أغلى بيضة في الموروث الجزائري

لا تزال العادات قائمة بعدة قرى من منطقة القبائل بمكافأة الطفل الذي يصوم لأول مرة يوما من رمضان ببيضة مسلوقة يقوم بأكلها لدى آذان المغرب وهو جالس على الرافدة الأساسية للبيت العائلي، والجدير بالذكر أن البيضة كانت تعتبر مكافأة ثمينة إلى وقت غير بعيد في المنطقة مما يعني أن لديها رمزية كبيرة بالنسبة للطفل الصائم الذي لم يصل بعد سن البلوغ ويلتزم بإتمام يومه والوفاء بالوعد الذي قطعه لوالديه، ويمثل هذه الوعد تحديا كبيرا للطفل الذي يريد أن يبرهن للكبار عن صبره على الجوع والعطش وأن هذا الانجاز ليس مقتصرا عليهم فقط وليس لديه أي علاقة مع سن الشخص حسب ما يظنه الجميع، ويعبر الطفل الذي يلزم نفسه بالامتناع عن الأكل والشرب في عمر مبكرة عن احتياج لإثبات شخصيته وأنه جدير باهتمام الكبار كما ينم عن تعبير ضمني منه لمنحه مقعدا ضمن المائدة العائلية الرمضانية التي يبعده منها الأهل ولا يسمح له الاقتراب منها إلا بعد انتهاء وقت الإفطار مثلما هو الحال في عدة مناطق، وبعد سماعه لآذان المغرب يسرع الطفل بالصعود إلى سقف البيت أو الشرفة للقيام أخيرا بأكل بيضته الثمينة تحت أعين والديه الفخورين بانجازه هذا قبل أن يلتحق بالعائلة على مائدة الإفطار الذي أضحت لديها نكهة خاصة واستحق الجلوس إليها بجدارة بعد يوم كامل من الحرمان من المأكل و الشراب، أما إذا تعلق الأمر بفتاة فإنها تأكل تحت عتبة باب البيت بعد غسل قدميها وهي رمزية تنذر أن "الحجلة" لن تمكث طويلا تحت جناح والدها وأنها ستطير يوما إلى بيت الزوجية.