وصية بالجار////////

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

-----

وصية بالجار


الإحسان الى الجار من أهم الوصايا التي اوصى بها الاسلام، ففي كتاب الله العظيم يوصي تعالى بالجار في قوله (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) (النساء: 36)،
فقد أمر الله تعالى بالإحسان الى افراد المجتمع والحرص على هذه العلاقات التي اعتبرها جزءاً من الطاعات وذكرها بعد الأمر بعبادته وأخص بالذكر فئات من الناس وقدم الجار سواء أكان قريبا أم اجنبيا على الصاحب المرافق لان العلاقة بالجار دائمة ومستمرة واللقاء به يزداد على اللقاء بالأصحاب، وقد اوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار في احاديث عديدة منها قوله صلى الله عليه وسلم: " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" متفق عليه.
والجار ـ كما ذكر الشراح ـ يشمل المسلم والكافر والعابد والفاسق والصديق والعدو والغريب والبلدي والنافع والضار والقريب والأجنبي والأقرب دارا والأبعد، والجار هو الملاصق للسكن من جميع الجهات والمقابل والقريب وإن كان بينهما فاصل كالشارع او الحديقة، ولاشك في ان حق الاحترام وحسن المعاملة مطلوب للملاصق والقريب والبعيد، والاولى بالرعاية والحقوق هو الاقرب، ومن اهم هذه الحقوق واعظمها كف الاذى عنه، فهو الحق الذي أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرير القسم ثلاثا عندما قال: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه ـ البائقة: الداهيةـ" رواه البخاري.
فقد نفى صلى الله عليه وسلم كمال الايمان عمن يؤذي جاره ولايكف عن الضرر لانه بإيذائه جاره قد وقع في معصية، والعاصي غيركامل الايمان، وفي رواية مسلم: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" ..
وقيل في معناه لا يدخلها وقت دخول الفائزين اذا فتحت ابوابها لهم بل يؤخر، ونضيف الى كف الاذى عنه الصبر على أذاه والتجاوز عن زلاته، فان رأيت من جارك اذى اصبر عليه ولا تجعل هذا الاذى سببا لهجرانه او مخاصمته، وتذكر ان صبرك احسان منك له، ومن حقوق الجار ايضا تبادل السلام وإجابة الدعوة وعيادته اذا مرض والسؤال عنه ومشاركته في احزانه وافراحه حتى تدوم المحبة والألفة بين الجيران، ونرى اليوم ان كثيرا من الناس لا يتفقد احوال جاره، وقد يعلم بما اصابه من مصيبة او مرض او مناسبات سارة ولا يشاركه لان العلاقات بينهما منقطعة فلا يجرؤ على السؤال والاتصال، او لانه يظن انه ليس من الاقرباء او الاصحاب، ومن اعجب ما حُكي في هجران الجيران ان رجلا كان يعيش وحده ومات في بيته وما علم جيرانه بموته الا بعد ان تعفنت جثته وفاحت رائحتها!!.
وقارن هذه الحادثة باحسان رسولنا الكريم مع جيرانه وموقفه من جاره اليهودي الذي كان يؤذيه ويضع القاذورات امام داره ولما توقف عن ايذائه زاره رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنه ويتفقد احواله، جعلنا الله واياكم ممن يتحلى بأخلاق رسولنا الكريم وان نحسن معاملة الجيران ونقيم حقوقهم.

والسلام عليكم