- فاروقمشرف منتدى الأخبار
- عدد الرسائل : 7766
العمر : 53
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 16819
السٌّمعَة : 53
تاريخ التسجيل : 09/08/2008
الراقي.. وجهة جديدة لبعض النساء!
الثلاثاء 04 يناير 2011, 07:20
لقد اعتدنا من النساء الماكثات بالبيوت أن يكون اجتماعهن في أفنية البيوت وشرفات العمارات، أوالتلاقي في الحمامات والمستوصفات. أما في الآونة الأخيرة فقد أصبح محل الرقية هو المكان الجديد الذي تقصده النساء
حيث أخذت الرقية حيزا واسعا حتى أصبحت أبسط أمور الحياة في مجنمعنا تحتاج للرقية، والماء المرقي أصبح مطلوبا للشرب بكثرة، الأمر الذي استوقفنا ودفعنا إلى التوجه إلى أحد الرقاة من أجل الإحاطة بالموضوع.
وجهتنا كانت بلدية بومرداس.. هو شيخ جد مشهور ذاع صيته في السنوات الأخيرة خاصة في “تزويج البنات”، كان علينا الوصول في ساعة مبكرة على السابعة صباحا. كان المكان بدأ يمتلئ بالنساء. وفور وصولنا طلبت منا إحداهن أن نأخذ الرقم من أجل الدخول بالترتيب والمحافظة على النظام في المكان الذي كان يشبه كثيرا قاعات الإنتظار في المستوصفات الحكومية.
كثرة النساء جعل المهمة صعبة ولكننا تمكنا من التقرب من بعضهن، أولهن كانت كريمة.. هي شابة في أواخر العشرينيات، جاءت من أجل الزواج، فهي تقول إنها سمعت الكثير عنه وأن العديد من صديقاتها ومعارفها أتين إليه فتمكنّ من الزواج.. وحسب كريمة لاتكفي زيارة واحدة من أجل الزواج، يجب أن تتكرر خمس مرات فيما فوق ويكون بين الزيارة والأخرى 25 يوما. كريمة أحضرت معها الماء طبعا بالإضافة إلى زيت الزيتون والحناء.. هي نفس الأشياء التي كانت بحوزة كل البنات اللائي أتين من أجل الزواج، مثل حياة التي تقول إنها زيارتها الثالثة وتؤكد أن أحوالها بدأت تتحسن، وبدأ الخطّاب يطرقون بابها..!
بعد زمن قصير التحقت بالمكان عجوز برفقة شابة، وبعد الجلوس معهما عرفنا أنها أحضرت كنتها من أجل الإنجاب، فهي تقول إنها تزوجت منذ ثلاث سنوات ولم ترزق بالأولاد رغم علاجها لدى العديد من الأطباء الأخصائيين. وككل زائرات المكان سمعت عن حالات رزقت بالأطفال بعد الرقية عند هذا الشيخ. وعلى حد قولها علاج الإنجاب يستوجب متابعة دائمة، يعني الرقية باستمرار، فهي ترجح أن يكون مانع الإنجاب هو سحر أو مس من الجن.
اكتشفنا ست نساء أخريات أتين من أجل الإنجاب، هذا الأمر جعلنا نحس لوهلة أننا في عيادة أخصائي أمراض النساء والتوليد. وعند العاشرة صباحا وصل الشيخ، ودخل غرفته، وبعد ذلك بدأ ينادي على الأرقام. كان الدخول جماعيا.. في كل مرة تدخل 15 امرأة عند الشيخ ويُغلق الباب حوالي ربع ساعة، ثم تخرج المجموعة وتدخل المجموعة التالية.
وفي حدود الحادية عشر وصل دورنا.. كانت غرفة صغيرة لا تحوي سوى بعض الكراسي وخزانة صغيرة، فيها بعض الكتب الدينية. بعد أن جلسنا جميعا اكتشفنا أن الرقية تكون بالجملة، حيث طُلب منا إغماض عينينا ثم بدأ بتلاوة القرآن، كانت آيات مختلفة بين آيات السحر والمعوذتين. كل الأعين كانت مغمضة فساد سكون رهيب كانت تكسره أحاديث وجدال النساء في الخارج. بعد أن فرغ من التلاوة أخذ قارورات المياء والزيت وكذا علب الحناء من أجل التلاوة عليها، وكذلك كان الأمر بالدور. بعد أن أنهى عمله بدأنا الخروج الواحدة تلو الأخرى، والتي تخرج تمر عليه وهو واقف أمام الباب وتعطيه مبلغا من المال، يضعه مباشرة في جيبه..
بعد خروجنا من الغرفة واصلنا الجلوس في ذلك المكان على أمل الحصول على معلومات أكثر. لقد تواصلت نفس العملية بدخول النساء وخروجهن مجموعات، وبينما نحن جالسون وصلت سيارة فاخرة تقل رجلين فنزل أحدهما ودخل للتحدث مع الشيخ. في ظرف عشر دقائق أخليت الغرفة من النساء ودخل الرجلان.. حاولنا الإستفسار من أحد الموجودات، الخالة خدوجة، والتي عرفت تعتبر صاحبة المكان فهي مداومة على الرقية كما أنها تسكن في مكان قريب.. خالتي خدوجة أخبرتنا أنهم “أشخاص مهمون” وأغنياء يدفعون بسخاء لذلك لهم الأولوية في الدخول وقتما وصلوا. كما يمكن في بعض الأحيان أن يأتوا ويأخذوه من أجل الرقية في منازلهم، فيترك حشد النساء ينتظرن عودته، تقول الخالة.. الشيخ يتحجج بأنه يخصهم بالأولوية لتجنب الإختلاط بين النساء والرجال، مع أنه يختلي في مكان واحد مع عديد النساء وهو ليس من محارمهن..!
وعلى حد قولها، فغالبية النساء لا يدفعن غير مبلغ متواضع لا يتجاوز 200 دج، عكس أصحاب السيارات الفاخرة الذين يدفعون بسخاء رغم أن حصة الأسد من الوافدات على المكان كانت للفتيات من أجل الزواج، غير أننا لاحظنا العديد من الأسباب الأخرى كإحضار الأطفال الصغار لتحصينهم من العين والحسد، وحتى المعوقون ذهنيا كانوا حاضرين. واستنادا إلى المشهد الذي رأيناه فالراقي أصبح يعالج الكثير من القضايا وأصبح الملجأ لكل من تعثرت حياته، حتى أصبح يلعب دور الطبيب.
د. فيروز
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى