ماأسباب العنف في الوسط المدرسي؟؟؟ ادخل ولا تحرمنا من رأيك ،فإنه مفيد و ضروري !!!

الجزائر في 10/مارس 2009-05-09

لعل أنبل مهمات المدرسة هي مهمة التنشئة الاجتماعية وتربية التلاميذ للاندماج في المجتمع ،بما توفر لهم من فرص للتأهيل والتحلي بالسلوكات القويمة وتنمية المواقف التي تمكنهم ومعرفة ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
غير أن بوادر تسيء إلى مهمة المدرسة بدأت تظهر في المدة الأخيرة في بعض مؤسسات التربية و التعليم وتشوه من سمعتها وتمس من وظيفتها كمؤسسة اجتماعية،باعتبارها فضاء للحوار و التسامح و التشاور و المشاركة المجتمعية .وتتمثل هذه البوادر في مظاهر العنف التي تأخذ أشكالا مختلفة وممارسات متنوعة مثل العقاب البدني و الشتم والإهانة و الاعتداء و مستويات مختلفة بين التلاميذ وبين الأساتذة و التلاميذ ،وحتى بين الأولياء و الأساتذة.
في هذا الإطار ،وسعيا إلى الحد من ظاهرة العنف وتلافي نتائجها السلبية على سير عمل مؤسسات التربية و التعليم،يشرفني أن أطلب من مجموع أفراد الجماعة التربوية التجند لمكافحة مظاهر العنف و الوقاية منها و المساهمة،كل من موقع مسؤولية في هذا العمل التربوي العام.
إن تحقيق ما نصبو إليه يمر حتما بتبني جملة من مساعي متعددة الأبعاد تشمل الجانب البيداغوجي داخل حجرات الصف وخارجها،و تنظيم العلاقات بين أفراد الجماعة التربوية في مؤسسة التربية و التعليم في محيطها.
أولا:تثمين العمل البيداغوجي، وذلك باستثمار الأنشطة التعليمية المقررة في مختلف المستويات و في كل المراحل التعليمية،للتأكيد على قيم التسامح و الحوار واحترام الآخر و نبذ العنف مهما كان نوعه كشكل من أشكال التعبير.و تشكل القدوة الحسنة للمعلمين و الأساتذة السبيل الأمثل لغرس الفضائل و قواعد المعاملة الحسنة مع الآخرين لدى الناشئة...
كما تعتبر أعمال الأفواج المشكلة للمناقشة العلمية أثناء القيام بالنشاطات المقررة في مختلف المناهج التعليمية أرضية لبناء سلوكات الحوار الهاتف من خلال تبادل الآراء واحترام الرأي الآخر.
في هذا السياق ،اقترح عليكم تخصيص حصتين أسبوعيتين من حصص التربية الخلقية في مرحلة التعليم الابتدائي لتناول مظهر من مظاهر العنف و معالجته مع التلاميذ بما يتوافق ومستواهم الإدراكي والانفعالي.كما يمكن استغلال التعليمات المقررة النشطة التربية المدنية و التربية الإسلامية و التربية البدنية الرياضية سلوكات إيجابية لدى تلاميذ مرحلتي التعليم الابتدائي و التعليم المتوسط و لدعم القيم التي تخدم الجانب ألعلائقي في التعليمات التلاميذ و تعميقها .
وفي مرحلة التعليم الثانوي،حيث يكون التلاميذ أكثر نضجا و استعدادا،تستغل كل الفضاءات التربوية لتحسيس التلاميذ بأهمية الحوار و التشاور و التفاهم و نبذ العنف،و توعيتهم بانعكاساته على الفرد و المؤسسة و المجتمع بصفة عامة.
ثانيا: تنظيم العلاقات بين أفراد الجماعة التربوية من خلال التأكيد على المبادئ التي تقوم عليها لخدمة العمومية للتربية و المتمثلة أساسا في تمجيد العمل و المواظبة وبذل الجهد و المثابرة و احترام الآخرين في ذواتهم وقناعتهم و ممتلكاتهم و التعامل مع الآخرين دون تمييز على أي أساس كان،و ضمان الحماية من أي شكل من أشكال العنف.
ويشكل القانون الداخلي للمؤسسة الإطار الذي ينظم علاقات أفراد الجماعة التربوية فيما بينهم،ويحدد بشكل واضح حقوق كل واحد منهم وواجباته في حدود مهامه وصلاحياته بما يسمح لمؤسسة التربية و التعليم من السير الحسن و أداء مهامها على أفضل وجه.
ولابد للهيئات التي يقرها التنظيم الجاري به العمل في المؤسسات التربية و التعليم،و اخص بالذكر مجالس التعليم و مجالس القسم ومجلس التربية والتسيير و مجلس التوجيه ومجلس التأديب ،أن تلعب دورا كاملا في جو من التآلف و الحوار و التفاهم،و تفعيلها بكل حزم للوقاية من مظاهر العنف بكل أشكاله و جعل مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار.
إن الخطأ سلوك بشري ويقع فيه الجميع وليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيرا فنكبره و نضخمه.ولابد من معالجة الخطأ بحكمة وروية.و أيا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت و آخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء.
ويجدر التذكير،في هذا المقام بكل التعليمات الرسمية التي تمنع العنف في الوسط المدرسي مهما كان شكله ،ودعوة جميع أعضاء الجماعة التربوية إلى التقيد بالإجراءات المقررة بشأن هذا الموضوع،وتحمل جميع الأفراد الذين يمكن أن يمارسوه التبعات التي تلحقهم جراء ذلك و الانعكاسات التي تنجز عنه، و هي انعكاسات لا تكون إلا وخيمة،حيث لا يوجد أي ضمان أن إطاره يبقى محدودا محصورا.بالإضافة إلى أن العنف لا يخدم إطلاقا التفكير العقلاني الذي يميز الشخصية السوية المتزنة.
إن المدرسة يجب أن تبقى مركز إشعاع تربوي و ثقافي تؤثر في محيطها بشكل إيجابي،و أداة للرقي الاجتماعي تجسد قيم التفاهم و الحوار واحترام الآخر و أساليب التعبير المتحضرة،حتى تكون بالفعل وسيلة للتغيير الاجتماعي المنشود.
وإني أولي أهمية قصوى إلى أن ينخرط كل أفراد الجماعة التربوية في العمل الدءوب و الواعي لمحاربة بوادر ظاهرة العنف في الوسط المدرسي،ووأده في مهدها قبل استفحالها و توسعها.و إني متيقن بأن الأسرة التربوية قادرة على رفع التحدي في هذا المجال من أجل صون المدرسة و ضمان بيئة سليمة للتربية الناشئة.