النظام الرسمي العربي وحماية الدولة العبرية !..بقلم : يحي أبوزكريا
الأربعاء 12 أغسطس 2009, 09:10
النظام الرسمي العربي وحماية الدولة العبرية !
أكدّت ومازالت تؤكّد المحنة الكبرى التي تمّر بها فلسطين وشعبها المقاوم أنّه لا يمكن حصر أسباب المحنة في الكيان الصهيوني العريق في القتل والضليع في فقه الذبح وبقر البطون وإغتيال الأطفال والرجال والنساء والشيوخ بدون وازع إنساني أو ديني أو قانوني , بل إنّ النظام العربي الرسمي بات مشاركا وعامل تعضيد للكيان الصهيوني بطرق مباشرة وطرق غير مباشرة , ومن غريب ما كشف عنه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مذكراته أنّه إذا عندما كان يلتقي بحكّام العرب مجتمعين كانوا يحدثونّه عن النضال وحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره , وأنّه إذا التقى بهم فرادى حدثوّه عن السلام مع الكيان الصهيوني وضرورة رأب الصدع فيما بينهم وبين الكيّان الصهيوني .
وغير هذه الإزدواجيّة في المواقف فإنّ بعض رجال الاستخبارات السابقين والمحالين إلى التقاعد كأحمد البخاري - الذي أماط اللثام عن موضوع اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة و كشف عن تعاون وثيق بين المخابرات المغربيّة والموساد في هذا الموضوع وذلك في الستينات في أوج الصراع العربي – الإسرائيلي و الذي قدمّ الدليل على وجود تنسيق أمني بين المخابرات العربية والإسرائيليّة .
ولم تكتف الأنظمة العربية في نسج علاقات سريّة مع الكيّان الصهيوني وتقديم ملفات مدفوعة الثمن لجهات أمنيّة غربيّة تتعاطى مباشرة مع الموساد الإسرائيلي بل راحت تعمل على تطويق الشعوب العربيّة والحؤول بينها وبين تفجير طاقاتها الإبداعية لصناعة المقاومة والنصر في فلسطين المحتلة .
و كلما كانت الإنتفاضة الفلسطينية تصل إلى ذروتها كانت بعض النظم العربية تعمل على نزع فتيلها وتطويق تصاعدها تكريسا للهوى الأمريكي والصهيوني , بل إنّ الكثير من القادة العرب ساهموا في التهيئة لإتفاق أسلو الذي أدخل الفلسطينيين في واقع التسويّة المذّل مع الكيان الصهيوني , وقد سألت أثناء إتفاق أوسلو مسؤولا عربيا بارزا ينتمي إلى دولة عربية مهمة في الخارطة العربية عن الدور الذي اضطلّعت به دولته على هامش المفاوضات الجارية في أوسلو فقال لي :
إننّا ندفع عرفات بإتجاه التوقيع على الإتفّاق وعدم الرجوع إلى خيار البندقيّة .
لقد ورطّت الكثير من النظم العربية الفلسطينيين أثناء مرحلة الثورة والإنتفاضة وأثناء مرحلة السلطة المحدودة وأثناء الجمع بين منطق الدولة ومنطق البندقية والثورة , ولم تكن هذه النظم العربية تقوم بعملية الضغط والتوجيه والمغالطة مع التيارات الفلسطينية في السلطة كما في المعارضة حفاظا على القضية الفلسطينية بل كانت تضطلع بذلك وأدا لهذه القضيّة و تكريسا للمسار الذي تريده الإرادات الدولية أن يسود في فلسطين المحتلّة , وكل ذلك كان يتحقق مقابل أثمان كبيرة تحصل عليها هذه الدول من الإدارة الأمريكية مباشرة .
وبعد أن أوصلت هذه النظم العربية القضية الفلسطينية إلى ما هي عليه تراجعت عن إدراج هذه القضية في مقدمة الأجندة السياسية لديها , حيث أصبحت القضية الفلسطينية في المقام الخامس عشر أو ما قبل ذلك في سلم الإهتمامات العربية , و هذا القرار العربي الرسمي بالتخلي المطلق عن القضية الفلسطينية واكبه أوامر صدرت إلى المؤسسّات الإعلامية الرسمية بالكف عن ترديد الأنشودة الفلسطينية وخلق قضايا أخرى للشباب والمراهقين . وهذا ما يفسّر الغيبوبة العربية الرسمية المطلقة لجهة التعامل مع القضيّة الفلسطينية في أوج العنف الإسرائيلي الذي لم يسبق له مثيل .
وعندما إلتقيت السيدة حنان عشراوي في العاصمة السويدية ستوكهولم قلت لها أثناء حديثها عن البحث عن مناصرين غربيين للقضية الفلسطينية أنّه من باب أولى الآن معاودة التحرّك في الساحة العربية لإحياء الإهتمام الرسمي بالقضية الفلسطينية و جعلها في سلّم الأولويات بما يخدم القضية الفلسطينيّة , وأن تتحرك النظم العربية من منطلق الإنتصار لهذه القضية لا من منطلق المساعدة على وأدها وذبحها من الوريد وإلى الوريد بحجّة ضرورة التماشي مع المنطق الدولي والشرعية الدوليّة .
و بعد تداعيات المشهد العراقي وإحتلال أمريكا للعراق , أصبح الجبن سيّد الموقف في العالم العربي , وباتت العواصم العربية تخاف من مجرد إبداء الموقف المعارض للسياسة الشارونية والبوشية في الأرض المحتلة .
و يبقى القول أنّ النظم العربية التي كانت تتبجّح بنصرة الشعب الفلسطيني في وقت سابق عليها أن ترفع ضغطها عن الشعوب العربية أقلا لتعاود مناصرة القضية الفلسطينية وبإستراتيجيات جديدة , و من الظلم بمكان أن نسمح بموت قضية بحجم القضية الفلسطينية في وجداننا و شعورنا ومسلكيتنا الفكرية والسياسية , والمطلوب إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز ومحور إهتماماتنا عربيا وإسلاميا .
*****
يحي أبوزكريا – كاتب ومفكر جزائري
- الدكتور صالح بجاوي يستعرض التاريخ والادب الجزائري في كتابيه الأخيرين
- من يهن الجزائر ندكدك خيشومه!بقلم / يحيى أبوزكريا.
- المذهب الأكثر رواجا : التفرقة !بقلم :يحي أبوزكريا
- القابلية للجهل والإستحمار والتبعية..بقلم: يحيى أبوزكريا
- لاتدخل هنا حذرتك !!!لإن ليفني تمسح بقرارات الأمن الدولي وجامعة الدول العربية والنظام العربي الرسمي يختفي من جرأتها
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى