- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين
الخميس 17 يوليو 2008, 16:57
نسبها وزواجها :
« هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وأمها قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وهي أخت عبد الله بن أبي بكر الصديق لأبيه وأمه، أسلمت قديما بمكة، وبايعت رسول الله..
تزوجها الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فولدت له عبد الله وعروة والمنذر وعاصما والمهاجر وخديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة » (1).
ذات النطاقين :
حظيت أسماء الصادقة بنت الصديق بنت أبي بكر، الذاكرة الصابرة الشاكرة، بفضل لم تحظَ به امرأة قبلها ولا بعدها ولا حتى الرجال، ألا وهو خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها الصديق في الغار في طريق الهجرة إلى المدينة النبوية.
قالت أسماء رضي الله عنها : "صنعت سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة قالت فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به فقلت لأبي بكر والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي قال فشقيه باثنين فاربطيه بواحد السقاء وبالآخر السفرة ففعلت فلذلك سميت ذات النطاقين" (2).
مناقبها رضي الله عنها :
قالت رضي الله عنها : "تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى فجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني" (3).
فلم تكن رضي الله عنها عبئاً على زوجها الزبير بما لها من مطالب دنيوية ورغبات ذاتية، لأنها لم تطلب الدنيا للمتعة، ولم تطلب من زوجها أن يكون لها لوحدها يحقق رغباتها، ويسعى لتوفير السعادة لها، بل هي التي كانت في خدمة زوجها تسعده وترضيه، وتقف وراءه وتحتسب ذلك بما كان أوقف ماله وحياته في سبيل الله، فهو على ثغر في خارج البيت، وهي على ثغر في داخل البيت، وهذه هي القسمة العادلة، وهكذا تكون الأسرة المسلمة.
و "كانت تحت الزبير بن العوام وكان شديدا عليها فأتت أباها فشكت ذلك إليه فقال يا بنية اصبري فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوج بعده جمع بينهما في الجنة" (4).
ومن مواقف جودها وكرمها مع الحرص على مال زوجها أنها "جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ليس في بيتي شيء إلا ما أدخل علي الزبير فهل علي جناح أن أرضخ مما أدخل علي، فقال ارضخي ما استطعت ولا توكي فيوكي الله عليك" (5).
و"الرضخ" العطية القليلة، و "لا توكي فيوكي الله عليك" أي : لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك. (6).
ومن صور برها لأمها -وهي مشركة- وصلة رحمها ما أخبرت به ابنها عبد الله بن الزبير قالت : "أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: أفأصلها، قال نعم، قال بن عيينة: فأنزل الله عز وجل فيها [لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ] [الممتحنة : 8] " (7).
وعن حرصها رضي الله عنها، وورعها حتى عند كبرها وهي ضريرة، على مراعاة الأحكام الشرعية فيما يشرع من لباس المرأة المسلمة، "أن المنذر بن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية وقوهية رقاق عتاق بعدما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أف ردوا عليه كسوته، قال: فشق ذلك عليه وقال: يا أمه إنه لا يشف، قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف" (8).
تربيتها لعبد الله وصبرها وجلدها لمقتله :
هاجرت أسماء رضي الله عنها من مكة إلى المدينة وهي في آخر مدة حملها بعبد الله ابن الزبير، وولد في السنة الأولى وهو أول مولود في الإسلام من المهاجرين بالمدينة، قالت رضي الله عنها "حملت بعبد الله بن الزبير فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام" (9).
قال أبو عمر: « لما بلغ ابن الزبير أن الحجاج يعيره بابن ذات النطاقين، أنشد قول الهذلي متمثلاً :
وعيرها الواشون أني أحبها***وتلك شكاة نازح عنك عارها
فإن أعتذر منها فإني مكذب***وإن تعتذر يردد عليك اعتذارها » (10).
وعن عروة ابن الزبير قال : "دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل عبد الله بعشر ليال، وأسماء وجعة فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت وجعة، قال: إني في الموت، فقالت: لعلك تشتهي موتي فلذلك تتمناه، فلا تفعل فوالله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك أو تقتل فاحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، فإياك أن تعرض عليك خطة فلا توافقك فتقبلها كراهية الموت، وإنما عنى بن الزبير ليقتل فيحزنها ذلك" (11).
ما أرسخ ثباتها وهي في أحلك المواقف يوم حوصر ابنها عبد الله في الحرم، وتقف وقفة المؤمنة المربية، لما أتاها عبد الله يستشير وقد خشي عليها الحزن بعد موته، فتنفره وتشجعه على الثبات على الحق، وتحذره من الإذعان كراهيةً للموت.
ولما قتل عبد الله ابن الزبير ، وتسمع أسماء النبأ، تحتسب الأم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة، العمياء البصيرة، وتذهب إلى ولدها المصلوب، وتقترب منه وهي لا ترى وتدعو له.
« قال يحيى بن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام فإذا هو مصلوب فجاءت أمه امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل، فقال لها الحجاج: المنافق فقالت: والله ما كان منافقاً ولكنه كان صواماً برّاً » (12).
وعن أبي نوفل قال: "رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة، قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم، أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير، ثم نفذ عبد الله بن عمر، فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني، قال: فقال أروني سبتي، فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها" (13).
فيا له من صبر، ويا له من ثبات، ويا لها من أم شامخة صبورة مؤمنة، لم تلطم خدّاً، ولا شقت جيباً ولا نُاحت، وإنما سلَّمت أمرها لله واحتسبت.
وفاتها رضي الله عنها :
توفيت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بيسير، ولم تلبث بعد إنزاله من الخشبة ودفنه إلا ليالي معدودات.
قال ابن سعد : « قالوا وماتت أسماء بنت أبي بكر الصديق بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال، وكان قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين » (14).
« هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وأمها قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وهي أخت عبد الله بن أبي بكر الصديق لأبيه وأمه، أسلمت قديما بمكة، وبايعت رسول الله..
تزوجها الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فولدت له عبد الله وعروة والمنذر وعاصما والمهاجر وخديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة » (1).
ذات النطاقين :
حظيت أسماء الصادقة بنت الصديق بنت أبي بكر، الذاكرة الصابرة الشاكرة، بفضل لم تحظَ به امرأة قبلها ولا بعدها ولا حتى الرجال، ألا وهو خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها الصديق في الغار في طريق الهجرة إلى المدينة النبوية.
قالت أسماء رضي الله عنها : "صنعت سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة قالت فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به فقلت لأبي بكر والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي قال فشقيه باثنين فاربطيه بواحد السقاء وبالآخر السفرة ففعلت فلذلك سميت ذات النطاقين" (2).
مناقبها رضي الله عنها :
قالت رضي الله عنها : "تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى فجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني" (3).
فلم تكن رضي الله عنها عبئاً على زوجها الزبير بما لها من مطالب دنيوية ورغبات ذاتية، لأنها لم تطلب الدنيا للمتعة، ولم تطلب من زوجها أن يكون لها لوحدها يحقق رغباتها، ويسعى لتوفير السعادة لها، بل هي التي كانت في خدمة زوجها تسعده وترضيه، وتقف وراءه وتحتسب ذلك بما كان أوقف ماله وحياته في سبيل الله، فهو على ثغر في خارج البيت، وهي على ثغر في داخل البيت، وهذه هي القسمة العادلة، وهكذا تكون الأسرة المسلمة.
و "كانت تحت الزبير بن العوام وكان شديدا عليها فأتت أباها فشكت ذلك إليه فقال يا بنية اصبري فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوج بعده جمع بينهما في الجنة" (4).
ومن مواقف جودها وكرمها مع الحرص على مال زوجها أنها "جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ليس في بيتي شيء إلا ما أدخل علي الزبير فهل علي جناح أن أرضخ مما أدخل علي، فقال ارضخي ما استطعت ولا توكي فيوكي الله عليك" (5).
و"الرضخ" العطية القليلة، و "لا توكي فيوكي الله عليك" أي : لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك. (6).
ومن صور برها لأمها -وهي مشركة- وصلة رحمها ما أخبرت به ابنها عبد الله بن الزبير قالت : "أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: أفأصلها، قال نعم، قال بن عيينة: فأنزل الله عز وجل فيها [لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ] [الممتحنة : 8] " (7).
وعن حرصها رضي الله عنها، وورعها حتى عند كبرها وهي ضريرة، على مراعاة الأحكام الشرعية فيما يشرع من لباس المرأة المسلمة، "أن المنذر بن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية وقوهية رقاق عتاق بعدما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أف ردوا عليه كسوته، قال: فشق ذلك عليه وقال: يا أمه إنه لا يشف، قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف" (8).
تربيتها لعبد الله وصبرها وجلدها لمقتله :
هاجرت أسماء رضي الله عنها من مكة إلى المدينة وهي في آخر مدة حملها بعبد الله ابن الزبير، وولد في السنة الأولى وهو أول مولود في الإسلام من المهاجرين بالمدينة، قالت رضي الله عنها "حملت بعبد الله بن الزبير فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام" (9).
قال أبو عمر: « لما بلغ ابن الزبير أن الحجاج يعيره بابن ذات النطاقين، أنشد قول الهذلي متمثلاً :
وعيرها الواشون أني أحبها***وتلك شكاة نازح عنك عارها
فإن أعتذر منها فإني مكذب***وإن تعتذر يردد عليك اعتذارها » (10).
وعن عروة ابن الزبير قال : "دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل عبد الله بعشر ليال، وأسماء وجعة فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت وجعة، قال: إني في الموت، فقالت: لعلك تشتهي موتي فلذلك تتمناه، فلا تفعل فوالله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك أو تقتل فاحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، فإياك أن تعرض عليك خطة فلا توافقك فتقبلها كراهية الموت، وإنما عنى بن الزبير ليقتل فيحزنها ذلك" (11).
ما أرسخ ثباتها وهي في أحلك المواقف يوم حوصر ابنها عبد الله في الحرم، وتقف وقفة المؤمنة المربية، لما أتاها عبد الله يستشير وقد خشي عليها الحزن بعد موته، فتنفره وتشجعه على الثبات على الحق، وتحذره من الإذعان كراهيةً للموت.
ولما قتل عبد الله ابن الزبير ، وتسمع أسماء النبأ، تحتسب الأم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة، العمياء البصيرة، وتذهب إلى ولدها المصلوب، وتقترب منه وهي لا ترى وتدعو له.
« قال يحيى بن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام فإذا هو مصلوب فجاءت أمه امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل، فقال لها الحجاج: المنافق فقالت: والله ما كان منافقاً ولكنه كان صواماً برّاً » (12).
وعن أبي نوفل قال: "رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة، قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم، أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير، ثم نفذ عبد الله بن عمر، فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني، قال: فقال أروني سبتي، فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها" (13).
فيا له من صبر، ويا له من ثبات، ويا لها من أم شامخة صبورة مؤمنة، لم تلطم خدّاً، ولا شقت جيباً ولا نُاحت، وإنما سلَّمت أمرها لله واحتسبت.
وفاتها رضي الله عنها :
توفيت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بيسير، ولم تلبث بعد إنزاله من الخشبة ودفنه إلا ليالي معدودات.
قال ابن سعد : « قالوا وماتت أسماء بنت أبي بكر الصديق بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال، وكان قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين » (14).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى