- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
عندما تـُستدعى الكرامة: محمود شنب يعلق علي مباراة مصر والجزائر
الإثنين 07 ديسمبر 2009, 13:32
عندما تـُستدعى الكرامة: محمود شنب يعلق علي مباراة مصر والجزائر
ما الذى جعل القيامة تقوم فى مصر بعد مباراة الجزائر الأخيرة والتى انهزمنا فيها على أرض السودان الشقيق؟!!
ما هذا الشئ الذى جعل علاء مبارك يخرج عن صمته ويتحدث بعصبية وهمجية غير محسوبة على الهواء مباشرة عبر القنوات الفضائية المصرية ساببًا الجزائر ومن فيه مطالبًا بالانتقام لكرامة مصر التى أهدرت على أرض السودان؟!!
هل استأذن هذا الطفل والده قبل أن يتحدث، وهل تشاور فى الأمر مع أى مسئول، أم ان كل من فى مصر يعمل وفق هواه دون مراعاة لأى أصول أو أعراف؟!!
هل كانت الغيرة على مصر هى المحرك لكل هذه الانفعالات والتشنجات.. أم كانت النخوة التى نسيناها هى المحرك لذلك.. أم أنها الحميه التى أخرجناها فجأة دفاعًا عن سمعة مصر؟!!
لا شئ من ذلك بالتأكيد كان سببًا فى الانفعال وانفلات الأعصاب على كل المستويات وكأن الذى لم يشارك فى هذه الغوغائية سيكون خائنـًا وعميلاً ومخالفـًا لتوجهات الدولة.
فى حقيقة الأمر ان الشئ الذى دفع القيادة السياسية ومن خلفها الإعلام وفريق المنافقين والمنتفعين لم يكن أبدًا من أجل مصلحة مصر، فالذى دفعهم للغضب والتشنج والتحدث بهستيريا وسحب السفراء لم يكن أبدًا من أجل مصر..
إن السبب الحقيقى الذى يقف وراء كل هذه الأحداث يكمن فى أن الخطر والإهانة بلغا ولأول مرة بيت الرئاسة فى مصر، وهل يغفل المتابع للأحداث أنه ومن بين من كانوا فى السودان وعلى رأس وفود المشجعين كان علاء وجمال مبارك ومعهم زكريا عزمى رئيس ديوان الرئاسة وغيرهم من رموز الحكم.. صحيح أن لهؤلاء ترتيباتهم الخاصة عند مواجهة الأحداث الغير متوقعة وأنهم لا يمشون على الأقدام فى مواجهة الخطر شأنهم شأن غيرهم من شعب مصر لأنهم ومع أول شرارة نراهم فى لحظات معدودة محلقين فى الهواء بعيدون عن الحدث، كل ما فى الأمر أن القيادة فى مصر متمثلة فى شخص رئيس الجمهورية شعرت ولأول مرة بالإهانة المباشرة بسبب تجاهل القيادة السياسية فى الجزائر لوجود أبناء الرئيس وبعض من النخبة الحاكمة ضمن وفود المشجعين، وهذا يعد كارثة فى العرف الدولى.. فأبناء الرئيس لم يكونوا فى نزهة من خلف ظهر والدهم .. لقد كانوا فى مهمة رسمية تعد من أهم مصوغات التوريث حيث ضرورة التواجد مع الشعب ليس فى كوارثه أو مصائبه وإنما فى اللهو واللعب والتشجيع الآمن الذى وضعت له كافة الترتيبات بالنسبة لهؤلاء المسئولين، وكون أن تغفل الجزائر عن ذلك وتفعل ما فعلت دون أن تلغى خطة الهجوم المدبرة فإن ذلك فى حد ذاته يعد إهانة ما بعدها إهانة للرئيس مبارك ونظامه الحاكم!!
إن قيمة العبد من قيمة سيده ـ هكذا يقول المثل المصرى وهكذا جرى العرف ـ فأين هى قيمة مبارك حتى فى بيته ومع أولاده وليس على المستوى العربى أو الدولى؟!!
هذه الأمور التى حدثت بسبب أمر تافه ولا أقول أمر عظيم كانت متوقعة ومتوقع أيضًا أن يحدث أكثر منها مستقبلاً، وكلها أحداث لن تكون وليدة الصدفة أو وليدة الساعة لأن القيادة السياسية فى مصر عاشت طويلاً على رصيد الماضى الذى لم تصنعه ولا حتى حافظت عليه، ففقدت رصيدها كاملاً من هذا الزخم والفخر والمكانة والمنزلة، وصارت تتسول الاحترام حتى من الدول التى لم يبلغ عدد سكانها نزلاء فندق من فنادق القاهرة، وكل ذلك بسبب الفساد وسوء إدارة البلاد، وهذا ما أثبتته الأحداث الجسام التى مرت بها المنطقة خلال الربع قرن الأخير.
إن مشاركة مصر فى تمرير جرائم البوسنة والهرسك لم يكن خافيًا على أحد، ومشاركة مصر فى ضرب أفغانستان وتعاونها المخابراتى مع بوش الأب والإبن لم يكن خافيًا على أحد، للدرجة التى صرح فيها مبارك بنفسه بحدوث مثل هذا التعاون الدنيء والوضيع، ثم مشاركة مصر لأمريكا وقوى الغرب فى النيل من العراق وتدمير شعبه وإعدام قائده لم يكن بالأمر الهين على شعوب المنطقة، ولا أحد من المسئولين يستطيع أن يتنكر للدور المصرى الذى كان سببًا فى تدمير العراق.. وقد صرح حسب الله الكفراوى ـ وهو أحد الوزراء المشهود لهم بالاحترام فى مصر ـ أن الرئيس مبارك كان المهندس الأول لحرب أمريكا على العراق...
بعد ذلك كان موقف مصر المخزى من حرب إسرائيل الإجرامية على الجنوب اللبنانى وتحميل حزب الله مسئولية هذه الحرب، ثم جاءت الطامة الكبرى يوم أعلنت إسرائيل الحرب على غزه من القاهرة، وقامت مصر بمساعدة إسرائيل من خلال غلق المعابر ومصادرة الأطعمة والأغطية والأدوية وهدم الأنفاق والتحقيق مع المجاهدين الفلسطينيين ممن أصيبوا فى هذه المعارك وذهبوا للعلاج فى مستشفيات مصر، وحبس كل من حاول مساعدة الأهل فى غزة، ومازال المجاهد مجدى حسين فى سجون النظام المصرى شاهدًا على هذا العار.
كل هذه الأحداث وغيرها كان السبب المباشر فى ضياع سمعة مصر وإنهيار مكانتها بين الأمم..
ألم يُضرب وزير الخارجية المصرى بالأحذية فى المسجد الأقصى؟!!
ألم ينهار الأزهر ومشيخته بعد الانحياز الكامل للحاكم وأعوانه ومهادنة شيخ الأزهر لليهود وعملائهم للدرجة التى صافح فيها شيخ الأزهر شيمون بيريز علانية مدعيًا أنه لم يكن يعرفه... لقد فقدت مصر بهذه التصرفات الوضيعة الريادة السياسية والعسكرية والدينية والأدبية فى المنطقة وفى العالم أجمع.
هل نسينا سيل الشتائم التى انهارت على مبارك ونظامه عبر وسائل الإعلام العربية والعالمية أيام العدوان الإسرائيلى على غزه وغلق معبر رفح؟!!
هل نسينا شيوع الفواحش والمخدرات وجرائم الاغتصاب ومظاهر التعرى فى كل وسائل الإعلام المصرية ومحاربة الله ورسوله عبر مطبوعات وزارة الثقافة المصرية؟!!
هل نسينا تزوير الانتخابات والبلطجة السياسية التى يمارسها الحزب الحاكم بأوامر عليا لا يخشوا معها من الوقوع تحت طائلة القانون؟!!
كل هذه الأمور وغيرها جعلت سمعة مصر فى الحضيض..
ولقد تزامنت أحداث مباراة الجزائر مع الإجراءات الصهيونية لتهويد القدس وهدم البيوت وقتل الفلسطينيين وبناء المستوطنات وتغيير معالم المدينة المقدسة، فأين كان علاء وجمال من هذه الأحداث؟!!
وعندما يعاير ساستنا اليوم الجزائريين بتعليمهم العربية وبمساعدتهم أيام الاستعمار الفرنسى فإننا فى الحقيقة نعاير أنفسنا، فنحن لم نعلم الجزائريين العربية لوجه الله، ولم يكن تعليمنا لهم منحة مصرية تمت على نفقة الدولة، لكنها كانت إعارة كان يحلم بها كل معلم من أجل أن يحيا حياة كريمة تعوضه عن إهانته فى وطنه وهضم حقوقه فى بلاده، فكيف نعايرهم بشئ استفدنا منه أكثر مما استفادوا.. أما مساعدتنا لهم فى زمن الاحتلال الفرنسى فإن ذلك كان من أجل أمننا القومى العربى والإسلامى وليس من أجل شئ آخر علاوة على أنه واجب دينى وأخلاقى لا يمكن تغافله، ولقد ردت لنا الجزائر الجميل شأنها شأن باقى العرب فى معاركنا مع الصهاينة خصوصًا فى حرب 73.
إن كل خدمات مصر للعرب والمسلمين كانت فى الفترة التى سبقت حكم مبارك، فكيف ينسب مبارك الفضل لنفسه ولحاشيته على الإخوة العرب ويتطاول عليهم بالمن والأذى؟!!
العكس هو الصحيح... لقد ساند مبارك إنقلاب القيادة الجزائرية على نتائج الانتخابات التى نجح فيها الإسلاميون فى الجزائر وكادوا يشكلون حكومة إسلامية ما أحوجنا إليها الآن.. هذا ما فعله مبارك مع لصوص الجزائر، وهكذا رد عليه اللصوص، فمن جنس العمل يكون الرد، وإن ربك لبالمرصاد.
ذكرتنى القيادة السياسية فى مصر بحمار حديقة الحيوان يوم أطلق القرد نكتة ساخرة ضحكت لها كل حيوانات الحديقة إلا الحمار، وفى اليوم التالى ووسط صمت كل حيوانات الحديقة ضحك الحمار بمفرده ضحكات هستيرية وطويلة جعلت الجميع يتساءل: ما الذى يضحكك يا حمار؟؟ فقال الحمار: الآن فقط فهمت نكتة الأمس التى أطلقها القرد!!!
الآن يا مصر تذكرتى الكرامة؟!!
أين كنتِ؟!!
وأين كنتِ؟!!
وأين كنتِ؟!!
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه.. طويلة كالتى أطلقها الدكتور محمد عباس فى كثير من مقالاته!!
الآن يا مصر تذكرتى الكرامة التى تلطمت على كل الأبواب وتسكعت فى كل الحارات ونامت على كل الأرصفة والتصق جدار بطنها بجدار ظهرها من الجوع وتهلهلت ثيابها حتى ظهرت عورتنا وشاهدها الجميع..!!
لقد فقدت مصر الكرامة منذ أمد بعيد على يد حاكمها وحاشيته الجاهلة، ويوم تذكرتها بحثت عنها فى كل شوارع مصر فلم تجدها، وعند ذلك تعصبت القيادة السياسية وأصدرت أوامرها بضرورة اعتقال الكرامة وإجبارها على الظهور بعد أحداث الجزائر، وتحركت فى سبيل ذلك كل أجهزة الدولة بحثـًا عن الكرامة، لكن الكرامة أبت أن تظهر فى مصر واختفت عن أعين الجميع، ولم تفلح كل أجهزة الدولة فى القبض على الكرامة، ولأن مبارك أرادها حية أو ميتة فى هذا الوقت بالذات فإن أجهزة الأمن المصرية ألبست الفضائيات المصرية ثوب الكرامة المزيف وأمدتها بكل وسائل الردح وقواميس السباب إلى أن طفحت مجارى الكرامة المزيفة ووصلت كل البيوت الآمنة وتعجب لها القاصى والدانى، والعجيب أن تصدق الكذبة لدى المسئولين فيخرج أغلبهم على وسائل الإعلام مطالبين باستثمار غضبة الشعب والتفافه حول هدف واحد فى ظاهرة لم تحدث من قبل...
ومرت الأحداث، ومضت الأمور مثلما تمضى كل الجرائم فى مصر، ولا أحد يحاسب أحد!!.. وكرم مبارك فريق الكرة المهزوم ومدربه الفاشل كأفضل ما يكون التكريم، وصرف لهم الملايين من خزانة الدولة!!
وهدأت الأمور فى مصر، ولم يفز فى هذه المواجهة غير الكرامة المصرية الأصيلة التى أبت أن تظهر وتختفى حسب مزاج الحاكم وحسبما يريد لها الخونة.
إن الكرامة الحقيقية نبتة صالحة لا تنبت إلا فى المعارك الحقيقية وليست الوهمية.. لقد اختبأت الكرامة الحقيقية للمصريين مثلما اختبأ أسامه بن لادن فى صدور الشرفاء ولم تفلح أى من أمريكا ولا مصر فى العثور عليهما لأنهما العملة النادرة التى لا توجد قهرًا، فلتبحث أمريكا عن أسامه بن لادن فى كل مكان على سطح الأرض، ولن تجده على الرغم من أنه يقف شاهدًا على كل روح نجسة تخرج من أجساد الجنود المرتزقة فى كل من أفغانستان والعراق وسائر ميادين الجهاد.
ولتبحث القيادة المصرية عن الكرامة المفتقدة فى كل شوارع مصر، فلن تجدها على الرغم من تواجدها فى أفئدة المخلصين من أبناء البلد وفى نظرات العيون المقهورة وصمت الأفواه المكممة وصدور المكافحين فى صمت من أجل لقمة العيش التى صارت صعبة المنال فى عهد مبارك.
إن كرامة مصر ليست سلعة تباع وتشترى ولا هى رابطة عنق على صدر مبارك وأولاده يخلعونها عند السباحة فى حمامات المجارى الأمريكية ويرتدونها عندما تهان الكرامة فى مباراة للتسلية!!
إن قوى الشعوب تقاس باحتفائها بالتفاهات وبالأمور الدنيا.
كنت أتمنى أن يجمعنا الكره للنظام ولا تجمعنا الكرة ولعب الأطفال..
فى مباراة الجزائر فى القاهرة والتى فاز فيها المنتخب المصرى خرج الشعب يرقص فى الشوارع والميادين ملونـًا الوجوه ومحزمًا الوسط راقصًا السامبا والرومبا ساهرًا حتى الصباح لا أمام كتاب علم أو آلة إنتاج وإنما من أجل التعبير عن نشوته بالفوز على الجزائر... اليوم أراه يبكى وينتحب بعدما هُزمنا فى السودان، وإن كانت هذه هى أحوال البلاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله.. كل أجهزة الدولة مشغولة بالتوريث، وكل الشعب المصرى مشغول بالكرة، فهنيئا لك يا جمال بحكم مصر.. الآن أستطيع أن أقول لك بكل حسرة وألم: نم قرير العين يابن مبارك فأنت الحاكم القادم لشعب مازال نائم.
بقلم: محمود شنب |
ما الذى جعل القيامة تقوم فى مصر بعد مباراة الجزائر الأخيرة والتى انهزمنا فيها على أرض السودان الشقيق؟!!
ما هذا الشئ الذى جعل علاء مبارك يخرج عن صمته ويتحدث بعصبية وهمجية غير محسوبة على الهواء مباشرة عبر القنوات الفضائية المصرية ساببًا الجزائر ومن فيه مطالبًا بالانتقام لكرامة مصر التى أهدرت على أرض السودان؟!!
هل استأذن هذا الطفل والده قبل أن يتحدث، وهل تشاور فى الأمر مع أى مسئول، أم ان كل من فى مصر يعمل وفق هواه دون مراعاة لأى أصول أو أعراف؟!!
هل كانت الغيرة على مصر هى المحرك لكل هذه الانفعالات والتشنجات.. أم كانت النخوة التى نسيناها هى المحرك لذلك.. أم أنها الحميه التى أخرجناها فجأة دفاعًا عن سمعة مصر؟!!
لا شئ من ذلك بالتأكيد كان سببًا فى الانفعال وانفلات الأعصاب على كل المستويات وكأن الذى لم يشارك فى هذه الغوغائية سيكون خائنـًا وعميلاً ومخالفـًا لتوجهات الدولة.
فى حقيقة الأمر ان الشئ الذى دفع القيادة السياسية ومن خلفها الإعلام وفريق المنافقين والمنتفعين لم يكن أبدًا من أجل مصلحة مصر، فالذى دفعهم للغضب والتشنج والتحدث بهستيريا وسحب السفراء لم يكن أبدًا من أجل مصر..
إن السبب الحقيقى الذى يقف وراء كل هذه الأحداث يكمن فى أن الخطر والإهانة بلغا ولأول مرة بيت الرئاسة فى مصر، وهل يغفل المتابع للأحداث أنه ومن بين من كانوا فى السودان وعلى رأس وفود المشجعين كان علاء وجمال مبارك ومعهم زكريا عزمى رئيس ديوان الرئاسة وغيرهم من رموز الحكم.. صحيح أن لهؤلاء ترتيباتهم الخاصة عند مواجهة الأحداث الغير متوقعة وأنهم لا يمشون على الأقدام فى مواجهة الخطر شأنهم شأن غيرهم من شعب مصر لأنهم ومع أول شرارة نراهم فى لحظات معدودة محلقين فى الهواء بعيدون عن الحدث، كل ما فى الأمر أن القيادة فى مصر متمثلة فى شخص رئيس الجمهورية شعرت ولأول مرة بالإهانة المباشرة بسبب تجاهل القيادة السياسية فى الجزائر لوجود أبناء الرئيس وبعض من النخبة الحاكمة ضمن وفود المشجعين، وهذا يعد كارثة فى العرف الدولى.. فأبناء الرئيس لم يكونوا فى نزهة من خلف ظهر والدهم .. لقد كانوا فى مهمة رسمية تعد من أهم مصوغات التوريث حيث ضرورة التواجد مع الشعب ليس فى كوارثه أو مصائبه وإنما فى اللهو واللعب والتشجيع الآمن الذى وضعت له كافة الترتيبات بالنسبة لهؤلاء المسئولين، وكون أن تغفل الجزائر عن ذلك وتفعل ما فعلت دون أن تلغى خطة الهجوم المدبرة فإن ذلك فى حد ذاته يعد إهانة ما بعدها إهانة للرئيس مبارك ونظامه الحاكم!!
إن قيمة العبد من قيمة سيده ـ هكذا يقول المثل المصرى وهكذا جرى العرف ـ فأين هى قيمة مبارك حتى فى بيته ومع أولاده وليس على المستوى العربى أو الدولى؟!!
هذه الأمور التى حدثت بسبب أمر تافه ولا أقول أمر عظيم كانت متوقعة ومتوقع أيضًا أن يحدث أكثر منها مستقبلاً، وكلها أحداث لن تكون وليدة الصدفة أو وليدة الساعة لأن القيادة السياسية فى مصر عاشت طويلاً على رصيد الماضى الذى لم تصنعه ولا حتى حافظت عليه، ففقدت رصيدها كاملاً من هذا الزخم والفخر والمكانة والمنزلة، وصارت تتسول الاحترام حتى من الدول التى لم يبلغ عدد سكانها نزلاء فندق من فنادق القاهرة، وكل ذلك بسبب الفساد وسوء إدارة البلاد، وهذا ما أثبتته الأحداث الجسام التى مرت بها المنطقة خلال الربع قرن الأخير.
إن مشاركة مصر فى تمرير جرائم البوسنة والهرسك لم يكن خافيًا على أحد، ومشاركة مصر فى ضرب أفغانستان وتعاونها المخابراتى مع بوش الأب والإبن لم يكن خافيًا على أحد، للدرجة التى صرح فيها مبارك بنفسه بحدوث مثل هذا التعاون الدنيء والوضيع، ثم مشاركة مصر لأمريكا وقوى الغرب فى النيل من العراق وتدمير شعبه وإعدام قائده لم يكن بالأمر الهين على شعوب المنطقة، ولا أحد من المسئولين يستطيع أن يتنكر للدور المصرى الذى كان سببًا فى تدمير العراق.. وقد صرح حسب الله الكفراوى ـ وهو أحد الوزراء المشهود لهم بالاحترام فى مصر ـ أن الرئيس مبارك كان المهندس الأول لحرب أمريكا على العراق...
بعد ذلك كان موقف مصر المخزى من حرب إسرائيل الإجرامية على الجنوب اللبنانى وتحميل حزب الله مسئولية هذه الحرب، ثم جاءت الطامة الكبرى يوم أعلنت إسرائيل الحرب على غزه من القاهرة، وقامت مصر بمساعدة إسرائيل من خلال غلق المعابر ومصادرة الأطعمة والأغطية والأدوية وهدم الأنفاق والتحقيق مع المجاهدين الفلسطينيين ممن أصيبوا فى هذه المعارك وذهبوا للعلاج فى مستشفيات مصر، وحبس كل من حاول مساعدة الأهل فى غزة، ومازال المجاهد مجدى حسين فى سجون النظام المصرى شاهدًا على هذا العار.
كل هذه الأحداث وغيرها كان السبب المباشر فى ضياع سمعة مصر وإنهيار مكانتها بين الأمم..
ألم يُضرب وزير الخارجية المصرى بالأحذية فى المسجد الأقصى؟!!
ألم ينهار الأزهر ومشيخته بعد الانحياز الكامل للحاكم وأعوانه ومهادنة شيخ الأزهر لليهود وعملائهم للدرجة التى صافح فيها شيخ الأزهر شيمون بيريز علانية مدعيًا أنه لم يكن يعرفه... لقد فقدت مصر بهذه التصرفات الوضيعة الريادة السياسية والعسكرية والدينية والأدبية فى المنطقة وفى العالم أجمع.
هل نسينا سيل الشتائم التى انهارت على مبارك ونظامه عبر وسائل الإعلام العربية والعالمية أيام العدوان الإسرائيلى على غزه وغلق معبر رفح؟!!
هل نسينا شيوع الفواحش والمخدرات وجرائم الاغتصاب ومظاهر التعرى فى كل وسائل الإعلام المصرية ومحاربة الله ورسوله عبر مطبوعات وزارة الثقافة المصرية؟!!
هل نسينا تزوير الانتخابات والبلطجة السياسية التى يمارسها الحزب الحاكم بأوامر عليا لا يخشوا معها من الوقوع تحت طائلة القانون؟!!
كل هذه الأمور وغيرها جعلت سمعة مصر فى الحضيض..
ولقد تزامنت أحداث مباراة الجزائر مع الإجراءات الصهيونية لتهويد القدس وهدم البيوت وقتل الفلسطينيين وبناء المستوطنات وتغيير معالم المدينة المقدسة، فأين كان علاء وجمال من هذه الأحداث؟!!
وعندما يعاير ساستنا اليوم الجزائريين بتعليمهم العربية وبمساعدتهم أيام الاستعمار الفرنسى فإننا فى الحقيقة نعاير أنفسنا، فنحن لم نعلم الجزائريين العربية لوجه الله، ولم يكن تعليمنا لهم منحة مصرية تمت على نفقة الدولة، لكنها كانت إعارة كان يحلم بها كل معلم من أجل أن يحيا حياة كريمة تعوضه عن إهانته فى وطنه وهضم حقوقه فى بلاده، فكيف نعايرهم بشئ استفدنا منه أكثر مما استفادوا.. أما مساعدتنا لهم فى زمن الاحتلال الفرنسى فإن ذلك كان من أجل أمننا القومى العربى والإسلامى وليس من أجل شئ آخر علاوة على أنه واجب دينى وأخلاقى لا يمكن تغافله، ولقد ردت لنا الجزائر الجميل شأنها شأن باقى العرب فى معاركنا مع الصهاينة خصوصًا فى حرب 73.
إن كل خدمات مصر للعرب والمسلمين كانت فى الفترة التى سبقت حكم مبارك، فكيف ينسب مبارك الفضل لنفسه ولحاشيته على الإخوة العرب ويتطاول عليهم بالمن والأذى؟!!
العكس هو الصحيح... لقد ساند مبارك إنقلاب القيادة الجزائرية على نتائج الانتخابات التى نجح فيها الإسلاميون فى الجزائر وكادوا يشكلون حكومة إسلامية ما أحوجنا إليها الآن.. هذا ما فعله مبارك مع لصوص الجزائر، وهكذا رد عليه اللصوص، فمن جنس العمل يكون الرد، وإن ربك لبالمرصاد.
ذكرتنى القيادة السياسية فى مصر بحمار حديقة الحيوان يوم أطلق القرد نكتة ساخرة ضحكت لها كل حيوانات الحديقة إلا الحمار، وفى اليوم التالى ووسط صمت كل حيوانات الحديقة ضحك الحمار بمفرده ضحكات هستيرية وطويلة جعلت الجميع يتساءل: ما الذى يضحكك يا حمار؟؟ فقال الحمار: الآن فقط فهمت نكتة الأمس التى أطلقها القرد!!!
الآن يا مصر تذكرتى الكرامة؟!!
أين كنتِ؟!!
وأين كنتِ؟!!
وأين كنتِ؟!!
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه.. طويلة كالتى أطلقها الدكتور محمد عباس فى كثير من مقالاته!!
الآن يا مصر تذكرتى الكرامة التى تلطمت على كل الأبواب وتسكعت فى كل الحارات ونامت على كل الأرصفة والتصق جدار بطنها بجدار ظهرها من الجوع وتهلهلت ثيابها حتى ظهرت عورتنا وشاهدها الجميع..!!
لقد فقدت مصر الكرامة منذ أمد بعيد على يد حاكمها وحاشيته الجاهلة، ويوم تذكرتها بحثت عنها فى كل شوارع مصر فلم تجدها، وعند ذلك تعصبت القيادة السياسية وأصدرت أوامرها بضرورة اعتقال الكرامة وإجبارها على الظهور بعد أحداث الجزائر، وتحركت فى سبيل ذلك كل أجهزة الدولة بحثـًا عن الكرامة، لكن الكرامة أبت أن تظهر فى مصر واختفت عن أعين الجميع، ولم تفلح كل أجهزة الدولة فى القبض على الكرامة، ولأن مبارك أرادها حية أو ميتة فى هذا الوقت بالذات فإن أجهزة الأمن المصرية ألبست الفضائيات المصرية ثوب الكرامة المزيف وأمدتها بكل وسائل الردح وقواميس السباب إلى أن طفحت مجارى الكرامة المزيفة ووصلت كل البيوت الآمنة وتعجب لها القاصى والدانى، والعجيب أن تصدق الكذبة لدى المسئولين فيخرج أغلبهم على وسائل الإعلام مطالبين باستثمار غضبة الشعب والتفافه حول هدف واحد فى ظاهرة لم تحدث من قبل...
ومرت الأحداث، ومضت الأمور مثلما تمضى كل الجرائم فى مصر، ولا أحد يحاسب أحد!!.. وكرم مبارك فريق الكرة المهزوم ومدربه الفاشل كأفضل ما يكون التكريم، وصرف لهم الملايين من خزانة الدولة!!
وهدأت الأمور فى مصر، ولم يفز فى هذه المواجهة غير الكرامة المصرية الأصيلة التى أبت أن تظهر وتختفى حسب مزاج الحاكم وحسبما يريد لها الخونة.
إن الكرامة الحقيقية نبتة صالحة لا تنبت إلا فى المعارك الحقيقية وليست الوهمية.. لقد اختبأت الكرامة الحقيقية للمصريين مثلما اختبأ أسامه بن لادن فى صدور الشرفاء ولم تفلح أى من أمريكا ولا مصر فى العثور عليهما لأنهما العملة النادرة التى لا توجد قهرًا، فلتبحث أمريكا عن أسامه بن لادن فى كل مكان على سطح الأرض، ولن تجده على الرغم من أنه يقف شاهدًا على كل روح نجسة تخرج من أجساد الجنود المرتزقة فى كل من أفغانستان والعراق وسائر ميادين الجهاد.
ولتبحث القيادة المصرية عن الكرامة المفتقدة فى كل شوارع مصر، فلن تجدها على الرغم من تواجدها فى أفئدة المخلصين من أبناء البلد وفى نظرات العيون المقهورة وصمت الأفواه المكممة وصدور المكافحين فى صمت من أجل لقمة العيش التى صارت صعبة المنال فى عهد مبارك.
إن كرامة مصر ليست سلعة تباع وتشترى ولا هى رابطة عنق على صدر مبارك وأولاده يخلعونها عند السباحة فى حمامات المجارى الأمريكية ويرتدونها عندما تهان الكرامة فى مباراة للتسلية!!
إن قوى الشعوب تقاس باحتفائها بالتفاهات وبالأمور الدنيا.
كنت أتمنى أن يجمعنا الكره للنظام ولا تجمعنا الكرة ولعب الأطفال..
فى مباراة الجزائر فى القاهرة والتى فاز فيها المنتخب المصرى خرج الشعب يرقص فى الشوارع والميادين ملونـًا الوجوه ومحزمًا الوسط راقصًا السامبا والرومبا ساهرًا حتى الصباح لا أمام كتاب علم أو آلة إنتاج وإنما من أجل التعبير عن نشوته بالفوز على الجزائر... اليوم أراه يبكى وينتحب بعدما هُزمنا فى السودان، وإن كانت هذه هى أحوال البلاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله.. كل أجهزة الدولة مشغولة بالتوريث، وكل الشعب المصرى مشغول بالكرة، فهنيئا لك يا جمال بحكم مصر.. الآن أستطيع أن أقول لك بكل حسرة وألم: نم قرير العين يابن مبارك فأنت الحاكم القادم لشعب مازال نائم.
- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
رد: عندما تـُستدعى الكرامة: محمود شنب يعلق علي مباراة مصر والجزائر
الإثنين 07 ديسمبر 2009, 13:47
ملاحظة للاخوة المصريين : كاتب المقال مصري.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى