طفل الحضانة والثقافة !!

عادت الطفلة من الحضانة..

وصعدت إلى البيت في خطوات سعيدة.. وطرقت الباب بقوة وهي تقول: أمي.. أمي عدت من الحضانة.. أمي أمي.. عدت من الحضانة..

استقبلتها الأم بفرح وسرور وسعادة غامرة وقالت لها حمداً لله على سلامتك يا بنيتي.. ها قولي لي ما فعلت اليوم في الحضانة.. ماذا تعلمت.. من صادقت.. أخبريني عن المعلمة.. هل أحببتها.. ماذا علمتك؟!!

وانهالت الأم على البنت الصغيرة بالأسئلة وهي لا تجيب إلا ببطء كلمة كلمة.. وكأن البنت الصغيرة التي لم تغادر الحفاضات إلا من أيام قليلة أصبحت اليوم صاحبة أسرار وخصوصيات.. لا تحب أن تطلعها على أحد بسهولة...

ثم قالت الطفلة.. صاحبتي "أمل" تعرف كل شيء ومعي رقم تليفونها..

قالت الأم في لهفة وسعادة ببنتها الصغيرة من هي أمل هذه يا بنيتي...

لم تعط الطفلة بالاً لسؤال أمها وأخذت تردد هذه السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم..

الحمد لله رب العالمين..

الرحمن الرحيم..

مالك يوم الدين..

قطعت الأم قراءة طفلتها وهي تقول ببشاشة: "من علمك هذه السورة.. ها قولي معي مرة أخرى.. الحمد لله رب العالمين الر....."

ولكن الطفلة أسكتها الحياء ولم تكمل السورة، وأخذت تفتح حقيبتها لتري أمها ما أخذته في الحضانة وتفتح الكراسات وتريها النجوم التي رسمتها لها المعلمة في الكراسة لأنها كانت متفوقة..

وقالت الطفلة أمي: هذه النجوم لأني كتبت الحروف كلها صح!!

أخذت الأم بنتها في أحضانها وقالت.. بارك الله فيك يا بنيتي..

تركت الأم طفلتها لتلبس ملابسها.. وانطلقت هي إلى المطبخ لتعد لها الطعام..

وبينما الأم تعد الطعام سمعت طفلتها الحبيبة تتردد هذا النشيد:

من خلق النخيلا وظله الظليلا ؟

من فتح الأزهارا وأنضج الثمارا ؟

من علم الأطيارا أن تعتلي الأشجارا ؟

وخلق الأقمارا والليل والنهارا ؟

عادت الأم إلى ابنتها فرحة مسرورة وهي تضع الطعام على المائدة.. وجلست الأم مع بنتها لتناول الطعام.. وقبل البدء في الطعام.. قالت الطفلة لأمها: قبل الأكل.. قولي بسم الله.. وكلي بيمينك.. وكلي مما يليكِ..

وفي هذه اللحظة.. اطمأنت الأم على طفلتها وعلمت أنها بدأت في مرحلة جديدة من النضج والعلم والثقافة...

على أعتاب الحضانة.. طفلك طفل آخر..

وبعد أن فارق طفلك الحفاضات وفارق سن الرضاعة ودخل في سن الطفولة المبكرة (3-4-5 سنوات) أصبح طفلا آخر تماماً.. على جميع المستويات الجسمية والعقلية والانفعالية..

وكل جانب من جوانب النمو هذه يؤثر في الآخر.. ولكن ما يهمنا الآن هو التطورات في النمو العقلي لطفلك أيها المربي العزيز.. والذي يؤثر على ثقافته.. هذه التطورات التي جعلت منه طفلاً آخر..

• يكثر التساؤل، لذا يطلق على هذه المرحلة مرحلة السؤال..

• لديه حب الاستطلاع، لذا يعبث في كل شيء.

• يدرك الأشكال.. يدرك أشكال الحروف الهجائية..

• يدرك الزمن.. اليوم.. الأمس.. الغد..

• يدرك المسافات.. والأوزان..

• يدرك الأعداد..

• ينتبه.. يستطيع التفكير والاستدلال..

• يحب سماع القصص فهي تنمي التفكير، وقد يروي الطفل القصة...

• يكثر من اللعب الإيهامي، لأن تفكيره يغلب عليه الإيحائية.

• تظهر لديه الأنوية، أي كل شيء له وليس لأخويه فتفكيره ذاتي وليس منطقي.

• يدرك ما حوله إدراكا (حسيا حركيا).

• يعلل وجود الأشياء بأسبابها القريبة والمادية (القمر يمشي لأن له أرجل خفية)
فيعلل المشي بالأرجل.
ويهذه المواصفات أصبح الطفل مؤهلاً للذهاب إلى الحضانة..

وهذا الطفل بهذه المواصفات.. لن تقتصر ثقافته على البيت فقط.. ولن تختزل معلوماته في معلومات الأب والأم والأخوة والأقارب..

أيها المربي العزيز، إن الطفل في هذه المرحلة سيبني ثقافته من المجتمع كله.. خاصة مجتمع الحضانة..

فها هي الطفلة الصغيرة التي قرأت قصتها أنظر كم تعلمت من أول يوم ذهبت إلى الحضانة.. أدب تعلمته.. صديقة تعرفت عليها.. معلمة حفظتها سورة.. نشيد ظلت تردده مع زميلاتها... هي الآن تتعلم من المجتمع.. ومع مرور الوقت سيقل اعتمادها على ثقافة البيت ويزيد يوماً بعد يوم اعتمادها على ثقافة المجتمع الذي تختلط به..

أحرس ثقافة طفلك..

و ما دام الطفل في هذه المرحلة سيعتمد في المقام الأول على ثقافة المجتمع.. أي أنه بدأ بصورة تدريجية يختلط بالمجتمع..

كان لابد لك أيها المربي أن تحرس ثقافة الطفل من كل سوء وأن تبني ثقافته وفق المنهج الذي يرضي الله ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم...

ولذلك كان على المربي أن يحسن اختيار الحضانة التي سيذهب إليها طفله، وإليك عزيزي المربي بعض النصائح في اختيار الحضانة: فعلى المربي أن يختار الحضانة التي:

1. يتعلم فيها الطفل القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

2. التي تهتم بتعليم الأبناء قصص الصحابة والأنبياء..

3. أن يتم اختيار المعلمين في الحضانة وفق معايير التدين والأخلاق والكفاءة:

• أن يكون المعلمون والمعلمات ذوو أخلاق عالية.

• أن يكون المعلمون أمناء.

• أن ترتدي المعلمات الحجاب الشرعي.

• أن يبتعد المعلمون عن التدخين.

• أن يكون المعلمون والمعلمات على كفاءة عالية بتربية الأطفال وأن يكونون حاصلين على شهادات في التربية وأصحاب خبرة عملية في التربية.

4. أن يتابع الآباء أطفالهم في الحضانة وأن يتعرف الآباء على المعلمين والمعلمات وعلى آباء الأطفال وعلى الآباء أيضاً أن يتعرفوا على أصدقاء أطفالهم ليتأكدوا من سلامة أخلاقهم.

5. أن تكون الحضانة معدة ومجهزة ونظيفة..

6. أن تتوفر في الحضانة الوسائل الترفيهية الشيقة..

وختاماً عزيزي المربي إلى لقاء قريب ومستقبل راق لأبنائنا..