- yasmine27عضو خبير
- عدد الرسائل : 785
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 1706
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 09/03/2010
التعليم 1830 -1900
الأربعاء 24 نوفمبر 2010, 18:19
- مقدمة
ان من نتائج الهجمة الاستعمارية الشرسة التي تعرضت لها المؤسسات التعليمية والوقفية والدينية ، نضوب ميزانية التعليم وغلق المدارس وانقطاع التلاميذ عن الدراسة وهجرة العلماء . وبذلك فإن رسالة فرنسا في الجزائر كانت هي التجهيل وليس التعليم ، مما يمكن الفرنسيين من جعل الجزائر، اسهل انقيادا واكثر قابلية لتقبل مبادئ الحضارة الغربية .ولا تختلف السياسة التعليمة الفرنسية في الجزائر عبر مختلف مراحل الوجود الفرنسي عسكري كان أو مدني ، لأنها كانت أهدافا واحدة وإن اختلفت التسميات
2- أهداف السياسة التعليمية الفرنسية
و ضعت الإدارة الفرنسية لسياستها التعليمية في الجزائر أهدافا عدة تمكنها في آخر المطاف من القضاء على الشخصية الجزائرية ومقوماتها الأساسية ثم إذابتها في المجتمع الفرنسي وسلخها نهائيا عن انتمائها العربي الإسلامي . ولا يتم تحقيق هذه الأهداف الاستعمارية إلا بواسطة سياسة تعليمية تتركز على ثلاث أهداف أو محاور رئيسية؛ الفرنسة والتنصير والإدماج ، فالهدف الأول كان الفرنسة، كانت السلطات الفرنسية تهدف من ورائها الى محو الهوية العربية الإسلامية للجزائريين انطلاقا من القضاء على مقوماتها الواحدة تلو الأخرى ، عن طريق تطبيق الأساليب والأنماط الفرنسية التالية : - التبشير والإدماج. فسياسة التبشير كان القصد من ورائها القضاء على الدين الإسلامي ، ويلاحظ أن محاربة الدين الإسلامي اشتدت بتولي المدنيين السلطة في الجزائر من خلال تبنيهم لسياسة تنصيرية وتبشيرية منظمة و رسمية ، مستغلين الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي كان يمر بها المجتمع الجزائري . ففي عهد الجمهورية الثالثة انتشر التبشير انتشارا واسعا وبني عدد كبير من المدارس الدينية الحرة في الكثير من المناطق التي كان من الصعب تأسيس المدارس الرسمية بها كالمناطق النائية و الصحراوية . وقد دعمت السلطات الفرنسية هذه المدارس ماديا و معنويا و انفقت عليها بسخاء كبير .أما الإدماج ، فيتم عن طريق ، محاربة التعليم العربي وفرنسته ، فرغم النتائج المدمرة للاحتلال الفرنسي على الجزائر وخاصة ما أصاب المؤسسات التعليمية و الثقافية من أضرار بالغة ،إلا أن هذه المؤسسات استمرت في تأدية رسالتها الحضارية و التعليمية والتربوية .وفي هذا السياق لعبت المدارس القرآنية و المساجد و الزوايا والمؤسسات الخيرية دورا بارزا في المحافظة على الشخصية الوطنية وانتماءاتها الحضارية في وجه عمليات التنصير والتغريب الهدامة . وقد صمدت هذه المؤسسات رغم إجراءات التدمير والمنع و المضايقة التي مارستها السلطات الفرنسية لابطال مفعول هذه المؤسسات وتحديد توسعها وانتشارها عن طريق إخضاعها للرقابة و التفتيش
3- السياسة التعليمية على عهد النظام العسكري
لم يحظ موضوع التعليم في الجزائر بداية الاحتلال بالدراسة. وإن كان موقف السياسة الفرنسية من الحركة التعليمية متميزًا ، إذ أنها عملت على تدمير الكثير من تلك المؤسسات التعليمية ، بأن أقامت عليها مشاريع عمرانية وعسكرية . ونذكر من تلك المؤسسات ما حدث في مدينة قسنطينة وفي زاوية التلمساني التي حولت إلى مقر للهندسة العسكرية، ثم إلى مركز "تبشيري" للراهبات . وسيدي بومعزة الذي كان يلقي فيه الشيخ عبد الحميد ابن باديس دروسا خصوصية قبل تأسيس جمعية التربية والتعليم. وحول الآن إلى مدرسة أساسية هي مدرسة زغدود التي ألحق بها جامع سيدي قيس أو زاوية العمارية. ومن المؤسسات المندثرة أيضا عمر الوزان التي هي المسرح البلدي الآن وجامع سيدي عبد الرحمن المناطقي الذي حولته السلطة الفرنسية إلى بنايات سكنية. وسيدي الدّب الذي بني على أرضه البريد
المركزي للمدينة.
ويمكن تلخيص معاملة السياسة الفرنسية تجاه هذه المؤسسات التعليمية في:
1 - ابقاء بعض المؤسسات وتعيين موظفين لها.
2 - بيع البعض منها بعد نقل رفات الأضرحة منها، سواء إلى المقبرة الإسلامية مثلما حدث لزاوية ابن رضوان التي كان بها تابوت قاضي بيت المال محمد بن رضوان. وبقرار بلدي حولت هذه الزاوية إلى محكمة إباضية، أو من مؤسسة إلى أخرى مثلما حدث لرفات سيدي علي بن مخلوف الذي نقل إلى جامع الأربعين شريفا.
3 - تأسيس مدارس أوروبية، ومدارس عربية ـ فرنسية لتحلّ محل هذه المؤسسات.
4 - هدم الباقي وإقامة المشاريع العمرانية ومصادرة الأملاك الموقوفة لها.
5 - تسريح بقية المشرفين على هذه المؤسسات.
6 - الشروع في تأسيس سياسة تعليمية متميزة.
لامتصاص رد الفعل الشعبي على هذه الممارسات الاستعمارية ، بادرت السلطات العسكرية الفرنسية الى تأسيس المدارس العربية - الفرنسية و ذلك بمقتضى المرسوم الرئاسي الصادر في 14 جويلية 1850 في كل من الجزائر و قسنطينة وهران و عنابة و مستغانم إلا أن هذه المدارس جاءت لتحقيق أهداف استعمارية ، كما ذهب الى ذلك أحد الفرنسيين بان الهدف المنشود ليس تكوين موظفين خاصين ولا تحضير مدرسين للتعليم العمومي ، وانما تكوين رجال بتأثيرهم على إخوانهم يساعدوننا على تحويل المجتمع العربي وفق متطلبات حضارتنا .و لإرغام الجزائريين على الالتحاق بهذه المدارس ، أصدرت الإدارة الفرنسية مرسوم 1859 والذي يقضي بتحديد عدد الكنائس و التلاميذ الملتحقين بها بقرارات ولائية في كل دائرة و مقاطعة ، غير أن سياسة المدارس المختلطة لم يكتب لها النجاح لمعارضة البلديات ورفض الأوربيين القاطع لها . و الحقيقة أن هذه المدارس ظهرت وانتعشت عندما كانت تحت إشراف الحكم العسكري ، إلا أنها بدأت تميل الى الزوال والاندثار بعد أن أصبحت من اختصاص المناطق المدنية وإشرافها المالي . زيادة على الرفض الذي لاقته من قبل الجزائريين خاصة بعد أن أسندت مهمة تسييرها الى مدرسين فرنسيين دينيين وبسبب فشل هذه المدارس كذلك هو أن السلطات الفرنسية لم تكن تسمح لأي كان من الجزائريين أن يلتحق بهذه المدارس وذلك خوفا من انتشار التعليم وتعميم الثقافة في الأوساط الشعبية وما ينجم على ذلك من مخاطر على السياسة الاستعمارية ولهذا اتبعت أسلوب الانتقاء للتلاميذ وحددت المعايير والمقاييس والشروط . وكان على رأسها أن يكون التلميذ من عائلة يعرف أفرادها بولائهم و إخلاصهم للاستعمار و بذلك لم يمس التعليم الفرنسي كل الشرائح الاجتماعية المكونة للمجتمع الجزائري .
تأسست أول مدرسة عربية ـ فرنسية يوم 1 جوان 1833 في الجزائر العاصمة وأخرى في عنابة. ثم انتشرت المؤسسات التعليمية عبر أنحاء البلاد إلى درجة أنها في سنة 1851 بلغ عددها في مقاطعة قسنطينة وحدها 522 مدرسة في المستوى الأول والثاني لضمان تمدرس 5731 تلميذ. وفي عام 1852 بلغ عدد المدارس بنفس المقاطعة 938 مدرسة استقطبت 7450 تلميذا في حين كان عدد التلاميذ الجزائريين في الأرياف بالزوايا كبيرا (حوالي 3000 تلميذًا)
4-السياسة التعليمية على عهد النظام المدني
إن أهم ما ميز هذه المرحلة ، هو صدور مرسوم 13 فبراير 1883 الخاص بتنظيم أمورالتعليم في الجزائروالذي جعله فرنسيا محضا شمل كل جوانب التعليم وبالتالي كان هذا القانون وراء إنشاء نوعين من المدارس الأول خاص بأبناء المعمرين و الثاني بأبناء الجزائريين ، و كلاهما يتلقي تعليما بالفرنسية.و الهدف من ذلك هو إبعاد اللغة العربية من برامج المدارس الإبتدائية.أما ما يخص مراحل التعليم الثانوي فإنها لا تختلف عن سابقتها في شيء، فالجزائريون أصبحت العربية بالنسبة إليهم بموجب القوانين الجائرة لغة إختيارية ، و عليه فإن التعليم خلال هذه الفترة كان فرنسيا بحتا و عليه فإن اللغة الفرنسية هي لغة التعليم بكل مراحله ، و هذا ما جعل الثقافة العربية محصورة في بعض الكتاتيب القرآنية و الزوايا التي لم تصلها يد الإستعمار.أما ما يخص التعليم العالي فقد تم تأسيس جامعة الجزائر في أواخر القرن التاسع عشر في مدينة الجزائر و هي الأخرى كان التعليم فيها باللغة الفرنسية على غرار الجامعات الفرنسية هناك, عدا الدراسات الإستشراقية, و بالتالي لم تكن هناك أقسام لدراسة التاريخ العربي و الإسلامي و عليه فإن السياسة التعليمية لفرنسا في الجزائر و الخاصة بالتعليم الحكومي الرسمي اعتمدت الوسائل الكفيلة لتنفيذ السياسة التعليمية ، حتى تحصر تعليم الجزائريين في أضيق الحدود لأن قضية التوسع في التعليم الفرنسي في حد ذاتها قوبلت بالرفض التام من طرف المعمرين, أما الجزائريون المتفرنسون الطامحون في التقرب من فرنسا فإن نظرتهم للسياسة التعليمية في جزئها الخاص بتعليم الأهالي مرتبطة بما يمكن للإدارة المركزية الإستعمارية عمله على أنه من واجبها رفع مستوى العنصر العربي المغلوب ، و لتحقيق هذا الواجب فإنه يجب اقتياد الطفل العربي إلى المدرسة الفرنسية و يجب افتكاكه من بين أيدي الوالدين لأنهما لا يدركان المغزى من التعليم الفرنسي و النهل من الثقافة الفرنسية و أنه من مصلحة المحتل أن يعمل على تمدين المناطق التي استعمرها , و بالتالي فإن موقف الجزائريين المتفرنسين من مرسوم 1883 هو ضرورة ذهاب الأهالي إلى المدرسة لتلقي المعارف ,ولإنجاح هذه السياسة فإنهم يرون أنه من الضروري على فرنسا إنشاء مدارس لتخرج المعلمين الأهالي و هي إجراءات ضرورية ،لكن عدد المعلمين الأهالي الذين تم توظيفهم لتعليم أبناء الجزائريين كان في تراجع مستمر ,ففي عام 1877 كان عددهم 216 معلم و في عام 1882 انخفض العدد إلى 198 معلم و بحلول عام 1886 تراجع عددهم إلى 115 ليتقلص عام 1889 إلى 81 معلما ، و بحلول عام 1893 تراجع عدد المعلمين الجزائريين إلى 69 معلما فقط
المصدر موقع وزارة المجاهدين الجزائر
ان من نتائج الهجمة الاستعمارية الشرسة التي تعرضت لها المؤسسات التعليمية والوقفية والدينية ، نضوب ميزانية التعليم وغلق المدارس وانقطاع التلاميذ عن الدراسة وهجرة العلماء . وبذلك فإن رسالة فرنسا في الجزائر كانت هي التجهيل وليس التعليم ، مما يمكن الفرنسيين من جعل الجزائر، اسهل انقيادا واكثر قابلية لتقبل مبادئ الحضارة الغربية .ولا تختلف السياسة التعليمة الفرنسية في الجزائر عبر مختلف مراحل الوجود الفرنسي عسكري كان أو مدني ، لأنها كانت أهدافا واحدة وإن اختلفت التسميات
2- أهداف السياسة التعليمية الفرنسية
و ضعت الإدارة الفرنسية لسياستها التعليمية في الجزائر أهدافا عدة تمكنها في آخر المطاف من القضاء على الشخصية الجزائرية ومقوماتها الأساسية ثم إذابتها في المجتمع الفرنسي وسلخها نهائيا عن انتمائها العربي الإسلامي . ولا يتم تحقيق هذه الأهداف الاستعمارية إلا بواسطة سياسة تعليمية تتركز على ثلاث أهداف أو محاور رئيسية؛ الفرنسة والتنصير والإدماج ، فالهدف الأول كان الفرنسة، كانت السلطات الفرنسية تهدف من ورائها الى محو الهوية العربية الإسلامية للجزائريين انطلاقا من القضاء على مقوماتها الواحدة تلو الأخرى ، عن طريق تطبيق الأساليب والأنماط الفرنسية التالية : - التبشير والإدماج. فسياسة التبشير كان القصد من ورائها القضاء على الدين الإسلامي ، ويلاحظ أن محاربة الدين الإسلامي اشتدت بتولي المدنيين السلطة في الجزائر من خلال تبنيهم لسياسة تنصيرية وتبشيرية منظمة و رسمية ، مستغلين الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي كان يمر بها المجتمع الجزائري . ففي عهد الجمهورية الثالثة انتشر التبشير انتشارا واسعا وبني عدد كبير من المدارس الدينية الحرة في الكثير من المناطق التي كان من الصعب تأسيس المدارس الرسمية بها كالمناطق النائية و الصحراوية . وقد دعمت السلطات الفرنسية هذه المدارس ماديا و معنويا و انفقت عليها بسخاء كبير .أما الإدماج ، فيتم عن طريق ، محاربة التعليم العربي وفرنسته ، فرغم النتائج المدمرة للاحتلال الفرنسي على الجزائر وخاصة ما أصاب المؤسسات التعليمية و الثقافية من أضرار بالغة ،إلا أن هذه المؤسسات استمرت في تأدية رسالتها الحضارية و التعليمية والتربوية .وفي هذا السياق لعبت المدارس القرآنية و المساجد و الزوايا والمؤسسات الخيرية دورا بارزا في المحافظة على الشخصية الوطنية وانتماءاتها الحضارية في وجه عمليات التنصير والتغريب الهدامة . وقد صمدت هذه المؤسسات رغم إجراءات التدمير والمنع و المضايقة التي مارستها السلطات الفرنسية لابطال مفعول هذه المؤسسات وتحديد توسعها وانتشارها عن طريق إخضاعها للرقابة و التفتيش
3- السياسة التعليمية على عهد النظام العسكري
لم يحظ موضوع التعليم في الجزائر بداية الاحتلال بالدراسة. وإن كان موقف السياسة الفرنسية من الحركة التعليمية متميزًا ، إذ أنها عملت على تدمير الكثير من تلك المؤسسات التعليمية ، بأن أقامت عليها مشاريع عمرانية وعسكرية . ونذكر من تلك المؤسسات ما حدث في مدينة قسنطينة وفي زاوية التلمساني التي حولت إلى مقر للهندسة العسكرية، ثم إلى مركز "تبشيري" للراهبات . وسيدي بومعزة الذي كان يلقي فيه الشيخ عبد الحميد ابن باديس دروسا خصوصية قبل تأسيس جمعية التربية والتعليم. وحول الآن إلى مدرسة أساسية هي مدرسة زغدود التي ألحق بها جامع سيدي قيس أو زاوية العمارية. ومن المؤسسات المندثرة أيضا عمر الوزان التي هي المسرح البلدي الآن وجامع سيدي عبد الرحمن المناطقي الذي حولته السلطة الفرنسية إلى بنايات سكنية. وسيدي الدّب الذي بني على أرضه البريد
المركزي للمدينة.
ويمكن تلخيص معاملة السياسة الفرنسية تجاه هذه المؤسسات التعليمية في:
1 - ابقاء بعض المؤسسات وتعيين موظفين لها.
2 - بيع البعض منها بعد نقل رفات الأضرحة منها، سواء إلى المقبرة الإسلامية مثلما حدث لزاوية ابن رضوان التي كان بها تابوت قاضي بيت المال محمد بن رضوان. وبقرار بلدي حولت هذه الزاوية إلى محكمة إباضية، أو من مؤسسة إلى أخرى مثلما حدث لرفات سيدي علي بن مخلوف الذي نقل إلى جامع الأربعين شريفا.
3 - تأسيس مدارس أوروبية، ومدارس عربية ـ فرنسية لتحلّ محل هذه المؤسسات.
4 - هدم الباقي وإقامة المشاريع العمرانية ومصادرة الأملاك الموقوفة لها.
5 - تسريح بقية المشرفين على هذه المؤسسات.
6 - الشروع في تأسيس سياسة تعليمية متميزة.
لامتصاص رد الفعل الشعبي على هذه الممارسات الاستعمارية ، بادرت السلطات العسكرية الفرنسية الى تأسيس المدارس العربية - الفرنسية و ذلك بمقتضى المرسوم الرئاسي الصادر في 14 جويلية 1850 في كل من الجزائر و قسنطينة وهران و عنابة و مستغانم إلا أن هذه المدارس جاءت لتحقيق أهداف استعمارية ، كما ذهب الى ذلك أحد الفرنسيين بان الهدف المنشود ليس تكوين موظفين خاصين ولا تحضير مدرسين للتعليم العمومي ، وانما تكوين رجال بتأثيرهم على إخوانهم يساعدوننا على تحويل المجتمع العربي وفق متطلبات حضارتنا .و لإرغام الجزائريين على الالتحاق بهذه المدارس ، أصدرت الإدارة الفرنسية مرسوم 1859 والذي يقضي بتحديد عدد الكنائس و التلاميذ الملتحقين بها بقرارات ولائية في كل دائرة و مقاطعة ، غير أن سياسة المدارس المختلطة لم يكتب لها النجاح لمعارضة البلديات ورفض الأوربيين القاطع لها . و الحقيقة أن هذه المدارس ظهرت وانتعشت عندما كانت تحت إشراف الحكم العسكري ، إلا أنها بدأت تميل الى الزوال والاندثار بعد أن أصبحت من اختصاص المناطق المدنية وإشرافها المالي . زيادة على الرفض الذي لاقته من قبل الجزائريين خاصة بعد أن أسندت مهمة تسييرها الى مدرسين فرنسيين دينيين وبسبب فشل هذه المدارس كذلك هو أن السلطات الفرنسية لم تكن تسمح لأي كان من الجزائريين أن يلتحق بهذه المدارس وذلك خوفا من انتشار التعليم وتعميم الثقافة في الأوساط الشعبية وما ينجم على ذلك من مخاطر على السياسة الاستعمارية ولهذا اتبعت أسلوب الانتقاء للتلاميذ وحددت المعايير والمقاييس والشروط . وكان على رأسها أن يكون التلميذ من عائلة يعرف أفرادها بولائهم و إخلاصهم للاستعمار و بذلك لم يمس التعليم الفرنسي كل الشرائح الاجتماعية المكونة للمجتمع الجزائري .
تأسست أول مدرسة عربية ـ فرنسية يوم 1 جوان 1833 في الجزائر العاصمة وأخرى في عنابة. ثم انتشرت المؤسسات التعليمية عبر أنحاء البلاد إلى درجة أنها في سنة 1851 بلغ عددها في مقاطعة قسنطينة وحدها 522 مدرسة في المستوى الأول والثاني لضمان تمدرس 5731 تلميذ. وفي عام 1852 بلغ عدد المدارس بنفس المقاطعة 938 مدرسة استقطبت 7450 تلميذا في حين كان عدد التلاميذ الجزائريين في الأرياف بالزوايا كبيرا (حوالي 3000 تلميذًا)
4-السياسة التعليمية على عهد النظام المدني
إن أهم ما ميز هذه المرحلة ، هو صدور مرسوم 13 فبراير 1883 الخاص بتنظيم أمورالتعليم في الجزائروالذي جعله فرنسيا محضا شمل كل جوانب التعليم وبالتالي كان هذا القانون وراء إنشاء نوعين من المدارس الأول خاص بأبناء المعمرين و الثاني بأبناء الجزائريين ، و كلاهما يتلقي تعليما بالفرنسية.و الهدف من ذلك هو إبعاد اللغة العربية من برامج المدارس الإبتدائية.أما ما يخص مراحل التعليم الثانوي فإنها لا تختلف عن سابقتها في شيء، فالجزائريون أصبحت العربية بالنسبة إليهم بموجب القوانين الجائرة لغة إختيارية ، و عليه فإن التعليم خلال هذه الفترة كان فرنسيا بحتا و عليه فإن اللغة الفرنسية هي لغة التعليم بكل مراحله ، و هذا ما جعل الثقافة العربية محصورة في بعض الكتاتيب القرآنية و الزوايا التي لم تصلها يد الإستعمار.أما ما يخص التعليم العالي فقد تم تأسيس جامعة الجزائر في أواخر القرن التاسع عشر في مدينة الجزائر و هي الأخرى كان التعليم فيها باللغة الفرنسية على غرار الجامعات الفرنسية هناك, عدا الدراسات الإستشراقية, و بالتالي لم تكن هناك أقسام لدراسة التاريخ العربي و الإسلامي و عليه فإن السياسة التعليمية لفرنسا في الجزائر و الخاصة بالتعليم الحكومي الرسمي اعتمدت الوسائل الكفيلة لتنفيذ السياسة التعليمية ، حتى تحصر تعليم الجزائريين في أضيق الحدود لأن قضية التوسع في التعليم الفرنسي في حد ذاتها قوبلت بالرفض التام من طرف المعمرين, أما الجزائريون المتفرنسون الطامحون في التقرب من فرنسا فإن نظرتهم للسياسة التعليمية في جزئها الخاص بتعليم الأهالي مرتبطة بما يمكن للإدارة المركزية الإستعمارية عمله على أنه من واجبها رفع مستوى العنصر العربي المغلوب ، و لتحقيق هذا الواجب فإنه يجب اقتياد الطفل العربي إلى المدرسة الفرنسية و يجب افتكاكه من بين أيدي الوالدين لأنهما لا يدركان المغزى من التعليم الفرنسي و النهل من الثقافة الفرنسية و أنه من مصلحة المحتل أن يعمل على تمدين المناطق التي استعمرها , و بالتالي فإن موقف الجزائريين المتفرنسين من مرسوم 1883 هو ضرورة ذهاب الأهالي إلى المدرسة لتلقي المعارف ,ولإنجاح هذه السياسة فإنهم يرون أنه من الضروري على فرنسا إنشاء مدارس لتخرج المعلمين الأهالي و هي إجراءات ضرورية ،لكن عدد المعلمين الأهالي الذين تم توظيفهم لتعليم أبناء الجزائريين كان في تراجع مستمر ,ففي عام 1877 كان عددهم 216 معلم و في عام 1882 انخفض العدد إلى 198 معلم و بحلول عام 1886 تراجع عددهم إلى 115 ليتقلص عام 1889 إلى 81 معلما ، و بحلول عام 1893 تراجع عدد المعلمين الجزائريين إلى 69 معلما فقط
المصدر موقع وزارة المجاهدين الجزائر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى