مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مستغانم كوم
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل
ويسعدنا كثيرا انضمامك لنا..
مستغانم كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
الأستاذ عبدالقادر فاضل
عضو مبتدئ
عضو مبتدئ
عدد الرسائل : 37
البلد : القرصنة الجوية الإستعمارية الفرنسية Male_a11
نقاط : 112
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/11/2010

القرصنة الجوية الإستعمارية الفرنسية Empty القرصنة الجوية الإستعمارية الفرنسية

الأحد 23 يناير 2011, 12:46
"القرصنة الجوية الإستعمارية الفرنسية"
بقلم الاستاذ فاضل عبد القادر

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله النبي الكريم .
اختطاف طائرة قادة جبهة التحرير الخمس من قبل عناصر القرصنة الجوية الاستعمارية الفرنسية انه يوم مشهود الثاني والعشرون أكتوبر 1956 .
عندما سئل الرئيس الأسبق أحمد بن بله من قبل صحافي القناة التلفزيونية الفرنسية: كيف تصفون عمل القراصنة الإرهابيين الجزائريين عند محاولة اختطاف طائرة الإرباس الفرنسية التي كانت مرابطة في مطار الجزائر العاصمة؟
أجاب الرئيس الاسبق السيد أحمد بن بلة بذكاء" المهرة في أعمال القرصنة هم أنتم الفرنسيون ، لأنكم اختطفتم طائرة الدي. سي. 3 التي كنت على متنها مع إخواني من قادة ج.ت.ويوم 22/10/1956" .
إنها عملية قرصنة خططت لها المخابرات الفرنسية بالتنسيق مع قيادة الجيش الفرنسي عملية اعتداء أطاحت بالدبلوماسية الفرنسية وكشفت صورة فرنسا للعالم المتحضر
نقلا عن مجلة إيستوريا في عددها 360 شهر أفريل 1976 وما جاء في مقال صحفي" لبرنار بورينج" بعنوان : Benbella croyait arriver a Tunis
هكذا عنون السيد بورينج مقاله : بن بلة بظن أنه وصل إلى تونس

في 22/10/1956 تاريخ إلقاء القبض على بن بلة ورفاقه الأربعة التاريخيون للثورة الجزائرية حادثة فجرت كالرعد ، أقلقت الدبلوماسية الفرنسية وعلاقاتها بحوادث سياسية بشمال إفريقيا يضيف برنار بورنج ،لكنها أسعدت 40 مليون فرنسي كما منحت ثقة لجيشنا (يقصد الجيش الفرنسي ) ولطمت عقلية جبهة التحرير الوطني .

إشاعات عمت مطار الرباط في هذا اليوم من شهر أكتوبر 1956 أي الثاني والعشرون منه حين وجهت دعوة رسمية إلى جلالة ملك المغرب الأقصى محمد بن يوسف أو محمد الخامس رحمه الله من الحبيب بورقيبة ليحضر ندوة حول مسألتي إتحاد المغرب العربي واستقلال الجزائر ، وكان من المنتظر أن يحمل معه على متن طائرته الخاصة قادة جبهة التحرير الخمس هؤلاء القادة هم "أحمد بن بلة – حسين آيت أحمد محمد خيذر و مصطفى لشرف ومحمد بوضياف الملقب بسي الطيب الوطني "، هؤلاء استقبلوا بحفاوة منذ يومين قبل حادثة اختطاف الطائرة عندما حطت بهم طائرة قادمين من القاهرة إلى الرباط وكان من المنتظر حضورهم الندوة التي ستنعقد بالعاصمة تونس ، تسرب خبر وجود قادة جبهة التحرير الوطني الخمس على التراب المغربي ورغبتهم في عبور المجال الجوي الجزائري الذي كان تحت مراقبة سلاح الجو العسكرية الفرنسي ، نزل الخبر كالصاعقة على
الجنرال فرو ندون قائد الفرقة العسكرية الجوية الفرنسية General frandon
chef de la 5è division
وعن طريق قنوات المخابرات الفرنسية أعلن حالة الطوارئ لتمويه الطريق لطائرة الدي سي 3 .

تمويه الطريق للدي سي 3
ليلة قبل تاريخ إقلاع الطائرة نحو تونس ، أصبح السلطان المغربي في حيرة من أمره متخوفا من العواقب التي ستعكر صفوة العلاقات الدبلوماسية إذا رافقه قادة جبهة التحرير الوطني الخمس الذين لازالوا يخوضون حربا ضد فرنسا.

فرنسا التي تخوض حربا منذ سنتين حربا ضد هؤلاء الجزائريين أصبحت غير راضية عن تصرف جلالته المتطرف باحتضانه هؤلاء القادة السياسيين الأفلانيين وحلا لأزمة الملك معها وتجنبا لأي صدام دبلوماسي أستدعي عقيد الدرك الفرنسي" تويا" أحد قادة الإحتلال بمدغشقرالجزيرة التي نفى اليها السلطان المغربي يوم 20/08/1953 ، ليصبح العقيد تويا مستشارا وديا للملك المغربي .

- اطمئن سيدي الملك لن ترفض على ماأعتقد مرافقتي لك الى تونس ، بن بلة ورفاقه يسافرون على متن طائرة أخرى ، حقيقة على متن طائرة دي.سي3التابعة لشركة إير أطلاس ، بعدما هيأ طاقم الطائرة ظروف الرحلة الجوية لقادة ج.ت.و الخمس والتي ستسلك المجال الجوي الرباط ، الدار البيضاء .سلا . وجدة .تونس .

يوم الإثنين 22/10/1956 ينطلق موكب سيارات حكومية تقل عددا من المسئولين على مستوى الوزارات الملكية وأخرى تقل قادة من جبهة التحرير الوطني . فضوليون يتزاحمون متراصفين على حافتي الطريق المؤدي الى المطار لعلهم يشاهدو مرور الوزراء وأعوان البروتوكول ، ولتمويه الطريق صعد بن بلة ورفاقه على متن بريد وهران "كوريي دوران" ، لينزلوا مسرعبين نحو طائرة دي.سي.3 خصت لهم و حسب رأي أحمد بن بلة خطة مدبرة ومثلما يقول " باعونا ".........

وعندما اكتشف جهاز المخابرات الفرنسية أمر القادة الخمس ، لم يكن أي من بن بلة ورفاقه يعلمون بالوشاية. بعد لحظات من صعودهم تقلع طائرة الدي.سي 3 محلقة في الأجواء قاصدة الشمال الى هذا التاريخ 22/10/1956 يعي ملك المغرب مسعى رئيس الحكومة الفرنسية غي موليه و المتمثل في وضع حد للمأساة الجزائرية مثما يصف الصحفي المتطرف برنار بوررينج كاتب المقال الذي طعمه بصور لبن بلة مقيد اليدين في مكتب أحد ضباط المخابرات الفرنسية الذي يدير ظهره لعدسة الكاميرا بينما الرئيس الأسبق أحمد بن بلة يقف قبالة عدسة التصوير.

سبق وان تمت اتصالات سرية بين قادة الثورة بالقاهرة شهر أفريل بوساطة جمال عبدالناصر( الذي أراد أن يتبنى الثورة الجزائرية مثلما يسعى حاليا حسني مبارك جاهدا مع ولديه للمتاجرة بالقضية الفلسطينية ) لقاءات بين دبلوماسيين فرنسيين ووقادة من ج.ت.و أسفرت عن سوء تفاهم حول وقف اطلاق النار ولقاءات أخرى نظمت في جويلية بيوغسلافيا ( بريوني ) وفي شهر أوت بروما دون جدوى . مع حلول شهر سبتمبر، وريث العرش العلوي مولاي الحسن الثاني يصل العاصمة الفرنسية باريس محاولا تقصي الوضع والبحث من أحل إيجاد حل للمسألة الجزائرية حاول ولي العهد المغربي إيجاد وفاق ودي بين الحكومة الفرنسية وقادة جبهة التحرير الوطني، لكنه فشل في مسعاه ، وان كان في نظرنا رغبة المغرب في تجنب تعكير صفوة العلاقات المغربية الفرنسية ، وفي هذه الآونة 22/10/1956 كان رئيس الحكومة الفرنسية غي موليه منشغلا بالتحضير للحملة الأنجلو فرنسية الشرسة على السويس بإشراك الصهاينة ، يجب انتظار مجيء بورجيس مونوري الذي حاول طمأنة ولي العهد المغربي الحسن الثاني بحسم القضية الجزائرية نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر . ويستمر الصحفي المتطرف في مقاله معنونا إحدى فقراته :
( عنوان أورده صاحب المقال برنار بورينج) : Cinq salopards a bord.

نحن هنا ظهر الثاني والعشرين أكتوبر عندما استقبل جنرال الإدارة بالعاصمة الجزائر السيد سوشاد إستقبل بمكتبه زائران إثنان هما :
Le colonel DUCOURNEAU
مدير الديوان العسكري للسيد لاكوست والعميد براني رئيس الديوان.
انتابتهم فرحة على إثر خبر سار مفاده عبور طائرة للأجواء الجزائرية تقل خمسة من قادة ج.ت.و وهاهي الفرصة مواتية للتخلص من رأس الثورة حسب زعم السيد
CHAUSSADE

يتوقع صعوبة المسؤولية على أي امرئ كان، لذلك يهتف الى باريس عله يتلقى من لاكوست أمرا عسكريا لكن هذا الأخير أي لاكوست كان في جولة بإقليم" لادوردون" والذي سيلتحق مباشرة بالجزائر العاصمة مساء، في وقت يكون السيد بورجيس مونوري وزير الدفاع الفرنسي قد توجه إلى لندن للتباحث في مسألة الد فاع الفرنسي حسب زعم كاتب المقال الصحفي المتطرف برنار بورينج لأن حقيقة هذا التباحث تتعلق بالعدوان الثلاثي على مصر إنجليزي فرنسي صهيوني، انها المؤامرة طمعا في مشروع السويس وانتقاما من مصر.
تمكنت السلطات الفرنسية في الجزائر من الإتصال بالسيد
كاتب الدولة للقوات المسلحة والذي يوافق على تنفيذMAX LE JEUNE
مخطط اختطاف طائرة الدي.سي.3 التي كان من بين ركابها قادة جبهة التحرير الوطني الخمس ،
يواصل الصحفي بورينج :" لم نبق في هذه اللحظة مكتوفي الأيدي بالجزائر العاصمة فعلى الساعة العاشرة من صباح يوم الثاني والعشرين أكتوبر 1956 أمرت بصطياد طائرة السلطان المغربي لأن برنامج الرحلات الجوية لم يتم الإبلاغ عنه بالعاصمة الجزائر "، لكن بن بلة ورفاقه لم يكونوا على متن الطائرة التي كان يقلها الملك بل امتطوا طائرة دي سي 3 . الساعة الرابعة عشر زوالا حالة استنفارات قصوى ، حركة طوارئ بمطار الجزائر العاصمة ، وبعد نصف ساعة عن إقلاع طائرة" الدي. سي 3." من مطار الرباط يحذر قائدها عن طريق اتصال لاسلكي من برج مراقبة مطار الإقلاع أن ينحرف نحو مايوركا شمالا عوض لتوجه نحو تونس مباشرة عبر المجال الجوي الجزائري حتى يتملص وموجات الإتصال المنبعث من العاصمة الجزائرية لكن المركز الجهوي بالعاصمة امتد على موجة طويلة نحو اسبانيا ، استمر برج المراقبة في متابعة طائرة الدي سي 3 المحلقة دقيقة تلو أخرى ، وعلى الساعة السادسة عشر أي الرابعة مساء تدخل برح المراقبة من مطار وهران في اتصال لاسلكي ؛ودار حوار هام بين الطيار وقائد برج المراقبة اتخذ منحى سياسي شائك في مسألة بن بن بلة ( للذكر فإن الحوار الذي دار بين الطيار وبرج المراقبة نشره :
J- R- TOURNOUS , dans la revue HISTORIA N° 164

ومما جاء في الحوار :
- عليكم أن تفتعلوا أزمة على مستوى الطائرة أي أن تتظاهروا بإصلاح عطب أصاب المركبة وليكن الهبوط بمطار وهران ( أمر من برج المراقبة بوهران )
- ماهذه القصة ؟ يرد الطيار
- لديكم خمس صعاليك على متن طائرتكم عليكم بتسليمهم فورا.
طاقم الطائرة محتار فيما حدث لايعلم من هم هؤلاء الصعاليك ، بعد معلومات كان من واجبه أن يسأل برج المراقبة بوهران .
- من يكلمنا ؟ يسأل الطيار
- معكم وزير الدفاع الفرنسي .
وبعد دقائق يرد الطيار معلنا أنه قرر الهبوط ببالما لمايوركا ثم يستأنف الحوار بعد الإقلاع .
- Il nous faud les fellouzes -
تلك هي الكلمات التي ترددت من برج المراقبة ، هدوء تام داخل الطائرة ، صحفيون أجانب احتلوا مقاعدهم بجوار جزائريين ، يعرفون عددا من المراسلين المغاربة يشتغلون بصحف أمريكية وفرنسية أحدهم مراسل النيويورك تايمز وأخر من صحيفة فرانس أوبسيرفاتور في قسم التحرير . الرئيس بن بلة يتجاذب معهم أطراف الحديث" أناجد متفائل" .. يشعر بثقة بعد مقابلته لجلالة سلطان المغرب مع رفاقه ( إنها الثقة العمياء ) يشعرون بالطمأنينة لكن لم ينتبهوا للحوار الذي كان يدور فوق رؤوسهم .
يدخل برج المراقبة لمطار العاصمة بإحدى الموجات مع الطيار :
- تعالوا للهبوط بمطار العاصمة .
- لكن باسم من تتكلمون ؟يسأل الطيار
- بإسم الحكومة الفرنسية ، وبأمر من السيد لاكوست وزير الجزائر .
- هذا واضح.
لكن قائد الطائرة انتابته فطنة ورد قائلا : نحن ننتمي إلى شركة طيران أجنبية ، فهذه الأوامر لاتهمنا .
علينا بإلقاء القبض على" الفلوز "
يرد قائد برج المراقبة .(Il nous faud les fellouzes )
أصبح طاقم الطائرة دي .سي 3 في موقف حرج ، يطلب توضيحات من الشركة الشريفية المغربية ، وبعد البلاغ تضع حكومة الرباط أفرادها في حالة استنفار قصوى طوارئ بوزارة النقل المغربية ، يأمر وزيرها المغربي الطيار بالانحراف نحو بالما عن طريق برقية والتي لم تصل نتيجة تشويش الموجات اللاسلكية وكان ذلك افتعال متعمد من الجيش الفرنسي ، لم يجد قائد طائرة دي سي 3 وطاقمه ما يفعلون سوى يطلبون من العاصمة السماح لهم بالعودة الى الرباط لكن قيادة السلاح الجوي الفرنسي وبأمر منها يطلب قائد برج المراقبة من قبطان الطائرة دي.سي.3 الهبوط بمطار الجزائر العاصمة انها الساعة الثامنة ليلا ، يبحث قائد الطائرة عن مبررات لعله ينجو من المطاردة :
- تركنا عائلاتنا بالرباط ، يبرر الطيار..
- سنتكفل حينا بهم ، سنطمئنهم ..يرد قائد برج المراقبة
- نحن ننقل مسافرين وخصوصا صحفيين أجانب .. يجيب الطيار
- لاتقلقوا .. يحاو قائد البرج طمأنة القبطان
- واذا كان الثوار مسلحون .. يعلل القبطان
- اطمئنوا ..
إحدى مظيفات الطائرة راحت تتفقد أمتعة الجزائريين دون اشعارهم ، السيد أحمد بن بلة يحمل معه رشاش آلي ورفاقه يحملون مسدسات الأمر الذي زاد أفراد طاقم الطائرة رعبا .
وإذا شعروا أننا فوق العاصمة الجزائر وليس تونس ، واكتشفوا المؤامرة وصوبوا أسلحتهم إلى ظهر القبطان . كانت تلك مبررات طاقم الطائرة ...
بدأت المطاردة ، تعقدت الأمور على قائد الدي.سي.3 وطاقمه، دخلت الطائرة المجال الجوي للمتوسط وبالضبط تقترب من العاصمة .
- تظاهروا بأنكم فوق مطار تونس يقترح الطيار محاولا تشجيع طاقم المركبة .
غربت شمس ذلك اليوم الاثنين 22/10/1956 لتصل طائرة السيد روبير لاكوست
( الذي يرتدي كثير من أبنائنا ماركاته وألبسته التي تحمل تمساحا شرسا مثل شراسة لاكوست ) قادمة من فرنسا لترسو بمدرج مطار الدار البيضاء (هواري بومدين ) بالعاصمة الجزائر كان لاكوست قد أبلغ بالحدث ، هل بإمكانه اتخاذ قرار بشأن طائرة دي.سي.3 بل سوف لن يعارض ما تسعى اليه المخابرات الفرنسية .
عند وصوله يدلي السيد لاكوست بالحديث التالي : " قادة الثورة يتواجدون فوق التراب الفرنسي (يعني بذلك التراب الجزائري ) ينفلتون من أيدينا ونحن لازلنا في حرب من واجبي إيقافهم ن علي أن أتوقع كل الاحتمالات أليس كذلك سيدي الجنرال (يتوجه إلى الجنرال فراندون ) ويضيف السيد لاكوست ما هي قوانين الأمن الملاحي يجب أن نرغم طائرة دي سي 3 على الهبوط
يرد الجنرال فراندون : يمكنني أن آمر الطيران الحربي بإطلاق النار مباشرة على المحرك يقصد محرك طائرة الدي.سي 3 التي تقل قادة ج.ت.و الخمس
يلتفت لاكوست في لحظة تردد قائلا لانطلقوا النار على الطائرة قد يؤدي ذلك الى حادث خطير ، لا أغامر بقتل قادة جبهة التحرير الوطني في نفس الطائرة التي تقل ركابا وطاقما ، سينعتنا العالم بأننا مجرمون ، ويقول أننا تعمدنا قصف طائرة مدنية ، وإذا رفضت الطائرة الانصياع لأوامر الهبوط ، حاصروها بمطاردة حربية ، الأمر بإطلاق النار على المحرك ما هو الا تهديدا للطيار وطاقم الطائرة دي.سي.3 .
لم يجد الطيار مخرجا عند اقترابه من ساحل الجزائر ، لكن شغله الشاغل هو أن تصل الطائرة إلى مطار تونس العاصمة سالمة على الساعة التاسعة وعشرون دقيقة (9 سـا 20 د ) ليلا ولكن كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف عندما اقتربت من الجزائر العاصمة ، ففي حالة ما اذا نظر أحد قادة جبهة التحرير الى ساعته يلحظ وقت هبوط مبكر وحينها تنكشف له المؤامرة .

المكيدة :
لربح الوقت وإطالته يبدأ قائد الطائرة بالدوران في سماء العاصمة دورات متتالية ، وخوفا من أن يتبادر لأي راكب القمر اللامع من نوافذ الطائرة مرة على الجهة اليمنى ومرة من الجهة اليسرى فأي كان من الركاب قد يكتشف أن الطائرة لا تأخذ اتجاها مستقيما بل تسير في حركة دورا نية ، حيرة طاقم الطائرة دفع إحدى المضيفات إلى إنزال ستائر النوافذ حتى لا يعلم الركاب مايجري خارج المركبة .
الدقائق تطول ، فجأة تصل رسالة قصيرة إلى مطار الدار البيضاء بالجزائر العاصمة "نحن نعبر الآن أجواء شرشال ، الكل على أحسن مايرام على مركبتنا ،لا يعبأ أي من قادة جبهة التحرير بما نقوم به ، هل اتخذتم التدابير الأمنية ؟.
قيادة المطار تطمئن قائد الطائرة ، مضيفة الطائرة تعلن للركاب " أربطوا أحزمتكم نحن نقترب الآن من العاصمة تونس يستجيب الركاب لأمر المضيفة ، دقائق وتصل عقارب الساعة الى 9سـا 20د ، تبدأ الطائرة بالهبوط وهي تقترب من مدرج مطار الجزائر العاصمة ، قادة جبهة التحرير الخمس يلحظون عبر نوافذ الطائرة صفوف جيش يتراصف أفراده يمينا وشمالا ، ويشير صاحب المقال الفرنسي بورينج أن أولائك الأبطال كانوا يظنون وجود ذلك الحشد من الجيش ما هي إلا حفاوة استقال خصم بها المناضل الحبيب بورقيبة ، عشرات الدبابات تنتشر على أرضية المطار هنا وهناك ، في الوقت الذي توقفت طائرة دي.سي.3 تنطفئ الأنوار الداخلية للمركبة وتتوهج الأضوء الكاشفة من كل صوب نحو الطائرة جنود العقيد آدريس قائد الأمن، يطوقون الطائرة بأسلحتهم الرشاشة مصوبة نحو مخرجيها :
إرفعوا الأيادي ... إرفعوا الأيادي ...
عمل جيد ، عنوان لصاحب المقال ...
إنها الكارثة لامجال لأن تحاولوا الدفاع عن أنفسكم .

القادة الجزائريون جردوا من أمتعتهم وأسلحتهم وشدت أيديهم بأغلال ثم رأوا أنفسهم يدفعون داخل سيارة الأمن الفرنسي لتنطلق مسرعة نحو العاصمة .

( للذكر تحمل المجلة صورة بن بلة في مكتب أمام ضابط أمن فرنسي هذا الأخير مديرا ظهره لعدسة التصوير فلا يظهر وجهه جيد بينما الرئيس أحمد بن بلة في ريعان شبابه يقف أمام ذلك الضابط مقابلا عدسة الكمرا وهو يستنطق ) .

يشير الرئيس الأسبق أحمد بن بلة :" عمل جيد .. لم أكن أظن أن الفرنسيين وصلون إلى مثل هذه المهارة . بقيت المسألة بعيدة كل البعد عن نهايتها ، حادثة طائرة دي.سي.3. أفرزت ردود فعل دولية مختلفة، انشغلت باريس بالحدث ( في الأوساط البرلمانية والإعلامية وحتى الشارع الفرنسي والجزائري) بداية من ظهيرة ذلك اليوم الاثنين 22/10/1956 ، يتلقى السفير المغربي برقية يكتنفها غموض تعلن على أن شيئا ما يحظر. يتصل على الفور بالفرنسي السيد آلان سافاري كاتب الدولة للشؤون التونسية المغربية طالبا منه استفسارا حول الحادثة لكن السيد السيد آلان سافاري لم يبدي جوابا معربا أن المعلوات الدقيقة لم تتضح وقد تمتد الى الساعة العاشرة مساء توقيت تلقيه مكالمة من السيد لاكوست يعلمه بخبر سار مفاده ، نجاح الأمن الفرنسي في توقيف قادة جبهة التحرير الخمس غير المرغوب فيهم .

: ALAIN SAVARY
كثير الشكوك ،عليه أن يجد بسرعة رئيس المجلس ، الذي كان مدعوا لمأدبة عشاء عند عند الجنرال "غرونتار"، يشير صاحب المقال الصحفي السيد بورينج أن مسألة السويس أي الإعداد للعدوان الثلاثي لم تشغل فرنسا ولايمكنها أن تدير ظهرها للقطرين المغرب وتونس ، في الوقت الراهن يتجه غي موليه الى قصر الإليزي أين يستقبل من قبل فرانسوا كوتيه رئيس الجمهورية الفرنسية الرابعة لم يخف ارتباطه بأحداث القضية ( قضية اختطاف طائرة دي .سي. 3. ) بل يتابعها عن كثب ، مكالمة من تونس تعلمه بانتقال السلطان المغربي اليها ليلتقي بالحبيب بورقيبة قصد الإحتجاج على ما أقدمت عليه حكومة فرنسا ...

وفي تلك الآونة السيد "برينو دو لوس" السفير الفرنسي بتونس يدخل في حوار شديداللهجة مع روبر لاكوست بين عاصمتي الجزائر وتونس يبدوأنكم تحاولون بهذا الأسلوب الإطاحة بسياستنا رأسا على عقب مسؤوليتكم ساحقة .

لم يتقبل السيد لاكوست تلك الإنتقادات رغم صدورها من أحد الدبلوماسيين الفرنسيين ليرد هو الآخر بأسلوب شديد اللهجة قائلا " لاتنسو بأنكم تتحدثون مع وزير الجمهورية الفرنسية ، أدافع عن وطني ،القادة الخمس كادوا يمرون فوق رأسي فأوقفتهم ، لا أحتاج إلى دروس في الوطنية .. خشن .." ويقفل الهاتف .
نـــحـن في حــرب:
في تلك الآونة يعقد كبار الشخصيات الحكومية الفرنسية مجلسا بباريس ، بقصر الإيليزي حضره كل من "غي موليه " ألان سافاري " بورجيس مونوري " العائد من لندن و "ماكس لو جان " الذي أصر على الدفاع عن مواقفه حيث أثنى قائلا :

" نحن في حرب أفراد الجيش الفرنسي يقتلون كل يوم ، أنا مكلف للقيام بالحرب ، اليوم وسائر الأيام " هذا الأخير يعى أنه يتلقى دعما من السيدين بوجيس مونوري ، وبينو وزيرالشؤون الخارجية الذي يؤكد هو الآخر على استعمال القوة أي الحل العسكري اتجاه الجزائريين بحيث يظيف قائلا : " تلقى الجيش الفرنسي تعليمات للحفاظ على النظام العام ، ايقاف الثوار بأي وسيلة كانت أم أن ينقلولوا على متن طائرة وأن نحدد لهم الإتجاه الصحيح ، رد فعل الجيش كان صائبا تمثل في استعمال ما أمكن لرصد الطائرة تلك الطائرة ، أصبح السلطان المغربي في موقف صعب للغاية ، هل في اعتقاده نطلق سراح قادة الثورة المقبوض عليهم ؟تخيلو حالة أباء وأمهات المحاربين الفرنسيين في الجزائر .. ولا حكومة تقبل ذلك (يقصد اطلاق سراح المعتقلين ).

يضيف صاحب المقال الصحفي السيد برنار بورينج :
لقد تفاءلت الجماهير الفرنسية بنتائج اللعبة الناجحة التي أطاحت بجبهة التحرير الوطني ، السيد :
يكتب في إحدى صفحات الفيغارو:M.ANDRE FRANçOIS PONEET

معظم الفرنسيين كانوا هنا ، يعتقد البعض أننا نتلقى ضربات دون رد ، في اعتقاد أن كل غض طرف من فرنسا المسلمون هو موقف ضعف السيد سافاري يستقيل ولكننا لن نطلق سراح المعتقلين . إن حادثة 22 أكتوبر1956 تنعت تارة على أنها عمل قرصنة وأخرى نصر رائع .. والبعض يتأسف عن ذلك الصدام مع القادة العرب و الذي سيؤول حتما الى توتر العلاقات معهم وقطعها .. والبعض يتلذذ نشوة النتائج التي تؤثر عل معنويات الثوار وتؤدي الى تراجع دورهم في شمال افريقيا ..

( يقصد صاحب مقال لو فيغارو أن ختطاف الطائرة يرهب الثورة في الداخل بل بالعكس زادها صلابة واتساعا ) من جهة أخرى الندوة المقررة بتونس والتي من المفروض يحظرها القادة الخمس ، أجهضت ، أصوات تتعالى بمدن مغاربية تطالب باستقلال الجزائر ، منها مدينة مكناس المغربية التي تشهد تنكيلا بمستوطنين فرنسيين ،ومن جهة أخرى تمكن جهاز الأمن والمخابرات الفرنسية من استيقاء معلومات لفائدة الحكومة وقيادة الأركان على اثر اعتقالات واسعة .

:De la SANTE à L’ILE D’AIX
عند الوصول إلى العاصمة خضع المعتقلون إلى عملية تفتيش دقيقة كما خضعوا لاستنطاق . السيد بن بلة عثرفي الحقيبة التي كانت بحوزته على سلاح رشاش ، و22 خرطوشة في حالة سليمة للاستعمال

ـ هذا السلاح تسلمته من صديق لي مسئول جبهة التحرير الوطني بالمغرب ساعة قبل إقلاعنا من مطار الرباط، ولا يمكنني الكشف عن هويته . كما عثر على ثلاث جوازات سفر في حقيبته أحد هذه الجوازات لمواطن مصري من تجار القاهرة من مواليد 1919 والثاني لأحد المغاربة من مدينة الدار البيضاء حرفته ميكانيكي من مواليد 1926 أما جواز السفر الثالث لمغربي ثان بتاريخ ميلاده ( لم يذكر صاحب المقال تاريخ هذا الأخير ).

- تلك الجوازات ساعدتني على التنقل في عدة بين عدة أقطار، يجيب بن بلة الذي كانت بحوزته مبالغ مالية من عملات مختلفة الجنيه الإسترليني ، الدولار الأمريكي ، الجنيه المصري بالإضافة الى مبلغ ملين فرن فرنسي من الأوراق البنكية .

- هذه المبالغ ملك لمكتب جبهة التحرير الوطني بالقاهرة ، أنقله لتغطية مصاريف مهمتي خلال الرحلات ، يؤكد الرئيس الأسبق السيد أحمد بن بلة .

ومن بين ماعثرنا عليه يشير مسئول الأمن الفرنسي زيادة على الأموال وجوازات السفر ، وثائق تحمل حسابات بالأرقام لمشاريع أي مصاريف وملخصات مترجمة تتعلق بصفقات أسلحة (أي شراء أسلحة )نموذج هام في كراس متمدرس ، أسلحة تحمل أثمانها ، بالإضافة الى مخطط لهجوم على محافظة شرطة وهران مع شرح لموقع محلات ، وثيقة أخرى تثبت أن الأمير مولاي الحسن يقترح تزويد المعنيين أي قادة جبهة التحرير الوطني بأسلحة آلية رشاشة . مع الأسرى الآخرين عثر على عدة جوازات سفر إلى جانب بطاقات هوية وعدد من الصور الفوتوغرافية ودفاتر تسجيل مشفرة وأرصدة مالية موجهة لتمويل الثورة ، كما وجد بحوزة عناصر جبهة التحرير الوطني تقرير مفصل في ثلاث فصول يصف لوضع السياسي ، والوضع العام في الجزائر وخارجها ووسائل العمل والدعاية ، عموما كل الوثائق تشكل ملفا هاما للأمن الفرنسي وجهاز المخابرات . استمر استنطاق القادة الخمس ( لكن لا يعلم كيف تمت معاملتهم ولذا لو تكون لي فرصة أطرح عليه عدة أسئلة بخصوص هذا المقال لنصحح ادعاءات صاحبه الفرنسي برنار بورينج ). السيد بن بلة يرفض الإجابة عن أسئلة دقيقة تتعلق بالوثائق المصادرة لكنه ، فضل التحدث عن وفد جبهة التحرير المقيم بالقاهرة والدعم المصري لمسالة الاستقلال الوطني لكنه أبدى تحفظه أثناء، طرح بدقة أهداف الجزائريين من خوض حرب مسلحة أثناء الحديث عن المسألة العسكرية والسياسية مشيرا لى الضغط السياسي الفرنسي ... خيذر هو الآخر سئل ظهر أكثر مرونة من رفيقه بن بلة حول المشروع المستقبلي للجزائر كما أشار " أن انتصار جبهة التحرير الوطني لايقف على العمل المسلح فقط بل يقتضي البادرة الدبلوماسية ، ولايمكن لفرنسا فعل شيء دون حوار مع ممثلي الشعب الجزائري "

لم يستمر وجود القادة الخمس بالعاصمة الجزائرية بل تظطر السلطات الفرنسية الى نقلهم على متن طائرة خاصة الى مدينة " كراي " ومنها الى باريس وأوكلت المهمة الى جهاز استعلامات الفرنسي – أس.دي. أو . سي .أو - ، وقبل مغادرتهم العاصمة الجزائر نحو فرنسا أمضوا التصريح التالي " نحن الممضون أسفله نصرح بأن
قد أحسنت معاملتنا . La D.S.T.
أما في باريس فإن وزير الدفاع الوطني الفرنسي السيد بورجيس مونوري قرر نقل محاكمة القادة الخمس الى محكمة الناحية العسكرية الأولى ليوحولوا إلى سجن " لا سانتي " وفي 13 ماي ينقلون الى" جزيرة إيكس" يمكثوا ليعاملو كسجناء سياسيين إلى أن استقلت الجزائر .
عن برنار بورينج
ترجمة الأستاذ فاضل عبدالقادر

التعليق : من خلال قراءتنا لنص السيد برنار بورينج أكتشفنا النظرة الاستعلائية. للصحافة الفرنسية التي تخدم سياسة الحكام نصا وصورة ، وتروج على أن فرنسا قوة ، لكن يا للأسف هذه الدولة التي هزمت في كل قارات العالم أين تواجد جيشها منذ عهد نابليون بونابرت.

فرنسا التي تعنت شعوب النصف الجنوبي من الكرة الأرضية بالتخلف والتطرف والإرهاب والقرصنة ، لقد كانت سباقة في العدوان والتطرف والقرصنة وقهر الشعوب المستضعفة ، وهاهي اليوم تتعامل مع الإرهاب العالمي ، تبرم صفقات مع مختطفي الرهائن وتتدخل في شؤون دول افريقية وآسيوية .

-إلقاء القبض على القادة الخمس لاتتمكن فرنسا بعبقرية رجالها لولا الخيانة مثلما يشير الرئيس الأسبق السيد أحمد بن بلة بالحرف الواحد " ياودي باعونا " بصوت خافت من خلال التسجيل الموجود بقرص عنوانه " تاريخ الجزائر ".

الصور التي تحويها المجلة :
1- القادة الخمس ببدلات أوربية يتوسطهم ولي العرش العلوي الحسن الثاني بالزى العسكري يقفون أمام طائرة للخطوط الجوية المغربية بمطار الرباط في الصفحة 68 من اليسار الى اليمين بن بلة ، خيذر ، مولاي الحسن، مصطفى لشرف (لايظهر جيدا )أيت أحمد ، ومحمد بوضياف .

2- الصفحة 69 يظهرعليها القادة الخمس مقيدين من أيديهم أمام مكتب للأمن الفرنسي – من اليسار الى اليمين " أحمد بن بلة " محمد بوضياف " حسين أيت أحمد " مصطفى لشرف " محمد خيذر .

3- الصفحة 70 على طاولة بأحد مكاتب جاز الأمن الفرنسي حقيبة ومحفظة ورشاش آلي ووثائق .

4 الصفحة 71 مشهد لأحد أجنحة البرلمان الفرنسي أين يقف غي موليه يلقي خطابا يبرر من خلالة العدوان المشترك مع اسرائيل وبريطانيا على مصر والذي نفذ فجر 29/10/الى 30/10/1956





الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى