سوق الحاج الأخضر!!!!!!!

كان الأحرى بلخضر بوخرص أن ينصب سوقه ''سوق الحاج لخضر'' زمن حكم الشاذلي، زمن الندرة وطوابير ربات البيوت أمام أسواق الفلاح· فعندما يعالج المسلسل الفكاهي-المبكي مسألة الندرة والغش وتفضيل زبون على آخر، حسب المظهر والمنصب، فهذه الأمور كانت تحدث سنوات الثمانينيات، زمن التجارة المركزية وندرة السلع· فروايات الحاج لخضر لهذه الظاهرة جاءت متأخرة بعشريتين، ربما لأن الفن الجزائري، الذي فقد علالو ومجوبي وغيرهما على يد الإرهاب سنوات التسعينيات صار اليوم بلا موضوع، مثلما هو حال البلاد كلها· ولم يجد لخضر بوخرص، الذي بقي حبيس تلك الفترة، إلا حكايات بائخة يضحك بها على الجزائريين ولا ينجح في إضحاكهم· حتى بيونة على محدودية ذكائها وموهبتها، ضحكت من موضوع ''سوق الحاج لخضر'' الذي يروي نوادر لا يعيشها الجزائريون اليوم، الذين أغرقتهم البضائع المستوردة ذات النوعية الرديئة، والذين يعانون اليوم ليس من الندرة والمعاملة بالوجوه لأصحاب المتاجرة وإنما من الأسعار الملتهبة، التي لا يقدر عليها إلا الأثرياء، ما أفرز طبقتين إجتماعيتين، طبقة عنية جدا، تستهلك كل ما يعرض من بضائع مستوردة، وطبقة فقيرة جدا لا حول لها ولا قوة إلا قفة رمضان التي بلغت قرابة المليون قفة· حكايات ''سوق الحاج لخضر'' تذكرني بحكاية ''كرنفال في دشرة'' التي جاءت متأخرة جدا عن زمنها، بعدما منعتها الرقابة زمن الشاذلي، والفارق أن ''كرنفال في دشرة'' فيه رسالة فنية وسياسية واضحة خلافا للمسلسل الحزين الذي يبكينا من شدة رداءته كل مساء، فالفن الجزائري الذي نظم المجتمع وعمل على نشر الوعي في أوساطه زمن الاستعمار وما بعد الإستعمار، وكان السبيل لإنارة طريق المواطنين وتوعيتهم، صار يسير في المؤخرة ولا يواكب حتى الحياة الإجتماعية، بدل أن يكون عناصره في الريادة لتنوير الناس وتحسيسهم واستشعار المشاكل والمآسي قبل حدوثها لتجنبها مثلما هو الدور المنوط بالفنان وبالفن· وليت مصيبتنا في الفن وحده···