- المسلمعضو خبير
- عدد الرسائل : 687
العمر : 43
الموقع : بورسعيد
البلد :
نقاط : 1007
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
الى كل مسلم ومسلمه الدكتور انور الجندى
السبت 09 أكتوبر 2010, 18:06
قضايا الشباب المسلم
تدور في نفوس شبابنا وفي أذهانهم وعلى ألسنتهم كلمات حائرة وتساؤلات مستقيمة، عن كثير مما يقرأن في كتابات مترجمة تملأ الأسواق والمكتبات جاءت من بلادها وتعرضت لقضايا أممها، ولكنها في نطاق الرواية أنما تمثل فكراً عالمياً يستوحي النفس الإنسانية ويستعرض مشاعرها فإلى أي حد يستطيع هذا الفكر أن يطابق النفس العربية المسلمة، قبولاً أو رفضاً، وكيف يجد هذا الشباب السبيل وعقائدها ومشاعرها عما يراه في مجتمعه ويعيشه في حياته. إن هذه الكلمات أحياناً تدير الرؤوس وتلهب العواطف، وتدفع إلى غايات وأهواء وتصور الحياة بصورة قلقة وهي تلقى مع الشباب المسلم العربي في مطالع العمر، وفي سن المراهقة ووسط أجواء حافلة بالصورة العارية والقصة المكشوفة، والفيلم الماجن، والمسرحية الصارخة، ومن خلال مجتمع مختلط فيه الملابس الكاشفة والصدور العارية، والكلمات الجريئة والزحام الشديد، والاختلاط الغريب وكل ما يقر أ أو يسمع يعين على الغواية ويدفع إلى التقليد ويجرئ على التجربة ومن وراء ذلك نتائج قاسية خطيرة.
إن هذا الشباب الريفي المليء بالحياء والخلق، قد جاء إلى المدينة ووقع على (كامي وسارتر وفرويد) ومن ورائهم عشرات الكتب والقصص ووجد من يروج لهذا كله ويعرضه فير فصول وكتابات وفي مسرحيات وشعر وقصص، وهو يريد أن يعرف: هل هذا كله يمثل أنفسنا، أليست النفس الإنسانية واحدة؟ هل نحن في حل من أن ننطلق وراء الغرب في دعوته إلى الانطلاق حيث لا توجد حدود توقف ولا أبواب تحول؟ ثم هو لا يلبث أن يجد الكاتب من صميم بلده ودينه، صورة طبق الأصل بل ربما أشد عنفاً من هذا الكاتب الغربي، فهذا الذي يفترض أن المجتمع كله قد دخل دائرة الرغبة واللذة، وأن هذه الظاهرة التي لا تعدو واحدا في المائة في مجتمعاتنا قد أصبحت تستوعب المجتمع كله، وأن الناس لا يلتقون إلا ليتحدثوا في هذا الأمر، بل أنهم ليسخرون من أولئك الذين ما زالوا مقيدين بقيود الدين والأخلاق!.
هذه هي القضية التي تتطلب إيضاحاً، وتسأل عن حل، وتتطلع إلى معرفة وجه الحقيقة. ومن الحق أنها قضية، بل هي معضلة من معضلات عصرنا وأزمة من أزمات المجتمع الإسلامي في العصر الحديث.
ولكن لكي نستطيع أن ننظر في الأمر علينا أن نعرف أبعاد القضية وخلفياتها وتاريخها، في العلاقة بين مجتمعنا الإسلامي العربي وبين مجتمع الغرب، وبين الظروف التي حكمت بأن يسيطر الغرب عن طريق الاستعمار على هذه الأرض فيعمل على فرض مفاهيمه وأفكاره ونظرياته في الاجتماع والأخلاق والنفس والتربية إيماناً منه بأن هذه الأمة لا تقاد إلا من حيث تجرد أولاً من عقائدها ومفاهيمها وان تحتوي في دائرة فكر الغرب نفسه حتى يسلس قيادها وتكون تابعة راضية بتبعيتها.
ومن هنا كانت تلك الدعوة إلى وحدة الفكر البشري ووحدة الحضارة ووحدة النفس الإنسانية، ومن ذا الذي يستطيع أن ينكر هذا كله، لقد كان ذلك صحيحاً ولكن بني البشر لم يقبلوا هذه الوحدة حين أنشأوا فكراً بشرياً مختلفاً عن الفكر الرباني الذي هدتهم إليه الأديان ورسالات السماء. ومن هنا وقع الخلاف فقد ذهبت النفس الإنسانية وراء أهوائها وعمدت إلى الضوابط التي أقامتها الأديان بالحدود والأخلاق حماية للكيان الإنساني نفسه منى الانهيار، فحطمتها باسم التحرر من القيود. ثم حين ذهبت وراء مطامعها إلى التماس متع الحياة على النحو المسرف المندفع دون تقدير لحق الناس جميعاً في هذه المعطيات. ثم حادت عن فهم رسالة الإنسان في الحياة ومسئوليته والأمانة التي وكلت إليه، فأرادت أن ترى الحياة متعة خالصة تجرى وراءها، وأن الخطأ والفساد "جبرية" للمجتمع لا حساب للفرد عنها، وأنه ليس وراء هذه الحياة حياة وأن الموت بالمرصاد من وراء الحروب والذرة، فليندفع الناس إلى الحياة يقتحمون متعها قبل أن تزول.
ومن أجل أن تحقق النفس الإنسانية أهواءها فقد كان عليها أن تبرر ذلك بالعقل والفلسفة، فتقطع علاقتها الكاملة بالمسئولية فتنكر ما وراء الواقع المحسوس، وتعلن كما فعل "نيتشة" "موت الإله وترى الدين (أفيون الشعوب) وتحتقر الأخلاق وتراها ضعفاً وذلة، وهكذا جاءت الفلسفة المادية لتحرر الإنسان من تبعته ومسئوليته وأمانته، ولتطلقه وراء لذاته وأهوائه ومطامعه: ومن هنا كانت فلسفة (الماركسية) وفلسفة الجنس (الفرويدية) وبينهما تعيش النفس الإنسانية، ومن هذه المفاهيم يصدر كامي وسارتر وعشرات من كتاب القصة والمسرحية والشعر.
هذه النفس الإنسانية ليست هي النفس المسلمة التي ما تزال تؤمن بالله وتؤمن بمسئولية الإنسان في الحياة وجزائه الأخروي، وأمانته، وتؤمن بالضوابط والحدود والأخلاق التي تصنع الإطار الذي يتحرك فيه، ولهذا ما يكتب هؤلاء، إنما تحس بالدهشة، والدهشة مزيج نم الخوف والشوق، أما الشوق فيصدر عن هذه النفس الشابة في سن المراهقة المتطلعة إلى اللذات والرغائب، أما الخوف فيصدر عن ذلك الإحساس الداخلي بالإيمان بالله والجزاء والحساب. وهي بين ذلك تتدافع وتتارجع ولكنها لا تسقط إلا إذا فقدت عنصر الإيمان الذي كونته الأسرة وصنعه الأب والأم.
ولقد تتراوح النفس المسلمة بين الخطأ والصواب، والضلال والهدى، وكنها إذا ما عرفت الحقيقة التي هي كامنة في الأعماق، عادت إلى طبيعتها وأصالتها وفطرتها
هذا هو سر القلق الذي يملأ مشاعر شبابنا حين يقرأ عبارات لكامي أو سارتر أو فرويد تخالف فطرته الإسلامية الأصيلة، غير أنه نتيجة عجزه عن معرفة "خلفيات" هؤلاء الكتاب يطن أنهم يكتبون بحسن نية، والواقع غير ذلك.
فهم أولاً يصدرون عن مجتمع مختلف عن مجتمعنا. ومن خلال رد فعل لتحديات لم نمر بها، ذلك أن الفكر الديني الغربي الذي فرضته تفسيرات المسيحية، وهو ليس مفهوم الدين الحق المنزل، وإنما من عمل القائمين عليها قد أوجد "سوء فهم" للعلاقة بين الإنسان والحياة، والإنسان والمرأة.
ومن هنا ظهرت بادرات الرهبانية التي أنكرت التعامل مع المجتمعات كلية والتي افترضت في المرأة جنساً غريباً نجساً يحسن تجنبه والانصراف عنه.
هذه القضية: كان لها أبعد الأثر في تدمير المجتمع الغربي وسقوط الحضارة، حتى جاء الإسلام وبلغت أشعته أوربا وأعادت مفهوم الإرادة الإنسانية والعمل، وكان للعلوم الإسلامية أثرها في النهضة الغربية الحديثة، ومن ثم بدأ التحول أيضاً في مفهوم المرأة التي كرمها الإسلام وأعاد لها اعتبارها أن المجتمع الغربي في اندفاعاته الخطيرة قد تجاوز حدود الاعتدال وانتقل من الثورة على المرأة إلى "ثورة الجنس" كما يطلقون عليها الآن، وجاءت آراء الفلاسفة الماديين دافعة إلى الانطلاق والتحرر من كل القيود وجاءت نظرية فرويد الذي رد كل تصرفات الإنسان إلى الجنس وهدد البشرية كلها بخطر الأمراض العصبية إذا ترددت في الانطلاق.
وهكذا نرى أن المجتمع الغربي له خليفته فيما نراه اليوم من كتابات وفلسفات وقصص، التي هي تطبيق للقاعدة المعروفة: رد فعل مساو في القوة، مختلف في الغاية، فقد عاشت أوربا قروناً تحت مفهوم كراهية المرأة ونجاستها وعادت اليوم إلى مفهوم الانطلاق في العلاقة بها إلى أبعد الحدود وإخراجها من كل الأوضاع السليمة للأسرة، وإغرائها بالتعري والإباحة، ودفعها إلى المواخير وشواطئ البحار وساحات الرقص واللعب، تلك قضية الغرب وحده، وما كان لنا فيها من مشاركة، ولم تكن هذه القضية واردة في مجتمعنا الذي كرم المرأة وأعلى شأنها وأقام الأسرة وحماها بالشرف والعرض والكرامة والذي لم يقع في مشكلة الكبت أو التحلل.
غير أن للقضية بعداً آخر، هو دوافع التلمودية الصهيونية، هذه الدوافع التي أعلت من شأن الجنس والمادة وجعلت لذلك كله قوانين وفلسفات ومناهج عقلانية، حتى تبرر وجوده والاستمرار فيه، ومن هنا نرى أن فلاسفة الجنس كلهم من اليهود والدعاة إلى تحطيم نظام الأسرة، وتحطيم الدين، وتدمير الأخلاق، وإفصاد المجتمعات:
دوركايم وسارتر وليفي بريل وماركوز بالإضافة إلى فرويد وماركس، هذه الخلفية جدير بأن تكون في نظر شبابنا وهم يسألون عن هذا الركام المتدفق على اللغة العربية والذي يدير الرؤوس لأنه مكتوب على ورق لامع وغلاف أنيق، وثمن رخيص، ولأنه يتصل بالنفوس الشابة قبل أن تكتمل قدرتها على الفحص، وتجربتها التي تعرف بها الزيف والصواب، فضلاً عن القصور الشديد الذي يواجهه مجتمعنا عن وضع كتب طيبة طيلة في أسلوب عصري عن معضلات النفس والحياة في أيدي شبابنا تطرح أمامهم وجهة نظر الإسلام التي تلتقي دائماً مع العصر والبيئة، ولا تجمد أو تتخلف.
ومن الحق أن يقال أن هؤلاء الشباب الذين تلمع أسماؤهم اليوم في ميدان القصة أو الشعر والذين يجرون وراء هذه المدرسة أنما بدأوا حياتهم في فراغ وتساؤل، فلما لم يجدوا أمامهم في فكرهم الإسلامي ما يجيب على أسئلتهم، وجدوا كتابات نيتشة وماركس وفرويد يسيرة بفضل أمثال سلامة موسى وفيلكس فارس وغيرهم فتقبلتها نفوسهم لأنها كانت تحس بالفراغ بينما قصرت بيئاتهم وبيوتهم عن أن تمد لهم يد المعونة بالإيمان والعلم الصحيح.
وإذا كان لنا أن نقول شيئاً لأبنائنا الذين يتساءلون عن هذه الفلسفات المطروحة تحت اسم "النفس الإنسانية" فإنما نقول لهم لهم أن كل ما يبرق أمام أنظارهم ليس ذهباً، وأن الأسماء اللامعة لا تخدعهم، وأن أحداً لم يستطع حتى الآن أن يقول للنفس الإنسانية الحق ويكشف لها عن جوهرها، وهداها، وطريقها وأمانتها إلا هذا الكتاب المنزل بالحق: "القرآن".
إن على شبابنا أن يعلم كل ما يعطيه الرغبات المطلقة، والكلمات البراقة، والأهواء الشائقة، ومطامح الغرائز والشهوات، إنما يضله ويسمم فكره، ذلك أن حقيقة العطاء أنما هي إيمان بمسئولية الإنسان في الحياة، في سبيل إقامة المنهج الرباني الذي يحقق الأمن النفسي والسعادة الحقة.
أما هذا العطاء البشري الذي يقدمه فرويد وسارتر فإنه لا يحقق السعادة ولا الأمن النفسي ولكنه يحقق القلق والتمزق والضياع والغثيان، ذلك لأنه يفصل الإنسان عن نفسه، ويمزق وجوده، ويقضي على تكامله، ويعلي من شأن جانب فيه على حساب جانب آخر، وذلك هو خطر المادية وأهوائها: وهو الطابع الصريح الواضح الآن للأدب الوجودي عامة، هذا الإحساس بالخوف المتمثل في أن الإنسان وحده في هذه الدنيا، وذلك الخوف من الموت، وتلك المشاعر القلقة المضطربة، إنما مصدرها الحقيقي هو انفصال الشخصية، وإنكار الإيمان بالله، ذلك أن الإنسان في تكوين ذاته نفس وجسد وعقل وقلب ومادة وروح، فإذا جاءت الفلسفات المادية لتقول أن الإنسان نفس وعقل ومادة فقد شطرت الإنسان وأعلت منه جانباً وتجاهلت الجانب الآخر، هذا الجانب لا يموت ولكنه يظل يرسل أحاسيسه ويملأ صاحبه غماً وقلقاً واضطراباً، لأنه جانب موجود وله حق الحياة وتلك هي أزمة الحضارة والإنسان المعاصر.
فإن موقفه من ذلك يختلف تماماً، فالمسلم يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى خلقه من طين ثم نفخ فيه من روحه فهو متكامل التشكل: مادة وروحاً، لا سبيل إلى إعلاء جانب منه على الآخر، بل هو في الحقيقة حين يؤمن ينتقل من المادة إلى الروح فيكون قادراً على البذل والعطاء، وتلك هي قدرته على التسامي من الفردية إلى الغيرية، ولكنه في مفهوم الإسلام أيضاً له حق الحياة والمتاع بها دون انفصال عنها أو عزلة عن المجتمع، فهو متكامل جامع، وهو في فهمه للحياة وتحركه فيها أنما يجمع دائماً بين الزمني والروحي والمطلق والنسبي، واللانهائي والمحدود، يجمع بين معطيات الدنيا وخلود الآخرة.
تلك مقدمات يسيرة بين يدي تساؤلات الشباب في مواجهة الفكر البشري من فلسفات ومفاهيم.
يرسم الإسلام الطريق إلى تكوين الأجيال على نحو غاية في الأصالة وغاية في التقدم في نفس الوقت، فهو لا يدعو إلى تربية مغلقة جافة أو إلى تقليد الآباء، وهو في نفس الوقت لا يطلق الأجيال دون أن تأخذ قدراً من الحصانة والحماية وفهم الوجهة والغاية.
ومن هنا فإن التربية الإسلامية تختلف في منهجها عن التربية التي تقدمها المناهج والمذاهب العالمية على السواء في أنها تجمع بين الدائرة الثابتة والدائرة المتحركة. وذلك حتى لا تنفصل الشخصية الإنسانية عن جذورها التي شكلتها الأديان والعقائد والقيم والبيئة، ثم تكون لها القدرة من خلال هذا الإطار الثابت المرن على تقبل روح العصر من نمو وحركة وتطور وتقدم وعصرية، شريطة أن يكون روح العصر قادراً على التشكيل والانصهار داخل إطار روح الأمة الأصيل.
وتلك قاعدة أساسية من قواعد الفكر الإسلامي تقوم على التكامل والنظرة الجامعة، وعلى ترابط العناصر وتفاعلها بحيث لا يطغى عنصر منها على الآخر ولا يستعلي وبحيث تحقق في مجموعها الاستجابة لتركيب الإنسان نفسه الجامع بين المادة والروح والعقل والقلب.
وعنصر الثبات دائماً يتصل بالإنسان وبخالقه وبالكون وبالتاريخ وبأول الأشياء وبالقرآن وبالفطرة وبالدين، أما عنصر الحركة المتغير فهو يجعله دائماً قادراً على الحياة في للبيئة والعصر مع ظروف التحول والتغير والتطور.
وفي التربية تقوم القاعدة الإسلامية على ركيزتين متوازيتين:
الأولى: إعطاء الأبناء قدرة على الحركة إلى المستقبل.
الثانية: إعطاء الأبناء قوة على الثبات داخل قيم الدين والأخلاق.
وبغير هذا الترابط الجامع يسقط أعظم عامل من عوامل السلامة والقوة في بناء الأمم، وهو عامل "الأمن النفسي" الذي اختفى تماماً من الأمم التي اتخذت من المناهج البشرية الجزئية والإنشطارية منهجاً للحياة وللتربية.
وذلك لأن هذه الأمم قد قبلت مبدأ التغير الدائمالتحول المستمر، ففقدت قاعدتها الأصيلة، ومحورها الذي تدور في فلكه، وبذلك ذهبت بعيداً في "تيه" من العسير استعادتها منه.
ولا ريب أن النظرة الإسلامية الجامعة (وهي نظرة ربانية) هي أقرب ما تكون إلى سلامة القصد، وأكثر ما تكون قوة على حماية البناء الاجتماعي كله من أن يتبدد أو ينهار أو تتدافعه الرياح الهوج.
والمسلمون يؤمنون بالتقاء الأجيال وتكامل الأجيال ولا يؤمنون بصراع الأجيال. وهم يفرقون بين فريضة تقديم التجربة الكاملة من أهل جيل سابق إلى جيل جديد، وبين ما يوصف بأنه "وصاية" على الأجيال الجديدة.
ذلك أن من حق الأجيال الجديدة على الأجيال السابقة: أمرين:
أمانة التجربة والالتزام بإضاءة الطريق أمام النشئ النامي حتى يستطيع أن يمتلك إرادته، لفت نظره إلى ما في الطريق من عقبات، أما الجيل الجديد فمن قه أن يقبل التجربة القديمة أو ينقدها، ولكنه لابد أن يبني على نفس الأساس وإن كان من شأنه أن يجدد أو يغير في الفروع والجزئيات. أما جوهر البناء فهو ملتزم به لأنه ليس ميراثاً عن الآباء فحسب، ولكنه لأنه إلى ذلك قائم على دعامة منهج أصيل متميز، رباني غير وضعي ولا بشري، ويجب أن لا يدفعنا أي دافع إلى التضحية بهذا الأساس إزاء وهم أو بريق خادع من شأنه أن يخرجنا عن الإطار والضوابط والحدود التي رسمها لنا الإسلام.
ويقضي تكوين الأجيال أن تتوازى فيه عوامل ثلاثة:
قدر من الإيمان، وقدر من الثقافة، وقدر من التجربة.
1- فالإيمان هو العامل الأول الذي يضيء القلب ويكشف عن المهمة الحقيقية للإنسان في الأرض، لماذا جاء؟ وما هي أمانته؟ ورسالته وغايته ومسؤوليته. هذا القدر من الإيمان لا يعطيه إلا الدين الحق، والقرآن هو العامل الأول في بناء العقيدة وكشف الوجهة وتزكية النفس والقلب.
2– ثم يجئ العامل الثاني وهو الثقافة الأصلية التي تكشف للعقل عن دوره ومهمته في ضوء التوحيد والإيمان والوحي، وتبسط أمامه الآفاق الواضحة لدور المسلم في الحياة، وللتحديات التي تواجهه في هذا العصر وفي كل عصر حتى يعرف مدى المسؤولية الملقاة عليه، ومدى الخطر المحدق بأمته وأرضه وعقيدته.
3- ثم يجئ العامل الثالث وهو التجربة التي تتكون مع ارتفاع السن والعمل، والاتصال بالمجتمع والناس. ومن شأنها أن تزيد الإيمان والثقافة عمقا وأن تمنحها الرصيد الذي يؤكد الحقائق ويزيدها ثباتا في النفس والعقل.
فإذا خرج الجيل الجديد إلى الحياة دون أن نزوده بالإيمان فإننا نكون قد فتحنا الطريق أمام الفكر البشري ليغزو هذه النفس الناشئة وليملأ هذا الفراغ الذي عجزت عن ملئه الأسرة والأبوة والقدوة.
ومن هنا يبدأ الانحراف ويبدأ الخطر، ثم تكون الثقافة الزائفة الملقاة على الأرصفة هي الزاد حيث لم نهيئ له الزاد الأصيل.
وفي القصة والرواية والفلسفات شبهات وأخطار وصور براقة تنفذ بسرعة إلى القلب الغض والخيال الساذج، وتجد قبولا لأنها ترضي الغريزة والهوى والنفس الأمارة، ومن ثم تحجب الطريق الصحيح.
ثم لا تكون التجربة بعد ذلك إلا في مجالات الأهواء واللذات والرغائب الصغيرة وهكذا تتعرض الأجيال الجديدة للخطر الذي يجعلها تتنكب طريق الخير فلا تعطي لأمتها ما تتطلع إليه من قوة دافعة بل تكون عاملا من عوامل الهزيمة والانحراف.
ومن شأن التربية الإسلامية أن تنقل الأجيال من الأنانية إلى الغيرية، ومن التطلعات الفردية إلى خدمة الجماعة فالأمة والرسالة، فلا يكون الإنسان دائراً في إطار ذاته وأهوائه ورغبائه، ولكنه يكون في خدمة هدف ورسالة وغاية تستوعب كل وقته وفكره وحياته، ولا يتحقق هذا إلا إذا فهم الأبناء مسئوليتهم إزاء ربهم وأمتهم وجيلهم. فليست الحياة متعة تساق، ولا لذة تبتغى، ولا تطلعاً إلى شهرة أو مال أو مجد شخصي، وإنما هي "رسالة" ومسئولية والتزام وأمانة، الخدمة فيها موجهة باسم الحق تبارك وتعالى لإقامة المجتمع الكريم الذي يحقق منهج الله في الأرض.
إن أخطر ما يواجه الأجيال في مطالع الحياة: خطر يتصل بالعقيدة وخطر يتصل بالغريزة، وفي الفلسفات المنثورة تبرير للانحرافيين، وفي التربية الأصلية في مجال الأسرة منذ أول الخطو الحماية والحياطة وإقامة الجدار المكين الذي يحفظ العقل والنفس جميعاً من مهاوى التدمير التي تواجه الأجيال. فإذا أمكن هذا التكوين السليم حفظ النفس والعقل جميعاً من أن يستعلي شيء على العقيدة، فلا ترى النفس في تلك الصورة البراقة الزاهية ما يخلب لبها أو يخدعها، ذلك أن أول عوامل الوهن أن يحس المسلم بقصوره وقصور مجتمعه وأمته عن الأمم الأخرى، فيخدع بالظن بأن هذا التخلف مرتبط بهذه العقيدة وما هو كذلك، ذلك أن الحقيقة هي أن التراخي عن العقيدة هو الذي أحدث التخلف وليس العكس.
ولذلك فإن أول البناء في تكوين الأجيال هو الإيمان بذاتية خاصة لها قيمها ووجودها وكيانها وتاريخها، مختلفة عن غيرها، وأن هذا التخلف القائم هو مرحلة من المراحل، جاءت بعد مراحل من القوة والتمكن، شأن دورة الحياة والتاريخ بكل الأمم والشعوب، وأنها حالة مؤقتة، إن السؤال الذي هو بمثابة أكبر معضلات العصر هو موقف شبابنا إزاء هذا الفيض المتدفق من النظريات والمعلومات والأفكار عن طريق الصحافة والإذاعة والكتب العربية المترجمة والقصص وما يدرس في مدرجات الجامعات وما تتناوله الكتب الرخيصة المنثورة على وأن الالتزام بالأصل والجوهر الرباني، من شأنه أن ينهي هذه المرحلة ويرد المسلمين مرة أخرى إلى مكانهم في تاريخ البشرية وأن ما يطيل أمد التخلف هو التماس مناهج الآخرين.
إن منهج الإسلام جماع للروح والمادة، والعقل والروح، والدنيا والآخرة، وهو وسيلتهم إلى النجاح وسبيلهم إلى التمكن، وليس لهم من دونه طريق أو سبيل، تلك هي أمانة الأجيال الحقة التي يجب أن يقدمها لهم هذا الجيل ليكونوا من بعد قادرين على الدفاع عنها والحفاظ عليها والقيام بها.الأرصفة وعلى أسوار الحدائق وكيف يواجه شبابنا ذلك الركام الهائل المعروض عليهم عرضاً حراً مطلقاً كأنما هو من المسلمات أو الحقائق الثابتة.
إذا أردنا أن نعرف ما هي الأدوات التي يمتلكها هذا الشباب للحكم على ما يقدم له لم نجد أكثر من قدرة يسيرة على القراءة ونفوس غضة متطلعة إلى كل طريق وجميل وملون وأنيق، وخاصة إذا صحبته أسماء لامعة مثال فرويد أو سارتر وبودلير وكافكا. كيف يستطيع أن يكتشف الحقيقة ويعرف الأصيل من الزائف وقدته العقلية يسيرة، ومحصوله العلمي قليل، وذخيرته الفكرية والروحية والدينية بسيطة، وعنصر الحرص من الخطر معدوم تماماً.
إن شبابنا يقبل ببساطة على هذا الركام، وهو مستسلم له تماماً خالي الذهن من تلك المعركة الضخمة الدائرة نم وراء هذه المطبوعات، والتي ترمي إلى إغراقه واحتوائه والقضاء على كيانه واستلاب قدراته التي وهبتها له أمته من أجل الدفاع عن القيم والمقدسات المعرضة للخطر.
لذلك فإن القراءة الآن أصبحت فناً خطيراً وأمانة الكاتب موضوعة الآن في الميزان ومسئولية القارئ يجب أن تكون واضحة إزاء ما يكتب وما يقدم.
إن خطر الأجنبي المترجم ليس أقل أثراً من الغربي المكتوب بالعربية والمقدم للشباب على أنه نتاج عربي.
وهذا الغربي المكتوب باللغة العربي وبأقلام عربية، ما مدى أصالته، وما مدى سلامته وما مدى إيمان أصحابه بأمتهم وبأمانتهم لها. لقد أصبح هناك صنفان من الكتابات أحدهما ولاؤه للفكر الغربي بمفهومه ديمقراطياً ووجودياً وإحياء الوثنية الإباحية الهلينية وهذا الفكر يحاول أن يتعرض للإسلام ولتاريخ الإسلام ولشريعة الإسلام بإثارة الشبهات وبالدعوة إلى استغلالها لتبرير الواقع وتبرير الحضارة التي تمر بمرحلة الأزمة الصاعقة. والتي تقدم أسوأ معطياتها اليوم وأقسى صور حياتها في صورة الوجودية والهيبية الناقمة المنحرفة الرافضة لكل قيم المجتمعات وضوابطها.
ومن الكتابات ما نجد وراءها الفكر الماركسي المادي بمفهومه المنحرف الداعي إلى صراع الطبقات المحرضة على الهدم والتدمير والدماء والقائم على الجماعية التي تحتقر الفرد ولا ترى إلا أنه ترس في آلة، والتي تنكر الأسرة والزواج وتنظر إلى الأخلاق والدين والصلة بالله وبالسماء نظرتها الرافضة المحبوسة في حدود المحسوس والمادي وهي تحاول أن تفرض فلسفتها هذه على المجتمع الإسلامي وتعمل على تفسير التاريخ تفسيراً مادياً، محدوداً، قاصراً لا يعترف بالروح ولا بالمعنويات.
ومن عجب ألا يتوقف هذا التيار الصاعق عند دعوته ولكت يقتحم الفكر الإسلامي ليفرض منهجه المادي عليه، ومن هذه المحاولات الخطرة:
أولاً: إقامة جسور وقناطر بين الفكرة الإسلامية والنظريات العربية، ماركسية ووجودية وديمقراطية، بدعوى أن الإسلام فيه ديمقراطية وعدالة اجتماعية واعتراف بالفردية.
ثانياً: محاول تفسير التاريخ الإسلامي تفسيراً مادياً لتحرك التاريخ الإسلامي أو اتخاذ التفسير المادي المنكر للغيب والنبوة وما وراء المادة أساساً للتفسير.
ثالثاً: محاولة لوضع الشريعة الإسلامية في مجال تبرير الواقع المعاصر في الأمم والحضارات المعاصرة وذلك بالقول بأن الشريعة الإسلامية مرنة وقابلة للحضارات وتغيرات العصور والأزمان، وأنها تقوم على أساس قواعد عامة ترتضي القوانين الوضعية مع تعديلات يسيرة.
ولا ريب أن هذه كلها مؤامرات زائفة، ومحاولات مغلوطة، تفسر الشريعة الإسلامية والمفهوم الإسلامي على الانصهار في بوتقة الحضارة القائمة بكل فسادها وانحلالها وتبريرها من ناحية والقبول بها من ناحية ذاتية الإسلام المفردة ذات الطابع المفرد وأهم من ذلك كله القضاء على الطابع الخاص المتميز الذي يختلف اختلافاً واضحاً عن الواقع الإسلامي المعاش والمستمد من الحضارة الغربية التي شكلتها مفاهيم الوثنية اليونانية والقوانين الرومانية وتفسيرات المسيحية الغربية بما فيها الخطيئة الأصلية والفصل بين الدين والدولة، والقول بالتطور المطلق ونسبية الأخلاق.
###الشباب وكيف يواجه ركام الفكر الوافد
إن الماركسيين يحاولون خداع المسلمين بأن الماركسية والإسلام يلتقيان في العدل الاجتماعي وأن الغربيين الليبراليين يحاولون خداع المسلمين بأن الديمقراطية والإسلام يلتقيان في الشورى التي تسمى في الديمقراطية التمثيل النيابي وكلا الأمرين فيه تمويه وزيف كثير فلا العدل الاجتماعي في الإسلام مشابه للماركسية ولا الشورى مشابهة للتمثيل النيابي.
ونحن نعرف أن الاستعمار والصهيونية والماركسية يتعاونون على هدف واحد وإن اختلفوا في مطامع السيطرة، هذا الهدف هو تدمير المعنوية والأصالة والذاتية في الأمة الإسلامية حتى تخضع وتدخل دائرة الاحتواء وتنصهر في الأتون اللعين، أنون الأممية. ومن ثم تفقد ذلك الشيء الذي يميزها ويجعلها أمة لها قدرتها الخاصة على إقامة كلمة الله، وعلى العمل لإقامة المجتمع الرباني.
جاء الاستعمار وهدفه إحلال مخطط جديد وفكر جديد مختلف في الغاية والوجهة، هو إدخال المسلمين في الدائرة الغربية المغلقة، وإخراجهم من الدائرة الربانية الموسعة الجامعة، مستهدفاً حصرهم واحتواءهم، ولقد جرب الغرب أسلوبه في الديمقراطية الغربية وأحس العالم الإسلامي أنها جسم غريب، ثم جاءت الموجة الأخرى المتابعة لها وهي الماركسية ورفضها الجسم الإسلامي والعقل الإسلامي، وأثبت الروح الإسلامي أنه غير قابل للاحتواء والانصهار في أي النظامين، غير أن التجربة المظلمة: تجربة تطبيق النظام الغربي في المجتمع والتعليم والسياسة والاقتصاد والقانون كانت مصدراً للهزائم المتوالية التي وقعت فيها المنطقة العربية، نكبة ونكسة وهزيمة، واحتلال فلسطين والقدس، كانت أفكار القومية والإقليمية والتجزئة مصدر التمزق والهزيمة، لقد كانت الهزيمة نتيجة هجر المنهج الإسلامي، منهج الأصالة والذاتية، والانصهار في مناهج الغرب التي لم تكن صالحة لأهلها أو محققة لهم قيام المجتمع الأمثل، أن الذي هزم هو التخطيط العسكري والسياسي الوافد، أما الإسلام فإنه لم يكن موجوداً أو مطبقاً حتى تنسب الهزيمة إليه، بل كان قد أبعد تماماً وحوصر.
إن التجربة التي بدأت بالاحتلال الغربي وانتهت بهزيمة 1967 م يجب أن تضع تحت لأعيننا رصيداً ضخماً من الوعي واليقظة والحذر، تجاه فكرة تقليد الغرب بشقيه، أنماط الغرب، الترف، الاستهلاك، الانحلال، التمزق، الغربة، الغثيان، كلها هي ميراث هذا الفكر الغربي الوافد الذي يقدم لنا عن طريقين: عن طريق مترجمات غثة رديئة، لا نختار إلا الإباحيات والسموم والانحراف وتدع كل ما هو إيجابي وصالح ونافع، لم تقدم هذا على أنه مسلمات وحقائق، بينما هو لم يبلغ درجة النظرية، وليس درجة العلم إنما هو ركام شديد السوء تقدمه أقلام مليئة بالحقد والكراهية والتعصب، مدفوعة إلى تدمير المجتمعات وهزيمة القيم وإثارة الشبهات والشهوات والإباحيات.
لقد علمنا الإسلام أن نقف من المعارف المعروضة علينا موقف التعرف الصحيح على قيمها الحقيقية، وعلى مصادرها، وعما إذا كانت نافعة أم ضارة، إيجابية أم سلبية، وأن علينا أن نرفض الزيف والتفاهات أن ننبه عليها.
وأنة نعرف أن لنا من العلوم موقفاً ومن الثقافات الأممية موقفاً، ومن هذا الركام الزائف المنشور في كتيبات تباع على الأسوار موقفاً آخر، وعلينا أن نعرف الفرق بين العلوم والفلسفات، فالفلسفات نظريات فردية قوامها فروض تصح وتخطئ، وهي مرتبطة عادة ببيئتها وعصورها، وليست صالحة لعصور أو بيئات أخرى لأن جانبها الذاتي بالإضافة إلى صدورها عن تحديات مجتمعها وعصرها وأمور مجتمعها كل هذا يجعلها أقل صلاحية لأن تكون إنسانية أو عامة.
والعلوم التجريبية شيء غير الفلسفات وغير الثقافات، ومن حق الشباب علينا أن نقدم لهم مترجمات عن الفكر الغربي ولكنها يجب أن تكون مسبوقة باستعراض لها، فإذا قدمنا لهم ماركس أو سارتر، أو هيجل، أو فرويد، فعلينا أن نقدم ذلك في إطار عصره وفكره، وأن نقدم أيضاً وجهة نظر فكرنا في هذا العمل أو ذاك. ذلك أن للفكر الإسلامي منهجه ومنطلقه وطابعه الخاص به، وهو مختلف عن مناهج ومنطلقات وخواص وطوابع الفكر العربي: الذي مر بمراحل مختلفة، وتركز في صور عديدة، منها الاقتصاد والنفس، والاجتماع والقانون، وكلها تختلف عن مفهوم الإسلام.
فلنكن على حذر مما يقدم إلينا من هذه المترجمات.
أما ما تكتبه الأقلام العربية من مصدر ولاء للفكر الغربي أو الفكر الماركسي، فإن علينا أن نعرف موقف الإسلام من كل ما يقدم، وإلا تختلط علينا المفاهيم فتجرفنا إلى ما يخرجنا من طوابعنا وذاتيتنا، حتى لا نسقط في فخ الفكر العالمي، الأممي الذي يستهدف صهرنا وإذابتنا في بوتقته حتى تضيع تلك الصفة الخاصة التي يتميز بها المسلمون: وتلك هي أخطر التحديات التي تواجه "الأصالة".
الدكتور انور الجندى
مفكر اسلامى
من كتاب قضايا مسلم
تدور في نفوس شبابنا وفي أذهانهم وعلى ألسنتهم كلمات حائرة وتساؤلات مستقيمة، عن كثير مما يقرأن في كتابات مترجمة تملأ الأسواق والمكتبات جاءت من بلادها وتعرضت لقضايا أممها، ولكنها في نطاق الرواية أنما تمثل فكراً عالمياً يستوحي النفس الإنسانية ويستعرض مشاعرها فإلى أي حد يستطيع هذا الفكر أن يطابق النفس العربية المسلمة، قبولاً أو رفضاً، وكيف يجد هذا الشباب السبيل وعقائدها ومشاعرها عما يراه في مجتمعه ويعيشه في حياته. إن هذه الكلمات أحياناً تدير الرؤوس وتلهب العواطف، وتدفع إلى غايات وأهواء وتصور الحياة بصورة قلقة وهي تلقى مع الشباب المسلم العربي في مطالع العمر، وفي سن المراهقة ووسط أجواء حافلة بالصورة العارية والقصة المكشوفة، والفيلم الماجن، والمسرحية الصارخة، ومن خلال مجتمع مختلط فيه الملابس الكاشفة والصدور العارية، والكلمات الجريئة والزحام الشديد، والاختلاط الغريب وكل ما يقر أ أو يسمع يعين على الغواية ويدفع إلى التقليد ويجرئ على التجربة ومن وراء ذلك نتائج قاسية خطيرة.
إن هذا الشباب الريفي المليء بالحياء والخلق، قد جاء إلى المدينة ووقع على (كامي وسارتر وفرويد) ومن ورائهم عشرات الكتب والقصص ووجد من يروج لهذا كله ويعرضه فير فصول وكتابات وفي مسرحيات وشعر وقصص، وهو يريد أن يعرف: هل هذا كله يمثل أنفسنا، أليست النفس الإنسانية واحدة؟ هل نحن في حل من أن ننطلق وراء الغرب في دعوته إلى الانطلاق حيث لا توجد حدود توقف ولا أبواب تحول؟ ثم هو لا يلبث أن يجد الكاتب من صميم بلده ودينه، صورة طبق الأصل بل ربما أشد عنفاً من هذا الكاتب الغربي، فهذا الذي يفترض أن المجتمع كله قد دخل دائرة الرغبة واللذة، وأن هذه الظاهرة التي لا تعدو واحدا في المائة في مجتمعاتنا قد أصبحت تستوعب المجتمع كله، وأن الناس لا يلتقون إلا ليتحدثوا في هذا الأمر، بل أنهم ليسخرون من أولئك الذين ما زالوا مقيدين بقيود الدين والأخلاق!.
هذه هي القضية التي تتطلب إيضاحاً، وتسأل عن حل، وتتطلع إلى معرفة وجه الحقيقة. ومن الحق أنها قضية، بل هي معضلة من معضلات عصرنا وأزمة من أزمات المجتمع الإسلامي في العصر الحديث.
ولكن لكي نستطيع أن ننظر في الأمر علينا أن نعرف أبعاد القضية وخلفياتها وتاريخها، في العلاقة بين مجتمعنا الإسلامي العربي وبين مجتمع الغرب، وبين الظروف التي حكمت بأن يسيطر الغرب عن طريق الاستعمار على هذه الأرض فيعمل على فرض مفاهيمه وأفكاره ونظرياته في الاجتماع والأخلاق والنفس والتربية إيماناً منه بأن هذه الأمة لا تقاد إلا من حيث تجرد أولاً من عقائدها ومفاهيمها وان تحتوي في دائرة فكر الغرب نفسه حتى يسلس قيادها وتكون تابعة راضية بتبعيتها.
ومن هنا كانت تلك الدعوة إلى وحدة الفكر البشري ووحدة الحضارة ووحدة النفس الإنسانية، ومن ذا الذي يستطيع أن ينكر هذا كله، لقد كان ذلك صحيحاً ولكن بني البشر لم يقبلوا هذه الوحدة حين أنشأوا فكراً بشرياً مختلفاً عن الفكر الرباني الذي هدتهم إليه الأديان ورسالات السماء. ومن هنا وقع الخلاف فقد ذهبت النفس الإنسانية وراء أهوائها وعمدت إلى الضوابط التي أقامتها الأديان بالحدود والأخلاق حماية للكيان الإنساني نفسه منى الانهيار، فحطمتها باسم التحرر من القيود. ثم حين ذهبت وراء مطامعها إلى التماس متع الحياة على النحو المسرف المندفع دون تقدير لحق الناس جميعاً في هذه المعطيات. ثم حادت عن فهم رسالة الإنسان في الحياة ومسئوليته والأمانة التي وكلت إليه، فأرادت أن ترى الحياة متعة خالصة تجرى وراءها، وأن الخطأ والفساد "جبرية" للمجتمع لا حساب للفرد عنها، وأنه ليس وراء هذه الحياة حياة وأن الموت بالمرصاد من وراء الحروب والذرة، فليندفع الناس إلى الحياة يقتحمون متعها قبل أن تزول.
ومن أجل أن تحقق النفس الإنسانية أهواءها فقد كان عليها أن تبرر ذلك بالعقل والفلسفة، فتقطع علاقتها الكاملة بالمسئولية فتنكر ما وراء الواقع المحسوس، وتعلن كما فعل "نيتشة" "موت الإله وترى الدين (أفيون الشعوب) وتحتقر الأخلاق وتراها ضعفاً وذلة، وهكذا جاءت الفلسفة المادية لتحرر الإنسان من تبعته ومسئوليته وأمانته، ولتطلقه وراء لذاته وأهوائه ومطامعه: ومن هنا كانت فلسفة (الماركسية) وفلسفة الجنس (الفرويدية) وبينهما تعيش النفس الإنسانية، ومن هذه المفاهيم يصدر كامي وسارتر وعشرات من كتاب القصة والمسرحية والشعر.
هذه النفس الإنسانية ليست هي النفس المسلمة التي ما تزال تؤمن بالله وتؤمن بمسئولية الإنسان في الحياة وجزائه الأخروي، وأمانته، وتؤمن بالضوابط والحدود والأخلاق التي تصنع الإطار الذي يتحرك فيه، ولهذا ما يكتب هؤلاء، إنما تحس بالدهشة، والدهشة مزيج نم الخوف والشوق، أما الشوق فيصدر عن هذه النفس الشابة في سن المراهقة المتطلعة إلى اللذات والرغائب، أما الخوف فيصدر عن ذلك الإحساس الداخلي بالإيمان بالله والجزاء والحساب. وهي بين ذلك تتدافع وتتارجع ولكنها لا تسقط إلا إذا فقدت عنصر الإيمان الذي كونته الأسرة وصنعه الأب والأم.
ولقد تتراوح النفس المسلمة بين الخطأ والصواب، والضلال والهدى، وكنها إذا ما عرفت الحقيقة التي هي كامنة في الأعماق، عادت إلى طبيعتها وأصالتها وفطرتها
هذا هو سر القلق الذي يملأ مشاعر شبابنا حين يقرأ عبارات لكامي أو سارتر أو فرويد تخالف فطرته الإسلامية الأصيلة، غير أنه نتيجة عجزه عن معرفة "خلفيات" هؤلاء الكتاب يطن أنهم يكتبون بحسن نية، والواقع غير ذلك.
فهم أولاً يصدرون عن مجتمع مختلف عن مجتمعنا. ومن خلال رد فعل لتحديات لم نمر بها، ذلك أن الفكر الديني الغربي الذي فرضته تفسيرات المسيحية، وهو ليس مفهوم الدين الحق المنزل، وإنما من عمل القائمين عليها قد أوجد "سوء فهم" للعلاقة بين الإنسان والحياة، والإنسان والمرأة.
ومن هنا ظهرت بادرات الرهبانية التي أنكرت التعامل مع المجتمعات كلية والتي افترضت في المرأة جنساً غريباً نجساً يحسن تجنبه والانصراف عنه.
هذه القضية: كان لها أبعد الأثر في تدمير المجتمع الغربي وسقوط الحضارة، حتى جاء الإسلام وبلغت أشعته أوربا وأعادت مفهوم الإرادة الإنسانية والعمل، وكان للعلوم الإسلامية أثرها في النهضة الغربية الحديثة، ومن ثم بدأ التحول أيضاً في مفهوم المرأة التي كرمها الإسلام وأعاد لها اعتبارها أن المجتمع الغربي في اندفاعاته الخطيرة قد تجاوز حدود الاعتدال وانتقل من الثورة على المرأة إلى "ثورة الجنس" كما يطلقون عليها الآن، وجاءت آراء الفلاسفة الماديين دافعة إلى الانطلاق والتحرر من كل القيود وجاءت نظرية فرويد الذي رد كل تصرفات الإنسان إلى الجنس وهدد البشرية كلها بخطر الأمراض العصبية إذا ترددت في الانطلاق.
وهكذا نرى أن المجتمع الغربي له خليفته فيما نراه اليوم من كتابات وفلسفات وقصص، التي هي تطبيق للقاعدة المعروفة: رد فعل مساو في القوة، مختلف في الغاية، فقد عاشت أوربا قروناً تحت مفهوم كراهية المرأة ونجاستها وعادت اليوم إلى مفهوم الانطلاق في العلاقة بها إلى أبعد الحدود وإخراجها من كل الأوضاع السليمة للأسرة، وإغرائها بالتعري والإباحة، ودفعها إلى المواخير وشواطئ البحار وساحات الرقص واللعب، تلك قضية الغرب وحده، وما كان لنا فيها من مشاركة، ولم تكن هذه القضية واردة في مجتمعنا الذي كرم المرأة وأعلى شأنها وأقام الأسرة وحماها بالشرف والعرض والكرامة والذي لم يقع في مشكلة الكبت أو التحلل.
غير أن للقضية بعداً آخر، هو دوافع التلمودية الصهيونية، هذه الدوافع التي أعلت من شأن الجنس والمادة وجعلت لذلك كله قوانين وفلسفات ومناهج عقلانية، حتى تبرر وجوده والاستمرار فيه، ومن هنا نرى أن فلاسفة الجنس كلهم من اليهود والدعاة إلى تحطيم نظام الأسرة، وتحطيم الدين، وتدمير الأخلاق، وإفصاد المجتمعات:
دوركايم وسارتر وليفي بريل وماركوز بالإضافة إلى فرويد وماركس، هذه الخلفية جدير بأن تكون في نظر شبابنا وهم يسألون عن هذا الركام المتدفق على اللغة العربية والذي يدير الرؤوس لأنه مكتوب على ورق لامع وغلاف أنيق، وثمن رخيص، ولأنه يتصل بالنفوس الشابة قبل أن تكتمل قدرتها على الفحص، وتجربتها التي تعرف بها الزيف والصواب، فضلاً عن القصور الشديد الذي يواجهه مجتمعنا عن وضع كتب طيبة طيلة في أسلوب عصري عن معضلات النفس والحياة في أيدي شبابنا تطرح أمامهم وجهة نظر الإسلام التي تلتقي دائماً مع العصر والبيئة، ولا تجمد أو تتخلف.
ومن الحق أن يقال أن هؤلاء الشباب الذين تلمع أسماؤهم اليوم في ميدان القصة أو الشعر والذين يجرون وراء هذه المدرسة أنما بدأوا حياتهم في فراغ وتساؤل، فلما لم يجدوا أمامهم في فكرهم الإسلامي ما يجيب على أسئلتهم، وجدوا كتابات نيتشة وماركس وفرويد يسيرة بفضل أمثال سلامة موسى وفيلكس فارس وغيرهم فتقبلتها نفوسهم لأنها كانت تحس بالفراغ بينما قصرت بيئاتهم وبيوتهم عن أن تمد لهم يد المعونة بالإيمان والعلم الصحيح.
وإذا كان لنا أن نقول شيئاً لأبنائنا الذين يتساءلون عن هذه الفلسفات المطروحة تحت اسم "النفس الإنسانية" فإنما نقول لهم لهم أن كل ما يبرق أمام أنظارهم ليس ذهباً، وأن الأسماء اللامعة لا تخدعهم، وأن أحداً لم يستطع حتى الآن أن يقول للنفس الإنسانية الحق ويكشف لها عن جوهرها، وهداها، وطريقها وأمانتها إلا هذا الكتاب المنزل بالحق: "القرآن".
إن على شبابنا أن يعلم كل ما يعطيه الرغبات المطلقة، والكلمات البراقة، والأهواء الشائقة، ومطامح الغرائز والشهوات، إنما يضله ويسمم فكره، ذلك أن حقيقة العطاء أنما هي إيمان بمسئولية الإنسان في الحياة، في سبيل إقامة المنهج الرباني الذي يحقق الأمن النفسي والسعادة الحقة.
أما هذا العطاء البشري الذي يقدمه فرويد وسارتر فإنه لا يحقق السعادة ولا الأمن النفسي ولكنه يحقق القلق والتمزق والضياع والغثيان، ذلك لأنه يفصل الإنسان عن نفسه، ويمزق وجوده، ويقضي على تكامله، ويعلي من شأن جانب فيه على حساب جانب آخر، وذلك هو خطر المادية وأهوائها: وهو الطابع الصريح الواضح الآن للأدب الوجودي عامة، هذا الإحساس بالخوف المتمثل في أن الإنسان وحده في هذه الدنيا، وذلك الخوف من الموت، وتلك المشاعر القلقة المضطربة، إنما مصدرها الحقيقي هو انفصال الشخصية، وإنكار الإيمان بالله، ذلك أن الإنسان في تكوين ذاته نفس وجسد وعقل وقلب ومادة وروح، فإذا جاءت الفلسفات المادية لتقول أن الإنسان نفس وعقل ومادة فقد شطرت الإنسان وأعلت منه جانباً وتجاهلت الجانب الآخر، هذا الجانب لا يموت ولكنه يظل يرسل أحاسيسه ويملأ صاحبه غماً وقلقاً واضطراباً، لأنه جانب موجود وله حق الحياة وتلك هي أزمة الحضارة والإنسان المعاصر.
فإن موقفه من ذلك يختلف تماماً، فالمسلم يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى خلقه من طين ثم نفخ فيه من روحه فهو متكامل التشكل: مادة وروحاً، لا سبيل إلى إعلاء جانب منه على الآخر، بل هو في الحقيقة حين يؤمن ينتقل من المادة إلى الروح فيكون قادراً على البذل والعطاء، وتلك هي قدرته على التسامي من الفردية إلى الغيرية، ولكنه في مفهوم الإسلام أيضاً له حق الحياة والمتاع بها دون انفصال عنها أو عزلة عن المجتمع، فهو متكامل جامع، وهو في فهمه للحياة وتحركه فيها أنما يجمع دائماً بين الزمني والروحي والمطلق والنسبي، واللانهائي والمحدود، يجمع بين معطيات الدنيا وخلود الآخرة.
تلك مقدمات يسيرة بين يدي تساؤلات الشباب في مواجهة الفكر البشري من فلسفات ومفاهيم.
يرسم الإسلام الطريق إلى تكوين الأجيال على نحو غاية في الأصالة وغاية في التقدم في نفس الوقت، فهو لا يدعو إلى تربية مغلقة جافة أو إلى تقليد الآباء، وهو في نفس الوقت لا يطلق الأجيال دون أن تأخذ قدراً من الحصانة والحماية وفهم الوجهة والغاية.
ومن هنا فإن التربية الإسلامية تختلف في منهجها عن التربية التي تقدمها المناهج والمذاهب العالمية على السواء في أنها تجمع بين الدائرة الثابتة والدائرة المتحركة. وذلك حتى لا تنفصل الشخصية الإنسانية عن جذورها التي شكلتها الأديان والعقائد والقيم والبيئة، ثم تكون لها القدرة من خلال هذا الإطار الثابت المرن على تقبل روح العصر من نمو وحركة وتطور وتقدم وعصرية، شريطة أن يكون روح العصر قادراً على التشكيل والانصهار داخل إطار روح الأمة الأصيل.
وتلك قاعدة أساسية من قواعد الفكر الإسلامي تقوم على التكامل والنظرة الجامعة، وعلى ترابط العناصر وتفاعلها بحيث لا يطغى عنصر منها على الآخر ولا يستعلي وبحيث تحقق في مجموعها الاستجابة لتركيب الإنسان نفسه الجامع بين المادة والروح والعقل والقلب.
وعنصر الثبات دائماً يتصل بالإنسان وبخالقه وبالكون وبالتاريخ وبأول الأشياء وبالقرآن وبالفطرة وبالدين، أما عنصر الحركة المتغير فهو يجعله دائماً قادراً على الحياة في للبيئة والعصر مع ظروف التحول والتغير والتطور.
وفي التربية تقوم القاعدة الإسلامية على ركيزتين متوازيتين:
الأولى: إعطاء الأبناء قدرة على الحركة إلى المستقبل.
الثانية: إعطاء الأبناء قوة على الثبات داخل قيم الدين والأخلاق.
وبغير هذا الترابط الجامع يسقط أعظم عامل من عوامل السلامة والقوة في بناء الأمم، وهو عامل "الأمن النفسي" الذي اختفى تماماً من الأمم التي اتخذت من المناهج البشرية الجزئية والإنشطارية منهجاً للحياة وللتربية.
وذلك لأن هذه الأمم قد قبلت مبدأ التغير الدائمالتحول المستمر، ففقدت قاعدتها الأصيلة، ومحورها الذي تدور في فلكه، وبذلك ذهبت بعيداً في "تيه" من العسير استعادتها منه.
ولا ريب أن النظرة الإسلامية الجامعة (وهي نظرة ربانية) هي أقرب ما تكون إلى سلامة القصد، وأكثر ما تكون قوة على حماية البناء الاجتماعي كله من أن يتبدد أو ينهار أو تتدافعه الرياح الهوج.
والمسلمون يؤمنون بالتقاء الأجيال وتكامل الأجيال ولا يؤمنون بصراع الأجيال. وهم يفرقون بين فريضة تقديم التجربة الكاملة من أهل جيل سابق إلى جيل جديد، وبين ما يوصف بأنه "وصاية" على الأجيال الجديدة.
ذلك أن من حق الأجيال الجديدة على الأجيال السابقة: أمرين:
أمانة التجربة والالتزام بإضاءة الطريق أمام النشئ النامي حتى يستطيع أن يمتلك إرادته، لفت نظره إلى ما في الطريق من عقبات، أما الجيل الجديد فمن قه أن يقبل التجربة القديمة أو ينقدها، ولكنه لابد أن يبني على نفس الأساس وإن كان من شأنه أن يجدد أو يغير في الفروع والجزئيات. أما جوهر البناء فهو ملتزم به لأنه ليس ميراثاً عن الآباء فحسب، ولكنه لأنه إلى ذلك قائم على دعامة منهج أصيل متميز، رباني غير وضعي ولا بشري، ويجب أن لا يدفعنا أي دافع إلى التضحية بهذا الأساس إزاء وهم أو بريق خادع من شأنه أن يخرجنا عن الإطار والضوابط والحدود التي رسمها لنا الإسلام.
ويقضي تكوين الأجيال أن تتوازى فيه عوامل ثلاثة:
قدر من الإيمان، وقدر من الثقافة، وقدر من التجربة.
1- فالإيمان هو العامل الأول الذي يضيء القلب ويكشف عن المهمة الحقيقية للإنسان في الأرض، لماذا جاء؟ وما هي أمانته؟ ورسالته وغايته ومسؤوليته. هذا القدر من الإيمان لا يعطيه إلا الدين الحق، والقرآن هو العامل الأول في بناء العقيدة وكشف الوجهة وتزكية النفس والقلب.
2– ثم يجئ العامل الثاني وهو الثقافة الأصلية التي تكشف للعقل عن دوره ومهمته في ضوء التوحيد والإيمان والوحي، وتبسط أمامه الآفاق الواضحة لدور المسلم في الحياة، وللتحديات التي تواجهه في هذا العصر وفي كل عصر حتى يعرف مدى المسؤولية الملقاة عليه، ومدى الخطر المحدق بأمته وأرضه وعقيدته.
3- ثم يجئ العامل الثالث وهو التجربة التي تتكون مع ارتفاع السن والعمل، والاتصال بالمجتمع والناس. ومن شأنها أن تزيد الإيمان والثقافة عمقا وأن تمنحها الرصيد الذي يؤكد الحقائق ويزيدها ثباتا في النفس والعقل.
فإذا خرج الجيل الجديد إلى الحياة دون أن نزوده بالإيمان فإننا نكون قد فتحنا الطريق أمام الفكر البشري ليغزو هذه النفس الناشئة وليملأ هذا الفراغ الذي عجزت عن ملئه الأسرة والأبوة والقدوة.
ومن هنا يبدأ الانحراف ويبدأ الخطر، ثم تكون الثقافة الزائفة الملقاة على الأرصفة هي الزاد حيث لم نهيئ له الزاد الأصيل.
وفي القصة والرواية والفلسفات شبهات وأخطار وصور براقة تنفذ بسرعة إلى القلب الغض والخيال الساذج، وتجد قبولا لأنها ترضي الغريزة والهوى والنفس الأمارة، ومن ثم تحجب الطريق الصحيح.
ثم لا تكون التجربة بعد ذلك إلا في مجالات الأهواء واللذات والرغائب الصغيرة وهكذا تتعرض الأجيال الجديدة للخطر الذي يجعلها تتنكب طريق الخير فلا تعطي لأمتها ما تتطلع إليه من قوة دافعة بل تكون عاملا من عوامل الهزيمة والانحراف.
ومن شأن التربية الإسلامية أن تنقل الأجيال من الأنانية إلى الغيرية، ومن التطلعات الفردية إلى خدمة الجماعة فالأمة والرسالة، فلا يكون الإنسان دائراً في إطار ذاته وأهوائه ورغبائه، ولكنه يكون في خدمة هدف ورسالة وغاية تستوعب كل وقته وفكره وحياته، ولا يتحقق هذا إلا إذا فهم الأبناء مسئوليتهم إزاء ربهم وأمتهم وجيلهم. فليست الحياة متعة تساق، ولا لذة تبتغى، ولا تطلعاً إلى شهرة أو مال أو مجد شخصي، وإنما هي "رسالة" ومسئولية والتزام وأمانة، الخدمة فيها موجهة باسم الحق تبارك وتعالى لإقامة المجتمع الكريم الذي يحقق منهج الله في الأرض.
إن أخطر ما يواجه الأجيال في مطالع الحياة: خطر يتصل بالعقيدة وخطر يتصل بالغريزة، وفي الفلسفات المنثورة تبرير للانحرافيين، وفي التربية الأصلية في مجال الأسرة منذ أول الخطو الحماية والحياطة وإقامة الجدار المكين الذي يحفظ العقل والنفس جميعاً من مهاوى التدمير التي تواجه الأجيال. فإذا أمكن هذا التكوين السليم حفظ النفس والعقل جميعاً من أن يستعلي شيء على العقيدة، فلا ترى النفس في تلك الصورة البراقة الزاهية ما يخلب لبها أو يخدعها، ذلك أن أول عوامل الوهن أن يحس المسلم بقصوره وقصور مجتمعه وأمته عن الأمم الأخرى، فيخدع بالظن بأن هذا التخلف مرتبط بهذه العقيدة وما هو كذلك، ذلك أن الحقيقة هي أن التراخي عن العقيدة هو الذي أحدث التخلف وليس العكس.
ولذلك فإن أول البناء في تكوين الأجيال هو الإيمان بذاتية خاصة لها قيمها ووجودها وكيانها وتاريخها، مختلفة عن غيرها، وأن هذا التخلف القائم هو مرحلة من المراحل، جاءت بعد مراحل من القوة والتمكن، شأن دورة الحياة والتاريخ بكل الأمم والشعوب، وأنها حالة مؤقتة، إن السؤال الذي هو بمثابة أكبر معضلات العصر هو موقف شبابنا إزاء هذا الفيض المتدفق من النظريات والمعلومات والأفكار عن طريق الصحافة والإذاعة والكتب العربية المترجمة والقصص وما يدرس في مدرجات الجامعات وما تتناوله الكتب الرخيصة المنثورة على وأن الالتزام بالأصل والجوهر الرباني، من شأنه أن ينهي هذه المرحلة ويرد المسلمين مرة أخرى إلى مكانهم في تاريخ البشرية وأن ما يطيل أمد التخلف هو التماس مناهج الآخرين.
إن منهج الإسلام جماع للروح والمادة، والعقل والروح، والدنيا والآخرة، وهو وسيلتهم إلى النجاح وسبيلهم إلى التمكن، وليس لهم من دونه طريق أو سبيل، تلك هي أمانة الأجيال الحقة التي يجب أن يقدمها لهم هذا الجيل ليكونوا من بعد قادرين على الدفاع عنها والحفاظ عليها والقيام بها.الأرصفة وعلى أسوار الحدائق وكيف يواجه شبابنا ذلك الركام الهائل المعروض عليهم عرضاً حراً مطلقاً كأنما هو من المسلمات أو الحقائق الثابتة.
إذا أردنا أن نعرف ما هي الأدوات التي يمتلكها هذا الشباب للحكم على ما يقدم له لم نجد أكثر من قدرة يسيرة على القراءة ونفوس غضة متطلعة إلى كل طريق وجميل وملون وأنيق، وخاصة إذا صحبته أسماء لامعة مثال فرويد أو سارتر وبودلير وكافكا. كيف يستطيع أن يكتشف الحقيقة ويعرف الأصيل من الزائف وقدته العقلية يسيرة، ومحصوله العلمي قليل، وذخيرته الفكرية والروحية والدينية بسيطة، وعنصر الحرص من الخطر معدوم تماماً.
إن شبابنا يقبل ببساطة على هذا الركام، وهو مستسلم له تماماً خالي الذهن من تلك المعركة الضخمة الدائرة نم وراء هذه المطبوعات، والتي ترمي إلى إغراقه واحتوائه والقضاء على كيانه واستلاب قدراته التي وهبتها له أمته من أجل الدفاع عن القيم والمقدسات المعرضة للخطر.
لذلك فإن القراءة الآن أصبحت فناً خطيراً وأمانة الكاتب موضوعة الآن في الميزان ومسئولية القارئ يجب أن تكون واضحة إزاء ما يكتب وما يقدم.
إن خطر الأجنبي المترجم ليس أقل أثراً من الغربي المكتوب بالعربية والمقدم للشباب على أنه نتاج عربي.
وهذا الغربي المكتوب باللغة العربي وبأقلام عربية، ما مدى أصالته، وما مدى سلامته وما مدى إيمان أصحابه بأمتهم وبأمانتهم لها. لقد أصبح هناك صنفان من الكتابات أحدهما ولاؤه للفكر الغربي بمفهومه ديمقراطياً ووجودياً وإحياء الوثنية الإباحية الهلينية وهذا الفكر يحاول أن يتعرض للإسلام ولتاريخ الإسلام ولشريعة الإسلام بإثارة الشبهات وبالدعوة إلى استغلالها لتبرير الواقع وتبرير الحضارة التي تمر بمرحلة الأزمة الصاعقة. والتي تقدم أسوأ معطياتها اليوم وأقسى صور حياتها في صورة الوجودية والهيبية الناقمة المنحرفة الرافضة لكل قيم المجتمعات وضوابطها.
ومن الكتابات ما نجد وراءها الفكر الماركسي المادي بمفهومه المنحرف الداعي إلى صراع الطبقات المحرضة على الهدم والتدمير والدماء والقائم على الجماعية التي تحتقر الفرد ولا ترى إلا أنه ترس في آلة، والتي تنكر الأسرة والزواج وتنظر إلى الأخلاق والدين والصلة بالله وبالسماء نظرتها الرافضة المحبوسة في حدود المحسوس والمادي وهي تحاول أن تفرض فلسفتها هذه على المجتمع الإسلامي وتعمل على تفسير التاريخ تفسيراً مادياً، محدوداً، قاصراً لا يعترف بالروح ولا بالمعنويات.
ومن عجب ألا يتوقف هذا التيار الصاعق عند دعوته ولكت يقتحم الفكر الإسلامي ليفرض منهجه المادي عليه، ومن هذه المحاولات الخطرة:
أولاً: إقامة جسور وقناطر بين الفكرة الإسلامية والنظريات العربية، ماركسية ووجودية وديمقراطية، بدعوى أن الإسلام فيه ديمقراطية وعدالة اجتماعية واعتراف بالفردية.
ثانياً: محاول تفسير التاريخ الإسلامي تفسيراً مادياً لتحرك التاريخ الإسلامي أو اتخاذ التفسير المادي المنكر للغيب والنبوة وما وراء المادة أساساً للتفسير.
ثالثاً: محاولة لوضع الشريعة الإسلامية في مجال تبرير الواقع المعاصر في الأمم والحضارات المعاصرة وذلك بالقول بأن الشريعة الإسلامية مرنة وقابلة للحضارات وتغيرات العصور والأزمان، وأنها تقوم على أساس قواعد عامة ترتضي القوانين الوضعية مع تعديلات يسيرة.
ولا ريب أن هذه كلها مؤامرات زائفة، ومحاولات مغلوطة، تفسر الشريعة الإسلامية والمفهوم الإسلامي على الانصهار في بوتقة الحضارة القائمة بكل فسادها وانحلالها وتبريرها من ناحية والقبول بها من ناحية ذاتية الإسلام المفردة ذات الطابع المفرد وأهم من ذلك كله القضاء على الطابع الخاص المتميز الذي يختلف اختلافاً واضحاً عن الواقع الإسلامي المعاش والمستمد من الحضارة الغربية التي شكلتها مفاهيم الوثنية اليونانية والقوانين الرومانية وتفسيرات المسيحية الغربية بما فيها الخطيئة الأصلية والفصل بين الدين والدولة، والقول بالتطور المطلق ونسبية الأخلاق.
###الشباب وكيف يواجه ركام الفكر الوافد
إن الماركسيين يحاولون خداع المسلمين بأن الماركسية والإسلام يلتقيان في العدل الاجتماعي وأن الغربيين الليبراليين يحاولون خداع المسلمين بأن الديمقراطية والإسلام يلتقيان في الشورى التي تسمى في الديمقراطية التمثيل النيابي وكلا الأمرين فيه تمويه وزيف كثير فلا العدل الاجتماعي في الإسلام مشابه للماركسية ولا الشورى مشابهة للتمثيل النيابي.
ونحن نعرف أن الاستعمار والصهيونية والماركسية يتعاونون على هدف واحد وإن اختلفوا في مطامع السيطرة، هذا الهدف هو تدمير المعنوية والأصالة والذاتية في الأمة الإسلامية حتى تخضع وتدخل دائرة الاحتواء وتنصهر في الأتون اللعين، أنون الأممية. ومن ثم تفقد ذلك الشيء الذي يميزها ويجعلها أمة لها قدرتها الخاصة على إقامة كلمة الله، وعلى العمل لإقامة المجتمع الرباني.
جاء الاستعمار وهدفه إحلال مخطط جديد وفكر جديد مختلف في الغاية والوجهة، هو إدخال المسلمين في الدائرة الغربية المغلقة، وإخراجهم من الدائرة الربانية الموسعة الجامعة، مستهدفاً حصرهم واحتواءهم، ولقد جرب الغرب أسلوبه في الديمقراطية الغربية وأحس العالم الإسلامي أنها جسم غريب، ثم جاءت الموجة الأخرى المتابعة لها وهي الماركسية ورفضها الجسم الإسلامي والعقل الإسلامي، وأثبت الروح الإسلامي أنه غير قابل للاحتواء والانصهار في أي النظامين، غير أن التجربة المظلمة: تجربة تطبيق النظام الغربي في المجتمع والتعليم والسياسة والاقتصاد والقانون كانت مصدراً للهزائم المتوالية التي وقعت فيها المنطقة العربية، نكبة ونكسة وهزيمة، واحتلال فلسطين والقدس، كانت أفكار القومية والإقليمية والتجزئة مصدر التمزق والهزيمة، لقد كانت الهزيمة نتيجة هجر المنهج الإسلامي، منهج الأصالة والذاتية، والانصهار في مناهج الغرب التي لم تكن صالحة لأهلها أو محققة لهم قيام المجتمع الأمثل، أن الذي هزم هو التخطيط العسكري والسياسي الوافد، أما الإسلام فإنه لم يكن موجوداً أو مطبقاً حتى تنسب الهزيمة إليه، بل كان قد أبعد تماماً وحوصر.
إن التجربة التي بدأت بالاحتلال الغربي وانتهت بهزيمة 1967 م يجب أن تضع تحت لأعيننا رصيداً ضخماً من الوعي واليقظة والحذر، تجاه فكرة تقليد الغرب بشقيه، أنماط الغرب، الترف، الاستهلاك، الانحلال، التمزق، الغربة، الغثيان، كلها هي ميراث هذا الفكر الغربي الوافد الذي يقدم لنا عن طريقين: عن طريق مترجمات غثة رديئة، لا نختار إلا الإباحيات والسموم والانحراف وتدع كل ما هو إيجابي وصالح ونافع، لم تقدم هذا على أنه مسلمات وحقائق، بينما هو لم يبلغ درجة النظرية، وليس درجة العلم إنما هو ركام شديد السوء تقدمه أقلام مليئة بالحقد والكراهية والتعصب، مدفوعة إلى تدمير المجتمعات وهزيمة القيم وإثارة الشبهات والشهوات والإباحيات.
لقد علمنا الإسلام أن نقف من المعارف المعروضة علينا موقف التعرف الصحيح على قيمها الحقيقية، وعلى مصادرها، وعما إذا كانت نافعة أم ضارة، إيجابية أم سلبية، وأن علينا أن نرفض الزيف والتفاهات أن ننبه عليها.
وأنة نعرف أن لنا من العلوم موقفاً ومن الثقافات الأممية موقفاً، ومن هذا الركام الزائف المنشور في كتيبات تباع على الأسوار موقفاً آخر، وعلينا أن نعرف الفرق بين العلوم والفلسفات، فالفلسفات نظريات فردية قوامها فروض تصح وتخطئ، وهي مرتبطة عادة ببيئتها وعصورها، وليست صالحة لعصور أو بيئات أخرى لأن جانبها الذاتي بالإضافة إلى صدورها عن تحديات مجتمعها وعصرها وأمور مجتمعها كل هذا يجعلها أقل صلاحية لأن تكون إنسانية أو عامة.
والعلوم التجريبية شيء غير الفلسفات وغير الثقافات، ومن حق الشباب علينا أن نقدم لهم مترجمات عن الفكر الغربي ولكنها يجب أن تكون مسبوقة باستعراض لها، فإذا قدمنا لهم ماركس أو سارتر، أو هيجل، أو فرويد، فعلينا أن نقدم ذلك في إطار عصره وفكره، وأن نقدم أيضاً وجهة نظر فكرنا في هذا العمل أو ذاك. ذلك أن للفكر الإسلامي منهجه ومنطلقه وطابعه الخاص به، وهو مختلف عن مناهج ومنطلقات وخواص وطوابع الفكر العربي: الذي مر بمراحل مختلفة، وتركز في صور عديدة، منها الاقتصاد والنفس، والاجتماع والقانون، وكلها تختلف عن مفهوم الإسلام.
فلنكن على حذر مما يقدم إلينا من هذه المترجمات.
أما ما تكتبه الأقلام العربية من مصدر ولاء للفكر الغربي أو الفكر الماركسي، فإن علينا أن نعرف موقف الإسلام من كل ما يقدم، وإلا تختلط علينا المفاهيم فتجرفنا إلى ما يخرجنا من طوابعنا وذاتيتنا، حتى لا نسقط في فخ الفكر العالمي، الأممي الذي يستهدف صهرنا وإذابتنا في بوتقته حتى تضيع تلك الصفة الخاصة التي يتميز بها المسلمون: وتلك هي أخطر التحديات التي تواجه "الأصالة".
الدكتور انور الجندى
مفكر اسلامى
من كتاب قضايا مسلم
- العجيسيعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1595
البلد :
نقاط : 1727
السٌّمعَة : 27
تاريخ التسجيل : 11/11/2009
رد: الى كل مسلم ومسلمه الدكتور انور الجندى
السبت 09 أكتوبر 2010, 20:14
هل الدكتور يعرف الحقيقة؟
ماركس مفكر اقتصادى وما علاقة الحقيقة بالاقتصاد...
هل مشروع سارتر كان يناقش في الحقيقة ؟ابدا ,سيدي الدكتور الفرنسيون لا يهتمون بالحقيقة قي ذاتها ....بل كان يهمهم الانسان في علاقته بالوجود بدافع الحرية وليس بدافع الحقيقة...كما كان ماركس وانجلز يفكران في العالم من منظور أقتصادي.
يا دكتور مشكلتنا فينا مشكلتنا فكرية جوانية ...التى تورث النكوص وعدم القدرة على أختراف الوافع.
مادا تقصد يا دكتور بالاصالة ؟ هل تقصد "أقرأ بأسم ربك الدى خلق"بدون نيابة ...كما فعل سيدنا محمد في غار حراء قي قرأته للكون بالنور الالهى"القرأن" .
سيدي الدكتور منهجكم في القراءة لا يشبه منهج سيد الخلق لأنه كان قارءا حقيقيا يقرأ من كتاب الكون اللانهائي الدي نهل منه العظماء عبر التاريخ.
يادكتور بحثك هدا لو علج في علاقته بالفكر الامريكي لا كان افضل ,,,,,لان امريكا هى من تهتم بالحقيقة وليس المركسيين او الاوربيين.
هل انت قارئ حقيقي يا دكتور ؟لا أعتقد
ماركس مفكر اقتصادى وما علاقة الحقيقة بالاقتصاد...
هل مشروع سارتر كان يناقش في الحقيقة ؟ابدا ,سيدي الدكتور الفرنسيون لا يهتمون بالحقيقة قي ذاتها ....بل كان يهمهم الانسان في علاقته بالوجود بدافع الحرية وليس بدافع الحقيقة...كما كان ماركس وانجلز يفكران في العالم من منظور أقتصادي.
يا دكتور مشكلتنا فينا مشكلتنا فكرية جوانية ...التى تورث النكوص وعدم القدرة على أختراف الوافع.
مادا تقصد يا دكتور بالاصالة ؟ هل تقصد "أقرأ بأسم ربك الدى خلق"بدون نيابة ...كما فعل سيدنا محمد في غار حراء قي قرأته للكون بالنور الالهى"القرأن" .
سيدي الدكتور منهجكم في القراءة لا يشبه منهج سيد الخلق لأنه كان قارءا حقيقيا يقرأ من كتاب الكون اللانهائي الدي نهل منه العظماء عبر التاريخ.
يادكتور بحثك هدا لو علج في علاقته بالفكر الامريكي لا كان افضل ,,,,,لان امريكا هى من تهتم بالحقيقة وليس المركسيين او الاوربيين.
هل انت قارئ حقيقي يا دكتور ؟لا أعتقد
- المسلمعضو خبير
- عدد الرسائل : 687
العمر : 43
الموقع : بورسعيد
البلد :
نقاط : 1007
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
رد
الأحد 10 أكتوبر 2010, 15:26
اخى العجيسى بالنسبه الى السؤال الاخير لك وهو ان الدكتور
هل هو قارىء جيد ؟
يسرنى ان تقراء ترجمه الشيخ الدكتورو بنفسك .
اخى يجب ان نعلم ان سارتر كان من اقطاب المجتمع فى عصره ومن كبار مفكريه ومحركيه وان هذا الرجل باشاره من اسرائيل استطاع ان يسير تظاهره من اجل قيامها وجمع خمسه وعشرون مليون دولار وما مقداره عشرون مليون اخرى تبرعات من اجلها
اذن ان الحقائق التى سار خلفها سارتر جعلت منه رجل عملى ورجل بالمعنى العام (برجماتى ) كان له اراءه الشاذه الغريبه على مجتمعنا الاسلامى فانظر مثلا عجيسى فى مسرحياته الاخيره
فهو يتناول مواضيع مثل: شرعية اسـتخدام العنف، نتائج الفعل، العلاقة بين الفرد والمجتمع، وبين الفرد والتاريخ. من مسرحياته أيضا الشـيطان واللور رجـال بلا ظـلال
وانا اعلم ان سر دفاعك عنه هو مساهمته فى استقلال الجزائر بمعارضته للمشروع الاستعمارى على وجه العموم واستبداله بمشروع فكرة ثقافى يمكن من خلاله اختراق المجتمعات بدون عنف وبطش .
اما اخى بالنسبه الى ماركس فهذا الرجل لم يكن اقتصاديا فقط ابدا
وعار عليك اخى العجيسى ان تقع فى هذا الخطا الرهيب بصفتك رجل مثقف ومتشبع ابثقافه الغربيه من وجه نظرى البسيطه فانت تعلم ان ماركس كان رجل كافرا وملحدا بكل القيم والمعتقدات والافكار التى تخاطب فطره الانسان السوى والفطرى ولا يجب ان تختزل اخى العجيسى ماركس فى دور الرجل الاقتصادى فقط لانه رجل كان له هدف واحد ونهج واحد وهو وضع العالم فى منظور واحد ومعادله واحده اوصلت نصف العالم الى الدمار وبقى النصف الاول ناظرا شامتا الى اناس يتضورون جوعا ومرضا بسبب سياسه شاذه ليس لها اصل بناء اى مجتمع .
اما قولك اخى
الفرنسيون لا يهتمون بالحقيقة قي ذاتها ....بل كان يهمهم الانسان في علاقته بالوجود بدافع الحرية وليس بدافع الحقيقة...
هذا كلام جان جاك روسوا اخى العجيسى بالضبط
اذن اين الحريه من احتلال بلدك لقرن وربع من الزمان
اذن اخى لماذا تاخذ شعارات جان جاك روسوا على انها هى الحقيقه كامله !
انك يجب ان لا تنسى ما فعلته فرنسا ببلادك العظيمه ومن اجل ماذا
طبعا ليس من اجل الحريه التى نادى بها نابليون ولا من اجل (الاستعمار) باللمعنى الصحيح للكلمه
بل (من اجل ان يغيروا لسان شعبك من لغه القران الى لغه فرنسيه)
ومن اجل ان لا يعبر اليهم الى فرنسا غافقى او طارق بن زياد جديد كما قال شارل ديجول وهو فى ميناء وهران على متن سفينه فرنسيه مغادره وسبق ان كررت لك هذه القصه اكثر من مره اخى
.
اذن عجيسى نحن لسنا صرعى فكر اسلامى راديكالى متخلف او رجعى بل نحن نتاج مشوه من عده ثقافات متعدده غربيه ليس لها اساس فى النهج البشرى الفطرى الذى فطر عليه الانسان السوى
ثقافات جنسيه وفكريه والحاديه تقع تحت شعار حريه وتحرر الفكر الانسانى من شموليه الدين الى جوهر الواقع المزيف والمشوه والمستنسخ بافكار ومناهج مدمره للفكر الانسانى الخالص المعتمد على سياسه
ان العرب حاليا عباره عن نتاج جنينى مشوه بسبب عيوب زواج فكرى متخلف وملحد وغربى
ان المجتمع الاسلامى اخى العجيسى لن يتقدم كما تحب ان تراه الا اذا تم بناءه على هذه الاسس
1- الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ويوم الحساب والقدر وان هناك رب مطلع على اعمال ونوايا البشر التى يجب ان تسير فى خدمه المجتمع والاسره من اجل ان تتقدم الامم من خلال دين ومعتقد صحيح.
2- بناء المجتمع فى ضوء القران والسنه والعلم النافع والمتحضر الذى يفيد الانسان ومجتمعه واسرته ونبذ اى فكر انحلالى او دعوه مشبوهه وعلم غير مفيد .
3- البعد عن الافكار الشاذه والمناهج المدمره والافكار العفنه التى لم تات بجديد الى منهج الانسان السوى .
4- التكافل الجتماعى ومنهج الشورى فى الاسلام هو بيت القصيد فى بناء امه اسلاميه قويه .
اخى العجيسى المجتمع الاسلامى ليس جلباب وسواك ونقاب وحلال وحرام وعذاب قبر ومسيخ دجال فقط كما يردد اساتذتك من العقلانيين والنورانيين والمتقدمين .
ان الاسلام منهج حياه شامل وجامع قابل للتقدم والتحضر العلمى بما يواكب روح العصر من خلال
احترام وتعاليم الله الخالق البارى للاكوان والانسان ومن خلال دفتى (قران وسنه و(اجتهاد ) ) للعلماء واهل العلم .
وشكرا عجيسى
وبالنسبه الى انور الجندى وسؤالك الاول
فارجوا منك اخى ان تقرا
ترجمه الدكتور انور الجندى لانى احب ان اجعلك ان تقراها بنفسك لانه فى غنى عن التعريف من شخص بسيط مثلى .
شكرا اخى عجيسى .
هل هو قارىء جيد ؟
يسرنى ان تقراء ترجمه الشيخ الدكتورو بنفسك .
اخى يجب ان نعلم ان سارتر كان من اقطاب المجتمع فى عصره ومن كبار مفكريه ومحركيه وان هذا الرجل باشاره من اسرائيل استطاع ان يسير تظاهره من اجل قيامها وجمع خمسه وعشرون مليون دولار وما مقداره عشرون مليون اخرى تبرعات من اجلها
اذن ان الحقائق التى سار خلفها سارتر جعلت منه رجل عملى ورجل بالمعنى العام (برجماتى ) كان له اراءه الشاذه الغريبه على مجتمعنا الاسلامى فانظر مثلا عجيسى فى مسرحياته الاخيره
فهو يتناول مواضيع مثل: شرعية اسـتخدام العنف، نتائج الفعل، العلاقة بين الفرد والمجتمع، وبين الفرد والتاريخ. من مسرحياته أيضا الشـيطان واللور رجـال بلا ظـلال
وانا اعلم ان سر دفاعك عنه هو مساهمته فى استقلال الجزائر بمعارضته للمشروع الاستعمارى على وجه العموم واستبداله بمشروع فكرة ثقافى يمكن من خلاله اختراق المجتمعات بدون عنف وبطش .
اما اخى بالنسبه الى ماركس فهذا الرجل لم يكن اقتصاديا فقط ابدا
وعار عليك اخى العجيسى ان تقع فى هذا الخطا الرهيب بصفتك رجل مثقف ومتشبع ابثقافه الغربيه من وجه نظرى البسيطه فانت تعلم ان ماركس كان رجل كافرا وملحدا بكل القيم والمعتقدات والافكار التى تخاطب فطره الانسان السوى والفطرى ولا يجب ان تختزل اخى العجيسى ماركس فى دور الرجل الاقتصادى فقط لانه رجل كان له هدف واحد ونهج واحد وهو وضع العالم فى منظور واحد ومعادله واحده اوصلت نصف العالم الى الدمار وبقى النصف الاول ناظرا شامتا الى اناس يتضورون جوعا ومرضا بسبب سياسه شاذه ليس لها اصل بناء اى مجتمع .
اما قولك اخى
الفرنسيون لا يهتمون بالحقيقة قي ذاتها ....بل كان يهمهم الانسان في علاقته بالوجود بدافع الحرية وليس بدافع الحقيقة...
هذا كلام جان جاك روسوا اخى العجيسى بالضبط
اذن اين الحريه من احتلال بلدك لقرن وربع من الزمان
اذن اخى لماذا تاخذ شعارات جان جاك روسوا على انها هى الحقيقه كامله !
انك يجب ان لا تنسى ما فعلته فرنسا ببلادك العظيمه ومن اجل ماذا
طبعا ليس من اجل الحريه التى نادى بها نابليون ولا من اجل (الاستعمار) باللمعنى الصحيح للكلمه
بل (من اجل ان يغيروا لسان شعبك من لغه القران الى لغه فرنسيه)
ومن اجل ان لا يعبر اليهم الى فرنسا غافقى او طارق بن زياد جديد كما قال شارل ديجول وهو فى ميناء وهران على متن سفينه فرنسيه مغادره وسبق ان كررت لك هذه القصه اكثر من مره اخى
.
اذن عجيسى نحن لسنا صرعى فكر اسلامى راديكالى متخلف او رجعى بل نحن نتاج مشوه من عده ثقافات متعدده غربيه ليس لها اساس فى النهج البشرى الفطرى الذى فطر عليه الانسان السوى
ثقافات جنسيه وفكريه والحاديه تقع تحت شعار حريه وتحرر الفكر الانسانى من شموليه الدين الى جوهر الواقع المزيف والمشوه والمستنسخ بافكار ومناهج مدمره للفكر الانسانى الخالص المعتمد على سياسه
ان العرب حاليا عباره عن نتاج جنينى مشوه بسبب عيوب زواج فكرى متخلف وملحد وغربى
ان المجتمع الاسلامى اخى العجيسى لن يتقدم كما تحب ان تراه الا اذا تم بناءه على هذه الاسس
1- الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ويوم الحساب والقدر وان هناك رب مطلع على اعمال ونوايا البشر التى يجب ان تسير فى خدمه المجتمع والاسره من اجل ان تتقدم الامم من خلال دين ومعتقد صحيح.
2- بناء المجتمع فى ضوء القران والسنه والعلم النافع والمتحضر الذى يفيد الانسان ومجتمعه واسرته ونبذ اى فكر انحلالى او دعوه مشبوهه وعلم غير مفيد .
3- البعد عن الافكار الشاذه والمناهج المدمره والافكار العفنه التى لم تات بجديد الى منهج الانسان السوى .
4- التكافل الجتماعى ومنهج الشورى فى الاسلام هو بيت القصيد فى بناء امه اسلاميه قويه .
اخى العجيسى المجتمع الاسلامى ليس جلباب وسواك ونقاب وحلال وحرام وعذاب قبر ومسيخ دجال فقط كما يردد اساتذتك من العقلانيين والنورانيين والمتقدمين .
ان الاسلام منهج حياه شامل وجامع قابل للتقدم والتحضر العلمى بما يواكب روح العصر من خلال
احترام وتعاليم الله الخالق البارى للاكوان والانسان ومن خلال دفتى (قران وسنه و(اجتهاد ) ) للعلماء واهل العلم .
وشكرا عجيسى
وبالنسبه الى انور الجندى وسؤالك الاول
فارجوا منك اخى ان تقرا
ترجمه الدكتور انور الجندى لانى احب ان اجعلك ان تقراها بنفسك لانه فى غنى عن التعريف من شخص بسيط مثلى .
شكرا اخى عجيسى .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى