مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..
مستغانم كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
علاء الدين
علاء الدين
مشرف منتدى كورة
مشرف منتدى كورة
عدد الرسائل : 4847
العمر : 28
الأوسمة : العناية بالطفل وتربيته عند ابن سينا Aw110
البلد : العناية بالطفل وتربيته عند ابن سينا Male_a11
نقاط : 2776
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 01/06/2008

العناية بالطفل وتربيته عند ابن سينا Empty العناية بالطفل وتربيته عند ابن سينا

الأربعاء 16 يوليو 2008, 15:25
خصص ابن سينا في الكتاب الأول من كتاب القانون في الطب فصلا خاصا للحديث عن تربية الأطفال وأمراضهم، وقد سماه التعليم الأول في التربية، وقسمه إلى أربع مقالات. في المقالة الأولى تناول بالحديث عن تدبير المولود كما يولد إلى أن ينهض. في حين أنه بحث في المقالة الثانية عن الإرضاع، وفي ذلك ألح على أن يرضع الطفل لبن أمه ما أمكن فإنه أشبه الأغذية بجوهر ما سلف من غذائه وهو في الرحم. ثم تحدث عن موضوع الفطام، وأكد على أن يكون تدريجيا. المقالة الثالثة تتحدث عن بعض أمراض الطفولة وضرورة الوقاية منها. المقالة الرابعة تتناول تدبير الطفل وتربيته حتى سن البلوغ، وفيه يستعرض ابن سينا فصول التربية النفسية للأطفال وفق أحسن الطرق التربوية المعروفة حاليا. أما في كتابه الأرجوزة في الطب، فقد خصص ابن سينا قسما خاصا تناول الحديث فيه عن أصول تربية الطفل وتنشئته في مراحل نموه المختلفة؛ بدءا بالحياة الجنينية ثم الإرضاع وحتى مراحل متقدمة من حضانته.

هدف هذا البحث هو التعرض لأهم مفاهيم تربية الطفل والعناية به وذلك كما وردت في مؤلفات ابن سينا، وإظهار مدى مساهماته وإنجازاته في هذا المجال.





مقدمة:
ابن سينا هو أبو علي الحسين ابن عبد الله الملقب بالشيخ الرئيس. ولد ابن سينا سنة 980 ميلادية في قرية أفشنة قرب بخارى في تركستان أو ما يعرف حاليا بجمهورية أزبكستان. وقد حفظ القرآن عندما بلغ من العمر عشر سنين. وعندما بلغ من العمر واحدا وعشرين عاما غادر بخارى ليقضي باقي عمره متنقلا بين مختلف المدن الفارسية. ولما توفي سنة 1037 ميلادية كان يعد وقتئذ أحد عباقرة الفلسفة في الإسلام، وفي الطب فقد وضع في مصاف جالينوس حيث أطلق عليه لقب جالينوس الإسلام. وبسبب شهرته الواسعة فقد تسابق للاحتفال بذكراه عدة شعوب، والأتراك هم أول من احتفلوا بذكراه، عندما أقاموا عام 1937 مهرجانا ضخما بمناسبة مرور تسعمائة سنة على وفاته. ثم حذا حذوهم العرب والفرس حيث أقيم مهرجانان للاحتفال به في كل من بغداد عام 1952 ثم في طهران عام 1954. وفي عام 1978 دعت منظمة اليونسكو كل أعضاءها للمشاركة في احتفال إحياء ذكرى مرور ألف عام على ولادة ابن سينا، وذلك اعترافا بمساهماته في مجال الفلسفة والطب. وبالفعل فقد استجاب كل أعضاء المنظمة وشاركوا في الاحتفال الذي أقيم عام 1980.

ألف ابن سينا 276 مؤلفا، كلها كتبت بالعربية باستثناء بضع مؤلفات صغيرة كتبها بلغته الأم الفارسية. إلا أنه وللأسف فقد فقدت أكثر هذه المؤلفات ولم تصل إلينا. ويوجد حاليا 68 مؤلفا منتشرا بين مكتبات الشرق والغرب.

كتب ابن سينا في كل فروع العلم التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، إلا أنه أكثر ما اهتم به هو الفلسفة والطب. وبعض المؤرخين المعاصرين يعتبرونه فيلسوفا أكثر منه طبيبا، إلا أن آخرين يعتبرونه أمير الأطباء في القرون الوسطى. وقد صنف بعضهم مؤلفات ابن سينا وفق ما تحويه فكانت كالتالي:

43 مؤلفا في الطب، 24 مؤلفا في الفلسفة، 26 مؤلفا في الطبيعيات، 31 مؤلفا في علوم الدين، 23 مؤلفا في علم النفس، 15 مؤلفا في الرياضيات، 22 مؤلفا في المنطق، 5 مؤلفات في علوم تفسير القرآن. بالإضافة لعدة رسائل في الزهد والعشق والموسيقى وبعض القصص.



كتاب القانون في الطب:
يعتبر أكثر مؤلفات ابن سينا أهمية في الطب، وقد كتبه بالعربية، ووصفه أحد الأطباء الغربيين وهو William Osler بأنه أشهر كتاب طبي على الإطلاق. ويعد هذا الكتاب فريدا من نوعه، إذ يمثل وثيقة تحوي كل علوم الطب منذ أقدم الأزمنة (كالطب الفرعوني والإغريقي والهندي) وحتى عصر ابن سينا. وتميز هذا الكتاب بعرضه مواضيع الطب وفق خطة منهجية قريبة جدا لما تتبعه الكتب الطبية المدرسية الحديثة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة سرد الأمراض من حيث التعرض لتصنيف الأمراض ثم ذكر أسبابها وأعراضها وعلاماتها وسرايتها، ثم ذِكْر علاجها وإنذارها. ويمكننا القول بأن حسن ترتيب كتاب القانون فضلا على شموليته جعلاه الأكثر انتشارا في الأوساط العلمية الطبية في كل من الشرق والغرب وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر.

لقد عرف الغرب كتاب القانون من خلال الترجمة اللاتينية له التي قام بها جيرارد الكريموني وذلك في القرن الخامس عشر. وترجم أيضا إلى اللغة العبرية وطبع عدة مرات آخرها كان في بداية القرن التاسع عشر. بقي كتاب القانون قيد الاستعمال خاصة في جامعة لوفيان ومومبلييه وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر. وقد ورد في المجلة التي تصدرها اليونسكو، في عدد تشرين الأول من عام 1980، أن كتاب القانون ظل قيد الاستخدام في جامعة بر وسل وذلك حتى عام 1909.


كملة الفصل الثالث
في هذا الفصل يذكر ابن سينا أيضا أنه قد يصاب الأطفال في هذا السن بالماء في الرأس وهو ما يعرف حاليا باستسقاء الرأس Hydrocephalus وسلاق الأجفان والحميات، ويذكر عدة علاجات لها. ثم يتعرض بالحديث لوصف حالة المغص والتي تعتبر حاليا من أكثر الشكايات شيوعا عند الأطفال الوليدين، يقول في ذلك: "وربما عرض لهم مغص فيلتوون ويبكون فيجب أن يكمد البطن بالماء الحار والدهن الكثير الحار بالشمع اليسير". بعد ذلك يتحدث ابن سينا عن إصابة الأطفال بمرض الجدري، إلا أنه لم يذكره بهذا الاسم، بل وصفه بأنه مرض يتظاهر بشكل بثور سوداء تظهر في البدن وقال عنه إنه مرض قتال. وقد أشار أيضا إلى أن كثرة البكاء عند الأطفال قد تسبب نتو السرة أو الفتوق، ونصح لعلاجها باستخدام المواد القابضة. أما الفواق فنصح باستخدام جوز الهند مع السكر، والقيء المبرح باستخدام القرنفل.

في نهاية هذا الفصل يشير ابن سينا إلى إمكانية أن يتعرض الصبي لأحلام تفزعه في نومه، ويعزوه لفساد الطعام في المعدة، ويعالجه بإلعاقه العسل. أما خروج المقعدة أو ما يسمى حاليا بهبوط الشرج Rectal prolapse فينصح لعلاجه باستخدام مغاطس مكونة من قشور الرمان والآس الرطب وجفت البلوط والورد اليابس والشب اليماني والعفص.

الفصل الرابع في تدبير الأطفال إذا انتقلوا إلى سن الصبا:


هذا الفصل يتعامل مع التكوين الخلقي والسلوكي للطفل، وفيه أيضا يستعرض فصول التربية النفسية للأطفال على أحسن الطرق التربوية. يؤكد ابن سينا في هذا الفصل على ضرورة مراعاة نفسية الطفل بحيث لا يصيبه غضب شديد أو خوف شديد أو غم أو سهر، ويبين أن في ذلك منفعتان؛ أولاهما في نفسه بأن ينشأ من الطفولة حسن الأخلاق ويصير ذلك له ملكة لازمة، والثانية لبدنه فإنه كما أن الأخلاق الرديئة تابعة لأنواع سوء المزاج فكذلك إذا انحرفت عن العادة استتبعت سوء المزاج المناسب لها، ففي تعديل الأخلاق حفظ الصحة للنفس والبدن جميعا. ثم يحدد ابن سينا أوقات حمام الطفل ولعبه فيقول: "وإذا انتبه الصبي من نومه فالأحرى أن يستحم ثم يخلى بينه وبين اللعب ساعة، ثم يطعم شيئا يسيرا ثم يطلق له اللعب الأطول ثم يستحم ثم يغذى، ويجتنبون ما أمكن شرب الماء على الطعام".

عندما يبلغ الطفل ست سنين يرى ابن سينا أن ذلك هو الوقت المناسب لتأديب الطفل وتعليمه، ويرى أيضا أنه يجب أن يدرّج في ذلك، ولا يحكم عليه بملازمة الكتاب كرة واحدة، وفي هذا السن أيضا ينقص من إحمامهم ويزاد في تعبهم قبل الطعام.

بالرغم من تخصيص ابن سينا هذه الفصول الأربعة للحديث عن تربية الأطفال وتدبيرهم، فإننا كثيرا ما نتلمس في باقي أجزاء كتاب القانون بعض النصائح النفيسة والإرشادات الهامة لعلاج بعض الحالات المستعصية كما هو الحال في حالة علاج التبوال الليلي في الفراش، حيث يركز فيه على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية للطفل المصاب.

الأرجوزة في الطب:

ينسب لابن سينا عدة أراجيز في الطب، أشهرها الألفية، علما أن عدد أبياتها يتراوح بين 1326 – 1334. وتعتبر هذه الأرجوزة مختصرا لكتاب القانون في الطب، يسهل على طلاب الطب قراءتها وحفظها.

وقد وضعت عدة شروحات لهذه الأرجوزة، أشهرها التي وضعها العالم الفيلسوف ابن رشد والذي توفي سنة 595 هـ – 1198 م. وترجمت هذه الأرجوزة إلى اللغتين اللاتينية والعبرية.



آراء ابن سينا في التربية:

لقد أسهم ابن سينا من خلال كتابه السياسة في وضع قواعد التربية الإسلامية، وله في ذلك آراء فلسفية وتربوية هامة يجب عدم إغفالها. يقول في ذلك: "ينبغي البدء بتعلم القرآن بمجرد تهيؤ الطفل للتلقين جسميا وعقليا، وفي الوقت نفسه يتعلم حروف الهجاء ويلقن معالم الدين، ثم يروي الصبي الشعر مبتدأ بالرجز ثم بالقصيدة، لأن رواية الرجز وحفظه أيسر إذ أن بيوته أصغر ووزنه أخف، على أن يختار من الشعر ما قيل في فضل الأدب ومدح العلم وذم الجهل وما حث على بر الوالدين واصطناع المعروف وإكرام الضيف. فإذا فرغ الصبي من حفظ القرآن وألمّ بأصول اللغة ينظر عند ذلك في توجبهه إلى ما يلائم طبيعته واستعداده". أي أنه بعد أن يفرغ الصبي من تعلم القرآن وحفظ أصول اللغة ينظر بعد ذلك إلى ما يراد أن تكون صناعته ويوجه إليها، على أن يعلم مربي الصبي أن ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له مواتية، بل ينظر إلى ما يشاكل طبعه وما يناسبه. فإن أراد الكتابة مثلا أضاف إلى دراسة اللغة دراسة الرسائل والخطب ومناقلات الناس ومحاوراتهم وما شابهها.

إن هذا المبدأ التخصصي والذي نصح به ابن سينا بعد الثقافة الخلقية والدينية هو نفس ما ينادى به اليوم في التربية الحديثة حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار ميول الطفل وتوجهاته لكي يكون مبدعا في دراسته ومتوفقا في مهنته المستقبلية.

ومن جهة أخرى فقد وجه ابن سينا الأنظار إلى الصفات السلوكية والخلقية التي على المدرس أن يتمتع بها إذ أنه يجب أن يكون قدوة حسنة لمن يعلمهم. يقول ابن سينا: "ينبغي أن يكون مؤدب الصبي عاقلا ذا دين، بصيرا برياضة الأخلاق، حاذقا بتخريج الصبيان، وقورا رزينا غير كزّ ولا جامد، حلوا لبيبا ذا مروءة ونظافة ونزاهة". ولم ينس ابن سينا التنبيه إلى ضرورة النظر إلى أقران الصبي، إذ أنه كثيرا ما يتعلم منهم، لذلك فهو يرى أن يحاط الصبي مع من هم حسنة آدابهم، مرضية عاداتهم كما قال لأن الصبي عن الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه آنس. ثم يقول: "والمحادثة تفيد انشراح العقل، وتحل منعقد الفهم، لأن كل واحد من أولئك إنما يتحدث بأعذب ما رأى وأغرب ما سمع فتكون غرابة الحديث سببا للتعجب منه وسببا لحفظه وداعيا إلى التحدث، ثم إنهم يتوافقون ويتعارضون ويتقارضون الحقوق، كل ذلك من أسباب المباراة والمباهاة والمساجلة والمحاكاة، وفي ذلك تهذيب لأخلاقهم وتحريك لهممهم وتمرين لعاداتهم".

أما فيما يتعلق بعقاب الطفل إذا ارتكب خطأ ما، فقد اعتبر ابن سينا العقاب ضرورة تربوية يلجأ إليها في بعض الحالات، وبهذا يكون ابن سينا قد سبق أحدث الآراء التربوية الحديثة والتي تقر مبدأ العقاب في بعض الحالات الملحة. يقول ابن سينا: "إنه من الضروري البدء بتهذيب الطفل وتعويده الخصال من النظام قبل أن ترسخ فيه العادات المذمومة التي يصعب إزالتها إذا ما تمكنت في نفس الطفل. أما إذا اقتضت الضرورة الالتجاء إلى العقاب، فإنه ينبغي مراعاة منتهى الحيطة والحذر، فلا يؤخذ الوليد أولا بالعنف، وإنما بالتلطف ثم تمزج الرغبة بالرهبة، وتارة يستخدم العبوس أو ما يستدعه التأنيب، وتارة يكون المديح والتشجيع أجدى من التأنيب وذلك وفق كل حالة. ولكن إذا أصبح من الضروري الالتجاء إلى الضرب، ينبغي أن لا يتردد المربي على أن تكون الضربات الأولى موجعة، فإن الصبي يعد الضربات كلها هينة، وينظر إلى العقاب نظرة استخفاف، ولكن الالتجاء إلى الضرب لا يكون إلا بعد التهديد والوعيد وتوسط الشفعاء لإحداث الأثر المطلوب".



الخاتمة:

لاشك أن تربية الطفل والعناية به صحيا ونفسيا كانت من المواضيع التي اهتم بها العلماء والمربون العرب المسلمون الأوائل، ولعل ابن سينا هو أحد أولئك الذين أفاضوا في الحديث عن العناية بالطفل في مراحل نموه المختلفة بدءا بالحياة الجنينية وحتى بلوغه سن الرشد، وهذا ما بدا واضحا وجليا سيما في كتابه القانون في الطب. ولقد حظيت آراؤه في هذا المجال عناية خاصة لدى الكثير من علماء الشرق والغرب ولقرون عديدة. فحري بنا ونحن نحتفل بدخول القرن الواحد والعشرين أن نقف على أهم إنجازات ومساهمات العلماء العرب المسلمين، وأن نعيد دراسة وتحقيق ما كتبوه في هذا المجال من أجل تقييمه وتحليله وفق المعطيات العلمية العصرية الحديثة.


د. عبد الناصر كعدان

المصادر والمراجع:

- ابن سينا، الحسين بن علي. القانون في الطب، دار صادر، بيروت، ثلاثة أجزاء.

- الأنطاكي، داود بن عمر. تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب، 1952م، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، جزآن.

- البابا، د. محمد زهير. من مؤلفات ابن سينا الطبية، منشورات جامعة حلب، 1984.

- الحاج قاسم محمد، د. محمود. تاريخ طب الأطفال عند العرب، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1978.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى