- فاطمة ليندةعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 3216
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 3912
السٌّمعَة : 29
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
الحروب الصليبية . . .مأهيتها. . . ونتأئجها
الإثنين 31 أغسطس 2009, 14:55
الحروب الصليبية . . . مأهيتها . . . ونتأئجها
أولا: ماهيتها:
تعد مرحلة الحروب الصليبية التي شهدها العالم الإسلامي والعربي تعد بحق من أهم المراحل التاريخية التي مرت بها منطقة الشرق الأدنى على مدى تاريخها خاصة خلال ما يسمى بالعصور الوسطى وهي أول استعمار أوروبي للمنطقة العربية الإسلامية في ظل الإسلام.
تعريفها:
هي حروب شنتها أوروبا المسيحية بقضها وقضيضها على شكل حملات صليبية متتالية أومتقطعة نحوالمشرق الإسلامي، وقد سميت بالحركة الصليبية لأنهم وضعوا إشارات الصليب على ملابسهم. ويركز بعض الباحثين على مقولة استمرارها قرنين من الزمان 6و7هـ و12و13 م، مع ملاحظة أن الواقع التاريخي عكس ذلك تماما إذ أن الحركة الصليبية ظاهرة تاريخية مستمرة ولم تكن قاصرة على ذلك النطاق الزمني المحدود، وهي في وقتنا الراهن أشد ما تكون بشهادة زعماؤهم مثل بوش الرئيس الأمريكي وهيلموت كول رئيس وزراء ألمانيا.
ثانيا:لأسباب:
كانت الحملات الصليبية في تلك الفترة تحمل دوافع مختلفة وكان للتحالف البيزنطي والصليبي والبابوي أهداف وغايات استندت في جملتها لدعوة البابا أوربان الثاني سنة 1.95م في مجمع كلير مونت بفرنسا فاستصرخ البابا الملة المسيحية لتجريد السلاح والدعوة لإنقاذ وتحرير القبر المقدس، وتحرير مسيحي الشرق الرازحين تحت طغيان المسلمين كما يدعي حيث كان هذا المجمع الشرارة التي انطلقت بعدها الحملات الصليبية والتي لها دوافع وأسباب متعددة نذكر منها:
أولاً: العامل الديني:
1.الرغبة في استئصال شأفة الإسلام،وتحجيم انتشاره لحقدهم الدفين ضد الإسلام والمسلمين.
2.هذه الحروب وسيلة لتوحيد الكنائس وبالتالي فرض سلطتها الدينية والدنيوية على نطاق واسع.
3.خسارة الغريبين في حربهم مع المسلمين في ملاذ كرد مما أشعرهم بالضعف في وجه المسلمين وكانت الدعوة لحروب صليبه دافعا لتوحيدهم.
4.ادعاءاتهم الكاذبة حول اضطهاد المسلمين للمسيحيين فأرادوا إنقاذ قبر المسيح والأراضي المقدسة من أيدي المسلمين.
ثانياً: العامل الاقتصادي:
1.كان الطليان تجاور وهم من طبقة النبلاء والأثرياء فأرادوا السيطرة على الثروات في العالم الإسلامي وتأسيس متاجر لهم فيه، وبالتالي تقاسم السلطة مع الأمراء.
2.كان عدد كبير من الجنود هم من الفقراء الذين رغبوا في الخدمة العسكرية مقابل غذائهم ولباسهم خصوصا بعد المجاعات والقحط الذي هز بعض مناطق أوروبا.
3.كانت تمن ضمن أهدافهم السعي إلى الربح والكسب المادي لكثير من الجاليات التي اشتركت وذلك لجمع الأموال والثروات وإقامة المستعمرات وإقامة مراكز ثابتة في جزيرة العرب.
ثالثاً: العوامل السياسية والاجتماعية:
1.شهدت أوروبا صراعات داخلية طاحنة مما جعل الكنيسة تخسر الكثير من الهبات والتبرعات، أدى ذلك إلى خلق مشاكل اجتماعية كبرى في مجتمعاتهم فشجعت البابوية الإقطاعيين على حرب العالم الإسلامي وبالتالي توحيد جبهتهم، والعمل على صرف الأنظار عن هذه المشاكل حتى إن رينيه كروسيه يقول: إن الحروب الصليبية قامت لتضع نهاية للحروب الإقطاعية وكانت سلاما بالنسبة لأوروبا.
2.التقاء مصالح الأمراء والفرسان مع الكنيسة حيث وجدوها إشباعا لنزعه وروح المغامرة التي سيطرت على الحياة العامة والخاصة، خاصة لنشاط حركة الترجمة في العالم، واطلاع الغرب على ما يسود الشرق من رخاء وثروات وكنوز شكلت مطمعا عليها وتشكيل إمارات لهم.
3.انتصار الفرنجة على مسلمي الأندلس فرأوا استكمال حروبهم في الشرق.
4.رغبة العديد من المسيحيين في زيارة بيت المقدس لتكفير خطاياهم.
5.تحرير العبيد من عبودية الإقطاع، وخلاصهم من الذنوب كما وعدتهم البابوية.
6.دور يهود أوروبا في تجهيز الحملات الصليبية فقد توافقت مصالح أصحاب رؤوس الأموال من يهود أوروبا مع مصالح الأمراء الإقطاعيين الذين طمعوا في السيطرة على العالم عن طريق القروض الربوبية لزعماء الحملات وأمراء المقاطعات لإغراقهم في الديون ليحقق اليهود أهدافهم الإستراتيجية المتمثلة في أضعاف قوة الإسلام والمسيحيين معا.
7.سوء الأحوال الأمنية في غرب أوروبا وفقدان الأمان فاضطروا للهجرة المتمثلة في الاشتراك في الحروب الصليبية.
8.سوء الأحوال والأوضاع السياسية والعسكرية والمذهبية والطائفية في العالم العربي إذ كان عشية الحملات الصليبية في تمزق سياسي وتناحر عسكري وكانت تحكمهم خلافتان العباسية السنية ببغداد والفاطمية الشيعية بالقاهرة وكان يسودهما الضعف بالإضافة إلى تردي الأحوال الداخلية في كلا الخلافتين.
ثالثا:الأهداف:
1.هدف بابوي:لتحقيق الأهداف الكنسية التي كانت البابوية قد بلورتها من خلال نزاعها مع الإمبراطورية، وهي أهداف كانت تتركز أساسا حول السيادة المطلقة للبابا على العالم المسيحي.
2.تهدف علماني: هدف إلى تحقيق أهداف العلمانيين الذين خضعوا للتنظيم الإقطاعي سواء من النبلاء أوالفرسان ومن الفلاحين فكان النبلاء يتوقون لتوسيع ممتلكاتهم دون الصدام مع الملكية التي تسعى للسيادة، وهذا مما جعل البابا أوربان الثاني يوجه خطابه إلى الفرسان الفرنسيين بالذات لأن فرسا كانت لا تزال الدولة الإقطاعية الوحيدة آنذاك.
3.هدف بورجوازي: رأت البورجوازية الناشئة ممثلة في القوى التجارية الإيطالية خاصة أن المشروع الصليبي فرصة للسيطرة على تجارة البحر المتوسط.
4.هدف ديني:كسر شوكة المسلمين والقضاء على دولة الإسلام بحجة حماية الحجاج المسيحيين.
5.تحرير بيت المقدس من المسلمين للوصول إلى ضريح المسيح بحسب ادعاءاتهم.
6.هدف سياسي: إقامة إمبراطورية مسيحية في الشرق الإسلامي.
7.هدف اقتصادي: إقامة أسواق تجارية للصناعات الأوروبية خاصة من الإيطاليين.
والآن ما يزال العرب والمسلمون يعيشوا في جوالحروب الصليبية منذ الحملة الفرنسية على مصر حيث بدأ الغرب الأوروبي عهدا جديدا من استعمار الشرق الأوسط والبلدان الإسلامية عامة.
رابعا: نتائج الحملات:
من أبرز نتائج تلك الحملات:
1.أخفق الغزاة في تحقيق أهدافهم الرئيسية للسيطرة على الأراضي المقدسة.
2.توحد المسلمون في مصر والشام لدفع الخطر الصليبي عن بلادهم.
3.احتك الأوروبيون بشعوب أرقى منهم فاستفادوا من أفكارهم وعلومهم ونظمهم.
4.سقوط الإمبراطورية البيزنطية تحت السيادة العثمانية عام 1453م.
5.انحطت هيبة البابا لاستغلال بعض البابوات تلك الحملات لتحقيق أغراض شخصية وسياسية.
6.أغنت الحروب الصليبية الأوروبية، من خلال زيادة التجارة بين المدن الواقعة على البحر المتوسط فازدهرت المدن الإيطالية وازدادت ثرواتها من خلال نقل الغزاة للشرق الأوسط وعبرت البضائع الآسيوية خلال أراضيهم.
7.تعلم الأوربيون طرق بناء السفن ووضع الخرائط الدقيقة خلال الحملات.
8.استخدم الأوربيون البوصلة المغنطيسية لتحديد الاتجاهات.
9.ازدهر الأدب والموسيقى في أوروبا وجلب الأوربيون بعض الآلات الشرقية معهم مثل العود وغيره.
خامسا: آثار الحروب الصليبية:
أ- الآثار على الجانب الإسلامي:
1.بدأت هجرات كبرى من الغرب إلى الشرق وسكنت الشام بالمقابل هاجر المسلمون إلى الغرب الأوروبي.
2.انتشار التصوف والدروشة من النتائج السلبية للحروب الصليبية.
3.تطور الفن والعمارة الإسلامية في مصر والشام حيث ظهرت العديد من التكايا والزوايا ولخانقاه والفنادق على الطرق.
4.دخول ألفاظ أجنبية وتأثير الصليبيين في ثقافة المسلمين وأدبهم نتيجة الاحتكاك المباشر.
5.الازدهار التجاري، حيث أنشئت شركات في عصر المماليك مثل شركة فلورانس.
6.ما زال الغرب يكن الكره للمسلمين ويجتر الذاكرة الصليبية حتى في الوقت الراهن ومن ذلك عندما وقف اللورد اللنبي قائد الإنجليزي عندما استولى على القدس سنة 1917م وانتزعها من الأتراك ليقول كلمته المشهورة:" الآن انتهت الحروب الصليبية"، ويقول القائد الفرنسي غورو: عندما دخل دمشق سنة 192.م وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله قاهر الصليبيين في حطين ليقول متشفيا شامتا: " هانحن عدنا يا صلاح الدين".
ب- الآثار على الجانب الأوروبي:
كان للحروب الصليبية أثار على العالم الإسلامي فقد كان لها أبلغ الأثر كذلك على الدول الأوروبية، ويظهر هذا الأثر في الجوانب التالية:
أولاً: في الاجتماع والسياسة:
إضعاف نظام الإقطاع:-1
وهويعتمد على قاعدة عريضة من العبيد الذين كانوا يقومون بفلاحة الأرض وخدمتها لصالح سادتهم من الأمراء والفرسان والنبلاء، وكانوا يعاملون معاملة آلات الحرث والسقي التي تلزم الأرض ولا تقوم حياتها إلا بها، وليست لهم حقوق على أسيادهم إلا الطعام الضروري واللباس والمأوى على أحط المستويات وأدناها، ويكون أبناؤهم كذلك عبيدا لأسياد أبائهم، وليس لأحد منهم الحق في الخروج عن إرادة سيده قط.
كان هذا النظام يفتت المجتمع الأوروبي من داخله ويولد العداوة والبغضاء في نفوس العبيد تجاه السادة، كما كان يولد تنافسا بغيضا بين أصحاب الإقطاع يؤدي للتنازع والتعادي.
كانت الحروب الصليبية فرصة للعبيد للهروب من عناء الإقطاع، ولم يكن السادة قادرين على منعهم من المشاركة في تلك الحروب لأن الكنيسة باركتها ومن يشارك فيها، ولقد أدى ذلك إلى أن يبحث أصحاب الإقطاع عن عمال من الأحرار الذين يأخذون على عملهم أجرا ً ويشترطون حقوقاً ولا يعملون مسخرين مقهورين، وأدى ذلك إلى تصدع نظام الإقطاع وانقراضه فيما بعد.
تقوية السلطة المركزية لملوك أوروبا:-2
فقد كان الإقطاع في أوروبا من أهم أسباب إضعاف السلطة المركزية لملوك أوروبا، حيث كان يستعصي عليهم إخضاع كبار الإقطاعيين أوالسيطرة عليهم ؛ لأن هؤلاء الإقطاعيين يعتدون بقوتهم وثروتهم وعبيدهم ولا يرون للملوك سلطانا عليهم، فكانت بعض ممالك أوروبا من داخلها ممالك متعددة بتعدد أصحاب الإقطاع.
جاءت الحروب الصليبية وضعف نظام الإقطاع وشارك بعض كبار الإقطاعيين فيها وهلك بعضهم في تلك الحروب – عادت السلطة المركزية في بعض ممالك أوروبا وأصبح بعض ملوكها في مكانة قوية.
إحداث تغييرات اجتماعية وسياسية في أوروبا:-3
وذلك بسبب ضعف نظام الإقطاع، ومن تلك التغيرات تقارب الفوارق بين طبقات المجتمع، وظهور الطبقة الوسطى من العمال الأحرار غير العبيد، وظهور القوميات المتعددة في أوروبا بعد أن كان الإقطاع هوالذي يوحد بين الناس في ظل السيد فلما ضعف الإقطاع آوى الناس إلى ظل قومياتهم.
ظهور جماعات دينية تحترف الحرب:-4
كفرسان المعبد" الداوية " هي هيئة عسكرية دينية تابعة للكنيسة. والاسبتارية وهي هيئة عسكرية دينية تابعة لمستشفى القديس يوحنا المقدسي وفرسان تيوتون وهي هيئة عسكرية ألمانية دينية. وجميع هذه الجماعات تأسست بسبب الحروب الصليبية، وجميعها كذلك شارك في هذه الحروب ضد المسلمين في أماكن متعددة وعلى مدى زمن غير قصير.
5-دعم مركز البابا وتقوية نفوذه
أصبح ملوك أوروبا الذين كانوا كثيرا ما يتمردون على سلطان البابا خاضعين لنفوذه، إذ يقود حربا مقدسة يمنح المشترك فيها حق غفران الذنوب بينما يصدر قرار الحرمان ضد كل من يتقاعس عن الاشتراك فيها، كما قويت تبعا لذلك مراكز بعض ملوك أوروبا الذين أسرعوا بالاستجابة لدعوة البابا بالمشاركة في هذه الحروب.
ثانياً:في الاقتصاد:
1. انخفاض أثمان الأراضي والعقارات:
إذ لما اشتد الإقبال على النقود لإعداد المقاتلين والمؤونة والأسلحة فضلاً عن الإعداد للمعركة، رغب حينئذ كثير من الناس في بيع ممتلكاتهم ومزارعهم للحصول على المال فأدى ذلك لانخفاض أثمانها.
• وهنا برز اليهود فقدموا قروضا بربا فاحش فعاش الأوربيون في القلق والاضطراب والضيق، فاستاؤوا من مسلك اليهود، فحقدوا عليهم، وعندما حانت لهم الفرصة اضطهدوا الكثيرين منهم.
2. فرض ضرائب جديدة من أجل الحروب الصليبية: من قبل بعض الملوك كما فعل لويس التاسع لتجهيز الحملة الصليبية، وكذلك فعل فيليب أغسطس وريتشارد قلب الأسد.
3. انتعاش بعض المدن الأوربية اقتصادياً: حيث أصبح النشاط التجاري يحتل مكان النشاط الزراعي، وأصبحت بعض المدن مراكز اقتصادية مثل: جنوا والبندقية وبيزا ومرسيليا وبرشلونة.
4. وأدى ذلك إلى اتساع المصارف واتساع نطاق عملها، كما أدى إلى تحسين طرق التجارة وإنشاء بعضها، وإنشاء ملاحية ذات خطوط منتظمة.
ثالثاً: في النهضة العلمية والحضارية:
إن الحروب الصليبية عرفت دول غرب أوروبا على الحضارة الإسلامية بشكل أعمق وأعرض، وتركت في حضارة أوروبا في عصر النهضة سمات ودلائل تشير إلى التأثر بالحضارة الإسلامية والنقل عنها.وسنشير إلى بعض الجوانب، ومنها:
أولا: الطب: في الوقت الذي كانت الكنيسة تحرم صناعة الطب لاعتقادها أن المرض عقاب إلهي لا ينبغي للإنسان أن يصرفه عمن يستحقه، في هذا الوقت كان المسلمون يمارسون الطب منذ زمن مبكر عن ذلك، فقد توسع المسلمون فيه وترجموا موسوعات فارسية ويونانية وهندية في الطب إلى اللغة العربية، وألفوا موسوعات لم يوضع لها نظير في الضخامة والتمحيص، وكانت بعض أمهات هذه الكتب تدرس في جامعات أوروبا لمدى زمني طويل.
ثانيا: الرياضيات: أما سائر العلوم كالرياضيات والفلك وعلوم الطبيعة كالكيمياء والنبات والحيوان والمعادن والصيدلة، فقد تفوق فيها المسلمون قبل عصر النهضة بوقت كبير، فأخذوا يترجمون الذخائر العلمية وينقلون إلى العربية علوم الإغريق والرومان والفرس والهنود، وأقيمت دور الكتب والمكتبات، وفتح الخلفاء والأمراء قصورهم للعلم والعلماء وتنافسوا في رعاية العلم وأهله، وأضاف العلماء كثيرا من الآراء والنظريات التي نسبت لغيرهم.
وبرزت أسماء كبيرة مثل: ابن مسكويه، والخازن، وابن خلدون، وابن النفيس، وابن الهيثم، وألبتاني، والفر غاني،والكندي، والخوارزمي، والبيروني، والغافقي، والقزويني، وجابر بن حيان، وابن البيطار، وداود الأنطاكي…
ثالثا:أهمية مؤلفات المسلمين: ظلت مؤلفات هؤلاء العلماء المراجع المعتمدة في، جامعات أوروبا حتى القرن التاسع عشر، واعترف عدد كبير من مؤرخي العالم بفضلهم على العالم والإنسانية حتى قال قائلهم: إنه لولا أعمال العرب لاضطر علماء النهضة الأوروبية أن يبدءوا من حيث بدأ هؤلاء، ولتأخر سير المدنية عدة قرون. وحتى قال آخر: إن كثيرا من الآراء والنظريات العلمية حسبناها من صنعنا، فإذا العرب سبقونا إليها.
رابعا: الجغرافيا: كانت جهود المسلمين في الجغرافية ذات أثر واضح في النهضة الأوروبية، وبخاصة الجغرافية الوصفية والفلكية، وكانت كتابات المسلمين وأبحاثهم وآراؤهم نبراسا اهتدى به علماء الغرب، فلقد ظهر بين المسلمين علماء أفذاذ أضافوا إلى العلم أحسن التحقيقات عن طريق الأرصاد الفلكية، ومشاهد الرحلات وتمحيص الروايات والمقارنة بينها لتبين السليم من الزائف.
أهمية الرحالة: استمر الرحالة الأوربيون يعتمدون إلى حد كبير على المصادر الإسلامية في ارتياد ما كان مجهولا لديهم من أرجاء الأرض، يقول جوستاف لوبون: فالعرب هم الذين انتهوا إلى معارف فلكية مضبوطة من الناحية العلمية عدت أول أساس للخرائط، فصححوا أغاليط اليونان العظيمة في المواضع، والعرب من ناحية الريادة هم الذين نشروا رحلات عن بقاع العالم التي يشك الأوربيون في وجودها فضلاً عن عدم وصولهم إليها.
خامسا: إنشاء المدارس: من أبرز أثار الحروب الصليبية في أوروبا أن أخذت بعض مدن أوروبا تنشئ مدارس لتعليم اللغة العربية، إذ أدركوا أن تعلم اللغة العربية أمر ضروري للوصول لأهدافهم الدينية والاقتصادية، وكان هذا سببا في إهمال اللغة اللاتينية والإغريقية إلى حد كبير وإحياء اللغات الشعبية وصنفت كذلك المعاجم العربية لمعاونة المترجمين والمتعلمين.
رابعاً: إثارة المطامع في العالم الإسلامي:
كان الهدف في الحروب الأولى دينياً في الغالب، أما محاولة العودة للعالم الإسلامي مرة ثانية فقد سيطر عليها طمع مادي في بلدان العالم الإسلامي.وشجع الأوربيون على العودة لاحتلال الشرق الإسلامي مرة ثانية فقد سيطر عليها طمع مادي في بلدان العالم الإسلامي بعد انتهاء الحروب الصليبية في جهات متعددة:
أولها:العمل على هيبة الكنيسة: حيث تحلم أن تكون من أجل ذلك جيشا أوروبيا ضخما يعيد للكنيسة هيبتها، ويعطيها السلطة التي كانت لها على ملوك أوروبا أثناء الحملات الصليبية، ثم أضافت هدفا آخر وهوالعمل على دعوة المسلمين للدخول في النصرانية.
ثانياً: رغبة ملوك أوروبا في الربح المالي: رجال المال والاقتصاد الذين بهرهم الشرق بمصنوعاته وخاماته حيث رغبوا في أن يحصلوا لتجارة ممالكهم وتجارها على أسواق رائجة وموانئ إسلامية حافلة، عن طريق سيطرة السادة الغزاة لا المتحالفين المتعاهدين.
خامسا: كيفية التخطيط للعودة إلى الشرق:قامت هذه الجهات بالتخطيط للعودة للمشرق الإسلامي، فكان من أبرز أعمالهم في هذا السبيل:
أولا: الاهتمام باللغة العربية:
1.ليسهل أمامهم التفاهم والتعرف الدقيق على هذا العالم الإسلامي تاريخه وعاداته وتراثه.
2.أما الكنيسة فليسهل على رجالها نشر النصرانية بين المسلمين، والتجار ليسهل عليهم التعامل، والملوك ليقوم بينهم وبين بلدان العالم الإسلامي سفراء يعرفون العربية.
3.تصنيف معاجم عربية أوروبية تعين المتعلمين للعربية، فصنف المعجم العربي القشتالي سنة 15.5م، وكتاب " وصف أفريقية " للحسن بن الوزان المشهور بليون الأفريقي، ونشر جيوم بوستل المستعرب الفرنسي كتاب " جمهورية الترك " الذي يعد نواة صالحة اعتمدت عليها أغلب الدراسات العربية واتخذها المستشرقون مصادر أساسية لما قاموا به من دراسات عن الإسلام والعرب
4.ترجمة القرآن الكريم ألي عدد من اللغات الأوروبية: لتيسير عمل من يقومون بهذه الدعوة أوالدعاية.
5.ترجمة الإنجيل إلى اللغة العربية، ليستعين به الداعون إلى النصرانية من جانب، وليكون في متناول المسلمين لقراءته والاطلاع عليه من جانب آخر.
6.الاستشراف: وهودراسة تراث الشرق وتاريخه وعاداته وتقاليده، وقد بدأت طلائع المستشرقين تعني بهذه الدراسات منذ القرن العاشر الميلادي إلى يومنا هذا، وكان هدفه التمهيد لغزوأرض المسلمين.
7.إنشاء مكتبات شرقية في أوروبا: مثل مكتبة باريس الوطنية سنة 1654م، وفيها حوالي سبعة آلاف مخطوط عربي، ومكتبة جامعة ستراسبرج، ومكتبة المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية.
8.إنشاء المطابع الشرقية: كمطبعة إيطاليا، ومطبعة فرنسا.
9.إنشاء المجلات الشرقية: كان للمستشرقين الفرنسيين فيها جهود معروفة، مثل صحيفة العلماء، ومجلة الجمعية الملكية الآسيوية، والمجلة الإفريقية، والمجلة التاريخية، ومجلة تاريخ الأديان وغيرها، وبعض هذه المجلات ما زال يصدر إلى هذا اليوم.
1.نتج عن هذه الأعمال احتلال ثان لكثير من بلدان المسلمين غداة تحالفت دول أوروبا الغربية والشرقية على سقوط الخلافة العثمانية، ومن ثم عملت على تفتيت الأراضي والبلدان الاسلامية وكان ذلك بمثابة وأقع جديد فرض على الارث
العثماني بموجبه أن يقسم بين من مهدو لسقوط دولة بني عثمان . . . وتقبلو تحياتي
أولا: ماهيتها:
تعد مرحلة الحروب الصليبية التي شهدها العالم الإسلامي والعربي تعد بحق من أهم المراحل التاريخية التي مرت بها منطقة الشرق الأدنى على مدى تاريخها خاصة خلال ما يسمى بالعصور الوسطى وهي أول استعمار أوروبي للمنطقة العربية الإسلامية في ظل الإسلام.
تعريفها:
هي حروب شنتها أوروبا المسيحية بقضها وقضيضها على شكل حملات صليبية متتالية أومتقطعة نحوالمشرق الإسلامي، وقد سميت بالحركة الصليبية لأنهم وضعوا إشارات الصليب على ملابسهم. ويركز بعض الباحثين على مقولة استمرارها قرنين من الزمان 6و7هـ و12و13 م، مع ملاحظة أن الواقع التاريخي عكس ذلك تماما إذ أن الحركة الصليبية ظاهرة تاريخية مستمرة ولم تكن قاصرة على ذلك النطاق الزمني المحدود، وهي في وقتنا الراهن أشد ما تكون بشهادة زعماؤهم مثل بوش الرئيس الأمريكي وهيلموت كول رئيس وزراء ألمانيا.
ثانيا:لأسباب:
كانت الحملات الصليبية في تلك الفترة تحمل دوافع مختلفة وكان للتحالف البيزنطي والصليبي والبابوي أهداف وغايات استندت في جملتها لدعوة البابا أوربان الثاني سنة 1.95م في مجمع كلير مونت بفرنسا فاستصرخ البابا الملة المسيحية لتجريد السلاح والدعوة لإنقاذ وتحرير القبر المقدس، وتحرير مسيحي الشرق الرازحين تحت طغيان المسلمين كما يدعي حيث كان هذا المجمع الشرارة التي انطلقت بعدها الحملات الصليبية والتي لها دوافع وأسباب متعددة نذكر منها:
أولاً: العامل الديني:
1.الرغبة في استئصال شأفة الإسلام،وتحجيم انتشاره لحقدهم الدفين ضد الإسلام والمسلمين.
2.هذه الحروب وسيلة لتوحيد الكنائس وبالتالي فرض سلطتها الدينية والدنيوية على نطاق واسع.
3.خسارة الغريبين في حربهم مع المسلمين في ملاذ كرد مما أشعرهم بالضعف في وجه المسلمين وكانت الدعوة لحروب صليبه دافعا لتوحيدهم.
4.ادعاءاتهم الكاذبة حول اضطهاد المسلمين للمسيحيين فأرادوا إنقاذ قبر المسيح والأراضي المقدسة من أيدي المسلمين.
ثانياً: العامل الاقتصادي:
1.كان الطليان تجاور وهم من طبقة النبلاء والأثرياء فأرادوا السيطرة على الثروات في العالم الإسلامي وتأسيس متاجر لهم فيه، وبالتالي تقاسم السلطة مع الأمراء.
2.كان عدد كبير من الجنود هم من الفقراء الذين رغبوا في الخدمة العسكرية مقابل غذائهم ولباسهم خصوصا بعد المجاعات والقحط الذي هز بعض مناطق أوروبا.
3.كانت تمن ضمن أهدافهم السعي إلى الربح والكسب المادي لكثير من الجاليات التي اشتركت وذلك لجمع الأموال والثروات وإقامة المستعمرات وإقامة مراكز ثابتة في جزيرة العرب.
ثالثاً: العوامل السياسية والاجتماعية:
1.شهدت أوروبا صراعات داخلية طاحنة مما جعل الكنيسة تخسر الكثير من الهبات والتبرعات، أدى ذلك إلى خلق مشاكل اجتماعية كبرى في مجتمعاتهم فشجعت البابوية الإقطاعيين على حرب العالم الإسلامي وبالتالي توحيد جبهتهم، والعمل على صرف الأنظار عن هذه المشاكل حتى إن رينيه كروسيه يقول: إن الحروب الصليبية قامت لتضع نهاية للحروب الإقطاعية وكانت سلاما بالنسبة لأوروبا.
2.التقاء مصالح الأمراء والفرسان مع الكنيسة حيث وجدوها إشباعا لنزعه وروح المغامرة التي سيطرت على الحياة العامة والخاصة، خاصة لنشاط حركة الترجمة في العالم، واطلاع الغرب على ما يسود الشرق من رخاء وثروات وكنوز شكلت مطمعا عليها وتشكيل إمارات لهم.
3.انتصار الفرنجة على مسلمي الأندلس فرأوا استكمال حروبهم في الشرق.
4.رغبة العديد من المسيحيين في زيارة بيت المقدس لتكفير خطاياهم.
5.تحرير العبيد من عبودية الإقطاع، وخلاصهم من الذنوب كما وعدتهم البابوية.
6.دور يهود أوروبا في تجهيز الحملات الصليبية فقد توافقت مصالح أصحاب رؤوس الأموال من يهود أوروبا مع مصالح الأمراء الإقطاعيين الذين طمعوا في السيطرة على العالم عن طريق القروض الربوبية لزعماء الحملات وأمراء المقاطعات لإغراقهم في الديون ليحقق اليهود أهدافهم الإستراتيجية المتمثلة في أضعاف قوة الإسلام والمسيحيين معا.
7.سوء الأحوال الأمنية في غرب أوروبا وفقدان الأمان فاضطروا للهجرة المتمثلة في الاشتراك في الحروب الصليبية.
8.سوء الأحوال والأوضاع السياسية والعسكرية والمذهبية والطائفية في العالم العربي إذ كان عشية الحملات الصليبية في تمزق سياسي وتناحر عسكري وكانت تحكمهم خلافتان العباسية السنية ببغداد والفاطمية الشيعية بالقاهرة وكان يسودهما الضعف بالإضافة إلى تردي الأحوال الداخلية في كلا الخلافتين.
ثالثا:الأهداف:
1.هدف بابوي:لتحقيق الأهداف الكنسية التي كانت البابوية قد بلورتها من خلال نزاعها مع الإمبراطورية، وهي أهداف كانت تتركز أساسا حول السيادة المطلقة للبابا على العالم المسيحي.
2.تهدف علماني: هدف إلى تحقيق أهداف العلمانيين الذين خضعوا للتنظيم الإقطاعي سواء من النبلاء أوالفرسان ومن الفلاحين فكان النبلاء يتوقون لتوسيع ممتلكاتهم دون الصدام مع الملكية التي تسعى للسيادة، وهذا مما جعل البابا أوربان الثاني يوجه خطابه إلى الفرسان الفرنسيين بالذات لأن فرسا كانت لا تزال الدولة الإقطاعية الوحيدة آنذاك.
3.هدف بورجوازي: رأت البورجوازية الناشئة ممثلة في القوى التجارية الإيطالية خاصة أن المشروع الصليبي فرصة للسيطرة على تجارة البحر المتوسط.
4.هدف ديني:كسر شوكة المسلمين والقضاء على دولة الإسلام بحجة حماية الحجاج المسيحيين.
5.تحرير بيت المقدس من المسلمين للوصول إلى ضريح المسيح بحسب ادعاءاتهم.
6.هدف سياسي: إقامة إمبراطورية مسيحية في الشرق الإسلامي.
7.هدف اقتصادي: إقامة أسواق تجارية للصناعات الأوروبية خاصة من الإيطاليين.
والآن ما يزال العرب والمسلمون يعيشوا في جوالحروب الصليبية منذ الحملة الفرنسية على مصر حيث بدأ الغرب الأوروبي عهدا جديدا من استعمار الشرق الأوسط والبلدان الإسلامية عامة.
رابعا: نتائج الحملات:
من أبرز نتائج تلك الحملات:
1.أخفق الغزاة في تحقيق أهدافهم الرئيسية للسيطرة على الأراضي المقدسة.
2.توحد المسلمون في مصر والشام لدفع الخطر الصليبي عن بلادهم.
3.احتك الأوروبيون بشعوب أرقى منهم فاستفادوا من أفكارهم وعلومهم ونظمهم.
4.سقوط الإمبراطورية البيزنطية تحت السيادة العثمانية عام 1453م.
5.انحطت هيبة البابا لاستغلال بعض البابوات تلك الحملات لتحقيق أغراض شخصية وسياسية.
6.أغنت الحروب الصليبية الأوروبية، من خلال زيادة التجارة بين المدن الواقعة على البحر المتوسط فازدهرت المدن الإيطالية وازدادت ثرواتها من خلال نقل الغزاة للشرق الأوسط وعبرت البضائع الآسيوية خلال أراضيهم.
7.تعلم الأوربيون طرق بناء السفن ووضع الخرائط الدقيقة خلال الحملات.
8.استخدم الأوربيون البوصلة المغنطيسية لتحديد الاتجاهات.
9.ازدهر الأدب والموسيقى في أوروبا وجلب الأوربيون بعض الآلات الشرقية معهم مثل العود وغيره.
خامسا: آثار الحروب الصليبية:
أ- الآثار على الجانب الإسلامي:
1.بدأت هجرات كبرى من الغرب إلى الشرق وسكنت الشام بالمقابل هاجر المسلمون إلى الغرب الأوروبي.
2.انتشار التصوف والدروشة من النتائج السلبية للحروب الصليبية.
3.تطور الفن والعمارة الإسلامية في مصر والشام حيث ظهرت العديد من التكايا والزوايا ولخانقاه والفنادق على الطرق.
4.دخول ألفاظ أجنبية وتأثير الصليبيين في ثقافة المسلمين وأدبهم نتيجة الاحتكاك المباشر.
5.الازدهار التجاري، حيث أنشئت شركات في عصر المماليك مثل شركة فلورانس.
6.ما زال الغرب يكن الكره للمسلمين ويجتر الذاكرة الصليبية حتى في الوقت الراهن ومن ذلك عندما وقف اللورد اللنبي قائد الإنجليزي عندما استولى على القدس سنة 1917م وانتزعها من الأتراك ليقول كلمته المشهورة:" الآن انتهت الحروب الصليبية"، ويقول القائد الفرنسي غورو: عندما دخل دمشق سنة 192.م وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله قاهر الصليبيين في حطين ليقول متشفيا شامتا: " هانحن عدنا يا صلاح الدين".
ب- الآثار على الجانب الأوروبي:
كان للحروب الصليبية أثار على العالم الإسلامي فقد كان لها أبلغ الأثر كذلك على الدول الأوروبية، ويظهر هذا الأثر في الجوانب التالية:
أولاً: في الاجتماع والسياسة:
إضعاف نظام الإقطاع:-1
وهويعتمد على قاعدة عريضة من العبيد الذين كانوا يقومون بفلاحة الأرض وخدمتها لصالح سادتهم من الأمراء والفرسان والنبلاء، وكانوا يعاملون معاملة آلات الحرث والسقي التي تلزم الأرض ولا تقوم حياتها إلا بها، وليست لهم حقوق على أسيادهم إلا الطعام الضروري واللباس والمأوى على أحط المستويات وأدناها، ويكون أبناؤهم كذلك عبيدا لأسياد أبائهم، وليس لأحد منهم الحق في الخروج عن إرادة سيده قط.
كان هذا النظام يفتت المجتمع الأوروبي من داخله ويولد العداوة والبغضاء في نفوس العبيد تجاه السادة، كما كان يولد تنافسا بغيضا بين أصحاب الإقطاع يؤدي للتنازع والتعادي.
كانت الحروب الصليبية فرصة للعبيد للهروب من عناء الإقطاع، ولم يكن السادة قادرين على منعهم من المشاركة في تلك الحروب لأن الكنيسة باركتها ومن يشارك فيها، ولقد أدى ذلك إلى أن يبحث أصحاب الإقطاع عن عمال من الأحرار الذين يأخذون على عملهم أجرا ً ويشترطون حقوقاً ولا يعملون مسخرين مقهورين، وأدى ذلك إلى تصدع نظام الإقطاع وانقراضه فيما بعد.
تقوية السلطة المركزية لملوك أوروبا:-2
فقد كان الإقطاع في أوروبا من أهم أسباب إضعاف السلطة المركزية لملوك أوروبا، حيث كان يستعصي عليهم إخضاع كبار الإقطاعيين أوالسيطرة عليهم ؛ لأن هؤلاء الإقطاعيين يعتدون بقوتهم وثروتهم وعبيدهم ولا يرون للملوك سلطانا عليهم، فكانت بعض ممالك أوروبا من داخلها ممالك متعددة بتعدد أصحاب الإقطاع.
جاءت الحروب الصليبية وضعف نظام الإقطاع وشارك بعض كبار الإقطاعيين فيها وهلك بعضهم في تلك الحروب – عادت السلطة المركزية في بعض ممالك أوروبا وأصبح بعض ملوكها في مكانة قوية.
إحداث تغييرات اجتماعية وسياسية في أوروبا:-3
وذلك بسبب ضعف نظام الإقطاع، ومن تلك التغيرات تقارب الفوارق بين طبقات المجتمع، وظهور الطبقة الوسطى من العمال الأحرار غير العبيد، وظهور القوميات المتعددة في أوروبا بعد أن كان الإقطاع هوالذي يوحد بين الناس في ظل السيد فلما ضعف الإقطاع آوى الناس إلى ظل قومياتهم.
ظهور جماعات دينية تحترف الحرب:-4
كفرسان المعبد" الداوية " هي هيئة عسكرية دينية تابعة للكنيسة. والاسبتارية وهي هيئة عسكرية دينية تابعة لمستشفى القديس يوحنا المقدسي وفرسان تيوتون وهي هيئة عسكرية ألمانية دينية. وجميع هذه الجماعات تأسست بسبب الحروب الصليبية، وجميعها كذلك شارك في هذه الحروب ضد المسلمين في أماكن متعددة وعلى مدى زمن غير قصير.
5-دعم مركز البابا وتقوية نفوذه
أصبح ملوك أوروبا الذين كانوا كثيرا ما يتمردون على سلطان البابا خاضعين لنفوذه، إذ يقود حربا مقدسة يمنح المشترك فيها حق غفران الذنوب بينما يصدر قرار الحرمان ضد كل من يتقاعس عن الاشتراك فيها، كما قويت تبعا لذلك مراكز بعض ملوك أوروبا الذين أسرعوا بالاستجابة لدعوة البابا بالمشاركة في هذه الحروب.
ثانياً:في الاقتصاد:
1. انخفاض أثمان الأراضي والعقارات:
إذ لما اشتد الإقبال على النقود لإعداد المقاتلين والمؤونة والأسلحة فضلاً عن الإعداد للمعركة، رغب حينئذ كثير من الناس في بيع ممتلكاتهم ومزارعهم للحصول على المال فأدى ذلك لانخفاض أثمانها.
• وهنا برز اليهود فقدموا قروضا بربا فاحش فعاش الأوربيون في القلق والاضطراب والضيق، فاستاؤوا من مسلك اليهود، فحقدوا عليهم، وعندما حانت لهم الفرصة اضطهدوا الكثيرين منهم.
2. فرض ضرائب جديدة من أجل الحروب الصليبية: من قبل بعض الملوك كما فعل لويس التاسع لتجهيز الحملة الصليبية، وكذلك فعل فيليب أغسطس وريتشارد قلب الأسد.
3. انتعاش بعض المدن الأوربية اقتصادياً: حيث أصبح النشاط التجاري يحتل مكان النشاط الزراعي، وأصبحت بعض المدن مراكز اقتصادية مثل: جنوا والبندقية وبيزا ومرسيليا وبرشلونة.
4. وأدى ذلك إلى اتساع المصارف واتساع نطاق عملها، كما أدى إلى تحسين طرق التجارة وإنشاء بعضها، وإنشاء ملاحية ذات خطوط منتظمة.
ثالثاً: في النهضة العلمية والحضارية:
إن الحروب الصليبية عرفت دول غرب أوروبا على الحضارة الإسلامية بشكل أعمق وأعرض، وتركت في حضارة أوروبا في عصر النهضة سمات ودلائل تشير إلى التأثر بالحضارة الإسلامية والنقل عنها.وسنشير إلى بعض الجوانب، ومنها:
أولا: الطب: في الوقت الذي كانت الكنيسة تحرم صناعة الطب لاعتقادها أن المرض عقاب إلهي لا ينبغي للإنسان أن يصرفه عمن يستحقه، في هذا الوقت كان المسلمون يمارسون الطب منذ زمن مبكر عن ذلك، فقد توسع المسلمون فيه وترجموا موسوعات فارسية ويونانية وهندية في الطب إلى اللغة العربية، وألفوا موسوعات لم يوضع لها نظير في الضخامة والتمحيص، وكانت بعض أمهات هذه الكتب تدرس في جامعات أوروبا لمدى زمني طويل.
ثانيا: الرياضيات: أما سائر العلوم كالرياضيات والفلك وعلوم الطبيعة كالكيمياء والنبات والحيوان والمعادن والصيدلة، فقد تفوق فيها المسلمون قبل عصر النهضة بوقت كبير، فأخذوا يترجمون الذخائر العلمية وينقلون إلى العربية علوم الإغريق والرومان والفرس والهنود، وأقيمت دور الكتب والمكتبات، وفتح الخلفاء والأمراء قصورهم للعلم والعلماء وتنافسوا في رعاية العلم وأهله، وأضاف العلماء كثيرا من الآراء والنظريات التي نسبت لغيرهم.
وبرزت أسماء كبيرة مثل: ابن مسكويه، والخازن، وابن خلدون، وابن النفيس، وابن الهيثم، وألبتاني، والفر غاني،والكندي، والخوارزمي، والبيروني، والغافقي، والقزويني، وجابر بن حيان، وابن البيطار، وداود الأنطاكي…
ثالثا:أهمية مؤلفات المسلمين: ظلت مؤلفات هؤلاء العلماء المراجع المعتمدة في، جامعات أوروبا حتى القرن التاسع عشر، واعترف عدد كبير من مؤرخي العالم بفضلهم على العالم والإنسانية حتى قال قائلهم: إنه لولا أعمال العرب لاضطر علماء النهضة الأوروبية أن يبدءوا من حيث بدأ هؤلاء، ولتأخر سير المدنية عدة قرون. وحتى قال آخر: إن كثيرا من الآراء والنظريات العلمية حسبناها من صنعنا، فإذا العرب سبقونا إليها.
رابعا: الجغرافيا: كانت جهود المسلمين في الجغرافية ذات أثر واضح في النهضة الأوروبية، وبخاصة الجغرافية الوصفية والفلكية، وكانت كتابات المسلمين وأبحاثهم وآراؤهم نبراسا اهتدى به علماء الغرب، فلقد ظهر بين المسلمين علماء أفذاذ أضافوا إلى العلم أحسن التحقيقات عن طريق الأرصاد الفلكية، ومشاهد الرحلات وتمحيص الروايات والمقارنة بينها لتبين السليم من الزائف.
أهمية الرحالة: استمر الرحالة الأوربيون يعتمدون إلى حد كبير على المصادر الإسلامية في ارتياد ما كان مجهولا لديهم من أرجاء الأرض، يقول جوستاف لوبون: فالعرب هم الذين انتهوا إلى معارف فلكية مضبوطة من الناحية العلمية عدت أول أساس للخرائط، فصححوا أغاليط اليونان العظيمة في المواضع، والعرب من ناحية الريادة هم الذين نشروا رحلات عن بقاع العالم التي يشك الأوربيون في وجودها فضلاً عن عدم وصولهم إليها.
خامسا: إنشاء المدارس: من أبرز أثار الحروب الصليبية في أوروبا أن أخذت بعض مدن أوروبا تنشئ مدارس لتعليم اللغة العربية، إذ أدركوا أن تعلم اللغة العربية أمر ضروري للوصول لأهدافهم الدينية والاقتصادية، وكان هذا سببا في إهمال اللغة اللاتينية والإغريقية إلى حد كبير وإحياء اللغات الشعبية وصنفت كذلك المعاجم العربية لمعاونة المترجمين والمتعلمين.
رابعاً: إثارة المطامع في العالم الإسلامي:
كان الهدف في الحروب الأولى دينياً في الغالب، أما محاولة العودة للعالم الإسلامي مرة ثانية فقد سيطر عليها طمع مادي في بلدان العالم الإسلامي.وشجع الأوربيون على العودة لاحتلال الشرق الإسلامي مرة ثانية فقد سيطر عليها طمع مادي في بلدان العالم الإسلامي بعد انتهاء الحروب الصليبية في جهات متعددة:
أولها:العمل على هيبة الكنيسة: حيث تحلم أن تكون من أجل ذلك جيشا أوروبيا ضخما يعيد للكنيسة هيبتها، ويعطيها السلطة التي كانت لها على ملوك أوروبا أثناء الحملات الصليبية، ثم أضافت هدفا آخر وهوالعمل على دعوة المسلمين للدخول في النصرانية.
ثانياً: رغبة ملوك أوروبا في الربح المالي: رجال المال والاقتصاد الذين بهرهم الشرق بمصنوعاته وخاماته حيث رغبوا في أن يحصلوا لتجارة ممالكهم وتجارها على أسواق رائجة وموانئ إسلامية حافلة، عن طريق سيطرة السادة الغزاة لا المتحالفين المتعاهدين.
خامسا: كيفية التخطيط للعودة إلى الشرق:قامت هذه الجهات بالتخطيط للعودة للمشرق الإسلامي، فكان من أبرز أعمالهم في هذا السبيل:
أولا: الاهتمام باللغة العربية:
1.ليسهل أمامهم التفاهم والتعرف الدقيق على هذا العالم الإسلامي تاريخه وعاداته وتراثه.
2.أما الكنيسة فليسهل على رجالها نشر النصرانية بين المسلمين، والتجار ليسهل عليهم التعامل، والملوك ليقوم بينهم وبين بلدان العالم الإسلامي سفراء يعرفون العربية.
3.تصنيف معاجم عربية أوروبية تعين المتعلمين للعربية، فصنف المعجم العربي القشتالي سنة 15.5م، وكتاب " وصف أفريقية " للحسن بن الوزان المشهور بليون الأفريقي، ونشر جيوم بوستل المستعرب الفرنسي كتاب " جمهورية الترك " الذي يعد نواة صالحة اعتمدت عليها أغلب الدراسات العربية واتخذها المستشرقون مصادر أساسية لما قاموا به من دراسات عن الإسلام والعرب
4.ترجمة القرآن الكريم ألي عدد من اللغات الأوروبية: لتيسير عمل من يقومون بهذه الدعوة أوالدعاية.
5.ترجمة الإنجيل إلى اللغة العربية، ليستعين به الداعون إلى النصرانية من جانب، وليكون في متناول المسلمين لقراءته والاطلاع عليه من جانب آخر.
6.الاستشراف: وهودراسة تراث الشرق وتاريخه وعاداته وتقاليده، وقد بدأت طلائع المستشرقين تعني بهذه الدراسات منذ القرن العاشر الميلادي إلى يومنا هذا، وكان هدفه التمهيد لغزوأرض المسلمين.
7.إنشاء مكتبات شرقية في أوروبا: مثل مكتبة باريس الوطنية سنة 1654م، وفيها حوالي سبعة آلاف مخطوط عربي، ومكتبة جامعة ستراسبرج، ومكتبة المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية.
8.إنشاء المطابع الشرقية: كمطبعة إيطاليا، ومطبعة فرنسا.
9.إنشاء المجلات الشرقية: كان للمستشرقين الفرنسيين فيها جهود معروفة، مثل صحيفة العلماء، ومجلة الجمعية الملكية الآسيوية، والمجلة الإفريقية، والمجلة التاريخية، ومجلة تاريخ الأديان وغيرها، وبعض هذه المجلات ما زال يصدر إلى هذا اليوم.
1.نتج عن هذه الأعمال احتلال ثان لكثير من بلدان المسلمين غداة تحالفت دول أوروبا الغربية والشرقية على سقوط الخلافة العثمانية، ومن ثم عملت على تفتيت الأراضي والبلدان الاسلامية وكان ذلك بمثابة وأقع جديد فرض على الارث
العثماني بموجبه أن يقسم بين من مهدو لسقوط دولة بني عثمان . . . وتقبلو تحياتي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى