لماذا يضطهد الصينيون الإويجور؟
الإثنين 13 يوليو 2009, 07:29
من جديد ما زالت الأحداث تثبت لنا كل يوم ، وبلا ما يدع مجالاً للشك ، أن هذه الأمة مستهدفة دينياً وثقافياً وسياسياً وحضارياً وعلي كل المستويات وشتي المجالات من قبل أعدائها ، كما أن هذه الأحداث مازالت تكشف لنا بجلاء عن حجم الخطيئة التي يرتكبها المسلمون بحق إخوانهم في الدين والعقيدة في شتي بقاع الأرض ، وفداحة الغفلة بأبعاد المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد الأمة من كل اتجاه وعلي كل صعيد .
في اليومين السابقين عمت الاضطرابات العنيفة إقليم سينكيانج أو تركستان الشرقية ذي الأغلبية المسلمة في الصين ، أثر الصراع العنيف الذي نشأ بين الأقلية الصينية والذين ينحدرون من قومية الهان وهم من أتباع الوثنية ، وبين مسلمي الإقليم وهم ينحدرون من قومية الإويجور ، وقد سقط خلال هذه الاضطرابات مئات الجرحى والقتلى ، بسبب تدخل الشرطة الصينية لصالح بني دينهم وقوميتهم ، وقد امتدت الاضطرابات لتشمل عدة مدن كبيرة داخل الإقليم الكبير ذي الأهمية الخاصة لدي الحكومة الصينية الشيوعية .
فماذا يعرف المسلمون عن مسلمي الصين ؟
كما قلنا أن هذه الأحداث تكشف لنا بجلاء عن مدي الغفلة بحجم الأمة المسلمة وأبعادها وحدودها والمنتمين إليها ، ودائما المسلمون ينتظرون نازلة أو كارثة حتى تكشف لهم عن جزء من أجزاء أمتهم المبعثرة ، مثلما حدث مع مجازر البوسنة والهرسك في أوائل التسعينيات من القرن المنصرم ، عندما اكتشف المسلمون أن لهم أمة كبيرة في قلب أوروبا تقدر بالملايين ، وهم لا يعرفون عنها شيئاً قط ، حتى وقعت الواقعة ، وكذلك لما سقط الاتحاد السوفيتي ، وجد المسلمون أن أمم ضخمة بعشرات الملايين كانت تعيش في أسر هؤلاء الطغاة ، وهكذا الحال مع مسلمي الصين الذين يقدر تعدادهم وفق الرواية الرسمية الصينية ب 25 مليون مسلم ، وهو عدد ضئيل للغاية ، بل مضحك أيضا ، لو قورن بتعداد الصين الضخم ، ونسب الإحصاء الرسمية التي تصدر من كل إقليم علي حدة وتوضح نسب كل قومية وديانة ، والحق أن تعداد المسلمين في الصين يفوق ال150 مليون صيني ، ينتمون إلي إلى عشر قوميات منها الهوى والقازاق والطاجيك والقرغيز ومنهم الإويجور الذين يمثلون رأس الحربة المسلمة في مواجهة الطغيان الشيوعي الصيني ، ومسلمو الصين يواجهون أشد صنوف الاضطهاد والقهر ومصادرة أبسط الحقوق منذ ستين سنة ، أي منذ وقوع تركستان الشرقية تحت الاحتلال الصيني الشيوعي .
تاريخ تركستان الشرقية
* تعتبر تركستان الشرقية جزء قديماً من أجزاء العالم الإسلامي ، فقد فتح القائد قتيبة بن مسلم كاشغر عاصمة تركستان الشرقية سنة 96 هجرية ، وضمها للدولة الإسلامية ومن يومها صارت تركستان الشرقية من أجزاء العالم الإسلامي واستوطنها كثير من المسلمين العرب والأتراك ، وأقاموا بها حضارة كبيرة ، وتناولتها الممالك والدول الإسلامية ، مثل الدولة السامانية والدولة القراخانية والدولة الخوارزمية ، وهكذا ظلت تركستان تابعة للعالم الإسلامي لقرون عديدة ، عبر بوابتها دخل الإسلام لباقي بلاد الصين وانتشر في كل أقاليمها ، تمتع المسلمون بمكانة خاصة في بلاد الصين خلال عهد سونج 308 هجرية ـ 675 هجرية ، وعهد يوان 675 هجرية ـ 769 هجرية ، وعهد منج 770 هجرية ـ 1053 هجرية ، وتبوأ المسلمون أرفع الوظائف والمناصب ، مما أورث الصينيين البوذيين حقداً شديداً علي المسلمين انتظروا حتى جاء العهد المنشوري 1054 هجرية ـ 1329 هجرية ، وفيه بدأ المسلمون يتعرضون للاضطهاد بسبب مساندتهم للعهد السابق ، وحل الصينيون البوذيون محل المسلمين في الوظائف و الوزارات ، ومما زاد الطين بله وقوع المسلمين في صراع مذهبي فيما بينهم بين أتباع المذهب الظاهري والمذهب الشافعي ، ووقعت مصادمات عنيفة بسبب ذلك عدة مرات ، والسلطة المنشورية تستغل هذا الصراع للتنكيل بالمسلمين .
* ظلت تركستان الشرقية تابعة للعالم الإسلامي حتى ضعف المسلمون وذهبت ريحهم ، فانتهز حكام الصين من الأسرة المنشورية الفرصة وشنوا حملة عسكرية علي تركستان الشرقية ، واحتلوها سنة 1759 ميلادية ، ولكن أهلها الأتراك الإويجور استطاعوا تحرير الإقليم سريعاً ، ولكن تدخل انجلترا صاحبة النفوذ القوى داخل الصين أيام الحكم المنشوري جعل الصينيون يحتلون تركستان الشرقية مرة آخري سنة 1876 ميلادية ، وأصبحت تركستان الشرقية من يومها خاضعة للصين وحتى وقتنا الحاضر .
سينكيانج أم تركستان الشرقية ؟
* عمد الصينيون علي طمس الوجود الإسلامي من تركستان الشرقية ، وتعفية أثر الحضارة الإسلامية فيها ، فغيروا اسم الإقليم من تركستان الشرقية إلي سينكيانج أي المقاطعة الجديدة باللغة الصينية ، وقاموا بتهجير أعداد كبيرة من قومية الهان الصينية البوذية للإقليم لخلخلة التركيبة السكانية هناك ، ولكن ظلت الأغلبية هناك للمسلمين الإويجور ، ولم تهدأ ثوراتهم ضد المحتل الصيني ، وسقط عشرات الألوف من مسلمي الإويجور دفاعاً عن بلادهم .
* وبعد سقوط الحكم المنشوري وقيام الجمهورية واصل المسلمون جهادهم نحو الاستقلال ،وفي سنة 1349 هجرية وقعت حادثة أججت مشاعر المسلمين ، إذ قام رئيس الشرطة الصيني في مدينة حامي بالإقليم بالاعتداء علي امرأة مسلمة ، فقام المسلمون بقتله هو ومعظم رجاله ، واندلعت انتفاضة كبري بالإقليم ، وتغلبوا علي الحاميات الصينية التي جاءت لمحاربتهم ، وطلبت الصين مساعدة روسيا ، فلم يفد ذلك إذ أحكم المسلمون قبضتهم علي الإقليم ، وأعلنوا قيام جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية سنة1352 هجرية ـ 1933 ميلادية ، واختيرت مدينة كاشغر التاريخية عاصمة لها ، ولكن تحالف الجيش الصيني مع الجيش الروسي قضي علي هذه الجمهورية الوليدة سريعا بعد سنتين .
* ومع وصول الشيوعيين لسدة الحكم في الصين سنة 1369 هجرية ـ 1949 ميلادية ، زادت معاناة مسلمي الصين ، إذ عمدوا لتطبيق سياسة القبضة الحديدة علي الإقليم ، وأغلقوا المساجد والمدارس ، وفرضوا المذهب الشيوعي فرضاً علي مسلمي الإقليم ، وواصلوا عملية التهجير العكسية لخلخلة التركيبة السكانية هناك ، حتى ارتفعت نسبة قومية الهان الصينية البوذية من 6% سنة 1942 إلي 40% سنة 2001 ، وفقاً للإحصائيات الرسمية .
* استولي الصينيون الهان علي كل المناصب الهامة في الإقليم سياسية واقتصادية وعلمية ومهنية ، في حين بلغ الاضطهاد لمسلمي الإويجور أعلي مستوياته ، وأهملوا بشدة وحوربت شعائرهم وعقائدهم ومنعوا من أدائها ، ومنعوا من التكلم باللغة التركية الإويجورية ، وفرضوا عليهم تحديد النسل بأشد الصور ، وحرموا من كافة الخدمات التي ينعم بها الصينيون الهان في نفس الإقليم ، مما جعل المسلمون ينظمون صفوفهم ويطالبون بالإستقلال ، وقامت حركات المقاومة المطالبة بالإستقلال مثل حزب الله الإويجوري ، وحزب الإويجور الإسلامي .
* وعلي الرغم من دموية أحداث سبتمبر 2001 إلا أنها كانت مغنماً حقيقياً للكثير من الدول ، وعلي رأسها الصين وروسيا ، إذ انتهزتا الفرصة لقمع مسلمي الإويجور والشيشان ، وكلا القضيتين واحدة ، وكانت الصين أسرع عملاً من مثيلاتها من الدول المضطهدة للمسلمين ، إذ شنت السلطات الصينية حملة اعتقالات كبيرة في الإقليم بعد أحداث سبتمبر بأيام ، شملت معظم الدعاة والعلماء والمشايخ والنشطاء الإويجور، وحكمت علي معظمهم بالإعدام ، وتم التنفيذ في ميادين عامة وبمنتهي الوحشية ، والعالم المتحضر يراقب الأوضاع هناك بكل سرور وحبور لما يفعله الشيوعيون البوذيون بمسلمي الإويجور ، تحت مسمي محاربة الإرهاب .
لماذا كل هذا الاضطهاد والتنكيل ؟
بجانب البعد الديني والعقائدي والتاريخي في اضطهاد الصينيين البوذيين للمسلمين عموماً والإويجور خصوصاً ، فهناك العديد من الأسباب الأخرى التي تدفع مسئولو الصين للضغط الدائم علي الإقليم وسكانه الإويجور منها :
1ـ المساحة الضخمة للإقليم والتي تبلغ 1.6 مليون كيلو متر مربع ، أي سدس مساحة الصين ، أي يعتبر أكبر أقاليم الصين مساحة .
2ـ الموقع الجغرافي الحيوي والاستراتيجي للإقليم الذي يمثل بوابة الصين الغربية والمطلة علي القارة الأسيوية ، ومنفذه التصديري الوحيد لأسيا ، والمتاخمة أيضا للجمهوريات الإسلامية في أسيا الوسطي مثل طاجيكستان وكازاخستان وقيرغزستان ، ولها حدود أيضا مع أفغانستان وباكستان ،وروسيا مما جعل الصين تجعلها مساحة عازلة واقية من الأخطار الخارجية ،لذلك جعل الصينيون الإقليم منطقة عسكرية شبه مغلقة ، وشحنوها بأحدث الأسلحة حتى أن معظم ترسانة الصين من الصواريخ البالستية موجودة بالإقليم .
3ـ وجود ثروات طبيعية ضخمة من المعادن والبترول والغاز الطبيعي ، وكان لاكتشاف البترول بكميات ضخمة بالإقليم مدعاة لزيادة التشديد علي الإقليم لمنع أي حركة استقلالية .
4ـ إصرار مسلمي الإويجور علي الحصول علي كامل حقوقهم المهدورة منذ العهد المنشوري ، أو الإستقلال وذلك بأي ثمن ، وهم بذلك يختلفون عن سائر مسلمي الصين في خارج تركستان الشرقية ، إذ أنهم قد رضوا بواقعهم المرير ، ولا يطالبون بتغييره ، لذلك فالإويجور مضطهدين حتى خارج تركستان الشرقية .
والسؤال المعتاد أين المسلمون ؟
قد تكون غفلة المسلمين بما يجري لإخوانهم الإويجور لها بعض ما يبررها ، بسبب الحملة الشرسة التي يشنها الغرب علي الإسلام والعالم الإسلامي ، وبسبب كثرة الجراحات المفتوحة والمتأججة في العديد من البقاع ، أو بسبب الانهيار الاقتصادي والعلمي والاجتماعي التي عليه الكثير من البلدان المسلمة هذه الأيام ، كل ذلك قد يبرر بعض الغفلة عن قضية الإويجور ، ولكن الذي لا يمكن أن يقبل شرعاً وعقلاً وعرفاً أن تشترك بعض الدول الإسلامية في المؤامرة علي مسلمي تركستان الشرقية ، فدول مثل كازاخستان وطاجيكستان وقيرغزستان وأوزبكستان قد تحالفت مع الصين وروسيا ـ الأعداء التقليديون لمسلمي الصين ـ ووقعت اتفاقية شنغهاي لمحاربة الأصولية الإسلامية ، وأول بنودها ترحيل مسلمي الإويجور اللاجئين في هذه الدول إلي الصين ، لمحاكمتهم والتنكيل بهم ، ورفضت عدة دول مثل باكستان وأفغانستان استقبال الطلبة الإويجور في مدارسها ومعاهدها ، وأغلقت دور الضيافة الخاصة بهم .
واليوم مسلمو الإويجور يتعرضون لحملة صينية بشعة سقط خلال اليومين الماضيين فيها فقط ألوف القتلى والجرحى والمعتقلين ، والأيام القادمة ستحمل علي الأرجح ما هو أبشع في ظل توارد الأنباء عن استعداد قومية الهان البوذية لمجازر مروعة وواسعة النطاق بحق مسلمي الإقليم ، وهم الذين سيذبحون ويقتلون رجالاً ونساء، وكبارا ً وصغاراً ، ولا يسمع بهم أحد ، ولا يبكي لهم أحد .
في اليومين السابقين عمت الاضطرابات العنيفة إقليم سينكيانج أو تركستان الشرقية ذي الأغلبية المسلمة في الصين ، أثر الصراع العنيف الذي نشأ بين الأقلية الصينية والذين ينحدرون من قومية الهان وهم من أتباع الوثنية ، وبين مسلمي الإقليم وهم ينحدرون من قومية الإويجور ، وقد سقط خلال هذه الاضطرابات مئات الجرحى والقتلى ، بسبب تدخل الشرطة الصينية لصالح بني دينهم وقوميتهم ، وقد امتدت الاضطرابات لتشمل عدة مدن كبيرة داخل الإقليم الكبير ذي الأهمية الخاصة لدي الحكومة الصينية الشيوعية .
فماذا يعرف المسلمون عن مسلمي الصين ؟
كما قلنا أن هذه الأحداث تكشف لنا بجلاء عن مدي الغفلة بحجم الأمة المسلمة وأبعادها وحدودها والمنتمين إليها ، ودائما المسلمون ينتظرون نازلة أو كارثة حتى تكشف لهم عن جزء من أجزاء أمتهم المبعثرة ، مثلما حدث مع مجازر البوسنة والهرسك في أوائل التسعينيات من القرن المنصرم ، عندما اكتشف المسلمون أن لهم أمة كبيرة في قلب أوروبا تقدر بالملايين ، وهم لا يعرفون عنها شيئاً قط ، حتى وقعت الواقعة ، وكذلك لما سقط الاتحاد السوفيتي ، وجد المسلمون أن أمم ضخمة بعشرات الملايين كانت تعيش في أسر هؤلاء الطغاة ، وهكذا الحال مع مسلمي الصين الذين يقدر تعدادهم وفق الرواية الرسمية الصينية ب 25 مليون مسلم ، وهو عدد ضئيل للغاية ، بل مضحك أيضا ، لو قورن بتعداد الصين الضخم ، ونسب الإحصاء الرسمية التي تصدر من كل إقليم علي حدة وتوضح نسب كل قومية وديانة ، والحق أن تعداد المسلمين في الصين يفوق ال150 مليون صيني ، ينتمون إلي إلى عشر قوميات منها الهوى والقازاق والطاجيك والقرغيز ومنهم الإويجور الذين يمثلون رأس الحربة المسلمة في مواجهة الطغيان الشيوعي الصيني ، ومسلمو الصين يواجهون أشد صنوف الاضطهاد والقهر ومصادرة أبسط الحقوق منذ ستين سنة ، أي منذ وقوع تركستان الشرقية تحت الاحتلال الصيني الشيوعي .
تاريخ تركستان الشرقية
* تعتبر تركستان الشرقية جزء قديماً من أجزاء العالم الإسلامي ، فقد فتح القائد قتيبة بن مسلم كاشغر عاصمة تركستان الشرقية سنة 96 هجرية ، وضمها للدولة الإسلامية ومن يومها صارت تركستان الشرقية من أجزاء العالم الإسلامي واستوطنها كثير من المسلمين العرب والأتراك ، وأقاموا بها حضارة كبيرة ، وتناولتها الممالك والدول الإسلامية ، مثل الدولة السامانية والدولة القراخانية والدولة الخوارزمية ، وهكذا ظلت تركستان تابعة للعالم الإسلامي لقرون عديدة ، عبر بوابتها دخل الإسلام لباقي بلاد الصين وانتشر في كل أقاليمها ، تمتع المسلمون بمكانة خاصة في بلاد الصين خلال عهد سونج 308 هجرية ـ 675 هجرية ، وعهد يوان 675 هجرية ـ 769 هجرية ، وعهد منج 770 هجرية ـ 1053 هجرية ، وتبوأ المسلمون أرفع الوظائف والمناصب ، مما أورث الصينيين البوذيين حقداً شديداً علي المسلمين انتظروا حتى جاء العهد المنشوري 1054 هجرية ـ 1329 هجرية ، وفيه بدأ المسلمون يتعرضون للاضطهاد بسبب مساندتهم للعهد السابق ، وحل الصينيون البوذيون محل المسلمين في الوظائف و الوزارات ، ومما زاد الطين بله وقوع المسلمين في صراع مذهبي فيما بينهم بين أتباع المذهب الظاهري والمذهب الشافعي ، ووقعت مصادمات عنيفة بسبب ذلك عدة مرات ، والسلطة المنشورية تستغل هذا الصراع للتنكيل بالمسلمين .
* ظلت تركستان الشرقية تابعة للعالم الإسلامي حتى ضعف المسلمون وذهبت ريحهم ، فانتهز حكام الصين من الأسرة المنشورية الفرصة وشنوا حملة عسكرية علي تركستان الشرقية ، واحتلوها سنة 1759 ميلادية ، ولكن أهلها الأتراك الإويجور استطاعوا تحرير الإقليم سريعاً ، ولكن تدخل انجلترا صاحبة النفوذ القوى داخل الصين أيام الحكم المنشوري جعل الصينيون يحتلون تركستان الشرقية مرة آخري سنة 1876 ميلادية ، وأصبحت تركستان الشرقية من يومها خاضعة للصين وحتى وقتنا الحاضر .
سينكيانج أم تركستان الشرقية ؟
* عمد الصينيون علي طمس الوجود الإسلامي من تركستان الشرقية ، وتعفية أثر الحضارة الإسلامية فيها ، فغيروا اسم الإقليم من تركستان الشرقية إلي سينكيانج أي المقاطعة الجديدة باللغة الصينية ، وقاموا بتهجير أعداد كبيرة من قومية الهان الصينية البوذية للإقليم لخلخلة التركيبة السكانية هناك ، ولكن ظلت الأغلبية هناك للمسلمين الإويجور ، ولم تهدأ ثوراتهم ضد المحتل الصيني ، وسقط عشرات الألوف من مسلمي الإويجور دفاعاً عن بلادهم .
* وبعد سقوط الحكم المنشوري وقيام الجمهورية واصل المسلمون جهادهم نحو الاستقلال ،وفي سنة 1349 هجرية وقعت حادثة أججت مشاعر المسلمين ، إذ قام رئيس الشرطة الصيني في مدينة حامي بالإقليم بالاعتداء علي امرأة مسلمة ، فقام المسلمون بقتله هو ومعظم رجاله ، واندلعت انتفاضة كبري بالإقليم ، وتغلبوا علي الحاميات الصينية التي جاءت لمحاربتهم ، وطلبت الصين مساعدة روسيا ، فلم يفد ذلك إذ أحكم المسلمون قبضتهم علي الإقليم ، وأعلنوا قيام جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية سنة1352 هجرية ـ 1933 ميلادية ، واختيرت مدينة كاشغر التاريخية عاصمة لها ، ولكن تحالف الجيش الصيني مع الجيش الروسي قضي علي هذه الجمهورية الوليدة سريعا بعد سنتين .
* ومع وصول الشيوعيين لسدة الحكم في الصين سنة 1369 هجرية ـ 1949 ميلادية ، زادت معاناة مسلمي الصين ، إذ عمدوا لتطبيق سياسة القبضة الحديدة علي الإقليم ، وأغلقوا المساجد والمدارس ، وفرضوا المذهب الشيوعي فرضاً علي مسلمي الإقليم ، وواصلوا عملية التهجير العكسية لخلخلة التركيبة السكانية هناك ، حتى ارتفعت نسبة قومية الهان الصينية البوذية من 6% سنة 1942 إلي 40% سنة 2001 ، وفقاً للإحصائيات الرسمية .
* استولي الصينيون الهان علي كل المناصب الهامة في الإقليم سياسية واقتصادية وعلمية ومهنية ، في حين بلغ الاضطهاد لمسلمي الإويجور أعلي مستوياته ، وأهملوا بشدة وحوربت شعائرهم وعقائدهم ومنعوا من أدائها ، ومنعوا من التكلم باللغة التركية الإويجورية ، وفرضوا عليهم تحديد النسل بأشد الصور ، وحرموا من كافة الخدمات التي ينعم بها الصينيون الهان في نفس الإقليم ، مما جعل المسلمون ينظمون صفوفهم ويطالبون بالإستقلال ، وقامت حركات المقاومة المطالبة بالإستقلال مثل حزب الله الإويجوري ، وحزب الإويجور الإسلامي .
* وعلي الرغم من دموية أحداث سبتمبر 2001 إلا أنها كانت مغنماً حقيقياً للكثير من الدول ، وعلي رأسها الصين وروسيا ، إذ انتهزتا الفرصة لقمع مسلمي الإويجور والشيشان ، وكلا القضيتين واحدة ، وكانت الصين أسرع عملاً من مثيلاتها من الدول المضطهدة للمسلمين ، إذ شنت السلطات الصينية حملة اعتقالات كبيرة في الإقليم بعد أحداث سبتمبر بأيام ، شملت معظم الدعاة والعلماء والمشايخ والنشطاء الإويجور، وحكمت علي معظمهم بالإعدام ، وتم التنفيذ في ميادين عامة وبمنتهي الوحشية ، والعالم المتحضر يراقب الأوضاع هناك بكل سرور وحبور لما يفعله الشيوعيون البوذيون بمسلمي الإويجور ، تحت مسمي محاربة الإرهاب .
لماذا كل هذا الاضطهاد والتنكيل ؟
بجانب البعد الديني والعقائدي والتاريخي في اضطهاد الصينيين البوذيين للمسلمين عموماً والإويجور خصوصاً ، فهناك العديد من الأسباب الأخرى التي تدفع مسئولو الصين للضغط الدائم علي الإقليم وسكانه الإويجور منها :
1ـ المساحة الضخمة للإقليم والتي تبلغ 1.6 مليون كيلو متر مربع ، أي سدس مساحة الصين ، أي يعتبر أكبر أقاليم الصين مساحة .
2ـ الموقع الجغرافي الحيوي والاستراتيجي للإقليم الذي يمثل بوابة الصين الغربية والمطلة علي القارة الأسيوية ، ومنفذه التصديري الوحيد لأسيا ، والمتاخمة أيضا للجمهوريات الإسلامية في أسيا الوسطي مثل طاجيكستان وكازاخستان وقيرغزستان ، ولها حدود أيضا مع أفغانستان وباكستان ،وروسيا مما جعل الصين تجعلها مساحة عازلة واقية من الأخطار الخارجية ،لذلك جعل الصينيون الإقليم منطقة عسكرية شبه مغلقة ، وشحنوها بأحدث الأسلحة حتى أن معظم ترسانة الصين من الصواريخ البالستية موجودة بالإقليم .
3ـ وجود ثروات طبيعية ضخمة من المعادن والبترول والغاز الطبيعي ، وكان لاكتشاف البترول بكميات ضخمة بالإقليم مدعاة لزيادة التشديد علي الإقليم لمنع أي حركة استقلالية .
4ـ إصرار مسلمي الإويجور علي الحصول علي كامل حقوقهم المهدورة منذ العهد المنشوري ، أو الإستقلال وذلك بأي ثمن ، وهم بذلك يختلفون عن سائر مسلمي الصين في خارج تركستان الشرقية ، إذ أنهم قد رضوا بواقعهم المرير ، ولا يطالبون بتغييره ، لذلك فالإويجور مضطهدين حتى خارج تركستان الشرقية .
والسؤال المعتاد أين المسلمون ؟
قد تكون غفلة المسلمين بما يجري لإخوانهم الإويجور لها بعض ما يبررها ، بسبب الحملة الشرسة التي يشنها الغرب علي الإسلام والعالم الإسلامي ، وبسبب كثرة الجراحات المفتوحة والمتأججة في العديد من البقاع ، أو بسبب الانهيار الاقتصادي والعلمي والاجتماعي التي عليه الكثير من البلدان المسلمة هذه الأيام ، كل ذلك قد يبرر بعض الغفلة عن قضية الإويجور ، ولكن الذي لا يمكن أن يقبل شرعاً وعقلاً وعرفاً أن تشترك بعض الدول الإسلامية في المؤامرة علي مسلمي تركستان الشرقية ، فدول مثل كازاخستان وطاجيكستان وقيرغزستان وأوزبكستان قد تحالفت مع الصين وروسيا ـ الأعداء التقليديون لمسلمي الصين ـ ووقعت اتفاقية شنغهاي لمحاربة الأصولية الإسلامية ، وأول بنودها ترحيل مسلمي الإويجور اللاجئين في هذه الدول إلي الصين ، لمحاكمتهم والتنكيل بهم ، ورفضت عدة دول مثل باكستان وأفغانستان استقبال الطلبة الإويجور في مدارسها ومعاهدها ، وأغلقت دور الضيافة الخاصة بهم .
واليوم مسلمو الإويجور يتعرضون لحملة صينية بشعة سقط خلال اليومين الماضيين فيها فقط ألوف القتلى والجرحى والمعتقلين ، والأيام القادمة ستحمل علي الأرجح ما هو أبشع في ظل توارد الأنباء عن استعداد قومية الهان البوذية لمجازر مروعة وواسعة النطاق بحق مسلمي الإقليم ، وهم الذين سيذبحون ويقتلون رجالاً ونساء، وكبارا ً وصغاراً ، ولا يسمع بهم أحد ، ولا يبكي لهم أحد .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى