- وفاء البريئةعضو خبير
- عدد الرسائل : 591
العمر : 38
نقاط : 893
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 31/01/2009
المعركة بين الجهاز المناعي وفيروس الإنفلونزا: كرّ.. وفرّ
السبت 18 أبريل 2009, 13:45
يتمتع الجسم بقوات دفاع طبيعية تحتاج إلى دعمها وتعزيزها بالمضادات ;)
<table width=380 border=0><tr><td align=middle></TD></TR></TABLE> |
<table width=380 border=0><tr><td align=middle></TD></TR></TABLE> |
كيف يعمل جهاز المناعة المسمى بجيش الدفاع الطبيعي؟ وكيف تعزف خلاياه هذه السيمفونية المتكاملة الرائعة لكي تدافع عن الجسم، وبالذات في حال رد فعل هذا الجهاز عندما يصاب الإنسان بفيروس الإنفلونزا مثلاً؟ يدخل فيروس الانفلونزا من خلال فتحات الجهاز التنفسي، حيث ينتقل عن طريق الرذاذ من شخص إلى آخر سواء بشكل مباشر أو عبر الهواء، فيهاجم الخلايا المبطنة للغشاء المخاطي للأنف أو البلعوم أو الحنجرة. وكعادة الفيروسات بشكل عام، فإن الفيروس يوظف الخلية التي هاجمها لكي يتكاثر بداخلها حتى تنفجر، ويخرج منها العديد من الفيروسات التي تهاجم الخلايا الأخرى، وتحاول أن تتكاثر بداخلها، وهكذا نجد أن الفيروس يهاجم كل خلايا الجهاز التنفسي في خلال فترة وجيزة، ويسبب أعراضا مختلفة تبدأ من الرشح، ثم الدموع، ثم السعال الذي إن لم يتم علاجه يتحول إلى نزلة شعبية، ثم التهاب رئوي.
جيش المناعة يرد الهجوم:
بمجرد دخول الفيروس إلى الجسم فإن الخلايا الأكولة تسارع بالتصدي له بأن تحاول أن تحيط به وتلتهمه، وإذا لم تستطع فإنها تقوم بمهام قوات الاستطلاع أو المخابرات، وتحاول أن تعرف بصمة الميكروب الغازي وقوته وأسلحته وأدواته في العدوى، ثم تحمل هذه الخلايا الأكولة المسماة «ماكروفاج» الفيروس وتقدمه إلى الخ لايا الليمفاوية المساعدة، التي تعد بمثابة المايسترو أو القيادة العامة لجيش الدفاع المناعي. ويكون هذا بمثابة جهاز الإنذار الذي يستنفر كل خلايا الجه از المناعي للاستعداد للمعركة. انطلاق قذائف المدفعية
* وحيث ان الخلايا الأكولة قد أبلغت قيادة الجهاز المناعي بالغزو ومواصفاته، ومدى قوته وفاعليته، فإن القيادة التي تتكون من الخلايا التائية المساعدة T-helper cells - وهي بالمناسبة الهدف الذي يدمره فيروس الايدز بعد أن يهاجمه، تصدر الأمر إلى الخلايا البائية، وهي بمثابة قوات المدفعية المسؤولة عن إفراز الأجسام المضادة التي تتطابق في تركيبها مع تركيب الجزء المعدي في الفيروس والمسمى بـ «الأنتيجين» - وتلك الأجسام المضادة هي بمثابة قذائف المدفعية التي تنطلق في جميع الأماكن والاتجاهات التي تسلل إليها الفيروس حتى توقف زحفه، وتحاول أن تقتله وتقضي عليه.
الحرب الكيميائية * وفي هذه الأثناء تفرز الخلايا الأكولة «الماكروفاج» مجموعة من المواد الكيماوية تسمى «ليمفوكاينز». بعض هذه المواد يستخدم لتكملة وظيفة أو نضج بقية أعضاء وخلايا الجهاز المناعي، وبعضها الآخر له تأثير مباشر في الجسم الغريب سواء كان فيروسات أو حتى خلايا سرطانية، فتوقف نشاطها وتقتلها. ومن أمثلة هذه المواد «إنترليوكين – 1» الذي يعمل كثرموستات للجسم، فيسبب ارتفاعا في درجة الحرارة وحمى، لكي يقلل من نشاط وتكاثر الفيروس وسرعة انتشاره، وفي نفس الوقت ينبه وينشط بقية خلايا الجهاز المناعي. وهكذا نجد أن الحمى أو الحرارة التي تصيب الإنسان في حالة إصابته بالانفلونزا أو بأي عدوى أخرى، إنما هي من ضمن وسائل الدفاع والحماية التي يستخدمها الجهاز المناعي للدفاع عن الجسم. ومن ضمن المواد المناعية التي تفرز بواسطة الخلايا الأكولة والخلايا التائية المساعدة مواد أخرى مثل 12 مادة تنتمي إلى عائلة «انترليوكين» وثلاث مواد تنتمي إلى عائلة «الانترفيرون» ( ألفا - بيتا - جاما ) وغيرها من المواد المناعية التي ينعقد الأمل على كل منها الآن لاستخدامها في مقاومة الفيروسات والأورام السرطانية وغيرها من الأمراض التي لا يوجد لها علاج. وهذه الكيماويات التي تفرز بواسطة الجهاز المناعي إنما هي الوسيلة الوحيدة لاستدعاء قوات الاحتياطي المناعي وانضباطها، ودفعها إلى ميدان المعركة وهي على أعلى مستوى من القتال والكفاءة. وفي نفس الوقت تنضج كميات هائلة من قوات المدفعية المسماة بالخلايا البائية وتتحول إلى خلايا بلازما Plasma cells وتفرز قذائف الأجسام المضادة المتطابقة من حيث الشكل والتكوين مع الجزء المعدي من الفيروس.
بالطبع تحدث خسائر نتيجة لهذه المعركة ويكون هناك ضحايا في الميدان، فتجد أن مادة «جاما انترفيرون» التي سبق أن أشرنا إلى تأثيرها في قتل الفيروسات والخلايا السرطانية تحول الخلايا الأكولة إلى مسؤولة النظافة الأولى في ميدان المعركة، حيث تلتهم كل الضحايا التي خلفتها هذه المعركة حتى لا يحدث أن يموت الفيروس ويتحلل غلافه الخارجي ويخرج الحامض النووي المكون له من الغلاف ليؤثر في خلية أخرى. فهو بمثابة الحبة التي لو تركت فإنها سوف تنبت وتصبح شجرة كبيرة، لذا فإن الجهاز المناعي يعهد للماكرفاج أو الخلايا الأكولة بتنظيف ميدان المعركة تماما مثلما يحدث في المعارك الحربية. لو تركنا جثث الضحايا فإنها سوف تصيب الأحياء من الجنود بالطاعون والأوبئة مثلما حدث مع نابليون وجيشه في حملته على عكا. التفتيش الذاتي
* الآن هل انتهت المعركة وتخلصنا من فيروس الانفلونزا نهائيا؟ والإجابة بالطبع لا، لأن الفيروسات التي تختبئ داخل الخلايا لا تستطيع الأجسام المضادة أو قذائف المدفعية الوصول اليها، فكيف يمكن الوصول الى الفيروس في هذا الوضع؟ بعد أن تقضي الأجسام المضادة أو المدافع على الفيروس في ميدان المعركة أي في الدم، فإننا نريد أن نتأكد أن جنود الأعداء لا يختفون داخل منازل المدنيين، وبالطبع لا نستطيع أن نقذف منازل المدنيين بالمدافع حتى يخرج الأعداء منها أو نقضي عليهم وعلى المدنيين معهم. فما العمل؟ الحل يكمن في إرسال قوات خاصة ذات مهارات وكفاءة عالية لخلايا الجسم، التي تختفي فيها بعض قوات العدو، فيروس الانفلونزا، للقيام بتفتيش ذاتي، من خلال تنشيط نوع آخر من الخلايا التائية يسمى NK cells أو الخلايا القاتلة الطبيعية وذلك من خلال «اللمفوكاينز» أو الكيماويات التي سبق الإشارة إليها. وهذه الخلايا هي التي يمكنها الوصول إلى الفيروس أو الخلايا السرطانية داخل الخلية، وهي من أهم الأسلحة في القتال ضد الفيروسات والسرطان، فهي تنشط من خلال الخلايا التائية المساعدة، التي تعطيها بصمة الفيروس وتتركها تبحث عنه في كل جـزء من أجزاء الجسم لتقضي عليه، وتلتهم ما تبقى من الحامض النووي المكون له كما ذكرنا. ويشارك في كل هذه الخطوات قوات المشاة والإمداد والتموين والإعداد، وهي عبارة عن جهاز يسمى الجهاز التكميلي أو Complement ويتكون من مجموعة البروتينات تقوم بدور الحرب الكيميائية أيضاً لكي تسهل ابتلاع الفيروس والقضاء عليه، وتفرز مواد كيماوية تسهل قتله والتخلص منه.
الحرب تضع أوزارها
* وبعد أن يتم النصر للجهاز المناعي على قوات فيروس الانفلونزا الغازية تستقيــل الخلايا التائية المساعدة، وتسلم القيادة إلى الخلايا التائية المثبطة، التي ترسل أوامرها على شكل رسائل كيماوية معينة لتثبيط نشـــاط الجهاز المناعي بعد التخلص من الأعداء، وذلك حتــى لا يوجه جنود الجهاز المناعي أسلحتهم إلى بعضهم فيصيبوا بعضهم البعض بإصابات بالغــة لا يمكن علاجها. وهذا ما يحدث في حالة أمراض المناعة الذاتية حيث ينشط الجهاز المناعي ويوجه أسلحته ضد أحد أعضاء الجسم، والسبب أنه أصبح يعتبره غريبا عنه ويعامله معاملة الغرباء الذين يجب التخلص منهم. من أمثلة ذلك أمراض الروماتويد، التي يهاجم فيها الجهاز المناعي المفاصل في الجسم كله والذئبة الحمراء وبعض أمراض الغدة الدرقية والسكري من النوع الأول المعتمد على الأنسولين، حيث يهاجم الجهاز المناعـي خلايا لانجرهانز في البنكرياس ويدمرها، فلا تفرز الأنسولين ويصاب الإنسان بمرض السكري وغير ذلك من أمراض المناعة الذاتية. وهنا نرى أن القيادة التي تولت وقت الحرب سلمت القيادة لغيرها بمجرد أن وضعت الحرب أوزارها لأن مهمتها هي قتال الأعداء فقط.
ذاكرة الجهاز المناعي * بعد العــدوى نجد أن الخلايا البائية والتائية التي تحمل بصمة الفيروس المعتدي قد تعاونت لتكوين ما يسمى بجيش الخلايا الذاكرة، والتي تعلم كــل شيء عن تركيب هذا الفيروس وطريقــة تدميره، وتصبح هذه الخلايا الذاكرة التي تحمل الأجسام المضادة لهذا الفيروس هي خط الدفاع الأول والسريع، الذي يهاجم الفيروس في حالة ما إذا سولت له نفسه تكرار هذا الهجوم بنفس التكوين الجيني مرة أخرى. وهي نفس فكرة التطعيــم الذي نعطيــه للأطفــال لكي نقيهم من الأمراض المختلفة، إلا أن المشكلة تكمن في أن فيروس الانفلونزا يغير من تكوينــه كل عام، مما يجعل هذه الأجسام المضادة الموجودة منذ العام الماضي غير ذي جدوى، فيصاب الإنسان بالانفلونزا كل عام بنفس الحدة.
وبينما نجد أن الجهاز المناعي السليم يأخذ حوالي أسبوعين في صد هجمة فيروس الانفلونزا عندما يصيبه الفيروس لأول مرة، نجد أنه في حالة الإصابة بنفس الفيروس مرة أخرى، فإن قوات وقذائف جيش الذاكرة تتولى إحباط الهجوم والقضاء عليه، وربما لا يشعر الإنسان على الإطلاق بأنه أصيب بالعدوى مرة أخرى <
* استشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأميركية للمناعة
- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
رد: المعركة بين الجهاز المناعي وفيروس الإنفلونزا: كرّ.. وفرّ
الجمعة 04 سبتمبر 2009, 12:44
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى