ما أعظمك يا صوفة!!!قصة من الواقع!

كان شيخا في أرذل العمر ,يرتدي لباسا رثا : قميصه إصفر من القدم ,عمامته تآكلت حواشيها و فضحتها خيوط غزت حواشيها,حذائه الذي لم يبق من الوصف إلا الإسم. كان يحمل كيسا مليئا بالقارورات البلاستيكية الفارغة ,مربوطا بعصى وضعها فوق كتفه الهالك.كان كعادته مارا بجانب المدرسة متوجها إلى كوخه البائس.و كنا أطفالا في الإبتدائية ,مجرد ما رأيناه دفعتنا براءة الطفولة و رمزية المظهر إلى الجري و رائه و رميه بالحجارة و نحن نصيح : صوفة !!صوفة!!صوفة!! (لا ندري لماذا كان هذا الإسم يثير أعصابه؟)....
توقف الشيخ ,دار نحونا ,إبتسم !! ثم نظر إلى أحد الكهول الذي أعجبته مشاكسة أطفال لشيخ هرم , وقال : الكلب كلب ! ولو خلق من ذهب!!,...كنت حينها في التاسعة من عمري ,فرحت أردد هاته العبارة التي لم أفهم معناها..إنتقلت إلى المتوسطة بعد سنوات ,فبلغني وفاة الشيخ الحكيم فصحت الكلب كلب , ولو خلق من ذهب !! فتعجب رفاقي و قالوا : قل إنا لله و إنا إليه راجعون !!....بلغت الجامعة...و رأيت رجالا بشهادات عليا و أخلاق في الحضيضَ!! فتذكرت مقولة الشيخ الحكيم.... دخلت معترك الشغل ....تزوجت ...و رزقت أولادا...إلتقيت و تعرفت على الكثير ممن يوصفون بعلية القوم فكنت أتذكر حكمة الشيخ........... رايت شعوبا تنتفض على حكامها....ثم سمعت خطبا و تبريرات لرؤساء ,فتذكرت حكمت الشيخ....نلت من الشهادات ما نلت فما تذكرتها كما تذكرت حكمت شيخ عاش في الهامش و مات نكرة:
صدقت يا صوفة (لم أعد أتذكر إسمه) ,,رحمك الله و ما أعظم الكنز الذي أعطيتنيه دون أن تعلم....شكرا.

فاتح..
ربما يكون الشيخ صوفة من بقايا الاندلس, لم تجد الموت طريقا اٍليه.

شكرا على مرورك يا مفوه المنتدى,
فقط أردت أن أرمي ببرقية أمام المارة, الذين نادرا مايرون أمام أرجلهم لفرط الزحام:لا تحقرن من البشر أحد,وقد تجد في النهر ما لا تجد في البحر ...في ظل عولمة مادية فاحت رائحتها غير المستساغة....على الأقل لمن جعل الحياة فكر ..

قصة جميلة جدا
المهم انك تعلمت شيءا جديدا في حياتك و ها انت تعلمنا إياه

قصة رائعة