- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
مواطن لا ابن كلب“في انتظار الخراب” جديد الكاتب المواطن علي رحالية.
الأحد 23 أكتوبر 2011, 07:24
أصدر مؤخراً، المؤلف علي رحايلية، المعروف في الأوساط الإعلامية باسم المواطن علي رحايلية، كتابه الموسوم بـ”مواطن..لا ابن كلب !..في انتظار الخراب”، يضم مجموعة من المقالات التي سبق وأن نشرها الكاتب في الصحف الوطنية بين سنتي 2001 و2010، قبل أن ينقطع عن النشر.
القارئ لهذا الكتاب الذي رفضته عديد دور النشر الوطنية التي تواصل معها المؤلف منذ أصبح مطالبا بنشر مقالاته من قبل القراء في كتاب، كي يسهل الحصول عليه، يتبادر إلى ذهنه أن هذا المؤلف المتمرد الذي يرفض أن ينتمي إلى فئة الكتّاب أو الصحافيين أو المثقفين أو السياسيين والمتحزبين، يحمل جرعة زائدة من المعاناة التي يتخبّط فيها أي مواطن جزائري بسيط، بدءا من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وصولا إلى المشاكل السياسية التي هي جوهر كل ما يعانيه هذا المواطن، وربما لهذه الأسباب يرفض علي أن يصنّف في خانة غير خانة المواطن البسيط العادي، وهو ما تناولته مقالات هذا الكتاب التي تجاوزت الثمانون مقالا، كتبت في فترات متفاوتة وفي مناسبات عدّة أغلبها كان مرتبطا بتصريحات لوزراء وسياسيين ورجال بارزين في الدولة.
يذكر أنّ هذا الكتاب الذي جاء في حوالي 500 صفحة من الحجم العادي، طبعه المؤلف على نفقته الخاصة، بعدما رفضت كل دور النشر الوطنية طبعه، ولم يشفع له عندهم حصول هذا العمل على الإيداع القانوني من المكتبة الوطنية التي يشرف عليها الشاعر والروائي عز الدين ميهوبي الذي انتقده الكتاب بشدّة.
- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
الجزائر.. قصة «المدون» الذي أصبح نجما إعلاميا
الأحد 23 أكتوبر 2011, 07:28
<table border="0" width="380"><tr><td align="center"></td></tr></table> |
استفاد من عمله في جمع قصاصات الصحف ليتحول رقيبا ومعلقا على تصريحات المسؤولين
الجزائر: أبو طالب شبّوب
في نهاية العام المنصرم، وقف رئيس الجمهورية الجزائرية، عبد العزيز بوتفليقة، أمام أعضاء الحكومة، ليعلن عن تجميد «قانون المحروقات» (الذي كان يقضي بخصخصة اكبر شركات النفط في البلاد)، ويعترف بأنه «تيقّن» من خطأ القانون الذي كان اقره سابقا.
عدول الرئيس عن قراره لم يأت نتيجة حملة معارضة كبرى او ما شابه، ففعليا لم يكن هنالك من صوت معارض فاعل سوى صوت «المواطن» علي رحالية، الذي كتب بأن قانون الرئيس هو «خطأ استراتيجي قاتل».
فكيف إذاً استطاع هذا المواطن ان ينقل صوته، تلك بالضبط قصة لا تحدث كل يوم، قصة موظف عادي جدا، لا يملك بيتا ولا سيارة، ومصروفه اليومي دولار ونصف الدولار، ويكتب «خربشاته» من مقهى شعبي مركون في أحد الأحياء المنسية، لكن نفس هذا الشخص استطاع أن يتحول إلى صوت مسموع في ما يتعلق بما يصدر عن هذه الهيئات والمؤسسات والشخصيات الكبيرة.
بدأت القصة في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2003، يومها نشرت صحيفة جزائرية خبر اعتداء قوات على شبان، وفيما اندلعت حرب بيانات بين «المعارضة» و«الموالاة» قرّرت صحيفة «الشروق» (من كبريات الصحف المحلية)، ألا تنشر شيئا من ذلك، ورأى مديرها عبد الله قطاف، أن خير تعليق هو نشر أحد مقالات «مواطن» بسيط كان يخطّ ما يسميه «كتابات ذاتية»، وينشره بشكل شخصي ورقيا و«انترنيتيا». لكن المفاجأة أنه بين سنتي 2003 و2006، تحوّل «المواطن» صاحب المقال، إلى نجم إعلامي ينتقد القادة والمسؤولين.
كان المواطن هو علي رحالية، وظيفته الاصلية هي قص مقالات الصحف وترتيبها ثم تسليمها لهيئة إعلام البرلمان الجزائري، لكن هذا العمل الذي يبدو بسيطا قد أتاح للرجل منصة انطلاق لما كان يسعى اليه، وتعلّق الأمر بأرشيف التصريحات والمقالات والكتب التي يستطيع من خلال الرجوع إليها كشف أي تلاعب او كذب في أحاديث المسؤولين، هكذا بدأ المواطن بكتابة مقالات شخصية منشورة على نطاق ضيّق ومتداولة على شبكة الانترنت، إلى اللحظة التي خرجت فيها إلى العلن فحقّقت نتائج غير متوقعة بالنسبة له هو شخصياً، ففعليا قام بمواجهة رئيس الجمهورية، وأقام من تصريحاته الشخصية دليلا دامغا، كما شكك في صدق احد اكبر القادة العسكريين في البلاد، وواجه وزير المالية عبر رسالة مدوّية أمضاها باسم «من المواطن المدلّل إلى الوزير العبقري»، وكتب لوزير «أيها اللصوص قليلا من الاحترام»، وقال عن برنامج الحكومة إنه «يسبب اضطرابات للمصابين بأمراض القلب، الأعصاب، السكري»، وبرهن لوزير آخر أنه لا يجيد الكلام.
مثل هذا المستوى من الانتقادات لم يكن ليمر مرور الكرام بالنسبة لموظّف في مؤسسة رسمية، لولا أن صاحبه قد التزم منفذاً قانونياً، فالقانون يحظر على الموظّف «الغلبان» مثله أن يكون إعلاميا، لكنه لا يحظر عليه كتابة رأيه كمواطن، هكذا كتب الرجل مستعملا توقيع «المواطن» وبلغته أيضًا.. بكامل «حرارتها» وربّما «سوقيتها» أحياناً، وكانت نقطة القوة الثانية في لعبة «المواطن»، هي أنه يدين كل شخص بكلامه، فأحد الوزراء كتب في اتجاهين مختلفين في كتابين مختلفين، ثم ادّعى أنه لم يفعل، فأخرج له «المواطن» كتابه واستشهد به.
ويعتبر علي رحالية في حديث لـ «الشرق الأوسط»، أن هدفه لم يكن الشهرة أبدًا، إنما حاول التعبير عن نفسه باستعمال وسيلة قانونية، ليسمع «رأي المواطن» ويبرهن أن لديه «حق النقد بل والسخرية من سياسات الحكومة والمسؤولين.. وباختصار، حق أن يقول أنا مواطن ولست غبيا!». من جهته، يقول نصر الدين قاسم مدير نشر صحيفة «الشروق» التي طلبت من «المواطن» أن يصبح من كتابها، بأن القرار اتخذ «تقديرا لتجربة كتابية متفرّدة، ومحاولة لتشجيع جميع الناشرين الأحرار ـ المدونين ـ على التحول للعمل الصحافي».
بينما يعتبر وزير الدولة أبو جرة سلطاني أن «المواطن» يتمتّع بـ (أسلوب بوليسي) في «دقّته واستقصائه للمعلومة». فيما يشير مراسل صحيفة «الأهرام العربي» من الجزائر مروان حرب، إلى أن «كتابة المقال باسم مواطن لا باسم صحافي فكرة جديدة خاصة أنها تتحدّث عن أعقد قضايا المواطن بلغته». أما الدكتور عشراتي الشيخ، كاتب عمود محترف، فيرى بأن «الفكرة والأسلوب مثيران إلى درجة غير معقولة، خصوصا أن الاتهامات قد قرنت إلى أدلة لا ترد.. وأثبتت أن المواطن المجرّد يمكن أن يكون صحافيا استقصائيا ويعرّي الكذب الرسمي». أما النائب عبد القادر فنّي، عضو الحزب الحاكم، فيقول إنه «رغم الفرصة المتاحة لي كنائب يتمتّع بالحصانة، فإنني أحسد هذا المواطن المجرّد على ما يكتبه وعلى قدرته على قول ما نسكت عنه رغم هشاشة موقعه»، بل ويضيف بأن «تجربة هذا المواطن كثيرا ما كانت تحبس أنفاسنا بانتظار الموعد الأسبوعي لنشر مقاله ومعرفة ضحيته المقبلة».
ويشهد لـ «المواطن» حتى ناقدوه، فهذا الناشر والصحافي عياشي أَحميدة، الذي كتب ضدّه «المواطن» يقول باعتزاز «إن تجربة المواطن جديرة بالقراءة، حافلة بالتميز على مستوى أسلوب الكتابة وعلى مستوى توثيقها أيضًا، بل إنها تمثّل بجدارة تجربة الجيل الجديد للكتابة في الجزائر».
- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
رد: مواطن لا ابن كلب“في انتظار الخراب” جديد الكاتب المواطن علي رحالية.
الأحد 23 أكتوبر 2011, 07:35
جمع فيه مقالاته على مدار سنوات
مواطن لا ابن كلب .. ثورة علي رحالية بين دفتي كتاب
كمال زايت
الكتاب الجديد هو عبارة عن مجموعة من المقالات التي نشرها رحالية ما بين عام 1999 و2010 في صحف الخبر الأسبوعي و الشروق اليومي وأسبوعية المحقق والتي وقع أغلبيته باسم المواطن علي رحالية ، المقالات تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ الجزائر الحديث، بطريقة وأسلوب لا يقدر على اتقانه إلا علي رحالية، بعفوية المواطن المطحون والمغلوب على أمره.
في هذا الكتاب نجد مجموعة من المقالات الشهيرة لعلي رحالية، مثل مقال أربع ملاحظات على الأربع ساعات ، وهو المقال الذي كتبه بشأن قانون المحروقات لـ2005 ونشر في الشروق اليومي ، والذي كان يعطي للأجانب حق استغلال 80 بالمائة من الحقول النفطية في الجزائر، قبل أن يتراجع الرئيس بوتفليقة عن القانون، ويبقي على قاعدة 51/ 49 بالمائة، ورغم أن الكثيرين قالوا أن هذا المقال كان أحد الأسباب التي جعلت الرئيس بوتفليقة يقرر أن يعدل القانون، لكن علي رحالية يرفض تصديق هذا الأمر.
ويمكن قراءة المقالين الرائعين، اللذين كتبهما علي رحالية عن رأي محيي الدين عميمور، الوزير السابق والمستشار السابق بالرئاسة، في الكاتب الصحافي المصري محمد حسنين هيكل، بخصوص ما جاء في أحد كتب عميمور، وهو الأمر الذي نفاه عميمور في مقال، قبل أن يرد عليه رحالية مجددا بمقال جديد، نشر فيه مقتطفات من كتاب عميمور، إضافة إلى سلسلة طويلة من المقالات ما بين عامي 2009 و2010، والتي نشرت في الخبر الأسبوعي ، وتناولت تلك الفترة وكل المخاض الذي عاشته البلاد، بعد الإعلان عن تعديل الدستور وترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة، وكان علي دائما يقول رأيه وسط زحمة المطبلين و المزمرين و المتشنكحين الكلمة التي طلب ألا يسأله أحد عنها، لأنه لا يعرف معناها. والأكيد أن محبي كتابات المواطن سيجدون خربشاته عن اللوبيا الخاثرة التي لعبت بعقل علي رحالية وجعلته يتصور ويتوهم قصصا وحكايات اختلطت فيها الحقيقة بالخيال والسخرية بالجد، قبل أن يستفيق محشورا وسط الزاورة التي لم تغسل منذ شرائها، كتاب يأتي بشرى سعيدة لكل أولئك الذين فاتتهم بعض من هذه المقالات.
في كتابات علي رحالية، مثلما نجد الكثير من الانتقادات والسخريات، نجد الكثير من الحقائق التاريخية، فعلي كان دائما مولعا بالتاريخ، وخاصة تاريخ الثورة، وقد سمحت له مهنة الصحافة بالاقتراب من عدة شخصيات تاريخية، كما أن شغفه بالكتب وقراءته وتدوينه لكل المعلومات التي يعثر عليها هنا وهناك، زودته بقدرة على تطويع تلك المعلومات وتوظيفها في مقالاته، التي تتميز عادة بالدقة وكثرة الاستناد إلى مراجع والوثائق، الأمر الذي كان دائما يعطي لرحالية القدرة على المقارعة والمحاججة بالأدلة، وهو ما كان يجعل الرد عليه صعبا نوعا ما، دون أن ننسى الأسلوب الشيق الذي استطاع أن يجمع فيه الكثير من البهارات التي أعطت ذوقا مميزا لمقالاته.
الشيء الرائع في هذه المقالات، وإن كان الكاتب لم يشر إليه بوضوح، هو الظرف الذي كتبت فيه هذه المقالات، فترة كان قليلون فقط خلالها يتجرؤون على الانتقاد، وفي وقت عمت فيه الشيتة والانبطاح، وكان فيه النفاق هو سيد الأخلاق ودليل إثبات الوطنية الزائفة، علي رحالية المواطن لم يكن يخشى في الحق لومة لائم، وكتب عن الجميع سلطة ومعارضة وحتى عن زملاء المهنة، لم يجامل أحدا، ولم يتحامل على أحد، وحتى وإن كان البعض يرى أن كلماته كانت في الكثير من الأحيان قاسية، فإنه كان صادقا في كل ما كتب وفي ثورته على الواقع الجزائري.
علي رحالية فعلا مواطن جزائري بسيط لا يوجد وراءه لا حزب ولا وزير ولا جنرال، مثلما كان ولا يزال يعتقد البعض، الذين كانوا يتساءلون كيف يستطيع مواطن بسيط أن يكتب كل ذلك الكلام الكبير، دون أن يتعرض إلى المتابعة أو السجن أو النفي أو شيء آخر، ولكن ما فعله علي رحالية طوال هذه السنوات، هو دليل على أنه كان بالإمكان أكثر مما كان، وأن الذين برروا انبطاحهم ونفاقهم للحاكم بأن هناك تعسفا في استعمال السلطة والنفوذ، كانوا يهربون إلى الحل الأسهل والذي يتناسب مع نفسياتهم الخسيسة، وأن الإشكال الأكبر كان في التسعف في الخضوع والانبطاح.
مواطن لا ابن كلب .. ثورة علي رحالية بين دفتي كتاب
كمال زايت
الكتاب الجديد هو عبارة عن مجموعة من المقالات التي نشرها رحالية ما بين عام 1999 و2010 في صحف الخبر الأسبوعي و الشروق اليومي وأسبوعية المحقق والتي وقع أغلبيته باسم المواطن علي رحالية ، المقالات تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ الجزائر الحديث، بطريقة وأسلوب لا يقدر على اتقانه إلا علي رحالية، بعفوية المواطن المطحون والمغلوب على أمره.
في هذا الكتاب نجد مجموعة من المقالات الشهيرة لعلي رحالية، مثل مقال أربع ملاحظات على الأربع ساعات ، وهو المقال الذي كتبه بشأن قانون المحروقات لـ2005 ونشر في الشروق اليومي ، والذي كان يعطي للأجانب حق استغلال 80 بالمائة من الحقول النفطية في الجزائر، قبل أن يتراجع الرئيس بوتفليقة عن القانون، ويبقي على قاعدة 51/ 49 بالمائة، ورغم أن الكثيرين قالوا أن هذا المقال كان أحد الأسباب التي جعلت الرئيس بوتفليقة يقرر أن يعدل القانون، لكن علي رحالية يرفض تصديق هذا الأمر.
ويمكن قراءة المقالين الرائعين، اللذين كتبهما علي رحالية عن رأي محيي الدين عميمور، الوزير السابق والمستشار السابق بالرئاسة، في الكاتب الصحافي المصري محمد حسنين هيكل، بخصوص ما جاء في أحد كتب عميمور، وهو الأمر الذي نفاه عميمور في مقال، قبل أن يرد عليه رحالية مجددا بمقال جديد، نشر فيه مقتطفات من كتاب عميمور، إضافة إلى سلسلة طويلة من المقالات ما بين عامي 2009 و2010، والتي نشرت في الخبر الأسبوعي ، وتناولت تلك الفترة وكل المخاض الذي عاشته البلاد، بعد الإعلان عن تعديل الدستور وترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة، وكان علي دائما يقول رأيه وسط زحمة المطبلين و المزمرين و المتشنكحين الكلمة التي طلب ألا يسأله أحد عنها، لأنه لا يعرف معناها. والأكيد أن محبي كتابات المواطن سيجدون خربشاته عن اللوبيا الخاثرة التي لعبت بعقل علي رحالية وجعلته يتصور ويتوهم قصصا وحكايات اختلطت فيها الحقيقة بالخيال والسخرية بالجد، قبل أن يستفيق محشورا وسط الزاورة التي لم تغسل منذ شرائها، كتاب يأتي بشرى سعيدة لكل أولئك الذين فاتتهم بعض من هذه المقالات.
في كتابات علي رحالية، مثلما نجد الكثير من الانتقادات والسخريات، نجد الكثير من الحقائق التاريخية، فعلي كان دائما مولعا بالتاريخ، وخاصة تاريخ الثورة، وقد سمحت له مهنة الصحافة بالاقتراب من عدة شخصيات تاريخية، كما أن شغفه بالكتب وقراءته وتدوينه لكل المعلومات التي يعثر عليها هنا وهناك، زودته بقدرة على تطويع تلك المعلومات وتوظيفها في مقالاته، التي تتميز عادة بالدقة وكثرة الاستناد إلى مراجع والوثائق، الأمر الذي كان دائما يعطي لرحالية القدرة على المقارعة والمحاججة بالأدلة، وهو ما كان يجعل الرد عليه صعبا نوعا ما، دون أن ننسى الأسلوب الشيق الذي استطاع أن يجمع فيه الكثير من البهارات التي أعطت ذوقا مميزا لمقالاته.
الشيء الرائع في هذه المقالات، وإن كان الكاتب لم يشر إليه بوضوح، هو الظرف الذي كتبت فيه هذه المقالات، فترة كان قليلون فقط خلالها يتجرؤون على الانتقاد، وفي وقت عمت فيه الشيتة والانبطاح، وكان فيه النفاق هو سيد الأخلاق ودليل إثبات الوطنية الزائفة، علي رحالية المواطن لم يكن يخشى في الحق لومة لائم، وكتب عن الجميع سلطة ومعارضة وحتى عن زملاء المهنة، لم يجامل أحدا، ولم يتحامل على أحد، وحتى وإن كان البعض يرى أن كلماته كانت في الكثير من الأحيان قاسية، فإنه كان صادقا في كل ما كتب وفي ثورته على الواقع الجزائري.
علي رحالية فعلا مواطن جزائري بسيط لا يوجد وراءه لا حزب ولا وزير ولا جنرال، مثلما كان ولا يزال يعتقد البعض، الذين كانوا يتساءلون كيف يستطيع مواطن بسيط أن يكتب كل ذلك الكلام الكبير، دون أن يتعرض إلى المتابعة أو السجن أو النفي أو شيء آخر، ولكن ما فعله علي رحالية طوال هذه السنوات، هو دليل على أنه كان بالإمكان أكثر مما كان، وأن الذين برروا انبطاحهم ونفاقهم للحاكم بأن هناك تعسفا في استعمال السلطة والنفوذ، كانوا يهربون إلى الحل الأسهل والذي يتناسب مع نفسياتهم الخسيسة، وأن الإشكال الأكبر كان في التسعف في الخضوع والانبطاح.
- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
رد: مواطن لا ابن كلب“في انتظار الخراب” جديد الكاتب المواطن علي رحالية.
الإثنين 14 نوفمبر 2011, 07:43
الكاتب "المواطن" علي رحالية لـ"الفجر":
أنا أمارس حقي الطبيعي في التعبير.. ولا سند لي غير الدستور
يخرج من مكان عمله أين يشتغل منذ أكثر من عشر سنوات، نعبر الشارع إلى مطعم وسط العاصمة، يقول لي إنه يضع على مكتبه دستور الدولة الجزائرية، وأنه مجرد مواطن يعرف حقوقه ويريد ممارستها كما يكفلها له الدستور.. أقول في سري: الذي لا يؤمن بالوطن.. لا يؤمن بالدستور.. فكرتي الأولى هي أنني سأكون في حضرة مواطن قانط.. متشائم وصاحب أسلط لسان، لم أتخيل مطلقا أنني سأقف أمام رجل وطني بمعنى الكلمة، متعطش لأكبر شيئين يقدسهما..الحرية والكرامة.. كل دوافعه هي رغبته في حياة تليق بالبشر.. وفي مواطنة حقيقية، المواطن علي رحالية في حوار صادق لـ"الفجر"..
كتابك الأخير "مواطن..لا ابن كلب في انتظار الخراب" عبارة عن جمع لمقالات سابقة كنت قد نشرتها في صحف جزائرية.. ما هي الإضافة التي قمت بها.. هل هي جرأة العنوان أم صورة الغلاف أم جرأة الجمع في حد ذاتها؟
جاء هذا الكتاب نتيجة إلحاح القراء، لقد نصحوني أو بالأحرى أجبروني على جمع المقالات في كتاب واحد. وقد أهديته لهم، لأن القارئ وجد نفسه في هذه الكتابات، لقد وجدت نفسي في بطالة إجبارية بعد توقيف "الخبر الأسبوعي"، فانتهزت الفرصة وقمت بعملية الجمع وفهرسة المواضيع وتبويبها إلى مواضيع سياسية، سسيواجتماعية، اقتصادية، تاريخية وأخرى خاصة بالمثقفين والفنتازيا. والعامل الثاني الذي شجعني على نشره هو الثورات العربية. إن ما حدث في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وسوريا شجعني أكثر، لأن العوامل التي حركت تلك الشعوب هي نفسها الموجودة في الجزائر وفي كل العالم العربي تقريبا، في البداية كان العنوان الأول هو "مواطنون لا كلاب.. من أجل إسقاط النظام"، لكنني غيرته لأنني اكتشفت أنه ليس من حقي أن أتحدث باسم الآخرين لذلك قمت بتغيير العنوان إلى "مواطن..لا ابن كلب في انتظار الخراب".. لقد عبرت فيه عن رأيي الشخصي فقط.
صورة الغلاف مثيرة، وتحمل رمزية شديدة الوقع، ما حكايتها؟
ربما لأنك تعرفين علي رحالية تعرفين بالتالي أنها تخص شخصي، لكن بالنسبة لشخص في تندوف أو في المدية هي صورة مواطن يتعرض لشكل من أشكال العنف، وهذه هي الرمزية التي أريدها.. لكن قصة الصورة هي كما يلي: هي لصاحبها المصور الشاب لمين بولبداوي، كان حاضرا في أول مسيرة فيفري الفارط، التقطها لي بعفوية وأرسلها لي عبر صديق فرأيت أنها صورة ممتازة، أردت مكافأة هذا الشاب ماديا لأنه قدم لي خدمة لكنه رفض، فلم أجد طريقة لشكره غير نشرها على غلاف الكتاب، استشرته وكان سعيدا بذلك.. وبالتالي لم تكن مقصودة، القصد الوحيد فيها أنها تتوافق مع العنوان وتترجم محتوى الكتاب.
لكن محتوى هذا الكتاب جعل الكثير من دور النشر ترفض طبعه، ما جعلك تطبعه على نفقتك الخاصة؟
تجربة هذا الكتاب كشفت لي إلى أي حد وصلت الرقابة الذاتية في الوسط الثقافي، الوضع كارثي بالفعل وكل شعارات حرية التعبير التي نادت بها دور النشر هي شعارات مزيفة، لقد رفضوا نشره رغم أن الكتاب عبارة عن مقالات سبق لها أن نُشرت وغير متابعة قضائيا، وصاحب هذا الكتاب متحصل على رقم إيداع قانوني، ومع ذلك رفضوا حتى مناقشة إمكانية نشره. المطابع هي الأخرى أيضا رفضت أن تطبعه على الرغم من استعدادي لتحمل نفقات الطبع، بل أكثر من ذلك حتى الموزعون رفضوا توزيعه ووصلت الكارثة إلى أصحاب المكتبات، فقد رفض الكثير منهم بيعه، ولو لم أجد مكتبتي "الاجتهاد" و"الفنون الجميلة" لما وصل الكتاب إلى القارئ. وحتى الصحفي الذي هو حلقة مهمة في إعلام القارئ بصدور الكتاب، أغلبهم لم يكتبوا عنه لأن رئيس تحريره أو رئيس القسم الثقافي في جريدته هو مجرد تابع أو خادم عند رئيس مهرجان أو مدير صالون أو صديق لمالك دار نشر أو أحد المسؤولين الذين انتقدتهم في الكتاب.. إنه أمر مفزع حقا.
أهديت الكتاب أيضا للجزائريين الذين "خيّب النظام آمالهم وأحلامهم، وحطم مستقبلهم".. لماذا كل هذا التهويل ؟
عندما وضعت هذا الإهداء، قفزت من ذاكرتي صورة لجثة حراڤ تطفو على الماء وقد نهشت الأسماك جسده نشرت في إحدى الصحف.. فوق الصورة كان العنوان التالي "أسماك القرش تظهر لأول مرة في البحر المتوسط"؟!..المعروف أن أسماك القرش لا تعيش في البحر المتوسط لكن مئات والآلاف من الشباب الجزائري الذين اضطروا للهروب من هذا البلد وقاموا بمغامرة النجاة فيها تساوي 5 إلى 10 بالمئة، المئات منهم أكلتهم الأسماك، فانتشرت رائحة الدم في البحر، رائحة دماء هؤلاء البؤساء والتعساء هي التي جلبت سمك القرش إلى البحر المتوسط. عندما أتذكر أو أشاهد مثل هذه الصور الفظيعة، أتساءل هل تحرك هذه الصورة المسؤولين عندنا؟ والإجابة واضحة، إنها لا تعني لهم شيئا ولم تحرك فيهم شيئا؛ لأن هذه الجثة ليست لأحد أبنائهم الذين يستطيعون الحصول على فيزا بسهولة وغالبيتهم يملكون جنسية مزدوجة. على كل حال الكل يهرب بجلده من هذا البلد.. كم عدد الإطارات الجزائرية الذين "حرڤوا"؟ حتى أبناء المسؤولين يحرڤون هم أيضا.. والسؤال هو لماذا لم يتمكنوا من العيش في هذا البلد؟ والإجابة ببساطة هي أن لا شيء في هذا البلد موجود في مكانه المناسب، حال البلد ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول "الداب راكب مولاه". لقد أهديت الكتاب لأبناء جيلي والجيل الذي بعده.. جيل العشرية السوداء أو جيل العشرية الحمراء هم الذين أهديت لهم كل كلمة جاءت في الكتاب.
لماذا الإصرار على كلمة "مواطن".. أنت مثقف وكاتب مقالات تحليلية؟
أنا مواطن.. لست كاتبا ولا صحفيا ولا مثقفا، والمواطن هو الذي يعرف حقوقه من واجباته بناءً على قوانين هذا البلد، هنا أنتهز الفرصة لأطرح السؤال عليك وعلى القارئ: كم هو عدد الجزائريين الذين اطلعوا على دستور بلدهم؟ كم عدد الجزائريين الذين يملكون دستوراً في منازلهم أو في مكاتبهم؟ كم عدد الجزائريين الذين اطلعوا ولو مرة على الفصل الرابع من الدستور؟ الفصل الخاص بالحقوق والحريات.. لاسيما المادة 41 الخاصة بحرية التعبير، المشكلة أننا لا نعرف حقوقنا، لأن حق التعبير حقي كإنسان أولا، وحقي كمواطن جزائري ثانيا، وهذا الحق يكفله لي الدستور وبالتالي لا يوجد عندي مشكل.
أكبر مشكل أتعرض له هو أن الناس لا يصدقون أنني أكتب وأقول ما أريد أن أكون مسنودا من جهة ما أو مسؤول ما.. لا أحد ورائي ولا أمامي، فقط حقوقي القانونية التي يكفلها الدستور.. أنا أمارس حقي القانوني، إنهم لا يملون من ترديد نفس السؤال.. كيف يكتب بهذه الحرية وهو يعمل في مؤسسة حكومية؟ الفرق بيني وبين الآخرين أنني استعملت حقي الدستوري ومعرفتي بالقانون ليس أكثر.
تتحدّث كثيرا عن انسجامك مع ما يسمى بـ"الربيع العربي"، ألست ترى أن هذه الثورات جزء من مؤامرة غربية وأنها كانت مبرمجة مسبقا؟
أبدا.. الذي يقول هذا الكلام معتوه.. مجرد حاقد على الشعوب لأنها خرجت تطالب بحريتها وكرامتها. والله حتى ولو كانت مؤامرة أنا مع هذه المؤامرة رغم يقيني بعدم وجود مؤامرة يمكن أن تحرض الشعوب على المطالبة بالحرية والكرامة.. أتمنى من كل قلبي أن تنجح الثورات في أي مكان في تونس، في مصر، وفي اليمن وفي سوريا وحتى في ليبيا.
كيف يبدو لك الوضع في ليبيا بعد مقتل القذافي؟
الوضع في ليبيا صعب ومعقد..لأن الأمور أصعب منها في دول أخرى. المجتمع هناك قبلي وعشائري وليبيا لا تملك مؤسسات دولة، قد يذهب النظام لكن تبقى المؤسسات، وهذا ما حدث في تونس ومصر، ليبيا اليوم تعود إلى 42 سنة إلى الوراء، عليها إقامة مؤسسات الدولة وهو رهان سيؤخرها قليلا. أما اليمن فهي تقدم نموذجاً رائعاً في المطالبة السلمية في تغيير النظام، الآن قرابة العام لايزال اليمني صامدا في مجتمع قبلي يضم نسبة عالية من الفقر والأمية، وزيادة على ذلك مجتمع مسلح.. هناك حوالي 60 مليون قطعة سلاح ومع ذلك الشعب لم يستعمل السلاح أو العنف. جنود عبد الله صالح يطلقون النار عليهم وهم يصرون - شباب الثورة - على أنها ثورة سلمية.. سلمية.. إنه وعي وشجاعة يُحسدون عليها فعلا.
نعود إلى الكتاب، يظهر أنك تفرق بين السياسة والبوليتيك.. ألست تراها ترجمة حرفية؟
مصطلح بوليتيك يتكرر في كل فصول الكتاب.. لأن مصطلح البوليتيك عند المواطن الجزائري هو مرادف للكذب والتزييف والتزوير و"الخرطي"، فالفصل الأول مثلا؛ يحمل عنوان سياسة والبوليتيك تعني السياسة والكذب أو السياسة و"الخرطي" وفصل ثقافة والبولتيك تعني الثقافة والكذب وهكذا، هذا أمر طبيعي جدا لأن النظام سيرنا لمدة 42 سنة بسياسة الكذب ومشتقاته، أي التزوير والتزييف و"التبلعيط". وأكبر هذه الأكاذيب التي روجها النظام هي كذبة حرية اختيار الشعب وللشعب وحده حرية الاختيار، في الكتاب أثبت أنها مجرد أسطورة وخرافة، إن العقد السياسي والاجتماعي الذي يربط بيننا وبين السلطة قد تم الإعتداء عليه، والشعب يعرف ذلك جيدا، إن الفساد يكاد يخنقنا كل شيء في الجزائر تنبعث منه رائحة الرشوة.. تمشي على الرصيف فتنبعث منه رائحة الرشوة لأن ذات الرصيف هيئ أربع مرات، نفس الشيء يقال عن الطرقات والمساكن وحتى الخبز والدواء الذي نتناولهما تنبعث منهما رائحة الرشوة. لا يوجد في هذا البلد إلا فضائح الفساد..
تقرر الإصلاح ومشاريع قوانين عديدة على طاولة البرلمان؟
لما نقول الإصلاح، معناه أن هناك خلل، هناك أخطاء هناك فساد.. المشكلة أن الذين يتحدثون عن الإصلاح هم ذاتهم المسؤولين عن الأخطاء والمتسببين في انتشار الفساد، فهل من المعقول أن يقوم الفاسد بإصلاح ما أفسده؟! إنه مجرد عبث.. ويريدون من الشعب أن يصدقهم ويسايرهم.. كل ما يقومون به هو تضيع مزيد من الوقت والمزيد من الأموال والفرض، وتضيع المزيد من أحلام الأجيال.. الجزائر تعرف فقط كيف تضيع ولا تكسب شيئا.. إنهم لا يريدون الذهاب إلى قلب الموضوع.. المحاسبة. في اعتقادي الإصلاح الحقيقي يبدأ بمحاسبة المخطئين والفاسدين. أما غير هذا فهو مجرد كلام فارغ وستثبت لك الأيام صحة كلامي.
ونحن في شهر الثورة.. كيف يقرأ المواطن علي رحالية الثورة الجزائرية بعد خمسين سنة؟
الثورة الجزائرية أعظم ما وقع في القرن العشرين.. لأنه لما يقرر خمسة أشخاص ثم ستة ثم تسعة ثم 22 عشرين في حي شعبي وفي لحظة جنون محاربة فرنسا وينجحون في ذلك، تكون بالفعل ثورة عظيمة ولا تتكرر. بعد خمسين سنة، نحن لا نطالب إلا بآنسة الثورة التي صنعها البشر والأبطال وليس ثورة الملائكة وأنصاف الآلهة.. الثورة حققت هدفها وهو الاستقلال، والنقاش الذي لابد أن يفتح الآن.. هو ماذا فعل من ورثوا الاستقلال بالثورة؟
حوار: هاجر قويدري
أنا أمارس حقي الطبيعي في التعبير.. ولا سند لي غير الدستور
يخرج من مكان عمله أين يشتغل منذ أكثر من عشر سنوات، نعبر الشارع إلى مطعم وسط العاصمة، يقول لي إنه يضع على مكتبه دستور الدولة الجزائرية، وأنه مجرد مواطن يعرف حقوقه ويريد ممارستها كما يكفلها له الدستور.. أقول في سري: الذي لا يؤمن بالوطن.. لا يؤمن بالدستور.. فكرتي الأولى هي أنني سأكون في حضرة مواطن قانط.. متشائم وصاحب أسلط لسان، لم أتخيل مطلقا أنني سأقف أمام رجل وطني بمعنى الكلمة، متعطش لأكبر شيئين يقدسهما..الحرية والكرامة.. كل دوافعه هي رغبته في حياة تليق بالبشر.. وفي مواطنة حقيقية، المواطن علي رحالية في حوار صادق لـ"الفجر"..
كتابك الأخير "مواطن..لا ابن كلب في انتظار الخراب" عبارة عن جمع لمقالات سابقة كنت قد نشرتها في صحف جزائرية.. ما هي الإضافة التي قمت بها.. هل هي جرأة العنوان أم صورة الغلاف أم جرأة الجمع في حد ذاتها؟
جاء هذا الكتاب نتيجة إلحاح القراء، لقد نصحوني أو بالأحرى أجبروني على جمع المقالات في كتاب واحد. وقد أهديته لهم، لأن القارئ وجد نفسه في هذه الكتابات، لقد وجدت نفسي في بطالة إجبارية بعد توقيف "الخبر الأسبوعي"، فانتهزت الفرصة وقمت بعملية الجمع وفهرسة المواضيع وتبويبها إلى مواضيع سياسية، سسيواجتماعية، اقتصادية، تاريخية وأخرى خاصة بالمثقفين والفنتازيا. والعامل الثاني الذي شجعني على نشره هو الثورات العربية. إن ما حدث في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وسوريا شجعني أكثر، لأن العوامل التي حركت تلك الشعوب هي نفسها الموجودة في الجزائر وفي كل العالم العربي تقريبا، في البداية كان العنوان الأول هو "مواطنون لا كلاب.. من أجل إسقاط النظام"، لكنني غيرته لأنني اكتشفت أنه ليس من حقي أن أتحدث باسم الآخرين لذلك قمت بتغيير العنوان إلى "مواطن..لا ابن كلب في انتظار الخراب".. لقد عبرت فيه عن رأيي الشخصي فقط.
صورة الغلاف مثيرة، وتحمل رمزية شديدة الوقع، ما حكايتها؟
ربما لأنك تعرفين علي رحالية تعرفين بالتالي أنها تخص شخصي، لكن بالنسبة لشخص في تندوف أو في المدية هي صورة مواطن يتعرض لشكل من أشكال العنف، وهذه هي الرمزية التي أريدها.. لكن قصة الصورة هي كما يلي: هي لصاحبها المصور الشاب لمين بولبداوي، كان حاضرا في أول مسيرة فيفري الفارط، التقطها لي بعفوية وأرسلها لي عبر صديق فرأيت أنها صورة ممتازة، أردت مكافأة هذا الشاب ماديا لأنه قدم لي خدمة لكنه رفض، فلم أجد طريقة لشكره غير نشرها على غلاف الكتاب، استشرته وكان سعيدا بذلك.. وبالتالي لم تكن مقصودة، القصد الوحيد فيها أنها تتوافق مع العنوان وتترجم محتوى الكتاب.
لكن محتوى هذا الكتاب جعل الكثير من دور النشر ترفض طبعه، ما جعلك تطبعه على نفقتك الخاصة؟
تجربة هذا الكتاب كشفت لي إلى أي حد وصلت الرقابة الذاتية في الوسط الثقافي، الوضع كارثي بالفعل وكل شعارات حرية التعبير التي نادت بها دور النشر هي شعارات مزيفة، لقد رفضوا نشره رغم أن الكتاب عبارة عن مقالات سبق لها أن نُشرت وغير متابعة قضائيا، وصاحب هذا الكتاب متحصل على رقم إيداع قانوني، ومع ذلك رفضوا حتى مناقشة إمكانية نشره. المطابع هي الأخرى أيضا رفضت أن تطبعه على الرغم من استعدادي لتحمل نفقات الطبع، بل أكثر من ذلك حتى الموزعون رفضوا توزيعه ووصلت الكارثة إلى أصحاب المكتبات، فقد رفض الكثير منهم بيعه، ولو لم أجد مكتبتي "الاجتهاد" و"الفنون الجميلة" لما وصل الكتاب إلى القارئ. وحتى الصحفي الذي هو حلقة مهمة في إعلام القارئ بصدور الكتاب، أغلبهم لم يكتبوا عنه لأن رئيس تحريره أو رئيس القسم الثقافي في جريدته هو مجرد تابع أو خادم عند رئيس مهرجان أو مدير صالون أو صديق لمالك دار نشر أو أحد المسؤولين الذين انتقدتهم في الكتاب.. إنه أمر مفزع حقا.
أهديت الكتاب أيضا للجزائريين الذين "خيّب النظام آمالهم وأحلامهم، وحطم مستقبلهم".. لماذا كل هذا التهويل ؟
عندما وضعت هذا الإهداء، قفزت من ذاكرتي صورة لجثة حراڤ تطفو على الماء وقد نهشت الأسماك جسده نشرت في إحدى الصحف.. فوق الصورة كان العنوان التالي "أسماك القرش تظهر لأول مرة في البحر المتوسط"؟!..المعروف أن أسماك القرش لا تعيش في البحر المتوسط لكن مئات والآلاف من الشباب الجزائري الذين اضطروا للهروب من هذا البلد وقاموا بمغامرة النجاة فيها تساوي 5 إلى 10 بالمئة، المئات منهم أكلتهم الأسماك، فانتشرت رائحة الدم في البحر، رائحة دماء هؤلاء البؤساء والتعساء هي التي جلبت سمك القرش إلى البحر المتوسط. عندما أتذكر أو أشاهد مثل هذه الصور الفظيعة، أتساءل هل تحرك هذه الصورة المسؤولين عندنا؟ والإجابة واضحة، إنها لا تعني لهم شيئا ولم تحرك فيهم شيئا؛ لأن هذه الجثة ليست لأحد أبنائهم الذين يستطيعون الحصول على فيزا بسهولة وغالبيتهم يملكون جنسية مزدوجة. على كل حال الكل يهرب بجلده من هذا البلد.. كم عدد الإطارات الجزائرية الذين "حرڤوا"؟ حتى أبناء المسؤولين يحرڤون هم أيضا.. والسؤال هو لماذا لم يتمكنوا من العيش في هذا البلد؟ والإجابة ببساطة هي أن لا شيء في هذا البلد موجود في مكانه المناسب، حال البلد ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول "الداب راكب مولاه". لقد أهديت الكتاب لأبناء جيلي والجيل الذي بعده.. جيل العشرية السوداء أو جيل العشرية الحمراء هم الذين أهديت لهم كل كلمة جاءت في الكتاب.
لماذا الإصرار على كلمة "مواطن".. أنت مثقف وكاتب مقالات تحليلية؟
أنا مواطن.. لست كاتبا ولا صحفيا ولا مثقفا، والمواطن هو الذي يعرف حقوقه من واجباته بناءً على قوانين هذا البلد، هنا أنتهز الفرصة لأطرح السؤال عليك وعلى القارئ: كم هو عدد الجزائريين الذين اطلعوا على دستور بلدهم؟ كم عدد الجزائريين الذين يملكون دستوراً في منازلهم أو في مكاتبهم؟ كم عدد الجزائريين الذين اطلعوا ولو مرة على الفصل الرابع من الدستور؟ الفصل الخاص بالحقوق والحريات.. لاسيما المادة 41 الخاصة بحرية التعبير، المشكلة أننا لا نعرف حقوقنا، لأن حق التعبير حقي كإنسان أولا، وحقي كمواطن جزائري ثانيا، وهذا الحق يكفله لي الدستور وبالتالي لا يوجد عندي مشكل.
أكبر مشكل أتعرض له هو أن الناس لا يصدقون أنني أكتب وأقول ما أريد أن أكون مسنودا من جهة ما أو مسؤول ما.. لا أحد ورائي ولا أمامي، فقط حقوقي القانونية التي يكفلها الدستور.. أنا أمارس حقي القانوني، إنهم لا يملون من ترديد نفس السؤال.. كيف يكتب بهذه الحرية وهو يعمل في مؤسسة حكومية؟ الفرق بيني وبين الآخرين أنني استعملت حقي الدستوري ومعرفتي بالقانون ليس أكثر.
تتحدّث كثيرا عن انسجامك مع ما يسمى بـ"الربيع العربي"، ألست ترى أن هذه الثورات جزء من مؤامرة غربية وأنها كانت مبرمجة مسبقا؟
أبدا.. الذي يقول هذا الكلام معتوه.. مجرد حاقد على الشعوب لأنها خرجت تطالب بحريتها وكرامتها. والله حتى ولو كانت مؤامرة أنا مع هذه المؤامرة رغم يقيني بعدم وجود مؤامرة يمكن أن تحرض الشعوب على المطالبة بالحرية والكرامة.. أتمنى من كل قلبي أن تنجح الثورات في أي مكان في تونس، في مصر، وفي اليمن وفي سوريا وحتى في ليبيا.
كيف يبدو لك الوضع في ليبيا بعد مقتل القذافي؟
الوضع في ليبيا صعب ومعقد..لأن الأمور أصعب منها في دول أخرى. المجتمع هناك قبلي وعشائري وليبيا لا تملك مؤسسات دولة، قد يذهب النظام لكن تبقى المؤسسات، وهذا ما حدث في تونس ومصر، ليبيا اليوم تعود إلى 42 سنة إلى الوراء، عليها إقامة مؤسسات الدولة وهو رهان سيؤخرها قليلا. أما اليمن فهي تقدم نموذجاً رائعاً في المطالبة السلمية في تغيير النظام، الآن قرابة العام لايزال اليمني صامدا في مجتمع قبلي يضم نسبة عالية من الفقر والأمية، وزيادة على ذلك مجتمع مسلح.. هناك حوالي 60 مليون قطعة سلاح ومع ذلك الشعب لم يستعمل السلاح أو العنف. جنود عبد الله صالح يطلقون النار عليهم وهم يصرون - شباب الثورة - على أنها ثورة سلمية.. سلمية.. إنه وعي وشجاعة يُحسدون عليها فعلا.
نعود إلى الكتاب، يظهر أنك تفرق بين السياسة والبوليتيك.. ألست تراها ترجمة حرفية؟
مصطلح بوليتيك يتكرر في كل فصول الكتاب.. لأن مصطلح البوليتيك عند المواطن الجزائري هو مرادف للكذب والتزييف والتزوير و"الخرطي"، فالفصل الأول مثلا؛ يحمل عنوان سياسة والبوليتيك تعني السياسة والكذب أو السياسة و"الخرطي" وفصل ثقافة والبولتيك تعني الثقافة والكذب وهكذا، هذا أمر طبيعي جدا لأن النظام سيرنا لمدة 42 سنة بسياسة الكذب ومشتقاته، أي التزوير والتزييف و"التبلعيط". وأكبر هذه الأكاذيب التي روجها النظام هي كذبة حرية اختيار الشعب وللشعب وحده حرية الاختيار، في الكتاب أثبت أنها مجرد أسطورة وخرافة، إن العقد السياسي والاجتماعي الذي يربط بيننا وبين السلطة قد تم الإعتداء عليه، والشعب يعرف ذلك جيدا، إن الفساد يكاد يخنقنا كل شيء في الجزائر تنبعث منه رائحة الرشوة.. تمشي على الرصيف فتنبعث منه رائحة الرشوة لأن ذات الرصيف هيئ أربع مرات، نفس الشيء يقال عن الطرقات والمساكن وحتى الخبز والدواء الذي نتناولهما تنبعث منهما رائحة الرشوة. لا يوجد في هذا البلد إلا فضائح الفساد..
تقرر الإصلاح ومشاريع قوانين عديدة على طاولة البرلمان؟
لما نقول الإصلاح، معناه أن هناك خلل، هناك أخطاء هناك فساد.. المشكلة أن الذين يتحدثون عن الإصلاح هم ذاتهم المسؤولين عن الأخطاء والمتسببين في انتشار الفساد، فهل من المعقول أن يقوم الفاسد بإصلاح ما أفسده؟! إنه مجرد عبث.. ويريدون من الشعب أن يصدقهم ويسايرهم.. كل ما يقومون به هو تضيع مزيد من الوقت والمزيد من الأموال والفرض، وتضيع المزيد من أحلام الأجيال.. الجزائر تعرف فقط كيف تضيع ولا تكسب شيئا.. إنهم لا يريدون الذهاب إلى قلب الموضوع.. المحاسبة. في اعتقادي الإصلاح الحقيقي يبدأ بمحاسبة المخطئين والفاسدين. أما غير هذا فهو مجرد كلام فارغ وستثبت لك الأيام صحة كلامي.
ونحن في شهر الثورة.. كيف يقرأ المواطن علي رحالية الثورة الجزائرية بعد خمسين سنة؟
الثورة الجزائرية أعظم ما وقع في القرن العشرين.. لأنه لما يقرر خمسة أشخاص ثم ستة ثم تسعة ثم 22 عشرين في حي شعبي وفي لحظة جنون محاربة فرنسا وينجحون في ذلك، تكون بالفعل ثورة عظيمة ولا تتكرر. بعد خمسين سنة، نحن لا نطالب إلا بآنسة الثورة التي صنعها البشر والأبطال وليس ثورة الملائكة وأنصاف الآلهة.. الثورة حققت هدفها وهو الاستقلال، والنقاش الذي لابد أن يفتح الآن.. هو ماذا فعل من ورثوا الاستقلال بالثورة؟
حوار: هاجر قويدري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى