هنري كاسبرزاك (مدرب كافالا ):“هو لاعب متكامل قادر على اللعب في أي ناد أوروبي كبير لولا سوء الحظ”

لم يكن لنا أن نمرّ على عبدون في كافالا دون أن
نتحدث مع المدرب البولوني “هنري كاسبارزاكـ” المدرب الحالي لهذا الفريق
والأسبق للمنتخب التونسي،

حيث استقبلنا بصدر رحب وفتح لنا أبواب مكتبه وأبواب غرف ملابس الفريق،
وخصنا بحديث شيّق ركزنا من خلاله على الدولي الجزائري جمال عبدون، وعلى
مشوار المدربا سابقا في تونس واقترابه من تدريب الجزائر، بالإضافة إلى أمور
أخرى ستكتشفونها معنا من خلال هذا الحوار...
ما الذي اكتشفته في فريق كافالا؟
اكتشفت
عددا من اللاعبين الطموحين وفريقا يرغب في المضي قدما نحو الأمام، الإدارة
قامت بضم لاعبين كبار من ألمانيا وفرنسا وعلى رأسهم الجزائري جمال عبدون
الذي لفت انتباهي بمستواه العالي جدا سواء من حيث المراوغات أو كراته
الحاسمة، جمال لم ينتظر طويلا لدى قدومه حتى يفرض نفسه فصار “الباترون” من
دون منازع في النادي، إنه لاعب مسؤول في الفريق، يركض يراوغ، يصول ويجول
فوق الملعب كما يشاء وبطريقة ذكية تسمح له بصنع الفارق.
لكن ما الذي ينقص عبدون في رأيك حتى يلعب في كبار الأندية الأوروبية؟
لقد
أثبت في المباريات الثلاث الأخيرة أنه لاعب متكامل، صراحة إنه يذهلني من
يوم لآخر ومن خلال ما يقدمه في كل لقاء يعطيني الانطباع بأن لا شيء ينقصه
للعب في كبار الأندية الأوروبية، للأسف الحظ يلعب دوره دوما في مجال كرة
القدم وجمال لم يسعفه الحظ حتى الآن في تلقي عرضا من فريق كبير وينقصه فقط
أن يأتي ملاحظ أو مبعوث من الأندية الكبيرة كي يتابع ما يقدمه حتى ينضم
لفريق عملاق يليق بطموحاته.
هل يملك المستوى لذلك في رأيك؟
بالتأكيد،
مستواه عال جدا ويسمح له باللعب أينما يريد، قلت لك إنّ الحظ فقط من يعطيه
بظهره وأعتقد أنهم لو يكتشفونه في الوقت المناسب فإن كل شيء سيسير معه
بسرعة، هو لاعب مفعم بالحيوية، لاعب موهوب ولديه كل الحظوظ في اللعب في ناد
كبير.
ما الذي جلبه عبدون لـ كافالا؟
النوعية
الفنية، الدهاء، الذكاء والسرعة والمراوغات، كل رفاقه يعتمدون عليه، إنه
يعطي كل ما لديه دون غش، لا يتوقف ولا يكل ولا يمل طيلة التسعين دقيقة، هو
لاعب لا يفشل ولا يتوقف، تراه كثيرا فوق الميدان، لا أدري إن كنت قد حظيت
بفرصة رؤية ما يفعله في البطولة اليونانية لكن ثق في كلامي فهو يقدّم أحلى
وأجمل الصور الفنية في كافالا .
بالتأكيد نحن نتابعه لكن عبر الشاشة الصغيرة، وهل لك أن تكشف لنا عن المباراة الكبيرة التي لعبها منذ قدومك؟
“أوه”
عدد كبير من المباريات تلك التي لعب فيها جيدا، هو صانع الألعاب و“باترون“
المجموعة فأمام باناثينايكوس مثلا جمال كان الأروع وسجل هدفين وكان وراء
كل الحملات الهجومية لفريقنا ونجح في كل محاولاته أيضا، وأعتقد أن مثل هذه
المباريات الكبيرة هي التي يبرز فيها دوما.
كثيرون يعتقدون أنه لن يعمّر طويلا في كافالا بعد أن صار مطلوبا من الأندية اليونانية، فما رأيك؟
نعم،
من المحتمل جدا أن يغادر، كل الفرق الكبيرة تسعى دوما إلى تدعيم صفوفها
بلاعبين كبار وجمال يعد من بين كبار اللاعبين في اليونان، وهذه هي قوانين
السوق ولا يمكننا أن نقف في طريقها أحيانا.
دون الإنقاص من قيمة فريقك، ألا تعتقد أن عبدون أكبر من اللعب في كافالا؟
لا،
كل ما في الأمر أن كافالا في حاجة ماسة إلى لاعب مثل عبدون حتى يتطور
مستوى الفريق وحتى تكبر طموحاته، حتى عبدون في حاجة للعب في كافالا الآن
لأنه لو يبقى هناك لموسم أو موسمين آخرين أعتقد أنه سيتطور هو أيضا، الآن
علينا معرفة ما إذا كانت الإدارة على الاحتفاظ به في ظل العروض التي تلقاها
من طرف الأندية اليونانية، عليك أن تسأل الرئيس حول هذا الأمر، وعلى كل
حال أنا سعيد لأني أملك لاعبا من طينة عبدون هذا الموسم.
كيف هي علاقتكما في غرف الملابس، وهل سبق أن دخلتما في اشتباكات؟
صحيح أن عقلية عبدون خاصة ومن الصعب تسييرها، كما سبق أن حدث بيننا مرات حديث خاص ( يضحك)، لكن على العموم علاقتنا جيدة ومتينة.
طرحنا عليك هذا السؤال حتى يتسنى للمدرب الوطني التعرّف أكثر على طباع ومزاج عبدون، ماذا تقول في هذا الصدد؟
أعتقد
أنّ بن شيخة على دراية تامة بما سيفعله كما أنه بدون أدنى شك تابع مردود
اللاعبين الذين وجّه لهم الدعوة ولا شك كذلك أنه استدعى أحسن اللاعبين في
الوقت الراهن والذين يتمتعون بكامل قدراتهم الفنية والبدنية، وفي الكلام عن
الجانب التكتيكي للتشكيلة ككل فكل لاعب لديه مسؤولية في ذلك وبعدها يجب
التركيز كذلك على التناسق والانسجام بين مختلف عناصر الفريق، لكنني أؤكد
لكم أنّ جمال عبدون لاعب محترف ولا شك أنه سيبذل قصارى جهده خلال التدريبات
ومختلف المباريات المهمة التي سيخوضها مع منتخب بلاده مثلما يفعل معنا
دائما، حيث يجعلنا نشعر بأنه لاعب ملهم ومولع بكرة القدم وجدي كثيرا فيها
ولا يعتبرها لعبة فقط بل هي مهنته لذلك يحاول الظهور بأحسن وجه لمّا يكون
فوق المستطيل الأخضر.
في أي منصب يجد راحته أكثر؟
عبدون
من اللاعبين الذين يحبّون كثيرا الحرية في لعبهم كما يحب المساحات الشاغرة
ويجد راحته كثيرا على الطرفين سواء الأيمن أو الأيسر حتى يتسنى له التوغل
بالكرة في منطقة المنافس والقيام بهجمات خطيرة، وحسب رأيي فإن الجهتين من
أفضل المناصب التي يبدع ويتألق فيها جمال عبدون.
في كافالا توظفونه على الجناح الأيسر كمهاجم حر، ما سبب اختياركم لهذا المنصب؟
صحيح
نوظفه على الجانب الأيسر تارة لكن تارة أخرى يلعب على الجهة اليمنى وذلك
استنادا لحجم المنافس وطبيعة المباراة كذلك، وفي بعض الأحيان يتبادل
المناصب مع زملائه حتى يتحرر أكثر ويهرب من الرقابة اللصيقة التي تفرض عليه
في بعض المواجهات، ويجب أن لا ننسى أن نقاط قوة عبدون تكمن في مراوغاته
السريعة وتوغلاته في منطقة المنافس كذلك، كما أنه يتمكن بسهولة من الانطلاق
على الجهة اليسرى ثم التسديد برجله اليمنى أو يمنح كذلك كرة حاسمة لزملائه
المهاجمين، وهذا ما يقوم به غالبا كما يتمكن من فعل الأمر نفسه من الجهة
المقابلة، خلاصة القول إنه يمكنه اللعب بكل سهولة على الجهتين اليمنى
واليسرى وفي كلاهما يقوم بدوره على أكمل وجه.
هل هو مطالب ببذل جهود أخرى ليصل إلى القمة؟
من
الصعب جدا الحكم على أداء ومردود عبدون من خلال مختلف المواجهات التي
يخوضها مع كافالا لأنه لاعب فريد من نوعه ومعزول نوعا ما في فريقنا، وكان
من السهل جدا الحكم عليه إذا كان محاطا بلاعبين مميزين آخرين، فحسب رأيي
إذا كان ينشط في ناد يضم لاعبين بارزين يمكن أن يفجر طاقاته أكثر.
ماذا تعني بقولك إن عبدون لاعب فريد من نوعه؟
قلت
ذلك لأنه قطعة أساسية وحاسمة في تشكيلتنا كما أنه شاب يتنفس كرة القدم
وكما قلت لكم سابقا لا يعتبرها لعبة وإنما هي مهنته ويسعى دائما لتقديم
أحسن ما يمكن ولا أحد يمكن أن ينفي ذلك، فإذا كان محاطا بلاعبين كبار فوق
أرضية الميدان سيكون حتما أفضل بكثير مما هو عليه اليوم لأنّ مستواه
وقدراته الفنية والبدنية تسمح له بإعطاء وإظهار مستوى أفضل بكثير وبعد ذلك
يمكن أن نعرف قيمته الحقيقة والحكم على مستواه.
لنتكلم قليلا عن تونس إذا سمحت، كيف عشت الأحداث الأخيرة التي جرت هناكـ؟
لا
أخفي عنكم تأثري وحزني الشديد عقب الأحداث الأخيرة التي عاشتها تونس لأنني
أحتفظ بالعديد من الذكريات الجميلة عن هذا البلد، كما أنني تركت أصدقاء
كثر هناك ولما علمت بأن الأوضاع تدهورت وشاهدت ذلك في شاشة التلفزيون لم
أصدق في بداية الأمر وبعدها حزنت لذلك، لكنني أتمنى من كل قلبي أن تتحسّن
الأوضاع هناك لأن الشعب التونسي طيب ويستحق كل الخير.
هل اتصلت بزملائك هناكـ لمعرفة أخبارهم؟
لم أتصل بهم لكن في المقابل نابت عني زوجتي واتصلت بمختلف أصدقائنا هناك لمعرفة أخبارهم والسؤال عنهم والوقوف إلى جانبهم.
لماذا لم تتصل أنت في تلك الأوضاع العصيبة؟
لأنه
في الأوقات العصيبة والمؤلمة يجب احترام الأشخاص المصابين والمتألمين
وتركهم على راحتهم، وحسب رأيي ليس من خلال الهاتف يمكن أن نواسي الناس
ونقاسمهم محنتهم، لذلك عزمت على ترك الأمور تهدأ ثم سأتصل بهم وأسأل عن
أخبارهم.
لكن زملاءكـ ربما انتظروا منك التفاتة واتصالا لتواسيهم في محنتهم؟
ربما،
لكنني كما ذكرت آنفا من النوع الذي يحترم المواقف الصعبة والمحن التي يمر
بها الأشخاص ولا أريد أن أزعج أحدا، وأعتقد أنه من الأفضل الانتظار حتى
تزول تلك المحن والآلام للاتصال والسؤال عن حالة الأحباب والأصدقاء.
أجبنا بصراحة، هل فرحت لرحيل الرئيس السابق بن علي؟
بصراحة لا أريد الإجابة عن هذا السؤال لأنني أفضّل البقاء بعيدا عن هذه القضايا فهي لا تعنيني.
كيف كانت علاقتك مع سليم شيبوب مثلا؟
لا
أريد أن أتكلم عن السياسة فهي لا تعنيني ولها أناسها المتخصين فيها، فأنا
رياضي ولا يمكن أن أجيبكم إلا على الأسئلة التي تتمحور في المجال الذي أنا
متخص فيه.
ما هي الذكريات التي تحتفظ بها عن الجزائر؟
أتذكر
جيدا المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى الجزائر وكانت في سنة 1970 بمناسبة
افتتاح المركب الرياضي 5 جويلية بالجزائر العاصمة، ذهبت آنذاك مع المنتخب
البولوني للعب مواجهة وبعدها عدت مرات عديدة إلى الجزائر وكذلك مع المنتخب
التونسي، وما احتفظت به عن ذلك البلد الجميل أنّ كل زياراتي إلى هناك جرت
في ظروف جيدة للغاية كما أنني استحسنت كثيرا الترحاب الذي كنا نحظى به في
كل مرة وأؤكد لكم أنكم تملكون بلدا في منتهى الروعة والجمال، كما أنني أعرف
العديد من الأشخاص هناك وفي فرنسا كذلك أعرف بعض اللاعبين الجزائريين وفي
ماترا أتذكر أنني عوّضت أرتور جورج وكان لي عليم بن مبروك وشبّال نور الدين
اللذين كانا معي في ماتز ولسوء حظي أن ماجر ذهب إلى بورتو قبل أن ألتحق
بالنادي لموسم واحد فقط.
هل من كلمة عن المنتخب الجزائري الحالي؟
لم
تتح لي فرص كثيرة لمشاهدة المنتخب الوطني الجزائري في مختلف المواجهات
التي خاضها سابقا لذلك لا يمكنني الكلام عنه وعن مردوده الإجمالي، لكنني
أعلم بأن اللاعبين الجزائريين قاموا بالعديد من التضحيات وعانوا كثيرا لدى
تنقلهم إلى القاهرة لمواجهة المنتخب المصري في مباراة العودة وأن البعض
رشقوهم بالحجارة هناك لكنهم لم يستسلموا وظهروا بقوة في تلك المباراة،
فالمعروف عن الشعب الجزائري أنه قوي ولا يستسلم مهما كانت الصعاب وفي بعض
الأحيان أتكلّم مع عبدون عن ذلك.
وهل تحس بذلك في طباع وخصال جمال عبدون؟
أكيد،
وذلك ظاهر للعيان جليا لأنه قوي ذهنيا ومن حيث المزاج والعقلية كذلك، كما
أنه جدي للغاية ويبذل قصارى جهده ولا يستسلم مهما كانت الصعاب وتراه يلعب
بكل قوة حتى الدقيقة الأخيرة في مختلف المواجهات التي نجريها، والبطاقة
الحمراء التي تحصل عليها مؤخرا خير دليل على ذلك.
هل سبق أن اتصل بك طرف من الاتحادية الجزائرية لكرة القدم لتدريب المنتخب الجزائري؟
نعم،
اتصل بي مسيرون من الاتحادية الجزائرية لكرة القدم لتدريب المنتخب
الجزائري لكن ذلك كان في السابق في سنة 2001 أو 2002 لا أتذكر جيدا، لكنني
للأسف كنت مرتبطا حينها ولم أتكمن من تولي العارضة الفنية لـ “الخضر