- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
أخطاء أبنائنا..كيف نتعامل معها؟
الجمعة 18 يوليو 2008, 08:23
أبناؤنا -أولا وقبل كل شيء- بشر، يخطئون ويصيبون، وهم -كما نحن- لهم أخطاؤهم، وهم -كما كل الناس- يحبون من يقدر ضعفهم ويراعي غضاضة عودهم، ورقة مشاعرهم، وقلة تجربتهم في الحياة، ونقص ثقافتهم العملية والشرعية.
كونهم أبناءنا لا يبيح لنا أن نتعسف في محاسبتهم على أخطائهم، كما لو كنا نحسبهم ملائكة أو أقرب إلى ذلك... نعم، ذلك يدفعنا أكثر إلى مساعدتهم على تجاوزها لأنهم -في النتيجة- مسؤوليتنا، كما هم مسؤولية أنفسهم.
هذه طريقة مقترحة للتعامل بشكل مختلف مع أخطاء أبنائنا عسى أن تنفع في تجنيبهم بعض المزالق، أو عدم تكرار الوقوع فيها :
1- أن لا نبدو أمامهم معصومين لا نخطئ، فهذه (الفرية) سريعا ما تكتشف فلا يعود لنصائحنا ومواعظنا قيمة، بل تنقلب إلى ضد (القيمة) !
2- أن نعترف بأخطائنا أمامهم إذا ما أخطأنا، لنقدم بذلك المثل الحي عن أننا بشر خطاءون وخير الخطاءين التوابون.
3- أن نمونه بالتعليمات الضرورية والعاصمة أوالمخففة من الوقوع في الأخطاء، شيء إيجابي وجيد ونافع، لكن يجب أن ننظر إليه كالمقاتل في ميدان المعركة، فقد يزوده القائد بتعليمات قيمة، لكن للساحة والميدان ظروفهما، خاصة وأن هناك طرفا آخر داخل في المعركة. فالمحاسبة يجب ألا تنصب فقط على عدم الالتزام بالتعليمات أو تنفيذها بحذافيرها، بل أيضا على الثغرات الموجودة فيها، أو المستجدات التي لم نراعها أو نحسب حسابها.
(ملاحظة مهمة: عملية التربية ثنائية ومزدوجة، أخطاء.. وتصحيح للأخطاء، وصوابات.. وتعزيز للصوابات بالثناء والمكافأة).
4- من المناسب أن ندخل في ثقافة أبنائنا (وعيهم الداخلي) أن الخطأ له وجه ايجابي.. إنه يشكل رافدا مهما من روافد ثقافتهم الحياتية، فهم يتعلمون من أخطائهم ضعف ما يتعلمونه من صواباتهم.. المهم : كيف أستفيد من رصيد أخطائي لتقليصه، فهو الرصيد الوحيد الذي لا يراد له أن يزداد !!
5- أخطاءنا يفترض أن تدخل في بناء شخصيتنا السلوكية، فهي مؤشرات على ضعفنا.. نحن بشر، والمنزلقات في طريقنا كثيرة، فيجب أن نعترف بأن لدينا نقاط ضعف، فنتواضع أكثر، ونخضع للتعلم والمشورة أكثر.
6- أخطاء الغير -خاصة الذين في مثل سننا- دروس ثمينة بالنسبة لنا، فالعاقل -والحديث للأبناء كما هو للآباء- من يتعظ من تجارب غيره، كما يتعظ من تجاربه.
7- لنترك لهم أيضا الفرصة لكي يقترحون سبل الخروج من المآزق والأخطاء والمشاكل، دعهم أولا يطرحون بأنفسهم الحل المناسب لخطأ ما.. هذا تدريب عملي لكي يعالجوا المواقف في حينها وفي مواقعها، وبإرادة ذاتية.. لنكن نحن الملاذ الأخير.
8- سؤالك لابنك أو ابنتك المخطئين قبل الدخول في مناقشة أسباب الخطأ : ألا ترى أن هذا خطأ ؟ وإقراره أو إقرارها بذلك، هو نصف العلاج.. لأنه تشخيص، والتشخيص يساعد في إيجاد ثلاثة أرباع المعالجة أحيانا.
9- يفضل أن تشخص الأخطاء مبكرا، وتعالج أولا بأول، فالمحاسبة على خطأ قديم، تماما كفتح جرح قديم يسبب آلاما ونزفا. نعم، عند المعاودة يمكن أن يكون القديم مثلا يستشهد به.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يستنير في تلك الخطوات، بهدي نبينا عليه أفضل الصلوات والتسليم لمعالجة هذا الخطأ أو ذاك.
إن كثيرا من الآباء والأمهات، الذين يتصرفون بعيدا عن الهدي النبوي في معالجة الأخطاء التي قد تحصل في بيوتهم، يفشلون في إيجاد حلول لها، فتتولد جراء فشلهم أخطاء أخرى كمضاعفات لتصرفهم.
إن إتباع المنهج الإسلامي السليم في معالجة الأخطاء يحول دون تفشي الخطأ ويحوله إلى نقطة مراجعة واستذكار.
ومن هذا المنهج نستقي بعض الأمثلة:
- تسليط الضوء على الصواب :
إن كثيرا من الذين يخطئون، صغارا كانوا أم كبارا، لا يعلمون حجم الخطأ الذي ارتكبوه، ولربما لم يعلموا بأنهم قد أخطئوا، لذلك يصعب على البعض منهم أن تلومه على الخطأ الذي ارتكبه، فالحل الأمثل في مثل هذه الحالة هو تسليط الضوء على الصواب و إزالة الغشاوة عن عينه، وتوضيح معالم الحق الغائب عن ذهنه، وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام مع معاوية ابن الحكم رضي الله عنه.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت وا ثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، لكنه قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن".
فمعاوية لم يكن يعلم أن الصلاة لا يصح فيها الكلام، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يقف عند حدود الخطأ الذي فعله معاوية رضي الله عنه، لكن التصرف النبوي السليم هو تسليط الضوء على الصواب، وبيان لما يجب أن يفعله في المرات القادمة دون نهر أو لوم أو شتم.
وفي تتمة نفس الحديث قصته مع جاريته حيث قال: "وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذلك علي، قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها: أين الله قالت في السماء، قال: من أنا قالت أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة".
تأملوا في قوله رضي الله عنه: "فَعَظَّمَ ذلك علي"، فالجارية أخطأت أو أهملت في رعاية الغنم، لكن معالجته لخطئها لم تكن صوابا. ولمعالجة هذا الخطأ في حق الجارية، فإنه صلى الله عليه وسلم سلط الضوء على المتعين الصواب، بل دعا إلى تنفيذه حين قال له: "أعتقها فإنها مؤمنة"، ثم جعل إيمانها هو سبب عتقها في معالجة تربوية راقية، عوض جعل ذاك السبب متعلقا بخطأ معاوية.
وفي البيت، إذا وقع الخطأ من قبل أحد الأطراف فإن من الحلول المتنوعة تسليط الضوء على الصواب وإرشاد المخطئ إليه فلربما كان غائبا عن ذهنه ولم يقصد فعله أو التلبس به.
- تفادي الدعاء على المخطئ:
فهو أمر لا تخفى عواقبه من حيث احتمال موافقته لساعة الإجابة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم" (رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله، وصححه الألباني)
- التجاهل عن بعض الأخطاء :
التجاهل أحد الفنون المهمة في معالجة الأخطاء ليس فقط في البيت بل حتى مع الأقارب والأصدقاء، والتجاهل في حقيقته هو غض الطرف عن نقيصة معينة بغية عدم إحراج فاعلها، وبغية توجيه رسالة له بأن هذا الخطأ غير مرغوب فيه، وهي نوع من السمو الأخلاقي الذي يعيشه الأبوان أمام أولادهما بغية عدم إحراجهم على خطأ ارتكبوه، وبغية إعطائهم فرصة أخرى لمعالجة هذا الخطأ، وهذا ما فعله عليه الصلاة والسلام مع ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" وفي رواية "فتناوله الناس"، قال في الفتح أي بألسنتهم لا بأيديهم.
لاحظوا الفرق بين تصرف الصحابة رضي الله عنهم، وبين معالجة المربي الأول عليه أفضل الصلوات والتسليم وتعامله مع خطأ الأعرابي. فبينما ثاروا إليه ليقعوا به عقابا له على فعلته، دعاهم عليه الصلاة والسلام أن يتركوه ويهريقون سجلا من ماء على بوله، فكان بذلك مثلا في التغاضي وعدم الإحراج، مع توجيه رسالة غير مباشرة للمخطئ في كون خطأه غير مرغوب فيه، إضافة إلى بيان الحكم الشرعي في المسألة.
كونهم أبناءنا لا يبيح لنا أن نتعسف في محاسبتهم على أخطائهم، كما لو كنا نحسبهم ملائكة أو أقرب إلى ذلك... نعم، ذلك يدفعنا أكثر إلى مساعدتهم على تجاوزها لأنهم -في النتيجة- مسؤوليتنا، كما هم مسؤولية أنفسهم.
هذه طريقة مقترحة للتعامل بشكل مختلف مع أخطاء أبنائنا عسى أن تنفع في تجنيبهم بعض المزالق، أو عدم تكرار الوقوع فيها :
1- أن لا نبدو أمامهم معصومين لا نخطئ، فهذه (الفرية) سريعا ما تكتشف فلا يعود لنصائحنا ومواعظنا قيمة، بل تنقلب إلى ضد (القيمة) !
2- أن نعترف بأخطائنا أمامهم إذا ما أخطأنا، لنقدم بذلك المثل الحي عن أننا بشر خطاءون وخير الخطاءين التوابون.
3- أن نمونه بالتعليمات الضرورية والعاصمة أوالمخففة من الوقوع في الأخطاء، شيء إيجابي وجيد ونافع، لكن يجب أن ننظر إليه كالمقاتل في ميدان المعركة، فقد يزوده القائد بتعليمات قيمة، لكن للساحة والميدان ظروفهما، خاصة وأن هناك طرفا آخر داخل في المعركة. فالمحاسبة يجب ألا تنصب فقط على عدم الالتزام بالتعليمات أو تنفيذها بحذافيرها، بل أيضا على الثغرات الموجودة فيها، أو المستجدات التي لم نراعها أو نحسب حسابها.
(ملاحظة مهمة: عملية التربية ثنائية ومزدوجة، أخطاء.. وتصحيح للأخطاء، وصوابات.. وتعزيز للصوابات بالثناء والمكافأة).
4- من المناسب أن ندخل في ثقافة أبنائنا (وعيهم الداخلي) أن الخطأ له وجه ايجابي.. إنه يشكل رافدا مهما من روافد ثقافتهم الحياتية، فهم يتعلمون من أخطائهم ضعف ما يتعلمونه من صواباتهم.. المهم : كيف أستفيد من رصيد أخطائي لتقليصه، فهو الرصيد الوحيد الذي لا يراد له أن يزداد !!
5- أخطاءنا يفترض أن تدخل في بناء شخصيتنا السلوكية، فهي مؤشرات على ضعفنا.. نحن بشر، والمنزلقات في طريقنا كثيرة، فيجب أن نعترف بأن لدينا نقاط ضعف، فنتواضع أكثر، ونخضع للتعلم والمشورة أكثر.
6- أخطاء الغير -خاصة الذين في مثل سننا- دروس ثمينة بالنسبة لنا، فالعاقل -والحديث للأبناء كما هو للآباء- من يتعظ من تجارب غيره، كما يتعظ من تجاربه.
7- لنترك لهم أيضا الفرصة لكي يقترحون سبل الخروج من المآزق والأخطاء والمشاكل، دعهم أولا يطرحون بأنفسهم الحل المناسب لخطأ ما.. هذا تدريب عملي لكي يعالجوا المواقف في حينها وفي مواقعها، وبإرادة ذاتية.. لنكن نحن الملاذ الأخير.
8- سؤالك لابنك أو ابنتك المخطئين قبل الدخول في مناقشة أسباب الخطأ : ألا ترى أن هذا خطأ ؟ وإقراره أو إقرارها بذلك، هو نصف العلاج.. لأنه تشخيص، والتشخيص يساعد في إيجاد ثلاثة أرباع المعالجة أحيانا.
9- يفضل أن تشخص الأخطاء مبكرا، وتعالج أولا بأول، فالمحاسبة على خطأ قديم، تماما كفتح جرح قديم يسبب آلاما ونزفا. نعم، عند المعاودة يمكن أن يكون القديم مثلا يستشهد به.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يستنير في تلك الخطوات، بهدي نبينا عليه أفضل الصلوات والتسليم لمعالجة هذا الخطأ أو ذاك.
إن كثيرا من الآباء والأمهات، الذين يتصرفون بعيدا عن الهدي النبوي في معالجة الأخطاء التي قد تحصل في بيوتهم، يفشلون في إيجاد حلول لها، فتتولد جراء فشلهم أخطاء أخرى كمضاعفات لتصرفهم.
إن إتباع المنهج الإسلامي السليم في معالجة الأخطاء يحول دون تفشي الخطأ ويحوله إلى نقطة مراجعة واستذكار.
ومن هذا المنهج نستقي بعض الأمثلة:
- تسليط الضوء على الصواب :
إن كثيرا من الذين يخطئون، صغارا كانوا أم كبارا، لا يعلمون حجم الخطأ الذي ارتكبوه، ولربما لم يعلموا بأنهم قد أخطئوا، لذلك يصعب على البعض منهم أن تلومه على الخطأ الذي ارتكبه، فالحل الأمثل في مثل هذه الحالة هو تسليط الضوء على الصواب و إزالة الغشاوة عن عينه، وتوضيح معالم الحق الغائب عن ذهنه، وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام مع معاوية ابن الحكم رضي الله عنه.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت وا ثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، لكنه قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن".
فمعاوية لم يكن يعلم أن الصلاة لا يصح فيها الكلام، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يقف عند حدود الخطأ الذي فعله معاوية رضي الله عنه، لكن التصرف النبوي السليم هو تسليط الضوء على الصواب، وبيان لما يجب أن يفعله في المرات القادمة دون نهر أو لوم أو شتم.
وفي تتمة نفس الحديث قصته مع جاريته حيث قال: "وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذلك علي، قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها: أين الله قالت في السماء، قال: من أنا قالت أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة".
تأملوا في قوله رضي الله عنه: "فَعَظَّمَ ذلك علي"، فالجارية أخطأت أو أهملت في رعاية الغنم، لكن معالجته لخطئها لم تكن صوابا. ولمعالجة هذا الخطأ في حق الجارية، فإنه صلى الله عليه وسلم سلط الضوء على المتعين الصواب، بل دعا إلى تنفيذه حين قال له: "أعتقها فإنها مؤمنة"، ثم جعل إيمانها هو سبب عتقها في معالجة تربوية راقية، عوض جعل ذاك السبب متعلقا بخطأ معاوية.
وفي البيت، إذا وقع الخطأ من قبل أحد الأطراف فإن من الحلول المتنوعة تسليط الضوء على الصواب وإرشاد المخطئ إليه فلربما كان غائبا عن ذهنه ولم يقصد فعله أو التلبس به.
- تفادي الدعاء على المخطئ:
فهو أمر لا تخفى عواقبه من حيث احتمال موافقته لساعة الإجابة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم" (رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله، وصححه الألباني)
- التجاهل عن بعض الأخطاء :
التجاهل أحد الفنون المهمة في معالجة الأخطاء ليس فقط في البيت بل حتى مع الأقارب والأصدقاء، والتجاهل في حقيقته هو غض الطرف عن نقيصة معينة بغية عدم إحراج فاعلها، وبغية توجيه رسالة له بأن هذا الخطأ غير مرغوب فيه، وهي نوع من السمو الأخلاقي الذي يعيشه الأبوان أمام أولادهما بغية عدم إحراجهم على خطأ ارتكبوه، وبغية إعطائهم فرصة أخرى لمعالجة هذا الخطأ، وهذا ما فعله عليه الصلاة والسلام مع ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" وفي رواية "فتناوله الناس"، قال في الفتح أي بألسنتهم لا بأيديهم.
لاحظوا الفرق بين تصرف الصحابة رضي الله عنهم، وبين معالجة المربي الأول عليه أفضل الصلوات والتسليم وتعامله مع خطأ الأعرابي. فبينما ثاروا إليه ليقعوا به عقابا له على فعلته، دعاهم عليه الصلاة والسلام أن يتركوه ويهريقون سجلا من ماء على بوله، فكان بذلك مثلا في التغاضي وعدم الإحراج، مع توجيه رسالة غير مباشرة للمخطئ في كون خطأه غير مرغوب فيه، إضافة إلى بيان الحكم الشرعي في المسألة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى