مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..
مستغانم كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
المحترف
المحترف
مشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
مشرف منتدى أخبار و تاريخ  مستغانم
عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008

قضية الجنرال نزار وخدعة السلم المدني في الجزائر ا خضير بوقايلة Empty قضية الجنرال نزار وخدعة السلم المدني في الجزائر ا خضير بوقايلة

الأربعاء 04 يناير 2012, 13:29
قضية الجنرال نزار وخدعة السلم المدني في الجزائر ا خضير بوقايلة 03qpt698



عودة جديدة إلى وقائع سنوات الدم والفوضى في الجزائر بسبب فتح القضاء السويسري سجل أحد صناع تلك المرحلة قبل شهرين. الجنرال المتقاعد خالد نزار تلقى في تشرين الاول/أكتوبر الماضي استدعاء للمثول أمام المدعية العامة الفدرالية السويسرية والرد على تهم موجهة له بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في بدايات الأزمة الدموية التي عصفت بالجزائر خلال تسعينات القرن الماضي، وكان وقتها الجنرال نزار وزيرا للدفاع وعضو المجلس الأعلى للدولة، الهيئة الجماعية التي وضعت لخلافة الرئيس الشاذلي بن جديد الذي اضطر لتقديم استقالته.
الجنرال نزار اقتيد إلى مكتب المدعية العامة السويسرية وقد كان في زيارة خاصة إلى ذلك البلد للعلاج، وقد وعد القاضية بالمثول أمام المحكمة متى استدعي إليها ولم يبد اعتراضا على ذلك بل كان عازما على الرد على كل التهم الموجهة إليه وطي ملف الملاحقات القضائية الدولية التي يتعرض لها منذ فترة. إلا أن مجموعة من أصدقائه ومريديه والمتعاطفين معه ساقوا عريضة يحذرون فيها القضاء السويسري من مغبة الإبقاء على ملف نزار مفتوحا ودعوا الحكومة الجزائرية إلى التدخل لدى نظيرتها السويسرية لتتدخل بدورها لدى القضاء من أجل طي الملف نهائيا، وقال موقعو البيان وهم وزراء سابقون وقضاة وبرلمانيون ومحامون وصحافيون وكتاب ورجال أعمال إن ما أقدمت عليه المدعية العامة السويسرية تدخل في شأن جزائري خاص وإن التمادي في ذلك ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الشعبين الجزائري والسويسري، ودافع هؤلاء عن الجنرال نزار ورأوا أن ما فعله مع أركان النظام من توقيف للمسار الانتخابي ومنع الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الاستمتاع بفوزها الساحق في الانتخابات البرلمانية قبل عشرين سنة إنما كان عملا بطوليا لإنقاذ الجزائر من أن تتحول إلى أفغانستان أخرى في شمال إفريقيا. ولم يكتف موقعو عريضة مؤازرة الجنرال نزار بالحديث أصالة عن أنفسهم بل نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الشعب الجزائري، الأمر الذي أثار خصومهم في المعسكر المقابل وبادروا إلى استنكار ذلك وحرروا بدورهم عريضة ضد الجنرال نزار يدعون فيها إلى ضرورة محاكمته على ما يصفونه بالجرائم الكبرى التي ارتكبها رفقة أركان النظام الجزائري ضد مئات الآلاف من الجزائريين من المحسوبين على إسلاميي جبهة الإنقاذ وغيرهم. ولم يكتف هؤلاء، وأغلبهم من النشطاء في مجال حقوق الإنسان، بالتركيز على نزار بل دعوا السلطات القضائية السويسرية إلى تجميد كافة أرصدة وأملاك أزلام النظام الموجودة في سويسرا لأنهم اكتسبوها بغير وجه حق واغتصبوها من حقوق الجزائريين.
وأنا أقرأ العريضة المساندة للجنرال نزار تساءلت إن كان موقعوها، وكثير منهم من رجال القانون، لا يعرفون أنهم يخاطبون القضاء السويسري أم أنهم لا يفرقون بينه وبين القضاء الجزائري الخاضع لرجال المال والسياسة، وهل يتوقعون فعلا من الحكومة الجزائرية القائمة أن تتدخل لدى السلطات السويسرية حتى تتدخل بدورها لدى القضاء المستقل ليتخلى عن متابعة الجنرال ويدعه يتابع رحلة علاجه الطبيعي لوقف التدخين في أمان وطمأنينة. طبعا إذا حدث مثل هذا فلن يكون سابقة في تاريخنا الحديث، لأن العقيد معمر القذافي سبقهم إليها عندما قرر قبل أربع سنوات إزالة سويسرا من الخارطة وشن عليها حربا صوتية عندما تجرأت شرطة جنيف على اعتقال نجله هنبعل (المقيم حاليا في الجزائر) إثر شكوى بسوء المعاملة تقدم بها خادماه، بقية القصة يعلمها الجميع.
لا نعلم لحد الآن إن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيستجيب لمطلب أصحاب العريضة ومنهم مجموعة من أصدقائه فيتدخل من أجل إنقاذ الجنرال نزار من مخالب القضاء السويسري مثلما فعل قبل عدة سنوات عندما استجاب بإرسال طائرة خاصة نقلت نفس الجنرال من قاعدة جوية في باريس على جناح السرعة بعد أن باشر القضاء الفرنسي في إجراءات لاعتقاله وتقديمه للمحاكمة استجابة لدعاوى قضائية رفعها ضده جزائريون مقيمون هناك. العلاقات ليست حميمة بين بوتفليقة ونزار، لكن للرجلين أصدقاء مشتركين إضافة إلى أن للرئيس تعهدا شخصيا بينه وبين أركان النظام الذي أتوا به إلى الحكم أن يذود عنهم ويحميهم من كل أذى قضائي خارجي يمكن أن يلحق بهم بسبب ما فعلوه في البلد خلال حقبة التسعينات الدموية. وقد ظل ملتزما بذلك لسنوات وتوّج ذلك عندما أدرج في ميثاق السلم والمصالحة الذي عرضه على الجزائريين للاستفتاء مادة تمنع على كل جزائري نبش ما حدث خلال سنوات ما كان يسمى الحرب على الإرهاب سواء بالحديث أو في أروقة المحاكم، وهذا ما أغلق الباب أمام ضحايا تلك الحقبة للتحرك على مستوى القضاء الجزائري ولم يبق لهم إلا القضاء الدولي.
بوتفليقة عمل من أجل إقامة سلم هش بين الجزائريين بناه على ما كان يسميه التوازنات الداخلية الممكنة، توازنات لم يكن فيها للشعب أي اعتبار بل كانت فقط مع زمر النظام الحاكم التي اتفقت على توزيع مناطق النفوذ السلطوي والمالي والسياسي في ما بينها. توازنات كان فيها الشعب يستعمل كوسيلة للضغط بين الزمر الحاكمة ولم يكن يخرج منها إلا بالخسائر المتتالية. سلم بوتفليقة فرضه على الجزائريين فرضا ولم يكن فيه أي اعتبار لمطالب الحلقة الأضعف في السلسلة، لذلك فإن أقل ما يتوقع من مثل هذا السلم أن ينهار في أول فرصة يستعيد فيها الشعب كلمته وحريته، وهذا بطبيعة الحال لا يعني أبدا أن الشعب الجزائري لا يريد سلما مدنيا دائما في بلده، فهذا هو أقصى ما يتمناه، بل هو يرفض سلما مفروضا عليه وفق أسس ظالمة. الجزائريون لا يمانعون في العفو عمن ظلمهم بشرط أن يعترف الظالم بظلمه ثم يختفي من الساحة تماما، لكن الذي نشهده هو أن النظام يرفض الاعتراف بما ارتكبه من جرائم أو تجاوزات في حق آلاف الأبرياء وهو يصر على تحميل مسؤولية كل ما جرى من فظائع لطرف واحد، بل حتى هذا الطرف الذي يحمَّل كل المسؤولية يتم التعامل معه بطريقة عجيبة لا تفسير منطقيا ولا قانونيا لها. النظام يقول إن التيار الأصولي المتطرف ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ هو الذي تقع على عاتقه مسؤولية زعزعة أركان الدولة الجزائرية وإدخال البلد في حرب أهلية استمرت سنوات عديدة وخلفت عشرات الآلاف من الضحايا وخسائر بليونية إضافة إلى تقويض شخصية المواطن الجزائري. وتبعا لذلك قرر النظام لوحده أن يعزل الجبهة الإسلامية للإنقاذ من كل مسعى سياسي مصالحاتي في الجزائر ويحرم عليها إلى الأبد العودة إلى العمل الشرعي. قد يكون لمثل هذا القرار معنى لو أن النظام لم ينفذ قراره بتلك الطريقة العجيبة المتمثلة في حرمان القيادة السياسية للجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت في عز الأزمة وراء القضبان من كل حقوقها المدنية والسياسية بينما قرر من تلقاء نفسه أيضا أن يعفو عن الذين تورطوا في العمل المسلح باسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت تتحرك في جو مليء بالغموض والتناقضات. إضافة إلى هذا لا تزال كثير من انتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها مسألة الاختفاء القسري الذي راح ضحيته آلاف الجزائريين من دون حل جذري يرضي أهالي الضحايا.
الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا يزال لحد الآن يطالب بإعادة محاكمته علنا وقد أعلن استعداده ليلقى جزاءه إذا ثبتت ضده التهم الموجهة له، وهي أيضا يطالب أن يمثل معه رجال الطرف المقابل ومنهم الجنرال خالد نزار. لا أدري إن كان هذا ممكنا ولو بعد حين، لكن الأكيد هو أن تحقيق السلم والطمأنينة بين الجزائريين لا يمكن أن يفرض بمرسوم وحتى إذا فرض فلا يمكن أن يستمر أبد الدهر، وأقل شيء إذا أردنا أن نبدأ به هو أن نقيد أيضا أيدي أزلام النظام من الحركة ونمنعهم من التصرف في شؤون الجزائريين، وبعدها نفسح المجال للشعب الجزائري ليختار ما يليق به بكل سيادة وحرية.

' كاتب وصحافي جزائري
khoudir.bougaila@gmail.com
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى