- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
تفسير سورة العصر
الخميس 17 يوليو 2008, 17:52
قال الله تعالى :
{ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .
" إن سورة العصر سورة عظيمة معجزة وجيزة في ألفاظها غزيرة في معانيها ، جامعة لأسباب السعادة بحذافيرها ومحذرة عن أسباب الشقاوة جميعها ، ولو أراد ابلغ الناس وأفصحهم أن يبين أسباب السعادة و أسباب الشقاوة لاحتاج إلى مجلدات وقد لا يصل إلى المطلوب لكنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله "(1) .
وإن هذه السورة قليلة المباني كثيرة المعاني ، جمعت خيري الدنيا والآخرة من عمل بها فاز ونجح ، ومن ترك العمل بها خاب وخسر . قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : " لو ما أنزل الله إلى هذه السورة حجة على خلقه لكفتهم " . وهي مقسومة بين العبد وربه فنصفها الأول : الإيمان والعمل الصالح وهذا لله من عبده ، ونصفها الثاني : التواصي بالحق والصبر عليه وهذا بين العبد وإخوانه وقد افتتح الله هذه السورة بالقسم وهذا دليل على أهميته وعظم الأمر المقسم عليه ، والله هو أصدق القائلين أقسم أو لم يقسم . ولكن الله يقسم من شاء ، وكيف شاء وبما شاء . فقد أقسم " بالضحى " ، و" الطور " ,و" النجم " , و " العاديات " وغير ذلك كثير .
هل يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله ؟!
بالطبع لا لعموم الأدلة من الكتاب والسنة التي تحذر وتنهى عن القسم بغير الله فقد جاء في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من حلف بغير الله فقد أشرك "(2) كما في " صحيح الجامع " ( 6204 ) . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لئن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً ، لأن من حلف بغير الله فقد أشرك " .
ما المقصود بالعصر ؟
ذهب أكثر المفسرين إلى أنه الدهر ، وقيل إِنه أقسم به لأن فيه عبرة للناظر ، ولأن فيه يصرف الله الأمور ويقدر فيه المقادير ويعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته فهو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين وزمن الشقاء للعاصين والمعرضين عن الله .
وذهب آخرون : إلى أنه وقت صلاة العصر ، وذهب بعضهم إلى أن معناه:
ورب العصر ، وقيل : أنه آخر ساعة من ساعات النهار ، وغير ذلك من أقوال ، وأولاها بالصواب القول الأول ، لأن الدهر هو رأس مال الإنسان ، فالساعة التي تنقضي من عمر الإنسان لا ترجع أبداً ، والإنسان يتمنى الرجوع إلى الدنيا ولكن هيهات ... { قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت قال : كلا إِنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } [ المؤمنون : 100 ] .
قال المسيح عليه السلام : إن الليل والنهار خزانتان فانظروا ماذا تضعون فيهما .
وعن الحسن البصري قال : اليوم ضيفك ، والضيف مرتحل يحمدك أو يذمك . فالمغبون من ضيع عمره من غير نفع ولا عمل صالح . قال صلى الله عليه وسلم : " كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " .
وظائف المسلم : تعلم القرآن والعلم النافع ، زيارة المسجد والمسجد النبوي وأداء العمرة ، صلة الأرحام ، تعلم المهن الشريفة ، الأسفار المباحة واللهو المباح ، الحذر من الفضائيات والإنترنت وأخذ النافع منها .
ما المقصود " بالإنسان " ؟
قيل : أراد به الكافر ، بدليل أنه استثنى المؤمنين ، وقيل : أنه أبو جهل
وقيل : أنه أسم جنس ، أي جنس الإنسان ، وهذا الأولى بالصواب ، فالناس كلهم في خسران إلا من جمع أربع خصال : أولاها : الإيمان ، ثانيها : العمل الصالح ، ثالثها : التواصي بالحق بالدعوة إليه ، رابعها : التواصي بالصبر والثبات عليه . وهذه الخصال الأربع اجتمعت في هذه السورة المباركة .
ما هو الإيمان ؟
الإيمان في اللغة هو التصديق قال تعالى : { وما أنت بمؤمن لنا } [ يوسف 17 ]
وعند أهل السنة والجماعة هو إقرار باللسان ، وتصديق بالجنان وعمل بالأركان .
إقرار باللسان : معناه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله المتضمنة لمعاني التوحيد الثلاثة وهي :
توحيد الربوبية : ومعناه توحيد الله بأفعاله كالخلق ، والرزق والإحياء والإماتة ، وهذا التوحيد أقر به المشركون لقوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } [ الزخرف : 87 ] .
توحيد الألوهية : ومعناه توحيد الله بأفعال العباد ( إفراد الله بالعبادة ) كالذبح والنذر والدعاء ، والاستعانة والإنابة وأدلة هذه العبادات جاءت في الكتاب والسنة باستفاضة .
توحيد الأسماء والصفات : ومعناه إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم لربه من صفات الكمال على وجه التنزيه عن مشابهة الخلق ( أي أن الله تعالى منزه عن أن يشبه خلقه ) ونفى ما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله لقوله تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [ الشورى : 11 ] .
تصديق بالجنان : أي تصديق بالقلب – عمل بالأركان : أي عمل بالجوارح . فالأعمال جزء لا يتجزأ من الإيمان ، والإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ، والإيمان والعلم الصالح قرناً جميعاً في كتاب الله ، قال تعالى : { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً } [ الأنفال : 2 ] .
وإِن العمل لا يكون صالحاً إلى إذا كان حسناً ولا يكون حسناً إلا إذا توفر فيه شرطان :
الأول : أن يكون خالصاً لوجه الله . الثاني : أن يكون موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا مصداق قوله تعالى :
{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } [ الكهف : 110 ] . فيلزم من ذلك الحرص على الاتباع والحذر من الابتداع ، والاتباع يكون بالعمل بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف هذه الأمة من الاعتقاد والعمل الصالح واتباع خير القرون الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية حيث قال : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "(1) ، وقوله : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحداث الأمور "(2) .. الخ .
أما الابتداع فهو التقرب إلى الله تعالى بأعمال لم تأت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولم يفعلها الصحابة شأن كثير من البدع التي أحدثها الناس في هذه الأزمان . ولذلك قال عليه السلام : " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار "(3) ، وقال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "(4) .
وتواصوا بالحـــــق :
الحق هو ضد الباطل ، فكل ما كان من عند الله فهو حق وكل ما خالف شرع الله فهو باطل قال تعالى : { وقل جاء الحق وزهق الباطل } [ الإسراء : 8 ] فالمقصود هو الدعوة إلى الله وتبليغ شرعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي وظيفة هذه الأمة دون الأمم .
قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } [ آل عمران : 110 ] وقد كانت مسؤولية الدعوة في الأمم السابقة منوطة بالأنبياء فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء كان لابد من استمرار الدعوة بعده لأنه لا نبي بعده يحمل مسؤولية الدعوة لأمته عامة ، فكان واجب الدعوة على العلماء والأمراء على وجه الخصوص لقوله تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } [ آل عمران : 104 ] ، وقوله : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [ التوبة : 122 ] ، والتواصي هو المشاركة الجماعية وليس من طرف واحد .
فالأب يوصي الأبناء والأم توصي أبناءَها ، والأستاذ يوصي التلاميذ ، والحاكم يوصي الرعية والمرأة توصي النساء والعالم يوصي العامة وهكذا كلهم يوصي بعضهم بعضاً بالإيمان والعمل الصالح ، وكل يدعو إلى الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب قدرته وطاقته .
وتواصوا بالصبر :
لما كان سبيل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعرة المسلك ومحفوفة بالأذى وليست محفوفة بالورود والرياحين لذا كان من واجب السائرين في سبيل الدعوة إلى الله الصبر عليها أسوة بالأنبياء والدعاة في سائر الأزمنة والأمكنة . قال علي بن أبي طالب : الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد ، وقال الإمام أحمد : وجدنا خير أمورنا بالصبر .
وقد تعرض الأنبياء لصنوف من العذاب والتنكيل والتشريد بدءاً بنوح عليه السلام وختاماً بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي عزاه بقوله : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] فضربوا لنا المثل الأعلى في صبرهم وثباتهم على الحق وتحمل الصعاب في سبيل الله وابتغاء مرضاته ولكي تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى وقد بين الله سبحانه جزاء الصابرين فقال : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ الزمر : 10 ] وقد تحمل أصحاب رسول الله صنوف العذاب في سبيل نشر الدعوة الإسلامية كخباب و بلال وأبي ذر وياسر وسمية وغيرهم ، وتاريخ السلف حافل بالتضحيات والصبر عليها فلولا صبرهم وجهادهم ما قام دين الله في الأرض ، فما نحن إلا حسنة من حسنات جهادهم ، فعلى دعاة الإسلام اليوم أن يجعلوا شعارهم الصبر والثبات فإن نصر الله قريب والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .
{ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .
" إن سورة العصر سورة عظيمة معجزة وجيزة في ألفاظها غزيرة في معانيها ، جامعة لأسباب السعادة بحذافيرها ومحذرة عن أسباب الشقاوة جميعها ، ولو أراد ابلغ الناس وأفصحهم أن يبين أسباب السعادة و أسباب الشقاوة لاحتاج إلى مجلدات وقد لا يصل إلى المطلوب لكنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله "(1) .
وإن هذه السورة قليلة المباني كثيرة المعاني ، جمعت خيري الدنيا والآخرة من عمل بها فاز ونجح ، ومن ترك العمل بها خاب وخسر . قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : " لو ما أنزل الله إلى هذه السورة حجة على خلقه لكفتهم " . وهي مقسومة بين العبد وربه فنصفها الأول : الإيمان والعمل الصالح وهذا لله من عبده ، ونصفها الثاني : التواصي بالحق والصبر عليه وهذا بين العبد وإخوانه وقد افتتح الله هذه السورة بالقسم وهذا دليل على أهميته وعظم الأمر المقسم عليه ، والله هو أصدق القائلين أقسم أو لم يقسم . ولكن الله يقسم من شاء ، وكيف شاء وبما شاء . فقد أقسم " بالضحى " ، و" الطور " ,و" النجم " , و " العاديات " وغير ذلك كثير .
هل يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله ؟!
بالطبع لا لعموم الأدلة من الكتاب والسنة التي تحذر وتنهى عن القسم بغير الله فقد جاء في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من حلف بغير الله فقد أشرك "(2) كما في " صحيح الجامع " ( 6204 ) . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لئن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً ، لأن من حلف بغير الله فقد أشرك " .
ما المقصود بالعصر ؟
ذهب أكثر المفسرين إلى أنه الدهر ، وقيل إِنه أقسم به لأن فيه عبرة للناظر ، ولأن فيه يصرف الله الأمور ويقدر فيه المقادير ويعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته فهو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين وزمن الشقاء للعاصين والمعرضين عن الله .
وذهب آخرون : إلى أنه وقت صلاة العصر ، وذهب بعضهم إلى أن معناه:
ورب العصر ، وقيل : أنه آخر ساعة من ساعات النهار ، وغير ذلك من أقوال ، وأولاها بالصواب القول الأول ، لأن الدهر هو رأس مال الإنسان ، فالساعة التي تنقضي من عمر الإنسان لا ترجع أبداً ، والإنسان يتمنى الرجوع إلى الدنيا ولكن هيهات ... { قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت قال : كلا إِنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } [ المؤمنون : 100 ] .
قال المسيح عليه السلام : إن الليل والنهار خزانتان فانظروا ماذا تضعون فيهما .
وعن الحسن البصري قال : اليوم ضيفك ، والضيف مرتحل يحمدك أو يذمك . فالمغبون من ضيع عمره من غير نفع ولا عمل صالح . قال صلى الله عليه وسلم : " كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " .
وظائف المسلم : تعلم القرآن والعلم النافع ، زيارة المسجد والمسجد النبوي وأداء العمرة ، صلة الأرحام ، تعلم المهن الشريفة ، الأسفار المباحة واللهو المباح ، الحذر من الفضائيات والإنترنت وأخذ النافع منها .
ما المقصود " بالإنسان " ؟
قيل : أراد به الكافر ، بدليل أنه استثنى المؤمنين ، وقيل : أنه أبو جهل
وقيل : أنه أسم جنس ، أي جنس الإنسان ، وهذا الأولى بالصواب ، فالناس كلهم في خسران إلا من جمع أربع خصال : أولاها : الإيمان ، ثانيها : العمل الصالح ، ثالثها : التواصي بالحق بالدعوة إليه ، رابعها : التواصي بالصبر والثبات عليه . وهذه الخصال الأربع اجتمعت في هذه السورة المباركة .
ما هو الإيمان ؟
الإيمان في اللغة هو التصديق قال تعالى : { وما أنت بمؤمن لنا } [ يوسف 17 ]
وعند أهل السنة والجماعة هو إقرار باللسان ، وتصديق بالجنان وعمل بالأركان .
إقرار باللسان : معناه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله المتضمنة لمعاني التوحيد الثلاثة وهي :
توحيد الربوبية : ومعناه توحيد الله بأفعاله كالخلق ، والرزق والإحياء والإماتة ، وهذا التوحيد أقر به المشركون لقوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } [ الزخرف : 87 ] .
توحيد الألوهية : ومعناه توحيد الله بأفعال العباد ( إفراد الله بالعبادة ) كالذبح والنذر والدعاء ، والاستعانة والإنابة وأدلة هذه العبادات جاءت في الكتاب والسنة باستفاضة .
توحيد الأسماء والصفات : ومعناه إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم لربه من صفات الكمال على وجه التنزيه عن مشابهة الخلق ( أي أن الله تعالى منزه عن أن يشبه خلقه ) ونفى ما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله لقوله تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [ الشورى : 11 ] .
تصديق بالجنان : أي تصديق بالقلب – عمل بالأركان : أي عمل بالجوارح . فالأعمال جزء لا يتجزأ من الإيمان ، والإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ، والإيمان والعلم الصالح قرناً جميعاً في كتاب الله ، قال تعالى : { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً } [ الأنفال : 2 ] .
وإِن العمل لا يكون صالحاً إلى إذا كان حسناً ولا يكون حسناً إلا إذا توفر فيه شرطان :
الأول : أن يكون خالصاً لوجه الله . الثاني : أن يكون موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا مصداق قوله تعالى :
{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } [ الكهف : 110 ] . فيلزم من ذلك الحرص على الاتباع والحذر من الابتداع ، والاتباع يكون بالعمل بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف هذه الأمة من الاعتقاد والعمل الصالح واتباع خير القرون الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية حيث قال : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "(1) ، وقوله : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحداث الأمور "(2) .. الخ .
أما الابتداع فهو التقرب إلى الله تعالى بأعمال لم تأت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولم يفعلها الصحابة شأن كثير من البدع التي أحدثها الناس في هذه الأزمان . ولذلك قال عليه السلام : " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار "(3) ، وقال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "(4) .
وتواصوا بالحـــــق :
الحق هو ضد الباطل ، فكل ما كان من عند الله فهو حق وكل ما خالف شرع الله فهو باطل قال تعالى : { وقل جاء الحق وزهق الباطل } [ الإسراء : 8 ] فالمقصود هو الدعوة إلى الله وتبليغ شرعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي وظيفة هذه الأمة دون الأمم .
قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } [ آل عمران : 110 ] وقد كانت مسؤولية الدعوة في الأمم السابقة منوطة بالأنبياء فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء كان لابد من استمرار الدعوة بعده لأنه لا نبي بعده يحمل مسؤولية الدعوة لأمته عامة ، فكان واجب الدعوة على العلماء والأمراء على وجه الخصوص لقوله تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } [ آل عمران : 104 ] ، وقوله : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [ التوبة : 122 ] ، والتواصي هو المشاركة الجماعية وليس من طرف واحد .
فالأب يوصي الأبناء والأم توصي أبناءَها ، والأستاذ يوصي التلاميذ ، والحاكم يوصي الرعية والمرأة توصي النساء والعالم يوصي العامة وهكذا كلهم يوصي بعضهم بعضاً بالإيمان والعمل الصالح ، وكل يدعو إلى الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب قدرته وطاقته .
وتواصوا بالصبر :
لما كان سبيل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعرة المسلك ومحفوفة بالأذى وليست محفوفة بالورود والرياحين لذا كان من واجب السائرين في سبيل الدعوة إلى الله الصبر عليها أسوة بالأنبياء والدعاة في سائر الأزمنة والأمكنة . قال علي بن أبي طالب : الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد ، وقال الإمام أحمد : وجدنا خير أمورنا بالصبر .
وقد تعرض الأنبياء لصنوف من العذاب والتنكيل والتشريد بدءاً بنوح عليه السلام وختاماً بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي عزاه بقوله : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] فضربوا لنا المثل الأعلى في صبرهم وثباتهم على الحق وتحمل الصعاب في سبيل الله وابتغاء مرضاته ولكي تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى وقد بين الله سبحانه جزاء الصابرين فقال : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ الزمر : 10 ] وقد تحمل أصحاب رسول الله صنوف العذاب في سبيل نشر الدعوة الإسلامية كخباب و بلال وأبي ذر وياسر وسمية وغيرهم ، وتاريخ السلف حافل بالتضحيات والصبر عليها فلولا صبرهم وجهادهم ما قام دين الله في الأرض ، فما نحن إلا حسنة من حسنات جهادهم ، فعلى دعاة الإسلام اليوم أن يجعلوا شعارهم الصبر والثبات فإن نصر الله قريب والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى