تجدد تظاهرات الأقباط.. أين تكمن المشكلة؟
الإثنين 10 أكتوبر 2011, 20:45
أسامة نبيل
ثمانية أشهر فقط مرت على ثورة 25 يناير في مصر، شهدت فيها البلاد ما لم تره ربما طوال ثلاثين عامًا، إلا أنّ كل ما حدث يوضع في خندق واحد، وتحركات الأقباط في تظاهرة تلو الأخرى توضع في خندق آخر.
أين تكمن المشكلة؟!، هكذا يتساءل المصريون، فالأقباط كل عدة أيام يخرجون في تظاهرات تطالب ببناء كنيسة في مكان ما ويصرّون عليها، وكثيرًا ما خرجت القوى السياسية تطالب بالانتهاء من "قانون العبادة الموحد"، ورغم ذلك لم تستمع الكنيسة بل ورفضت القانون، ويتوالى كل ساعة تقريبًا ناشط "قبطي" يصرخ من الاضطهاد في مصر، ويطالب بمزيد من الحقوق، وهو ما زاد من استغراب المصريين إذ إنّ القانون الذي كانوا يطالبون به رفضوه، فماذا يريدون؟!.
البلاد على وشك الدخول في معمعة الانتخابات التشريعية، إذ إن الباب سيُفتح للترشح لها يوم الأربعاء الموافق 12 أكتوبر الجاري، وبالتالي أي اضطرابات ربما تستدعي تأجيل هذه الانتخابات لأجلٍ غير مسمى أو ربما يتم إلغاؤها، فمن المستفيد من وراء استمرار البلد بدون مؤسسات منتخبة تحكمها سواء برلمان أو رئيس للجمهورية؟!، لعل هذا هو لسان حال الشارع المصري الآن.
بداية الأزمة
من قرية الماريناب بإدفو التي تقع شمال محافظة أسوان، انطلقت ثالث شرارات الفتنة الحارقة بين المسلمين والمسيحيين، وكأنها نسخة مكررة من حادثتي "صول" و"إمبابة"، منذ غروب شمس النظام البائد بسبب بناء كنيسة.
احتدم الجدل حول مبنى بمنطقة "ماريناب" يحسبه الأقباط "كنيسة"، وفقًا لتصريحات القيادة الكنسيّة، بينما تراه المحافظة "مضْيفة"، طبقًا لأوراق في حوزتها تدعم قناعتها ليبقى القانون "حكمًا" بين الفريقين، دون الحاجة إلى النفخ في نار الطائفية من قِبل "خفافيش الظلام".
وعلى الفور، هدّد شباب الأقباط برعاية القمص متياس نصر منقريوس كاهن كنيسة عزبة النخل بالدخول في اعتصام مفتوح أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو"، وهو المكان المفضل بالنسبة لهم منذ أحداث "أطفيح"، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.
قطع الطريق أمام المارة والسيارات اعتبره- منقريوس- ومن معه من شباب الأقباط "إنذارًا" للحكومة والمجلس العسكري، ورسالة مفادها "اختشوا وخلوا عندكم دم"-على حد تعبيره، محذرًا من تحول غضب الشباب "النبيل" إلى غضب "مدمر"، مختتمًا بعبارة "الأقباط لن يتحملوا كثيرًا".
قبيل العد التنازلي للمهلة المحددة من جانب الأقباط بالقاهرة، كان القمص مكاريوس، كاهن كنيسة مارجرجس بــ"ماريناب" على موعد مع لجنة معاينة من الإدارة الهندسيّة بمجلس المدينة، يتلخص عملها في مطابقة أوصاف المبنى على ما جاء في ترخيصه.
على الجانب الآخر، شرح مصطفى السيد محافظ أسوان في بيان له تداولته كافة وسائل الإعلام، ملابسات الموقف، ممهورًا برفض قاطع لما أسماه "ادعاءات بعض المنظمات القبطية" بتعرض بعض الأقباط للحرق والسلب والنهب، لافتًا إلى أن أحد الأقباط في قرية المريناب بإدفو، خالف قرارًا صدر في 2010 بإعادة بناء "مضيفة "على مساحة 280 مترًا، وكانت في الأصل عبارة عن منزل قديم لشخص يدعى "معوض يوسف" وحوّلها إلى كنيسة مما تسبب في احتقان وإثارة أهالي القرية.
قوى الظلام
القوى الظلاميَّة في المشهد، تتسلل من وراء جدر، بقايا تنظيم "أقباط المهجر"، موريس صادق, وعصمت زقلمة – ممثلي الدولة القبطية المزعومة، مارسوا هوايتهم في سكب الزيت على النار، وطالبوا السفير الإثيوبي بالعاصمة الأمريكيَّة واشنطن، بإرسال قوة شرطة عاجلة من الجيش الإثيوبي وقوات الاتحاد الإفريقي إلى محافظة أسوان لاحتلالها بدعوى حماية الأقليات المسيحية في مصر، عقب أحداث "ماريناب".
وعقب انتهاء المهلة التي حددتها قيادات كنسية لحل المشكلة، تحرك نحو 4 آلاف قبطي، من ممثلي اتحاد شباب ماسبيرو، وأقباط بلا قيود وحركة أقباط أحرار؛ بمنطقة دوران شبرا متجهين إلى ماسبيرو في إطار ما يسمى بـ "مسيرة الغضب القبطية"، للضغط من أجل استمرار بناء "الكنيسة" بأسوان.
ورفع المتظاهرون الصليب مرددين هتافات، مثل: "بيقولوا أقلية وإحنا أصحاب الأرض ديا"، "إحنا أصحاب الأرض ديا من أسوان لإسكندرية"، "ارفع راسك فوق أنت قبطي"، "واحد اتنين حق القبطي فين"، "حرقوا كنيستك بأسوان فينك فينك يا مشير"، "المرة دي مش هتفوت حتى لو كلنا هنموت".
ولم يمر وقت طويل إلا وسرعان ما نشبت اشتباكات ومواجهات مع قوات الشرطة العسكريَّة، التي أرادت الذود عن مبنى التليفزيون المصري "ماسبيرو"، فوقع 24 قتيلاً، وأكثر من 300 مصاب بين الطرفين، لتشتعل الأمور أكثر وتزداد حيرة المواطن المصري وخوفه على مستقبل البلاد في ظل ثورة أرداها "سلميّة"، إلا أنه يبدو أن "خفافيش الظلام" لا تريد بمصر "الوصول لبر الأمان".
كما قام المتظاهرين برشق رجال الجيش والشرطة المكلفين بحماية مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون بالحجارة وإحراق سيارة تابعة للجيش وعدد من السيارات الملاكي وقطع طريق الكورنيش وكوبري 6 أكتوبر، وعندما بدأ الجيش بدعم من الأهالي في السيطرة على الموقف أمام "ماسبيرو"، انتقل المتظاهرون إلى شارع القصر العيني وحطموا واجهة مبنى الجامعة الأمريكية وأغلقوا الشارع أمام المارة.
أيادٍ خارجية وإعلان دولة القانون
إعلان دولة القانون هو الحل، هكذا صرح الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، أثناء اندلاع الاشتباكات، ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسميّة عن المتحدث باسم مجلس الوزراء محمد حجازي إنّ "رئيس الوزراء دعا إلى ضبط النفس وتحمل المسئولية تجاه أمن الوطن والمواطن، حتى تتمكن مصر من عبور تلك المرحلة الهامة وإطلاق العملية الديمقراطية في مناخ آمن".
وأضاف شرف، أنّ المستفيد الوحيد هم أعداء الثورة وأعداء الشعب المصري من مسلميه ومسيحييه.
وأوضح شرف، أنّ ما حدث أمام ماسبيرو ليست مواجهات بين مسلمين ومسيحيين، إنما هي محاولات لإحداث فوضي وإشعال الفتنة بما لا يليق بأبناء الوطن الذين كانوا وسيظلون يدًا واحدة، ضد قوي التخريب والشطط والتطرف.
وأضاف شرف في كلمة مقتضبة وجهها للشعب المصري عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنّ "إعمال القانون وتطبيقه على الجميع هو الحل الأمثل لكل مشاكل مصر".
وختم كلمته قائلاً: "أتوجه إلى كل أبناء الوطن الحريصين على مستقبله ألا يستجيبوا لدعاوي الفتنة، لأنها نار تحرق الجميع ولا تفرق بيننا".
بينما أكّد وزير الإعلام المصري أسامة هيكل أنّ أياد خارجية وراء المواجهات في ماسبيرو، وأنّ الدولة في خطر حقيقي وليست مجرد فتنة.
بدوره، طالب اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني، البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بإصدار بيان عاجل للأقباط المتظاهرين أمام "ماسبيرو" لتهدئتهم، وحثهم للعودة إلى منازلهم.
وأضاف "اليزل" خلال تصريح تليفزيوني، أنّه تم إطلاق رصاص من قِبل المتظاهرين الأقباط في الإسكندرية أيضًا باتجاه المنطقة المركزية الشمالية العسكريَّة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى