- وفاء البريئةعضو خبير
- عدد الرسائل : 591
العمر : 38
نقاط : 893
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 31/01/2009
الفرحة برحيل بوش ضـــــــــــــــــــرورة و لكن ليس أكثر..............
الثلاثاء 28 أبريل 2009, 18:58
من المبكر اليوم، الحكم على عمق التغييرات التي سيحدثها فوز باراك أوباما، برئاسة الولايات المتحدة، سواء على المستوى الداخلي، أو الخارجي، لكن لا بأس من المصارحة بقلة الثقة بالتعليقات المتسرعة، خاصة على المستوى العربي واللبناني، بأن تغييراً كبيراً قد حصل، وهو أمر يحمل في طياته التمنيات لا التحليل العلمي، حول طبيعة الحياة السياسية في الولايات المتحدة والأدوار المؤثرة في هذا المجال، وخاصة انعكاس الاقتصادي على السياسي والدور الحاسم لمصالح الولايات المتحدة وتكتلاتها الاقتصادية الكبرى في رسم السياسات. ولعل التسرع الآخر هو التصرف كأن شيئاً لم يحصل.
سنحاول تقديم ملاحظات أولية، مع كل التحفظ على ما يمكن أن يصدر عنها من استنتاجات متسرعة، وبالتالي لا يمكن اعتبارها تحليلاً ناجزاً لهذا الحدث.
نقول »حدثاً« ليس لأنه انتخاب أوباما، فالانتخابات الأميركية، مهما كانت نتيجتها، هي حدث في العالم الآن وسابقاً نظراً لما تحتله ومثلته الولايات المتحدة من دور ووزن سياسي، اقتصادي، عسكري ومالي في العالم، وخصوصاً في المرحلة التي تلت الحرب الباردة. وبشكل خاص نظراً لما مثله، تاريخ هذه الدولة ونظامها المتحكم بحزبيه من مآس ونكبات وآلام، للعالم، من حرب فيتنام الى العراق، وفلسطين ولبنان وأفريقيا وقبلها في أندونيسيا وحرب الكوريتين، والسلسلة طويلة ولا تقف عند حدود الدول الفقيرة والنامية بل تطال بتأثيراتها ايضاً أوروبا بما فيها أكثر الدول وفاء وتبعية للسياسة الأميركية... فغول »المصلحة الأميركية« لا يستثني ابتلاع الاقتصاد الأوروبي وشق الاتحاد الأوروبي وتاريخ الصراعات داخله، والإصرار على ضبط الوضع الأمني والسياسي في أوروبا، بدءاً من يوغسلافيا وصولاً اليوم الى »الدرع الصاروخية« وما يمكن أن يطرحه من صراعات تطال دول أوروبا بأكملها.
هذه الانتخابات كانت قد حسمت قبل تاريخها بوقت طويل. إن عثرات المشروع الأميركي في العراق وأفغانستان وفشله في ملامسة الرؤية حول القضية الفلسطينية والخسائر الكبرى للجيش وللاقتصاد الأميركي رغم النهب الكبير لثروات العرب، ليس تفصيلاً في نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة.
القضية هنا تتعدى لون الرئيس المنتخب، فرغم أهمية هذا التفصيل في الحياة الأميركية الداخلية، فإنه يشكل نتيجة طبيعية لتراكم يمتد الى عشرات السنين وعبر عنه بشكل واضح الرئيس الأميركي المغدور كينيدي حين توقع وصول أسود الى رئاسة الولايات المتحدة بعد ٤٠ عاماً، وتقريباً فإن هذه »النبوءة« المرتكزة على تحليل الخط السياسي الزمني قد تحققت، فهو تاريخ طويل من أجل المساواة في المواطنية، كان يحقق انتصارات جزئية تراكمت حتى حققت هذا الخرق التاريخي، فمن »مارتن لوثر كينغ« الى جيسي جاكسون الى باراك أوباما خط زمني متواصل ومتراكم... لا ننسى معه آلاف الضحايا وشلالات الدماء التي سالت من »الهنود الحمر« الى »عمال شيكاغو« الى »عبيد أفريقيا«.
و»اللون« ليس هو الأهم في هذا التغيير، فالمعبر الأسوأ عن السياسة الأميركية الخارجية ومشاريعها المدمرة في العالم كانت في مرحلتها الأكثر سواداً وألماً ونزفاً للدماء وللاقتصاد العالمي وللسمعة الأميركية في العالم والشرق الأوسط تحديداً كانت سوداء اللون والقلب والتخطيط، هي »كوندليسا رايس« وما مثلته من عنوان للمرحلة السوداء من تاريخ الولايات المتحدة وإجرامها في العالم، وعلى معطفها علقت دماء أطفال ونساء العراق ودماء نساء وأطفال لبنان في حربها من أجل »الشرق الأوسط الجديد« في تموز .٢٠٠٦
ربما يكون السؤال المفتاح في هذا المجال، هو السؤال، حول ما هي الظروف الجديدة في العالم وفي الولايات المتحدة، الظروف التي جعلت الناخب الأميركي يتجاوز اللون، يتجاوز ما عاش عليه السياسيون الأميركيون ردحاً من الزمن، »أبطال حرب فيتنام« الذي شكل »ماكين« أحد رموزهم.
ما الذي جعلهم يتجاوزون ذلك، ويتجاوزون معه »بعبع الإرهاب« الذي شكل نواة ايديولوجيا »بوش الملهم«.... باتجاه انتخاب أسود لم يتمتع بشرف هذه البطولات ولا ينتمي الى هذه الايديولوجيا، بل ربما عكس ذلك، تجري في قسم من دمائه »لوثة الإرهاب« الذي غالباً ما التبس على »بوش« التمييز بينه وبين الإسلام كدين.
السؤال الثاني، هو هل يستطيع »أوباما« أو هل هو مسموح له بل هل يريد، أن يتراجع عن الوهم ـ العقيدة ـ العدوان، بأن الادارة الأميركية أو الرئيس الأميركي قادر على تغيير الواقع والعالم أو خلق الوقائع الدولية. هل يستطيع ذلك بأن يذهب للتعاطي مع العالم كما هو بالفعل؟ هل يقتنع الرئيس الجديد وإدارته بأن للشعوب الأخرى، أيضاً، ومهما كانت ضعيفة وصغيرة وفقيرة، طموحات وآمالاً ومصالح وهي قادرة على المقاومة ولها الحق الكامل بتقرير مصيرها؟
أم إن الرئيس الجديد، سيحقق فقط عودة الى سياسة »الردع والاحتواء« التي سادت خلال الحرب الباردة، بعدما كان أسلافه ومنذ ريغان قد استبدلوها بسياسة الهجوم (الاستباقي؟) والهيمنة والعدوان بعد انتهاء الحرب الباردة؟
وإذا كان حقاً يرغب بالتغيير، كيف سيتعامل مع الأزمة المالية الأخيرة التي ما زالت تهز العالم والاقتصاد الأميركي وتوابعه بشكل خاص... هل الانكماش السياسي والاقتصادي قادر على حل هذه الأزمة، أم إن الخوف الأميركي العام من أن فقدان »الوظيفة العالمية« للولايات المتحدة، سيعرض وحدتها للخطر وبالتالي يكون الانكماش الاقتصادي والسياسي، عودة الى ما قبل »جورج واشنطن«؟
ومن هذه الأسئلة أيضاً، أسئلة أقل وقعاً على المستوى الأميركي ـ الداخلي ولكنها مهمة بالنسبة لشعوب العالم، وخاصة التعاطي مع التحركات الأمنية والسياسية والاقتصادية لجورج بوش. وما يهمنا تحديداً كيف يتعاطى مع الشرق الأوسط وقضاياه، بدءاً من صلبها القضية الفلسطينية الى قضية العراق، وخاصة موضوع البترول.
لا يبدو من الخطابات الأخيرة للرئيس المنتخب أنه يريد التغيير الكامل، الذي قد يطال وظيفة الولايات المتحدة تجاه شعوبها، وخاصة وظيفتها العالمية المفترضة والمعممة تحت اسم »الحلم الأميركي«.
والأهم من ذلك أنه حتى لو أراد، فإنه لن يستطيع بفعل الدور الضاغط والحاسم للمؤسسة الحاكمة وللتكتلات الاقتصادية الكبرى، الممسكة بالقرار الأميركي وربما هي التي بجزء منها قد موّلت حملة أوباما الأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
ويبقى أن نشير الى أن الأهم هو اهتزاز تلك الايديولوجيا العنصرية التي بررت جرائم السنوات الأخيرة وبشكل محدد، اهتزاز ثنائية الخير والشر التي قسّم عبرها جورج بوش العالم الى قسمين، كان هو فيها رأس حربة الأول ومحدد الأقسام وموزع مفاتيح الجنة في الحياة الدنيا والآخرة.
إن هذا الاهتزاز، سيعيد الى الصراع الفكري والايديولوجي في العالم حيويته ويربطه أكثر بالواقع السياسي والاقتصادي، وسيعري تحديداً البراغماتية الأميركية من لباسها الايديولوجي، في محاربة الشر ونشر الديموقراطية في العالم وهي أصلاً قيم قد اهتزت بفعل مقاومة الشعوب.
وهذا ما يطرح تحدياً جدياً أمام مفكري اليسار في العالم، حول قدرتهم على تجديد وتفعيل فكرهم الاشتراكي في مواجهة الأوهام الرمادية التي قد تطغى على النقاش الفكري والسياسي في العالم، مجددة ولو بلون أسمر مرحلة الانبهار بأفكار »فوكوياما« خلال العقدين الماضيين.
وفي نهاية هذه المحاولة الأولى والسريعة لقراءة الحدث الأميركي، تبقى ضرورة الإشارة الى أن اهتزاز ايديولوجيا المحافظين الجدد، بعد هزائمهم العسكرية واهتزاز اقتصادهم وأزمته، الى أن البديل الأصولي الذي ساد في مواجهة أصولية جورج بوش وتغذى منها، سيعاني من فقدان الدافع... ولذلك فإن على قوى التقدم والديموقراطية في العالم العربي إعادة تحديد شعاراتها على قاعدة فقدان النظام الرسمي العربي مبررات استمراره وباتجاه طرح شعارات، تركز على استعادة الثروة وقضية فلسطين وشعار التكامل باتجاه الوحدة، خاصة أن المنطق الآخر لا يمكن أن ينتج إلا ما أنتجه، أي رؤية »شمعون بيريز« في أرض الجحاز.
وفي لبنان، يتأكد مرة أخرى عقم الطبقة السياسية التي لا تعرف إلا انتظار تطورات الخارج، وما تعليقات أقطاب السياسة عندنا على هذه الانتخابات إلا دليل إضافي على ذلك... هي انتظرت طويلاً نتائج الانتخابات الأميركية لتعرف إذا ما كانت النتيجة ستضيف بحصة الى حصتها أم الى حصة خصمها.
وإذا كان هنالك من استنتاج فهو استنتاج وحيد... ضرورة بناء الدولة الوطنية العصرية القادرة على صون لبنان من إمكانية استخدامه دائماً رأس حربة لمشاريع أميركا، ليس فقط ضد شعبه بل ضد العالم العربي.
استنتاجات أولية ولكنها حتماً تؤكد ضرورة المتابعة، فالفرحة بنهاية عهد بوش ممكنة بل ضرورية، ولكن ليس أكثر، وربما يكون رام إيمانويل أول الغيث، والرئيس الأميركي لا يصنع القرار بل يظهره.
سنحاول تقديم ملاحظات أولية، مع كل التحفظ على ما يمكن أن يصدر عنها من استنتاجات متسرعة، وبالتالي لا يمكن اعتبارها تحليلاً ناجزاً لهذا الحدث.
نقول »حدثاً« ليس لأنه انتخاب أوباما، فالانتخابات الأميركية، مهما كانت نتيجتها، هي حدث في العالم الآن وسابقاً نظراً لما تحتله ومثلته الولايات المتحدة من دور ووزن سياسي، اقتصادي، عسكري ومالي في العالم، وخصوصاً في المرحلة التي تلت الحرب الباردة. وبشكل خاص نظراً لما مثله، تاريخ هذه الدولة ونظامها المتحكم بحزبيه من مآس ونكبات وآلام، للعالم، من حرب فيتنام الى العراق، وفلسطين ولبنان وأفريقيا وقبلها في أندونيسيا وحرب الكوريتين، والسلسلة طويلة ولا تقف عند حدود الدول الفقيرة والنامية بل تطال بتأثيراتها ايضاً أوروبا بما فيها أكثر الدول وفاء وتبعية للسياسة الأميركية... فغول »المصلحة الأميركية« لا يستثني ابتلاع الاقتصاد الأوروبي وشق الاتحاد الأوروبي وتاريخ الصراعات داخله، والإصرار على ضبط الوضع الأمني والسياسي في أوروبا، بدءاً من يوغسلافيا وصولاً اليوم الى »الدرع الصاروخية« وما يمكن أن يطرحه من صراعات تطال دول أوروبا بأكملها.
هذه الانتخابات كانت قد حسمت قبل تاريخها بوقت طويل. إن عثرات المشروع الأميركي في العراق وأفغانستان وفشله في ملامسة الرؤية حول القضية الفلسطينية والخسائر الكبرى للجيش وللاقتصاد الأميركي رغم النهب الكبير لثروات العرب، ليس تفصيلاً في نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة.
القضية هنا تتعدى لون الرئيس المنتخب، فرغم أهمية هذا التفصيل في الحياة الأميركية الداخلية، فإنه يشكل نتيجة طبيعية لتراكم يمتد الى عشرات السنين وعبر عنه بشكل واضح الرئيس الأميركي المغدور كينيدي حين توقع وصول أسود الى رئاسة الولايات المتحدة بعد ٤٠ عاماً، وتقريباً فإن هذه »النبوءة« المرتكزة على تحليل الخط السياسي الزمني قد تحققت، فهو تاريخ طويل من أجل المساواة في المواطنية، كان يحقق انتصارات جزئية تراكمت حتى حققت هذا الخرق التاريخي، فمن »مارتن لوثر كينغ« الى جيسي جاكسون الى باراك أوباما خط زمني متواصل ومتراكم... لا ننسى معه آلاف الضحايا وشلالات الدماء التي سالت من »الهنود الحمر« الى »عمال شيكاغو« الى »عبيد أفريقيا«.
و»اللون« ليس هو الأهم في هذا التغيير، فالمعبر الأسوأ عن السياسة الأميركية الخارجية ومشاريعها المدمرة في العالم كانت في مرحلتها الأكثر سواداً وألماً ونزفاً للدماء وللاقتصاد العالمي وللسمعة الأميركية في العالم والشرق الأوسط تحديداً كانت سوداء اللون والقلب والتخطيط، هي »كوندليسا رايس« وما مثلته من عنوان للمرحلة السوداء من تاريخ الولايات المتحدة وإجرامها في العالم، وعلى معطفها علقت دماء أطفال ونساء العراق ودماء نساء وأطفال لبنان في حربها من أجل »الشرق الأوسط الجديد« في تموز .٢٠٠٦
ربما يكون السؤال المفتاح في هذا المجال، هو السؤال، حول ما هي الظروف الجديدة في العالم وفي الولايات المتحدة، الظروف التي جعلت الناخب الأميركي يتجاوز اللون، يتجاوز ما عاش عليه السياسيون الأميركيون ردحاً من الزمن، »أبطال حرب فيتنام« الذي شكل »ماكين« أحد رموزهم.
ما الذي جعلهم يتجاوزون ذلك، ويتجاوزون معه »بعبع الإرهاب« الذي شكل نواة ايديولوجيا »بوش الملهم«.... باتجاه انتخاب أسود لم يتمتع بشرف هذه البطولات ولا ينتمي الى هذه الايديولوجيا، بل ربما عكس ذلك، تجري في قسم من دمائه »لوثة الإرهاب« الذي غالباً ما التبس على »بوش« التمييز بينه وبين الإسلام كدين.
السؤال الثاني، هو هل يستطيع »أوباما« أو هل هو مسموح له بل هل يريد، أن يتراجع عن الوهم ـ العقيدة ـ العدوان، بأن الادارة الأميركية أو الرئيس الأميركي قادر على تغيير الواقع والعالم أو خلق الوقائع الدولية. هل يستطيع ذلك بأن يذهب للتعاطي مع العالم كما هو بالفعل؟ هل يقتنع الرئيس الجديد وإدارته بأن للشعوب الأخرى، أيضاً، ومهما كانت ضعيفة وصغيرة وفقيرة، طموحات وآمالاً ومصالح وهي قادرة على المقاومة ولها الحق الكامل بتقرير مصيرها؟
أم إن الرئيس الجديد، سيحقق فقط عودة الى سياسة »الردع والاحتواء« التي سادت خلال الحرب الباردة، بعدما كان أسلافه ومنذ ريغان قد استبدلوها بسياسة الهجوم (الاستباقي؟) والهيمنة والعدوان بعد انتهاء الحرب الباردة؟
وإذا كان حقاً يرغب بالتغيير، كيف سيتعامل مع الأزمة المالية الأخيرة التي ما زالت تهز العالم والاقتصاد الأميركي وتوابعه بشكل خاص... هل الانكماش السياسي والاقتصادي قادر على حل هذه الأزمة، أم إن الخوف الأميركي العام من أن فقدان »الوظيفة العالمية« للولايات المتحدة، سيعرض وحدتها للخطر وبالتالي يكون الانكماش الاقتصادي والسياسي، عودة الى ما قبل »جورج واشنطن«؟
ومن هذه الأسئلة أيضاً، أسئلة أقل وقعاً على المستوى الأميركي ـ الداخلي ولكنها مهمة بالنسبة لشعوب العالم، وخاصة التعاطي مع التحركات الأمنية والسياسية والاقتصادية لجورج بوش. وما يهمنا تحديداً كيف يتعاطى مع الشرق الأوسط وقضاياه، بدءاً من صلبها القضية الفلسطينية الى قضية العراق، وخاصة موضوع البترول.
لا يبدو من الخطابات الأخيرة للرئيس المنتخب أنه يريد التغيير الكامل، الذي قد يطال وظيفة الولايات المتحدة تجاه شعوبها، وخاصة وظيفتها العالمية المفترضة والمعممة تحت اسم »الحلم الأميركي«.
والأهم من ذلك أنه حتى لو أراد، فإنه لن يستطيع بفعل الدور الضاغط والحاسم للمؤسسة الحاكمة وللتكتلات الاقتصادية الكبرى، الممسكة بالقرار الأميركي وربما هي التي بجزء منها قد موّلت حملة أوباما الأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
ويبقى أن نشير الى أن الأهم هو اهتزاز تلك الايديولوجيا العنصرية التي بررت جرائم السنوات الأخيرة وبشكل محدد، اهتزاز ثنائية الخير والشر التي قسّم عبرها جورج بوش العالم الى قسمين، كان هو فيها رأس حربة الأول ومحدد الأقسام وموزع مفاتيح الجنة في الحياة الدنيا والآخرة.
إن هذا الاهتزاز، سيعيد الى الصراع الفكري والايديولوجي في العالم حيويته ويربطه أكثر بالواقع السياسي والاقتصادي، وسيعري تحديداً البراغماتية الأميركية من لباسها الايديولوجي، في محاربة الشر ونشر الديموقراطية في العالم وهي أصلاً قيم قد اهتزت بفعل مقاومة الشعوب.
وهذا ما يطرح تحدياً جدياً أمام مفكري اليسار في العالم، حول قدرتهم على تجديد وتفعيل فكرهم الاشتراكي في مواجهة الأوهام الرمادية التي قد تطغى على النقاش الفكري والسياسي في العالم، مجددة ولو بلون أسمر مرحلة الانبهار بأفكار »فوكوياما« خلال العقدين الماضيين.
وفي نهاية هذه المحاولة الأولى والسريعة لقراءة الحدث الأميركي، تبقى ضرورة الإشارة الى أن اهتزاز ايديولوجيا المحافظين الجدد، بعد هزائمهم العسكرية واهتزاز اقتصادهم وأزمته، الى أن البديل الأصولي الذي ساد في مواجهة أصولية جورج بوش وتغذى منها، سيعاني من فقدان الدافع... ولذلك فإن على قوى التقدم والديموقراطية في العالم العربي إعادة تحديد شعاراتها على قاعدة فقدان النظام الرسمي العربي مبررات استمراره وباتجاه طرح شعارات، تركز على استعادة الثروة وقضية فلسطين وشعار التكامل باتجاه الوحدة، خاصة أن المنطق الآخر لا يمكن أن ينتج إلا ما أنتجه، أي رؤية »شمعون بيريز« في أرض الجحاز.
وفي لبنان، يتأكد مرة أخرى عقم الطبقة السياسية التي لا تعرف إلا انتظار تطورات الخارج، وما تعليقات أقطاب السياسة عندنا على هذه الانتخابات إلا دليل إضافي على ذلك... هي انتظرت طويلاً نتائج الانتخابات الأميركية لتعرف إذا ما كانت النتيجة ستضيف بحصة الى حصتها أم الى حصة خصمها.
وإذا كان هنالك من استنتاج فهو استنتاج وحيد... ضرورة بناء الدولة الوطنية العصرية القادرة على صون لبنان من إمكانية استخدامه دائماً رأس حربة لمشاريع أميركا، ليس فقط ضد شعبه بل ضد العالم العربي.
استنتاجات أولية ولكنها حتماً تؤكد ضرورة المتابعة، فالفرحة بنهاية عهد بوش ممكنة بل ضرورية، ولكن ليس أكثر، وربما يكون رام إيمانويل أول الغيث، والرئيس الأميركي لا يصنع القرار بل يظهره.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى