأخبروه أنه لا نجاة له من الموت وسيعيش أسابيع قليلة فقط، فاستدعى النمر بعض حيوانات الغابة على عجل، وتكلّم مع كلّ واحد منها على انفراد مودعاً.

ولم يعش النمر أسابيع كما توقع أطباؤه بل مات بعد أيام قليلة، ولم يترك أيّة وصية تقترح من سيخلفه، فأرادت حيوانات الغابة معرفة أقوال النمر قبل وفاته لعلّ فيها ما يشبه الوصية المنشودة، ولم يحاول أيّ واحد كتمان ما قال النمر له.
زعم الغزال أن النمر سأله عن سبب ركضه السريع، ولم يسأله عمن يطارده ويرغمه على الركض السريع.
زعمت الذبابة أن النمر اعترف لها بأنها الوحيدة التي يغار منها لأنها تفوقت عليه في الشجاعة والقوة والجرأة.
زعمت الضفدعة أن النمر كان شديد الإعجاب بنقيقها، ويطرب وينتشـي كلّما سمعه، وطالبها بالكثير منه في جنازته.
زعمت الأفعى أن النمر هنأها على عملها اليومي، ورجاها ألاّ تتوقف، فالموت بالسمّ أسرع موت.
زعم الخروف أن النمر تنبأ له بأنه سيصبح في المستقبل طعاماً مفضلاً لدى مخلوق يمشي على قدمين، وسيباع لحمه بأغلى الأسعار.
زعم الحمار أن النمر طمأنه بأن النهيق مهما ظُلم، فلا بدّ من يوم آت قريباً يُنصف فيه ويظفر بمجد يستحقه.
زعم القطّ أن النمر تساءل بفضول عن الأسباب الخفية التي تمنعه من أن يصبح نمراً وهو الذي يملك كل صفات النمور.
زعم الضبع أن النمر أثنى على جهوده في تنظيف الغابة، ورجاه أن يتابع التهام بقايا الفرائس مؤكداً له أن لا أحد غيره يصلح وزيراً للصحة أو وزيراً للنظافة.
زعم العصفور أن النمر أمره بالتغريد في جنازته بعد أن يصبغ كل ريشه باللون الأسود.
زعم الثور أن النمر نصحه بأن ينطح شجرة ويقتلعها من ترابهاحتى يهابه كل الشجر ويسقط إليه ثمره الناضج، وحتى تهابه الأرض، وتنبت له بسرعة ما يطلبه من عشب أخضر.
ولم تجد حيوانات الغابة في تلك الأقوال المنسوبة إلى النمر ما يساعدها على تحديد من سيكون ملكها الجديد، فقررت أن تنتخب رئيساً لها، ولم تجد من هو أصلح من الدب الذي وعد كلّ حيوان بالعدل والأمان والشبع، وانتخبته رئيساً مطاعاً، وانتظرت أفعاله.
في اليوم الأول، نام الدب نوماً طويلاً حتى ساد ظنٌ بأنه قد مات.
في اليوم الثاني، استيقظ الدب من نومه، وأمر ببناء قصر ضخم فخم حتى يقيم به.
في اليوم الثالث، أصدر الدب قانوناً يمنع كل الدببة من العمل بحجة الحفاظ على صحتها، ويفرض في الوقت نفسه على كل حيوانات الغابة صيد الأسماك وجمع أطيب الثمار وأشهاها وتقديمها إلى الدببة.
في اليوم الرابع، أصدر الدب قانوناً ثانياً يقضي بأن الدببة وحدها هي التي يحق لها أن تصيح وتغرد وتصهل وتخور وتنهق وتزأر.
في اليوم الخامس، أصدر الدب قانوناً ثالثاً ينص على أن يظل بعد وفاته رئيساً للغابة.
في اليوم السادس، سخرت حيوانات الغابة من غباوتها وغفلتها لكونها أخطأت في اختيارها.
وفي اليوم السابع، طردت الحيوانات كل الدببة من غابتها، وعاشت سعيدةً آمنةً بغير ملوك ورؤساء.
(منقول)