مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..
مستغانم كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
المدير
المدير
مؤسس المنتديات
مؤسس المنتديات
عدد الرسائل : 4124
نقاط : 5640
السٌّمعَة : 38
تاريخ التسجيل : 31/05/2008
http://mostaghanem.com

غضب مصري في المكان الخطأ  ..بقلم الاستاذ:عبد الباري عطوان Empty غضب مصري في المكان الخطأ ..بقلم الاستاذ:عبد الباري عطوان

الإثنين 01 ديسمبر 2008, 06:55
من يتابع المشهد المصري وتطوراته هذه الايام، يخرج بانطباع راسخ مفاده ان البلد يبدو وكأنه مجرد جسم كبير بلا رأس، واذا وجد هذا الرأس، فإنه بلا رؤية، ولهذا تسير الاوضاع نحو الاسوأ بشكل متسارع مثل شاحنة ضخمة بلا كوابح.
الدور المصري بات محصورا في امرين اثنين:
الاول: كيفية التنكيل بالفلسطينيين في قطاع غزة، وتحويل حياتهم الى جحيم لا يطاق، من خلال تشديد إحكام الحصار، ومنع الحجاج والمرضى من السفر. والثاني: الايعاز للصحف الرسمية بشن هجمات اعلامية شرسة ضد هذه الدولة العربية او تلك، لأنها تجرأت على انتقاد السياسة المصرية بلطف، او ترشحت، او تنافست على دور يمكن ان يهدد مكانة مصر في محفل دولي او اقليمي.
وحتى لا نتهم بالاغراق في العموميات، والبعد عن تسمية الاشياء بأسمائها، نقول ان الشغل الشاغل لبعض الصحف الرسمية المصرية على مدى الايام القليلة الماضية هو شن هجمات شرسة ضد سورية، ووزير خارجيتها السيد وليد المعلم، لانه طالب حكومة مصر، اثناء اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث تطورات القضية الفلسطينية بالوقوف على مسافة متساوية بين طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية، اي 'فتح' وحركة 'حماس'. وقال 'ان الحديث عن اجراء انتخابات في ظل الانقسام الفلسطيني سيعمق من الخلاف ويزيد من حدته'. وتمنى لو ان الطرف الآخر اي 'حماس' اتيحت له الفرصة لعرض وجهة نظره امام هذا الاجتماع. وهو كلام عادي يردده الكثير من المسؤولين العرب، وتنشر مثله الصحف المصرية الكثير يوميا.
السيد المعلم ارتكب خطيئة كبرى، بل 'ام الكبائر' في نظر الحكومة المصرية، فخرج متحدث باسمها عن كل الاعراف الدبلوماسية باتهامه وزير الخارجية السوري بـ'المزايدات السياسية'، ووصف كلامه هذا بـ'الكلام الفارغ'، مؤكدا حرص مصر على مصالح الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.
وقبل هذه الملاسنة 'غير الدبلوماسية' شن السيد بطرس غالي وزير المالية المصري هجوما مبطّنا على المملكة العربية السعودية، وانتقد مشاركتها في قمة الدول العشرين التي انعقدت اخيرا في واشنطن لبحث الأزمة المالية الدولية ممثلة للمنطقة العربية، وشكك في هذا التمثيل، منتقدا كفاءتها وامكانياتها، ملمحا الى احقية مصر، الدولة الكبرى بهذا الموقع. واضطر السيد غالي الى الاعتذار، وسحب تصريحاته هذه، التي ادلى بها الى محطة 'سي.ان.ان' وشاهدناها بالصوت والصورة، بعد ان رد عليه وزير المالية السعودي بطريقة 'مهذبة' و'مفحمة'، وادعى ان التصريحات تعرضت للتحريف، او تعاملت معها المحطة الامريكية بطريقة انتقائية.

ما لا يدركه المتحدثون باسم النظام المصري، وبعض اوساطه الاعلامية الرسمية، ان الخلل ليس في الآخرين، وانما في النظام نفسه، الذي تخلى عن دوره، ومكانة بلاده، للآخرين طوعا، وبطريقة مريبة، فلا احد يجرؤ ان يسطو على دور مصر، لسبب بسيط وهو ان هذا الدور غير موجود اصلا. فالنظام المصري انسحب من دائرة الفعل العربي والاقليمي والدولي منذ زمن، بل انسحب من دائرة الفعل الداخلي، وترك البلاد ساحة مفتوحة لحيتان رجال الاعمال ومافياتهم لنهب ثرواتها، وممارسة كل اشكال البلطجة التي رأينا احد فصولها في جريمة قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. ولولا ان حكومة دبي اصرت على كشف كل الملفات والمتورطين، لما سمعنا بالجريمة مطلقا، ولبقيت طي الكتمان تماما مثل جريمة مقتل المطربة التونسية ذكرى.
وليت هذا النظام المصري اكتفى بالانسحاب من المنطقة سياسيا وعسكريا وثقافيا واعلاميا فقط، بل مارس عملية تدمير ممنهجة لحلفائه الطبيعيين، مما ترك فراغا، سارعت دول اقليمية غير عربية لملئه فورا، وبطريقة فاعلة. فقد تواطأ مع امريكا ودول خليجية على تدمير العراق، وتحالف مع المملكة العربية السعودية من اجل إحكام عزلة سورية العربية، والتقى مع اسرائيل من اجل خنق المقاومة الفلسطينية، وتدجينها، سواء بتفجير الانفاق، واغلاق المعابر، او بالانحياز بالكامل الى الطرف المستسلم الخانع المتعيش على فتات المساعدات الامريكية والغربية، والذي يعتبر هذه المقاومة عبثا وارهابا.
فليس من قبيل الصدفة ان يتدخل النظام المصري لفتح معبر رفح لبضع ساعات، او لايام في كل مرة تتصاعد فيها ازمة الحصار، وتبدأ في لفت الانظار، او يلجأ الى تنفيس الحملات الاعلامية المصرية، والعربية، والدولية التي تعكس معاناة مليون ونصف مليون فلسطيني يواجهون الجوع والموت من نقص الوقود والغذاء والأدوية، وذلك بالعمل كوسيط لانقاذ اسرائيل، وانقاذ نفسه، بسبب تعاظم حالة الغليان الشعبي المصرية والعربية، وفتح المعابر الاسرائيلية لمدة ساعات معدودة، لامتصاص هذه الحالة، وافساد جهود المعارضة المصرية لتنظيم المسيرات وقوافل الدعم لأشقائهم المحاصرين.

الامن القومي المصري لا يتهدد في نظر هذا النظام وفقهائه الا من قبل جيّاع قطاع غزة فقط، فهؤلاء يستحقون كسر ارجلهم، ورقابهم، اذا عبروا المعبر بحثا عن لقمة خبز او شراء علبة حليب لاطفالهم، اما القراصنة في خليج عدن مثلا الذين خفضوا الملاحة في قناة السويس الى النصف، وحرموا الشعب المصري من دخل يصل الى ثلاثة مليارات دولار في العام، فهؤلاء ملائكة يجب ان لا يتم التدخل لمنعهم، او وقف اعمالهم الخطرة هذه، اللهم الا عقد مؤتمر هزلي للدول المطلة على البحر الاحمر لم يهتم به احد، ولم يتخذ اي اجراء عملي، ومن قبيل رفع العتب فقط.
مصر الرسمية غائبة كليا، فلا دور لها في ازمة دارفور، ولا مكانة بارزة لها في الاتحاد الافريقي، ولا احد يذكرها او يتذكرها عندما يتم البحث في امن الخليج، ولا الازمة المالية العالمية، ولا حتى في كيفية تأمين الملاحة في البحر الاحمر، واذا زار رئيسها دولة اوروبية، او حتى عربية فلا يُنشر اي خبر عنه، واذا نشر ففي اسفل الصفحات الداخلية.
هذه هي الحقيقة التي يتجاهلها الكثيرون في اوساط النظام الرسمي المصري، ولا يجرؤ احد من المستفيدين منه على ذكرها، ولهذا تتدهور الاوضاع المصرية، ومعها الاوضاع العربية، بل والاسلامية ايضا، فمصر 'كانت' قوة اقليمية عظمى، بل اقوى الدول في كتلة عدم الانحياز، وتقدمت على الهند التي ستصبح قوة عالمية كبرى تنافس الولايات المتحدة والصين كقوة ديمقراطية واقتصادية بعضلات عسكرية نووية.
مصر، وباختصار شديد، بحاجة الى انتفاضة، سواء من داخل الحكم او خارجه، تعيد لها مكانتها واحترامها، انتفاضة ترتقي الى مستوى شعبها وامكانياته وتضحياته وابداعاته، وتعيدها الى دائرة الفعل كقوة اقليمية كبرى لها رأي في الصراع العربي ـ الاسرائيلي وامن الخليج، وازمات القارة الافريقية، حوضها الخلفي، وتفاقم الوضع في العراق والأزمة الاقتصادية العالمية، قوة تنافس النفوذين الايراني والتركي، وتتصدى للغطرسة الاسرائيلية التي تهدد الامن القومي المصري فعلا.
عندها ستحتل مصر مقعدها في قمة الدول العشرين الاقتصادية، ممثلة ليس للعرب فقط بل وللمسلمين، وستحسب لها القوى العظمى والقوى الاقليمية الف حساب. فمصر اكبر من ان ينحصر دورها في معبر رفح، واغلاق الحدود في وجه الحجاج والمرضى، ولعب دور ساعي البريد لنقل الطلبات الاسرائيلية لتكريس التهدئة، او الوساطة في ملف الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى