أحياء تبسة تنتفض ضد "تجاوزات رجال الأمن"

انتفض، صبيحة أمس، سكان أحياء مدينة تبسة ضد تجاوزات رجال الأمن وحرس الحدود المكلفين بمحاربة التهريب عبر الشريط الشرقي، حيث أغلقوا طريق لاروكاد بالمتاريس الحجرية، احتجاجا على مقتل شابين بطريق حي المطار، حيث لفظ كل من حمزة خمايسية، وبلال جنينية أنفاسهما الأخيرة، متأثرين بطلقات نارية صوبها أعوان مكافحة الجريمة باتجاههما أمام مرأى سكان الحي.

وحسب سكان حي المطار، فإن الفرقة المتخصصة في مكافحة الجريمة بمدينة تبسة "بالغت" في مطاردة سيارة "تيوتا هيليكس" محملة بالسردين، كان يقودها الضحية حمزة خمايسية، البالغ من العمر 24 سنة، حيث لم تتوقف لدى دخول السيارة النسيج العمراني مثلما ينص عليه القانون، بل بالغت في مطاردة السيارة بحي المطار وأثارت فزع السكان في حدود منتصف الليل، أين شرع أعوان مكافحة الجريمة قي إطلاق عيارات نارية صوب السيارة التي كانت تقل حمزة ومرافقه بلال جنينية، البالغ من العمر 24 سنة.

وفي سياق متصل يقول شهود عيان كانوا بمقهى جرجرة بطريق لاروكاد، إنه "أثناء عملية المطاردة، توقف أعوان الأمن وأسمعوهم وابلا من الألفاظ السوقية، خدشت حياء السكان الذين قضوا ليلة بيضاء، ليستأنفوا استعراض قوتهم بإطلاق 15 طلقة نارية باتجاه السيارة التي اصطدمت بخرسانة مرآب لغسل وتشحيم السيارات بحي جديات مسعود، ومن شدة الاصطدام انقلبت السيارة أمام سكان الحي، ليلوذ بعدها أعوان الأمن بالفرار دون أن يطمئنوا على صحة الضحيتين".

وفي غضون ذلك، لم يتمكن السكان من إخراج الضحيتين من السيارة المتضررة بدرجة كبيرة، إلا بعد مرور نصف ساعة وتدخل أعوان الحماية المدنية، حيث لفظ "حمزة. خ" أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى مصلحة الاستعجالات الطبية، ليلتحق رفيقه "بلال. ج" بالرفيق الأعلى مـتأثرا برصاصة اخترقت جسده النحيل.

وفي خضم تلك الوقائع، يصر سكان أحياء تبسة على تصعيد حدة الاحتجاج بغلق طريق لاروكاد وتوسيع حدة الاحتجاجات، لأن ما حز في أنفسهم أن والي الولاية ومديرية الأمن الولائي لم يسارعا إلى احتواء حدة الغضب بالطرق السلمية، بل أرسلت مديرية الأمن الولائي قوات مكافحة الشغب التي "بالغت" في مواجهة المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والهراوات، من أجل منع شباب أحياء تبسة من التعبير عن غضبهم وإجبارهم على غض النظر عن "تجاوزات" رجال الأمن الذين أضحوا يطاردون مهربي السردين وكأنهم بارونات مخدرات.

يذكر أنها ليست المرة الأولى التي "يبالغ" فيها عناصر مكافحة التهريب عبر الشريط الشرقي في مطاردة المهربين داخل النسيج العمراني وإطلاق الرصاص الحي، حيث تصاعدت تلك التجاوزات بطريقة "مريبة" جعلت سكان تبسة ينامون ويستيقظون على أحداث القتل العمدي، مع العلم أن قانون مكافحة التهريب والجريمة يمنع المطاردة داخل المناطق العمرانية وإطلاق الرصاص، إلا في حالة إن كان المطارد يحوز على أسلحة حربية.

محسن ساسي

قتل ليلة أول أمس، شابان بمدينة تبسة، عقب مطاردة وإطلاق نار من طرف عناصر من الشرطة، وحسب شهود عيان وعدد من أقارب الضحيتين، فإن الشابين جنينة بلال وخمايسية حمزة البالغين من العمر 20 سنة كانا على متن مركبة نفعية من نوع فورد يحملان بضاعة موجهة للاستهلاك المحلي‭.‬

ودون سابق إنذار وجدا أنفسهما تحت طائل المطاردة، مما دفع بهما إلى التوجّه نحو الحي الذي يقيمان به، لتتواصل المطاردة إلى غاية إصابة الضحيتين بالرصاص واصطدام المركبة بمرآب، وتدخل مواطنون لنقلهما إلى المستشفى الاستعجالي بتبسة.
حيث فارق بلال الحياة في الطريق وحمزة بالمستشفى، لتلتهب مشاعر أهل وأصدقاء الشابين الذين التحقوا بعين المكان في أقل من 10 دقائق وقاموا بتخريب كامل للمستشفى الذي تحول إلى حُطام من طرف بعض المواطنين المتضامنين مع أهالي الشابين، بحجة أن عملية المطاردة كانت داخل‭ ‬المدينة‭ ‬وقرب‭ ‬منزليهما،‭ ‬وأن‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬الرصاص‭ ‬استعملت‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬شابين‭ ‬خرجا‭ ‬لضمان‭ ‬قوت‭ ‬أسرهما‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أحدهما‭ ‬يعيل‭ ‬أسرة‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬أفراد‭ ‬والآخر‭ ‬يعيل‭ ‬أسرة‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬أفراد‭.‬
وعُثر بجيوب الضحيتين على كتاب للأذكار والأدعية المأثورة في حين عثر بجيب الآخر على 5 دنانير فقط حيث أشهروا ما تم العثور عليه في تظاهرهم الذي تواصل إلى غاية أمس الجمعة ونفوا أن يكونا من المهربين أو المتابعين قضائيا، بل إن بلال خرج من أجل توفير الدواء لوالده‭ ‬طريح‭ ‬الفراش‭. ‬
"الشروق" اتجهت إلى المستشفى حيث تم وضع الجثتين بغرفتي حفظ الجثث، وغادرت الجموع المستشفى وتنقل عشرات الشباب إلى الحاجز الثابت بطريق الكويف، ورشقوا رجال الشرطة ثم قاموا بغلق الطريق المزدوج "لاروكاد"، والذي شهد أمس مواجهات بين الشباب ورجال الشرطة الذين ردوا بالقنابل المسيلة للدموع التي وصل بعضها إلى المنازل مما دفع بعشرات السكان إلى الخروج والاحتجاج، أما عائلتا الضحيتين فقالتا لـ "الشروق" إنهما تناشدان السلطات العليا في البلاد بضرورة فتح تحقيق في الحادث الأليم الذي تسبب في قتل الشابين بلال وحمزة.