- هواري عزالدينعضو نشيط
- عدد الرسائل : 152
البلد :
نقاط : 380
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/07/2010
اتفق المغاربة ان لا يتفقوا
السبت 30 أكتوبر 2010, 18:05
اتفق المغاربة ان لا يتفقوا
مرة أخرى تتأجل القمة المغاربية النائمة في الجزائر منذ ما يقارب العشر سنوات بعد أن تأجلت عدة مرات سابقة ولكن هذه المرة " إلى أجل غير مسمى".
وقد بات واضحا أن القادة المغاربيين لم يبذلوا الجهد اللازم لانجاح هذه القمة أو ما كانوا قادرين على أن يفعلوا ذلك. ولربما كانوا يرغبون في تأجيلها ثم وضعها في الثلاجة بعد أن اعترفوا بعجزهم واستسلموا كلهم لارادة الغرب.
وقد بذلت السلطة الجزائرية كل ما في وسعها للتخلص من عبء الرئاسة بينما قبلت ليبيا على مضض تحمله وهي مدركة أن موضوع المغرب العربي قد "وضع في الثلاجة" فعلا.
فشلت إذا القمة المغاربية في الانعقاد وما كان لها في الحقيقة أن تؤول إلى غير ذلك. فالمشكلة الصحراوية المستعصية قد ألقت بظلالها في الآونة الأخيرة على العلاقات المغربية-الجزائرية التي شهدت توترا قويا وصل إلى حد تبادل الاتهامات بين العاهل المغربي والرئيس الجزائري زيادة عن المواجهة عن طريق الحملات الإعلامية الهوجاء التي قامت بين البلدين. كما أن العلا قات الليبية-الموريطانية المتوترة بطبيعتها منذ سنوات شهدت تفجرا عنيفا اثر محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت في موريطانيا في جويلية الماضي والتي أعربت السلطة الليبية صراحة عن تأييدها لها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد في تدهور العلاقات بين البلدين فلقد أصدرت السلطة الموريطانية بيانا تتهم فيه القيادة الليبية بتحريض ولد هيدالة على التمرد على السلطة بعد أن "فشل" في الانتخابات الرئاسية وذلك عشية الموعد المحدد لانعقاد القمة المغاربية. فكان هذا البيان بمثابة الضربة القاضية التي سددت لهذه القمة.
وان ما يثير الاستغراب والدهشة بالخصوص هي تلك اللامبالاة التي أبدتها النخب المغاربية تجاه هذا الموضوع الخطير وذلك الفتور الذي تعاملت به معه. وحتى بعض الذين اهتموا بالموضوع فقد اكتفوا بنعي المشروع المغاربي برمته أو رددوا بكثير من التسرع وبشيء من التندر هذه الدعاية الجديدة التي تقول ان الوحدة المغاربية أصبحت شأنا غربيا )أوروبيا وأميركيا( أكثر منها شأنا مغاربيا!!!
وان المساعي الحثيثة التي تقوم بها بعض الدوائر الإعلامية والدبلوماسية والسياسية والأكاديمية لترسيخ هذه الدعاية في الأذهان تثير مخاوف كثيرة وتفرض علينا الانتباه والحذر.
ما هي حصيلة التحركات الغربية الأخيرة في المنطقة؟
لقد قام كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية الاسبق بزيارة فجائية وخاطفة إلى بلدان المغرب العربي الثلاث تونس والجزائر والمغرب يوم03/12/2003 وذلك قبل زيارةارئيس الفرنسي الاسبق شيراك لبلادنا بيوم واحد وقبل تاريخ انعقاد القمة الأورو- متوسطية (5+5) بيومين.
ولقد رأى البعض ممن يعتقدون في وجود تناقض بين المصالح الأوروبية والمصالح الأميركية ووجود صراع بين الطرفين على النفوذ في بلدان المغرب العربي أن هذه الزيارة تدخل ضمن هذا الصراع وتمثل محاولة من الإدارة الأميركية لاستباق المجموعة الأوروبية إلى المنطقة وتعزيز موقعها هناك...
ولا أعتقد البتة في صواب هذا التصور رغم كل المظاهر. فالأوروبيون والأميركان متحالفون منذ القدم تحالفا استراتجيا متينا لا يتزعزع. فهم يشتركون في الانتماء إلى حضارة غربية واحدة تحتل اليوم مركز العالم ويتقاسمون الاعتقاد في تفوق حضارتهم على كل الحضارات الأخرى كما يعتقدون أن عليهم مسؤولية تمدين أو قل ترويض كل الشعوب. وهم ينعمون اليوم سوية بدفء الغطاء الأطلسي المدجج بمختلف الأسلحة الفتاكة ولا حول ولا قوة لأي قوة في العالم أن تتحدى إرادتهم. وإن ما يطرأ من خلافات بين بعض قادتهم من حين إلى آخر لا يرقى إلى تناقض من الدرجة الثانية أو حتى الثالثة هذا إذا لم يكن من باب تقاسم الأدوار.
ودول الحلف الأطلسي معترفة بزعامة الولايات المتحدة ولا تنازعها في ذلك وتقف وراءها بكل انضباط في الأوقات الحرجة وفي الأمور الحساسة. وقد اتضح ذلك أثناء الحرب التي قامت في البوسنة ثم في كوسوفو كما اتضح في غزو أفغانستان اثر قيام ما سمي بـ"التحالف الدولي لمقاومة الإرهاب".
وان التباين في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية بخصوص كيفية التعامل مع العراق لم يؤثر في هذا التحالف الاستراتيجي بين الطرفين والذي يهدف بالأساس إلى محاربة الإسلام كدين وثقافة وحضارة بعد أن حققت الليبرالية الغربية انتصارا ساحقا على الشيوعية السوفياتية )وهذا ما أكده جورج بوش الأب سابقا (. وان التصريحات المطمئنة التي تصدر من حين لآخر عن بعض المسؤولين الغربيين إنما تهدف إلى تهدئة المشاعر عند المسلمين وتجنب إثارة مسلمي العالم دفعة واحدة. ولا يمكن لكل الشعارات المطروحة الآن مثل الحرب على الإرهاب وحماية السلم والأمن في العالم ونشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان... أن تحجب هذه الحقيقة المفزعة عن الأنظار.
وانه لا يمكن أن نفهم تلك التحركات لكل من باول وشيراك في المنطقة المغاربية خارج هذا السياق. فزيارة كولن باول الخاطفة جاءت لتوضح وجهة نظر الإدارة الأميركية في الأنظمة القائمة بالجهة ولتعلن عن التحركات المقبلة التي تنوي القيام به هناك ولتنبه القادة المحليين والأوروبيين إلى هذه التحركات. ويمكن اعتبار هذه الزيارة عملا مكملا للقمة الأورو-متوسطية لا متعارضا معها.
ففي الندوة الصحفية التي عقدها في مقر سفارة بلاده إثر وصوله إلى تونس في بداية الزيارة ركز باول على قضية الصحراء الغربية قائلا: "إن الولايات المتحدة ترى أنه قد حان الوقت لكي يقدم المغرب والجزائر على مناقشات جدية لإحراز تقدم فيما يخص البحث عن تسوية سلمية لهذه المسألة".
هذا الكلام يجب فهمه كالتالي:
1.الولايات المتحدة عازمة على إيجاد حل لقضية الصحراء.
2. المسؤولية الكبرى في تعطيل التسوية تقع على عاتق الجزائر )لأن الجزائر ترفض التفاوض مع المغرب في هذه القضية وتعتبرها قضية تصفية استعمار تعالج ضمن هياكل الأمم المتحدة
3.إذا لم تقبل الجزائر بالتفاوض مع المغرب للوصول إلى تسوية سلمية فالولايات المتحدة ستجد نفسها مجبرة على اللجوء إلى تسوية ستكون بالضرورة غير سلمية.
يبدو إذا أن هناك رغبة أميركية-أطلسية في الضغط على الجزائر لإجبارها على القبول بالتفاوض مع المغرب حول موضوع الصحراء بما يعني إجبارها على التخلي عن كل مواقفها السابقة بخصوص هذا الموضوع وبالتالي التخلي عن حركة البوليزاريو حليفتها في هذا النزاع. وهذا الموقف يمثل صفعة قوية للسلط الجزائرية وللشعب الجزائري الذي ارتبطت عنده قضية الصحراء بكل جراح الماضي الناتجة عن علاقة الجوار المتوترة مع المغرب والتي تعود حتى إلى ما قبل الاستقلال )وهذا لا يعني البتة أن الجزائر كانت حكيمة في طريقة طرحها للموضوع(.
ولم يكتف باول بتوجيه هذه الصفعة من تونس بل أعادها في المغرب وفي الجزائر نفسها ثم زاد فأعلن في الندوة الصحفية التي عقدها بالجزائر أنه تباحث مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول تنظيم الانتخابات الرئاسية بحيث تكون حرة ونزيهة ولم يتحرج عندما قال انه حث الرئيس على توسيع قاعدة المشاركة السياسية واحترام حقوق الإنسان وحماية حرية الصحافة والتعبير ثم أردف أنه وجد استجابة لدى الرئيس بوتفليقة. وإنه لمن الغريب حقا أن يقبل بلد المليون ونصف شهيد هذه الإهانات على أرضه ولم يحرك ساكنا، فكل الأحزاب السياسية الرسمية رحبت بتصريحات باول باستثناء حركة مجتمع السلم فقد صرح زعيمها الشيخ بوجرة سلطاني أن هذه التصريحات تعتبر" تدخلا في شأن داخلي جزائري".
وفي نفس الندوة الصحفية أكد باول أن كل بلدان المنطقة هم "حلفاء" الولايات المتحدة ولم يستثن إحداها إلا أنه أسهب في امتداح "تقدم الحريات" في المغرب.
وإذا ما قارنا هذه التصريحات بالتصريحات التي أدلى بها في تونس نستنتج أن المغرب تعتبر عند الأميركان أنموذجا للديمقراطية في البلاد المغاربية. أما تونس فقد حصلت من الولايات المتحدة على شهادة تشجيع بخصوص "تقدم الإصلاحات" فيها وقد حدد باول بنفسه برنامج الزيارة التي سيقوم بها الرئيس التونسي إلى الولايات المتحدة في فيفري المقبل وأعلن أن هذا البرنامج سيكون مقتصرا على موضوع الحريات السياسية في تونس )يفهم أن الرئيس التونسي سيأخذ تعليمات جديدة بهذا الخصوص(. ولكن الأهم في تصريحات باول في تونس هو تأكيده بأن الولايات المتحدة قد "قررت فتح مكتب جهوي في العاصمة التونسية للإشراف على المبادرة الأميركية بخصوص الشراكة مع الشرق الأوسط".
ومعنى هذا الكلام أن التحرك الأميركي يدخل ضمن الاستراتيجية الغربية-الأطلسية التي تهدف إلى "مقاومة الإرهاب" في المنطقة وليست لها أية علاقة بمشروع توحيد بلدان المغرب العربي. أما السكوت عن ليبيا وموريطانيا والاكتفاء بالقول إن كل بلدان المنطقة هم حلفاء الولايات المتحدة فيفهم منه أن الولايات المتحدة قبلت الصفح عن القيادة الليبية التي أعربت عن قبولها بالدخول تحت الطاعة معتذرة على ما فات. كما يفهم من هذا الصمت أن الولايات المتحدة قد غضت الطرف عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في موريطانيا الحليف المحلي للمغرب)فما دامت هذه الانتهاكات موجهة ضد الإسلاميين فهي تعتبر مساهمة في الحرب على الإرهاب(
ولم تخرج قمة) 5+5 (على تقديم هذه الصورة العامة للوضع في المنطقة. فتونس التي نظمت اللقاء وقع تقديمها على أنها رائدة في السير على طريق "الحداثة" ومقاومة "التطرف". والرئيس الفرنسي شيراك أمعن في إهانة الشعب التونسي دفاعا عن النظام " الذي استطاع أن يوفر له الغذاء" كما أمعن في الاستخفاف بالرئيس الجزائري وذلك باستدعائه إلي باريس محاولا دفعه إلى الجلوس مع العاهل المغربي الذي استفزه بطريقة أقل ما يقال فيها أنها غير دبلوماسية عندما قال في افتتاح القمة أن قضية الصحراء هي قضية مفتعلة )ويعني من طرف الجزائر(. أما ليبيا فان مشاركة رئيسها في مؤتمر القمة يعني أن الشعارات الثورية التي كان يطرحها في الماضي قد انتهى دورها وأنه سينخرط )على انفراد مثل باقي الدول المغاربية( فيما يسمى بالشراكة الأورو-متوسطية وان التطبيع مع الكيان الصهيوني يسير في الطريق.
و المتأمل في النتائج التي أفضت إليها القمة يدرك جيدا أن هدفها لم يكن سوى تشجيع الأنظمة المغاربية على المضي قدما في قمع الحركات الإسلامية "الارهابية" من جهة والقيام بدور الشرطي في حماية السواحل الأوروبية من تسرب المهاجرين السريين إليها من جهة أخرى وأن المساعدات التي يمكن أن تقدمها أوروبا لهذه الأنظمة مشروطة بنجاح هذه الأخيرة في تحقيق هذه المهام وأن الوحدة التي تدعوها إليها هي وحدة في هذا الاتجاه وليست لها أية علاقة مع الوحدة التي تتطلع إليها الشعوب المغاربية والتي توفر لهم العزة والكرامة والمناعة.
لكن هذه الصورة المخزية لواقع الحالة المغاربية وقع لفها في رداء أسود كتب عليه: أوربا وأميركا تحرصان على توحيد بلدان المغرب العربي!!!
فهل يعقل أن تحرص أميركا على توحيد المغرب العربي وهي التي تسعى إلى تفتيت كل الشعوب وإخضاعها والسيطرة على ثرواتها؟ وأي مصلحة للاتحاد الأوروبي في توحيد البلاد المغاربية والحال أن تفرقها هو الذي يعطيه فرصة أكبر للمناورة والضغط وإملاء الشروط؟ وهو الذي بادر بإمضاء اتفاقيات شراكه منفردة مع هذه البلدان؟
أما في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط فلم تبرز بعد انعقاد القمة الأورو-متوسطية أية إشارة تفيد بوجود أي نية لدى البلدان المغاربية في المضي قدما على طريق التوحيد أو حتى تعزيز التعاون فيما بينهم. فبعد سعيهم إلى التخلص من انعقاد القمة المغاربية كل على طريقته شهدنا في المنطقة سعيا حثيثا للتذكير بإعلان أغادير من خلال حملة إعلامية و إشهارية مركزة رافقت الزيارة التي قام بها العاهل المغربي لمصر. وهذا الإعلان الذي برز للوجود سنة2001 بمباركة أوروبية بعد أن تلاشى إعلان برشلونة ووصل المشروع الأورو-متوسطي إلى مأزق بسبب اعتراض عدة أطراف عربية على وجود إسرائيل في هذا الفضاء يبدو أن له بالأساس أهدافا استراتيجية ولو كان في ظاهره يحمل صبغة تجارية بحتة)تكوين منطقة تبادل حر( وذلك لأن الأطراف المعنية بهذا الإعلان )المغرب وتونس ومصر والأردن( تتميز كلها برغبتها الملحة في التطبيع مع الكيان الصهيوني وهي تشكل قطبا أساسيا في" التحالف الدولي لمقاومة الإرهاب" في منطقة الشرق الأوسط بمفهومه الواسع الذي يشمل بلدان شمال إفريقيا.
وكنا قد لاحظنا من قبل أن التتفجيرات التي هزت الدار البيضاء في شهر ماي الماضي كانت مناسبة لدخول المغرب من الباب الكبير وبكل حماس في هذا التحالف. ولقد رأينا أن السلطات والنخب العلمانية المغربية مجتمعة سارعت بعد هذه الأحداث إلى اتهام الحركات الإسلامية كلها بأن لها "مسؤولية معنوية" في تدعيم الإرهاب. و في الآونة الأخيرة وقع المضي قدما إلى ما هو أخطر في طريق مقاومة الحركات الإسلامية في المغرب وذلك بتحريك دعوى قضائية ضد شخصيات إسلامية مغربية تتهمهم فيها بتكوين جمعية خيرية ) ائتلاف الخير (تسعى إلى جمع تبرعات لفائدة الشعب الفلسطيني)نفهم أن هذا الإجراء يدخل ضمن ما تسميه الولايات المتحدة تجفيف منابع تمويل الإرهاب باعتبار أن المقاومة الفلسطينية هي عمل إرهابي(
وأما الإفراج عن بعض المساجين السياسيين الذي قامت به المغرب أخيرا والذي فاجأ الجميع وان كان لا بد من مباركته وتشجيعه والتنويه به والهتاف له فان الاحتراز بشأنه يكون مبررا لأن الأنظمة العربية لم تعودنا بالتبرع بالحرية لفائدة شعوبها وانه لا يستبعد أن يكون لهذا الإجراء هدف دعائي يمهد لخلق مساندة قوية إقليمية ودولية للنظام المغربي ولتبرير كل ما سيقوم به في المستقبل من أعمال تدخل ضمن " الحرب على الإرهاب وتدعيم الديمقراطية" في المنطقة. ومن يدر لعلنا سنشهد في المستقبل "عاصفة" أخرى في الصحراء الغربية تكون مدخلا لإرساء قواعد أطلسية في المنطقة لتطويق العالم الإسلامي من الغرب بعد أن وقع تطويقه من الشرق في أفغانستان و بعد أن وضع خنجر على صدره و تمت محاصرة أهم رموزه في كل مكان.
والأمر يمكن أن لا يكون مجرد خيال إذا ما أخذنا في الاعتبار- زيادة عن التحركات والتصريحات المذكورة- السباق المحموم نحو التسلح الذي ظهر في المدة الأخيرة بين المغرب والجزائر وقد تكفلت الولايات المتحدة بتدعيم القدرات العسكرية المغربية وأهدتها في العام الماضي عن طريق بعض الدول الخليجية ما يزيد عن عشرين طائرة من طراز " أف 15 " .
أما السلطات الليبية فيبدو أنها قد رتبت أمورها بالكامل للدخول تحت الطاعة بما تقتضيه هذه الطاعة من وضع أسلحتها تحت الرقابة ومن تطبيع مع الكيان الصهيوني. وقد أثبت النظام الليبي منذ سنوات أنه حليف متين في التصدي للحركات الإسلامية وذلك من خلال الشراسة التي أبداها في التعامل مع الإسلاميين التونسيين والجزائريين الذين لجئوا إلى أراض ليبيا فضلا عن القمع الرهيب الذي يمارسه في الظلام على الإسلاميين الليبيين.
ولم ينتظر كولن باول طويلا حتى يوظف التوبة الليبية في تدعيم الاستراتجية الغربية بخصوص "الحرب على الإرهاب" .فلقد حاول التأثير على سوريا ناصحا إياها أن تحذو حذو شقيقتها في جبهة الصمود والتصدي سابقا فتنزع أسلحتها وتكف عن إيواء " الارهابيين" أو مساعدتهم. إلا أن العملاء في "المعارضة السورية" استجابوا بسرعة أكبر لنداء باول فأعلنوا من بلجيكا عن مساندتهم لقانون العقوبات ضد سوريا الذي أعده الكنجرس الأميركي كما طالبوا من الاتحاد الأوروبي بعدم قبول سوريا في الشراكة الأورو-متوسطية وذلك قبل أن تتمكن السلطات السورية من تلقي الرد على مبادرتها بقبول استئناف التفاوض مع اسرائيل بدون شروط وانطلاقا "من نقطة السفر". فهل سنشهد في المستقبل تسابقا في العمالة وتقديم الولاء للغرب بين السلط والمعارضات في البلاد العربية؟!
نظرة سريعة لنشأة الفكرة المغاربية وتطورها
تشكل منطقة المغرب العربي- أو جزيرة المغرب كما سماها العرب في السابق- وحدة طبيعية جغرافية وبشرية محصورة بين مياه البحر ورمال الصحراء. وإذا كانت الصراعات القبلية الدائمة لم تسمح عبر التاريخ بتكوين وحدة سياسية على كامل هذه الأرض إلا في فترات قصيرة أقصاها الدولة الموحدية التي دامت حوالي مائة سنة والتي كانت تشمل بلاد الأندلس فإن فكرة الوحدة المغاربية )أو وحدة شمال إفريقيا كما سميت في السابق( برزت إلى الوجود في هذا العصر منذ أن وطئت أقدام جيوش الاحتلال أرض بلادنا ومثلت ردة فعل طبيعية على هذا الاحتلال.
ففي تونس وقفت جل القبائل في وجه الجيوش الفرنسية وقاومتها بكل بسالة منذ دخولها إلى بلادنا إلا أن موازين القوى ما كان ليسمح لها بالانتصار في ذلك الوقت فأجبرت على التراجع إلى الجنوب حتى اضطرت في النهاية إلى اللجوء إلى الأراضي الليبية. وفي سنة 1911 لما قامت إيطاليا باحتلال ليبيا هرع التونسيون إلى الحدود الليبية ليؤازروا إخوانهم الليبيين إما بالتطوع في صفوف المقاومين للاحتلال و إما بجمع المال والأسلحة والعتاد. وقد امتلأ التونسيون غيضا ضد الاستعمار الإيطالي والفرنسي وكانوا يترصدون الفرصة للتعبير عن غضبهم الذي انفجر يوم 7 نوفمبر من نفس السنة فيما سمي فيما بعد بمعركة الجلاز.
و أثناء الحرب العالمية الأولى تكونت في المهجر اللجنة الجزائرية-التونسية وأصدرت "مجلة المغرب" التي أعلنت بوضوح في عددها الأول أنها "تعبر عن طلبات السكان الأصليين لبلاد المغرب هذا الجزء من شمال إفريقيا الذي يشمل المغرب والجزائر وتونس وليبيا الخاضع أو هو في طريق الخضوع لفرنسا وإسبانيا وإيطاليا". ولما انتهت الحرب قامت اللجنة الجزائرية-التونسية بتحرير مذكرة بعثت بها لمؤتمر السلم المنعقد في فرساي تطالب "بالاستقلال التام للشعب الجزائري-التونسي" وتتوجه إلى الضمير العالمي" لضمان حقوق الإنسان والشعوب" وقد اغترت كما هو واضح بإعلان ولسن الشهير عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي أواسط العشرينات تكون في باريس حزب سياسي يحمل اسم" نجم شمال إفريقيا" يطالب بالاستقلال التام لبلدان شمال إفريقيا الثلاث تونس والجزائر والمغرب وينادي بتكوين " ولايات متحدة شمال إفريقية". وكذا تأسست بارتباط مع هذا الحزب منظمة طلابية تحمل اسم "جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا".
وفي أواسط الثلاثينيات لما تقلدت السلطة في فرنسا حكومة الجبهة الوطنية اغتر الوطنيون المغاربة بالشعارات الثورية التي كانت تطرحها هذه الحكومة فتقدموا لها" بطلبات شمال إفريقيا الملحة" إلا أن الرد كان قد خيب آمالهم وقد شهدت سنة 1937 موجة عارمة من القمع ضد الوطنيين المغاربيين. وجاء الرد على هذا القمع بتنظيم إضراب عام مغاربي يوم 20 نوفمبر 1937 وقع الإعلان عنه من تونس.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية وما تبعها من خيبة أمل الشعوب المغاربية مرة أخرى في الحصول على استقلالها تجذرت فكرة الوحدة المغاربية لدى الوطنيين المغاربة وقد شهدت سنة 1947 انعقاد "مؤتمر المغرب العربي" وانبثق عن هذا المؤتمر "مكتب المغرب العربي" ثم " لجنة تحرير المغرب العربي". وقد أشاد التقرير الختامي لمؤتمر المغرب العربي بالزعيم فرحات حشاد باعتباره زعيما مغاربيا. وبالفعل كان الزعيم النقابي فرحات حشاد زعيما مغاربيا بامتياز. وهذه هي من الحقائق التي يراد طمسها والتعتيم عليها باستمرار . فلفرحات حشاد نداء مشهور توجه به للعمال المغاربيين يوم 21 مارس 1947 يدعوهم فيه إلى بعث " فدرالية نقابية لعمال شمال إفريقيا". وكل المنظمات النقابية التي تكونت في باقي بلدان المغرب العربي قد اعتمدت على التجربة التونسية وتلقت دعما مباشرا من فرحات حشاد نفسه. ولما تم اغتياله في تونس يوم 5 ديسمبر 1952وقعت ردود فعل شعبية عنيفة وحاشدة في المغرب والجزائر كما توترت الأجواء في ليبيا توترا شديدا.
أما لجنة تحرير المغرب العربي برئاسة الزعيم المغاربي الكبير عبد الكريم الخطابي فقد دأبت منذ تكوينها على بعث حركة مقاومة مسلحة ضد الاستعمار على المستوى المغاربي. وكانت أخر محاولة في هذا الغرض قامت بها اللجنة بتنسيق مع المجموعة الراديكالية الجزائرية قد تمت بالقاهرة يوم 29 ماي 1954 إلا أن كثرة المناورات الاستعمارية وأطماع بعض القيادات الوطنية حالت دون تحقيق هذا الهدف.
وبعد أن تحصل كل من المغرب وتونس على "الاستقلال" بينما كانت الثورة الجزائرية ملتهبة لم يفلح مؤتمر طنجة سنة 1958 في بعث وحدة مغاربية حقيقية وبدأ الحلم المغاربي يتبخر وذلك لأن المشروع خرج من دائرة المجتمع المدني إلى دوائر الحكومات التي نصبها ودعمها الاستعمار ليواصل مهامه الاستغلالية و"التمدينية" بأساليب جديدة.
وبعدما نالت الجزائر استقلالها تأسس سنة 1964 مجلس وزراء الاقتصاد المغاربة و بعث للوجود "اللجنة الاستشارية القارة" وعدة لجان فنية مختصة كما أنشأ "مركزا للدراسات الصناعية". ورغم الدراسات العديدة والمعمقة التي قام بها خبراء مغاربيون متحمسون يعملون في صلب هذه اللجان والتي فاقت الثمانين دراسة تمس معظم القطاعات فإن هذه الدراسات لم يقع استغلالها إلا في حالات قليلة وبطريقة مبتورة وذلك لسبب أساسي يشهد به العام والخاص هو انعدام الإرادة السياسية. وشهدت منطقة المغرب العربي تجاذبات وتكتلات داخلها عند كل أزمة من الأزمات الإقليمية والدولية وكانت أهم هذه الأزمات وهي التي ساهمت بشكل أساسي في شل المسار المغاربي هي أزمة الصحراء الغربية التي بدأت سنة 1975 عندما عمدت إسبانيا إلى تقسيم هذه المستعمرة القديمة بين المغرب وموريطانيا دون تشريك المقاومة الصحراوية القائمة هناك والتي كانت تتلقى الدعم من الجزائر. وهذا ما أثار حفيظة السلطات الجزائرية وأجج الصراع بينها وبين السلط المغربية. وبقي هذا الصراع قائما منذ ذلك الحين إلى الآن تارة يطفو على السطح وتارة ينزل تحته حسب الظروف والملابسات.
ولما تم توقيع اتفاق الوحدة المغاربية في 18 فيفري 1989 استعادت بعض النخب المغاربية الأمل في إمكانية استئناف بناء هذا المشروع الحضاري الواعد. لكن هذا الأمل سرعان ما تبخر بعد أن تعطلت مؤتمرات القمة عن الانعقاد منذ سنة 1994 وتعطل معها كل تعاون مغاربي. وفي الواقع فإن الأحداث أثبتت أن توقيع اتفاق الوحدة المغاربية بين قادة البلدان الخمس لم يكن نابعا من إرادة صادقة في بناء وحدة مغاربية بقدر ما كان يهدف إلى التصدي للحركة الإسلامية الاحتجاجية المتنامية في المنطقة ومحاولة سحب البساط من تحت أقدامها. وقد سارعت فرنسا برئاسة ميتران آنذاك إلى مباركة هذا العمل وطرحت فكرة إمكانية بعث فضاء للتعاون بين أوروبا و البلدان المغاربية الموحدة والذي انتهى في الأخير إلى اتخاذ اسم مجموعة 5+5)).
لكن الحكومات ليست وحدها في الواقع هي المسؤولة عن فتور المسيرة المغاربية ثم تعطلها. فالمجتمع المدني المغاربي لم يبذل منذ الاستقلال أي جهد لتدعيم هذه المسيرة وانجاحها. فلم نشهد بعث جمعيات مغاربية فاعلة ثقافية وأدبية وعلمية ومهنية وغيرها تساهم في تعميق الوعي بهذا المشروع الحضاري وتعزز اللحمة بين أبناء المغرب العربي. كما لم نشهد لقاءات ومهرجانات مغاربية قام بها المجتمع المدني المغاربي من خارج دواليب السلطة. وحتى التنسيق الذي كان يتم من حين إلى آخر بين بعض مكوناته فلقد كان دائما ظرفيا وفي أغلب الأحيان مدفوعا من أطراف أجنبية.
كما تجدر الاشارة أيضا الى أن هناك بعض التوجهات الإيديولوجية المريضة قد ساهمت في التشويش على المشروع المغاربي وخاصة التوجه العروبي العنصري والتوجه الامازيغي الذي لا يقل عنه عنصرية. فالتوجه الأول يتجاهل البعد الأمازيغي في نحت الشخصية المغاربية ويرى في المشروع المغاربي مشروعا استعماريا يهدف إلى عزل المغرب عن المشرق وهو في حقيقته توجه شوفيني جاهلي بعيد كل البعد عن سماحة الإسلام .أما التوجه الثاني فهو يرى في الوحدة المغاربية محاولة لطمس هويته الأمازيغية وهو توجه متأثر شديد التأثر بالمقولات الاستعمارية المخادعة.
والحقيقة أن كل الرواد المخلصين لمشروع الوحدة المغاربية في الماضي وفي الحاضر يجمعون على أن هذا المشروع ليست له أية خلفية عرقية وهو يسعى إلى دعم التضامن العربي والإسلامي وينطلق من أن الوحدة المغاربية هي وحدة قائمة منذ القدم ويشهد بها التاريخ وأن الإسلام قد زاد في ترسيخها عبر العصور.
أي دور للمجتمع المدني اليوم في تحقيق الوحدة المغاربية؟
واليوم وبعد فشل الأنظمة المغاربية في تحقيق هذا المشروع الحيوي لشعوب المنطقة فإن المجتمع المدني المغاربي مطالب من جديد بالعمل على إحياء المسيرة المغاربية بنفسه وذلك بسحب المشروع من رفوف السلط العميلة العاجزة ووضعه بين يدي المجتمع. صحيح أن الوحدة لا تتم في النهاية إلا بإرادة سياسية أي بإرادة الحكومات ولكن المجتمع المدني قادر على الضغط على هذه الحكومات وإجبارها على السير في طريق التوحيد أو تغييرها إذا لزم الأمر. وهذا يفترض أن يكون المجتمع المدني المغاربي مسلحا بالإيمان القوي بهذا المشروع وعازما عزما راسخا على تحقيقه.
ولكن في البداية لابد من توضيح ماذا نقصد بالمجتمع المدني هذه الكلمة التي أصبحت شائعة الاستعمال عند النخب المغاربية والتي يتجنب معظم الذين يستعملونها توضيح معناها ربما لأنهم يريدون عن قصد أو عن غير قصد أن يبعدوا فئات معينة من هذا المفهوم.
المجتمع المدني يقابله لغويا المجتمع العسكري. وهو يضم كل المواطنين الذين لا ينتمون إلى الأجهزة الرسمية التي تمارس السلطة في البلاد عسكرية كانت أم أمنية أم إدارية. فهو يشمل إذا الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمنظمات المهنية والشبابية والجمعيات المختلفة... ولكن هناك أمر خطير لا بد من التنبيه إليه وهو الاعتقاد السائد بأن المجتمعات العربية والإسلامية التقليدية هي مجتمعات غير مدنية لما يتوفر فيها من سلطة لدى رب العائلة أو شيخ القبيلة أو عالم الدين. إن هذه النظرة مبنية على خلفية إيديولوجية تؤمن بحرية الإنسان المطلقة داخل المجتمع وعدم تقيده بأي ضوابط عائلية أو اجتماعية أو أخلاقية. وهي نظرية لا يمكن أن تجد لها أي تجسيد في الواقع وتبقى مجرد تصور خيالي في رؤوس أصحابها. و بناء على هذه النظرية يقع إبعاد كل المؤسسات القبلية والدينية وخاصة المساجد من المجتمع المدني.
ولكن لا ندر ما هو الحل الذي يقترحه أصحاب هذا الرأي لتطوير المجتمعات التي مازالت الرابطة القبلية والرابطة الدينية هي السمة البارزة فيها مثل معظم البلدان العربية والإفريقية والآسيوية!!! فلربما يبررون في هذه الحالة "تمدين" هذه الشعوب بالقوة مثل ما يحدث في أفغانستان والعراق وما سيحدث في أماكن أخرى من العالم إذا بقيت الأمور على ما هي عليه اليوم.
إن القبيلة هي في الواقع شكل من أشكال المجتمع المدني كانت ولا زالت تمثل درعا واقيا لأفرادها تحميهم من أي ظلم يسلط عليهم وتعزز فيهم الإحساس بالأمن والثقة بالنفس. وقد لاحظنا عبر وسائل الإعلام الأهمية التي يكتسيها مجلس القبائل الأفغانية في دعم الاستقرار والأمن في البلاد والذي لم تستطع قوات"التحالف الدولي" والحكومة العميلة في أفغانستان أن تستغني عنه. كما لاحظنا الدور الفاعل الذي قام به مجلس العروش في الجزائر لتأطير الأهالي والتعبير عن رغباتهم. وحتى في تونس فان العلاقات القبلية تلعب دورا أساسيا في داخل السلطة وفي الأحزاب السياية وحتى داخل النقابات والجمعيات المختلفة رغم محاولة التعتيم على هذه الظاهرة لأغراض دعائية.
أما المساجد فهي الأماكن الطبيعية التي يتأسس فيها المجتمع المدني في كل البلدان الإسلامية. وقد لاحظنا بالأمس القريب لما انهار النظام العراقي وانهارت معه كل المؤسسات بما فيها الأمنية برز المسجد كأهم مؤسسة يمكنها أن تحافظ على أمن المواطنين وأرزاقهم كما يمكنها أن تضمن التكافل الاجتماعي بين المواطنين وتمكنهم من التعبير عن طموحاتهم ومواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
و لقد أثبتت التجربة أن تخريب البناء القبلي و محاصرة المساجد في بلادنا لم يضف إلى تأسيس مجتمع مدني كما يدعي البعض بل أضفى إلى تشتيت المجتمع وشل قدرته على التحرك الجماعي وانسحاقه أمام غطرسة السلطة. و إني أذكر هنا أنه تملكني حزن كبير لما هزت البلاد العربية والإسلامية وحتى الأوروبية موجات عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات عندما اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية وحاصرت الرئيس الفلسطيني ودخلت مدينة جنين وقد خرج في بلادنا إلى الشوارع عشرات الأشخاص الذين يدعون تمثيل المجتمع المدني في تونس ليتظاهروا "دعما للانتفاضة" رغم العداء الدفين الذي يحمله بعضهم لهذه الانتفاضة بسبب طابعها الإسلامي بينما كان آلاف التونسيين يكادون ينفجرون غيضا في المساجد ولا يستطيعون التعبير عن غضبهم لأن المساجد في بلادنا مغتصبة وهي الآن سجينة ومحرمة على المسلمين...
وإني أعتقد أن الدعم القوي الذي ما انفكت تقدمه البلدان الغربية للنظام التونسي نابع من اعتقادها بأن هذا النظام قد سدد أقوى الضربات وأخطرها لمجتمع مسلم لما أحكم سيطرته على المساجد ومنعها من القيام بدورها في تفعيل المجتمع المدني. ولا بد أن يفهم تجار السياسة في بلادنا أن " حيرتهم واستغرابهم " من عدم إقبال الشعب التونسي على العمل السياسي ناتج عن هذه الحقيقة المرة. فالذين يعتقدون أن السياسة منفصلة عن الدين أو معادية له ويمعنون في محاربة "التطرف الديني" بممارسة التطرف العلماني أو محاربة "الإرهاب الإسلامي" بممارسة إرهاب الدولة عليهم أن يتذكروا أن التاريخ علمنا على مر العصور أن القمع والتنكيل ما كان ليجبر الإنسان يوما على التخلي عن حريته أو عن الدفاع عن كرامته المداسة وإنسانيته المغتصبة.
إن العمل السياسي النبيل هو مثل العمل التربوي لابد له أن يسعى إلى جعل الشعوب تسير إلى الأمام باطمئنان وثبات وثقة في النفس محافظا على شخصيتها ومدافعا عن كرامتها وليس كما يراد له الآن من أن يكون قائما على القمع والإرهاب ودفع الشعوب مثل القطيع في سبل يتوهم البعض أنها سبل التقدم والنجاة بينما هي تشهد بنفسها على نفسها اليوم أنها سبل تؤول بالإنسان في النهاية إلى الانحدار إلى عالم الحيوان.
إن أبناء المغرب العربي المخلصين لشعوبهم والمتمسكين بثوابتهم الحضارية ومقدساتهم هم الممثلون الحقيقيون للمجتمع المدني وهم وحدهم القادرون على تحقيق بناء الوحدة المغاربية التي تمثل اليوم أعظم مشروع يهم مستقبل الأجيال في هذه البلاد. أما الذين يناصبون العداء لمعتقدات أهلهم الراسخة وثقافتهم المتأصلة متسترين بشعارات غامضة لا يفهمها الشعب ويتوجس منها شرا فانهم سيبقون إلى الأبد منحصرين في جمعيات وأحزاب كرتونية تدور في فلك البلدان الغربية وتلهث وراءها ولا تستطيع أن تحقق لشعوبها إلا مزيدا من التبعية والمسخ وفقدان الشخصية. و ها هو وراءنا ما يزيد على أربعة عقود من "الاستقلال" شاهد على ذلك.
ولكن ما هو المطلوب بالضبط من المجتمع المدني المغاربي اليوم؟ وللإجابة عن هذا السؤال فانه لابد من التذكير بالمعضلة الأساسية التي تعطل المسيرة المغاربية وتهدد مستقبل المنطقة كلها وهي معضلة الصحراء الغربية.
انه لا شك في أن المرء يتجنى على السلطات الجزائرية وعلى أبناء الصحراء إذا قال إن قضيتهم مفتعلة. وذلك على الأقل بسبب المجهود الذي قامت به حركة البوليزاريو سابقا في سبيل تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من الاستعمار الإسباني وبسبب الدعم الذي قدمته لها الجزائر في سبيل ذلك ولكن لا مناص من الاعتراف بأن هذه الرقعة من الأرض ليست لها مقومات دولة يمكن أن تعتمد على نفسها لضمان أمنها وتحقيق نموها وازدهارها كما أنه ليس لها من الخصوصيات البشرية والتاريخية والجغرافية ما يبرر قيام هذه الدولة. ثم إن السعي إلى تحقيق وحدة المغرب العربي تتناقض مع المطالبة بتأسيس دويلة إضافية خاصة إذا كانت هذه الدويلة هي محل نزاع بين أهم بلدين من بلدان المغرب العربي وتمثل عقبة كأداء يستحيل معها تحقيق هذه الوحدة. وقد أدى هذا النزاع في الآونة الأخيرة إلى استئناف السباق نحو التسلح بين الجارتين في المنطقة وهو ما يعتبر كارثة بالنسبة لمستقبل الشعوب المغاربية.
فعلى أبناء المغرب العربي أن يدركوا أن قضية الصحراء هي لغم من جملة الألغام التي تركها لنا الاستعمار ليتمكن من مواصلة التدخل في شؤوننا بشكل دائم وعليهم أن يسعوا إلى إزالة هذا اللغم من على أرضهم بكل ذكاء. وانه لا يمكن أن يتم هذا الأمر بدون أضرار قد يحس بها طرف أو أكثر من بين الأطراف الثلاث في النزاع. والحكمة تستدعي اعتماد منطق أخف الأضرار. وأخف الأضرار لا ريب هي التي ستتحملها جبهة البوليزاريو في التخلي عن فكرة تأسيس دولة صحراوية مستقلة والاكتفاء بحكم ذاتي ضمن السيادة المغربية وهو الاقتراح الذي تقدم به منذ مدة الوسيط الأميركي جيمس بيكر و قبلته المغرب لكن الجزائر رفضته كما رفضته جبهة البوليزاريو. واني اعتقد أنه لا وجود لحل آخر ممكن غير هذا الحل يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة ويسمح لمشروع الوحدة المغاربية أن يتحقق لفائدة الشعوب. وان رفض هذا الحل سيكون فرصة سانحة للتدخل الأجنبي المباشر في بلادنا خاصة وأن عدة أطراف مهدت لشرعية هذا التدخل وذلك بترويج الدعاية التي تقول بحرص أوروبا والولايات المتحدة على توحيد البلاد المغاربية وجلب الحرية والازدهار لشعوبها. وانه على كل مكونات المجتمع المدني المغاربية المقتنعة بهذا الحل أن تبذل كل ما لديها من جهد لتقنع به كل الأطراف المعنية وبالخصوص جبهة البوليزاريو. وإننا نتمنى أن تبادر الجزائر التي تغرق )على حد تعبير عباسي مدني (بقبول هذا الحل ليكون منطلقا لإنقاذها قبل أن تغرق المنطقة كلها معها.
خلاصة
إن بلاد المغرب تكون اليوم كما كونت منذ القدم وحدة بشرية ووحدة جغرافية طبيعية. وإن الإسلام هو الذي وحد لأول مرة في التاريخ والى اليوم كل سكان هذه الأرض. وهناك حقيقة ثابتة برزت منذ بداية استيلاء الاستعمار الأوروبي على هذه البلاد تفيد بأن الحس المغاربي المدعوم بالعقيدة الإسلامية رافق كل الردود المباشرة لأبناء المغرب العربي على هذا الاستعمار. وقد بذلت أجيال متعاقبة من الوطنيين المغاربيين جهودا كبيرة لبعث حركات مغاربية موحدة ثقافية وسياسية وعسكرية. ولم تكن هذه الحركات ترمي إلى عزل المنطقة المغاربية عن محيطها العربي والإسلامي بل كانت على العكس تسعى إلى تعزيز هذا الترابط. و وقد برزت رموز مغاربية كبيرة في مواجهة الاستعمار أمثال الأمير عبد القادر الجزائري وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي والزعيم النقابي فرحات حشاد وغيرهم. وقد كان توحيد البلاد المغاربية بعد تحريرها من المستعمر يمثل حلما بالنسبة لهم جميعا.
ولكن هذا الحلم لم يتحقق إلى الآن وقد حصلت كل البلدان المغاربية على استقلالها منذ أكثر من أربعة عقود وذلك لأن النخب المغاربية التي استلمت السلطة في دولة "الاستقلال" هي في أغلبها نخب فرضها الاستعمار بطريقة أو بأخرى وهي مرتبطة به أكثر من ارتباطها بشعوبها.
وقد أصبحت هذه النخب تسبح في فلك الاستعمار وتنفذ سياساته في بلدانها بكل حماس مما يعني أن الاستقلال في النهاية هو الذي حقق الأهداف الاستعمارية في المنطقة. وهذه مفارقة كبيرة...
وفي عهد "الاستقلال" أصبحت الشعوب المغاربية تعيش حالة من الكبت والضيق والاضطهاد لم تعشها في ظل النظام الاستعماري المباشر. وقد خلق هذا الوضع حالة من الرداءة والتبلد الذهني حتى في بعض النخب الفكرية التي أصبحت ملكية أكثر من الملك أي متشبثة بالأهداف الاستعمارية أكثر من الاستعمار نفسه. ولعل ما أصبح يسمى اليوم "بقضية الحجاب" هو أبلغ مثال على هذا الوضع الشاذ. فالسلط التونسية تدعمها بعض النخب من الصنف المذكور تقوم منذ عدة سنوات بحرب شعواء على الدين الإسلامي من خلال التسلط على الفتيات المسلمات ومنعهن من ارتداء الحجاب حتى في بيوتهن بينما لم يجرأ شيراك الفرنسي على الوصول إلى هذا الحد واكتفى بالمطالبة بمنع الحجاب في المدارس)وهذا هو في حد ذاته بطبيعة الحال اعتداء على حقوق الإنسان وعلى الحريات الشخصية وعلى حرية المعتقد(.هذا هو حال الشعوب المغاربية اليوم مثل حال باقي الشعوب العربية والإسلامية.
وان التحرك الأخير الذي قامت به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بلدان المغرب العربي يهدف بالأساس إلى ترسيخ هذا الوضع وإحكام الحصار على حركة المد الشعبي الإسلامي الرافض للاستسلام لهذا الواقع.
كما أن هذا التحرك يهدف إلى الالتفاف على الأطراف العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل والى تحصين المنطقة ضد كل من ستحدثه نفسه بالوقوف في وجه مبادرات الاستسلام والتطبيع ومقاومة الإرهاب )والعبارات الثلاث مترادفة في القاموس الغربي- الصهيوني (. ويبدو أن منطقة المغرب العربي مرشحة للقيام بدور هام بخصوص هذا الموضوع وذلك بعد إجراء بعض عمليات التجميل على أنظمتها العميلة وتقديمها على أنها نماذج للديمقراطية وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط.
ولا مناص بالنسبة للنخب المغاربية الأصيلة من أن تتحمل مسؤولياتها أمام هذا الوضع المأساوي وأمام الاحتمالات الكارثية الممكنة وذلك بالسعي إلى تحريك المجتمع المدني بأحزابه ونقاباته وجمعياته ومساجده ودفعه إلى المطالبة بحقه في المشاركة في كل القرارات المصيرية وفي إيجاد حل سريع لمشكلة الصحراء الغربية يضع في الحسبان مصلحة الشعوب المغاربية ومستقبلها لا مصلحة الأنظمة والأشخاص وذلك قبل أن تتقدم أوروبا والولايات المتحدة لتفرض علينا حلها وعملاءها حتى يجثموا فوق صدورنا ردحا أطول من الزمن
مرة أخرى تتأجل القمة المغاربية النائمة في الجزائر منذ ما يقارب العشر سنوات بعد أن تأجلت عدة مرات سابقة ولكن هذه المرة " إلى أجل غير مسمى".
وقد بات واضحا أن القادة المغاربيين لم يبذلوا الجهد اللازم لانجاح هذه القمة أو ما كانوا قادرين على أن يفعلوا ذلك. ولربما كانوا يرغبون في تأجيلها ثم وضعها في الثلاجة بعد أن اعترفوا بعجزهم واستسلموا كلهم لارادة الغرب.
وقد بذلت السلطة الجزائرية كل ما في وسعها للتخلص من عبء الرئاسة بينما قبلت ليبيا على مضض تحمله وهي مدركة أن موضوع المغرب العربي قد "وضع في الثلاجة" فعلا.
فشلت إذا القمة المغاربية في الانعقاد وما كان لها في الحقيقة أن تؤول إلى غير ذلك. فالمشكلة الصحراوية المستعصية قد ألقت بظلالها في الآونة الأخيرة على العلاقات المغربية-الجزائرية التي شهدت توترا قويا وصل إلى حد تبادل الاتهامات بين العاهل المغربي والرئيس الجزائري زيادة عن المواجهة عن طريق الحملات الإعلامية الهوجاء التي قامت بين البلدين. كما أن العلا قات الليبية-الموريطانية المتوترة بطبيعتها منذ سنوات شهدت تفجرا عنيفا اثر محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت في موريطانيا في جويلية الماضي والتي أعربت السلطة الليبية صراحة عن تأييدها لها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد في تدهور العلاقات بين البلدين فلقد أصدرت السلطة الموريطانية بيانا تتهم فيه القيادة الليبية بتحريض ولد هيدالة على التمرد على السلطة بعد أن "فشل" في الانتخابات الرئاسية وذلك عشية الموعد المحدد لانعقاد القمة المغاربية. فكان هذا البيان بمثابة الضربة القاضية التي سددت لهذه القمة.
وان ما يثير الاستغراب والدهشة بالخصوص هي تلك اللامبالاة التي أبدتها النخب المغاربية تجاه هذا الموضوع الخطير وذلك الفتور الذي تعاملت به معه. وحتى بعض الذين اهتموا بالموضوع فقد اكتفوا بنعي المشروع المغاربي برمته أو رددوا بكثير من التسرع وبشيء من التندر هذه الدعاية الجديدة التي تقول ان الوحدة المغاربية أصبحت شأنا غربيا )أوروبيا وأميركيا( أكثر منها شأنا مغاربيا!!!
وان المساعي الحثيثة التي تقوم بها بعض الدوائر الإعلامية والدبلوماسية والسياسية والأكاديمية لترسيخ هذه الدعاية في الأذهان تثير مخاوف كثيرة وتفرض علينا الانتباه والحذر.
ما هي حصيلة التحركات الغربية الأخيرة في المنطقة؟
لقد قام كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية الاسبق بزيارة فجائية وخاطفة إلى بلدان المغرب العربي الثلاث تونس والجزائر والمغرب يوم03/12/2003 وذلك قبل زيارةارئيس الفرنسي الاسبق شيراك لبلادنا بيوم واحد وقبل تاريخ انعقاد القمة الأورو- متوسطية (5+5) بيومين.
ولقد رأى البعض ممن يعتقدون في وجود تناقض بين المصالح الأوروبية والمصالح الأميركية ووجود صراع بين الطرفين على النفوذ في بلدان المغرب العربي أن هذه الزيارة تدخل ضمن هذا الصراع وتمثل محاولة من الإدارة الأميركية لاستباق المجموعة الأوروبية إلى المنطقة وتعزيز موقعها هناك...
ولا أعتقد البتة في صواب هذا التصور رغم كل المظاهر. فالأوروبيون والأميركان متحالفون منذ القدم تحالفا استراتجيا متينا لا يتزعزع. فهم يشتركون في الانتماء إلى حضارة غربية واحدة تحتل اليوم مركز العالم ويتقاسمون الاعتقاد في تفوق حضارتهم على كل الحضارات الأخرى كما يعتقدون أن عليهم مسؤولية تمدين أو قل ترويض كل الشعوب. وهم ينعمون اليوم سوية بدفء الغطاء الأطلسي المدجج بمختلف الأسلحة الفتاكة ولا حول ولا قوة لأي قوة في العالم أن تتحدى إرادتهم. وإن ما يطرأ من خلافات بين بعض قادتهم من حين إلى آخر لا يرقى إلى تناقض من الدرجة الثانية أو حتى الثالثة هذا إذا لم يكن من باب تقاسم الأدوار.
ودول الحلف الأطلسي معترفة بزعامة الولايات المتحدة ولا تنازعها في ذلك وتقف وراءها بكل انضباط في الأوقات الحرجة وفي الأمور الحساسة. وقد اتضح ذلك أثناء الحرب التي قامت في البوسنة ثم في كوسوفو كما اتضح في غزو أفغانستان اثر قيام ما سمي بـ"التحالف الدولي لمقاومة الإرهاب".
وان التباين في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية بخصوص كيفية التعامل مع العراق لم يؤثر في هذا التحالف الاستراتيجي بين الطرفين والذي يهدف بالأساس إلى محاربة الإسلام كدين وثقافة وحضارة بعد أن حققت الليبرالية الغربية انتصارا ساحقا على الشيوعية السوفياتية )وهذا ما أكده جورج بوش الأب سابقا (. وان التصريحات المطمئنة التي تصدر من حين لآخر عن بعض المسؤولين الغربيين إنما تهدف إلى تهدئة المشاعر عند المسلمين وتجنب إثارة مسلمي العالم دفعة واحدة. ولا يمكن لكل الشعارات المطروحة الآن مثل الحرب على الإرهاب وحماية السلم والأمن في العالم ونشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان... أن تحجب هذه الحقيقة المفزعة عن الأنظار.
وانه لا يمكن أن نفهم تلك التحركات لكل من باول وشيراك في المنطقة المغاربية خارج هذا السياق. فزيارة كولن باول الخاطفة جاءت لتوضح وجهة نظر الإدارة الأميركية في الأنظمة القائمة بالجهة ولتعلن عن التحركات المقبلة التي تنوي القيام به هناك ولتنبه القادة المحليين والأوروبيين إلى هذه التحركات. ويمكن اعتبار هذه الزيارة عملا مكملا للقمة الأورو-متوسطية لا متعارضا معها.
ففي الندوة الصحفية التي عقدها في مقر سفارة بلاده إثر وصوله إلى تونس في بداية الزيارة ركز باول على قضية الصحراء الغربية قائلا: "إن الولايات المتحدة ترى أنه قد حان الوقت لكي يقدم المغرب والجزائر على مناقشات جدية لإحراز تقدم فيما يخص البحث عن تسوية سلمية لهذه المسألة".
هذا الكلام يجب فهمه كالتالي:
1.الولايات المتحدة عازمة على إيجاد حل لقضية الصحراء.
2. المسؤولية الكبرى في تعطيل التسوية تقع على عاتق الجزائر )لأن الجزائر ترفض التفاوض مع المغرب في هذه القضية وتعتبرها قضية تصفية استعمار تعالج ضمن هياكل الأمم المتحدة
3.إذا لم تقبل الجزائر بالتفاوض مع المغرب للوصول إلى تسوية سلمية فالولايات المتحدة ستجد نفسها مجبرة على اللجوء إلى تسوية ستكون بالضرورة غير سلمية.
يبدو إذا أن هناك رغبة أميركية-أطلسية في الضغط على الجزائر لإجبارها على القبول بالتفاوض مع المغرب حول موضوع الصحراء بما يعني إجبارها على التخلي عن كل مواقفها السابقة بخصوص هذا الموضوع وبالتالي التخلي عن حركة البوليزاريو حليفتها في هذا النزاع. وهذا الموقف يمثل صفعة قوية للسلط الجزائرية وللشعب الجزائري الذي ارتبطت عنده قضية الصحراء بكل جراح الماضي الناتجة عن علاقة الجوار المتوترة مع المغرب والتي تعود حتى إلى ما قبل الاستقلال )وهذا لا يعني البتة أن الجزائر كانت حكيمة في طريقة طرحها للموضوع(.
ولم يكتف باول بتوجيه هذه الصفعة من تونس بل أعادها في المغرب وفي الجزائر نفسها ثم زاد فأعلن في الندوة الصحفية التي عقدها بالجزائر أنه تباحث مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول تنظيم الانتخابات الرئاسية بحيث تكون حرة ونزيهة ولم يتحرج عندما قال انه حث الرئيس على توسيع قاعدة المشاركة السياسية واحترام حقوق الإنسان وحماية حرية الصحافة والتعبير ثم أردف أنه وجد استجابة لدى الرئيس بوتفليقة. وإنه لمن الغريب حقا أن يقبل بلد المليون ونصف شهيد هذه الإهانات على أرضه ولم يحرك ساكنا، فكل الأحزاب السياسية الرسمية رحبت بتصريحات باول باستثناء حركة مجتمع السلم فقد صرح زعيمها الشيخ بوجرة سلطاني أن هذه التصريحات تعتبر" تدخلا في شأن داخلي جزائري".
وفي نفس الندوة الصحفية أكد باول أن كل بلدان المنطقة هم "حلفاء" الولايات المتحدة ولم يستثن إحداها إلا أنه أسهب في امتداح "تقدم الحريات" في المغرب.
وإذا ما قارنا هذه التصريحات بالتصريحات التي أدلى بها في تونس نستنتج أن المغرب تعتبر عند الأميركان أنموذجا للديمقراطية في البلاد المغاربية. أما تونس فقد حصلت من الولايات المتحدة على شهادة تشجيع بخصوص "تقدم الإصلاحات" فيها وقد حدد باول بنفسه برنامج الزيارة التي سيقوم بها الرئيس التونسي إلى الولايات المتحدة في فيفري المقبل وأعلن أن هذا البرنامج سيكون مقتصرا على موضوع الحريات السياسية في تونس )يفهم أن الرئيس التونسي سيأخذ تعليمات جديدة بهذا الخصوص(. ولكن الأهم في تصريحات باول في تونس هو تأكيده بأن الولايات المتحدة قد "قررت فتح مكتب جهوي في العاصمة التونسية للإشراف على المبادرة الأميركية بخصوص الشراكة مع الشرق الأوسط".
ومعنى هذا الكلام أن التحرك الأميركي يدخل ضمن الاستراتيجية الغربية-الأطلسية التي تهدف إلى "مقاومة الإرهاب" في المنطقة وليست لها أية علاقة بمشروع توحيد بلدان المغرب العربي. أما السكوت عن ليبيا وموريطانيا والاكتفاء بالقول إن كل بلدان المنطقة هم حلفاء الولايات المتحدة فيفهم منه أن الولايات المتحدة قبلت الصفح عن القيادة الليبية التي أعربت عن قبولها بالدخول تحت الطاعة معتذرة على ما فات. كما يفهم من هذا الصمت أن الولايات المتحدة قد غضت الطرف عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في موريطانيا الحليف المحلي للمغرب)فما دامت هذه الانتهاكات موجهة ضد الإسلاميين فهي تعتبر مساهمة في الحرب على الإرهاب(
ولم تخرج قمة) 5+5 (على تقديم هذه الصورة العامة للوضع في المنطقة. فتونس التي نظمت اللقاء وقع تقديمها على أنها رائدة في السير على طريق "الحداثة" ومقاومة "التطرف". والرئيس الفرنسي شيراك أمعن في إهانة الشعب التونسي دفاعا عن النظام " الذي استطاع أن يوفر له الغذاء" كما أمعن في الاستخفاف بالرئيس الجزائري وذلك باستدعائه إلي باريس محاولا دفعه إلى الجلوس مع العاهل المغربي الذي استفزه بطريقة أقل ما يقال فيها أنها غير دبلوماسية عندما قال في افتتاح القمة أن قضية الصحراء هي قضية مفتعلة )ويعني من طرف الجزائر(. أما ليبيا فان مشاركة رئيسها في مؤتمر القمة يعني أن الشعارات الثورية التي كان يطرحها في الماضي قد انتهى دورها وأنه سينخرط )على انفراد مثل باقي الدول المغاربية( فيما يسمى بالشراكة الأورو-متوسطية وان التطبيع مع الكيان الصهيوني يسير في الطريق.
و المتأمل في النتائج التي أفضت إليها القمة يدرك جيدا أن هدفها لم يكن سوى تشجيع الأنظمة المغاربية على المضي قدما في قمع الحركات الإسلامية "الارهابية" من جهة والقيام بدور الشرطي في حماية السواحل الأوروبية من تسرب المهاجرين السريين إليها من جهة أخرى وأن المساعدات التي يمكن أن تقدمها أوروبا لهذه الأنظمة مشروطة بنجاح هذه الأخيرة في تحقيق هذه المهام وأن الوحدة التي تدعوها إليها هي وحدة في هذا الاتجاه وليست لها أية علاقة مع الوحدة التي تتطلع إليها الشعوب المغاربية والتي توفر لهم العزة والكرامة والمناعة.
لكن هذه الصورة المخزية لواقع الحالة المغاربية وقع لفها في رداء أسود كتب عليه: أوربا وأميركا تحرصان على توحيد بلدان المغرب العربي!!!
فهل يعقل أن تحرص أميركا على توحيد المغرب العربي وهي التي تسعى إلى تفتيت كل الشعوب وإخضاعها والسيطرة على ثرواتها؟ وأي مصلحة للاتحاد الأوروبي في توحيد البلاد المغاربية والحال أن تفرقها هو الذي يعطيه فرصة أكبر للمناورة والضغط وإملاء الشروط؟ وهو الذي بادر بإمضاء اتفاقيات شراكه منفردة مع هذه البلدان؟
أما في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط فلم تبرز بعد انعقاد القمة الأورو-متوسطية أية إشارة تفيد بوجود أي نية لدى البلدان المغاربية في المضي قدما على طريق التوحيد أو حتى تعزيز التعاون فيما بينهم. فبعد سعيهم إلى التخلص من انعقاد القمة المغاربية كل على طريقته شهدنا في المنطقة سعيا حثيثا للتذكير بإعلان أغادير من خلال حملة إعلامية و إشهارية مركزة رافقت الزيارة التي قام بها العاهل المغربي لمصر. وهذا الإعلان الذي برز للوجود سنة2001 بمباركة أوروبية بعد أن تلاشى إعلان برشلونة ووصل المشروع الأورو-متوسطي إلى مأزق بسبب اعتراض عدة أطراف عربية على وجود إسرائيل في هذا الفضاء يبدو أن له بالأساس أهدافا استراتيجية ولو كان في ظاهره يحمل صبغة تجارية بحتة)تكوين منطقة تبادل حر( وذلك لأن الأطراف المعنية بهذا الإعلان )المغرب وتونس ومصر والأردن( تتميز كلها برغبتها الملحة في التطبيع مع الكيان الصهيوني وهي تشكل قطبا أساسيا في" التحالف الدولي لمقاومة الإرهاب" في منطقة الشرق الأوسط بمفهومه الواسع الذي يشمل بلدان شمال إفريقيا.
وكنا قد لاحظنا من قبل أن التتفجيرات التي هزت الدار البيضاء في شهر ماي الماضي كانت مناسبة لدخول المغرب من الباب الكبير وبكل حماس في هذا التحالف. ولقد رأينا أن السلطات والنخب العلمانية المغربية مجتمعة سارعت بعد هذه الأحداث إلى اتهام الحركات الإسلامية كلها بأن لها "مسؤولية معنوية" في تدعيم الإرهاب. و في الآونة الأخيرة وقع المضي قدما إلى ما هو أخطر في طريق مقاومة الحركات الإسلامية في المغرب وذلك بتحريك دعوى قضائية ضد شخصيات إسلامية مغربية تتهمهم فيها بتكوين جمعية خيرية ) ائتلاف الخير (تسعى إلى جمع تبرعات لفائدة الشعب الفلسطيني)نفهم أن هذا الإجراء يدخل ضمن ما تسميه الولايات المتحدة تجفيف منابع تمويل الإرهاب باعتبار أن المقاومة الفلسطينية هي عمل إرهابي(
وأما الإفراج عن بعض المساجين السياسيين الذي قامت به المغرب أخيرا والذي فاجأ الجميع وان كان لا بد من مباركته وتشجيعه والتنويه به والهتاف له فان الاحتراز بشأنه يكون مبررا لأن الأنظمة العربية لم تعودنا بالتبرع بالحرية لفائدة شعوبها وانه لا يستبعد أن يكون لهذا الإجراء هدف دعائي يمهد لخلق مساندة قوية إقليمية ودولية للنظام المغربي ولتبرير كل ما سيقوم به في المستقبل من أعمال تدخل ضمن " الحرب على الإرهاب وتدعيم الديمقراطية" في المنطقة. ومن يدر لعلنا سنشهد في المستقبل "عاصفة" أخرى في الصحراء الغربية تكون مدخلا لإرساء قواعد أطلسية في المنطقة لتطويق العالم الإسلامي من الغرب بعد أن وقع تطويقه من الشرق في أفغانستان و بعد أن وضع خنجر على صدره و تمت محاصرة أهم رموزه في كل مكان.
والأمر يمكن أن لا يكون مجرد خيال إذا ما أخذنا في الاعتبار- زيادة عن التحركات والتصريحات المذكورة- السباق المحموم نحو التسلح الذي ظهر في المدة الأخيرة بين المغرب والجزائر وقد تكفلت الولايات المتحدة بتدعيم القدرات العسكرية المغربية وأهدتها في العام الماضي عن طريق بعض الدول الخليجية ما يزيد عن عشرين طائرة من طراز " أف 15 " .
أما السلطات الليبية فيبدو أنها قد رتبت أمورها بالكامل للدخول تحت الطاعة بما تقتضيه هذه الطاعة من وضع أسلحتها تحت الرقابة ومن تطبيع مع الكيان الصهيوني. وقد أثبت النظام الليبي منذ سنوات أنه حليف متين في التصدي للحركات الإسلامية وذلك من خلال الشراسة التي أبداها في التعامل مع الإسلاميين التونسيين والجزائريين الذين لجئوا إلى أراض ليبيا فضلا عن القمع الرهيب الذي يمارسه في الظلام على الإسلاميين الليبيين.
ولم ينتظر كولن باول طويلا حتى يوظف التوبة الليبية في تدعيم الاستراتجية الغربية بخصوص "الحرب على الإرهاب" .فلقد حاول التأثير على سوريا ناصحا إياها أن تحذو حذو شقيقتها في جبهة الصمود والتصدي سابقا فتنزع أسلحتها وتكف عن إيواء " الارهابيين" أو مساعدتهم. إلا أن العملاء في "المعارضة السورية" استجابوا بسرعة أكبر لنداء باول فأعلنوا من بلجيكا عن مساندتهم لقانون العقوبات ضد سوريا الذي أعده الكنجرس الأميركي كما طالبوا من الاتحاد الأوروبي بعدم قبول سوريا في الشراكة الأورو-متوسطية وذلك قبل أن تتمكن السلطات السورية من تلقي الرد على مبادرتها بقبول استئناف التفاوض مع اسرائيل بدون شروط وانطلاقا "من نقطة السفر". فهل سنشهد في المستقبل تسابقا في العمالة وتقديم الولاء للغرب بين السلط والمعارضات في البلاد العربية؟!
نظرة سريعة لنشأة الفكرة المغاربية وتطورها
تشكل منطقة المغرب العربي- أو جزيرة المغرب كما سماها العرب في السابق- وحدة طبيعية جغرافية وبشرية محصورة بين مياه البحر ورمال الصحراء. وإذا كانت الصراعات القبلية الدائمة لم تسمح عبر التاريخ بتكوين وحدة سياسية على كامل هذه الأرض إلا في فترات قصيرة أقصاها الدولة الموحدية التي دامت حوالي مائة سنة والتي كانت تشمل بلاد الأندلس فإن فكرة الوحدة المغاربية )أو وحدة شمال إفريقيا كما سميت في السابق( برزت إلى الوجود في هذا العصر منذ أن وطئت أقدام جيوش الاحتلال أرض بلادنا ومثلت ردة فعل طبيعية على هذا الاحتلال.
ففي تونس وقفت جل القبائل في وجه الجيوش الفرنسية وقاومتها بكل بسالة منذ دخولها إلى بلادنا إلا أن موازين القوى ما كان ليسمح لها بالانتصار في ذلك الوقت فأجبرت على التراجع إلى الجنوب حتى اضطرت في النهاية إلى اللجوء إلى الأراضي الليبية. وفي سنة 1911 لما قامت إيطاليا باحتلال ليبيا هرع التونسيون إلى الحدود الليبية ليؤازروا إخوانهم الليبيين إما بالتطوع في صفوف المقاومين للاحتلال و إما بجمع المال والأسلحة والعتاد. وقد امتلأ التونسيون غيضا ضد الاستعمار الإيطالي والفرنسي وكانوا يترصدون الفرصة للتعبير عن غضبهم الذي انفجر يوم 7 نوفمبر من نفس السنة فيما سمي فيما بعد بمعركة الجلاز.
و أثناء الحرب العالمية الأولى تكونت في المهجر اللجنة الجزائرية-التونسية وأصدرت "مجلة المغرب" التي أعلنت بوضوح في عددها الأول أنها "تعبر عن طلبات السكان الأصليين لبلاد المغرب هذا الجزء من شمال إفريقيا الذي يشمل المغرب والجزائر وتونس وليبيا الخاضع أو هو في طريق الخضوع لفرنسا وإسبانيا وإيطاليا". ولما انتهت الحرب قامت اللجنة الجزائرية-التونسية بتحرير مذكرة بعثت بها لمؤتمر السلم المنعقد في فرساي تطالب "بالاستقلال التام للشعب الجزائري-التونسي" وتتوجه إلى الضمير العالمي" لضمان حقوق الإنسان والشعوب" وقد اغترت كما هو واضح بإعلان ولسن الشهير عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي أواسط العشرينات تكون في باريس حزب سياسي يحمل اسم" نجم شمال إفريقيا" يطالب بالاستقلال التام لبلدان شمال إفريقيا الثلاث تونس والجزائر والمغرب وينادي بتكوين " ولايات متحدة شمال إفريقية". وكذا تأسست بارتباط مع هذا الحزب منظمة طلابية تحمل اسم "جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا".
وفي أواسط الثلاثينيات لما تقلدت السلطة في فرنسا حكومة الجبهة الوطنية اغتر الوطنيون المغاربة بالشعارات الثورية التي كانت تطرحها هذه الحكومة فتقدموا لها" بطلبات شمال إفريقيا الملحة" إلا أن الرد كان قد خيب آمالهم وقد شهدت سنة 1937 موجة عارمة من القمع ضد الوطنيين المغاربيين. وجاء الرد على هذا القمع بتنظيم إضراب عام مغاربي يوم 20 نوفمبر 1937 وقع الإعلان عنه من تونس.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية وما تبعها من خيبة أمل الشعوب المغاربية مرة أخرى في الحصول على استقلالها تجذرت فكرة الوحدة المغاربية لدى الوطنيين المغاربة وقد شهدت سنة 1947 انعقاد "مؤتمر المغرب العربي" وانبثق عن هذا المؤتمر "مكتب المغرب العربي" ثم " لجنة تحرير المغرب العربي". وقد أشاد التقرير الختامي لمؤتمر المغرب العربي بالزعيم فرحات حشاد باعتباره زعيما مغاربيا. وبالفعل كان الزعيم النقابي فرحات حشاد زعيما مغاربيا بامتياز. وهذه هي من الحقائق التي يراد طمسها والتعتيم عليها باستمرار . فلفرحات حشاد نداء مشهور توجه به للعمال المغاربيين يوم 21 مارس 1947 يدعوهم فيه إلى بعث " فدرالية نقابية لعمال شمال إفريقيا". وكل المنظمات النقابية التي تكونت في باقي بلدان المغرب العربي قد اعتمدت على التجربة التونسية وتلقت دعما مباشرا من فرحات حشاد نفسه. ولما تم اغتياله في تونس يوم 5 ديسمبر 1952وقعت ردود فعل شعبية عنيفة وحاشدة في المغرب والجزائر كما توترت الأجواء في ليبيا توترا شديدا.
أما لجنة تحرير المغرب العربي برئاسة الزعيم المغاربي الكبير عبد الكريم الخطابي فقد دأبت منذ تكوينها على بعث حركة مقاومة مسلحة ضد الاستعمار على المستوى المغاربي. وكانت أخر محاولة في هذا الغرض قامت بها اللجنة بتنسيق مع المجموعة الراديكالية الجزائرية قد تمت بالقاهرة يوم 29 ماي 1954 إلا أن كثرة المناورات الاستعمارية وأطماع بعض القيادات الوطنية حالت دون تحقيق هذا الهدف.
وبعد أن تحصل كل من المغرب وتونس على "الاستقلال" بينما كانت الثورة الجزائرية ملتهبة لم يفلح مؤتمر طنجة سنة 1958 في بعث وحدة مغاربية حقيقية وبدأ الحلم المغاربي يتبخر وذلك لأن المشروع خرج من دائرة المجتمع المدني إلى دوائر الحكومات التي نصبها ودعمها الاستعمار ليواصل مهامه الاستغلالية و"التمدينية" بأساليب جديدة.
وبعدما نالت الجزائر استقلالها تأسس سنة 1964 مجلس وزراء الاقتصاد المغاربة و بعث للوجود "اللجنة الاستشارية القارة" وعدة لجان فنية مختصة كما أنشأ "مركزا للدراسات الصناعية". ورغم الدراسات العديدة والمعمقة التي قام بها خبراء مغاربيون متحمسون يعملون في صلب هذه اللجان والتي فاقت الثمانين دراسة تمس معظم القطاعات فإن هذه الدراسات لم يقع استغلالها إلا في حالات قليلة وبطريقة مبتورة وذلك لسبب أساسي يشهد به العام والخاص هو انعدام الإرادة السياسية. وشهدت منطقة المغرب العربي تجاذبات وتكتلات داخلها عند كل أزمة من الأزمات الإقليمية والدولية وكانت أهم هذه الأزمات وهي التي ساهمت بشكل أساسي في شل المسار المغاربي هي أزمة الصحراء الغربية التي بدأت سنة 1975 عندما عمدت إسبانيا إلى تقسيم هذه المستعمرة القديمة بين المغرب وموريطانيا دون تشريك المقاومة الصحراوية القائمة هناك والتي كانت تتلقى الدعم من الجزائر. وهذا ما أثار حفيظة السلطات الجزائرية وأجج الصراع بينها وبين السلط المغربية. وبقي هذا الصراع قائما منذ ذلك الحين إلى الآن تارة يطفو على السطح وتارة ينزل تحته حسب الظروف والملابسات.
ولما تم توقيع اتفاق الوحدة المغاربية في 18 فيفري 1989 استعادت بعض النخب المغاربية الأمل في إمكانية استئناف بناء هذا المشروع الحضاري الواعد. لكن هذا الأمل سرعان ما تبخر بعد أن تعطلت مؤتمرات القمة عن الانعقاد منذ سنة 1994 وتعطل معها كل تعاون مغاربي. وفي الواقع فإن الأحداث أثبتت أن توقيع اتفاق الوحدة المغاربية بين قادة البلدان الخمس لم يكن نابعا من إرادة صادقة في بناء وحدة مغاربية بقدر ما كان يهدف إلى التصدي للحركة الإسلامية الاحتجاجية المتنامية في المنطقة ومحاولة سحب البساط من تحت أقدامها. وقد سارعت فرنسا برئاسة ميتران آنذاك إلى مباركة هذا العمل وطرحت فكرة إمكانية بعث فضاء للتعاون بين أوروبا و البلدان المغاربية الموحدة والذي انتهى في الأخير إلى اتخاذ اسم مجموعة 5+5)).
لكن الحكومات ليست وحدها في الواقع هي المسؤولة عن فتور المسيرة المغاربية ثم تعطلها. فالمجتمع المدني المغاربي لم يبذل منذ الاستقلال أي جهد لتدعيم هذه المسيرة وانجاحها. فلم نشهد بعث جمعيات مغاربية فاعلة ثقافية وأدبية وعلمية ومهنية وغيرها تساهم في تعميق الوعي بهذا المشروع الحضاري وتعزز اللحمة بين أبناء المغرب العربي. كما لم نشهد لقاءات ومهرجانات مغاربية قام بها المجتمع المدني المغاربي من خارج دواليب السلطة. وحتى التنسيق الذي كان يتم من حين إلى آخر بين بعض مكوناته فلقد كان دائما ظرفيا وفي أغلب الأحيان مدفوعا من أطراف أجنبية.
كما تجدر الاشارة أيضا الى أن هناك بعض التوجهات الإيديولوجية المريضة قد ساهمت في التشويش على المشروع المغاربي وخاصة التوجه العروبي العنصري والتوجه الامازيغي الذي لا يقل عنه عنصرية. فالتوجه الأول يتجاهل البعد الأمازيغي في نحت الشخصية المغاربية ويرى في المشروع المغاربي مشروعا استعماريا يهدف إلى عزل المغرب عن المشرق وهو في حقيقته توجه شوفيني جاهلي بعيد كل البعد عن سماحة الإسلام .أما التوجه الثاني فهو يرى في الوحدة المغاربية محاولة لطمس هويته الأمازيغية وهو توجه متأثر شديد التأثر بالمقولات الاستعمارية المخادعة.
والحقيقة أن كل الرواد المخلصين لمشروع الوحدة المغاربية في الماضي وفي الحاضر يجمعون على أن هذا المشروع ليست له أية خلفية عرقية وهو يسعى إلى دعم التضامن العربي والإسلامي وينطلق من أن الوحدة المغاربية هي وحدة قائمة منذ القدم ويشهد بها التاريخ وأن الإسلام قد زاد في ترسيخها عبر العصور.
أي دور للمجتمع المدني اليوم في تحقيق الوحدة المغاربية؟
واليوم وبعد فشل الأنظمة المغاربية في تحقيق هذا المشروع الحيوي لشعوب المنطقة فإن المجتمع المدني المغاربي مطالب من جديد بالعمل على إحياء المسيرة المغاربية بنفسه وذلك بسحب المشروع من رفوف السلط العميلة العاجزة ووضعه بين يدي المجتمع. صحيح أن الوحدة لا تتم في النهاية إلا بإرادة سياسية أي بإرادة الحكومات ولكن المجتمع المدني قادر على الضغط على هذه الحكومات وإجبارها على السير في طريق التوحيد أو تغييرها إذا لزم الأمر. وهذا يفترض أن يكون المجتمع المدني المغاربي مسلحا بالإيمان القوي بهذا المشروع وعازما عزما راسخا على تحقيقه.
ولكن في البداية لابد من توضيح ماذا نقصد بالمجتمع المدني هذه الكلمة التي أصبحت شائعة الاستعمال عند النخب المغاربية والتي يتجنب معظم الذين يستعملونها توضيح معناها ربما لأنهم يريدون عن قصد أو عن غير قصد أن يبعدوا فئات معينة من هذا المفهوم.
المجتمع المدني يقابله لغويا المجتمع العسكري. وهو يضم كل المواطنين الذين لا ينتمون إلى الأجهزة الرسمية التي تمارس السلطة في البلاد عسكرية كانت أم أمنية أم إدارية. فهو يشمل إذا الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمنظمات المهنية والشبابية والجمعيات المختلفة... ولكن هناك أمر خطير لا بد من التنبيه إليه وهو الاعتقاد السائد بأن المجتمعات العربية والإسلامية التقليدية هي مجتمعات غير مدنية لما يتوفر فيها من سلطة لدى رب العائلة أو شيخ القبيلة أو عالم الدين. إن هذه النظرة مبنية على خلفية إيديولوجية تؤمن بحرية الإنسان المطلقة داخل المجتمع وعدم تقيده بأي ضوابط عائلية أو اجتماعية أو أخلاقية. وهي نظرية لا يمكن أن تجد لها أي تجسيد في الواقع وتبقى مجرد تصور خيالي في رؤوس أصحابها. و بناء على هذه النظرية يقع إبعاد كل المؤسسات القبلية والدينية وخاصة المساجد من المجتمع المدني.
ولكن لا ندر ما هو الحل الذي يقترحه أصحاب هذا الرأي لتطوير المجتمعات التي مازالت الرابطة القبلية والرابطة الدينية هي السمة البارزة فيها مثل معظم البلدان العربية والإفريقية والآسيوية!!! فلربما يبررون في هذه الحالة "تمدين" هذه الشعوب بالقوة مثل ما يحدث في أفغانستان والعراق وما سيحدث في أماكن أخرى من العالم إذا بقيت الأمور على ما هي عليه اليوم.
إن القبيلة هي في الواقع شكل من أشكال المجتمع المدني كانت ولا زالت تمثل درعا واقيا لأفرادها تحميهم من أي ظلم يسلط عليهم وتعزز فيهم الإحساس بالأمن والثقة بالنفس. وقد لاحظنا عبر وسائل الإعلام الأهمية التي يكتسيها مجلس القبائل الأفغانية في دعم الاستقرار والأمن في البلاد والذي لم تستطع قوات"التحالف الدولي" والحكومة العميلة في أفغانستان أن تستغني عنه. كما لاحظنا الدور الفاعل الذي قام به مجلس العروش في الجزائر لتأطير الأهالي والتعبير عن رغباتهم. وحتى في تونس فان العلاقات القبلية تلعب دورا أساسيا في داخل السلطة وفي الأحزاب السياية وحتى داخل النقابات والجمعيات المختلفة رغم محاولة التعتيم على هذه الظاهرة لأغراض دعائية.
أما المساجد فهي الأماكن الطبيعية التي يتأسس فيها المجتمع المدني في كل البلدان الإسلامية. وقد لاحظنا بالأمس القريب لما انهار النظام العراقي وانهارت معه كل المؤسسات بما فيها الأمنية برز المسجد كأهم مؤسسة يمكنها أن تحافظ على أمن المواطنين وأرزاقهم كما يمكنها أن تضمن التكافل الاجتماعي بين المواطنين وتمكنهم من التعبير عن طموحاتهم ومواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
و لقد أثبتت التجربة أن تخريب البناء القبلي و محاصرة المساجد في بلادنا لم يضف إلى تأسيس مجتمع مدني كما يدعي البعض بل أضفى إلى تشتيت المجتمع وشل قدرته على التحرك الجماعي وانسحاقه أمام غطرسة السلطة. و إني أذكر هنا أنه تملكني حزن كبير لما هزت البلاد العربية والإسلامية وحتى الأوروبية موجات عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات عندما اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية وحاصرت الرئيس الفلسطيني ودخلت مدينة جنين وقد خرج في بلادنا إلى الشوارع عشرات الأشخاص الذين يدعون تمثيل المجتمع المدني في تونس ليتظاهروا "دعما للانتفاضة" رغم العداء الدفين الذي يحمله بعضهم لهذه الانتفاضة بسبب طابعها الإسلامي بينما كان آلاف التونسيين يكادون ينفجرون غيضا في المساجد ولا يستطيعون التعبير عن غضبهم لأن المساجد في بلادنا مغتصبة وهي الآن سجينة ومحرمة على المسلمين...
وإني أعتقد أن الدعم القوي الذي ما انفكت تقدمه البلدان الغربية للنظام التونسي نابع من اعتقادها بأن هذا النظام قد سدد أقوى الضربات وأخطرها لمجتمع مسلم لما أحكم سيطرته على المساجد ومنعها من القيام بدورها في تفعيل المجتمع المدني. ولا بد أن يفهم تجار السياسة في بلادنا أن " حيرتهم واستغرابهم " من عدم إقبال الشعب التونسي على العمل السياسي ناتج عن هذه الحقيقة المرة. فالذين يعتقدون أن السياسة منفصلة عن الدين أو معادية له ويمعنون في محاربة "التطرف الديني" بممارسة التطرف العلماني أو محاربة "الإرهاب الإسلامي" بممارسة إرهاب الدولة عليهم أن يتذكروا أن التاريخ علمنا على مر العصور أن القمع والتنكيل ما كان ليجبر الإنسان يوما على التخلي عن حريته أو عن الدفاع عن كرامته المداسة وإنسانيته المغتصبة.
إن العمل السياسي النبيل هو مثل العمل التربوي لابد له أن يسعى إلى جعل الشعوب تسير إلى الأمام باطمئنان وثبات وثقة في النفس محافظا على شخصيتها ومدافعا عن كرامتها وليس كما يراد له الآن من أن يكون قائما على القمع والإرهاب ودفع الشعوب مثل القطيع في سبل يتوهم البعض أنها سبل التقدم والنجاة بينما هي تشهد بنفسها على نفسها اليوم أنها سبل تؤول بالإنسان في النهاية إلى الانحدار إلى عالم الحيوان.
إن أبناء المغرب العربي المخلصين لشعوبهم والمتمسكين بثوابتهم الحضارية ومقدساتهم هم الممثلون الحقيقيون للمجتمع المدني وهم وحدهم القادرون على تحقيق بناء الوحدة المغاربية التي تمثل اليوم أعظم مشروع يهم مستقبل الأجيال في هذه البلاد. أما الذين يناصبون العداء لمعتقدات أهلهم الراسخة وثقافتهم المتأصلة متسترين بشعارات غامضة لا يفهمها الشعب ويتوجس منها شرا فانهم سيبقون إلى الأبد منحصرين في جمعيات وأحزاب كرتونية تدور في فلك البلدان الغربية وتلهث وراءها ولا تستطيع أن تحقق لشعوبها إلا مزيدا من التبعية والمسخ وفقدان الشخصية. و ها هو وراءنا ما يزيد على أربعة عقود من "الاستقلال" شاهد على ذلك.
ولكن ما هو المطلوب بالضبط من المجتمع المدني المغاربي اليوم؟ وللإجابة عن هذا السؤال فانه لابد من التذكير بالمعضلة الأساسية التي تعطل المسيرة المغاربية وتهدد مستقبل المنطقة كلها وهي معضلة الصحراء الغربية.
انه لا شك في أن المرء يتجنى على السلطات الجزائرية وعلى أبناء الصحراء إذا قال إن قضيتهم مفتعلة. وذلك على الأقل بسبب المجهود الذي قامت به حركة البوليزاريو سابقا في سبيل تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من الاستعمار الإسباني وبسبب الدعم الذي قدمته لها الجزائر في سبيل ذلك ولكن لا مناص من الاعتراف بأن هذه الرقعة من الأرض ليست لها مقومات دولة يمكن أن تعتمد على نفسها لضمان أمنها وتحقيق نموها وازدهارها كما أنه ليس لها من الخصوصيات البشرية والتاريخية والجغرافية ما يبرر قيام هذه الدولة. ثم إن السعي إلى تحقيق وحدة المغرب العربي تتناقض مع المطالبة بتأسيس دويلة إضافية خاصة إذا كانت هذه الدويلة هي محل نزاع بين أهم بلدين من بلدان المغرب العربي وتمثل عقبة كأداء يستحيل معها تحقيق هذه الوحدة. وقد أدى هذا النزاع في الآونة الأخيرة إلى استئناف السباق نحو التسلح بين الجارتين في المنطقة وهو ما يعتبر كارثة بالنسبة لمستقبل الشعوب المغاربية.
فعلى أبناء المغرب العربي أن يدركوا أن قضية الصحراء هي لغم من جملة الألغام التي تركها لنا الاستعمار ليتمكن من مواصلة التدخل في شؤوننا بشكل دائم وعليهم أن يسعوا إلى إزالة هذا اللغم من على أرضهم بكل ذكاء. وانه لا يمكن أن يتم هذا الأمر بدون أضرار قد يحس بها طرف أو أكثر من بين الأطراف الثلاث في النزاع. والحكمة تستدعي اعتماد منطق أخف الأضرار. وأخف الأضرار لا ريب هي التي ستتحملها جبهة البوليزاريو في التخلي عن فكرة تأسيس دولة صحراوية مستقلة والاكتفاء بحكم ذاتي ضمن السيادة المغربية وهو الاقتراح الذي تقدم به منذ مدة الوسيط الأميركي جيمس بيكر و قبلته المغرب لكن الجزائر رفضته كما رفضته جبهة البوليزاريو. واني اعتقد أنه لا وجود لحل آخر ممكن غير هذا الحل يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة ويسمح لمشروع الوحدة المغاربية أن يتحقق لفائدة الشعوب. وان رفض هذا الحل سيكون فرصة سانحة للتدخل الأجنبي المباشر في بلادنا خاصة وأن عدة أطراف مهدت لشرعية هذا التدخل وذلك بترويج الدعاية التي تقول بحرص أوروبا والولايات المتحدة على توحيد البلاد المغاربية وجلب الحرية والازدهار لشعوبها. وانه على كل مكونات المجتمع المدني المغاربية المقتنعة بهذا الحل أن تبذل كل ما لديها من جهد لتقنع به كل الأطراف المعنية وبالخصوص جبهة البوليزاريو. وإننا نتمنى أن تبادر الجزائر التي تغرق )على حد تعبير عباسي مدني (بقبول هذا الحل ليكون منطلقا لإنقاذها قبل أن تغرق المنطقة كلها معها.
خلاصة
إن بلاد المغرب تكون اليوم كما كونت منذ القدم وحدة بشرية ووحدة جغرافية طبيعية. وإن الإسلام هو الذي وحد لأول مرة في التاريخ والى اليوم كل سكان هذه الأرض. وهناك حقيقة ثابتة برزت منذ بداية استيلاء الاستعمار الأوروبي على هذه البلاد تفيد بأن الحس المغاربي المدعوم بالعقيدة الإسلامية رافق كل الردود المباشرة لأبناء المغرب العربي على هذا الاستعمار. وقد بذلت أجيال متعاقبة من الوطنيين المغاربيين جهودا كبيرة لبعث حركات مغاربية موحدة ثقافية وسياسية وعسكرية. ولم تكن هذه الحركات ترمي إلى عزل المنطقة المغاربية عن محيطها العربي والإسلامي بل كانت على العكس تسعى إلى تعزيز هذا الترابط. و وقد برزت رموز مغاربية كبيرة في مواجهة الاستعمار أمثال الأمير عبد القادر الجزائري وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي والزعيم النقابي فرحات حشاد وغيرهم. وقد كان توحيد البلاد المغاربية بعد تحريرها من المستعمر يمثل حلما بالنسبة لهم جميعا.
ولكن هذا الحلم لم يتحقق إلى الآن وقد حصلت كل البلدان المغاربية على استقلالها منذ أكثر من أربعة عقود وذلك لأن النخب المغاربية التي استلمت السلطة في دولة "الاستقلال" هي في أغلبها نخب فرضها الاستعمار بطريقة أو بأخرى وهي مرتبطة به أكثر من ارتباطها بشعوبها.
وقد أصبحت هذه النخب تسبح في فلك الاستعمار وتنفذ سياساته في بلدانها بكل حماس مما يعني أن الاستقلال في النهاية هو الذي حقق الأهداف الاستعمارية في المنطقة. وهذه مفارقة كبيرة...
وفي عهد "الاستقلال" أصبحت الشعوب المغاربية تعيش حالة من الكبت والضيق والاضطهاد لم تعشها في ظل النظام الاستعماري المباشر. وقد خلق هذا الوضع حالة من الرداءة والتبلد الذهني حتى في بعض النخب الفكرية التي أصبحت ملكية أكثر من الملك أي متشبثة بالأهداف الاستعمارية أكثر من الاستعمار نفسه. ولعل ما أصبح يسمى اليوم "بقضية الحجاب" هو أبلغ مثال على هذا الوضع الشاذ. فالسلط التونسية تدعمها بعض النخب من الصنف المذكور تقوم منذ عدة سنوات بحرب شعواء على الدين الإسلامي من خلال التسلط على الفتيات المسلمات ومنعهن من ارتداء الحجاب حتى في بيوتهن بينما لم يجرأ شيراك الفرنسي على الوصول إلى هذا الحد واكتفى بالمطالبة بمنع الحجاب في المدارس)وهذا هو في حد ذاته بطبيعة الحال اعتداء على حقوق الإنسان وعلى الحريات الشخصية وعلى حرية المعتقد(.هذا هو حال الشعوب المغاربية اليوم مثل حال باقي الشعوب العربية والإسلامية.
وان التحرك الأخير الذي قامت به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بلدان المغرب العربي يهدف بالأساس إلى ترسيخ هذا الوضع وإحكام الحصار على حركة المد الشعبي الإسلامي الرافض للاستسلام لهذا الواقع.
كما أن هذا التحرك يهدف إلى الالتفاف على الأطراف العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل والى تحصين المنطقة ضد كل من ستحدثه نفسه بالوقوف في وجه مبادرات الاستسلام والتطبيع ومقاومة الإرهاب )والعبارات الثلاث مترادفة في القاموس الغربي- الصهيوني (. ويبدو أن منطقة المغرب العربي مرشحة للقيام بدور هام بخصوص هذا الموضوع وذلك بعد إجراء بعض عمليات التجميل على أنظمتها العميلة وتقديمها على أنها نماذج للديمقراطية وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط.
ولا مناص بالنسبة للنخب المغاربية الأصيلة من أن تتحمل مسؤولياتها أمام هذا الوضع المأساوي وأمام الاحتمالات الكارثية الممكنة وذلك بالسعي إلى تحريك المجتمع المدني بأحزابه ونقاباته وجمعياته ومساجده ودفعه إلى المطالبة بحقه في المشاركة في كل القرارات المصيرية وفي إيجاد حل سريع لمشكلة الصحراء الغربية يضع في الحسبان مصلحة الشعوب المغاربية ومستقبلها لا مصلحة الأنظمة والأشخاص وذلك قبل أن تتقدم أوروبا والولايات المتحدة لتفرض علينا حلها وعملاءها حتى يجثموا فوق صدورنا ردحا أطول من الزمن
- gramoعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 2387
البلد :
نقاط : 4450
السٌّمعَة : 37
تاريخ التسجيل : 19/03/2009
رد: اتفق المغاربة ان لا يتفقوا
السبت 30 أكتوبر 2010, 18:42
اتفق العرب على الا يتفقوا!!!!!!!!! رغم المقامات المشتركة بينهم و في مقدمتها الدين و اللغة
هكذا هو حالنا، نحن العرب، من سابع المستحيلات أن نتفق على أمر ما، بل حتى لو اتفقنا وسارت الأمور على مايرام، ناذرا ما تكون النفوس صافية والقلوب راضية، حتى أصبحنا مضربا للأمثال في الإختلاف وعدم الإتفاق.
هكذا هو حالنا، نحن العرب، من سابع المستحيلات أن نتفق على أمر ما، بل حتى لو اتفقنا وسارت الأمور على مايرام، ناذرا ما تكون النفوس صافية والقلوب راضية، حتى أصبحنا مضربا للأمثال في الإختلاف وعدم الإتفاق.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى