- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
النظام في حياة الطفل
الجمعة 18 يوليو 2008, 08:48
لقد أقام الله تعالى الحكيم العليم ، هذه الحياة على نظام دقيق ، وسنن لا تبديل لها ولا تغيير ، وقانون للأسباب والمسبّبات بديع ، وكلّ ذلك يشهد بعظمة الخالق المبدع ، وعظيم أسمائه وصفاته ، وإحكام صنعه ، وقدرته التي أحاطت بكلّ شيء ..
وإذ كان الإنسان محكوماً في حياته كلّها بهذا النظام وسننه وقوانينه فلابدّ له أن يربّى منذ نعومة أظفاره على النظام في حياته ، ويُنشّأ على حبّ النظام واحترامه ، ويطبّع على التعامل معه بكلّ إيجابيّة بنّاءة ، وشعور واعٍ بالمسئوليّة . والإسلام هو الدين الذي اختاره الله للإنسانيّة هو دين النظام ، والتربية على الإسلام عقيدة وعبادة ، وأخلاقاً وتشريعاً هي تربية على النظام بأوسع مفاهيمه ومعانيه .. فالطفل عندما يبلغ السابعة من عمره ، فيؤمر بالصلاة ، ويعوّد على الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وصحبة أبيه إلى المسجد في كلّ صلاة ، لابدّ أن تنطبع حياته على صورة من النظام الدقيق :
من النوم المبكّر ، والحرص على أداء الأعمال في أوقاتها ، والالتزام بالواجبات بدون إخلال أو تفريط ، وانضباط حياته كلّها ، بطريقة جميلة متميّزة .. ومن أقوال حجّة الإسلام الإمام الغزاليّ رحمه الله في بعض كتبه : "من لم ينظّم حياته خسر دنياه وآخرته .." وهي كلمة حقّ جامعة ، تدلّ على عميق فهمه لدين الله ، ووعيه لنظام الله في كونه ونواميس خلقه وتقديره . وينبغي أن تبيّن للطفل الحكمة من أيّ نظام يدعى إلى التزامه والتقيّد به بما يناسب سنّه وعقله ، لينبع النظام من نفسه ، ويلتزم به عن اقتناع ورضا ، لأنّ الإنسان يأبى بفطرته الالتزام بحدود وقيود إذا لم يفهم حكمتها ، إلاّ إذا نبعت من ذاته ، وأيّدها اقتناعه ، فعندئذ يلتزم بالنظام ويتحمّس له ، في خلوته وجلوته ، وسرّه وعلانيته .. وإنّ تتبّع حياة كثير من الناس وسلوكهم يقودنا إلى حقيقة مريرة ، لا يكاد يماري فيها أيّ عاقل ، وهي أنّ حياتنا الاجتماعيّة ينقصها كثير من التربية على النظام : حبّاً به ، وفهماً له والتزاماً ..
ويعود ذلك إلى عقبات كثيرة ، لابدّ لنا أن نشير إلى أهمّها :
1ً ـ فمن العقبات في طريق التربية على النظام : رؤية الناشئ لكثير من التجاوزات فيمن حوله ، من الأقارب والأباعد ، والأصدقاء والأصحاب .. فالشيطان عندئذ وهوى النفس يضخّمان له تلك التجاوزات ، ويسوّلان له : أنّ الناس جميعاً كذلك ، فلماذا يلتزم بالنظام وحده .؟ ولماذا لا يكون مثلهم .؟ وينبغي على الوالدين أن يغرسا في نفسه ويقنعاه : أنّ ذلك خطأ ومرفوض ، ولو صدر من أيّ إنسان ، أو فعله كثير من الناس .
2ً ـ ومن العقبات في طريق التربية على النظام : ألاّ يكون أحد الوالدين أسوة حسنة للناشئ في ذلك ، فيسمع الناشئ من والده الحثّ على احترام النظام ، ويراه يستهين به ولا يحترمه ، ولا يلتزم به في مواقفه ، فيتجاوز إشارة المرور مثلاً ، أو لا يتقيّد بالدور في تقديم معاملاته ، ويعدّ ذلك من ذكائه وحنكته .. وقد يدعو الوالد ولده إلى أن ينظّم حياته ، ويستفيد من وقته ، ويراه يضيّع أوقاته سدىً ، والفوضى ضاربة الأطناب في كلّ جانب من حياته .. فكيف لكما أيّها الوالدان أن تربّيا ولدكما على النظام ، وأنتما بعيدان عنه ، مستهتران به .؟ إنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، وكلّ إناء لا ينضح إلاّ بما فيه ..
3ً ـ ومن العقبات في طريق التربية على النظام : الخوف الزائد على الطفل ، والدلال في غير محلّه الصحيح ، ممّا ينشّئ الطفل تنشئة مختلّة رخوة ، يبلغ سنّ الرجال وهو يحمل روح الطفولة ، التي لا تنفكّ عن الحاجة إلى وجود أحد الوالدين بجواره في كلّ شأن .. وربّما كانت تلك التربية الرخوة سبباً في فشله الاجتماعيّ أو الدراسيّ ، وضياع مستقبله .. ـ ثمّ إنّ للتربية على النظام ثمرات كثيرة ، وبركات عديدة ، لو عقلها الإنسان لحرص على الأخذ بالنظام في خاصّة حياته ، وتربية أولاده عليه بغير تقصير أو هوادة .
1ً ـ فمن ثمرات التربية على النظام : اغتنام الوقت وكسبه ، إذ إنّ الإنسان المنظّم لحياته يضع كلّ شيء في موضعه ، فيسهل عليه رؤيته متى شاء ، والوصول إليه بدون أيّ عناء .. كما أنّ التربية على النظام تجعل الإنسان ينجز العمل الكثير في الوقت القليل ، فتكون أوقاته عامرة مستثمَرة مُثمِرة .. وقد جاء في الحديث الصحيح عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : { نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحّةُ والفَرَاغُ } (1) . ولا شيء يقتل فراغ الإنسان مثلُ الفوضى التي تجعل الإنسان كالضائع في هذه الحياة ..
2ً ـ ومن ثمرات التربية على النظام : أنّ التربية على النظام في حياة الإنسان وسلوكه تنعكس على فكره وعقله ، فتكون طريقة تفكيره سليمة ، ومعالجته للأمور حكيمة .
3ً ـ ومن ثمرات التربية على النظام : تحقيق النموّ السويّ للطفل ، والتعوّد على تحمّل مسئوليّته بنفسه ، وألاّ يكون كلاًّ أو عالة على أحد والديه ، أو الخدم .. نسأل الله تعالى أن يعيننا على ما كلّفنا من العمل ، وأن يرزقنا الإخلاص ويحفظنا من الزلل ، إنّه غاية المأمول وأكرم مسئول . وصلّى الله على عبده ونَبيّه سيّدنا محمّد ، وعَلى آله وصحبه وسَلّم ، والحمد لله ربّ العالمين .
ـــــــــــــــ
1 ـ رواه البخاريّ في صحيحه
وإذ كان الإنسان محكوماً في حياته كلّها بهذا النظام وسننه وقوانينه فلابدّ له أن يربّى منذ نعومة أظفاره على النظام في حياته ، ويُنشّأ على حبّ النظام واحترامه ، ويطبّع على التعامل معه بكلّ إيجابيّة بنّاءة ، وشعور واعٍ بالمسئوليّة . والإسلام هو الدين الذي اختاره الله للإنسانيّة هو دين النظام ، والتربية على الإسلام عقيدة وعبادة ، وأخلاقاً وتشريعاً هي تربية على النظام بأوسع مفاهيمه ومعانيه .. فالطفل عندما يبلغ السابعة من عمره ، فيؤمر بالصلاة ، ويعوّد على الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وصحبة أبيه إلى المسجد في كلّ صلاة ، لابدّ أن تنطبع حياته على صورة من النظام الدقيق :
من النوم المبكّر ، والحرص على أداء الأعمال في أوقاتها ، والالتزام بالواجبات بدون إخلال أو تفريط ، وانضباط حياته كلّها ، بطريقة جميلة متميّزة .. ومن أقوال حجّة الإسلام الإمام الغزاليّ رحمه الله في بعض كتبه : "من لم ينظّم حياته خسر دنياه وآخرته .." وهي كلمة حقّ جامعة ، تدلّ على عميق فهمه لدين الله ، ووعيه لنظام الله في كونه ونواميس خلقه وتقديره . وينبغي أن تبيّن للطفل الحكمة من أيّ نظام يدعى إلى التزامه والتقيّد به بما يناسب سنّه وعقله ، لينبع النظام من نفسه ، ويلتزم به عن اقتناع ورضا ، لأنّ الإنسان يأبى بفطرته الالتزام بحدود وقيود إذا لم يفهم حكمتها ، إلاّ إذا نبعت من ذاته ، وأيّدها اقتناعه ، فعندئذ يلتزم بالنظام ويتحمّس له ، في خلوته وجلوته ، وسرّه وعلانيته .. وإنّ تتبّع حياة كثير من الناس وسلوكهم يقودنا إلى حقيقة مريرة ، لا يكاد يماري فيها أيّ عاقل ، وهي أنّ حياتنا الاجتماعيّة ينقصها كثير من التربية على النظام : حبّاً به ، وفهماً له والتزاماً ..
ويعود ذلك إلى عقبات كثيرة ، لابدّ لنا أن نشير إلى أهمّها :
1ً ـ فمن العقبات في طريق التربية على النظام : رؤية الناشئ لكثير من التجاوزات فيمن حوله ، من الأقارب والأباعد ، والأصدقاء والأصحاب .. فالشيطان عندئذ وهوى النفس يضخّمان له تلك التجاوزات ، ويسوّلان له : أنّ الناس جميعاً كذلك ، فلماذا يلتزم بالنظام وحده .؟ ولماذا لا يكون مثلهم .؟ وينبغي على الوالدين أن يغرسا في نفسه ويقنعاه : أنّ ذلك خطأ ومرفوض ، ولو صدر من أيّ إنسان ، أو فعله كثير من الناس .
2ً ـ ومن العقبات في طريق التربية على النظام : ألاّ يكون أحد الوالدين أسوة حسنة للناشئ في ذلك ، فيسمع الناشئ من والده الحثّ على احترام النظام ، ويراه يستهين به ولا يحترمه ، ولا يلتزم به في مواقفه ، فيتجاوز إشارة المرور مثلاً ، أو لا يتقيّد بالدور في تقديم معاملاته ، ويعدّ ذلك من ذكائه وحنكته .. وقد يدعو الوالد ولده إلى أن ينظّم حياته ، ويستفيد من وقته ، ويراه يضيّع أوقاته سدىً ، والفوضى ضاربة الأطناب في كلّ جانب من حياته .. فكيف لكما أيّها الوالدان أن تربّيا ولدكما على النظام ، وأنتما بعيدان عنه ، مستهتران به .؟ إنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، وكلّ إناء لا ينضح إلاّ بما فيه ..
3ً ـ ومن العقبات في طريق التربية على النظام : الخوف الزائد على الطفل ، والدلال في غير محلّه الصحيح ، ممّا ينشّئ الطفل تنشئة مختلّة رخوة ، يبلغ سنّ الرجال وهو يحمل روح الطفولة ، التي لا تنفكّ عن الحاجة إلى وجود أحد الوالدين بجواره في كلّ شأن .. وربّما كانت تلك التربية الرخوة سبباً في فشله الاجتماعيّ أو الدراسيّ ، وضياع مستقبله .. ـ ثمّ إنّ للتربية على النظام ثمرات كثيرة ، وبركات عديدة ، لو عقلها الإنسان لحرص على الأخذ بالنظام في خاصّة حياته ، وتربية أولاده عليه بغير تقصير أو هوادة .
1ً ـ فمن ثمرات التربية على النظام : اغتنام الوقت وكسبه ، إذ إنّ الإنسان المنظّم لحياته يضع كلّ شيء في موضعه ، فيسهل عليه رؤيته متى شاء ، والوصول إليه بدون أيّ عناء .. كما أنّ التربية على النظام تجعل الإنسان ينجز العمل الكثير في الوقت القليل ، فتكون أوقاته عامرة مستثمَرة مُثمِرة .. وقد جاء في الحديث الصحيح عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : { نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحّةُ والفَرَاغُ } (1) . ولا شيء يقتل فراغ الإنسان مثلُ الفوضى التي تجعل الإنسان كالضائع في هذه الحياة ..
2ً ـ ومن ثمرات التربية على النظام : أنّ التربية على النظام في حياة الإنسان وسلوكه تنعكس على فكره وعقله ، فتكون طريقة تفكيره سليمة ، ومعالجته للأمور حكيمة .
3ً ـ ومن ثمرات التربية على النظام : تحقيق النموّ السويّ للطفل ، والتعوّد على تحمّل مسئوليّته بنفسه ، وألاّ يكون كلاًّ أو عالة على أحد والديه ، أو الخدم .. نسأل الله تعالى أن يعيننا على ما كلّفنا من العمل ، وأن يرزقنا الإخلاص ويحفظنا من الزلل ، إنّه غاية المأمول وأكرم مسئول . وصلّى الله على عبده ونَبيّه سيّدنا محمّد ، وعَلى آله وصحبه وسَلّم ، والحمد لله ربّ العالمين .
ـــــــــــــــ
1 ـ رواه البخاريّ في صحيحه
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى