فصاحة فتى

سأل هشام بن عمرو فتى أعرابيا عن عمره فقال : كم تعد يا فتي العرب ؟
فقال الفتى : أعد من واحد إلى ألف و أكثر.
قال هشام: لم أرد هذا بل كم تعد من السن ؟
قال الفتى:اثنين وثلاثين سنا في فمي ستتا عشر من فوق ومثلها من تحت
قال هشام: لم أرد هذا بل كم لك من السنين ؟
قال الفتى : قدرها الله تعالى .
قال هشام: قصدي أن أسألك ما سنك ؟
فقال الفتى: سني من عظم .
قال هشام : يا بني ابن كم أنت ؟؟
قال الفتى : طبعا ابن اثنين أبي و أمي .
قال هشام :بالله عليك أريد أن أسألك ما عمرك ؟
قال الفتى : الأعمار بيد الله لا يعلمها إلا هو .
قال هشام : و يحك يا فتى لقد حيرتني ما أقول ؟
قال الفتى : قل كم مضى من عمرك . و هذه فصاحة من فتى أعرابي ولد في البادية.

يحكى أن أعربيا زمن الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب دخل عليه سائلاً حاجة قائلأ.
يا عمر الخير جزيت الجنة **أكس بناتي وأمهن ، أقسم بالله لتفعلن !
فأجابة عمر بن الخطاب سائلا :وماذا إن لم أفعل ؟
فرد الأعرابي بسجعة قائلا :عن حالي إذن لتُسئلن يوم تكون الأعطيات هن إما إلي نار وإما إلي جنة.
فارتعد عمر بن الخطاب ونادي أعطوة مسئلته لا لشعرة وإنما خوفا من ذلك اليوم.
فأيننا من عمر والخوف من ذلك اليوم كخوف عمر وهو أحد المبشرين بالجنة

(1)- أحينا قد تنقذك !!!
قيل أنه لمّا تولى الحجاج شؤون العراق، أمر مرؤوسه أن يطوف بالليل، فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه.
فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان فأحاط بهم وسألهم:
من أنتم، حتى خالفتم أوامر الحجاج؟
فقال الاول:
أنا ابن الذي دانت الرقاب له
ما بين مخـزومها وهاشــمها
تأتي إليه الرقـاب صاغــرة
يأخذ من مـــالها ومن دمها
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب الأمير
وقال الثاني:
أنا ابن الـذي لا ينزل الدهر قدره
وإن نزلت يـــوماً فـسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضـوء ناره
فمنهم قيام حولـــها وقــعـود
فتأخر عن قتله وقال: لعله من أشراف العرب
وقال الثالث:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه
وقوّمها بالســــيف حتى استقامت ركاباه
لا تنفك رجلاه عنـــهما
إذا الخيل في يوم الكـــريهة ولّت
فترك قتله وقال: لعله من شجعان العرب

فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج، فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام،
والثاني ابن فوّال، والثالث ابن حائك فتعجب الحجاج من فصاحتهم، وقال لجلسائه:
علّموا أولادكم الأدب، فلولا فصاحتهم لضربت أعناقهم
ثم أطلقهم وأنشد:
كن ابن من شئت واكتسب أدبـا
يغنيـــك محـمـوده عن النسبب
إن الفتى من يقـول هـاأنـذا
ليس الفتى من يقول كان أبي ॥

(2)- وأحيانا قد تقتلك..!!!
فقد روى أن الحجاج نفسه قد أمر الناس بعدم المرور أمام قصره وتوعد كل من يمعن النظر إليه .، وذات يوم مرّ به طفل صغير فأمعن النظر وأخذ يدور حوله .! فنهاه الحرس فلم ينته ، وعندئذ أخذوه إلى الحجاج ، وعندما رآه الحجاج استصغره على التحقيق والحبس والإعتقال بل ورحمه من القتل جرّاء أى اتهام.، فقال للحرس أما وجدتم غيرهذا حتى تأتونى به؟؟؟
فرد عليه الصغير وقال المرؤ بأصغريه قلبه ولسانه..!!
فقال الحجاج للحرس ما جرم هذا الغلام؟؟
قالوا وجدناه يحوم حول القصر ويمعن النظر إليه، وقد نهيناه فلم ينته، وقال لن أنتهى حتى أشبع ناظرى بهذه البهجة وهذا الجمال ((وكانت مشاهد القصر خلابة رائعة الجمال تختطف الأبصار))..!!
فقال له الحجاج ياهذا أما علمت أننى حرّمت النظر إلى القصر؟؟؟
قال الغلام (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق).!
فقال له الحجاج وهو يتعجب من ردوده فى دهشة لم يستطع إخفاءها .من أين كنت قادما ياغلام؟؟
قال الغلام من عند الله.!
فقال له الحجاج وإلى أين أنت ذاهب؟؟؟
قال الغلام ذاهب لربى فهو يهدين.!
قال الحجاج والدهشه تزداد والعجب منه يأخذ مأخذه علمنا أنك قادم من عند شيخ يحفظك كتب الله فكم حفظت منه؟؟
قال الغلام معاذ الله أن أقول ما ليس لى بحق فقد تكفل ربى بحفظه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).!
فقال له الحجاج إذا كم جمعت من القرآن لدى شيخك؟؟
فقال الغلام معاذ الله أن أدعى ما ليس لى فقد جمعه سيدي أبو بكر الصديق بمشورة سيدى عمر بن الخطاب .!
فقال له الحجاج قاتلك الله ما أفصحك فبما أسألك حتى تجيب؟؟؟
قال الغلام إن أردت فقل كم وعيت من كتاب الله عز وجل؟؟؟
فنزل الحجاج على قوله وسأله .!!
فرد الغلام بعون الله كله ...!!
قال له الحجاج إقرأ على؟؟؟
فقرأ الغلام (أتبنون بكل ريع آية تعبثون* وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون *وإذا بطشتم بطشتم جبارين* فاتقوا الله وأطيعون) .!
وهنا انتفض الحجاج وأمر الحرس بأخذه وزجه فى السجن حتى يرى فيه أمرا بقتله ، فرد أحد حاشيته يا مولاى لا تحبسه ولا تقتله .!
فنظر إليه الغلام وسأله لماذا تشفعت فى؟؟؟
فقال الرجل حتى لايقال عن مولاي الحجاج :أنه يحبس الغلمان ويقتلهم .!!!
فقال الغلام بئسك من شفيع فلن يصيبنى إلا ما كتب الله لي ، وإذا جاء أجلي فلن تؤخرساعة أو تقدم بشفاعة أحد.!
وهنا أرسله الحجاج وصرفه ، ولكن روى أنه بعد ثلاثة أيام أرسل من دس له السم فى الطعام .، فكتب الغلام فى أعلى عليين ((غلام صغير أمر بمعروف ونهى عن منكر إذ وقف فى وجه الحجاج).!!

3ــ وروى أيضا أنه قد هاجم المتنبي بعض اللصوص فبدأ المتنبي يهرب منهم، فناداه أحد اللصوص، وقال له ألست أنت من قال: -
الخيل والليل و البيداء تعرفني--- والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فعدل المتنبي عن فكرة الهروب وقاتلهم حتي قتل ولذلك سمي هذ البيت من الشعر بالبيت الذي قتل صاحبه .!!
فلعلنا نعلم من هذا كله أن الفصاحة حينا قد تنقذ صاحبها وأحيانا أخر تقتل صاحبها .، لكن كل هذا بأمر الله ومشيئته .،
ولأن يموت الإنسان أو يقتل بشجاعة فى فصاحة ،أو فى ميدان يجابه فيه الظلم فيدفعه أو يمنعه خير من موت فى جهل وجبن.!!
وشكر الله لكم وتحياتى للجميع.!!

موضوع مفيد ,شكرا