- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
الشرك... بين القبور... والقصور!!
الخميس 17 يوليو 2008, 17:48
إنَّ الشرك بالله سبحانه شَرَكٌ شيطانيٌّ هائل لا يدع أحدٌ إلا ويقترب منه ويدعوه إليه... مُحاولاً تغريره أو الإيقاع به في شتَّى السُبل وأنواع الطرائق.
لذا، فقد حذّر ربُّنا سبحانه من الشرك في آياتٍ عدَّة من كتابه، فقال: {لئن أشركت ليحبطنَّ عَمَلُك ولتكونَنَّ من الخاسرين}، وقال: {قُل إنَّما أُمرت أن أعبد الله ولا أُشرك به}، وقال: {إنَّ الشِّرك لظلم عظيم}.
... وهكذا -أيضاً- في مواضع قرآنيّة كثيرةٍ.
وليس من شكٍَ أنّ هذا الشرك دركاتٌ متفاوتة فيما بينها، وهي -جَميعاً- لا يَجوزُ قُربها أو التَلبُس بها، ويدُّل على ذلك آياتٌ عدَّة ورد فيها تنكير لفظة (شيء) بما يُفيد شمولها وعمومها، كمثل قوله سبحانه: {وإذ بوَّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً}.
وقوله سبحانه: {قُل تَعالَوا أتلُ ما حرَّم رَبُّكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً}.
بل كان من صفة الناجين في آية التَّمكين: {... يعبدونني لا يُشركونَ بي شيئاً}.
وعلى ضوء ما سبق؛ فإنَّ الواجب المُحتَّم على كلِّ مسلمٍ الحذر من الشِّرك على تنوُّع مراتبه، وتعدُّد دركاته، حتى لا يقع (بشيء) منه.
أمَّا الدَّاعيةُ المسلم(1) فإنَّ عليه مُهمَّة أعلى وأرفع، وأشدَّ وأعظم، أَلا وهي -مع الحذر- التحذير... والدَّعوةُ والإنذارُ... {فل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بَصيرةٍ أنا ومن اتَّبعني وسُبحانَ الله وما أنا مِنَ المشركين}.
فالتسبيح هنا -في آخر الآية- تنزيه لله جلَّ وعلا عن كلِّ ألوان النَّقص والشِّرك، ثم جاء التوكيد الأكيدُ من صاحب (السَّبيل) براءة من المشركين، وولاء للمؤمنين...
وعليه؛ فإنَّ حصر دعوة التحذير من الشرك في صورة ما -ولو كانت في ظاهرها شديدة الأثر، عظيمة الشأن- ممّا ينبغي على الدَّاعية المسلم تَجنُّب الوقوع به، حتى لا يَـقُصر دعوتَه على تحذيرٍ من الشرك في (شيء) دون (شيء آخر)!!
ثمَّ إنَّ تقدير شدَّة بأس نوعٍ من الشرك دون غيره أمرٌ عائدٌ إلى الشرع كتاباً وسنَّة، وليس إلى العقل أو (الفكر)، أو الرأي، أو الهوى، أو العاطفة، أو الحماسة!!
ولقد حذَّر رسولُ –صلى الله عليه وسلّم- من أنواعٍ شركيّةٍ كثيرةٍ، فكان من أهمِّها وأعظمها قوله –صلى الله عليه وسلّم-: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أُمتي بالمشركين، وحتى تعبد الأوثان...»(2) .
بل إنَّ من أواخر ما تَلفَّظ به رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- التَّحذير من اتِّخاذ القبور مساجد، ولعن اليهود؛ الفاعلين لذلك؛ تنبيهاً للأمّة، وتحذيراً من مشابهة إخوان القردة والخنازير!
... ومع ذلك يأتي بعض الدُّعاة -الذين نحسبهم مخلصين إن شاء الله- فيهوِّنون من هذه الانواع الشركيّة، قائلين: (أنتم(!) تُحذِّرون من شرك القبور... وتتركون شرك القصور!!)، ويقولُ بعضٌ آخر منهم: (هذا شركٌ شعبيٌّ!!)، ويصفه ثالث بقوله: (هذا شركٌ ساذجٌ!!) أو: (هذا شركٌ قديمٌ!!) !!
وهي -جَميعاً- كلماتٌ غالطةٌ بعيدةٌ عن الصَّواب، فالشِّركُ شركٌ، سواءٌ منه شركُ الطواغيت الأرضيّين الذين أقصوا كتاب الله عن الحكم بين النّاس... أم شركُ أولئك الخُرافيّين الطوَّافين بالقبور، والمتَّخذين من دون الله أنداداً... أم شرك أولئك النَّاس الذين لم يعرفوا صفاءَ التَّوحيد ونقاء العقيدة، فوقعوا بما يضادُّ ذلك من أوحال الشرك... وعَفَنِ الكُفر -عياذاً بالله-.
فالواجب على الدُّعاة إلى الله عدم التهوين من أمرِ أيٍّ من هذه الأنواع، والدَّعوةُ إلى التحذير منها جَميعاً بِحَسَب الوُسع والقُدرة، والعلم والمعرفة، والنَّظر إلى ما يترتب على هذا أو ذلك من مفاسد حقيقيَّة وواقعيَّة...
فالشرك الواقع في عموم النَّاس، لا يقلُّ خطراً عن الشرك الواقع في الذين يَحكُمون بغير ما أنزل الله.. إذ كلا الطائفتين -في حقيقة الأمر- مّمن لا يَحكمون بما أنزل الله!! بل كيف يُحذِّر من شرك غيره من هو نفسه متلبِّسٌ بالشِّرك!!
ولا بدَّ -ختاماً- من سياق سؤال وُجِّه إلى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يُلقي جوانب من الضوء العلميّ على هذه المسألة المهمّةِ:
قال السَّائلُ: هناك من النَّاس مَن يقولُ: أنتم تضيِّعون أوقاتكم في بيان الشِّرك القديم؛ وهو التَّوسل بالقبور، والاستغاثة فيهم، وتنسون الشركَ الحديث؛ شرك الحاكميَّة، أو شرك الحُكَّام، وأولى -عندهم- الاشتغال بتكفير الحُكّام، والعمل على الخروج عليهم من العمل في الدَّعوة هذه الأيام، فما قولكم في هذا؟!
فقال الشيخ -حفظه الله ونفع به-:
«هذا غلطٌ، وهم مساكين، فالأولى تصحيح عقائد النَّاس، وتبصيرهم، والتبيانُ لهم حقيقة الشرك والكُفر؛ من جهةِ الوثنيَّة، ومن جهةِ الشيوعيَّة، ومن جهةِ الإباحيَّة.
أمَّا قولهم بالخروج على السَّلاطين؛ فهو من شأن الخوارج والمعتزلة، والخروج ليس فيه غيرُ القتل والفساد، يَقتُلون ويُقتَلون، فهم يُبيدون أنفسهم، ويُبيدون الدَّعوة، وهذا فيه فسادٌ عظيمٌ»(3).
أقول: نعم؛ كثير من الحكَّام ليسوا (سلاطين)، ولا يُعاملون وفقَ الاصطلاحات الشرعيَّة الإسلاميَّة كـ (الخوارج) أو غير ذلك من أمثاله...
ولكن... لينظر أولئك المتحمِّسين إلى النتيجة السوداء القاتمة التي حذّر منها الشيخ... ليروا أنَّها من حيث المآل واحدةٌ...فسائر المآسي التي أصابت الأُمَّة في جذورها كانت نتيجة التهوُّر... والمواجهة المتعجِّلة... والحماسة الفارغة... بعيداً عن الدَّعوة الحقَّة، والمنهج الصَّادق.
ومن رأى العبرة بأخيه... فليعتبر!!
_______________________
(1) والأصل في كُلِّ مسلم أن يكون داعية إلى ربَّه على قدر جهده وعمله.
(2) رواه أبو داود (4252)، وابن ماجه (3952)، عن ثوبان بسند صحيح.
(3) «فصول من السياسة في الدعوة إلى الله» (ص:202-203) عبد الرحمن عبد الخالق.
لذا، فقد حذّر ربُّنا سبحانه من الشرك في آياتٍ عدَّة من كتابه، فقال: {لئن أشركت ليحبطنَّ عَمَلُك ولتكونَنَّ من الخاسرين}، وقال: {قُل إنَّما أُمرت أن أعبد الله ولا أُشرك به}، وقال: {إنَّ الشِّرك لظلم عظيم}.
... وهكذا -أيضاً- في مواضع قرآنيّة كثيرةٍ.
وليس من شكٍَ أنّ هذا الشرك دركاتٌ متفاوتة فيما بينها، وهي -جَميعاً- لا يَجوزُ قُربها أو التَلبُس بها، ويدُّل على ذلك آياتٌ عدَّة ورد فيها تنكير لفظة (شيء) بما يُفيد شمولها وعمومها، كمثل قوله سبحانه: {وإذ بوَّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً}.
وقوله سبحانه: {قُل تَعالَوا أتلُ ما حرَّم رَبُّكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً}.
بل كان من صفة الناجين في آية التَّمكين: {... يعبدونني لا يُشركونَ بي شيئاً}.
وعلى ضوء ما سبق؛ فإنَّ الواجب المُحتَّم على كلِّ مسلمٍ الحذر من الشِّرك على تنوُّع مراتبه، وتعدُّد دركاته، حتى لا يقع (بشيء) منه.
أمَّا الدَّاعيةُ المسلم(1) فإنَّ عليه مُهمَّة أعلى وأرفع، وأشدَّ وأعظم، أَلا وهي -مع الحذر- التحذير... والدَّعوةُ والإنذارُ... {فل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بَصيرةٍ أنا ومن اتَّبعني وسُبحانَ الله وما أنا مِنَ المشركين}.
فالتسبيح هنا -في آخر الآية- تنزيه لله جلَّ وعلا عن كلِّ ألوان النَّقص والشِّرك، ثم جاء التوكيد الأكيدُ من صاحب (السَّبيل) براءة من المشركين، وولاء للمؤمنين...
وعليه؛ فإنَّ حصر دعوة التحذير من الشرك في صورة ما -ولو كانت في ظاهرها شديدة الأثر، عظيمة الشأن- ممّا ينبغي على الدَّاعية المسلم تَجنُّب الوقوع به، حتى لا يَـقُصر دعوتَه على تحذيرٍ من الشرك في (شيء) دون (شيء آخر)!!
ثمَّ إنَّ تقدير شدَّة بأس نوعٍ من الشرك دون غيره أمرٌ عائدٌ إلى الشرع كتاباً وسنَّة، وليس إلى العقل أو (الفكر)، أو الرأي، أو الهوى، أو العاطفة، أو الحماسة!!
ولقد حذَّر رسولُ –صلى الله عليه وسلّم- من أنواعٍ شركيّةٍ كثيرةٍ، فكان من أهمِّها وأعظمها قوله –صلى الله عليه وسلّم-: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أُمتي بالمشركين، وحتى تعبد الأوثان...»(2) .
بل إنَّ من أواخر ما تَلفَّظ به رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- التَّحذير من اتِّخاذ القبور مساجد، ولعن اليهود؛ الفاعلين لذلك؛ تنبيهاً للأمّة، وتحذيراً من مشابهة إخوان القردة والخنازير!
... ومع ذلك يأتي بعض الدُّعاة -الذين نحسبهم مخلصين إن شاء الله- فيهوِّنون من هذه الانواع الشركيّة، قائلين: (أنتم(!) تُحذِّرون من شرك القبور... وتتركون شرك القصور!!)، ويقولُ بعضٌ آخر منهم: (هذا شركٌ شعبيٌّ!!)، ويصفه ثالث بقوله: (هذا شركٌ ساذجٌ!!) أو: (هذا شركٌ قديمٌ!!) !!
وهي -جَميعاً- كلماتٌ غالطةٌ بعيدةٌ عن الصَّواب، فالشِّركُ شركٌ، سواءٌ منه شركُ الطواغيت الأرضيّين الذين أقصوا كتاب الله عن الحكم بين النّاس... أم شركُ أولئك الخُرافيّين الطوَّافين بالقبور، والمتَّخذين من دون الله أنداداً... أم شرك أولئك النَّاس الذين لم يعرفوا صفاءَ التَّوحيد ونقاء العقيدة، فوقعوا بما يضادُّ ذلك من أوحال الشرك... وعَفَنِ الكُفر -عياذاً بالله-.
فالواجب على الدُّعاة إلى الله عدم التهوين من أمرِ أيٍّ من هذه الأنواع، والدَّعوةُ إلى التحذير منها جَميعاً بِحَسَب الوُسع والقُدرة، والعلم والمعرفة، والنَّظر إلى ما يترتب على هذا أو ذلك من مفاسد حقيقيَّة وواقعيَّة...
فالشرك الواقع في عموم النَّاس، لا يقلُّ خطراً عن الشرك الواقع في الذين يَحكُمون بغير ما أنزل الله.. إذ كلا الطائفتين -في حقيقة الأمر- مّمن لا يَحكمون بما أنزل الله!! بل كيف يُحذِّر من شرك غيره من هو نفسه متلبِّسٌ بالشِّرك!!
ولا بدَّ -ختاماً- من سياق سؤال وُجِّه إلى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يُلقي جوانب من الضوء العلميّ على هذه المسألة المهمّةِ:
قال السَّائلُ: هناك من النَّاس مَن يقولُ: أنتم تضيِّعون أوقاتكم في بيان الشِّرك القديم؛ وهو التَّوسل بالقبور، والاستغاثة فيهم، وتنسون الشركَ الحديث؛ شرك الحاكميَّة، أو شرك الحُكَّام، وأولى -عندهم- الاشتغال بتكفير الحُكّام، والعمل على الخروج عليهم من العمل في الدَّعوة هذه الأيام، فما قولكم في هذا؟!
فقال الشيخ -حفظه الله ونفع به-:
«هذا غلطٌ، وهم مساكين، فالأولى تصحيح عقائد النَّاس، وتبصيرهم، والتبيانُ لهم حقيقة الشرك والكُفر؛ من جهةِ الوثنيَّة، ومن جهةِ الشيوعيَّة، ومن جهةِ الإباحيَّة.
أمَّا قولهم بالخروج على السَّلاطين؛ فهو من شأن الخوارج والمعتزلة، والخروج ليس فيه غيرُ القتل والفساد، يَقتُلون ويُقتَلون، فهم يُبيدون أنفسهم، ويُبيدون الدَّعوة، وهذا فيه فسادٌ عظيمٌ»(3).
أقول: نعم؛ كثير من الحكَّام ليسوا (سلاطين)، ولا يُعاملون وفقَ الاصطلاحات الشرعيَّة الإسلاميَّة كـ (الخوارج) أو غير ذلك من أمثاله...
ولكن... لينظر أولئك المتحمِّسين إلى النتيجة السوداء القاتمة التي حذّر منها الشيخ... ليروا أنَّها من حيث المآل واحدةٌ...فسائر المآسي التي أصابت الأُمَّة في جذورها كانت نتيجة التهوُّر... والمواجهة المتعجِّلة... والحماسة الفارغة... بعيداً عن الدَّعوة الحقَّة، والمنهج الصَّادق.
ومن رأى العبرة بأخيه... فليعتبر!!
_______________________
(1) والأصل في كُلِّ مسلم أن يكون داعية إلى ربَّه على قدر جهده وعمله.
(2) رواه أبو داود (4252)، وابن ماجه (3952)، عن ثوبان بسند صحيح.
(3) «فصول من السياسة في الدعوة إلى الله» (ص:202-203) عبد الرحمن عبد الخالق.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى