الجريمة والعقاب ..عندما يسرق مواطن بقرة وحذاء وعندما يسرق اخر الملايير ويبددها.
الأربعاء 29 يوليو 2009, 08:24
الجريمة والعقاب بقلم : علي رحالية II
علي رحالية
<table class=dcitbce cellPadding=0 width="98%" align=center border=0><tr><td><table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" cellPadding=4 width="98%" border=0><tr><td vAlign=top>منذ أربع سنوات تقريبا، كتبت شيئا يشبه المقال عنوانه ""الجريمة والعقاب"" في يومية الشروق، أيام كانت إدارة التحرير تحت إشراف أخينا نصر الدين قاسم.. لم يكن اختيار العنوان لسهولته أو نوعا من الكسل الثقافي والمعرفي، بل لأنني لم أجد أفضل من عنوان ""الجريمة والعقاب"" (وهو عنوان رواية للكاتب الروسي الكبير ديستويفسكي) ليلخص ويعكس الموضوع الذي كتبت.. وهو عبارة عن مقارنة منطقية بسيطة بين قرار محكمتين جزائريتين، الأولى في الشرق والثانية في الوسط.. القرار الأول يتعلق بشاب من أحد الدواوير الضائعة والمضيعة بولاية الطارف.. وقصة ومصيبة ومحنة هذا الشاب غير المحظوظ على الإطلاق كغيره من مئات الآف من شباب هذا البلد و لأسباب يطول شرحها.. تتلخص في ما يلي.. لاحظ شابنا ""المزلوط"" وجود بقرة ناصعة البياض عند أحد سكان الدوار.. هذا البياض غير العادي حرك بداخل رأسه الصغير فكرة شيطانية صغيرة.. وبعد التفكير، مر إلى التخطيط.. وبعد التخطيط، مر إلى التنفيذ.. وتحت جناح الظلام، وكاي لص محترم ودون أن يتسبب في إزعاج أو إيذاء أي أحد، تسلل إلى الإسطبل.. مشى على رؤوس أصابع قدميه.. سحب البقرة الناصعة البياض برفق وهدوء، ثم أخذها إلى مكان بعيد.. وهناك وبعيدا عن الأعين، أحضر فرشاة ودلو مملوء بدهان أسود وراح يرسم ويتفنن.. لقد أضاف وبإتقان دوائر ونقطا سوداء على الجلد الناصع البياض للبقرة، حتى بدت وكأنها بقرة هولندية.. كانت تشبه إلى حد ما تلك البقرة المرسومة على غلاف علبة شكولاطة ""ميلكا"" السويسرية!.. فبفضل هذه الحيلة وهذه الجنسية الجديدة المنتحلة، سيتمكن من بيعها في سوق المواشي بسعر بقرة مستوردة.. ""بقرة تاع الهيه""، وليس ""بقرة جربانة وجيعانة تاع أهنا""!.. وذهب صاحبنا إلى السوق والبقرة تتبعه.. وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان.. سقطت الأمطار، فزال وسال اللون الأسود، فاكتشف أمر اللص الفنان! أمام محكمة الطارف، اعترف السارق بكل شيء.. في تلك الجلسة، طالب النائب العام في مرافعته بتسليط عقوبة أربع سنوات في حق سارق البقرة الناصعة البياض، لتخليص المجتمع من اللص الخطير!.. بعد المداولات، حكمت المحكمة على سارق البقرة الناصعة البياض بثلاث سنوات سجنا نافذة وكذا ألف دينار تدفع للضحية.. أي لصاحب الضحية. أما البقرة، أي الضحية، فقد حكم لها بالعودة إلى الإسطبل معززة مكرمة. في نفس الأسبوع من نفس الشهر من نفس السنة، أصدرت محكمة جنايات مجلس قضاء العاصمة مساء يوم الثلاثاء 26 أفريل 2005 حكما بالسجن النافذ لمدة ثماني سنوات في حق والي ولاية وهران السيد بشير فريك، وغرامة مالية قدرها خمسون مليون سنتيم.. لأن تقرير الخبرة الجزافية قد قدر القيمة الجزافية للأموال المبددة من طرف الوالي السابق بتسعة عشر مليارا! والسؤال المنطقي البسيط الذي طرحته كان.. ما هي المعايير والمقاييس والأسباب والمبررات القضائية والقانونية.. وما هو نوع هذا المنطق والعدل الذي يرمي بسارق بقرة لن يتجاوز سعرها مهما كانت قيمتها، مبلغ العشرين مليون سنتيم، في سجن لمدة ثلاث سنوات وسجن آخر لمدة ثماني سنوات، وقد تسبب في ضياع تسعة عشر مليارا كاملة؟!.. فبعملية حسابية بسيطة، يكون السيد الوالي قد بدد وضيع قيمة 950بقرة ناصعة البياض، إذا اعتبرنا أن سعر البقرة الواحدة هو 20 مليون سنتيم. وإذا كانت عقوبة سارق البقرة الواحدة هو ثلاث سنوات، كما هو حال شاب ولاية الطارف، فالمنطق والعدل يحتمان ويفرضان أن تحكم محكمة العاصمة بسجن الوالي لمدة 2850 سنة، وليس ثماني سنوات؟! ********* تذكرت البقرة الناصعة البياض.. وتذكرت وليد الطارف.. وتذكرت الوالي السابق والحكم في القضيتين، وأنا أتابع محاكمة المدعو عاشور عبد الرحمان رياض، ""إمبراطور السراب وملك الشركات الوهمية""، على حد وصف إحدى الصحفيات.. عاشور المتهم بلحس وسحب 3200 مليار من البنك الجزائري، وهو المبلغ الذي ""لا تتسع له أربع قاعات كبيرة""! و""يعادل ويمثل ""رواتب وأجور 6500 موظف وعامل لمدة 45 سنة""! باستعمال ألفي شيك تقريبا، قيمة الشيك الواحد في حدود المليارين كل ثماني وأربعين ساعة؟!.. ومع كل هذا، ولا واحد شاف! ولا واحد سمع! ولا واحد شم هذه الفضيحة الكارثية النتنة؟!.. و لتفجير الفضيحة، كان لا بد من رسالة تقول عنها كل التقارير الصحفية وتصفها بالرسالة ""المجهولة""؟!.. على حد علمي المتواضع، فالرسالة ليست ""مجهولة"" إلى هذا الحد، فالمرسل لم يكن إلا ""مدير شبكة الاستغلال بالبنك الوطني الجزائري وكالة القليعة""، أرسلها إلى""السيد عميد قضاة التحقيق بمحكمة الشرافة"".. طبعا، هذه المعلومة ليست مأخوذة من ملفات مخابرات الجنرال توفيق ولا استعلامات يزيد زرهوني، بل من الصحافة الوطنية ومن أسبوعية ""المحقق"" بالذات العدد 83 في أكتوبر2007! وبعد أحد عشر يوما من المحاكمة والمداولات، نطق القاضي بالحكم.. 18سنة نافذة في حق عاشور عبد الرحمان رياض في قضية لحس وتحويل 3200 مليار سنتيم! تذكروا جيدا هذا الحكم وكل الأرقام المتعلقة بالقضية، لأننا سنعود إليها بعد حين. ولننتقل من محكمة الجنايات بالعاصمة إلى محكمة الرويبة مع فارق زمني قدره سنتين.. ففي نهاية شهر أفريل 2007 ""أدانت محكمة الرويبة المدعو (ب.ز)، المتهم بالسرقة، بثلاث سنوات سجنا نافذا.. وتعود وقائع القضية إلى الأيام القليلة الفارطة، حيث سرق المتهم حذاء أحد المصلين بمسجد الرويبة.. وفي جلسة المحاكمة، اعترف المتهم بالتهمة المنسوبة إليه""!.. سارق الحذاء اعترف بأنه سرق الحذاء لأنه كان فعلا بحاجة إلى ثمنه، لأنه رب عائلة وظروفه الاجتماعية المزرية لا تهم لا رئيس البلدية ولا الوالي ولا جمال ولد عباس ولا أويحيى!.. إذا، المتهم سرق من أجل الخبز والحليب لأبنائه. لكن، لماذا سرق عاشور، وماذا فعل بالمال المسروق؟.. ففي اليوم السابع لجلسة المحاكمة، قال النائب العام ""أموال البنك صرفها عاشور وشركاؤه في الملاهي""!.. يعني على ""الزهو"" وما شابه ذلك.. وقد شاهدت شخصيا شريطا مصورا وبالألوان لإحدى جلسات ""الزهو"" تلك.. الجلسة الأولى كانت في ملهى ""السلطان"" برياض الفتح، لم يكن عاشور لوحده بل مع شلته وشلة فنانة الجزائر فلة عبابسة التي رقصت و غنت لعاشور.. ""ويقولوا الهوى""، و""صعبان علي""، و""تشكرات أفندي""، وغنت له حتى أغنية فرانك سيناترا ""طريقي"" وبالإنجليزية طبعا، وسي عاشور يصفق ويردد ""برافو.. برافو""!.. أما الجلسة الثانية، فكانت بإحدى غرف الشيراتون أين كانت تستعد لإحياء حفلة.. وقد صادف ذلك يوم عيد ميلاد عاشور، الذي لم تبخل عليه فلة لا بالهدية ولا بالمدح والتفشاش.. ""عاشور عمري وحنوني"".. ""عاشور رفعني إلى السماء"".. ""ربي يخليلي عاشور""!.. وعاشور يرد ""إنشاء الله.. إنشاء الله"".. ولكن الله لم يستجب لدعائهما!.. المهم.. لحس عاشور 3200 مليار، وكان الحكم والجزاء 18 سنة سجنا.. وسرق (ب.ز) حذاء، وكان الحكم 3 سنوات سجنا مع ملاحظة هامة، وهي أن سارق الحذاء لم يضر إلا مواطنا واحدا.. وبالمقابل، زلزل عاشور اقتصاد دولة.. لذلك، فالعدل والمنطق كما أفهمه أنا والناس من أمثالي يقتضي حكما آخر في قضية عاشور.. فإذا فرضنا أن ثمن الحذاء المسروق 500ألف سنتيم وكانت عقوبته 3 سنوات سجن، فمن هذا المنطلق، كان من المفروض أن يحكم على عاشور الذي لحس 3200 مليار.. بتسعة عشر ألف ومائتي سنة سجنا!.. هذا هو العدل الذي نفهمه ونريده ونطالب به اليوم وغدا وبعد غد.. </TD></TR></TABLE></TD></TR></TABLE> |
- فاروقمشرف منتدى الأخبار
- عدد الرسائل : 7766
العمر : 53
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 16819
السٌّمعَة : 53
تاريخ التسجيل : 09/08/2008
رد: الجريمة والعقاب ..عندما يسرق مواطن بقرة وحذاء وعندما يسرق اخر الملايير ويبددها.
الخميس 30 يوليو 2009, 19:52
القانون يحنو على المليارات وما هي إلا أوراق .....قد تذروها الريح!!!!!
ويقسوعلى البقرات و الأحذية فإنها أملاك مادية للغير...فلا تقتربوا منها .....وكل من تسول له نفسه المساس بها يلقى جزاءه ...السجن السجن السجن ....
ويقسوعلى البقرات و الأحذية فإنها أملاك مادية للغير...فلا تقتربوا منها .....وكل من تسول له نفسه المساس بها يلقى جزاءه ...السجن السجن السجن ....
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى