مجرد رأي وزير يريد سجن المنطق فينا من جريدة الخبر

قال وزيرنا الأول بأن ''السجون الجزائرية تتوفر على ظروف احتباس لا نجدها حتى في سجون أوروبية''، وعدد منها ''التكوين ودخول الصحافة والتلفزيون وتغذية أحسن مما يعطى في مستشفياتنا''.
سال مجرب ولاتسال طبيب .وليجرب السيد الوزير ليلة واحدة فقط في أي سجن منسجون الجزائر ثم يهدر
قد يقول قائل بأن الهذيان تسلل إلى لسان وزيرنا، والأصح أنه أصاب في بعض ما قال، وجانب الحقيقة، كل الحقيقة في كثير مما قال، فسجناؤنا قد يأكلون أحسن من مرضانا، هذا صحيح، لأنهم وببساطة يتغذون من قفف ذويهم التي افتقدت هذه الأيام إلى ''فاكهة'' البطاطا، ثم أن الأكل المقدم في مستشفياتنا يمكن أن نسميه أي شيء إلا أكلا.. وهذه واحدة في صحن من صحون مائدة الوزير.
بالنسبة للتكوين، فإنني أتساءل عن أي تكوين يتحدث الوزير مادامت المعاهد المخصصة فرضا لذلك تحتاج إلى من يعيد تكوين مكونيها، فكيف الحال بالنسبة للتكوين في سجوننا، أما أن الوزير كان يقصد بكلامه تكوين السجناء وحثهم على حب اكتساب حس المواطنة وحب الوطن، من خلال إعلامهم بما حدث ويحدث في سجون أوروبا وألمانيا تحديدا.. وهذه ثانية نتركها للتي تليها حتى يفهم الوزير وسجناؤنا ما حدث بسجن ألماني. قررت محكمة بون الألمانية منح سجينين تعويضات مقدارها 6700 يورو، بسبب سكنهما مع آخرين في زنزانتين صغيرتين في سجن راينباخ، واعتبر القاضي في حكمه أن سلطات السجن ''سلبت'' حرية السجينين؟ في سجنهما، ترى هل سمع وزيرنا بهذا الخبر؟ .. أينوهذه ثالثة، ولتكن في معلومات وزيرنا.
أما فيما يخص السماح للمساجين بمتابعة ما تقترحه ''اليتيمة'' فتلك عقوبة أخرى ومن نوع آخر، والأكيد أن المسجون المطالب بقضاء فترة سجن معينة، من حقه أن يستنفدها في نصف مدتها إذا ما أجبروه على متابعة ما تقترحه ''اليتيمة''، لأن مشاهدة هذه الأخيرة يضاعف من وطء ومدة الاحتباس، التلفزي وليس الحراري.. وهذه رابعة نتركها لهوائي الوزير المقعر كي يختار القناة التي يفضل مشاهدتها.
الأغرب في ما قاله وزيرنا ليس في متن ما صرح به، لأنه ليس هناك عاقل يمكنه أن يأخذ تصريح الوزير مأخذ الجد، بل الغرابة كل الغرابة أن وزيرنا اعتدى على مساحة كبيرة من وعينا ووعي الشعب الذي نصب على إدارة جانب من شؤونه وقام بسجن المنطق فينا، وهو يتحدث عن وضعية سجوننا وحالة سجنائنا. وهذه ثالثة نفضل تسريحها من سجن الوزير الافتراضي الذي يكون قد شاهد أجنحة منه في منامه ليس أكثـر، فصح النوم يا وزير يا أول.