ضياع وفساد

اذا لو عاد بومدين وعلم أن الشعب الجزائري أصبح من أرخص الأمم في العالم حين أكل بطاطا الخنازير الكندية.. وأن بطنه اشتهى اللحم فأكل لحوم الحمير! وعاجلا أو آجلا سيأكل القطط والكلاب والخنازير والجرابيع وكل ما تشتهيه السباع والضباع؟.. ماذا لو عاد بومدين وعلم أن الجزائريين تقاتلوا فيما بينهم ووصل عدد القتلى إلى أكثر من 200 ألف؟.. ماذا لو عاد بومدين وعلم أن العقار في الجزائر أصبح سعره ينافس جزيرة هاواي في الغلاء.. وأن الجزائري لا يستطيع حتى أن يحلم في منامه بالحصول على السكن؟.. ماذا لو عاد بومدين وعلم أن الجزائر تحتل المراتب الأولى في الفساد وأن عاصمتها من أسوأ وأقرف العواصم في العالم؟.. ماذا لو عاد بومدين وعلم أن نسبة البكالوريا في الجزائر قد تجاوزت 60٪؟.. ماذا لو عاد بومدين ووجد عمي سعد بوعقبة مازال يكتب في الصحافة ولم يرق إلى شيء آخر؟.. ماذا لو عاد بومدين؟.. اللهم ارحمه وارحم كل شهداء الجزائر.
بوحسون: أكيد جزائري
لو التقيته سأقول له تلك جزائر جيل الثوره وهذه جزائر جيل الاستقلال الذي لم تدخر جهدا لتعلمه وترفع رأسه، لكنك لم تفلح في تعليمه حب الوطن.. جيل لا يدخر جهدا في تحطيم وبيع هذا البلد، ولم يترك لنا نحن جيل ما بعدك إلا الذل والهوان. ربما إنك سافرت ماشيا إلى مصر لأنك لم ترض بظلم الاستعمار.. ونرى اليوم جيل ما بعدك يسافر سباحة لأنه لم يرض بظلم جيل الاستقلال! ذاك ظلم وهذا ظلم غرس فيك وفينا حب الجزائر.
نحن جيل أردنا الخير لهذا البلد فلم نستجب لنداء الفتنة.
وأخيرا أقول له ارجع إلى قبرك قبل أن تصيبك سكتة قلبية.
مختار: الجزائر

ملاحظة:
الزميل محمد بن شيكو اتهمني ذات يوم بأنني من النوع الذي لا يريد النظر في المرآة العاكسة حتى لا يرى الماضي فيما يكتبه.. وها هم بعض القراء يتهمونني بأنني كثير الحنين إلى الماضي لأنني أصبحت ماضيا ولا أصلح لا للحاضر ولا للمستقبل! والأفضل لي أن أتحول إلى كاتب عمومي في العالية أكتب في القبور وعلى القبور ويقرأ لي من هم في القبور! نعم كنت في شبابي سعيدا لأنني كنت أكبر والجزائر تكبر في العالم.. وها أنا ذا صرت أهرم والجزائر تهرم معي!
نفسي أرى شباب الجزائر ممن هم في سن العشرين يقلبون الطاولة عليّ وعلى رجال الحكم ويذهبون إلى بناء البلد.. تماما مثلما قلب الطاولة شباب جيل نوفمبر على السياسيين الهرمين في الأحزاب الوطنية في الخمسينيات.. وذهبوا إلى تحرير البلاد!
الوطنية الآن هي بناء البلد وليس التغني به.. أعترف أنه في هذه فاتني القطار! ولم أفعل شيئا.

بقلم: سعد بوعقبة