مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..
مستغانم كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
المدير
المدير
مؤسس المنتديات
مؤسس المنتديات
عدد الرسائل : 4124
نقاط : 5640
السٌّمعَة : 38
تاريخ التسجيل : 31/05/2008
http://mostaghanem.com

حوار فلسطيني بالشتائم  بقلم الأستاذ :عبد الباري عطوان Empty حوار فلسطيني بالشتائم بقلم الأستاذ :عبد الباري عطوان

الإثنين 28 يوليو 2008, 08:32
يبدو المشهد الفلسطيني الحالي مغرقاً في مأساويته. ولا نبالغ اذا قلنا ان درجة الانهيار الحالية، علي الصعد كافة، لم تصل الي الدرك الأسفل بعد، ويبدو ان ما هو اسوأ قادم لا محالة، في ظل ما نراه من تصعيد مرعب، اعلامي وسياسي وأمني في جانبي المعادلة السياسية الفلسطينية.
انفجار في قطاع غزة يستهدف خمسة من قادة الصف الثاني الميدانيين في حركة حماس ، يستشهدون جميعاً ومعهم طفلة، علاوة علي اصابة عشرين آخرين من الذين كانوا يتواجدون بالصدفة في مكان الجريمة. حركة حماس تتهم قادة الأمن الفتحاويين الهاربين بالوقوف خلف الانفجار، وتشن حملة اعتقالات تشمل مئتي شخص من تنظيم فتح بينهم قادة كبار، وتسيطر علي جميع مقار الحركة وانديتها الرياضية. لاحظوا انها المرة الأولي التي توجه فيها حماس اتهاماً مباشراً لحركة فتح . فقد كانت تتهم دائماً اسرائيل بالوقوف خلف كل الانفجارات والاغتيالات السابقة، فلا بد ان هناك تطورات لا نعرفها وننتظر ان نعرفها في الأيام المقبلة.
الانفجار خطير، ويشكل تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء، ولكن الاتهام اكثر خطورة، لما يمكن ان يترتب عليه من عمليات اغتيال ربما تمتد الي خارج الأراضي الفلسطينية، لأن رؤوس الفتنة ، حسب رواية حركة حماس ، يتواجدون في رام الله وعواصم عربية، والقاهرة علي وجه الخصوص.
قطاع غزة منطقة صغيرة، لا تتجاوز مساحته مئة وخمسين ميلاً مربعاً، معظم الاشياء معروفة، ومن الصعب اخفاء أي سر، والأهم من ذلك انه يشكل مستودعاً للفقر والتطرف، تحكمه القبلية، والعشائرية، والمناطقية، وتسوده تقسيمات فصائلية وعقائدية، ولذلك ما يحتاجه حالياً، وفي ظل الاحتقان المتضخم الحالي، بسبب فشل اتفاق التهدئة، هو عود ثقاب، ليأتي الانفجار الدموي الكبير الذي لا يتمناه احد غير اسرائيل.
حركة فتح أخذت علي منافستها حماس تسرعها في توجيه الاتهامات اليها بالمسؤولية عن الانفجار وقبل ان تبدأ التحقيقات، وهذا مأخذ صحيح ومنطقي، ولكن ما هوغير منطقي في الوقت نفسه، ان يبادر السيد نبيل ابو ردينة، المتحدث باسم الرئيس محمود عباس في رام الله، بالقول ان صراع الأجنحة داخل حركة حماس هو المسؤول عن هذه التفجيرات. السيد ابو ردينة اصدر فتواه هذه بعد دقائق من حدوث التفجير، وقبل ان تبدأ التحقيقات ايضاً، وزاد تلفزيون فلسطين الرسمي الطين بلّة عندما احتفل بالجريمة وأذاع اخبار الانفجار علي وقع الأهازيج والأغاني الفتحاوية.
وعلي ذكر التلفزيون الرسمي فان من تابع اجهزة الاعلام الفلسطينية بكافة توجهاتها، ومحطات التلفزة علي وجه الخصوص، يصاب بحالة من الغثيان، فقد تدني الخطاب الاعلامي الي مستويات غير مسبوقة، فبينما استخدمت فضائية الأقصي التابعة لحركة حماس مفردات وأوصاف غريبة عن القاموس الفلسطيني مثل ابناء القردة والخنازير ، ذهب تلفزيون فلسطين الرسمي، الذي كان يتباهي زميله علي الآخر بترفعه، وأدبه، الي ما هو ابعد من ذلك، عندما وصف انصار حركة حماس بـ السفلة و الظلاميين و العملاء .
ومن المفارقة ان هذا الانحدار الاعلامي ومستوياته المتدنية تصاعد في الوقت الذي وصل فيه الي القاهرة الرئيس عباس للقاء الرئيس حسني مبارك والاتفاق علي انطلاق الحوار الفلسطيني الداخلي في الأيام القليلة المقبلة.

كيف يمكن ان يتحاور أبناء القردة والخنازير مع السفلة و الظلاميين ، وفي ظل الدعوات المتصاعدة والغاضبة بالانتقام، والاستئصال، التي نسمعها، ونراها بأعيننا، علي شاشات التلفزة، وعلي ألسن كبار المسؤولين في حركة حماس خاصة؟ الحوار بدأ فعلاً بين الجانبين، من خلال حملات اعتقال مكثفة ومسعورة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية شملت المئات، وهي مستمرة وفي تزايد. نتفهم ان تعتقل شرطة حماس بعض المشتبه بهم بعد جريمة التفجير من أبناء حركة فتح في قطاع غزة، فهذا أمر يحدث في كل مكان في العالم بعد كل جريمة كهذه، ولكن لماذا تعتقل شرطة فتح في الضفة الغربية، العشرات من اتباع حركة حماس دون وقوع أي جريمة هناك، فهل تأتي هذه الاعتقالات في اطار القانون أم النكاية أم بهدف تبادل الأسري في مرحلة لاحقة؟
اعتقالات عشوائية، تكشف عن غياب واضح للقانون تسيطر عليها عقلية ثأرية انفعالية لا تحتكم الي العقل، او المنطق، فكيف تبرر حركة حماس اعتقال شخصيات قيادية فتحاوية محترمة كانت الأكثر انتقاداً لمرحلة الفلتان الأمني في الامبراطورية الغابرة، مثل احمد نصر، والدكتور زكريا الاغا، واحمد حلس وغيرهم، والاستيلاء علي الأندية والمؤسسات الخيرية الفتحاوية في الوقت نفسه؟

لا ننكر ان هناك مجموعة صغيرة في حركة فتح تريد تخريب الانجاز الأمني الذي تحقق في قطاع غزة، مثلما ندرك ان بعض افراد هذه المجموعة مرتبط بجهات خارجية، امريكية علي وجه الخصوص، وقد أكد هذه الحقيقة الدامغة اللواء نصر يوسف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عندما كان وزيراً للداخلية، وحاول في حينها القيام بعملية اصلاح للأجهزة الأمنية واصطدم بهذه الحقيقة المرة. وهذه امور موثقة في محاضر اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح ، ولكن حركة حماس اخطأت في التعميم ، ووضع جميع ابناء حركة فتح وغالبيتهم الساحقة من الشرفاء المناضلين، في سلة واحدة مع هذه المجموعة، وأخذتهم جميعاً بجريرة اعمالها، وقبل اكتمال التحقيقات في جريمة الانفجار، وتوجيه الاتهام المقترن بالأدلة الدامغة الي المتورطين.
يصعب علينا ان نري الجهتين المتخاصمتين حماس و فتح لا توجهان أي اتهام الي الاسرائيليين وعملائهم الذين يريدون اذكاء الفتنة واشعال اوارها، وتفجير الاقتتال الداخلي الفلسطيني بين ابناء الدم والوطن والعقيدة الواحدة، ففور بدء مثل هذا الاقتتال وما قد يتضمنه من عمليات اغتيال متبادلة لا سمح الله، سيدخل عملاء اسرائيل علي الخط، ويبدأون عمليات القتل في الجانبين، تماماً مثلما استغلوا فرصة حدوث انقسام، وحرب داخلية، بين حركة فتح وجماعة المجلس الثوري التي انشقت عنها في السبعينات، واقدموا علي اغتيال 15 قيادياً وممثلاً لحركة فتح ومنظمة التحرير في اوروبا.

علينا ان نقر ونعترف بأن طرفي المعادلة الفلسطينية يرتكبان اخطاء قاتلة في ادارتهما للأزمة الحالية بدأت تنعكس سلبياً علي حركة النضال الفلسطيني ضد العدو الاسرائيلي، وتشوه صورة المقاومة والشعب الفلسطيني معاً.
فحركة فتح التي راهنت علي المفاوضات للوصول الي الدولة الفلسطينية المستقلة تعيش مأزقاً كارثياً، بمواصلة السير في عملية سلمية عبثية لم تجن من ورائها غير المزيد من الاستيطان، والتوسع، والحواجز المهينة، والتوغلات الإذلالية في الضفة الغربية، والمؤلم اكثر انها لا تفكر بأي بدائل أخري غير الاستمرار في تلقي الصفعات.
أما حركة حماس فتعيش مأزقاً اكثر صعوبة بوقوعها في مصيدة التهدئة التي أُعدت لها بإحكام. فالسيد اسماعيل هنية رئيس وزرائها يصرخ يومياً بأن الطرف الاسرائيلي لم يلتزم بها مطلقاً، فالمعابر ما زالت مغلقة، والقطاع ما زال محاصراً، والأكثر من ذلك بدأ بعض المندسين في تخريب الأوضاع الأمنية واذكاء نار الفتنة في القطاع، وبدأ بعض المعارضين للتهدئة يتجهون الي منظمات اكثر تطرفاً تتبني ايديولوجية القاعدة .
اخفاق الجانبين يحتم الحوار الحقيقي البناء القائم علي النوايا الطيبة، وتقديم مصلحة الوطن علي المصلحة الفصائلية او العقائدية الايديولوجية، واول خطوة في هذا الاتجاه الاعتراف بالفشل، وصعوبة شطب الآخر، والعودة الي الشعب الفلسطيني مصدر السلطات، ودافع الثمن الأبهظ لمثل هذه الخلافات.
لعل جريمة اغتيال الشهيد شهاب النتشة في الخليل بتدمير بيته فوق رأسه بجرافات الجيش الاسرائيلي بعد ان قدم نموذجاً في المقاومة برفضه الاستسلام، والقتال حتي آخر رصاصة في بندقيته، لعل هذه الجريمة تفتح أعين الجانبين علي المستوي الوحشي للتغول الاسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتذكرهما بالجهة الحقيقية التي تستحق الالتفات نحوها.

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى