- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
وحش التلفزيون يفترس عالم الأطفال!!
الجمعة 18 يوليو 2008, 08:04
بسم الله الرحمن الرحيم
يشاهد طفل القرن الواحد والعشرين 200 ألف فعل عنف و16 ألف جريمة قتل على التلفزيون قبل بلوغه الثامنة عشرة، مع الإشارة إلى أن غالبية أعمال العنف في الأفلام الأميركية تمر من دون عقاب وتقدم بمظهر ترفيهي ومسلّ، هذا ما أظهرته أحدث الدراسات الأميركية في هذا الشأن.
ومن هذه الدراسات واحدة شملت أكثر من 700 عائلة، واستغرقت نحو 17 عاما في مراقبة هذه العينة. وقد اتضح أن للتلفزيون علاقة وثيقة بتعميم ثقافة العنف لدى الشباب، حيث أظهرت الأرقام أنه مع ارتفاع عدد الساعات، التي يخصصها الفرد للتلفزيون يرتفع ميله إلى العدوانية. ففي حين اقتصرت نسبة الذين ارتكبوا أعمالا عدائية على 5.7 في المائة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و22 سنة والذين دأبوا منذ طفولتهم على مشاهدة التلفزيون أقل من ساعة يوميا، ارتفعت النسبة نفسها إلى 22.5 في المائة لدى الذين يشاهدون التلفزيون بين ساعة وثلاث ساعات يوميا. أما الذين يتسمرون أكثر من 3 ساعات يوميا أمام الشاشة من الفئة نفسها فنسبة العنيفين منهم تصل إلى 28.8 في المائة.
لكن العدوانية ليست الأثر السلبي الوحيد الذي يلحقه التلفزيون بالأطفال والشباب، فقد توصلت الدراسات إلى أن الأطفال الذين يواظبون على التسمر أكثر من 4 ساعات يوميا أمام الشاشة هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالكسل والبدانة.
كما أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أوصت بضرورة تقنين الوقت المخصص للتلفزيون بعدما نجحت في الربط بين هذا الأمر ومشكلات العجز عن التركيز والانتباه لدى الأطفال الذين يمضون ساعتين يوميا أمام الشاشة.
لاستطلاع هذا الواقع من جوانبه المختلفة تحدثت "الشرق الأوسط" إلى كل من الخبيرة التربوية اللبنانية بولين الحاج والاختصاصية في علم النفس العيادي الدكتورة رندة شليطا، والاختصاصية اللبنانية في طب الأطفال الدكتورة حنان مصري، اللتين أجمعتا على ضرورة مراقبة الأهل عن كثب لأطفالهم عبر تحديد ساعات المشاهدة اليومية، على ألا تتعدى الساعة ونصف الساعة لمن هم أقل من 12 عاما وساعتين للمراهقين. كما شددتا على أهمية مراقبة نوعية البرامج التي يشاهدها الصغار لما لها من انعكاسات على سلوكهم فيما بعد.
وعن الاضطرابات في سلوك الأطفال، قالت بولين الحاج: «أنا لست ضد التلفزيون، إنما المشكلة أن هذا الجهاز بات الوسيلة شبه الوحيدة للترفيه. ونتيجة ذلك نشأت فجوة كبيرة بين ما تعمل الأنظمة التربوية على إرسائه في عقول التلامذة وبين ما يبثه التلفزيون من قيم وعادات سيئة دون مراعاة أي معايير بالنسبة إلى أوقات المشاهدة».
وانتقدت الحاج ما تبثه المحطات في فترات الظهيرة من أفلام أو برامج مخصصة للأطفال مليئة بمشاهد العنف. واعتبرت الأمر غير مبرر وغير مقبول إطلاقا. وأضافت: «العنف ينتشر في صفوف تلاميذ لا تتعدى أعمارهم أربع سنوات. فهم يحاولون تطبيق ما يرونه في البرامج على أصدقائهم، ذلك أن سنهم لا تسمح لهم بالتمييز بين ما هو واقعي وخيالي. مثلا، لا يفهم الطفل أنه إذا وجه لكمة قوية لصديقه على وجهه سيسبب له ضررا كبيرا، إنه ببساطة يعتقد أن أسنانه ستتساقط ثم تعود إلى مكانها بعد ثوان قليلة، كما يحصل في الرسوم المتحركة. كذلك يشاهد الطفل برامج يحق للبطل فيها اللجوء إلى العنف ليخلّص رفاقه من خطر محدق بهم، من دون أن يشعر بالذنب أو الخطأ لارتكابه أفعالا شنيعة. في المقابل، نحاول في المدرسة تعليم الطفل اعتماد الحوار طريقة للتفاهم مع الآخر.
فإذا أردنا الوصول إلى مجتمعات سليمة لا يسارع شبابها إلى حمل السلاح، علينا البدء بإعادة النظر في طرق تربيتهم».
وأوضحت أيضا: «إن معدلات تركيز هذا الجيل أقل بكثير من الجيل الذي سبقه بعشرة أعوام. إنه جيل لا ينجح في دروسه ولا يتمتع بالحد الأدنى من الإحساس بالمسؤولية».
وبالنسبة للمراهقين، تقول: «حين يصل الطفل إلى المراهقة يصبح عدائيا، لا يجيد الحوار، ينفعل بسرعة لأنه لم يعتد على التعبير عن مشاعره، بل اعتاد على الانزواء والوحدة. كذلك تتشكل لديه ثقافة مشوهة عن الحب والجنس وبعض الأطفال ينحرفون لاحقا ويسلكون طرقا خاطئة بفعل الاعتماد على التلفزيون مصدرا أساسيا لتكوين معرفتهم».
وتتساءل مستغربة: «إذا كان الأهل يرفضون تدخل الأقارب في تربية أطفالهم، فكيف يقبلون أن يتولى التلفزيون عملية التربية ببث قيم خاطئة ومشوهة؟ على الأهل أن يمضوا بعض الوقت مع أطفالهم ومشاهدة البرامج معهم ومناقشتها وتوضيح أن ما يحصل في عدد من المشاهد هو خيالي ولا يمت إلى الواقع بصلة».
وعن التأثير النفسي خلال مراحل النمو المختلفة، تقول الدكتورة رندة شليطا: «إن خطورة التلفزيون تكمن في سرعة الصور التي يبثها وفوضى الألوان والضوضاء. فهي تتغلغل في الدماغ أكثر وأسرع بكثير من مائة محاضرة، ذلك أنها تجعل من مشاهدها متلقيا سلبيا لا متفاعلا، كما لا تتطلب منه أي تركيز. فحين يشاهد الطفل برنامجا يكون مأخوذا كليا بشكل لا يجيب حتى وإن نادته والدته أكثر من 10 مرات».
واعتبرت أن «استيراد الدول العربية برامج غربية للأطفال، يقضي على التعددية لأننا نرى نموذجا واحدا أينما ذهبنا وهذا يضعف مخيلة الطفل»، وتضيف: «يجب أن يحاط الطفل من سنتين أو ثلاث إلى خمس أو ست بالأمان وأن يعلم أن والديه لن يتخليا عنه». ونصحت بأن مشاهدة أفلام مخيفة أو عنيفة في هذه السن من شأنها أن تبعث على الخوف والقلق وعدم الأمان، كذلك الأمر بالنسبة للأعمال المبالغ في مثاليتها والتي تؤدي هي الأخرى إلى إرساء مفاهيم خاطئة.
ابتداء من سن السابعة يبدأ الطفل باكتساب القيم والحس الجمالي والشعور بالمسؤولية والتمييز بين الخطأ والصواب، وما إن يبلغ سن المراهقة، حتى تظهر عملية التماهي التي تتم بشكل غير واع، وبعد تخزين صور ومشاهد من التلفزيون والواقع يبدأ بتقليد شخصيات معينة.. وبكل أسف تردنا حالات كثيرة في صفوف المراهقين الذين لا يقوون على التمييز بين ما يضرهم وما هو لصالحهم».
وتتابع: «الكثير منهم يلحقون الأذى بأنفسهم ليس فقط عبر الإفراط في ثقب أجسامهم وطبع الأوشام، وإنما عبر الانحراف كتعاطي المخدرات، وجرح أنفسهم بآلات حادة عند مواجهة مشكلة ما. طبعا لا نحمل كل المسؤولية للتلفزيون ولكنه ينقل نماذج وصوراً ليست صالحة للتماثل بها، خصوصا بعدما دخلنا عصر الفضائيات التي لا تحترم القواعد الأخلاقية البسيطة بالنسبة للأوقات المناسبة للبث.
لكن الصورة ليست كلها قاتمة، فهناك برامج تعلّم الأهل تربية أولادهم واستيعابهم، وبرامج أخرى تعلّم حسن التصرف وحسن اختيار الملابس. فيا ليتنا ننتهج هذه الأساليب بدلا من اعتماد تلفزيون الواقع الذي يعمم السطحية والغباء».
وتشير الدكتورة رندة شليطا إلى خطأ أن يجهز الآباء غرفة الأطفال بجهاز خاص «لأنه يشجع على عزلهم، فتضعف قدراتهم على التفاعل مع الآخرين. فأحيانا من المفيد أن يتشاجر الأخ مع أخته حول ما سيشاهدان فهذا يساعدهما على تكوين شخصيتهما. كل ما أطلبه من الأمهات عدم اعتبار التلفزيون بمثابة حاضنة للأطفال ريثما ينهون واجباتهم المنزلية، لا سيما حين يكون الطفل رضيعا، ففي هذه السن يكفي أن يلعب بلعبة صغيرة أو ينظر إلى حائط الغرفة الملوّن».
بدورها حذرت الدكتورة حنان مصري من خطورة «التسمر طويلا أمام الشاشة والابتعاد عن ممارسة الرياضة، لأن الطفل يعتاد بذلك على الخمول وتضعف عضلاته وتتراكم الدهون في الأماكن التي تفتقد الحركة. كما أن الجلوس بوضعية غير سليمة قد يؤدي إلى التواءات في العمود الفقري».
وأشارت إلى أن «الجوع الذي يتولد عند المكوث طويلاً لمشاهدة البرامج المسلية، المرعبة أو العنيفة، يشجع الأطفال على سده بما هو سهل المضغ وسهل التحضير. فأفضل ما يحصلون عليه هو السكاكر والبطاطا والأطعمة الجاهزة المليئة بالنشويات والدهنيات، فضلا عن المشروبات الغازية التي يؤدي الإكثار منها إلى السمنة المفرطة».
وعن الأمراض التي تنجم عن السمنة التي تصيب حالياً عدداً كبيراً من أطفالنا، قالت: «إنها تزيد احتمالات الإصابة بالسكري في سن مبكرة. كما قد تؤدي إلى اضطرابات مبكرة في القلب والضغط والشرايين. ناهيك عن اضطرابات النظر، واضطرابات السلوك والتصرف غير المدروس». ولفتت الانتباه إلى أن «النوم قرب التلفاز هو نوم سببه الإرهاق وليس الحاجة إلى النوم، وبالتالي عند الاستيقاظ صباحاً يكون الدماغ مرهقاً وغير قادر على التركيز في المدرسة. حض الصغار على ممارسة الرياضة ومراقبة ما يشاهدون عن كثب وتوجيههم إلى البرامج المفيدة والمدة المسموح بتمضيتها أمام الشاشة، من واجب الآباء، حتى لا يشاهدوا برامج عنف يعمدوا إلى تقليدها».
يشاهد طفل القرن الواحد والعشرين 200 ألف فعل عنف و16 ألف جريمة قتل على التلفزيون قبل بلوغه الثامنة عشرة، مع الإشارة إلى أن غالبية أعمال العنف في الأفلام الأميركية تمر من دون عقاب وتقدم بمظهر ترفيهي ومسلّ، هذا ما أظهرته أحدث الدراسات الأميركية في هذا الشأن.
ومن هذه الدراسات واحدة شملت أكثر من 700 عائلة، واستغرقت نحو 17 عاما في مراقبة هذه العينة. وقد اتضح أن للتلفزيون علاقة وثيقة بتعميم ثقافة العنف لدى الشباب، حيث أظهرت الأرقام أنه مع ارتفاع عدد الساعات، التي يخصصها الفرد للتلفزيون يرتفع ميله إلى العدوانية. ففي حين اقتصرت نسبة الذين ارتكبوا أعمالا عدائية على 5.7 في المائة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و22 سنة والذين دأبوا منذ طفولتهم على مشاهدة التلفزيون أقل من ساعة يوميا، ارتفعت النسبة نفسها إلى 22.5 في المائة لدى الذين يشاهدون التلفزيون بين ساعة وثلاث ساعات يوميا. أما الذين يتسمرون أكثر من 3 ساعات يوميا أمام الشاشة من الفئة نفسها فنسبة العنيفين منهم تصل إلى 28.8 في المائة.
لكن العدوانية ليست الأثر السلبي الوحيد الذي يلحقه التلفزيون بالأطفال والشباب، فقد توصلت الدراسات إلى أن الأطفال الذين يواظبون على التسمر أكثر من 4 ساعات يوميا أمام الشاشة هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالكسل والبدانة.
كما أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أوصت بضرورة تقنين الوقت المخصص للتلفزيون بعدما نجحت في الربط بين هذا الأمر ومشكلات العجز عن التركيز والانتباه لدى الأطفال الذين يمضون ساعتين يوميا أمام الشاشة.
لاستطلاع هذا الواقع من جوانبه المختلفة تحدثت "الشرق الأوسط" إلى كل من الخبيرة التربوية اللبنانية بولين الحاج والاختصاصية في علم النفس العيادي الدكتورة رندة شليطا، والاختصاصية اللبنانية في طب الأطفال الدكتورة حنان مصري، اللتين أجمعتا على ضرورة مراقبة الأهل عن كثب لأطفالهم عبر تحديد ساعات المشاهدة اليومية، على ألا تتعدى الساعة ونصف الساعة لمن هم أقل من 12 عاما وساعتين للمراهقين. كما شددتا على أهمية مراقبة نوعية البرامج التي يشاهدها الصغار لما لها من انعكاسات على سلوكهم فيما بعد.
وعن الاضطرابات في سلوك الأطفال، قالت بولين الحاج: «أنا لست ضد التلفزيون، إنما المشكلة أن هذا الجهاز بات الوسيلة شبه الوحيدة للترفيه. ونتيجة ذلك نشأت فجوة كبيرة بين ما تعمل الأنظمة التربوية على إرسائه في عقول التلامذة وبين ما يبثه التلفزيون من قيم وعادات سيئة دون مراعاة أي معايير بالنسبة إلى أوقات المشاهدة».
وانتقدت الحاج ما تبثه المحطات في فترات الظهيرة من أفلام أو برامج مخصصة للأطفال مليئة بمشاهد العنف. واعتبرت الأمر غير مبرر وغير مقبول إطلاقا. وأضافت: «العنف ينتشر في صفوف تلاميذ لا تتعدى أعمارهم أربع سنوات. فهم يحاولون تطبيق ما يرونه في البرامج على أصدقائهم، ذلك أن سنهم لا تسمح لهم بالتمييز بين ما هو واقعي وخيالي. مثلا، لا يفهم الطفل أنه إذا وجه لكمة قوية لصديقه على وجهه سيسبب له ضررا كبيرا، إنه ببساطة يعتقد أن أسنانه ستتساقط ثم تعود إلى مكانها بعد ثوان قليلة، كما يحصل في الرسوم المتحركة. كذلك يشاهد الطفل برامج يحق للبطل فيها اللجوء إلى العنف ليخلّص رفاقه من خطر محدق بهم، من دون أن يشعر بالذنب أو الخطأ لارتكابه أفعالا شنيعة. في المقابل، نحاول في المدرسة تعليم الطفل اعتماد الحوار طريقة للتفاهم مع الآخر.
فإذا أردنا الوصول إلى مجتمعات سليمة لا يسارع شبابها إلى حمل السلاح، علينا البدء بإعادة النظر في طرق تربيتهم».
وأوضحت أيضا: «إن معدلات تركيز هذا الجيل أقل بكثير من الجيل الذي سبقه بعشرة أعوام. إنه جيل لا ينجح في دروسه ولا يتمتع بالحد الأدنى من الإحساس بالمسؤولية».
وبالنسبة للمراهقين، تقول: «حين يصل الطفل إلى المراهقة يصبح عدائيا، لا يجيد الحوار، ينفعل بسرعة لأنه لم يعتد على التعبير عن مشاعره، بل اعتاد على الانزواء والوحدة. كذلك تتشكل لديه ثقافة مشوهة عن الحب والجنس وبعض الأطفال ينحرفون لاحقا ويسلكون طرقا خاطئة بفعل الاعتماد على التلفزيون مصدرا أساسيا لتكوين معرفتهم».
وتتساءل مستغربة: «إذا كان الأهل يرفضون تدخل الأقارب في تربية أطفالهم، فكيف يقبلون أن يتولى التلفزيون عملية التربية ببث قيم خاطئة ومشوهة؟ على الأهل أن يمضوا بعض الوقت مع أطفالهم ومشاهدة البرامج معهم ومناقشتها وتوضيح أن ما يحصل في عدد من المشاهد هو خيالي ولا يمت إلى الواقع بصلة».
وعن التأثير النفسي خلال مراحل النمو المختلفة، تقول الدكتورة رندة شليطا: «إن خطورة التلفزيون تكمن في سرعة الصور التي يبثها وفوضى الألوان والضوضاء. فهي تتغلغل في الدماغ أكثر وأسرع بكثير من مائة محاضرة، ذلك أنها تجعل من مشاهدها متلقيا سلبيا لا متفاعلا، كما لا تتطلب منه أي تركيز. فحين يشاهد الطفل برنامجا يكون مأخوذا كليا بشكل لا يجيب حتى وإن نادته والدته أكثر من 10 مرات».
واعتبرت أن «استيراد الدول العربية برامج غربية للأطفال، يقضي على التعددية لأننا نرى نموذجا واحدا أينما ذهبنا وهذا يضعف مخيلة الطفل»، وتضيف: «يجب أن يحاط الطفل من سنتين أو ثلاث إلى خمس أو ست بالأمان وأن يعلم أن والديه لن يتخليا عنه». ونصحت بأن مشاهدة أفلام مخيفة أو عنيفة في هذه السن من شأنها أن تبعث على الخوف والقلق وعدم الأمان، كذلك الأمر بالنسبة للأعمال المبالغ في مثاليتها والتي تؤدي هي الأخرى إلى إرساء مفاهيم خاطئة.
ابتداء من سن السابعة يبدأ الطفل باكتساب القيم والحس الجمالي والشعور بالمسؤولية والتمييز بين الخطأ والصواب، وما إن يبلغ سن المراهقة، حتى تظهر عملية التماهي التي تتم بشكل غير واع، وبعد تخزين صور ومشاهد من التلفزيون والواقع يبدأ بتقليد شخصيات معينة.. وبكل أسف تردنا حالات كثيرة في صفوف المراهقين الذين لا يقوون على التمييز بين ما يضرهم وما هو لصالحهم».
وتتابع: «الكثير منهم يلحقون الأذى بأنفسهم ليس فقط عبر الإفراط في ثقب أجسامهم وطبع الأوشام، وإنما عبر الانحراف كتعاطي المخدرات، وجرح أنفسهم بآلات حادة عند مواجهة مشكلة ما. طبعا لا نحمل كل المسؤولية للتلفزيون ولكنه ينقل نماذج وصوراً ليست صالحة للتماثل بها، خصوصا بعدما دخلنا عصر الفضائيات التي لا تحترم القواعد الأخلاقية البسيطة بالنسبة للأوقات المناسبة للبث.
لكن الصورة ليست كلها قاتمة، فهناك برامج تعلّم الأهل تربية أولادهم واستيعابهم، وبرامج أخرى تعلّم حسن التصرف وحسن اختيار الملابس. فيا ليتنا ننتهج هذه الأساليب بدلا من اعتماد تلفزيون الواقع الذي يعمم السطحية والغباء».
وتشير الدكتورة رندة شليطا إلى خطأ أن يجهز الآباء غرفة الأطفال بجهاز خاص «لأنه يشجع على عزلهم، فتضعف قدراتهم على التفاعل مع الآخرين. فأحيانا من المفيد أن يتشاجر الأخ مع أخته حول ما سيشاهدان فهذا يساعدهما على تكوين شخصيتهما. كل ما أطلبه من الأمهات عدم اعتبار التلفزيون بمثابة حاضنة للأطفال ريثما ينهون واجباتهم المنزلية، لا سيما حين يكون الطفل رضيعا، ففي هذه السن يكفي أن يلعب بلعبة صغيرة أو ينظر إلى حائط الغرفة الملوّن».
بدورها حذرت الدكتورة حنان مصري من خطورة «التسمر طويلا أمام الشاشة والابتعاد عن ممارسة الرياضة، لأن الطفل يعتاد بذلك على الخمول وتضعف عضلاته وتتراكم الدهون في الأماكن التي تفتقد الحركة. كما أن الجلوس بوضعية غير سليمة قد يؤدي إلى التواءات في العمود الفقري».
وأشارت إلى أن «الجوع الذي يتولد عند المكوث طويلاً لمشاهدة البرامج المسلية، المرعبة أو العنيفة، يشجع الأطفال على سده بما هو سهل المضغ وسهل التحضير. فأفضل ما يحصلون عليه هو السكاكر والبطاطا والأطعمة الجاهزة المليئة بالنشويات والدهنيات، فضلا عن المشروبات الغازية التي يؤدي الإكثار منها إلى السمنة المفرطة».
وعن الأمراض التي تنجم عن السمنة التي تصيب حالياً عدداً كبيراً من أطفالنا، قالت: «إنها تزيد احتمالات الإصابة بالسكري في سن مبكرة. كما قد تؤدي إلى اضطرابات مبكرة في القلب والضغط والشرايين. ناهيك عن اضطرابات النظر، واضطرابات السلوك والتصرف غير المدروس». ولفتت الانتباه إلى أن «النوم قرب التلفاز هو نوم سببه الإرهاق وليس الحاجة إلى النوم، وبالتالي عند الاستيقاظ صباحاً يكون الدماغ مرهقاً وغير قادر على التركيز في المدرسة. حض الصغار على ممارسة الرياضة ومراقبة ما يشاهدون عن كثب وتوجيههم إلى البرامج المفيدة والمدة المسموح بتمضيتها أمام الشاشة، من واجب الآباء، حتى لا يشاهدوا برامج عنف يعمدوا إلى تقليدها».
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى