- فاروقمشرف منتدى الأخبار
- عدد الرسائل : 7766
العمر : 53
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 16819
السٌّمعَة : 53
تاريخ التسجيل : 09/08/2008
مصر الجزائر في كرة القدم بلا سياسة ! .. بل إنها السياسة بقلم : حسن صبرا رئيس تحرير مجلة الشراع اللبنانية
الخميس 28 يناير 2010, 06:05
كان ذلك في شهر تموز يوليو 1982. وبيروت محاصرة من العدو الصهيوني الذي كان قد اجتاح لبنان لإخراج منظمة التحرير الفلسطينية. وقواتها المسلحة وتنظيماتها الفلسطينية. قبل شهر واحد من هذا الحدث.. حيث كانت مباريات كأس العالم في كرة القدم تجري يومها في أسبانيا.. وكانت الناس خاصة عشاق الكرة يتحلقون حول المرئيات الناقلة للمباريات..
كنا شلة من المحاصرين في بيروت.. وأبرز أسماء هذه الواقعة كانوا إلي كاتب هذه السطور: أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبشي. وأمين عام القيادة العامة أحمد جبريل ومساعده طلال ناجي والناطق الإعلامي باسم الجبهة نفسها فضل شرورو "أبوفراس"..
جلسنا جميعاً في إحدي شقق مبني في منطقة تلة الخياط. والعدو الصهيوني محاصراً لبيروت علي بعد مترات عدة.. نتابع مباراة المنتخب الجزائري مع منتخب ألمانيا الغربية "يومها" متحمسين جداً للفريق العربي المشارك في تصفيات ال16. يومها أيضاً.. وكلما أحرز الفريق الجزائري هدفاً علت أصواتنا. وبحت حناجرنا هتافاً للجزائر العربية.. وانتهت المباراة بفوز الجزائر علي ألمانيا العريقة بالكرة يومها 2/.1
خرجنا بعد المباراة إلي الشوارع المظلمة. والكهرباء مقطوعة من القصف الصهيوني.. ووجدنا أناساً كانت تتابع المباريات بربط بطارية السيارة بجهاز تليفزيون لالتقاط الصورة. وشاهدنا مجموعات تخرج إلي الشارع تهتف للجزائر تحمل علماً جزائرياً وكادت دموعنا تقفز من العيون ونحن ننظر لبعضنا. وتقشعر أبداننا.. كيف لهذه الناس المحاصرة من العدو الصهيوني أن تبتهج أو تلتفت إلي مباراة كرة.. وإلي نصر عربي؟!.. كيف لقادة فلسطينيين أن يفرحوا في هذه اللحظة لفريق عربي في كرة القدم يحقق نصراً. وهم أي هؤلاء القادة محاصرون بلا أمل ويعدون أيامهم المتبقية في بيروت التي كانت قد سلمت أمرها لهم في مواجهة العدو الصهيوني.....أنذاك كانت إسرئيل عدو ..
اتفقنا جميعاً علي أنه الشعور القومي المتأصل في نفوس جيلنا والذي غذته مصر في نفوسنا في تضحياتها من أجل أمتها.. هذا الشعور الطاغي الذي كان يحركنا جميعاً عندما كان فريق مصري لكرة القدم أو لأي لعبة أخري رياضية. يحضر إلي لبنان. وينافس إحدي فرقه. كيف كان الجمهور اللبناني ينحاز إلي الفريق المصري. لأنه يمثل جمال عبدالناصر.
تذكرنا حينما جاءنا نادي الإسماعيلي بالثلاثي الشهير رضا "رحمه الله" وشحتة وسيد عبدالرازق "سيد بازوكا" إلي بيروت. وقابل نادي النجمة العريق. والأكثر شعبية عبر تاريخ الكرة وإلي الآن في لبنان.. وكلما سجل لاعب مصري من الإسماعيلي هدفاً في مرمي النجمة اللبناني.. تعالت الهتافات: ناصر.. ناصر..
وكنا في باريس عام 1990 حين وصل المنتخب المصري بقيادة المدرب محمود الجوهري إلي كأس العالم في ذلك العام للمرة الثانية في تاريخ المباريات العالمية "المرة الأولي كانت عام 1934".
نجح المنتخب المصري في التعادل يومها مع المنتخب الهولندي العريق.. وكانت فرحتنا أنا وأولادي عارمة. نتبادل القبلات والتهاني.. لنفاجأ بشاب صغير كان يحضر المباريات إلي جانبنا في منزل أحد الأصدقاء وكان في السادسة عشرة من عمره يقول لنا باستغراب: كيف تفرحون لفوز فريق مصري علي منتخب هولندا المتقدم في بلد أوروبي متطور؟!.. أذهلنا السؤال. فرددت: يا عمو لأن الفريق المصري فريق عربي.. فرد مستغرباً: وشو يعني.. أي ماذا يعني.. "يعني إيه"؟!.. صدمني استغرابه.. ولم تغب هذه الواقعة عن خيالي حتي الآن.
لذا.. والآن..
عندما أشاهد أو أقرأ أو أسمع تحدي الآخرين "أياً كانوا" ضد أي منتخب مصري في أي مجال.. لم أعد أفاجأ..
نعم..
كنت ومازلت من عشاق مصر في كل حقل ومجال وساحة وثقافة وفن وأدب وإعلام وسينما.. وكنت أيضاً ومازلت من متابعي أخبار مباريات كرة القدم تحديداً. وكنت لاعباً محلياً في فريق محلي لبناني في هذه اللعبة.. وكنت وما أزال متحمساً للنادي الأهلي وأتابع مبارياته منذ عصر صالح سليم الذهبي وإلي جانبه رفعت الفناجيلي وطه إسماعيل وميمي الشربيني وعادل هيكل وحسن جبر ومحمد يسين.. مروراً بأنور سلامة وشريف مدكور وصولاً إلي محمود الخطيب وزيزو إلي عصر محمد أبوتريكة وعصام الحضري ومحمد بركات ووائل جمعة وأحمد حسن..
أفرح إذا فاز الأهلي وأفرح أكثر إذا فاز المنتخب القومي.. أحزن إذا خسر النادي الأهلي وأحزن أكثر إذا خسر المنتخب القومي المصري.
ومع هذا..
فما شهدناه خلال العقود الأربعة الأخيرة.. بات يشرح لنفسي.. ويبرر لها أن يمر خبر هزيمة المنتخب المصري أمام منتخب الجزائر في السودان في كرة القدم وسط انقسام عربي شعبي هذه المرة غير مسبوق.. حتي إن خبر ابتهاج حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بالهزيمة المصرية خرق أجواء لبنان بالرصاص. وجري تبادل التهاني السياسية هذه المرة نكاية أو شماتة بمصر نفسها..
لم تسلِّف الجزائر الرسمية أو السياسية حزب الله أو إيران أو لبنان أي موقف إيجابي عدا اللفظ أحياناً.. ووقفت مصر إلي جانب لبنان سياسياً وخدماتياً واقتصادياً.. ومازالت الثقافة المصرية ساحة المتعة والمعرفة الأساسية للبنانيين. بل وللعرب جميعاً "كتب سينما مرئيات إعلام مسرح..." بما لم يتعرض لأحد غيرها رصيدا عند العرب.. ولا نلوم الجزائر أبداً علي عدم حضورها أو أننا نلومها في السياسة وليس في أمر آخر.. ومع هذا يجيء ابتهاج حزب الله وجماعته بالهزيمة المصرية نكاية سياسية تلغي أي شعور قومي.. بل وتهبط به إلي الاستفزاز وليس ضد السياسة المصرية وحدها.. بل وضد مشاعر المصريين الذين لا شك يسعدهم فوز منتخب وطنهم.. وتصعقهم مواقف حزب الله منهم. علماً بأن المصريين هم الذين كانوا أكثر الناس فخراً وحباً لحزب الله. وقد رفعوا صور أمينه العام حسن نصر الله في منازلهم وعلي زجاج سياراتهم بعد حرب يوليو تموز 2006. قبل أن يتطاول نصر الله علي مصر وجيشها وقيادتها.
والأنكي من هذا أن ما قدمته مصر والمصريون للقضية الفلسطينية دفاعاً عنها وعن مصر نفسها. حائطا فولاذيا ولا في الأحلام ...هو مفخرة للمصريون والعرب في كل قضايا التحرير والعدل في العالم. ومع هذا نجد أن حركة حماس في قطاع غزة كانت تشجع جماعتها علي الابتهاج بفوز المنتخب الجزائري علي المنتخب المصري في السودان..
والدنيا كلها تعلم أن الجزائر الحالية سياسياً ورسمياً لم تقدم للشعب الفلسطيني إلا الدعاء.. لا بل في السياسة نفسها كانت الحكومة الجزائرية. سلطة وجيشاً وأجهزة أمن الأكثر شراسة في مواجهة الجماعات الإسلامية شقيقة حماس.. وقتلت منها عشرات الآلاف ذبحاً وتعذيباً وسحلاً وجز رءوس وبقر بطون وجدع أنوف.. ولم تتحرك حماس.. بل لعلها ماشت حكومة الجزائر فرحها بهزيمة المنتخب المصري.
إنها السياسة..
فما ذنب الشعب المصري المبتهج بفوز فريقه كي تستكثروا عليه هذا الفرح؟!.. وما ذنبه إذا حزن لهزيمة فريقه الكروي فتستكثروا عليه حتي الحزن؟!
فإذا كنتم تريدون العدل والمساواة فتمنوا أن يبيض الفريقان العربيان وجوهكم ووجوه العرب.. معنوياً علي الأقل في النتائج المقبلة سواء في أنجولا بالنسبة للمنتخبين العربيين مصر والجزائر.. أو في كأس العالم في جنوب أفريقيا للمنتخب الجزائري..
اليوم - الخميس - سيتقابل المنتخبان العربيان مصر والجزائر في أنجولا للمرة الرابعة خلال 7 أشهر..
المرة الأولي في 12/6/..2009 وفاز فيها المنتخب الجزائري في الجزائر 3/.1
المرة الثانية في نوفمبر في القاهرة وفاز فيها المنتخب المصري 2/صفر.
المرة الثالثة أيضاً في نوفمبر في السودان وفاز فيها الجزائريون 1/صفر.
وها نحن في المرة الرابعة سيفوز فيها فريق عربي حتماً علي فريق عربي آخر.. فالكرة والرياضة ربح وخسارة ولن يتغير حال أي شعب من الاثنين ولا نظام أي منهما ولا جغرافيتهما. ولا تاريخهما بالفوز أو الخسارة.. ولن تتقدم صناعة أو تتأخر ولا زراعة ولا تجارة ولا ثقافة ولا فن ولا مصالح مشتركة وتاريخ مشترك وتطلعات مشتركة.
لن يلغي فوز الجزائر وأنا أشجع مصر دائماً ونحن نشجع الجزائر دائما أن المصريين كانوا أول من رفع علم الاستقلال الجزائري عبر الدعم العسكري والمادي والإعلامي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للجزائر وثورتها بدءًا من 1/11/1954 حتي لحظة إعلان استقلال بلد المليون شهيد في 4/7/1962. وأن مصر تعرضت للعدوان الثلاثي عام 1956 بسبب دعمها لتحرير الجزائر العربية.
ولا نستطرد إذا قلنا إن مصر أرسلت قوة عسكرية للدفاع عن حدود الجزائر وليدة الاستقلال عام 1963 حين كادت الحرب تشتعل حول تندوف بين الجزائر والمغرب.
ولا نستطرد إذا قلنا إن مصر أرسلت مئات الأساتذة لتعليم اللغة العربية في خطة تعريب الجزائر التي حاول الاستعمار الرفرنسي فرنستها خلال 132 عاماً من الاستعمار. وإن مصر كانت تدفع من خزينتها للمدرسين المصريين لقاء مهمتهم المقدسة في الجزائر. ورغم أن الانقلاب الذي قاده العقيد هواري بومدين علي الرئيس الشرعي للجزائر أحمد بن بلة يوم 19/6/1965 انتهي إلي طرد المدرسين المصريين العاملين علي التعريب بأجور تدفعها حكومتهم في عز الحصار الاقتصادي علي مصر.. فإن جمال عبدالناصر اتصل يومها بشقيقه عبدالسلام عارف في العراق يطلب منه أن يرسل أساتذة عراقيين لتدريس اللغة العربية بدل الأساتذة المصريين الذين طردتهم حكومة بومدين بتحريض من وزير خارجيته يومها عبدالعزيز بوتفليقة "الرئيس الآن" وقد تعهد عبدالناصر للرئيس عارف بأن تستمر مصر في دفع أجور المدرسين العراقيين.. لكن نبل عارف أبي يومها تحميل مصر هذه الأعباء وأصر علي أن تدفع الحكومة العراقية أجور مدرسيها بنفسها.
كما لن يلغي فوز مصر إن شاء الله علي المنتخب الجزائري أن بومدين نفسه ذهب بعد النكسة التي أصابت مصر وسوريا والأردن إثر العدوان الصهيوني عليهم في 5 يونيو حزيران 1967 إلي موسكو برفقة شقيقه عبدالسلام عارف الذي قتل في حادث طائرة الرئيس عبدالرحمن عارف إلي موسكو. عرض دفع مليار دولار أمريكي للسوفييت لقاء التعجيل بتسليم الأسلحة سريعاً إلي مصر لمجابهة العدو الصهيوني المحتل.
إنها السياسة..
فلا نجعل مباراة في كرة القدم تستعدينا علي بعضنا البعض. ولا يحاولن أحد في الوقت نفسه قلب الهرم لإجلاسه علي رأسه. فمصر كانت ولم تزل الأم والأب والأمل..والجندي الجزائري لا يزال الجندي الجسور الذي لا يهاب الموب ويحب الاستشهاد ، والمصريون هم الذين بنوا صروح الاستقلال في كل ركن عربي. فلنحترم مشاعرهم دون استفزاز. ولنهنئهم بالفوز المستحق. ولنتمني للجزائر فوزاً مبرزاً في جنوب أفريقيا.. ولنبقي جميعاً حبايب..
يا حبيبي الكرة كرة ...و الفوز يكون حليفا للأقوياء .....
كنا شلة من المحاصرين في بيروت.. وأبرز أسماء هذه الواقعة كانوا إلي كاتب هذه السطور: أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبشي. وأمين عام القيادة العامة أحمد جبريل ومساعده طلال ناجي والناطق الإعلامي باسم الجبهة نفسها فضل شرورو "أبوفراس"..
جلسنا جميعاً في إحدي شقق مبني في منطقة تلة الخياط. والعدو الصهيوني محاصراً لبيروت علي بعد مترات عدة.. نتابع مباراة المنتخب الجزائري مع منتخب ألمانيا الغربية "يومها" متحمسين جداً للفريق العربي المشارك في تصفيات ال16. يومها أيضاً.. وكلما أحرز الفريق الجزائري هدفاً علت أصواتنا. وبحت حناجرنا هتافاً للجزائر العربية.. وانتهت المباراة بفوز الجزائر علي ألمانيا العريقة بالكرة يومها 2/.1
خرجنا بعد المباراة إلي الشوارع المظلمة. والكهرباء مقطوعة من القصف الصهيوني.. ووجدنا أناساً كانت تتابع المباريات بربط بطارية السيارة بجهاز تليفزيون لالتقاط الصورة. وشاهدنا مجموعات تخرج إلي الشارع تهتف للجزائر تحمل علماً جزائرياً وكادت دموعنا تقفز من العيون ونحن ننظر لبعضنا. وتقشعر أبداننا.. كيف لهذه الناس المحاصرة من العدو الصهيوني أن تبتهج أو تلتفت إلي مباراة كرة.. وإلي نصر عربي؟!.. كيف لقادة فلسطينيين أن يفرحوا في هذه اللحظة لفريق عربي في كرة القدم يحقق نصراً. وهم أي هؤلاء القادة محاصرون بلا أمل ويعدون أيامهم المتبقية في بيروت التي كانت قد سلمت أمرها لهم في مواجهة العدو الصهيوني.....أنذاك كانت إسرئيل عدو ..
اتفقنا جميعاً علي أنه الشعور القومي المتأصل في نفوس جيلنا والذي غذته مصر في نفوسنا في تضحياتها من أجل أمتها.. هذا الشعور الطاغي الذي كان يحركنا جميعاً عندما كان فريق مصري لكرة القدم أو لأي لعبة أخري رياضية. يحضر إلي لبنان. وينافس إحدي فرقه. كيف كان الجمهور اللبناني ينحاز إلي الفريق المصري. لأنه يمثل جمال عبدالناصر.
تذكرنا حينما جاءنا نادي الإسماعيلي بالثلاثي الشهير رضا "رحمه الله" وشحتة وسيد عبدالرازق "سيد بازوكا" إلي بيروت. وقابل نادي النجمة العريق. والأكثر شعبية عبر تاريخ الكرة وإلي الآن في لبنان.. وكلما سجل لاعب مصري من الإسماعيلي هدفاً في مرمي النجمة اللبناني.. تعالت الهتافات: ناصر.. ناصر..
وكنا في باريس عام 1990 حين وصل المنتخب المصري بقيادة المدرب محمود الجوهري إلي كأس العالم في ذلك العام للمرة الثانية في تاريخ المباريات العالمية "المرة الأولي كانت عام 1934".
نجح المنتخب المصري في التعادل يومها مع المنتخب الهولندي العريق.. وكانت فرحتنا أنا وأولادي عارمة. نتبادل القبلات والتهاني.. لنفاجأ بشاب صغير كان يحضر المباريات إلي جانبنا في منزل أحد الأصدقاء وكان في السادسة عشرة من عمره يقول لنا باستغراب: كيف تفرحون لفوز فريق مصري علي منتخب هولندا المتقدم في بلد أوروبي متطور؟!.. أذهلنا السؤال. فرددت: يا عمو لأن الفريق المصري فريق عربي.. فرد مستغرباً: وشو يعني.. أي ماذا يعني.. "يعني إيه"؟!.. صدمني استغرابه.. ولم تغب هذه الواقعة عن خيالي حتي الآن.
لذا.. والآن..
عندما أشاهد أو أقرأ أو أسمع تحدي الآخرين "أياً كانوا" ضد أي منتخب مصري في أي مجال.. لم أعد أفاجأ..
نعم..
كنت ومازلت من عشاق مصر في كل حقل ومجال وساحة وثقافة وفن وأدب وإعلام وسينما.. وكنت أيضاً ومازلت من متابعي أخبار مباريات كرة القدم تحديداً. وكنت لاعباً محلياً في فريق محلي لبناني في هذه اللعبة.. وكنت وما أزال متحمساً للنادي الأهلي وأتابع مبارياته منذ عصر صالح سليم الذهبي وإلي جانبه رفعت الفناجيلي وطه إسماعيل وميمي الشربيني وعادل هيكل وحسن جبر ومحمد يسين.. مروراً بأنور سلامة وشريف مدكور وصولاً إلي محمود الخطيب وزيزو إلي عصر محمد أبوتريكة وعصام الحضري ومحمد بركات ووائل جمعة وأحمد حسن..
أفرح إذا فاز الأهلي وأفرح أكثر إذا فاز المنتخب القومي.. أحزن إذا خسر النادي الأهلي وأحزن أكثر إذا خسر المنتخب القومي المصري.
ومع هذا..
فما شهدناه خلال العقود الأربعة الأخيرة.. بات يشرح لنفسي.. ويبرر لها أن يمر خبر هزيمة المنتخب المصري أمام منتخب الجزائر في السودان في كرة القدم وسط انقسام عربي شعبي هذه المرة غير مسبوق.. حتي إن خبر ابتهاج حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بالهزيمة المصرية خرق أجواء لبنان بالرصاص. وجري تبادل التهاني السياسية هذه المرة نكاية أو شماتة بمصر نفسها..
لم تسلِّف الجزائر الرسمية أو السياسية حزب الله أو إيران أو لبنان أي موقف إيجابي عدا اللفظ أحياناً.. ووقفت مصر إلي جانب لبنان سياسياً وخدماتياً واقتصادياً.. ومازالت الثقافة المصرية ساحة المتعة والمعرفة الأساسية للبنانيين. بل وللعرب جميعاً "كتب سينما مرئيات إعلام مسرح..." بما لم يتعرض لأحد غيرها رصيدا عند العرب.. ولا نلوم الجزائر أبداً علي عدم حضورها أو أننا نلومها في السياسة وليس في أمر آخر.. ومع هذا يجيء ابتهاج حزب الله وجماعته بالهزيمة المصرية نكاية سياسية تلغي أي شعور قومي.. بل وتهبط به إلي الاستفزاز وليس ضد السياسة المصرية وحدها.. بل وضد مشاعر المصريين الذين لا شك يسعدهم فوز منتخب وطنهم.. وتصعقهم مواقف حزب الله منهم. علماً بأن المصريين هم الذين كانوا أكثر الناس فخراً وحباً لحزب الله. وقد رفعوا صور أمينه العام حسن نصر الله في منازلهم وعلي زجاج سياراتهم بعد حرب يوليو تموز 2006. قبل أن يتطاول نصر الله علي مصر وجيشها وقيادتها.
والأنكي من هذا أن ما قدمته مصر والمصريون للقضية الفلسطينية دفاعاً عنها وعن مصر نفسها. حائطا فولاذيا ولا في الأحلام ...هو مفخرة للمصريون والعرب في كل قضايا التحرير والعدل في العالم. ومع هذا نجد أن حركة حماس في قطاع غزة كانت تشجع جماعتها علي الابتهاج بفوز المنتخب الجزائري علي المنتخب المصري في السودان..
والدنيا كلها تعلم أن الجزائر الحالية سياسياً ورسمياً لم تقدم للشعب الفلسطيني إلا الدعاء.. لا بل في السياسة نفسها كانت الحكومة الجزائرية. سلطة وجيشاً وأجهزة أمن الأكثر شراسة في مواجهة الجماعات الإسلامية شقيقة حماس.. وقتلت منها عشرات الآلاف ذبحاً وتعذيباً وسحلاً وجز رءوس وبقر بطون وجدع أنوف.. ولم تتحرك حماس.. بل لعلها ماشت حكومة الجزائر فرحها بهزيمة المنتخب المصري.
إنها السياسة..
فما ذنب الشعب المصري المبتهج بفوز فريقه كي تستكثروا عليه هذا الفرح؟!.. وما ذنبه إذا حزن لهزيمة فريقه الكروي فتستكثروا عليه حتي الحزن؟!
فإذا كنتم تريدون العدل والمساواة فتمنوا أن يبيض الفريقان العربيان وجوهكم ووجوه العرب.. معنوياً علي الأقل في النتائج المقبلة سواء في أنجولا بالنسبة للمنتخبين العربيين مصر والجزائر.. أو في كأس العالم في جنوب أفريقيا للمنتخب الجزائري..
اليوم - الخميس - سيتقابل المنتخبان العربيان مصر والجزائر في أنجولا للمرة الرابعة خلال 7 أشهر..
المرة الأولي في 12/6/..2009 وفاز فيها المنتخب الجزائري في الجزائر 3/.1
المرة الثانية في نوفمبر في القاهرة وفاز فيها المنتخب المصري 2/صفر.
المرة الثالثة أيضاً في نوفمبر في السودان وفاز فيها الجزائريون 1/صفر.
وها نحن في المرة الرابعة سيفوز فيها فريق عربي حتماً علي فريق عربي آخر.. فالكرة والرياضة ربح وخسارة ولن يتغير حال أي شعب من الاثنين ولا نظام أي منهما ولا جغرافيتهما. ولا تاريخهما بالفوز أو الخسارة.. ولن تتقدم صناعة أو تتأخر ولا زراعة ولا تجارة ولا ثقافة ولا فن ولا مصالح مشتركة وتاريخ مشترك وتطلعات مشتركة.
لن يلغي فوز الجزائر وأنا أشجع مصر دائماً ونحن نشجع الجزائر دائما أن المصريين كانوا أول من رفع علم الاستقلال الجزائري عبر الدعم العسكري والمادي والإعلامي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للجزائر وثورتها بدءًا من 1/11/1954 حتي لحظة إعلان استقلال بلد المليون شهيد في 4/7/1962. وأن مصر تعرضت للعدوان الثلاثي عام 1956 بسبب دعمها لتحرير الجزائر العربية.
ولا نستطرد إذا قلنا إن مصر أرسلت قوة عسكرية للدفاع عن حدود الجزائر وليدة الاستقلال عام 1963 حين كادت الحرب تشتعل حول تندوف بين الجزائر والمغرب.
ولا نستطرد إذا قلنا إن مصر أرسلت مئات الأساتذة لتعليم اللغة العربية في خطة تعريب الجزائر التي حاول الاستعمار الرفرنسي فرنستها خلال 132 عاماً من الاستعمار. وإن مصر كانت تدفع من خزينتها للمدرسين المصريين لقاء مهمتهم المقدسة في الجزائر. ورغم أن الانقلاب الذي قاده العقيد هواري بومدين علي الرئيس الشرعي للجزائر أحمد بن بلة يوم 19/6/1965 انتهي إلي طرد المدرسين المصريين العاملين علي التعريب بأجور تدفعها حكومتهم في عز الحصار الاقتصادي علي مصر.. فإن جمال عبدالناصر اتصل يومها بشقيقه عبدالسلام عارف في العراق يطلب منه أن يرسل أساتذة عراقيين لتدريس اللغة العربية بدل الأساتذة المصريين الذين طردتهم حكومة بومدين بتحريض من وزير خارجيته يومها عبدالعزيز بوتفليقة "الرئيس الآن" وقد تعهد عبدالناصر للرئيس عارف بأن تستمر مصر في دفع أجور المدرسين العراقيين.. لكن نبل عارف أبي يومها تحميل مصر هذه الأعباء وأصر علي أن تدفع الحكومة العراقية أجور مدرسيها بنفسها.
كما لن يلغي فوز مصر إن شاء الله علي المنتخب الجزائري أن بومدين نفسه ذهب بعد النكسة التي أصابت مصر وسوريا والأردن إثر العدوان الصهيوني عليهم في 5 يونيو حزيران 1967 إلي موسكو برفقة شقيقه عبدالسلام عارف الذي قتل في حادث طائرة الرئيس عبدالرحمن عارف إلي موسكو. عرض دفع مليار دولار أمريكي للسوفييت لقاء التعجيل بتسليم الأسلحة سريعاً إلي مصر لمجابهة العدو الصهيوني المحتل.
إنها السياسة..
فلا نجعل مباراة في كرة القدم تستعدينا علي بعضنا البعض. ولا يحاولن أحد في الوقت نفسه قلب الهرم لإجلاسه علي رأسه. فمصر كانت ولم تزل الأم والأب والأمل..والجندي الجزائري لا يزال الجندي الجسور الذي لا يهاب الموب ويحب الاستشهاد ، والمصريون هم الذين بنوا صروح الاستقلال في كل ركن عربي. فلنحترم مشاعرهم دون استفزاز. ولنهنئهم بالفوز المستحق. ولنتمني للجزائر فوزاً مبرزاً في جنوب أفريقيا.. ولنبقي جميعاً حبايب..
يا حبيبي الكرة كرة ...و الفوز يكون حليفا للأقوياء .....
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى