تخلاط مصري- سعودي...والانبطاح العربي

التقى، أمس في السعودية، كل من الرئيس المصري، حسني مبارك والرئيس السوري، بشار الأسد والملك عبد الله بن عبد العزيز، وسيعقد هؤلاء قمة ثلاثية تقول الأخبار الواردة إنها قد تؤدي إلى إذابة الجليد بين مصر وسوريا، لكن الواقع يقول إنها ستكون قمة عربية مصغرة تسبق قمة تعقدها ليبيا·

الأخبار تقول إن القمة المصغرة ستتطرق إلى القضية الفلسطينية وإلى تعزيز المصالحة بين الفلسطينيين·· لكن الواقع يقول غير ذلك·· ما يقوله واقع القمم المصغرة التي باتت تقليدا معمولا به بين مصر والسعودية منذ سنوات، أن هذه الاجتماعات التي تسبق القمة العادية هي في الحقيقة لوضع ترتيبات بين من يعدون أنفسهم دولا كبيرة وأقطابا في المعادلة العربية، يتم طرحها فيما بعد على القمة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما على ''الصغار'' إلا التصفيق لها والانصياع لإرادة الكبار ·· هذه الممارسات التي تقودها مصر وبمباركة من الجامعة العربية التي ماتزال حتى هذا التاريخ رهينة الإرادة المصرية، صارت عامل تشتيت أكثر للصف العربي وسبق وأن انتقدتها الجزائر قبيل قمتها سنة 2005 ، ومع ذلك ''لم تغير حليمة من عادتها القديمة''، وها هي البلدان الثلاثة تلتقي في الرياض للتشويش على القمة العربية التي ستعقد في ليبيا، والغريب أن ليبيا نفسها التي ستحتضن القمة لم تدع لقمة مبارك، عبد الله، الأسد وسيجد القائد معمر القذافي نفسه مجبرا على المصادقة على قرارات لم يناقشها ولم يٌستشر بشأنها·

أكثر من هذا، إننا كبلدان شمال إفريقية لسنا ممثلين في قمة الرياض هذه، على اعتبار أن السعودية تمثل صوت دول الخليج وسوريا صوت دول الشام، ومصر تمثل صوتها هي وحدها، وبالتالي فنحن لم نستشر فيما سيطرح من قرارات على قمة طرابلس ومع ذلك سنكون مجبرين على المصادقة عليها ودعمها والعمل بها، وأكثر من ذلك، نبقى ندفع مساهماتنا لجامعة عربية ولقمم ينفق عليها من مالنا دون أن تأخذ بوجهة نظرنا فيما يخص قضايانا العربية والإقليمية ··

لكن مادمنا مهمشين وليس لنا وزن أو رأي بهذا الشأن، فما الذي يجبرنا على مواصلة دفع اشتراكنا لجامعة عربية لا تسمع إلا ما تقوله مصر ولا تهتم إلا بالقضايا التي تطرحها مصر وحليفتها السعودية على القمة مثلما حدث السنة الماضية مع القمة الاستثنائية التي دعت إليها الدوحة لمناقشة الحرب على غزة، وحضر الجميع وغابت مصر والسعودية وعمرو موسى·

في السابق كانت هذه البلدان تتحجج بأن موقفها يعززه كونها دول مواجهة مع إسرائيل وتدافع عن المصلحة العربية، أما اليوم فهي لم تعد كذلك، بالعكس صارت أحرص من إسرائيل على مصالح هذه في المنطقة، ويكفي دليلا على ذلك الجدار الذي بنته مصر لخنق غزة، وبالتالي بأي حق تستأثر مصر بالقرار العربي وتقصي بقية البلدان العربية حتى من مناقشته، وللحديث بقية···

حدة حزام