البريكولاج ...والارتجالية ....

نذ أسابيع كتبت في هذا الموقع متفائلة بخروج الجزائر بهدوء من أزمة السكن، وقلت إن عمليات توزيع السكنات لم تعد تتم في الفوضى والاضطرابات مثلما كانت في السابق، وكان هذا التفاؤل نابعا من عملية ترحيل سكان البيوت القصديرية بديار الشمس.

لكن اليوم وبعد ما حدث في باب الوادي، أرجعتنا هذه الإضطرابات والفوضى إلى سنوات مضت، عندما كانت تنشب اضطرابات في كل بلدية وفي كل ولاية تعلق فيها قائمة المستفيدين من السكنات.
وحي باب الوادي عريق في الفوضى منذ عدة عقود، نظرا للكثافة السكانية في هذا الحي القديم، وأيضا لتراكم المشاكل الإجتماعية التي يعرفها الحي دون غيره، سواء في فترة الأزمة الأمنية أو حتى قبلها.

ومادام سكان هذا الحي يشتعل نارهم لأدنى الأسباب، فما بالك عندما يتعلق الأمر بتوزيع السكن! فلماذا تعاملت الجهات المكلفة بعمليات الترحيل مع ملف سكن باب الوادي بالفوضى؟ كان من المفروض أن تتأكد من وضعية كل حالة يتم ترحيلها، بأنها لم تستفد من قبل من سكن، أو أنها لا تملك قطعا أرضية مخصصة للبناء مثلما هي شروط الحصول على السكن الاجتماعي، وهذا حتى لا تسقط في الأخطاء المرتكبة، إذ تم نقل الكثير من المستفيدين إلى السكنات الجديدة، وفور الوصول يظهر أن بعضها سبق وأن استفادوا من سكن أو قطعة أرض، فيلقى بهم في الشارع، لا هم بقوا في بيوتهم، ولا هم نقلوا إلى المساكن الجديدة! فقبل أن تهدم البيوت القصديرية التى أخليت من سكانها، كان الأفضل أن يدرس ملف كل حالة بدقة حتى لا تحدث هذه الأخطاء، وعوض حل المشكلة تتفاقم الأزمة وندفع بهؤلاء، لا أدري كيف أسميهم، هل بالضحايا أم بماذا، إلى الشارع للاحتجاج وتصعيد حدة التوتر بين المواطنين.

ملف السكن حساس، وكان من المفروض أننا كسبنا خبرة في معالجته طوال هذه السنوات، منذ عمليات ترحيل سكان القصبة، ومرورا بكل الأحياء القصديرية الأخرى في العاصمة وفي المدن الأخرى، أين سجلت العملية في كل مرة أخطاء فادحة زادت المشكل تعقيدا، لكن اليوم مازالت الأخطاء هي هي، ترتكب بنفس الطريقة البدائية في كل مرة. ففي بلدية بئر التوتة مثلا أين يتم ترحيل أزيد من 3500 عائلة جديدة إليها، سيعرف الدخول المدرسي المقبل مشاكل كبيرة في المدارس، التي ستكون أكثر اكتظاظا، والبلدية تتوفر على ثانوية واحدة أصبحت مجبرة على احتضان ألفي تلميذ، ولم تبن ثانويات جديدة بها، وبالتالي سيكون الدخول المدرسي سببا آخر للاضطراب وللفوضى، وسياسة البريكولاج التي لم نخلص منها...

حدة حزام