رغم تحذيرات الأطباء مصابون بأمراض مزمنة يصومون خفية في المستشفيات

يلجأ بعض المصابين بأمراض مزمنة إلى الصيام ولو على حساب صحتهم وهو ما وقفنا عليه ونحن نرصد آراء عينة من هؤلاء، فمنهم من أكد لنا قدرته على الصيام مشيرا أنه طبيب نفسه، ومنهم من أشار أنه يحاول تأدية هذا الركن المهم من الإسلام قدر المستطاع؛ مثل مريض السكري الذي قال لنا ''أحاول أن أصوم ولو أيام معدودة، وصدّقوني إحساسي في تلك الأيام يضاهي إحساس الطفل الذي يصوم لأول مرة''.
لا يختلف إثنان حول استحالة صيام المرضى لشهر رمضان وهو ما أكدت عليه نصوص القرآن والسنة، لكن يظهر أن نكهة الشهر الفضيل والجو الذي يضفيه على صائمه جعل بعض المصابين بأمراض مزمنة يؤكدون على صومهم ولو خفية عن أطبائهم، ومن بين هؤلاء ''جميلة'' سيدة في العقد الرابع التقيناها بأحد مستشفيات الجزائر العاصمة وهي تتأهب لدخول قسم من أقسامه لليلة، قصد الخضوع لفحوصات ما قبل العملية الجراحية التي ستجريها لاستئصال ورم على مستوى فخذها، وأكدت لنا أنها صائمة لأنها لم تر أي عائق يمنعها عن الصيام، مشيرة أنها صامت أولى الأيام ببيتها وحرصت على صيام ما استطاعت من هذا الشهر الفضيل، لأنها تعلم أنها لن تتمكن من ذلك بعد إجراء العملية الجراحية.
مرضى السكري أكثـر المصرّين على الصيام
من بين المصابين بأمراض مزمنة، والذين يسمح لهم بالصيام في حدود ما ينصح به الطبيب مرضى السكري. وعن هؤلاء أكد لنا الدكتور معوش حفيظ، اختصاصي في داء السكري ''أن وحده طبيبهم المعالج له صلاحية السماح لهم بصيام رمضان من عدمه، مضيفا أنه ينصح دوما مرضى السكري من النوع الأول بعدم الصيام وضرورة الإفطار، وذلك لأن الجسم مع هذا النوع من السكر لا ينتج أي أنسولين وبالتالي يتوجب عليهم الإفطار وتعاطي الأنسولين عدة مرات في اليوم لأن الصوم يعرّضهم لخطر نقص ذات المادة في الدم، في حين يستطيع المصابون بالسكري من النوع الثاني ''الذي يعالج بجرعة أنسولين واحدة في اليوم'' أن يصوموا لكن بعد استشارة الطبيب، لأن الصيام حسبه قد يؤدي إلى هبوط معدل السكر في الدم أو ارتفاعه، أو إلى نقص السوائل في الدم وهو ما يعني جفاف الجسم خاصة إذا كان الصيام في فصل الصيف أو ما تمثله ساعات صيام طويلة.
ورغم هذه المضاعفات الصحية التي من شأنها أن تؤثر على صحة مريض السكري عند الصيام، نجد أن كثيرا منهم يصرّون على ذلك من باب إتمام ثاني فريضة في الإسلام.
ومن بين هؤلاء ''الحاج محمد'' الذي وجدناه رفقة ابنه بإحدى العيادات الخاصة بعلاج السكري، والتي قصدها بغرض معاينة طبيبه بعد مضاعفات صحية تعرض لها جراء صيامه لمدة الأربعة أيام الأولى لرمضان، حيث ''أصرّ على الصيام ورفض أن ينصاع لنصائحنا خاصة وأنه كبير في السن ـ يقول ابنه ـ لنتفاجأ بسقوطه أرضا قبيل المغرب بساعات ثلاث، مما استدعى نقله على وجه السرعة للمستشفى، ليقفوا على انخفاض في كمية السكري في الدم حيث تم إسعافه''، ليضيف ''واليوم قررنا مراجعة طبيبه المعالج على أن نحضر نحن أبناءه فترة المعاينة الطبية لكي نضعه أمام الأمر الواقع''.