- المحترفمشرف منتدى أخبار و تاريخ مستغانم
- عدد الرسائل : 1490
نقاط : 2747
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
الجزائر الرسمية في موقف مشرّف من فرنسا الحليفة | خضير بوقايلة
الأربعاء 11 يناير 2012, 20:08
فصل الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى في الأمر وأكد أن الجزائر الرسمية ليس في نيتها إطلاقا فتح أية ثغرة مع فرنسا لمطالبتها بالاعتذار عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر ولا حتى إصدار نص قانوني يجرم أفعالها التي راح ضحيتها مليون ونصف مليون جزائري خلال قرن واثنين وثلاثين عاما وهي الفترة التي ظلت فيها فرنسا محتلة للجزائر.
أويحيى لم يكتف بذلك بل استغل مناسبة مؤتمر صحفي عقده قبل أيام لتحذير تركيا من مغبة الحديث مستقبلا عن جرائم فرنسا ضد الجزائريين، نعم أيها القارئ الكريم ليس هناك أي خلل في الجملة ولا في الصفات، أويحيى الوزير الأول الجزائري يرفض من الجزائريين ومن غيرهم الخوض في جرائم فرنسا ضد بلده، نعم الوزير الأول الحالي التابع لحكومة بلد مستقل أو هكذا يفترض أن يكون.
الحكومة الجزائرية أجهضت كل محاولات المجتمع المدني ومجموعة من البرلمانيين من أجل إصدار قانون يجرم الفعل الاستعماري وهي الآن تريد أن تقمع كل محاولة لإحياء هذا (الجرح) تأتي من الخارج.
أويحيى أنكر على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تصريحاته التي دعا فيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى البحث في سجل فرنسا الاستعمارية عن جرائم الإبادة التي ارتكبتها في الجزائر، ولم يكتف المسؤول الجزائري بذلك بل رفض ما أسماه المتاجرة بدماء الجزائريين ومأساتهم، وانقلب على أردوغان يذكّره أن بلده تركيا هي التي سلمت الجزائر لقمة سائغة إلى فرنسا عام 1930 كانت طيلة فترة ثورة التحرير الجزائرية (من 1954 إلى 1962) ضد القضية الجزائرية في الأمم المتحدة، بل أكثر من ذلك يقول أويحيى إن فرنسا كانت تقتل الجزائريين بدعم من الحلف الأطلسي وتركيا عضو في هذا الحلف اللعين، واستخلص أن تركيا تكون ساهمت على الأقل برصاصة أو قنبلة واحدة أسقطت على الأهالي في المدن أو القرى الجزائرية.
الأوساط الثقافية والشعبية في الجزائرية حيت بحماس تصريحات الوزير الأول التركي ورأت عيبا أن يهبّ الأجانب لنصرة الجزائر في واحدة من أهم القضايا الخلافية التاريخية مع فرنسا بينما حكومتهم تبذل المستحيل من أجل إغلاق هذا الملف نهائيا وعدم إحراج حلفائها في فرنسا.
يتداول الجزائريون كثيرا أحاديث واتهامات لمسؤوليهم بالتعامل مع فرنسا ضد مصالح الجزائر وقد اخترعوا كيانا هلاميا أطلقوا عليه اسم (حزب فرنسا) يدرجون ضمنه كل مسؤول في مختلف هياكل الدولة ينحاز إلى فرنسا ضد الجزائر، ولعل أهم شخصية كانت تحمل لواء التشهير بحزب فرنسا في الجزائر هو الرئيس علي كافي الذي وصل به الأمر ذات عام (كان وقتها مسؤولا منظمة قدماء محاربي ثورة التحرير الجزائرية) إلى التهديد بنشر القائمة الاسمية لأبرز المسؤولين الجزائريين المحسوبين في صف حزب فرنسا أو الطابور الخامس كما يسمون أيضا، لكن علي كافي سرعان ما سكت عن الأمر بعد أن صار عضوا في المجلس الأعلى للدولة ثم رئيسا لهذا المجلس خلفا للرئيس محمد بوضياف المغتال.
وقد سألت الرئيس كافي يوما في لقاء خاص ببيته عن سبب تراجعه عن رفع العصا ضد مناضلي حزب فرنسا وقد كانت له فرصة تولي منصب الرئاسة في البلد والقدرة على فتح هذا الملف من موقع قوة، لكن رده كان يعبر عن حالة يأس فيه نوع من الاتهام للجزائريين على تركه وحيدا يحارب هذا الغول الافتراضي، تماما مثلما كان حال الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة حينما وقف في بداية أشهر فترته الرئاسية الأولى يخطب في جمع من الناس يخبرهم أنه لن يكون قادرا على الوفاء بوعده بمحاربة الجنرالات ذوي النفوذ والمفسدين في البلد، وقال بدا وقتها يلوم الجزائريين على أنهم يريدون تركه وحده يقاتل (السبع) وفهم الجميع أنه هو الآخر اختار التحالف مع أصحاب النفوذ ضد الشعب ومصالح البلد الحيوية.
العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تكن يوما علاقات عادية بين دولة وأخرى كما قد يتخيل البعض، ومهما بلغت بفئة من الجزائريين درجة الكره والعداء لفرنسا فإن هذا البلد وطبقته السياسية لم تكترث يوما بذلك لأنها تعتقد يقينا أن حكام الجزائر المتعاقبين لن يصل بهم النكران إلى درجة إلحاق الأذى بالعلاقة المقدسة القائمة بين البلدين أو لنقل بين السياسيين في الضفتين.
فرنسا تهمها كثيرا الجزائر وثرواتها البشرية والطبيعية وموقعها الاستراتيجي وقد أثبتت في عدة مناسبات أنها متمسكة بهذه الرقعة الجغرافية ولو اقتضى منها الأمر التضحية بكثير من مبادئها الإنسانية وعقيدتها الأساسية التي أقامت عليها أسسها الحديثة، في المقابل لا يتحرج حكام الجزائر من الالتصاق بفرنسا والتقرب منها والتبرع لخدمة مصالحها في الجزائر، لكن دون الاهتمام كثيرا بمصالح بلادهم الحيوية وكرامة الشعب الجزائري بل كل ما يحرصون عليه أن تبقى فرنسا راضية عنهم وأن تغض الطرف عن كل تجاوزاتهم، بل وأن تغطي عليهم وتساعدهم في الانزلاق أكثر نحو مطبات الفساد بكل أنواعه وهو ما تقبله فرنسا بسرور لأن ذلك سيساعدها على الضغط بيسر وسلاسة على الجماعة لكي يظلوا خدما مطيعين لحكام الضفة الأخرى، ولا أدل على هذا الذل والهوان من ملف تجريم الاستعمار الذي يتفانى المسؤولون جميعهم دون استثناء من أجل قطع الطريق أمامه وهذا أمر لا يرضي الجزائريين طبعا ولا مصالح البلد كدولة مستقلة ذات سيادة وكرامة بل يخدم فقط طرفا واحدا هو فرنسا وتاريخها وسمعتها.
فرنسا الاستعمارية مارست جرائم وحشية موثقة يشهد بها الجلادون الفرنسيون أنفسهم في شهاداتهم ومذكراتهم، وهذه الدولة التي ترفض أي حديث عن الاعتذار والاعتراف لا يفترض أن ترقى إلى درجة الحليف الممتاز والشريك الاستراتيجي المتميز، أما الذي يقف موقفا مشرفا مع الجزائر وقضيته فلا يحق لأي جزائري أن يصنفه في موقع الخصم، لكن الذي حدث هو أن المفاهيم اختلطت أو لنقل اتضحت وظهرت جليا معاني المقولة الشهيرة القائلة، عدو عدوك صديقك وعدو صديقك عدوك، تركيا عدو فرنسا (أو لنفرض ذلك تجاوزا) والجزائر تحولت إلى خصم لتركيا ولكم أن تسقطوا المقولة على هذه المعادلة.
أويحيى اتهم تركيا بأقسى العبارات حتى تخيل لنا أن أردوغان هو الذي كان يقود الإمبراطورية العثمانية وهو الذي كان يحكم تركيا أيام كانت تتخذ مواقف ضد القضية الجزائرية، ووفقا لهذه النظرة يتعين على أويحيى أن يتهم ساركوزي وجميع الطبقة السياسية بالجرائم الاستعمارية المرتكبة ضد الجزائريين من دون أن يكون هناك أي ظرف مخفف يفرق بين فرنسا الاستعمارية وفرنسا ما بعد استقلال الجزائر.
وفي نفس السياق كان أجدر بالوزير الأول الجزائري أن يسارع إلى إعداد مشروع قانون لتجريم الاستعمار العثماني للجزائر وللجرائم المرتكبة في حق الجزائر تحت عنوان الحلف الأطلسي، وقبل ذلك لا بد عليه أن يطلب من وزير الخارجية في بلده استدعاء السفير التركي ليبلغه رسميا احتجاج الجزائر المستقلة ذات العزة والكرامة الرافضة لأية متاجرة بدماء أبنائها على تصريحات أردوغان ويطلب من سفير الجزائر في أنقرة العودة على جناح السرعة إلى البلد للتشاور والتأكيد لأردوغان ولكل من تسول له نفسه بالتدخل في قضايا جزائرية بحتة أن فرنسا خط أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه ولا حتى الاقتراب منه.
خضير بوقايلة كاتب وصحافي جزائري
khoudir.bougaila@gmail.com
أويحيى لم يكتف بذلك بل استغل مناسبة مؤتمر صحفي عقده قبل أيام لتحذير تركيا من مغبة الحديث مستقبلا عن جرائم فرنسا ضد الجزائريين، نعم أيها القارئ الكريم ليس هناك أي خلل في الجملة ولا في الصفات، أويحيى الوزير الأول الجزائري يرفض من الجزائريين ومن غيرهم الخوض في جرائم فرنسا ضد بلده، نعم الوزير الأول الحالي التابع لحكومة بلد مستقل أو هكذا يفترض أن يكون.
الحكومة الجزائرية أجهضت كل محاولات المجتمع المدني ومجموعة من البرلمانيين من أجل إصدار قانون يجرم الفعل الاستعماري وهي الآن تريد أن تقمع كل محاولة لإحياء هذا (الجرح) تأتي من الخارج.
أويحيى أنكر على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تصريحاته التي دعا فيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى البحث في سجل فرنسا الاستعمارية عن جرائم الإبادة التي ارتكبتها في الجزائر، ولم يكتف المسؤول الجزائري بذلك بل رفض ما أسماه المتاجرة بدماء الجزائريين ومأساتهم، وانقلب على أردوغان يذكّره أن بلده تركيا هي التي سلمت الجزائر لقمة سائغة إلى فرنسا عام 1930 كانت طيلة فترة ثورة التحرير الجزائرية (من 1954 إلى 1962) ضد القضية الجزائرية في الأمم المتحدة، بل أكثر من ذلك يقول أويحيى إن فرنسا كانت تقتل الجزائريين بدعم من الحلف الأطلسي وتركيا عضو في هذا الحلف اللعين، واستخلص أن تركيا تكون ساهمت على الأقل برصاصة أو قنبلة واحدة أسقطت على الأهالي في المدن أو القرى الجزائرية.
الأوساط الثقافية والشعبية في الجزائرية حيت بحماس تصريحات الوزير الأول التركي ورأت عيبا أن يهبّ الأجانب لنصرة الجزائر في واحدة من أهم القضايا الخلافية التاريخية مع فرنسا بينما حكومتهم تبذل المستحيل من أجل إغلاق هذا الملف نهائيا وعدم إحراج حلفائها في فرنسا.
يتداول الجزائريون كثيرا أحاديث واتهامات لمسؤوليهم بالتعامل مع فرنسا ضد مصالح الجزائر وقد اخترعوا كيانا هلاميا أطلقوا عليه اسم (حزب فرنسا) يدرجون ضمنه كل مسؤول في مختلف هياكل الدولة ينحاز إلى فرنسا ضد الجزائر، ولعل أهم شخصية كانت تحمل لواء التشهير بحزب فرنسا في الجزائر هو الرئيس علي كافي الذي وصل به الأمر ذات عام (كان وقتها مسؤولا منظمة قدماء محاربي ثورة التحرير الجزائرية) إلى التهديد بنشر القائمة الاسمية لأبرز المسؤولين الجزائريين المحسوبين في صف حزب فرنسا أو الطابور الخامس كما يسمون أيضا، لكن علي كافي سرعان ما سكت عن الأمر بعد أن صار عضوا في المجلس الأعلى للدولة ثم رئيسا لهذا المجلس خلفا للرئيس محمد بوضياف المغتال.
وقد سألت الرئيس كافي يوما في لقاء خاص ببيته عن سبب تراجعه عن رفع العصا ضد مناضلي حزب فرنسا وقد كانت له فرصة تولي منصب الرئاسة في البلد والقدرة على فتح هذا الملف من موقع قوة، لكن رده كان يعبر عن حالة يأس فيه نوع من الاتهام للجزائريين على تركه وحيدا يحارب هذا الغول الافتراضي، تماما مثلما كان حال الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة حينما وقف في بداية أشهر فترته الرئاسية الأولى يخطب في جمع من الناس يخبرهم أنه لن يكون قادرا على الوفاء بوعده بمحاربة الجنرالات ذوي النفوذ والمفسدين في البلد، وقال بدا وقتها يلوم الجزائريين على أنهم يريدون تركه وحده يقاتل (السبع) وفهم الجميع أنه هو الآخر اختار التحالف مع أصحاب النفوذ ضد الشعب ومصالح البلد الحيوية.
العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تكن يوما علاقات عادية بين دولة وأخرى كما قد يتخيل البعض، ومهما بلغت بفئة من الجزائريين درجة الكره والعداء لفرنسا فإن هذا البلد وطبقته السياسية لم تكترث يوما بذلك لأنها تعتقد يقينا أن حكام الجزائر المتعاقبين لن يصل بهم النكران إلى درجة إلحاق الأذى بالعلاقة المقدسة القائمة بين البلدين أو لنقل بين السياسيين في الضفتين.
فرنسا تهمها كثيرا الجزائر وثرواتها البشرية والطبيعية وموقعها الاستراتيجي وقد أثبتت في عدة مناسبات أنها متمسكة بهذه الرقعة الجغرافية ولو اقتضى منها الأمر التضحية بكثير من مبادئها الإنسانية وعقيدتها الأساسية التي أقامت عليها أسسها الحديثة، في المقابل لا يتحرج حكام الجزائر من الالتصاق بفرنسا والتقرب منها والتبرع لخدمة مصالحها في الجزائر، لكن دون الاهتمام كثيرا بمصالح بلادهم الحيوية وكرامة الشعب الجزائري بل كل ما يحرصون عليه أن تبقى فرنسا راضية عنهم وأن تغض الطرف عن كل تجاوزاتهم، بل وأن تغطي عليهم وتساعدهم في الانزلاق أكثر نحو مطبات الفساد بكل أنواعه وهو ما تقبله فرنسا بسرور لأن ذلك سيساعدها على الضغط بيسر وسلاسة على الجماعة لكي يظلوا خدما مطيعين لحكام الضفة الأخرى، ولا أدل على هذا الذل والهوان من ملف تجريم الاستعمار الذي يتفانى المسؤولون جميعهم دون استثناء من أجل قطع الطريق أمامه وهذا أمر لا يرضي الجزائريين طبعا ولا مصالح البلد كدولة مستقلة ذات سيادة وكرامة بل يخدم فقط طرفا واحدا هو فرنسا وتاريخها وسمعتها.
فرنسا الاستعمارية مارست جرائم وحشية موثقة يشهد بها الجلادون الفرنسيون أنفسهم في شهاداتهم ومذكراتهم، وهذه الدولة التي ترفض أي حديث عن الاعتذار والاعتراف لا يفترض أن ترقى إلى درجة الحليف الممتاز والشريك الاستراتيجي المتميز، أما الذي يقف موقفا مشرفا مع الجزائر وقضيته فلا يحق لأي جزائري أن يصنفه في موقع الخصم، لكن الذي حدث هو أن المفاهيم اختلطت أو لنقل اتضحت وظهرت جليا معاني المقولة الشهيرة القائلة، عدو عدوك صديقك وعدو صديقك عدوك، تركيا عدو فرنسا (أو لنفرض ذلك تجاوزا) والجزائر تحولت إلى خصم لتركيا ولكم أن تسقطوا المقولة على هذه المعادلة.
أويحيى اتهم تركيا بأقسى العبارات حتى تخيل لنا أن أردوغان هو الذي كان يقود الإمبراطورية العثمانية وهو الذي كان يحكم تركيا أيام كانت تتخذ مواقف ضد القضية الجزائرية، ووفقا لهذه النظرة يتعين على أويحيى أن يتهم ساركوزي وجميع الطبقة السياسية بالجرائم الاستعمارية المرتكبة ضد الجزائريين من دون أن يكون هناك أي ظرف مخفف يفرق بين فرنسا الاستعمارية وفرنسا ما بعد استقلال الجزائر.
وفي نفس السياق كان أجدر بالوزير الأول الجزائري أن يسارع إلى إعداد مشروع قانون لتجريم الاستعمار العثماني للجزائر وللجرائم المرتكبة في حق الجزائر تحت عنوان الحلف الأطلسي، وقبل ذلك لا بد عليه أن يطلب من وزير الخارجية في بلده استدعاء السفير التركي ليبلغه رسميا احتجاج الجزائر المستقلة ذات العزة والكرامة الرافضة لأية متاجرة بدماء أبنائها على تصريحات أردوغان ويطلب من سفير الجزائر في أنقرة العودة على جناح السرعة إلى البلد للتشاور والتأكيد لأردوغان ولكل من تسول له نفسه بالتدخل في قضايا جزائرية بحتة أن فرنسا خط أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه ولا حتى الاقتراب منه.
خضير بوقايلة كاتب وصحافي جزائري
khoudir.bougaila@gmail.com
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى