- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
أهم الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
الأربعاء 09 سبتمبر 2009, 05:47
للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :
1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { أحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولاقام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون أحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .
وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لاشك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه
2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .
فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .
3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر :الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .
وانما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي > صلى الله عليه وسلم <ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .
ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث ( إلا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
فلماكان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .
ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه
ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى . ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال( يوتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) رواه مسلم
ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.
وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هوا على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف
نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.
1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { أحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولاقام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون أحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .
وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لاشك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه
2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .
فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .
3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر :الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .
وانما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .
وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.
قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي > صلى الله عليه وسلم <ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .
ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث ( إلا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
فلماكان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .
ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا ******** ولا ترض للنفس النفسية بالردى
وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه******** ويسلم دين المرء عند التوحد
ويسلم من قال وقيل ومن أذى******** جليس ومن واش بغيظ وحسدِ
وخير مقام قمت فيه وحلية ******** تحليتها ذكر الإله بمسجد
وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه******** ويسلم دين المرء عند التوحد
ويسلم من قال وقيل ومن أذى******** جليس ومن واش بغيظ وحسدِ
وخير مقام قمت فيه وحلية ******** تحليتها ذكر الإله بمسجد
ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى . ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال( يوتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) رواه مسلم
ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.
وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هوا على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف
نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.
- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
رد: أهم الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
الخميس 10 سبتمبر 2009, 16:11
يقول الله تبارك وتعالى : { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيَرة } (القصص 68) ، وقد اختار سبحانه العشر الأواخر من شهر من رمضان ، من بين سائر أيام الشهر ، وخصها بمزيد من الفضل وعظيم الأجر .
فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها ، تقول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) رواه مسلم .
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجَدَّ وشدَّ المئزر ) رواه مسلم .
فكان يوقظ أهله في هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة ، قال ابن رجب : " ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه " .
وشد المئزر هو كناية عن ترك الجماع واعتزال النساء، والجد والاجتهاد في العبادة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .
وما ذلك إلا تفرغاً للعبادة ، وقطعاً للشواغل والصوارف ، وتحرياً لليلة القدر ، هذه الليلة الشريفة المباركة ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر ، فقال سبحانه : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( القدر 3) .
في هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والسعداء والأشقياء ، والآجال والأرزاق ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ( الدخان 4) .
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد ، ليكثروا من العبادة ، ويجتهدوا في العمل ، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها ، ومن كان عاجزاً مفرطاً ، فإن من حرص على شيء جد في طلبه ، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه .
هذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الأوتار أرجى وآكد ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) ، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري .
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) رواه أبو داود .
فاحرص أخي المسلم على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم ، واجتهد في هذه الأيام والليالي ، وتعرض لنفحات الرب الكريم المتفضل ، عسى أن تصيبك نفحة من نفحاته لا تشقى بعدها أبداً ، وأكثر من الدعاء والتضرع ، وخصوصاً الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه أحمد وغيره .
اللهم وفقنا لقيام رمضان عامة وقيام ليلة القدر خاصة ، واجعلنا فيها من المقبولين الفائزين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها ، تقول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) رواه مسلم .
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجَدَّ وشدَّ المئزر ) رواه مسلم .
فكان يوقظ أهله في هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة ، قال ابن رجب : " ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه " .
وشد المئزر هو كناية عن ترك الجماع واعتزال النساء، والجد والاجتهاد في العبادة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .
وما ذلك إلا تفرغاً للعبادة ، وقطعاً للشواغل والصوارف ، وتحرياً لليلة القدر ، هذه الليلة الشريفة المباركة ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر ، فقال سبحانه : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( القدر 3) .
في هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والسعداء والأشقياء ، والآجال والأرزاق ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ( الدخان 4) .
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد ، ليكثروا من العبادة ، ويجتهدوا في العمل ، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها ، ومن كان عاجزاً مفرطاً ، فإن من حرص على شيء جد في طلبه ، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه .
هذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الأوتار أرجى وآكد ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) ، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري .
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) رواه أبو داود .
فاحرص أخي المسلم على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم ، واجتهد في هذه الأيام والليالي ، وتعرض لنفحات الرب الكريم المتفضل ، عسى أن تصيبك نفحة من نفحاته لا تشقى بعدها أبداً ، وأكثر من الدعاء والتضرع ، وخصوصاً الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه أحمد وغيره .
اللهم وفقنا لقيام رمضان عامة وقيام ليلة القدر خاصة ، واجعلنا فيها من المقبولين الفائزين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
رد: أهم الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
الخميس 10 سبتمبر 2009, 16:19
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :
الحمد لله رب العالمين ، أمر بالمسارعة إلى الخيرات ، واغتنام الأوقات قبل الفوات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وماله من الأسماء والصفات ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أول سابق الخيرات ، - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وأصحابه ذوي المناقب والكرامات ، وسلم تسليمًا كثيرًا . أما بعد :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، واعتبروا بسرعةِ مرور الليالي والأيام ، واعلموا أنها تحسب من آجالكم ، وأنها خزائن لأعمالكم ، فأودعوا فيها الأعمال ما يسركم عند الحساب ، يوم يقال للمحسنين : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) . [ الحاقة : 24 ] . لا تودعوا فيها ما يسوؤكم ويحزِنكم يوم يقول المفرط والمضيع : ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) . [ الفجر : 24 ] .
واعلموا - عباد الله - : أنكم الآن تعيشون في أفضل الأيام من شهر رمضان ، فقد استوفيتم العشرين الأول منه ، وها أنتم في العشر الأواخر ، فمن كان محسنًا من أول الشهر فليستمر على إحسانه ، وليضاعف من اجتهاده في هذه العشر المباركة ليزداد خيرًا على خير ، وليغنم فضيلة هذه الأيام التي تمتاز على الأيام السابقة . ومن كان مفرطًا فيما مضى من الشهر فليستدرك بقيته ، وليتب إلى الله من تفريطه وغفلته ، لعل الله يغفر له ما سلف ويوفقه فيما بقي ؛ لأن الأعمال بالخواتيم .
عباد الله : إن هذا الشهر يختلف عن غيره من الشهور ، وإن كانت حياة المسلم كلها فرصةً عظيمةً ، ودرةً نفيسة لا تقدر بقيمة ، لكن هذا الشهر خصه الله بفضائل ، وشرع فيه أعملاً لا توجد في غيره ، فأوجب صيام نهاره ، وجعله أحد أركان الإسلام ، واختص الصوم لنفسِه من بين سائر الأعمال ، فقال : ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ؛ فخص - سبحانه - الصيام بميزتين عظميتين :
- الأولى : إضافته إلى نفسه حيث قال - سبحانه - : ( الصوم لي ) ، وهذه الإضافة تقتضي تشريف الصيام .
- والثانية : أنه - سبحانه - هو الذي يتولى جزاء الصائم ، وذلك يقتضي عظم ثوابه وكثرته كثرةً لا يعلم مقدارها إلا الله .
وشرع - سبحانه - في هذا الشهر القيام في لياليه بصلاة التراويح جماعةً في المساجد ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن : ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) ، و ( أن من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . [ متفق عليه ] .
وهكذا نرى أن أوقات هذا الشهر مشغولة بالعبادة ، فنهاره صيام ، وليلة قيام ، وذلك ليجتمع للمؤمن جهادان : جهادٌ لنفسه بالنهار على الصيام ، وجهاد لها بالليلِ على القيام . والجهاد يحتاج إلى صبر ، ولهذا سمي هذا الشهر شهر الصبر ، وقد قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) . [ الزمر : 10 ] ؛ فمن جمع هذين الجهادين وصَبَرَ عليهما وفي أجره بغير حساب . أما الذي يترك صلاة التراويح تكاسلاً فقد عطل الليل مما خص به ولم يصبِر على أحد الجهادين ، وحرم نفسه من هذا الأجر العظيم . فليتنبه لذلك أناسٌ لا تراهم يصلون التراويح طول الشهر أو في أكثر الليالي ، وإن صلوا في بعض الليالي لم يكملوا ويواصلوا في بقيتها حتى يستوفوا قيام رمضان .
وشرع - سبحانه - في هذا الشهر المبارك الإكثار من تلاوة القرآن ، قال تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) . [ البقرة : 185 ] . فاختصاص إنزاله في هذا الشهر يقتضي اختصاصه بفضل التلاوة فيه ، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخص هذا الشهر بمزيد من تلاوة القرآن ؛ ففي " الصحيحين " : أن جبريل - عليه السلام - كان يلقى النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ليلة من شهر رمضان فيدارسه القرآن ؛ فجبريل أفضل الملائكة ، ومحمد أفضل الرسل يتدارسان بينهما أفضل الكتب في هذا الشهر الذي هو أفضل الشهور ، مما يدل على أفضلية التلاوة فيه ، على التلاوة في غيره من الشهور ، وإن كانت التلاوة مطلوبة في كل وقت وفيها أجر عظيم ، لكن أجرها يتضاعف في هذا الشهر أكثر من غيره ، كما تدل مدارسة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - على استحباب عرض الإنسان حفظَه للقرآن على من هو أحفظ له منه ليستفيد من إتقانه وقراءته .
وتلاوة القرآن في رمضان تشمل تلاوته في صلاة التراويح وصلاة التهجد ، وتلاوته من غير صلاة ، وقد كان الصحابة يطيلون القراءة في صلاة التهجد ، فكان القارئ منهم يقرأ بالمائتين في الركعة ، حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام ، وإنما ذكرنا هذا ليقتنع الذين ينفرون من إتمام الصلاة ويستثقلونها ، وإذا كان للإمام أن يراعي أحوال المأمومين فليس معنى هذا أنه ينقر الصلاة ويهذ القراءة هذا يخل بها ، وإنما المراد التوسط الذي يجمع بين إتقان الصلاة وعدم المشقة على المأمومين، مع القراءة المتقنة التي يستفيد منها المأموم وتؤثر على القلوب، وأن تكون الصلاة معتدلة متساوية من أول الشهر إلى آخره ؛ لأن بعض أئمة المساجد يسرع في القراءة ويطيل الصلاة في أول الشهر إلى أن يختم القرآن ، فإذا ختمه تساهل بالقيام في بقية ليالي الشهر التي هي من أفضل لياليه ، والتي هي ختامه ، وبعضهم يسافر في هذه الليالي للعمرة ويترك مسجده ، مع أن بقاءه في مسجده وإتقانه لصلاته في كل ليالي الشهر أفضل له من العمرة ، وليس المقصود من التراويح والتهجد في رمضان هو ختم القرآن وقراءة الدعاء المعد للختم ، وإنما المقصود شغل ليالي هذا الشهر كلها بالقيام ، والختمة تابعة وليست مقصودة ، فلو لم يختم القرآن مع إتقانه للصلاة في جميع الليالي مع النية الصالحة فأجره تام إن شاء الله ، ولو ختم القرآن مع الإخلال بالصلاة والقراءة أو مع ترك بقية الليالي ؛ فأجره ناقص بحسب نقص العمل .
ومما شرعه الله في هذا الشهر المبارك زيادة الاجتهاد في العشر الأواخر منه ؛ لأنها ليالي الإعتاق من النار لمن استحقوا دخول النار إذا تابوا من ذنوبهم واجتهدوا في هذه الليالي التي كان اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - يتزايد فيها ، فكان يحييها بالتهجد والقيام ، وكان يعتكف في المساجد للتفرغ لعبادة في هذه الليالي والأيام ؛ ففي الاجتهاد فيها اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعمل بقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ) . [ الأحزاب : 21 ] . أي : العمل في هذه الليلة خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقيامها إنما يحصل يقينًا بالقيام في كل ليالي الشهر ، ولا سيما ليالي العشر الأواخر ؛ فهي أرجى لتحريها وآكد لموافقتها ؛ فهي لم تحدد في ليلة معينة من الشهر ؛ لأن الله - سبحانه - أخفاها لأجل أن يكثر اجتهاد العباد في تحريها ويقوموا ليالي الشهر كلها لطلبها ؛ فتحصل لهم كثرة العمل وكثرة الأجر ، وليتميز المجد من الكسلان ؛ فاجتهدوا رحمكم الله في هذه العشر التي هي ختام الشهر وأيام الإعتاق من النار ، كما في حديث : ( إنه شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) .
فالمسلم الذي وفقه الله للعمل في هذه الشهر ، ومرت عليه مواسم الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، وقام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا حري أن يفوز بكل خيرات هذا الشهر ونفحاته ، فينال الدرجات العالية ، بما أسلفه في الأيام الخالية .
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال يعملها فيها :
- منها إحياء لياليها بالتهجد والقيام .
- ومنها أنه كان يوقظ أهله للصلاة وكل صغير وكبير يطيق الصلاة . وهذا شيء أهمله - اليوم - كثير من الناس مع أهلهم وأولادهم ؛ فيتركونهم يسهرون على اللعب واللهو يسرحون في الشوارع أو يجلسون في البيوت يشاهدون الأفلام والمسلسلات ، ويستمعون الأغاني والمزامير طيلة ليالي رمضان ، فلا يستفيدون منه إلا الآثام ، وإذا جاء النهار ناموا حتى عن أداء فرائض الصلوات ؛ لأنهم تربوا على عدم احترام رمضان ، وهذا نتيجة إهمال أوليائهم ، فبئست التربية وبئست الولاية ، وسيسألهم الله يوم القيامة عن إهمال رعيتهم ، وإضاعة مسؤوليتهم . قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كلكم راع ! وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
- ومن الأعمال التي كان - صلى الله عليه وسلم - يختص بها العشر الأواخر : الاعتكاف ، وهو لزوم المسجد للعبادة وعدم الخروج منه إلا لحاجة ضرورية ، ثم يرجع إليه . كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في هذه العشر قاطعًا لأشغاله ، وتفريغًا لباله ، وتخليًا لمناجاة ربه وذكره ودعائه ؛ فاجتهدوا - رحمكم الله - في هذه العشر التي هي ختام الشهر ، والتي هي أرجى ما يكون لموافقة ليلة القدر ، وأكثروا من الجلوس في المساجد للذكر وتلاوة القرآن إذا لم تتمكنوا من الاعتكاف : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) . [ آل عمران : 133 - 136 ] .
أيها الناس : اتقوا الله تعالى .
عباد الله : كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ، ثم بعد ذلك يهتمون بقبوله ويخافون من رده ، كما قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) . [ المؤمنون : 60 ] ، وقال تعالى : ( يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) . [ المائدة : 27 ] .
وبعض الناس - اليوم - على عكس هذا ؛ فمنهم من لا يتمم العمل ، فقد رأينا من ينشطون في أول الشهر ، ويفترون في آخره ، حتى ربما يكسلون عن صلاة الجماعة ، هؤلاء لا يستفيدون من رمضان ، ولا يتغير حالهم عما كانوا عليه قبله من الإساءة والعصيان ، والذي تفوته المغفرة في رمضان يكون محرومًا غاية الحرمان .
فقد صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ؛ فقال : ( آمين . آمين . آمين ) . قيل يا رسول الله : إنك صعدت المنبر فقلت : ( آمين . آمين . آمين . ) . فقال : ( إن جبريل أتاني ، فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله . قل : آمين . فقلت : آمين ) .
ومنهم من يسهر الليل على لغو الكلام أو جمع الحطام ، وينام على النهار عن أداء الصلوات في أوقاتها مع الجماعات ، مع الأمن من عقاب الله ؛ فأكثروا - عباد الله - من التوبة والاستغفار في هذه الأيام ، لتختموا بذلك شهركم وتستدركوا به تقصيركم ، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها ، فتختم به الصلاة ، والحج ، وشهر رمضان ، وقيام الليل ، وتختم به المجالس ، والله قد أمر بالاستغفار ، ووعد المستغفرين بالمغفرة إذا كان استغفارهم صادقًا ولم يكن استغفارًا باللسان فقط .
فاتقوا الله - عباد الله - ، ولا تأمنوا العقوبة ، ولا تقنطوا من الرحمة ، واعتصموا بكتاب ربكم وسنة نبيكم .
واعلموا : أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ ، شذ في النار .
واعلموا : أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ؛ فقال - عز وعلا - : ( إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .
الحمد لله رب العالمين ، أمر بالمسارعة إلى الخيرات ، واغتنام الأوقات قبل الفوات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وماله من الأسماء والصفات ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أول سابق الخيرات ، - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وأصحابه ذوي المناقب والكرامات ، وسلم تسليمًا كثيرًا . أما بعد :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، واعتبروا بسرعةِ مرور الليالي والأيام ، واعلموا أنها تحسب من آجالكم ، وأنها خزائن لأعمالكم ، فأودعوا فيها الأعمال ما يسركم عند الحساب ، يوم يقال للمحسنين : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) . [ الحاقة : 24 ] . لا تودعوا فيها ما يسوؤكم ويحزِنكم يوم يقول المفرط والمضيع : ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) . [ الفجر : 24 ] .
واعلموا - عباد الله - : أنكم الآن تعيشون في أفضل الأيام من شهر رمضان ، فقد استوفيتم العشرين الأول منه ، وها أنتم في العشر الأواخر ، فمن كان محسنًا من أول الشهر فليستمر على إحسانه ، وليضاعف من اجتهاده في هذه العشر المباركة ليزداد خيرًا على خير ، وليغنم فضيلة هذه الأيام التي تمتاز على الأيام السابقة . ومن كان مفرطًا فيما مضى من الشهر فليستدرك بقيته ، وليتب إلى الله من تفريطه وغفلته ، لعل الله يغفر له ما سلف ويوفقه فيما بقي ؛ لأن الأعمال بالخواتيم .
عباد الله : إن هذا الشهر يختلف عن غيره من الشهور ، وإن كانت حياة المسلم كلها فرصةً عظيمةً ، ودرةً نفيسة لا تقدر بقيمة ، لكن هذا الشهر خصه الله بفضائل ، وشرع فيه أعملاً لا توجد في غيره ، فأوجب صيام نهاره ، وجعله أحد أركان الإسلام ، واختص الصوم لنفسِه من بين سائر الأعمال ، فقال : ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ؛ فخص - سبحانه - الصيام بميزتين عظميتين :
- الأولى : إضافته إلى نفسه حيث قال - سبحانه - : ( الصوم لي ) ، وهذه الإضافة تقتضي تشريف الصيام .
- والثانية : أنه - سبحانه - هو الذي يتولى جزاء الصائم ، وذلك يقتضي عظم ثوابه وكثرته كثرةً لا يعلم مقدارها إلا الله .
وشرع - سبحانه - في هذا الشهر القيام في لياليه بصلاة التراويح جماعةً في المساجد ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن : ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) ، و ( أن من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . [ متفق عليه ] .
وهكذا نرى أن أوقات هذا الشهر مشغولة بالعبادة ، فنهاره صيام ، وليلة قيام ، وذلك ليجتمع للمؤمن جهادان : جهادٌ لنفسه بالنهار على الصيام ، وجهاد لها بالليلِ على القيام . والجهاد يحتاج إلى صبر ، ولهذا سمي هذا الشهر شهر الصبر ، وقد قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) . [ الزمر : 10 ] ؛ فمن جمع هذين الجهادين وصَبَرَ عليهما وفي أجره بغير حساب . أما الذي يترك صلاة التراويح تكاسلاً فقد عطل الليل مما خص به ولم يصبِر على أحد الجهادين ، وحرم نفسه من هذا الأجر العظيم . فليتنبه لذلك أناسٌ لا تراهم يصلون التراويح طول الشهر أو في أكثر الليالي ، وإن صلوا في بعض الليالي لم يكملوا ويواصلوا في بقيتها حتى يستوفوا قيام رمضان .
وشرع - سبحانه - في هذا الشهر المبارك الإكثار من تلاوة القرآن ، قال تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) . [ البقرة : 185 ] . فاختصاص إنزاله في هذا الشهر يقتضي اختصاصه بفضل التلاوة فيه ، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخص هذا الشهر بمزيد من تلاوة القرآن ؛ ففي " الصحيحين " : أن جبريل - عليه السلام - كان يلقى النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ليلة من شهر رمضان فيدارسه القرآن ؛ فجبريل أفضل الملائكة ، ومحمد أفضل الرسل يتدارسان بينهما أفضل الكتب في هذا الشهر الذي هو أفضل الشهور ، مما يدل على أفضلية التلاوة فيه ، على التلاوة في غيره من الشهور ، وإن كانت التلاوة مطلوبة في كل وقت وفيها أجر عظيم ، لكن أجرها يتضاعف في هذا الشهر أكثر من غيره ، كما تدل مدارسة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - على استحباب عرض الإنسان حفظَه للقرآن على من هو أحفظ له منه ليستفيد من إتقانه وقراءته .
وتلاوة القرآن في رمضان تشمل تلاوته في صلاة التراويح وصلاة التهجد ، وتلاوته من غير صلاة ، وقد كان الصحابة يطيلون القراءة في صلاة التهجد ، فكان القارئ منهم يقرأ بالمائتين في الركعة ، حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام ، وإنما ذكرنا هذا ليقتنع الذين ينفرون من إتمام الصلاة ويستثقلونها ، وإذا كان للإمام أن يراعي أحوال المأمومين فليس معنى هذا أنه ينقر الصلاة ويهذ القراءة هذا يخل بها ، وإنما المراد التوسط الذي يجمع بين إتقان الصلاة وعدم المشقة على المأمومين، مع القراءة المتقنة التي يستفيد منها المأموم وتؤثر على القلوب، وأن تكون الصلاة معتدلة متساوية من أول الشهر إلى آخره ؛ لأن بعض أئمة المساجد يسرع في القراءة ويطيل الصلاة في أول الشهر إلى أن يختم القرآن ، فإذا ختمه تساهل بالقيام في بقية ليالي الشهر التي هي من أفضل لياليه ، والتي هي ختامه ، وبعضهم يسافر في هذه الليالي للعمرة ويترك مسجده ، مع أن بقاءه في مسجده وإتقانه لصلاته في كل ليالي الشهر أفضل له من العمرة ، وليس المقصود من التراويح والتهجد في رمضان هو ختم القرآن وقراءة الدعاء المعد للختم ، وإنما المقصود شغل ليالي هذا الشهر كلها بالقيام ، والختمة تابعة وليست مقصودة ، فلو لم يختم القرآن مع إتقانه للصلاة في جميع الليالي مع النية الصالحة فأجره تام إن شاء الله ، ولو ختم القرآن مع الإخلال بالصلاة والقراءة أو مع ترك بقية الليالي ؛ فأجره ناقص بحسب نقص العمل .
ومما شرعه الله في هذا الشهر المبارك زيادة الاجتهاد في العشر الأواخر منه ؛ لأنها ليالي الإعتاق من النار لمن استحقوا دخول النار إذا تابوا من ذنوبهم واجتهدوا في هذه الليالي التي كان اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - يتزايد فيها ، فكان يحييها بالتهجد والقيام ، وكان يعتكف في المساجد للتفرغ لعبادة في هذه الليالي والأيام ؛ ففي الاجتهاد فيها اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعمل بقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ) . [ الأحزاب : 21 ] . أي : العمل في هذه الليلة خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقيامها إنما يحصل يقينًا بالقيام في كل ليالي الشهر ، ولا سيما ليالي العشر الأواخر ؛ فهي أرجى لتحريها وآكد لموافقتها ؛ فهي لم تحدد في ليلة معينة من الشهر ؛ لأن الله - سبحانه - أخفاها لأجل أن يكثر اجتهاد العباد في تحريها ويقوموا ليالي الشهر كلها لطلبها ؛ فتحصل لهم كثرة العمل وكثرة الأجر ، وليتميز المجد من الكسلان ؛ فاجتهدوا رحمكم الله في هذه العشر التي هي ختام الشهر وأيام الإعتاق من النار ، كما في حديث : ( إنه شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) .
فالمسلم الذي وفقه الله للعمل في هذه الشهر ، ومرت عليه مواسم الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، وقام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا حري أن يفوز بكل خيرات هذا الشهر ونفحاته ، فينال الدرجات العالية ، بما أسلفه في الأيام الخالية .
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال يعملها فيها :
- منها إحياء لياليها بالتهجد والقيام .
- ومنها أنه كان يوقظ أهله للصلاة وكل صغير وكبير يطيق الصلاة . وهذا شيء أهمله - اليوم - كثير من الناس مع أهلهم وأولادهم ؛ فيتركونهم يسهرون على اللعب واللهو يسرحون في الشوارع أو يجلسون في البيوت يشاهدون الأفلام والمسلسلات ، ويستمعون الأغاني والمزامير طيلة ليالي رمضان ، فلا يستفيدون منه إلا الآثام ، وإذا جاء النهار ناموا حتى عن أداء فرائض الصلوات ؛ لأنهم تربوا على عدم احترام رمضان ، وهذا نتيجة إهمال أوليائهم ، فبئست التربية وبئست الولاية ، وسيسألهم الله يوم القيامة عن إهمال رعيتهم ، وإضاعة مسؤوليتهم . قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كلكم راع ! وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
- ومن الأعمال التي كان - صلى الله عليه وسلم - يختص بها العشر الأواخر : الاعتكاف ، وهو لزوم المسجد للعبادة وعدم الخروج منه إلا لحاجة ضرورية ، ثم يرجع إليه . كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في هذه العشر قاطعًا لأشغاله ، وتفريغًا لباله ، وتخليًا لمناجاة ربه وذكره ودعائه ؛ فاجتهدوا - رحمكم الله - في هذه العشر التي هي ختام الشهر ، والتي هي أرجى ما يكون لموافقة ليلة القدر ، وأكثروا من الجلوس في المساجد للذكر وتلاوة القرآن إذا لم تتمكنوا من الاعتكاف : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) . [ آل عمران : 133 - 136 ] .
أيها الناس : اتقوا الله تعالى .
عباد الله : كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ، ثم بعد ذلك يهتمون بقبوله ويخافون من رده ، كما قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) . [ المؤمنون : 60 ] ، وقال تعالى : ( يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) . [ المائدة : 27 ] .
وبعض الناس - اليوم - على عكس هذا ؛ فمنهم من لا يتمم العمل ، فقد رأينا من ينشطون في أول الشهر ، ويفترون في آخره ، حتى ربما يكسلون عن صلاة الجماعة ، هؤلاء لا يستفيدون من رمضان ، ولا يتغير حالهم عما كانوا عليه قبله من الإساءة والعصيان ، والذي تفوته المغفرة في رمضان يكون محرومًا غاية الحرمان .
فقد صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ؛ فقال : ( آمين . آمين . آمين ) . قيل يا رسول الله : إنك صعدت المنبر فقلت : ( آمين . آمين . آمين . ) . فقال : ( إن جبريل أتاني ، فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله . قل : آمين . فقلت : آمين ) .
ومنهم من يسهر الليل على لغو الكلام أو جمع الحطام ، وينام على النهار عن أداء الصلوات في أوقاتها مع الجماعات ، مع الأمن من عقاب الله ؛ فأكثروا - عباد الله - من التوبة والاستغفار في هذه الأيام ، لتختموا بذلك شهركم وتستدركوا به تقصيركم ، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها ، فتختم به الصلاة ، والحج ، وشهر رمضان ، وقيام الليل ، وتختم به المجالس ، والله قد أمر بالاستغفار ، ووعد المستغفرين بالمغفرة إذا كان استغفارهم صادقًا ولم يكن استغفارًا باللسان فقط .
فاتقوا الله - عباد الله - ، ولا تأمنوا العقوبة ، ولا تقنطوا من الرحمة ، واعتصموا بكتاب ربكم وسنة نبيكم .
واعلموا : أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ ، شذ في النار .
واعلموا : أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ؛ فقال - عز وعلا - : ( إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .
- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
رد: أهم الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
الخميس 10 سبتمبر 2009, 16:35
يقول الله تبارك وتعالى : { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيَرة } (القصص 68) ، وقد اختار سبحانه العشر الأواخر من شهر من رمضان ، من بين سائر أيام الشهر ، وخصها بمزيد من الفضل وعظيم الأجر .
فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها ، تقول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) رواه مسلم .
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجَدَّ وشدَّ المئزر ) رواه مسلم .
فكان يوقظ أهله في هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة ، قال ابن رجب : " ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه " .
وشد المئزر هو كناية عن ترك الجماع واعتزال النساء، والجد والاجتهاد في العبادة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .
وما ذلك إلا تفرغاً للعبادة ، وقطعاً للشواغل والصوارف ، وتحرياً لليلة القدر ، هذه الليلة الشريفة المباركة ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر ، فقال سبحانه : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( القدر 3) .
في هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والسعداء والأشقياء ، والآجال والأرزاق ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ( الدخان 4) .
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد ، ليكثروا من العبادة ، ويجتهدوا في العمل ، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها ، ومن كان عاجزاً مفرطاً ، فإن من حرص على شيء جد في طلبه ، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه .
هذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الأوتار أرجى وآكد ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) ، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري .
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) رواه أبو داود .
فاحرص أخي المسلم على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم ، واجتهد في هذه الأيام والليالي ، وتعرض لنفحات الرب الكريم المتفضل ، عسى أن تصيبك نفحة من نفحاته لا تشقى بعدها أبداً ، وأكثر من الدعاء والتضرع ، وخصوصاً الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه أحمد وغيره .
اللهم وفقنا لقيام رمضان عامة وقيام ليلة القدر خاصة ، واجعلنا فيها من المقبولين الفائزين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها ، تقول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) رواه مسلم .
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجَدَّ وشدَّ المئزر ) رواه مسلم .
فكان يوقظ أهله في هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة ، قال ابن رجب : " ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه " .
وشد المئزر هو كناية عن ترك الجماع واعتزال النساء، والجد والاجتهاد في العبادة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .
وما ذلك إلا تفرغاً للعبادة ، وقطعاً للشواغل والصوارف ، وتحرياً لليلة القدر ، هذه الليلة الشريفة المباركة ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر ، فقال سبحانه : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( القدر 3) .
في هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والسعداء والأشقياء ، والآجال والأرزاق ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ( الدخان 4) .
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد ، ليكثروا من العبادة ، ويجتهدوا في العمل ، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها ، ومن كان عاجزاً مفرطاً ، فإن من حرص على شيء جد في طلبه ، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه .
هذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الأوتار أرجى وآكد ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) ، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري .
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) رواه أبو داود .
فاحرص أخي المسلم على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم ، واجتهد في هذه الأيام والليالي ، وتعرض لنفحات الرب الكريم المتفضل ، عسى أن تصيبك نفحة من نفحاته لا تشقى بعدها أبداً ، وأكثر من الدعاء والتضرع ، وخصوصاً الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه أحمد وغيره .
اللهم وفقنا لقيام رمضان عامة وقيام ليلة القدر خاصة ، واجعلنا فيها من المقبولين الفائزين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى