لمصر العار و للجزائر الرفعة و الفخار ..بقلم : يحي ابو زكريا
الثلاثاء 16 يونيو 2009, 07:48
بثت قناة "مودرن سبورت المصرية " الرياضية برنامجا حواريا حول المباراة الأخيرة التي جمعت الفريق الجزائري العملاق مع الفراعنة و التي إنتهت بفوز تاريخي للجزائر ( 3-1) ، ولأن الفراعنة الذين خسروا كل شيئ في السياسة والإقتصاد والثقافة و الفن و المقاومة و التكافل مع القضية الفلسطينية و العرب , و تخصصوا في ملاحقة المقاومين الشرفاء في لبنان و فلسطين لم يهضموا الصفعة الكبيرة من أقدام الجزائريين , فقد شرع المذيع الأهبل مع ضيفه يتهكم على الثورة الجزائرية و على عدد شهداء الجزائر ، وقال أحد المتدخلين أن "الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد"، الأمر الذي علق عليه الصحفي بالقول "هو ما زادو ولا إيه.."، مضيفا بتهكم كبير "آه..الشهداء أصبحوا مليونا ونصف مليون بعد الزيادة في الأسعار؟؟".
و هذا التهكم الذي صدر من قناة مصرية مؤشر خطير على مدى الإستخفاف بالتاريخ المجيد للعالم العربي , وللثورة الجزائرية المقدسة , التي أصبحت واحدة من أهم الثورات العربية في الراهن العربي والتي أصبحت قدوة لكل الأحرار في العالم , وقد إعترف بقوتها و تضحايتها الأعداء الفرنسيون أنفسهم , و في هذا السياق كتب جاك لاكوتور في جريدة لوموند الفرنسية في السبيعينيات أن الجزائر أصبحت قبلة الأحرار وقبلة العالم الثالث ..
و التهكم المصري على شهداء الجزائر ينم عن عداء دفين في النفسية الرسمية المصرية التي قامت على الشحاذة الحضارية وفقدان الدور أمام قوى إقليمية صاعدة كالجزائر وإيران وتركيا ..
و نحن في الجزائر نعرف أسماء شهدائنا و مقابرهم ومتى أستشهدوا وبأي طريقة أستشهدوا , و نحفظ أقوالهم ووصايهم و فعالهم , وقد أقمنا لهم ميادين في قلوبنا , وتماثيل في كل مناطقنا .
و الجزائر لم تنجب الراقصات والفاسدات و العاهرات و العاريات , و لم تنجب الخونة و الذلة للإستكبار و الشحاذة من الغرب , فالرئيس الجزائري هواري بوميدن عندما ساومه الغرب على مواقفه الداعمة لمحور الجنوب قال : نجوع و نأكل التراب ولا نبيع كرامتنا , وعندما ساوموه على التخلي عن دعم الشعب الفلسطيني قال : نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة .
و الجزائر لا تتنكر لشهدائها , ولا لعظمائها الذين طردوا الحلف الأطلسي من الجزائر , و الجزائر لم تبع القرار العربي والفلسطيني لإسرائيل , والجزائر لم تبع غازها ونفطها لإسرائيل , والجزائر لم تبع المقاومة الفلسطينية و اللبنانية في يوم من الأيام , و أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تمور – يوليو 2006 , كان السفير الجزائري في بيروت الأستاذ إبرهيم بن عودة يشرف على إدخال شاحنات الغذاء والدواء الجزائريين بنفسه إلى الشعب اللبناني البطل و العملاق , وفتح السفارة الجزائرية لمقاومين لبنانيين تركوا الضاحية الجنوبية ليعيشوا في آمان في بيتهم ووطنهم الثاني الجزائر , بينما كانت بعض السفارات العربية المصونة في بيروت تتجسس على حزب الله وتسعى لإستكشاف مكان الزعيم الإسلامي السيد حسن نصر الله , لتسلم هذه المعلومات للكيان الإسرائيلي لينفذ مهمة إغتيال أنبل إنسان أخلص لهذه الأمة .
و الجزائر لم تحوّل الجزائر إلى بيت دعارة لصالح الأمراء والكبراء , بل كانت وما زالت مع الحق القومي والإسلامي , و الجزائر لم تخن القضية القومية حتى في أوج الفتنة التي نفخ فيها بعض العرب لتغييب الجزائر عن الدور السياسي الإقليمي والدولي , كانت مع حق فلسطين , وحق المقاومة الإسلامية في لبنان , وحق الشعوب المستضعفة في تقرير المصير .
الجزائر لم تشق عصا الصف العربي كما فعلت مصر , عندما غابت عن القمة العربية في الدوحة , والجزائر لم تبخل يوما عن تقديم أرضها لكل المقاومين الشرفاء الذين مرّ جميعهم بالجزائر , فشي غيفارا منحته القيادة الجزائرية بيتا منيفا قرب قصر الرئاسة , والإمام الخميني طلب التوجه إلى الجزائر عندما إضطهده البعث العراقي , و كارلوس مر بالجزائر , وأبو عمار و أبو أياد و أبو الهول والشهيد المقدام سعيد صيام .
والجزائر لا يمكن أن تعتقل مقاوما لبنانيا شريفا دفعته غيرته العربية و الإسلامية للدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني , ودفعته خيانة بعض الحكام العرب لأمتهم ليهب نفسه لأطفال فلسطين المحاصرين بالجوع وإعلاق معبر رفح المصري , بل أعادت المقاومين اللبنانيين من الجزائر إلى بيروت , لدى إختطاف طائرة عربية حطّت في مطار هواري بومدين , و أعيد المقاومون إلى بيروت معززين مكرمين .
والجزائر لم ترضخ لأمريكا وإسرائيل حتى توقف دعمها للمشروع النووي الإيراني , بل أعلنها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى زيارة السيد محمود أحمدي نجاد إلى الجزائر بأن هذه الأخيرة مع حق إيران الإسلامية في تفعيل مشروعها النووي .
والجزائر لم تستقبل بيريز و شمعون و ليبرمان و شذاذ الآفاق , بل إستقبلت عبد الناصر ونكروما و لوممبا ونكروما وغيفار ومانديلا و رفسنجاني وخامنئ وأميل لحود و نهرو و أحمدي نجاد .
و الجزائر لم تشارك في العدوان على غزة الصامدة , و تخدع حركة حماس التي غالطها مدير المخابرات عمر سليمان بأن تسيبي ليفني لن تحارب حماس , وهي عائدة إلى التهدئة , وخدع قادة حماس بالمكالمة التي أجراها عمر سليمان مع موسى أبو مرزوق , فكانت الضربة صاعقة , لقد إستقبلت الجزائر سعيد صيام بالزغاريد و الدموع , و الدعم المطلق لقضية الشعب الفلسطيني ...
و لا يحق للدول العربية أن تسمح لعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الذي لم يقدم شيئا للعرب والمسلمين بالإستمرار في منصبه , بل على العرب أن يختاروا واحدا منهم لتولي هذا المنصب , وما بال الغباوة إستقرت في أذهان ورؤس صناع القرار العرب , شخصية فشلت في مهمتها القومية و تستمر على رؤوس العرب , ويحق لي كجزائري أن أطالب بتعيين شخصية جزائرية , لما للجزائريين من مروءة ومواقف وآنافة جزائرية و كرامة فارطة ..
وعلى مصر أن تعتذر لي كواحد من الجزائريين , أستشهد الكثير من آله , فوالدي السيد علي , كان عناصر الجيش الفرنسي يمزقون فخذه بالشفرة و يسكبون ملحا في الجرح ليزداد عذابا و تألما , و خالي محمود وضع الجيش الفرنسي صخرة على بطنه و رموه إلى البحر فقضى شهيدا ..
وجدة الجزائريين فاطمة نسومر قتلت من قبل المجرمين الفرنسيين بربط قدميها إلى سيارتين سارتا في إتجاه معاكس ففسخت تفسيخا ..
على مصر أن تعتذر لكل الجزائريين , و على الحكومة الجزائرية أن تطالب بهذا الإعتذار , وتركل ديبلوماسيا , كما ركل الخضر الجزائريون كرات عدة في مرمى , وهم في الواقع كانوا يرمون سياسة الخيانة و التآمر على العالم العربي الإسلامي , وبالتالي الخضر و الجزائريون هم المؤهلون للعب دور سياسي و ديبلوماسي , و إحذروا عودة الجزائر القوية !
*****
يحيى ابوزكريا - كاتب ومفكر جزائري / بيروت
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى