شكرا مخلوفي

شكرا مخلوفي على هذه الفرحة التي أدخلتها على نفوسنا البائسة المهمومة. هذه الفرحة وهذا الإنجاز الذي أخرجنا وأخرج العرب والحق يقال أنهم فرحوا فرحة نابعة من القلب له من الفجائع وأخبار الدم الآتية من سوريا ومن مصر وليبيا وغيرها، أنستنا للحظات همومنا، ونكساتنا المزمنة.

هل هو الاستثناء الجزائري يتحقق مرة أخرى في الأولمبياد؟ بعد الاستثناء الذي حمانا من حتمية الأصولية التي تتربص بالوطن العربي؟

ربما في هذا شيء من الصحة، لكن الإنجاز الذي حققه مخلوفي ليلة أول أمس، في لندن ليس لجيار ووزارته ولا للهيئات الرياضية الأخرى يد فيه. إنجاز مخلوفي إنجاز شخصي، جاء من عزيمة إنسان جزائري يشبه الآلاف من المحڤورين في المدن الداخلية، أولئك الذين لا يصلون إلا بشق الأنفس وبعناد وإصرار.

فللرياضة الجزائرية أيضا طبقات، طبقة المدللين الذين توفر لهم السلطات كل الإمكانيات وتختار لهم بعناية مراكز التربص في أجمل بلدان الدنيا، والآخرون الذين يعبرون الأشواك والعقبات ويصلون بمفردهم وبمجهودهم الشخصي، ومخلوفي واحد منهم. فليس من حق وزير الشباب والرياضة، وليس من حق أي مسؤول رياضي آخر أن يتفاخر بهذا الإنجاز. الشعب وحده من حقه أن يسعد بذهبية ابن سوق أهراس، لأن هذا البطل الذي يستحق بجدارة المعدن النفيس، جاء من العدم، جاء من آخر الدنيا، من مدينة لا تتصدر نشرات الأخبار لا في الاحتجاجات، ولا في الإنجازات، من هذه المدينة المنسية التي اسمها سوق أهراس، وما أكثرها مدننا المنسية!؟

ليس من حق السلطات أن تنسب هذا الفوز لها، وليس من حقها أن تتفاخر به أمام الآخرين، لأنه إنجاز شعبي محض؟!

فالسلطة التي مثلها أويحيى في لندن فشلت مع خسارة نخبتها المبجلة. وحده مخلوفي من أعاد الاعتبار للنشيد الوطني الذي اتهم بأنه عنصري من قبل صحيفة بريطانية. وحده من رفع العلم الوطني بين الأمم السعيدة هناك.

شكرا لمخلوفي الذي لا شك أنه زرع بذرة التحدي والاعتزاز بألوان العلم في نفوس الكثير من الأطفال والشباب الذين تابعوا سباقه وفوزه، وربما قال الكثيرون منهم إنهم سيكونون يوما ما مخلوفي آخر، مثلما قال هو وهو يتابع فوز مرسلي لما كان في الثامنة أنه سيكون مرسلي آخر؟!

فوز مخلوفي لا يجب أن ينسينا كم هي فاشلة السلطات الرياضية عندنا، هذه السلطات التي تكسر كل الإرادات الحسنة، وتحتضن آخرين باسم المحسوبية والمعرفة؟!

حدة حزام