إصلاح أسوأ من الفساد؟! فهو عين الفساد

عامل السلطة في الجزائر مع الشعب يتم وفق منطق "قللو يرضى"! فرجال السياسة والإعلام كانوا يشتكون من تضييق السلطة على الحريات بمختلف أنواعها.. الحريات السياسية والحريات الإعلامية.. فجاء إصلاح السلطة لقانون الإعلام ليزيد الوضع تعقيدا بحيث أصبح الإصلاح الذي تقترحه السلطة على نفسها في البرلمان لإصلاح قانون الإعلام هو في النهاية إصلاح يعتبر الفساد القائم قبله أفضل منه! ولكم أن تتصوروا جدية إصلاحات إعلامية الفساد الذي كان قبلها يعد أفضل منها!
ماذا يعني مثلا معاقبة الصحافيين بالحبس إذا أساؤوا لهيئة نظامية؟! والبرلمان يذكر بالاسم كهيئة نظامية بغرفتيه! ومعنى هذا الكلام أن الهيئة النظامية في القانون الجديد لم يعد الجيش فقط والقضاء بل أصبح نواب البرلمان أيضا هيئة نظامية.. والحكومة والوزراء أعضاء في هيئة نظامية.. والديوانة والشرطة والحماية المدنية هيئة نظامية.. وحتى الأحزاب والنقابات هي أيضا هيئات نظامية.. والديبلوماسية هيئة نظامية!
وحتى السراق والعصابات المسلحة والمافيات السياسية وغير السياسية هي أيضا هيئات نظامية لا ينبغي المساس بها! ومن يخرق هذا القانون يعاقب بالتغريم والحبس وتصل العقوبة إلى حد السجن 10 سنوات! هكذا يقترح القانون.. قانون الإصلاح الذي جاء أسوأ من الفساد.
لم يقل لنا القانون ما معنى إهانة هيئة نظامية.. ألا يعتبر الحديث عن رشوة السلطة لنواب البرلمان عند التصويت إهانة لهيئة نظامية يعاقب عليها القانون؟!
ثم إن الحديث عن العدالة أيضا مساس بهيئة نظامية.. ومعنى هذا الكلام أن العدالة هي الأخرى مثل الجيش والبرلمان والحكومة والشرطة خارج نطاق الرقابة الإعلامية! ولم يبق للإعلام كهيئات غير نظامية غير جمعيات ترويض الكلاب.. وأخبار الكلاب المسعورة وأخبار حوادث المرور وبرقيات التعازي لأهالي الموتى.. ورسائل الشكر للرؤساء والملوك!
ماذا يعني فتح المجال السمعي البصري في هذا القانون وهذا المجال كان أصلا مفتوحا في القانون الحالي المجمد بإجراءات قانونية! إذا كان الفتح يرافقه غلق للحريات غلقا تاما!
ما يقترح على الجزائريين من إصلاحات سياسية وإعلامية تعد حالة الفساد الحالية أفضل منها هو في الحقيقة دعوة صريحة للشعب الجزائري للبحث عن حلول أخرى مع هذه السلطة تختلف عن التعلق بسراب الإصلاح الذي ينتظره الناس.. الإصلاح الذي يؤدي إلى التداول على السلطة لن يحدث.. والإصلاح الوحيد المقترح علينا الآن هو تداول الفساد والظلم والاستبداد على السلطة ولا شيء غير ذلك!
بقلم: سعد بوعقبة