لنستفق من غيبوبة الكرة!

هيا.. انسوا الكرة ومشاكلها الآن، "خلينا" من الركض وراء المنتخب الوطني، لنترك عناصره يرتاحون بعد المونديال، ولنهتم بمشاكل البلاد الأخرى، لنلتفت قليلا إلى المدرسة ومشاكلها، والجامعة التي تغرق في تخلف غير مسبوق، لكثرة ما تعانيه من مشاكل، مشاكل ضاع وسط زحمتها الطلبة الذين يواجهون في كل المعاهد مشاكل لا تعد ولا تحصى، والأساتذة الذين صاروا لا يكلفون أنفسهم عناء البحث أو حتى عناء قراءة ورقة امتحان الطلبة لكثرة أعدادهم.
مستقبل البلاد مرهون هنا، مرهون بأداء المدرسة والجامعة، خاصة ونحن في فترة تقييم المحصلة العلمية في كل المراحل التعليمية، وعلى رأسها امتحانات شهادة البكالوريا، وهذه تبقى في رأيي أهم من أداء الفريق الوطني، الذي رغم الثقة التي أعادها للجزائريين، وزرعه البسمة على الشفاه، تبقى مجرد لعبة، نجاحها لا يؤدي بالضرورة إلى التخلص من مشاكل المواطنين.
لنيل ولو جزءًا ضئيلا من الاهتمام الذي أوليناه للفريق الوطني إلى الجامعة، لأننا لو فعلنا واصطففنا مناصرين ومدافعين ومتابعين لأداء الجامعة الجزائرية مثلما فعلنا مع فريق كرة القدم، لربما تحسنت الأوضاع، ولأجبرنا الأساتذة وإطارات الجامعة على أخذ عملهم بشيء من الجدية، ونفس الأمر يمكن تجريبه مع المدرسة، التي كادت أن تخرج بسنة بيضاء هذا الموسم الدراسي بسبب الإضرابات من جهة، وإصرار الوزارة الوصية على مواقفها من جهة أخرى.
ولا أنسى قطاع الصحة الذي لا يختلف في ضياعه عن الجامعة، فالمستشفيات صارت مجمعات للقمامة أكثـر منها مؤسسات للعلاج والعناية بصحة المواطن. صحيح سعدنا بالفريق الوطني وتابعنا كل تحركاته وباركنا كل الإمكانيات التي وضعتها الدولة في متناوله، لأننا رأينا أننا بحاجة إلى من يرفع معنويات الشباب بعد سنوات من المعاناة، لكن نحن أيضا بحاجة إلى مؤسسات تعليمية كفؤة، وأساتذة يؤدون رسالتهم العلمية بأمانة، وبحاجة إلى جامعة تنافس كبريات الجامعات في العالم، فالذكاء متوفر ويبقى أن نوفر الإمكانيات والعناية، لأن الجامعة هي التي تحدد مستقبل البلاد، والمنظومة التربوية هي التي ستؤدي إما إلى الرقي، أو إلى الهاوية.
لنكف قليلا عن الركض وراء الكرة، ونكون أكثـر جدية في أمور حياتنا الأخرى الأكثـر حيوية، هذا أضمن لمستقبلنا، لنستفق من غيبوبة الكرة!
حدة حزام