''عقبة وملاقيها حدورة'

دقت الطبول، ورفعت الأعلام، وصرخت الحناجر، وبكت العيون، وفرحت القلوب ليس لشيء، سوى لأن ''الكرة'' تحولت إلى حاوي يسحر ويجعل المغبون يهلل وينسى، ولو لبعض الوقت، مآسيه وجوعه ومرضه·

قال حماري، أن آخر الأخبار قالت بوجود قتلى وجرحى، وحوادث مرور عديدة، خلال الإحتفالات بفوز المنتخب الوطني، حيث خرج الناس مهووسين بالفرح ·· مهمها كان الفرح، المهم أنهم سوف يصرخون ويفرغون كبتهم بهذه المناسبة السعيدة·

ثم تساءل بكل عفوية وتلقائية··

يا ترى، هل كل هذه المظاهر الدالة على الفرح، ناتجة عن الفرح فعلا··؟؟

لم أفهم حيرته·· يا حماري، أرجوك، لا تتفلسف في مثل هذه الأمور الواضحة، التي لا تحتاج إلى تفسير ·

ثم أنت، أيضا، كنت من بين المحتفلين، وصرخت حتى بح صوتك، وركضت في الشوارع كالمجنون حتى فقدت السيطرة على أقدامك الأربعة·· وهللت وغنيت و·· و··

زمجر حماري عاليا، بصوته الجهوري·· نعم، لا أنكر مدى فرحتي بالفوز المتتالي، الذي أعاد أمجاد الماضي، ولكن، أصدقك القول، أظن أن قوة بداخلي كانت تبعث في الصراخ·· كنت أبحث عن فرصة ما، من أجل الإنفجار، ووجدت ضالتي في الرياضة·· يعني ''عقبة وملاقيها حدورة''·· هذا لا يعني أني لم أفرح·· لا، ولكن كيف يفرح الشعب الجائع··؟؟

صرخت فيه·· أوه يا حماري، أرجوك، لا تربط المسألة بالسياسة، نحن نتكلم عن الكرة، لا تحاول أن تربط الأمور في بعضها وتقودنا إلى هوايتك المفضلة، وهي النميمة·

ثم، من قال لك أن الشعب جائع··؟؟

أنت هو الفنيان ··الكسول··لا تعمل وتنتظر من الدولة أن توصل لك الخبز إلى فمك!!

لم يحتمل حماري وصفه بالكسول·· وضرب بذيله طويلا، ثم قال·· أنا كسول؟؟ لم يحدث في التاريخ، كله، أن قيل عن أي حمار، مهما كانت جنسيته أو سنه أو مستواه الثقافي، أنه كسول·· أنتم البشر، كسالى·· تنافقون أنفسكم وترسمون معالم الفرح على وجوهكم المكفهرة، وترددون المثل ''اللي فالقلب فالقلب'' وتتشبثون بأي وهم ينسيكم واقعكم، ولو لدقائق!
لم أجبه·· ليس لأني لا أملك الإجابة، ولكن كنت على يقين من أن كلامه حقيقي، وأن أقنعة الفرح المؤقتة لن تنسينا الواقع، ولكن لمن تشكو إذا كان خصمك القاضي!



سميرة قبلي