- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
ملف الشروق: المساجد توزّع زكاة الفطر بمبلغ مليون سنتيم لكل فقير
الأحد 13 سبتمبر 2009, 11:25
زكاة الفطر توفر لفقراء الجزائر أكثر من 360 مليار سنتيم هذا العام
خبراء الاقتصاد يؤكدون أن الزكاة هي الحل لمشاكلنا الاقتصادية
من يسيّر الزكاة في الجزائر؟، وزارة الشؤون الدينية، المساجد، أم العائلات كل حسب ""رغباتها" ونظرتها للتوزيع العادل لزكاة عيد الفطر؟، هل نجحت وزارة الشؤون الدينية في "إقناع" الجزائريين بجدوى "تمويل" صناديقها للزكاة؟، هل يثق الجزائريون في هذه الصناديق "الرسمية"؟..
*
لماذا ثارت الثائرة في وقت سابق بين غلام الله والشيخ بوعمران حول الزكاة، فوصل الحدّ بهذا الأخير إلى القول بأن أموال الزكاة لا تحتاج إلى وساطة بين الفقير والغني؟، هل يزكي الجزائري نقدا أم بما يعوض قيمة الزكاة كل سنة؟، كيف تحدد زكاة عيد الفطر، ومن المسؤول عن تحديدها وضبط قيمتها؟، لماذا ترفض العديد من العائلات "تسليم" زكاتها للجهات الرسمية والوصية: هل هو إنعدام الثقة، أم لأن الجزائري تسكنه "التغنانت" ويركبه مرض الشك واللاثقة؟ من يتحمل وزر المتسولين المزيفين والمحتاجين الوهميين الذين يزاحمون الفقراء أمام الجوامع من أجل الإستفادة من "غلاف مالي" مستنبط من عائدات زكاة الفطر أو الزكاة بصفة عامة؟، كيف ينظر الجزائريون إلى الزكاة وعلى من يوزعونها وهل يعتمد الجزائري على الوساطة و"البيسطو" في توزيع ما يجب عليه من "فطرة" ينبغي عليه إخراجها قبل صلاة العيد؟، لماذا يفضل الجزائري منح زكاته للأقربين، هل لأنهم أولى بالمعروف، أم لأنه لا يثق في كل الفقراء والمحتاجين؟، من يتحمل مسؤولية مراقبة المتسولين و"تنظيمهم" ومعاقبة النصابين والمحتالين منهم ممن حوّلوا أموال الصدقات والزكاة إلى "مداخيل" وريوع وغنائم تستثمر في ما لا علاقة له بالوجهة المحددة لـ "المساعدات" الموجهة لإعانة الفقير والمحتاج واليتيم؟، هل توزيع المساجد لمبلغ مليون سنتيم على الفقراء في إطار زكاة الفطر، سيفرح المحتاجين، أم أنه سيفرّخ معوزين إفتراضيين؟، وهل جمع ما قيمته 360 مليار سنتيم من الأموال الموجهة للزكاة، دليل قطعي على أن الجزائري مازال وفيّا لأحد أركان دينه الحنيف رغم الشبهات والتخويفات والشكوك التي تسبب فيها دخلاء وإنتهازيون "ما يحللوا ما يحرموا"؟، وحرّض العديد من الجزائريين على توزيع الزكاة والصدقات في صمت وفي سرية تامة حتى يكتمل الأجر ويجنب نفسه شبهة البحث عن الشهرة وإستخدام هذا الحق والواجب لتحقيق أهداف وأغراض تشترى وتباع في المزاد والمناقصة؟.
*
عائلات ترفض تسليم أموالها لوزارة الشؤون الدينية
*
يفضل الجزائريون صرف زكاة فطرهم مباشرة لمستحقيها دون المرور عبر قناة وزارة الشؤون الدينية.. هذه هي حصيلة مواقف عدد من الجزائريين استطلعت آراءهم "الشروق اليومي"، بشأن تعاطيهم مع طلبات الوزارة الوصية، التي دعت المواطنين إلى تقديم زكاتهم للمساجد القريبة منهم.
*
شرعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في جمع زكاة فطر الجزائريين منذ منتصف رمضان المعظم على مستوى المساجد، ودعت بهذه المناسبة المواطنين إلى تسليم زكواتهم لأئمة المساجد أو بوضعها في صناديق الزكاة، بهدف تنظيم توزيعها وإيصالها إلى مستحقيها.. فكيف تعاطى الجزائريون مع هذه الدعوة، ولماذا؟ هذه الأسئلة طرحتها "الشروق" على عينة من المواطنين، فكيف كان ردهم؟.
*
اتفق كل من تم استطلاعهم انهم يفضلون دفع زكاة الفطر مباشرة لمستحقيها، رافضين تسليمها للوزارة الوصية، فيما تباينت أسباب ذلك، تارة بعدم ثقتهم في الوزارة الوصية وتارة أخرى لحرصهم على الاحتفاظ بها "لأولي القربى"، وفي هذا الصدد، يقول جمال.خ، "لم يسبق لي أن سلمت زكاة الفطر لوزارة الشؤون الدينية، بل أعمد في كل مرة إلى تسليمها للوالدة، وهي من تقوم بصرفها لمن يستحقها"، ويبرر جمال هذا الموقف بأن "الوالدة تعرف جيدا من هم بحاجة ماسة إلى زكاة الفطر، وفي ذلك تحقيق لأحد أهم ركائز هذه السنة النبوية الشريفة".
*
وعلى هذا الموقف سار رياض.ح، الذي يؤكد بدوره "أسلم طريقة لوصول زكاة الفطر إلى أصحابها، هو أن يقوم مخرجها شخصيا بصرفها إلى من يراهم يستحقونها"، وعن خلفيات هذا الموقف يضيف محدثنا، "لم أعد أثق في الكثير، أخشى أن تصبح زكاتي بين أيدي من لا يخافون الله، ولذلك أحرص على دفعها لمن أرى أنهم بحاجة إليها".
*
"الأقربون أولى بالمعروف" هو شعار "عمي السعيد" الذي اعتاد سنويا على تقديم زكاة فطر عائلته إلى بعض أقاربه المعوزين، والحال كذلك بالنسبة لـ (عمار.م)، وكلاهما يؤكدان بأنهما لم يسبق لهما وأن قدما زكاة الفطر لصندوق الزكاة، انطلاقا من يقينهما بأن ما يقومان به لا يتعارض مع السنة النبوية، طالما أن المستفيدين منها، هم في عمومهم معارفهم الفقراء.
*
وبرغم كثرة المستطلع آرائهم بخصوص هذه القضية، إلا أنه لم يتم العثور ولو على واحد من المستجوبين عبر عن تجاوبه مع دعوة الوزارة الوصية، والأمر يتعلق بعاملين، الأول يتعلق بغياب الثقة في المؤسسة الرسمية، والثاني يتمثل في الحرص على الاحتفاظ بها لذوي القربى، وهو أمر يمكن حصره في احتمالين، الأول يتعلق بعدم تعود الجزائريين ورفضهم لتدخل الدولة عن طريق الوزارة الوصية، في جمع زكاة الفطر وإعادة توزيعها على مستحقيها، والثاني في تشبثهم بعادات وتقاليد ضاربة في أعماق هذا المجتمع المسلم، الذي لا يرى في زكاة الفطر مجرد سنة، وانما فعل اجتماعي تضامني للعائلات الممتدة، سيما في الأرياف.
*
متسولون يتزاحمون على "الفطرة" أمام المساجد وفقراء يبحثون عنها بالبيوت
*
بدأت العديد من العائلات الفقيرة والمتسولين في طرق أبواب الجزائريين للتوصية بترك "زكاة الفطر" لها، وعدم منحها لشخص آخر، على أن تعود لأخذها عندما تكون "الفطرة" جاهزة، وتبدأ هذه العائلات رحلة جمع الزكاة التي تقوم بها نساء أو الرجال والمسنون وأطفال من خلال طرق الأبواب، يطوفون على الأحياء والشوارع بيتا بيتا طلبا للزكاة، وليس في الأحياء الراقية فقط، بل حتى الأحياء الفقيرة والبيوت القصديرية يطرقون أبوابها على اعتبار أن الزكاة مفروضة شرعا على الفقراء والأغنياء وليس على الأغنياء فقط.
*
ورصت "الشروق" ظاهرة غريبة توسعت وانتشرت أكثر السنة الماضية، وهذه السنة من خلال أقارب وأصدقاء وجيران وموظفين يطلبون الفطرة من بعضهم البعض، ويتبادلون فيما بينهم، وبعضهم يوصي بالفطرة لابنته المتزوجة لأن زوجها لا يتقاضى أجرا كافيا، في حين أن العديد من الميسورين يفضلون منح زكاة الفطر للمتسولين الذين يعثرون عليهم في الشوارع ومواقف السيارات، ومحطات القطارات، والساحات العمومية أو أمام الذين يصطفون في طوابير طويلة أمام المساجد، في حين تفضل العديد من العائلات إعطاء "الفطرة" إلى أقاربها الفقراء، حتى وإن كانوا يقطنون بمدينة أخرى عملا بمبدأ "الأقربون أولى بالمعروف"، أو تمنحها للفقراء والمعوزين الذين يعرفهم أحد أفراد العائلة ولكنهم لا يسألون الناس.
*
وقال "نور الدين.م"، ببرج الكيفان سأعطيها إلى جاري فهو أحق بها، وقد تعودت على منحه إيّاها منذ سنوات لأن وضعيته لم تتحسن بعد، فيما لم يخف آخر بأنه سيعطيها لأحد أقاربه تطبيقا للآية الكريمة "وأولي القربى أولى بالمعروف".
*
وترفض العديد من العائلات إعطاء زكاة الفطر للمتسولين الذين يبسطون أيدهم في الشوارع والساحات العمومية لقناعتها بأن هؤلاء يستغلون العاطفة الدينية للعائلات الجزائرية لاستنزاف مالها، أو للحصول على جزء من الزكاة في حين أنهم قد لا يستحقونها تماما، أوهناك من هو بحاجة إليها أكثر منهم، وتفضل هذه العائلات منح الزكاة لدور العجزة والأيتام والأرامل أو لباعة المطلوع والديول والمعدنوس في الشوارع والطرقات.
*
سفارة الإمارات في الجزائر توّزع زكاة الفطرعلى 400 أسرة
*
بينما وزعت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالجزائر كسوة العيد وزكاة الفطر على 400 أسرة تابعة لجمعية المسنين والعجزة بالجزائر العاصمة وجمعيات المعاقين ودار الأيتام والعديد من العائلات الفقيرة بقيمة 5000 دينار جزائري، وساهم في هذه المبادرة كل من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الخيرية وهيئة الهلال الأحمر ودار البر بدبي وجمعية الرحمة للأعمال الخيرية وجمعية الشارقة الخيرية، وفي الإطار نفسه وزعت السفارة 10 أطنان من التمور الإماراتية على المساجد والجمعيات العاملة في الجزائر التي أشادت بهذه المبادرة في هذا الشهر الكريم.
*
تجربة ناجحة لبنك البركة في إدارة زكاة الجزائريين
*
نجحت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الاستفادة من الخبرة التي يتوفر عليها بنك البركة في مجال جمع وإدارة واستثمار أموال الزكاة في الكثير من البلدان الإسلامية التي يعمل بها البنك، منها البحرين والسعودية والسودان باكستان وتركيا، ومنذ تأسيس مشروع صندوق الزكاة تمكنت الوزارة وبنك البركة من إطلاق مئات المشاريع المصغرة وفق صيغة القرض الحسن في العديد من الولايات، وهو ما سمح بانتشال عائلات من براثن الفقر والفاقة.
*
وتم تأسيس الصندوق سنة 2003، في سياق البرامج الوطنية لمكافحة الفقر وإيجاد طرق لمواجهته كون الزكاة إحدى الركائز المهمة في محاربة آفة الفقر والتسوّل ودعم التنمية الاجتماعية ضمن منظومة اقتصادية متكاملة، تبدأ بالبحث عن العمل ونبذ العجز والكسل وتنتهي بإعانة المدين، وتقرر إنشاء الصندوق حتى لا تكون زكاة الجزائريين مجرد دريهمات متناثرة بين الفقراء لا تسد رمقا ولا ترد مشكلا، وهو ما دفع بالجزائر إلى اقتفاء أثر العديد من البلدان الإسلامية حتى يكون المسعى منظما تحت رعاية وإشراف الدولة، وفق ما جاء في الأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم فمن بر لنفسه ومن أثم فعليها" فالدولة تملك الوسائل التي تسمح لها بجمع و توزيع أموال الزكاة، وخاصة أن الفكرة في الجزائر تعود إلى سنوات الثمانينات من القرن الماضي عندما كان الشيخ عبد الرحمان شيبان وزيرا للشؤون الدينية، الذي قدم وقتئذ مشروع قانون للحكومة ليعرض على البرلمان، لكن المشروع ظل حبيس أدراج البرلمان بتواطؤ من أطراف تغريبية ترفض فسح المجال لأبواب الخير وفق منظور الاقتصاد الإسلامي، وظل الحال على ذلك إلى غاية إعادة طرح الفكرة مجددا من طرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الحالي أبو عبد الله غلام الله سنة 2002، بعد تحديد المرجعية القانونية للصندوق والمتمثلة في المادة 2 من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة بالإضافة إلى قانون مؤسسة المسجد الذي يحدد مهام هذه المؤسسة ومنها جمع وتوزيع الزكاة، ثم المرسوم الرئاسي الذي ينص على أنه من مهام الوزير: إقامة الشعائر الدينية، والزكاة كما يعرف الجميع هي ركن أساسي من أركان هذا الدين.
*
وقررت الحكومة استحداث صندوق استثمار جزء من أموال الزكاة التي يتم تحصيلها، بالتعاون مع بنك البركة الجزائري. وترجم ذلك باتفاقية التعاون بين الزكاة وبنك البركة، وتطور الأمر إلى استحداث قانون ينظم الزكاة، وهو ما قامت به الوزارة التي تعمل على أن تتم إدارة الزكاة من طرف هيئة مستقلة تضمن احترام خصوصية دافعي الزكاة وعدم التصريح بهم لإدارة الضرائب بناء على مبدأ طوعية إخراج الزكاة وجمعها وفق المذاهب الأربعة والاجتهاد المعاصر، والحرص على أن دفع الزكاة لا يلغي الضريبة، وتشمل الزكاة النقود والذهب والفضة والزرع والثمار والحيوان وزكاة عروض التجارة والأسهم والسندات ومختلف الأوراق المالية والشركات التجارية، على أن يتم التيسير في جمعها عن طريق الحسابات البريدية والبنكية الجارية ومؤسسات المسجد على المستوى المحلي والوطني، مع ضمان قبول الحولات غير الاسمية حتى لا يكون حرج للناس.
*
وتقرر صرف الزكاة وفق الطرق المتعارف عليها تاريخيا وهي زكاة القوت واستثمار جزء من الأموال كلما تجاوزت المبالغ التي تجمع 500 مليون سنتيم، مع ضمان تغطية تكاليف العملية وفق القواعد الشرعية. ويتم توجيه 50 % من مبلغ الزكاة للفقراء والمساكين عندما يفوق المبلغ 500 مليون سنتيم، و12.5 % سهم للعاملين عليها وتكاليف العملية ويوجه 37.5 % للاستثمار والقرض الحسن وهي العملية التي استفاد منها العشرات من الشباب البطال على المستوى الوطني لتأسيس مؤسسات مصغرةّ، وإنشاء شركات مصغرة لسيارات الأجرة تحت تسمية "طاكسي وقف" قبل سنة. ويتم تخصيص 87.5 % للفقراء والمساكين عندما يقل المبلغ عن نصف مليار، و12.5 % من المبلغ للعاملين عليها وتكاليف العملية، ومعروف أن عملية الزكاة تتمتع بإعفاءات جبائية دائمة بما فيها النشاطات الاستثمارية التي تتم عن طريق القرض الحسن الخاصة بإنشاء المؤسسات المصغرة المذكورة.
*
الجمعيات الخيرية ممنوعة من جمع أموال الزكاة
*
تمنع وزارة الداخلية والجماعات المحلية على الجمعيات الخيرية الفاعلة في المجتمع المدني جمع أموال الزكاة والتصرف فيها أو توزيعها بأي حال من الأحوال ومهما كانت دوافعها، ويأت هذا القرار انطلاقا من تخوّف استخدام هذه الأموال في طرق غير قانونية، كتمويل نشاطات الجماعات المسلحة، وذكر عدد من الأئمة "للشروق" أن المساجد لوحدها مخوّل لها جمع أموال الزكاة والتصرف فيها، ولن يكون ذلك إلا بقرار من قبل وزارة الشؤون الدينية، وأن توزيعها على الفقراء والمحتاجين لا يكون إلا لمستحقيها وذلك تفاديا لوقوعها في أيدي أشخاص يستعملونها في غير وجه حق، وكشف هؤلاء أن هذه الجمعيات ستخضع حساباتها ونشاطاتها إلى عملية تقنين ومباشرة تحقيقات أولية حول مصادر تمويلها، وفي هذا أكد أحد أعضاء لجان جمع أموال الزكاة أن زكاة الفطر تعرضت خلال الأعوام الماضية إلى ضغط أشخاص مشبوهين جمعوا أموالا بأسماء جمعيات تحت مبرر العمل الخيري، وأحيانا أداء فريضة الزكاة، لكنها كانت توجه لعمليات غير قانونية كأن تصب في أرصدة حسابات تابعة لأحزاب سياسية.
*
المساجد توزّع زكاة بمبلغ مليون سنتيم على كل فقير
*
على نقيض السنوات الماضية، ارتأت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف هذه المرة أن تسن سنة جديدة في كيفيات جمع زكاة الفطر وتوزيعها، بعد أن كانت عملية فردية تخضع لخيارات أصحابها، تحاول الدائرة الوزارية لغلام الله إضفاء الطابع التنظيمي عليها، وذلك من خلال توجيهها تعليمة لمساجد ولايات الجمهورية ترخص لهم بجمع زكاة الفطر بداية من منتصف الشهر الكريم على أن تتوقف العملية في الـ27 منه ليشرع في عملية توزيعها على الفقراء، وينتظر أن يصل مقدار الزكاة التي ستوزعها المساجد على الفقراء 10 آلاف دينار، فيما ستتولى العملية لجان بكل المساجد يشرف عليها إمام المسجد تحت مسؤولية المدير الولائي للشؤون الدينية.
*
إضفاء الطابع النظامي والتنظيمي على زكاة الفطر التي ظلت طيلة السنوات الماضية، إرادية واختيارية تخضع لخيارات الأشخاص الواجبة عليهم دون الغير، كان بحاجة إلى ضمانات ووضع ترتيبات تكون بمثابة "العربون" الذي يقدم للجزائريين حتى يقتنعوا بتفويض المسؤولين على بيوت الله مهمة توصيل زكاتهم لمستحقيها، وضمن هذا السياق قال عدة فلاحي، المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية أن الوزارة وجهت تعليمة واضحة لكل المساجد تبين فيها الخطوات التنظيمية لعملية إخراج زكاة الفطر عبر هذه القناة الجديدة.
*
ومن بين الضمانات أو الإجراءات التنظيمية التي وضعتها الوزارة يقول مستشار غلام الله، أنه تقرر تشكيل لجان خاصة تفوض مهمة تسيير صناديق الزكاة، وهنا يشترط أشخاص ذوي خبرة على أن تشكل اللجنة في كل مسجد يشرف على عملها إمام المسجد، وتعتمد على سجلات خاصة لرصد كل عملية إخراج زكاة تدخل الصندوق، ويتم تسجيل العملية بتقييد اسم المزكي والمبلغ الذي دخل الصندوق، وتكون عملية التقييد في السجلات بمثابة آلية من آليات الرقابة المحاسبية، وإن تقرر الانطلاق في جمع الزكاة بداية من منتصف شهر رمضان، فإن العملية ستتوقف في ليلة السابع والعشرين منه، وهو ما يعني أن جمع زكاة الفطر يستغرق 13 يوما، وقد تقرر وقف العملية عند هذا التاريخ حتى يتم الشروع في توسيع الزكاة.
*
ويوضح الناطق باسم وزارة الشؤون الدينية أنه لوقت مضى كان يعمل على جمع زكاة الفطر وتمنح للإمام أو المقرئ، غير أن هذه الخطوة ترمي إلى تفعيل دور المسجد وإخراجه من دائرة الأدوار التقليدية إلى مجال النشاط الاجتماعي والتكافل ويراد أساسا من العملية تحقيق تراكم لمبالغ المزكين على اعتبار أنها تحددت بمقدار 100 دينار نقدا حتى يتم جمع مبالغ كبيرة، وتسمح للجان المعنية بتوزيعها على فقراء الحي بتمكينهم من زكاة تصل الى 10 آلاف دينار، وهي مبالغ قد تكون الأولى من نوعها التي تصل عند هذا المقدار، على اعتبار أن المبالغ التي تخرجها الأسر الجزائرية لا تصل عند هذا الحد.
*
وسيتم الاعتماد على تدوين وتسجيل كل مبلغ يخرج من الصندوق في السجلات التي توضع تحت تصرف لجان المساجد على أن يتم تسجيل اسم الشخص المستفيد في هذه السجلات، التي ستقع المسؤولية فيها في كل الأحوال على المدير الولائي للشؤون الدينية على اعتبار أنه ممثل الوصاية إقليميا، كما تطرق محدثنا الى إمكانية تحويل الأموال التي جمعت بمسجد في اتجاه مسجد آخر على اعتبار اختلاف المستويات المعيشية بين الأحياء.
*
وبالنظر الى أن وزارة الشؤون الدينية تعي جيدا أن الجزائريين لا يثقون في صناديقها حتى تكون مسلكا آمنا لزكاتهم، فإنها تسعى لإطلاق تطمينات بخصوص العملية، وتؤكد أن إشراف اللجان عليها، وتقيدها بمدة زمنية، سيقف جدارا منيعا أمام التلاعبات والنهب والتحويل، فهل سيقتنع الجزائريون بتطمينات وضمانات وزارة الشؤون الدينية؟.
*
زكاة المهاجرين لا تقل عن 200 مليون أورو لا تعود للمعوزين بالجزائر
*
تكشف الأرقام المتحصل عليها أن زكاة عيد الفطر لدى مجموع الجزائريين لا تقل في مجملها عن رقم 360 مليار سنتيم، فيما تصل أرقام زكاة المهاجرين في المهجر إلى 200 مليون يورو، هذا المبلغ لا يعود منه شيء للمعوزين في أرض الوطن ويجهل أيضا وجهته فيما يقدر عدد المحتاجين لهذه الزكاة بما لا يقل عن 3 ملايين معوّز.
*
كشف عدد من الأئمة والمختصين في زكاة عيد الفطر المبارك من بينهم الدكتور مسدور خبير صندوق الزكاة وعضو لجنة توزيع زكاة عيد الفطر وأحد مستشاري البنك الإسلامي الإفريقي، أن زكاة الجزائريين لهذا الموسم لن تقل عن 360 مليار سنتيم، بعد رفع قيمة زكاة الفرد الواحد إلى 100 دينار، هذا الرقم حسب نفس المتحدث يكفي ليوّزع على مجموع ثلاث ملايين معوّز ومحتاج إذا ما ذهب إلى صندوق الزكاة، بحيث يقسم لينال كل محتاج مبلغ 5000 دينار، غير أن محدثنا أكد أن ما يدخل صناديق الزكاة لا يزيد عن 30 مليار سنتيم، مما يعني أن 330 مليار سنتيم توّزع من قبل الجزائريين حسب معارفهم دون المرور على الصناديق المسجدية، التي تم إنشاؤها منذ عام 2003، ويوّزع هذا المبلغ أيضا بطريقة فوضوية، وذلك حسب قول الأستاذ مسدور راجع لمشكلة الثقة بين الجزائري وهذه الصناديق، وفي هذا السياق كشف المتحدث أن قيمة الزكاة التي تدخل الصناديق انخفضت من 65 مليار سنتيم لعام 2007 إلى 40 مليار سنتيم لعام 2008.
*
ويصل حسب نفس المتحدث مجموع تراكمات صندوق الزكاة منذ إنشائه عام 2003 إلى غاية 2008 إلى رقم 295 مليار سنتيم، ومع إضافة ما سيدخل إليه لعام 2009 قد يصل إلى 345 مليار سنتيم في زكاة المال فقط ومع إضافة مبلغ زكاة عيد الفطر يصبح المبلغ 462 مليار سنتيم، وهذه الأموال ليست كلها زكاة، فهي تجمع بين الزكاة والصدقات والتبرعات.
*
كما تكشف الأرقام المتحصل عليها أن زكاة الجزائريين في الخارج، أنه يمكن أن تصل إلى 200 مليون دولار على أقل تقدير ممكن، وفي هذا يكشف نبيل مسدور أنه بالارتكاز إلى تحويلات الجزائريين الرسمية وغير الرسمية، والتي بلغت سنة 2008 أكثر من 3 مليار دولار، فإن زكاة الجالية المقيمة في فرنسا لوحدها لا تقل عن 100 مليون أورو، ويؤكد نبيل مسدور أن كل العرب والمسلمين يحولون زكاة أموالهم لدولهم على غرار دولة مصر التي استطاعت أن تبني مستشفى خاص بأمراض السرطان من هبات ما يجمع من زكاة أبنائها والمسلمين في الخارج، فيما زكاة الجزائريين تبقى وجهتها غير مسيرة بطريقة مبنية بحيث تعود على المعوّزين في أرض الوطن.
*
من جهة أخرى كشف الدكتور نبيل مسدور، خبير الزكاة والأوقاف بالبنك العالمي الإسلامي، أن الجزائر لا تحصل سوى على واحد بالمائة من أموال الزكاة الواجب دفعها، فيما قدر القيمة الحقيقية لهذه الأموال بـ 60.5 مليار دينار، ومن النقائص التي تحسب على صندوق الزكاة المتحدث هو نشاطه في مواسم الجمع فقط دون باقي الأيام.
*
زكاة الحول فريضة قرنت بالصلاة وزكاة الفطر قرنت بالصيام
*
تفيد النصوص الشرعية الدينية إلزامية الزكاة على كل مالك للأموال والنصاب المحدد سنويا بالنسبة لزكاة الحول، فيما تبقى زكاة الفطر ملزمة لكل من يملك قوت يومه، وقد فرضت الأولى بنصوص قرآنية صريحة في محكم التنزيل وفرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية استخراجا من نصوص قرآنية ملمحة.
*
وفي ذات السياق، أكد، محمد الشريف قاهر، عضو المجلس الإسلامي الأعلى المكلف بالفتوى، في تصريح لـ"الشروق"، بأن الزكاة فريضة إسلامية منصوص عليها في القواعد الخمسة قرنت بالصلاة وهي ركن يتبع مباشرة الصلاة ويسبق الصيام في أركان الإسلام الخمسة، أي توسطت أركان الإسلام في عقيدة المسلمين، واستدل بقول الله تعالى "وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة"، وكذا "وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ".
*
وقال الدكتور محمد الشريف قاهر بأن الزكاة الخاصة بالحول والتي تقدم من المال المكتسب، توجب على المستطيع المالك للنصاب ولا يشترط فيها الكبير أو الصغير، وأوضح أن النظر يكون للمال وليس إلى صاحب المال، وأنه إذا وصل مقدار المال النصاب المحدد يجب أن يزكي صاحبه، ويشترط فيه مرور الحول على ذلك المال، وبالنسبة للحبوب يشترط زكاته عند حصاده، وأفاد قاهر بأن زكاة الحول تقدم لثمانية فئات المذكورين في القرآن كالآتي "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل".
*
وقال عضو المجلس الإسلامي الأعلى بأن زكاة الفطر فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ليس لها نص صريح في القرآن، وإنما آيات يستخرج منها حكم كقوله "وذكر اسم ربه فصلى"، وهي "تجب على كل مسلم يستوي الصحيح والمريض والمقيم والمسافر"، مضيفا "ويخرجها الفرد على نفسه وعلى من تجب عليه النفقة، من يوم غروب الشمس في آخر يوم من رمضان إلى يوم العيد، ولا بأس أن تقدم بيوم أو يومين من قبل ورخص بذلك الفقهاء".
*
وأكد المتحدث أنها تعطى لفئتين اثنتين فقط، للفقراء والمساكين عكس الأولى التي تعطى لثمانية، وهي طهرة للصائم ولقمة للسائل المحروم والفقير المسكين، تقاس بأربعة أمداد وتجب على كل مولود يولد قبل غروب شمس ذلك اليوم إلى دخول يوم العيد، ويقول الفقهاء حتى قبل الفجر لحظة قبل الفجر، وآخرون غروب شمس ليلة العيد، ويعفى منها إلا من لا يملك قوت يومه، حيث يبقى الصيام معلق بين السماء والأرض إلا بعد زكاة الفطر، ويمكن للفقير أن يعطيها ويأخذها من الآخرين، ويستحب أنه من لا يملك قدرة اليوم بذاته يطلبها.
*
ماهي الزكاة؟
*
الزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا والتي تعني النماء والطهارة والبركة وسميت الزكاة لأنها بحسب المعتقد الإسلامي تزيد في المال الذي أخرجت منه، وتقيه الآفات، كما قال ابن تيمية: نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو، يَطْهُر ويزيد في المعنى. أما تعريفها اصطلاحاً فهي الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغنى، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام.
*
"لا واسطة بين المُزكي والفقير".. هذا هو الخلاف بين بوعمران وغلام الله
*
تسببت قضية تعاطي الجزائريين مع صندوق الزكاة، وأوجه صرف أموال المزكين من طرف وزارة الشؤون الدينية، في خلاف بين الوزير بوعبد الله غلام الله ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بوعمران الشيخ، وصل حتى أعمدة الصحف.
*
وسبب هذا الخلاف يكمن في فتوى أصدرها المجلس الإسلامي الأعلى تؤكد "حرمة" استثمار أموال الزكاة، ومما قاله بوعمران في هذا الصدد:"أنا لم أفت بعدم جواز استثمار أموال الزكاة، وإنّما لديّ لجنة في المجلس الإسلامي الأعلى فيها فقهاء مؤهلون هم الذين أفتوا بحرمان استثمار أموال الزكاة، أما غلام الله فلديه لُجينات تظهر مرّة وتنطفئ مرات أخرى"، وذلك ردا على تصريح لوزير الشؤون الدينية قال من خلاله إن بوعمران ليس مفتيا حتى يصدر فتوى حرمة استثمار أموال الزكاة.
*
ومما قاله بوعمران بخصوص صندوق الزكاة "لقد ثبت أن الشعب الجزائري لا يثق في هذا الصندوق، لأنه مقتنع بالآية 60 من سورة التوبة، وأنا أقول بأنّه لا واسطة بين المُزكي والفقير، فالجزائري ظل دائما يعطي زكاته لأقاربه الفقراء أو للفقراء الذين يعرفهم ولم يعتمد على واسطة أبدا."
*
وتابع "إذا أرادت الوزارة أن تستثمر، فلديها أوقافها ولها كل الحق في التصرّف فيها، وأن تترك أموال الزكاة لمستحقيها".
*
رجل أعمال جزائري في "ليون" الفرنسية زكى 25 مليون أورو من أمواله
*
حددت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تعليمات وزارية تؤكد على أن لا يترك أي دينار في الصناديق المسجدية، أي يجب فتح هذه الصناديق يوميا بحضور اللجنة المشرفة على جمع الزكاة في المسجد، وفي هذا أكد نبيل مسدور "للشروق" إلا أن هذه التعليمة لا تحترم، حيث تسجل المساجد ما لا يقل عن 10 محاولات سطو على الصناديق المسجدية في كل سنة من غرباء وحتى أئمة.
*
وقال المتحدث أن الصناديق المسجدية عبر عدد من المساجد تطالها أيدي السرقة و تضم مبالغ معتبرة، لا سيما تلك التي تأتي في شكل صدقات، وأكد المتحدث أن بعض الأئمة يرتكبون تجاوزات في حقها، لكن عدد هؤلاء قليل جدا، وتفاديا لعمليات السرقة أقرت وزارة الشؤون الدنية والأوقاف على أن لا يترك أي دينار في الصناديق عشية كل يوم بأن يحوّل كل مبلغ إلى الحساب البريدي الخاص بصناديق الزكاة.
*
من جهة أخرى، يطرح في الجزائر مشكلة المعوّزين والمحتاجين وعلى غرار قفة رمضان ومحفظة المدرسة تطال أموال الزكاة أيضا قوائم مزيّفة لمحتاجين ومعوّزين وهميين يرغبون في أخذ بعض الأموال من الزكاة، وفي هذا أكد عدد من الأئمة وأعضاء لجان تجميع أموال الزكاة، أن عددا كبيرا من المعوزين والمحتاجين يصطفون بعد كل صلاة من مطالبة الإمام بتسجيل أنفسهم ضمن المحتاجين، وعن عدد المحتاجين أو من تجب فيهم الزكاة فهو رقم محل مضاربة بين رقم 3 ملايين محتاج، فيما تشير أرقام غير رسمية إلى أن عدد الفقراء في الجزائر يحدد بـ حوالي 6 ملايين فقير، ومدخول هؤلاء محدد بأقل من 2 دولار يوميا.
*
وذكر مسدور "للشروق" أن أحد رجال الأعمال الجزائريين في مدينة ليون الفرنسية تبرع بـ 25 مليون يورو كزكاة من أمواله، مؤكدا أن عدد من رجال الأعمال يتبرعون بمبالغ عالية جدا يتواجدون خارج أرض الوطن، لكن لمن تذهب زكاة هؤلاء؟.
*
هذا وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف كلفت أئمة المساجد بالتعاون مع رؤساء اللجان الدينية المسجدية عبر الوطن بالشروع في جمع زكاة الفطر ابتداء من منتصف شهر رمضان على أن توّزع على مستحقيها الذين أحصتهم لجان صندوق الزكاة يوما أو يومين قبل عيد الفطر المبارك.
خبراء الاقتصاد يؤكدون أن الزكاة هي الحل لمشاكلنا الاقتصادية
من يسيّر الزكاة في الجزائر؟، وزارة الشؤون الدينية، المساجد، أم العائلات كل حسب ""رغباتها" ونظرتها للتوزيع العادل لزكاة عيد الفطر؟، هل نجحت وزارة الشؤون الدينية في "إقناع" الجزائريين بجدوى "تمويل" صناديقها للزكاة؟، هل يثق الجزائريون في هذه الصناديق "الرسمية"؟..
*
لماذا ثارت الثائرة في وقت سابق بين غلام الله والشيخ بوعمران حول الزكاة، فوصل الحدّ بهذا الأخير إلى القول بأن أموال الزكاة لا تحتاج إلى وساطة بين الفقير والغني؟، هل يزكي الجزائري نقدا أم بما يعوض قيمة الزكاة كل سنة؟، كيف تحدد زكاة عيد الفطر، ومن المسؤول عن تحديدها وضبط قيمتها؟، لماذا ترفض العديد من العائلات "تسليم" زكاتها للجهات الرسمية والوصية: هل هو إنعدام الثقة، أم لأن الجزائري تسكنه "التغنانت" ويركبه مرض الشك واللاثقة؟ من يتحمل وزر المتسولين المزيفين والمحتاجين الوهميين الذين يزاحمون الفقراء أمام الجوامع من أجل الإستفادة من "غلاف مالي" مستنبط من عائدات زكاة الفطر أو الزكاة بصفة عامة؟، كيف ينظر الجزائريون إلى الزكاة وعلى من يوزعونها وهل يعتمد الجزائري على الوساطة و"البيسطو" في توزيع ما يجب عليه من "فطرة" ينبغي عليه إخراجها قبل صلاة العيد؟، لماذا يفضل الجزائري منح زكاته للأقربين، هل لأنهم أولى بالمعروف، أم لأنه لا يثق في كل الفقراء والمحتاجين؟، من يتحمل مسؤولية مراقبة المتسولين و"تنظيمهم" ومعاقبة النصابين والمحتالين منهم ممن حوّلوا أموال الصدقات والزكاة إلى "مداخيل" وريوع وغنائم تستثمر في ما لا علاقة له بالوجهة المحددة لـ "المساعدات" الموجهة لإعانة الفقير والمحتاج واليتيم؟، هل توزيع المساجد لمبلغ مليون سنتيم على الفقراء في إطار زكاة الفطر، سيفرح المحتاجين، أم أنه سيفرّخ معوزين إفتراضيين؟، وهل جمع ما قيمته 360 مليار سنتيم من الأموال الموجهة للزكاة، دليل قطعي على أن الجزائري مازال وفيّا لأحد أركان دينه الحنيف رغم الشبهات والتخويفات والشكوك التي تسبب فيها دخلاء وإنتهازيون "ما يحللوا ما يحرموا"؟، وحرّض العديد من الجزائريين على توزيع الزكاة والصدقات في صمت وفي سرية تامة حتى يكتمل الأجر ويجنب نفسه شبهة البحث عن الشهرة وإستخدام هذا الحق والواجب لتحقيق أهداف وأغراض تشترى وتباع في المزاد والمناقصة؟.
*
عائلات ترفض تسليم أموالها لوزارة الشؤون الدينية
*
يفضل الجزائريون صرف زكاة فطرهم مباشرة لمستحقيها دون المرور عبر قناة وزارة الشؤون الدينية.. هذه هي حصيلة مواقف عدد من الجزائريين استطلعت آراءهم "الشروق اليومي"، بشأن تعاطيهم مع طلبات الوزارة الوصية، التي دعت المواطنين إلى تقديم زكاتهم للمساجد القريبة منهم.
*
شرعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في جمع زكاة فطر الجزائريين منذ منتصف رمضان المعظم على مستوى المساجد، ودعت بهذه المناسبة المواطنين إلى تسليم زكواتهم لأئمة المساجد أو بوضعها في صناديق الزكاة، بهدف تنظيم توزيعها وإيصالها إلى مستحقيها.. فكيف تعاطى الجزائريون مع هذه الدعوة، ولماذا؟ هذه الأسئلة طرحتها "الشروق" على عينة من المواطنين، فكيف كان ردهم؟.
*
اتفق كل من تم استطلاعهم انهم يفضلون دفع زكاة الفطر مباشرة لمستحقيها، رافضين تسليمها للوزارة الوصية، فيما تباينت أسباب ذلك، تارة بعدم ثقتهم في الوزارة الوصية وتارة أخرى لحرصهم على الاحتفاظ بها "لأولي القربى"، وفي هذا الصدد، يقول جمال.خ، "لم يسبق لي أن سلمت زكاة الفطر لوزارة الشؤون الدينية، بل أعمد في كل مرة إلى تسليمها للوالدة، وهي من تقوم بصرفها لمن يستحقها"، ويبرر جمال هذا الموقف بأن "الوالدة تعرف جيدا من هم بحاجة ماسة إلى زكاة الفطر، وفي ذلك تحقيق لأحد أهم ركائز هذه السنة النبوية الشريفة".
*
وعلى هذا الموقف سار رياض.ح، الذي يؤكد بدوره "أسلم طريقة لوصول زكاة الفطر إلى أصحابها، هو أن يقوم مخرجها شخصيا بصرفها إلى من يراهم يستحقونها"، وعن خلفيات هذا الموقف يضيف محدثنا، "لم أعد أثق في الكثير، أخشى أن تصبح زكاتي بين أيدي من لا يخافون الله، ولذلك أحرص على دفعها لمن أرى أنهم بحاجة إليها".
*
"الأقربون أولى بالمعروف" هو شعار "عمي السعيد" الذي اعتاد سنويا على تقديم زكاة فطر عائلته إلى بعض أقاربه المعوزين، والحال كذلك بالنسبة لـ (عمار.م)، وكلاهما يؤكدان بأنهما لم يسبق لهما وأن قدما زكاة الفطر لصندوق الزكاة، انطلاقا من يقينهما بأن ما يقومان به لا يتعارض مع السنة النبوية، طالما أن المستفيدين منها، هم في عمومهم معارفهم الفقراء.
*
وبرغم كثرة المستطلع آرائهم بخصوص هذه القضية، إلا أنه لم يتم العثور ولو على واحد من المستجوبين عبر عن تجاوبه مع دعوة الوزارة الوصية، والأمر يتعلق بعاملين، الأول يتعلق بغياب الثقة في المؤسسة الرسمية، والثاني يتمثل في الحرص على الاحتفاظ بها لذوي القربى، وهو أمر يمكن حصره في احتمالين، الأول يتعلق بعدم تعود الجزائريين ورفضهم لتدخل الدولة عن طريق الوزارة الوصية، في جمع زكاة الفطر وإعادة توزيعها على مستحقيها، والثاني في تشبثهم بعادات وتقاليد ضاربة في أعماق هذا المجتمع المسلم، الذي لا يرى في زكاة الفطر مجرد سنة، وانما فعل اجتماعي تضامني للعائلات الممتدة، سيما في الأرياف.
*
متسولون يتزاحمون على "الفطرة" أمام المساجد وفقراء يبحثون عنها بالبيوت
*
بدأت العديد من العائلات الفقيرة والمتسولين في طرق أبواب الجزائريين للتوصية بترك "زكاة الفطر" لها، وعدم منحها لشخص آخر، على أن تعود لأخذها عندما تكون "الفطرة" جاهزة، وتبدأ هذه العائلات رحلة جمع الزكاة التي تقوم بها نساء أو الرجال والمسنون وأطفال من خلال طرق الأبواب، يطوفون على الأحياء والشوارع بيتا بيتا طلبا للزكاة، وليس في الأحياء الراقية فقط، بل حتى الأحياء الفقيرة والبيوت القصديرية يطرقون أبوابها على اعتبار أن الزكاة مفروضة شرعا على الفقراء والأغنياء وليس على الأغنياء فقط.
*
ورصت "الشروق" ظاهرة غريبة توسعت وانتشرت أكثر السنة الماضية، وهذه السنة من خلال أقارب وأصدقاء وجيران وموظفين يطلبون الفطرة من بعضهم البعض، ويتبادلون فيما بينهم، وبعضهم يوصي بالفطرة لابنته المتزوجة لأن زوجها لا يتقاضى أجرا كافيا، في حين أن العديد من الميسورين يفضلون منح زكاة الفطر للمتسولين الذين يعثرون عليهم في الشوارع ومواقف السيارات، ومحطات القطارات، والساحات العمومية أو أمام الذين يصطفون في طوابير طويلة أمام المساجد، في حين تفضل العديد من العائلات إعطاء "الفطرة" إلى أقاربها الفقراء، حتى وإن كانوا يقطنون بمدينة أخرى عملا بمبدأ "الأقربون أولى بالمعروف"، أو تمنحها للفقراء والمعوزين الذين يعرفهم أحد أفراد العائلة ولكنهم لا يسألون الناس.
*
وقال "نور الدين.م"، ببرج الكيفان سأعطيها إلى جاري فهو أحق بها، وقد تعودت على منحه إيّاها منذ سنوات لأن وضعيته لم تتحسن بعد، فيما لم يخف آخر بأنه سيعطيها لأحد أقاربه تطبيقا للآية الكريمة "وأولي القربى أولى بالمعروف".
*
وترفض العديد من العائلات إعطاء زكاة الفطر للمتسولين الذين يبسطون أيدهم في الشوارع والساحات العمومية لقناعتها بأن هؤلاء يستغلون العاطفة الدينية للعائلات الجزائرية لاستنزاف مالها، أو للحصول على جزء من الزكاة في حين أنهم قد لا يستحقونها تماما، أوهناك من هو بحاجة إليها أكثر منهم، وتفضل هذه العائلات منح الزكاة لدور العجزة والأيتام والأرامل أو لباعة المطلوع والديول والمعدنوس في الشوارع والطرقات.
*
سفارة الإمارات في الجزائر توّزع زكاة الفطرعلى 400 أسرة
*
بينما وزعت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالجزائر كسوة العيد وزكاة الفطر على 400 أسرة تابعة لجمعية المسنين والعجزة بالجزائر العاصمة وجمعيات المعاقين ودار الأيتام والعديد من العائلات الفقيرة بقيمة 5000 دينار جزائري، وساهم في هذه المبادرة كل من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الخيرية وهيئة الهلال الأحمر ودار البر بدبي وجمعية الرحمة للأعمال الخيرية وجمعية الشارقة الخيرية، وفي الإطار نفسه وزعت السفارة 10 أطنان من التمور الإماراتية على المساجد والجمعيات العاملة في الجزائر التي أشادت بهذه المبادرة في هذا الشهر الكريم.
*
تجربة ناجحة لبنك البركة في إدارة زكاة الجزائريين
*
نجحت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الاستفادة من الخبرة التي يتوفر عليها بنك البركة في مجال جمع وإدارة واستثمار أموال الزكاة في الكثير من البلدان الإسلامية التي يعمل بها البنك، منها البحرين والسعودية والسودان باكستان وتركيا، ومنذ تأسيس مشروع صندوق الزكاة تمكنت الوزارة وبنك البركة من إطلاق مئات المشاريع المصغرة وفق صيغة القرض الحسن في العديد من الولايات، وهو ما سمح بانتشال عائلات من براثن الفقر والفاقة.
*
وتم تأسيس الصندوق سنة 2003، في سياق البرامج الوطنية لمكافحة الفقر وإيجاد طرق لمواجهته كون الزكاة إحدى الركائز المهمة في محاربة آفة الفقر والتسوّل ودعم التنمية الاجتماعية ضمن منظومة اقتصادية متكاملة، تبدأ بالبحث عن العمل ونبذ العجز والكسل وتنتهي بإعانة المدين، وتقرر إنشاء الصندوق حتى لا تكون زكاة الجزائريين مجرد دريهمات متناثرة بين الفقراء لا تسد رمقا ولا ترد مشكلا، وهو ما دفع بالجزائر إلى اقتفاء أثر العديد من البلدان الإسلامية حتى يكون المسعى منظما تحت رعاية وإشراف الدولة، وفق ما جاء في الأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم فمن بر لنفسه ومن أثم فعليها" فالدولة تملك الوسائل التي تسمح لها بجمع و توزيع أموال الزكاة، وخاصة أن الفكرة في الجزائر تعود إلى سنوات الثمانينات من القرن الماضي عندما كان الشيخ عبد الرحمان شيبان وزيرا للشؤون الدينية، الذي قدم وقتئذ مشروع قانون للحكومة ليعرض على البرلمان، لكن المشروع ظل حبيس أدراج البرلمان بتواطؤ من أطراف تغريبية ترفض فسح المجال لأبواب الخير وفق منظور الاقتصاد الإسلامي، وظل الحال على ذلك إلى غاية إعادة طرح الفكرة مجددا من طرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الحالي أبو عبد الله غلام الله سنة 2002، بعد تحديد المرجعية القانونية للصندوق والمتمثلة في المادة 2 من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة بالإضافة إلى قانون مؤسسة المسجد الذي يحدد مهام هذه المؤسسة ومنها جمع وتوزيع الزكاة، ثم المرسوم الرئاسي الذي ينص على أنه من مهام الوزير: إقامة الشعائر الدينية، والزكاة كما يعرف الجميع هي ركن أساسي من أركان هذا الدين.
*
وقررت الحكومة استحداث صندوق استثمار جزء من أموال الزكاة التي يتم تحصيلها، بالتعاون مع بنك البركة الجزائري. وترجم ذلك باتفاقية التعاون بين الزكاة وبنك البركة، وتطور الأمر إلى استحداث قانون ينظم الزكاة، وهو ما قامت به الوزارة التي تعمل على أن تتم إدارة الزكاة من طرف هيئة مستقلة تضمن احترام خصوصية دافعي الزكاة وعدم التصريح بهم لإدارة الضرائب بناء على مبدأ طوعية إخراج الزكاة وجمعها وفق المذاهب الأربعة والاجتهاد المعاصر، والحرص على أن دفع الزكاة لا يلغي الضريبة، وتشمل الزكاة النقود والذهب والفضة والزرع والثمار والحيوان وزكاة عروض التجارة والأسهم والسندات ومختلف الأوراق المالية والشركات التجارية، على أن يتم التيسير في جمعها عن طريق الحسابات البريدية والبنكية الجارية ومؤسسات المسجد على المستوى المحلي والوطني، مع ضمان قبول الحولات غير الاسمية حتى لا يكون حرج للناس.
*
وتقرر صرف الزكاة وفق الطرق المتعارف عليها تاريخيا وهي زكاة القوت واستثمار جزء من الأموال كلما تجاوزت المبالغ التي تجمع 500 مليون سنتيم، مع ضمان تغطية تكاليف العملية وفق القواعد الشرعية. ويتم توجيه 50 % من مبلغ الزكاة للفقراء والمساكين عندما يفوق المبلغ 500 مليون سنتيم، و12.5 % سهم للعاملين عليها وتكاليف العملية ويوجه 37.5 % للاستثمار والقرض الحسن وهي العملية التي استفاد منها العشرات من الشباب البطال على المستوى الوطني لتأسيس مؤسسات مصغرةّ، وإنشاء شركات مصغرة لسيارات الأجرة تحت تسمية "طاكسي وقف" قبل سنة. ويتم تخصيص 87.5 % للفقراء والمساكين عندما يقل المبلغ عن نصف مليار، و12.5 % من المبلغ للعاملين عليها وتكاليف العملية، ومعروف أن عملية الزكاة تتمتع بإعفاءات جبائية دائمة بما فيها النشاطات الاستثمارية التي تتم عن طريق القرض الحسن الخاصة بإنشاء المؤسسات المصغرة المذكورة.
*
الجمعيات الخيرية ممنوعة من جمع أموال الزكاة
*
تمنع وزارة الداخلية والجماعات المحلية على الجمعيات الخيرية الفاعلة في المجتمع المدني جمع أموال الزكاة والتصرف فيها أو توزيعها بأي حال من الأحوال ومهما كانت دوافعها، ويأت هذا القرار انطلاقا من تخوّف استخدام هذه الأموال في طرق غير قانونية، كتمويل نشاطات الجماعات المسلحة، وذكر عدد من الأئمة "للشروق" أن المساجد لوحدها مخوّل لها جمع أموال الزكاة والتصرف فيها، ولن يكون ذلك إلا بقرار من قبل وزارة الشؤون الدينية، وأن توزيعها على الفقراء والمحتاجين لا يكون إلا لمستحقيها وذلك تفاديا لوقوعها في أيدي أشخاص يستعملونها في غير وجه حق، وكشف هؤلاء أن هذه الجمعيات ستخضع حساباتها ونشاطاتها إلى عملية تقنين ومباشرة تحقيقات أولية حول مصادر تمويلها، وفي هذا أكد أحد أعضاء لجان جمع أموال الزكاة أن زكاة الفطر تعرضت خلال الأعوام الماضية إلى ضغط أشخاص مشبوهين جمعوا أموالا بأسماء جمعيات تحت مبرر العمل الخيري، وأحيانا أداء فريضة الزكاة، لكنها كانت توجه لعمليات غير قانونية كأن تصب في أرصدة حسابات تابعة لأحزاب سياسية.
*
المساجد توزّع زكاة بمبلغ مليون سنتيم على كل فقير
*
على نقيض السنوات الماضية، ارتأت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف هذه المرة أن تسن سنة جديدة في كيفيات جمع زكاة الفطر وتوزيعها، بعد أن كانت عملية فردية تخضع لخيارات أصحابها، تحاول الدائرة الوزارية لغلام الله إضفاء الطابع التنظيمي عليها، وذلك من خلال توجيهها تعليمة لمساجد ولايات الجمهورية ترخص لهم بجمع زكاة الفطر بداية من منتصف الشهر الكريم على أن تتوقف العملية في الـ27 منه ليشرع في عملية توزيعها على الفقراء، وينتظر أن يصل مقدار الزكاة التي ستوزعها المساجد على الفقراء 10 آلاف دينار، فيما ستتولى العملية لجان بكل المساجد يشرف عليها إمام المسجد تحت مسؤولية المدير الولائي للشؤون الدينية.
*
إضفاء الطابع النظامي والتنظيمي على زكاة الفطر التي ظلت طيلة السنوات الماضية، إرادية واختيارية تخضع لخيارات الأشخاص الواجبة عليهم دون الغير، كان بحاجة إلى ضمانات ووضع ترتيبات تكون بمثابة "العربون" الذي يقدم للجزائريين حتى يقتنعوا بتفويض المسؤولين على بيوت الله مهمة توصيل زكاتهم لمستحقيها، وضمن هذا السياق قال عدة فلاحي، المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية أن الوزارة وجهت تعليمة واضحة لكل المساجد تبين فيها الخطوات التنظيمية لعملية إخراج زكاة الفطر عبر هذه القناة الجديدة.
*
ومن بين الضمانات أو الإجراءات التنظيمية التي وضعتها الوزارة يقول مستشار غلام الله، أنه تقرر تشكيل لجان خاصة تفوض مهمة تسيير صناديق الزكاة، وهنا يشترط أشخاص ذوي خبرة على أن تشكل اللجنة في كل مسجد يشرف على عملها إمام المسجد، وتعتمد على سجلات خاصة لرصد كل عملية إخراج زكاة تدخل الصندوق، ويتم تسجيل العملية بتقييد اسم المزكي والمبلغ الذي دخل الصندوق، وتكون عملية التقييد في السجلات بمثابة آلية من آليات الرقابة المحاسبية، وإن تقرر الانطلاق في جمع الزكاة بداية من منتصف شهر رمضان، فإن العملية ستتوقف في ليلة السابع والعشرين منه، وهو ما يعني أن جمع زكاة الفطر يستغرق 13 يوما، وقد تقرر وقف العملية عند هذا التاريخ حتى يتم الشروع في توسيع الزكاة.
*
ويوضح الناطق باسم وزارة الشؤون الدينية أنه لوقت مضى كان يعمل على جمع زكاة الفطر وتمنح للإمام أو المقرئ، غير أن هذه الخطوة ترمي إلى تفعيل دور المسجد وإخراجه من دائرة الأدوار التقليدية إلى مجال النشاط الاجتماعي والتكافل ويراد أساسا من العملية تحقيق تراكم لمبالغ المزكين على اعتبار أنها تحددت بمقدار 100 دينار نقدا حتى يتم جمع مبالغ كبيرة، وتسمح للجان المعنية بتوزيعها على فقراء الحي بتمكينهم من زكاة تصل الى 10 آلاف دينار، وهي مبالغ قد تكون الأولى من نوعها التي تصل عند هذا المقدار، على اعتبار أن المبالغ التي تخرجها الأسر الجزائرية لا تصل عند هذا الحد.
*
وسيتم الاعتماد على تدوين وتسجيل كل مبلغ يخرج من الصندوق في السجلات التي توضع تحت تصرف لجان المساجد على أن يتم تسجيل اسم الشخص المستفيد في هذه السجلات، التي ستقع المسؤولية فيها في كل الأحوال على المدير الولائي للشؤون الدينية على اعتبار أنه ممثل الوصاية إقليميا، كما تطرق محدثنا الى إمكانية تحويل الأموال التي جمعت بمسجد في اتجاه مسجد آخر على اعتبار اختلاف المستويات المعيشية بين الأحياء.
*
وبالنظر الى أن وزارة الشؤون الدينية تعي جيدا أن الجزائريين لا يثقون في صناديقها حتى تكون مسلكا آمنا لزكاتهم، فإنها تسعى لإطلاق تطمينات بخصوص العملية، وتؤكد أن إشراف اللجان عليها، وتقيدها بمدة زمنية، سيقف جدارا منيعا أمام التلاعبات والنهب والتحويل، فهل سيقتنع الجزائريون بتطمينات وضمانات وزارة الشؤون الدينية؟.
*
زكاة المهاجرين لا تقل عن 200 مليون أورو لا تعود للمعوزين بالجزائر
*
تكشف الأرقام المتحصل عليها أن زكاة عيد الفطر لدى مجموع الجزائريين لا تقل في مجملها عن رقم 360 مليار سنتيم، فيما تصل أرقام زكاة المهاجرين في المهجر إلى 200 مليون يورو، هذا المبلغ لا يعود منه شيء للمعوزين في أرض الوطن ويجهل أيضا وجهته فيما يقدر عدد المحتاجين لهذه الزكاة بما لا يقل عن 3 ملايين معوّز.
*
كشف عدد من الأئمة والمختصين في زكاة عيد الفطر المبارك من بينهم الدكتور مسدور خبير صندوق الزكاة وعضو لجنة توزيع زكاة عيد الفطر وأحد مستشاري البنك الإسلامي الإفريقي، أن زكاة الجزائريين لهذا الموسم لن تقل عن 360 مليار سنتيم، بعد رفع قيمة زكاة الفرد الواحد إلى 100 دينار، هذا الرقم حسب نفس المتحدث يكفي ليوّزع على مجموع ثلاث ملايين معوّز ومحتاج إذا ما ذهب إلى صندوق الزكاة، بحيث يقسم لينال كل محتاج مبلغ 5000 دينار، غير أن محدثنا أكد أن ما يدخل صناديق الزكاة لا يزيد عن 30 مليار سنتيم، مما يعني أن 330 مليار سنتيم توّزع من قبل الجزائريين حسب معارفهم دون المرور على الصناديق المسجدية، التي تم إنشاؤها منذ عام 2003، ويوّزع هذا المبلغ أيضا بطريقة فوضوية، وذلك حسب قول الأستاذ مسدور راجع لمشكلة الثقة بين الجزائري وهذه الصناديق، وفي هذا السياق كشف المتحدث أن قيمة الزكاة التي تدخل الصناديق انخفضت من 65 مليار سنتيم لعام 2007 إلى 40 مليار سنتيم لعام 2008.
*
ويصل حسب نفس المتحدث مجموع تراكمات صندوق الزكاة منذ إنشائه عام 2003 إلى غاية 2008 إلى رقم 295 مليار سنتيم، ومع إضافة ما سيدخل إليه لعام 2009 قد يصل إلى 345 مليار سنتيم في زكاة المال فقط ومع إضافة مبلغ زكاة عيد الفطر يصبح المبلغ 462 مليار سنتيم، وهذه الأموال ليست كلها زكاة، فهي تجمع بين الزكاة والصدقات والتبرعات.
*
كما تكشف الأرقام المتحصل عليها أن زكاة الجزائريين في الخارج، أنه يمكن أن تصل إلى 200 مليون دولار على أقل تقدير ممكن، وفي هذا يكشف نبيل مسدور أنه بالارتكاز إلى تحويلات الجزائريين الرسمية وغير الرسمية، والتي بلغت سنة 2008 أكثر من 3 مليار دولار، فإن زكاة الجالية المقيمة في فرنسا لوحدها لا تقل عن 100 مليون أورو، ويؤكد نبيل مسدور أن كل العرب والمسلمين يحولون زكاة أموالهم لدولهم على غرار دولة مصر التي استطاعت أن تبني مستشفى خاص بأمراض السرطان من هبات ما يجمع من زكاة أبنائها والمسلمين في الخارج، فيما زكاة الجزائريين تبقى وجهتها غير مسيرة بطريقة مبنية بحيث تعود على المعوّزين في أرض الوطن.
*
من جهة أخرى كشف الدكتور نبيل مسدور، خبير الزكاة والأوقاف بالبنك العالمي الإسلامي، أن الجزائر لا تحصل سوى على واحد بالمائة من أموال الزكاة الواجب دفعها، فيما قدر القيمة الحقيقية لهذه الأموال بـ 60.5 مليار دينار، ومن النقائص التي تحسب على صندوق الزكاة المتحدث هو نشاطه في مواسم الجمع فقط دون باقي الأيام.
*
زكاة الحول فريضة قرنت بالصلاة وزكاة الفطر قرنت بالصيام
*
تفيد النصوص الشرعية الدينية إلزامية الزكاة على كل مالك للأموال والنصاب المحدد سنويا بالنسبة لزكاة الحول، فيما تبقى زكاة الفطر ملزمة لكل من يملك قوت يومه، وقد فرضت الأولى بنصوص قرآنية صريحة في محكم التنزيل وفرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية استخراجا من نصوص قرآنية ملمحة.
*
وفي ذات السياق، أكد، محمد الشريف قاهر، عضو المجلس الإسلامي الأعلى المكلف بالفتوى، في تصريح لـ"الشروق"، بأن الزكاة فريضة إسلامية منصوص عليها في القواعد الخمسة قرنت بالصلاة وهي ركن يتبع مباشرة الصلاة ويسبق الصيام في أركان الإسلام الخمسة، أي توسطت أركان الإسلام في عقيدة المسلمين، واستدل بقول الله تعالى "وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة"، وكذا "وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ".
*
وقال الدكتور محمد الشريف قاهر بأن الزكاة الخاصة بالحول والتي تقدم من المال المكتسب، توجب على المستطيع المالك للنصاب ولا يشترط فيها الكبير أو الصغير، وأوضح أن النظر يكون للمال وليس إلى صاحب المال، وأنه إذا وصل مقدار المال النصاب المحدد يجب أن يزكي صاحبه، ويشترط فيه مرور الحول على ذلك المال، وبالنسبة للحبوب يشترط زكاته عند حصاده، وأفاد قاهر بأن زكاة الحول تقدم لثمانية فئات المذكورين في القرآن كالآتي "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل".
*
وقال عضو المجلس الإسلامي الأعلى بأن زكاة الفطر فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ليس لها نص صريح في القرآن، وإنما آيات يستخرج منها حكم كقوله "وذكر اسم ربه فصلى"، وهي "تجب على كل مسلم يستوي الصحيح والمريض والمقيم والمسافر"، مضيفا "ويخرجها الفرد على نفسه وعلى من تجب عليه النفقة، من يوم غروب الشمس في آخر يوم من رمضان إلى يوم العيد، ولا بأس أن تقدم بيوم أو يومين من قبل ورخص بذلك الفقهاء".
*
وأكد المتحدث أنها تعطى لفئتين اثنتين فقط، للفقراء والمساكين عكس الأولى التي تعطى لثمانية، وهي طهرة للصائم ولقمة للسائل المحروم والفقير المسكين، تقاس بأربعة أمداد وتجب على كل مولود يولد قبل غروب شمس ذلك اليوم إلى دخول يوم العيد، ويقول الفقهاء حتى قبل الفجر لحظة قبل الفجر، وآخرون غروب شمس ليلة العيد، ويعفى منها إلا من لا يملك قوت يومه، حيث يبقى الصيام معلق بين السماء والأرض إلا بعد زكاة الفطر، ويمكن للفقير أن يعطيها ويأخذها من الآخرين، ويستحب أنه من لا يملك قدرة اليوم بذاته يطلبها.
*
ماهي الزكاة؟
*
الزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا والتي تعني النماء والطهارة والبركة وسميت الزكاة لأنها بحسب المعتقد الإسلامي تزيد في المال الذي أخرجت منه، وتقيه الآفات، كما قال ابن تيمية: نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو، يَطْهُر ويزيد في المعنى. أما تعريفها اصطلاحاً فهي الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغنى، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام.
*
"لا واسطة بين المُزكي والفقير".. هذا هو الخلاف بين بوعمران وغلام الله
*
تسببت قضية تعاطي الجزائريين مع صندوق الزكاة، وأوجه صرف أموال المزكين من طرف وزارة الشؤون الدينية، في خلاف بين الوزير بوعبد الله غلام الله ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بوعمران الشيخ، وصل حتى أعمدة الصحف.
*
وسبب هذا الخلاف يكمن في فتوى أصدرها المجلس الإسلامي الأعلى تؤكد "حرمة" استثمار أموال الزكاة، ومما قاله بوعمران في هذا الصدد:"أنا لم أفت بعدم جواز استثمار أموال الزكاة، وإنّما لديّ لجنة في المجلس الإسلامي الأعلى فيها فقهاء مؤهلون هم الذين أفتوا بحرمان استثمار أموال الزكاة، أما غلام الله فلديه لُجينات تظهر مرّة وتنطفئ مرات أخرى"، وذلك ردا على تصريح لوزير الشؤون الدينية قال من خلاله إن بوعمران ليس مفتيا حتى يصدر فتوى حرمة استثمار أموال الزكاة.
*
ومما قاله بوعمران بخصوص صندوق الزكاة "لقد ثبت أن الشعب الجزائري لا يثق في هذا الصندوق، لأنه مقتنع بالآية 60 من سورة التوبة، وأنا أقول بأنّه لا واسطة بين المُزكي والفقير، فالجزائري ظل دائما يعطي زكاته لأقاربه الفقراء أو للفقراء الذين يعرفهم ولم يعتمد على واسطة أبدا."
*
وتابع "إذا أرادت الوزارة أن تستثمر، فلديها أوقافها ولها كل الحق في التصرّف فيها، وأن تترك أموال الزكاة لمستحقيها".
*
رجل أعمال جزائري في "ليون" الفرنسية زكى 25 مليون أورو من أمواله
*
حددت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تعليمات وزارية تؤكد على أن لا يترك أي دينار في الصناديق المسجدية، أي يجب فتح هذه الصناديق يوميا بحضور اللجنة المشرفة على جمع الزكاة في المسجد، وفي هذا أكد نبيل مسدور "للشروق" إلا أن هذه التعليمة لا تحترم، حيث تسجل المساجد ما لا يقل عن 10 محاولات سطو على الصناديق المسجدية في كل سنة من غرباء وحتى أئمة.
*
وقال المتحدث أن الصناديق المسجدية عبر عدد من المساجد تطالها أيدي السرقة و تضم مبالغ معتبرة، لا سيما تلك التي تأتي في شكل صدقات، وأكد المتحدث أن بعض الأئمة يرتكبون تجاوزات في حقها، لكن عدد هؤلاء قليل جدا، وتفاديا لعمليات السرقة أقرت وزارة الشؤون الدنية والأوقاف على أن لا يترك أي دينار في الصناديق عشية كل يوم بأن يحوّل كل مبلغ إلى الحساب البريدي الخاص بصناديق الزكاة.
*
من جهة أخرى، يطرح في الجزائر مشكلة المعوّزين والمحتاجين وعلى غرار قفة رمضان ومحفظة المدرسة تطال أموال الزكاة أيضا قوائم مزيّفة لمحتاجين ومعوّزين وهميين يرغبون في أخذ بعض الأموال من الزكاة، وفي هذا أكد عدد من الأئمة وأعضاء لجان تجميع أموال الزكاة، أن عددا كبيرا من المعوزين والمحتاجين يصطفون بعد كل صلاة من مطالبة الإمام بتسجيل أنفسهم ضمن المحتاجين، وعن عدد المحتاجين أو من تجب فيهم الزكاة فهو رقم محل مضاربة بين رقم 3 ملايين محتاج، فيما تشير أرقام غير رسمية إلى أن عدد الفقراء في الجزائر يحدد بـ حوالي 6 ملايين فقير، ومدخول هؤلاء محدد بأقل من 2 دولار يوميا.
*
وذكر مسدور "للشروق" أن أحد رجال الأعمال الجزائريين في مدينة ليون الفرنسية تبرع بـ 25 مليون يورو كزكاة من أمواله، مؤكدا أن عدد من رجال الأعمال يتبرعون بمبالغ عالية جدا يتواجدون خارج أرض الوطن، لكن لمن تذهب زكاة هؤلاء؟.
*
هذا وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف كلفت أئمة المساجد بالتعاون مع رؤساء اللجان الدينية المسجدية عبر الوطن بالشروع في جمع زكاة الفطر ابتداء من منتصف شهر رمضان على أن توّزع على مستحقيها الذين أحصتهم لجان صندوق الزكاة يوما أو يومين قبل عيد الفطر المبارك.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى