العدوان الأمريكي على سوريا .. أسرار وتداعيات
الثلاثاء 28 أكتوبر 2008, 06:32
العدوان الأمريكي على سوريا .. أسرار وتداعيات
قبل أيام قليلة من انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، فوجىء العالم بغارة للجيش الأمريكي على الأراضي السورية ، الأمر الذي أثار حيرة الجميع حول مغزى هذا الانتهاك الصارخ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟.
بداية ، يمكن القول إن الغارة إن كانت تنم عن شيء ، فإنما تؤكد أن سوريا تدفع الآن ثمن أخطاء وفشل السياسة الخارجية لبوش ، حيث لم يجد أضعف منها حاليا يستعرض عضلاته أمامها ، لرفع أسهم المرشح الجمهوري جون ماكين وللتغطية على الأزمة المالية وإخفاقه في توجيه ضربة عسكرية لإيران .
هذا بجانب السعي لتركيع دمشق أكثر وأكثر عبر إجبارها على فك تحالفها الوثيق مع طهران وتشديد الإجراءات الأمنية على حدودها مع العراق ، وهذا ما أشارت إليه بالفعل صحيفة "التايمز" البريطانية التي ذكرت أن الغارة التي نفذتها أربع مروحيات أمريكية على مزرعة في منطقة البوكمال السورية المحاذية للحدود مع العراق في 26 أكتوبر جاءت في إطار الانتقام من عدم قدرة دمشق على ضبط حدودها التي تعتبر أحد مداخل الجهاديين إلى العراق ، بالإضافة إلى أن هجوم على دولة مستقلة يحتاج موافقة من أعلى السلطات الأمريكية ، الأمر الذي يشير إلى أن الغارة رسالة تحذير لدمشق من عواقب الاستمرار في التحالف مع إيران .
واشنطن تهدف من الرسالة العسكرية أيضا إجبار دمشق على المضي قدما في محادثات السلام مع إسرائيل حتى وإن كانت نتائجها محسومة بالفشل سلفا ، وذلك بهدف إضعاف موقف حماس وحزب الله والقضاء على قوى المقاومة في فلسطين ولبنان.
فبالإضافة لإغراءات واشنطن التي تلوح خلالها برفع سوريا مما تسميه "محور الشر" وإنهاء العزلة الدولية المفروضة عليها في حال تخلت عن دعم المقاومة وانضمت لمحور "الاعتدال العربي" ، هناك ضغط عسكري ملحوظ يمارس على دمشق بين الفينة والأخرى للاستجابة لرغبات واشنطن وتل أبيب ، والدليل على ذلك الغارة الإسرائيلية في سبتمبر 2007 على ما كان يعتقد أنه مبنى سورى قيد الإنشاء لمفاعل نووي ، فقد اكتفت سوريا حينها بالاستنكار وعدم الرد عمليا على الغارة، ودخلت بعد ذلك في مفاوضات سرية مع إسرائيل من خلال الوسيط التركي ، أي أنها رضخت فيما يبدو للرسالة التي حملتها الغارة الإسرائيلية .
هناك أيضا موضوع الاتفاقية الأمنية التي تضغط واشنطن لتوقيعها مع الحكومة العراقية والتي تمهد للاحتلال الدائم بإقامة قواعد عسكرية في كافة أنحاء العراق ، وبالنظر إلى أن سوريا والعرب ليس من مصلحتهم هذا الأمر ، فقد بعثت واشنطن برسالة قوية لدمشق من خلال غارة 26 أكتوبر تتضمن تحذيرا من مغبة دعم المعارضة العراقية للاتفاقية أو تسهيل عبور المقاتلين عبر أراضيها لتصعيد المقاومة المسلحة وإحباطها قبل إتمامها.
توقيت الغارة فيما يبدو أيضا ليس بيعيد عن التوتر المتصاعد بين روسيا وأمريكا ، فهى تبدو وكأنها انتقام من موقف الرئيس بشار الأسد المؤيد لروسيا في أزمتها الأخيرة مع الغرب على خلفية التدخل العسكري في جورجيا ، بجانب محاولة إحباط الخطط الروسية لإقامة قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري ، والتي قد تؤدي في حال إقامتها إلى تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وردع أي تهديد مستقبلي من قبل واشنطن وتل أبيب لدمشق.
ويقفز هنا تساؤل جوهري " هل تحقق الغارة الأمريكية أهدافها ؟ ".
الإجابة على الأرجح " لا " وذلك لعدة أمور طرأت على الموقف السوري في الآونة الأخيرة ، من أبرزها نجاح دمشق في كسر حاجز العزلة الدولية المفروضة عليها عبر استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع فرنسا ولبنان ، وتوثيق تحالفها الاقتصادي والعسكري مع روسيا ، وهى أمور تجعل واشنطن تفكر ألف مرة قبل التفكير في الإقدام على غزو سوريا في حال رفضها الاستجابة لرغباتها.
هذا بالإضافة إلى أن سوريا ظهرت أمام العالم مؤخرا وهى ضحية للإرهاب ، والمقصود هنا الانفجار الذي وقع قرب مركز أمني بمنطقة سيدي قداد على طريق مطار دمشق الدولي في 27 سبتمبر الماضي والذي أسفر عن مقتل 17 شخصا وإصابة 14 آخرين.
التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات الأمنية المختصة في سوريا كشفت أن التفجير ناجم عن سيارة مفخخة دخلت إلى سوريا من دولة عربية مجاورة، وأن "الإرهابي" الذي نفذ العملية على علاقة بـ"تنظيم تكفيري" ، الأمر الذي يؤكد أن ضبط الحدود هو أمر خارج قدرات سوريا ، بالإضافة إلى أنها هدف للإرهابيين وبالتالي يتأكد زيف الادعاءات الأمريكية حول دعمها للإرهاب .
وفي ضوء ما سبق ، يرجح البعض أن الغارة لن تحسن موقف بوش أو المرشح الجمهوري جون ماكين ، بل من شأنها خلق تعاطف دولي كبير مع سوريا باعتبارها ضحية جديدة لمغامرات بوش الفاشلة ، وقد تدفع دمشق أيضا لتحويل المزاعم الأمريكية بشأن تسهيلها دخول المسلحين العرب وعناصر القاعدة للعراق لحقيقة واقعة ، لن يكتوي بنيرانها إلا جنود أمريكا.
لماذا لم ترد سوريا ؟
ورغم أن البعض يوجه انتقادات كثيرة لدمشق لالتزامها الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية والأمريكية المتواصلة لحرمة أراضيها ، سواء كان ذلك في غارتي سبتمبر 2007 و26 أكتوبر 2008 ، أو في اغتيال العميد محمد سليمان المستشار الأمني بارز للرئيس بشار الأسد في بداية أغسطس 2008 ، وقبله اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية في فبراير 2008 ، إلا أن هناك من رأى في التأني السوري ذكاء وليس اختباء في الجحور.
فدمشق ترفض أن تكون كبش الفداء الذى يبحث عنه الجمهوريون لتحسين صورتهم قبل انتخابات الرئاسة أو إسرائيل للتغطية على أزمتها الداخلية المتفاقمة جراء الهزيمة التى منيت بها أمام حزب الله فى حرب صيف 2006 ، وجرها لمعركة ليست هى من يحدد توقيتها وبالتالى نتائجها .
بالإضافة إلى أن الوضع العربى الهش الراهن لايوفر لدمشق الغطاء والدعم فى حال ردت عسكريا على الاستفزازات الإسرائيلية والأمريكية ، فالمحور السعودى السورى المصرى الذى كان يشكل في السابق صمام الأمان للأمن القومى العربى في مواجهة الأطماع الصهيونية تفككت أضلاعه إثر الانتقادات التى وجهها الرئيس بشار الأسد لموقف السعودية ومصر السلبى من العدوان الإسرائيلى الأخير على لبنان وتشبيهه لبعض الحكام العرب بأنهم أنصاف رجال.
فواشنطن ما كانت لتجرؤ على انتهاك سيادة سوريا لو كانت متأكدة من وجود موقف عربي متماسك وقوي خلف دمشق ، حيث لم تصدر إدانة رسمية عربية للغارة ، وهذا ما انتقده صراحة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، الذي وصف ما حدث بأنه عدوان سافر على دمشق ويجب أن يكون هناك رد فعل عربي قوي ومسموع ، مشيرا إلى أن الأمريكيين قاموا بذلك في وضح النهار وبالتالي فان الأمر متعمد وليس مجرد خطأ.
وبجانب ما سبق ، فإن حزب الله الذى طالما اعتمدت عليه سوريا في السابق للرد بعملية محدودة وسريعة على الاستفزازات الإسرائيلية والأمريكية ، خرج من اللعبة ولو مؤقتا بعد صدور القرار 1701 الذى أبعده عن الحدود مع إسرائيل .
وهناك أمر آخر يجعل سوريا تفكر ألف مرة قبل الرد على وقاحات تل أبيب وواشنطن ألا وهو الاحتلال الأمريكى للعراق ووجود حوالى 160 ألف جندى أمريكى بالقرب من حدودها ، الأمر الذى وضعها فى مأزق استراتيجى حاد يصعب عليها التعامل معه بشكل منفرد، حيث نتج عنه أن أصبحت سوريا شبه محاصرة ، فمن الغرب ما زالت إسرائيل تحتل هضبة الجولان السورية، بينما أصبحت الولايات المتحدة تحتفظ بقوات عسكرية ضخمة على حدودها من جهة الشرق ، كما أخرج العراق من معادلة موازين القوى فى دائرة الصراع العربى ـ الإسرائيلى ، الأمر الذى تسبب بحرمان سوريا والفلسطينيين من أى دعم محتمل كان يمكن الحصول عليه من العراق فى حال نشوب حرب إقليمية.
أوراق ردع مستقبلية
ويجب التأكيد هنا أن ما سبق لا يعني أن سوريا ستواصل التزام الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية والأمريكية ، فهى وإن كانت فقدت الكثير من أوراق اللعبة فى السنوات الأخيرة ابتداء بانهيار أكبر حلفاءها وهو الاتحاد السوفيتى ووقع هجمات 11 سبتمبر 2001 ووضعها في خانة محور الشر مع إيران واضطرارها للانسحاب من لبنان الذى كان يوفر لها عمقا استراتيجيا فى مواجهة التهديدات الإسرائيلية بالإضافة إلى وصف حركات المقاومة بالإرهاب وتحولها لعبء بعد أن كانت ورقة مساومة لاستعادة الجولان دون حرب ، إلا أنها مع ذلك تمتلك أوراقا مؤثرة يمكن أن تردع إسرائيل وأمريكا مستقبلا عن مواصلة تلك الاستفزازات وتشكل دعما لها فى حال نشوب حرب .
وكما يقول المثل الشعبى " رب ضارة نافعة " ، فقد اعتبر حادث تحليق مقاتلات إسرائيلية فوق القصر الرئاسى الذى كان يتواجد فيه الرئيس بشار الأسد في اللاذقية في 28 يونيو 2006 بمثابة شرارة التغيير في الاستراتيجية العسكرية السورية التى طالما ركزت على اقتناء الأسلحة للدفاع عن الأراضى السورية فقط ، حيث انتقلت لمرحلة أخرى تركز على ضرورة إسقاط الطائرات الإسرئيلية قبل أن تصل الحدود السورية بالإضافة إلى تهديد العمق الإسرائيلى عبر التركيز على تحديث منظومة الصواريخ وجاءت حرب 12 يوليو 2006 أيضا لتؤكد لسوريا ضرورة الإسراع في هذا الأمر بعد أن فضح حزب الله الجيش الإسرائيلى الذى لم يتمكن من صد صواريخ حزب الله طيلة 33 يوما هى مدة الحرب.
وبعد الغارة التي شنتها إسرائيل في سبتمبر 2007 ، شرعت القيادة السورية في تحديث قواتها المسلحة بما يمكن وصفه ب "قدرات الحرب غير المتماثلة " ، حيث سعت للحصول على الصواريخ الباليستية بعيدة المدى بهدف بناء ذراع هجومية وتحييد التفوق التقليدي الإسرائيلي في هذا الشأن .
روسيا .. طوق النجاة
وبجانب الاهتمام بتحديث قدراتها العسكرية ، فهناك متغير دولى مهم جدا بدأت تتشكل ملامحه مؤخرا ويصب فى النهاية بمصلحة سوريا ألا وهو سعى روسيا لاستعادة هيبتها فى العالم ، وجاءت خطط واشنطن لبناء نظام دفاع صاروخى في أوروبا الشرقية بالقرب من حدودها لتدفع في هذا الاتجاه بعد أن أصبح أمنها القومى مهددا ، ولذا سارعت إلى إعادة تصويب الصواريخ الروسية العابرة للقارات نحو أوروبا الغربية واستئناف إنتاج القاذفات الإستراتيجية والصواريخ المتطورة والبحث عن قواعد وتسهيلات عسكرية في مناطق حساسة استراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة كالشرق الأوسط .
هنا حدث مجددا التقاء في المصالح بين روسيا وسوريا كما كان الحال في عهد الاتحاد السوفيتى السابق وخلال الحرب الباردة ، فدمشق تبحث حاليا عن قوة كبيرة تدعمها في وجه التهديدات الأمريكية والإسرائيلية ، فيما وجدت روسيا ضالتها لاستعادة قوتها في العالم وخاصة في الشرق الأوسط في سوريا ، وإلى أن يتم إقامة قاعدة عسكرية روسية في ميناء "طرطوس" ، فإن الأرجح أن الرد السوري على أمريكا وإسرائيل متجمد لبرهة من الزمن وليس إلى الأبد.
الغارة الأمريكية
وكانت أربع مروحيات أمريكية قد انتهكت ظهر الأحد الموافق 26 أكتوبر الأجواء السورية في منطقة البوكمال وقامت بالاعتداء على مبنى مدني قيد الإنشاء وأطلقت النار على العمال داخله ، ما أدى إلى استشهاد ثمانية أشخاص بينهم زوجة حارس البناء وأربعة أطفال ، بالإضافة إلى إصابة 14 آخرين.
وقال شهود عيان في المنطقة إن المروحيات الأمريكية قامت بإنزال لجنودها قرب المبنى وحاصروه قبل أن يطلقوا وابل نيرانهم ، وبعدها عادت المروحيات إلى الأراضي العراقية .
وتباينت ردود الأفعال حول الغارة ، حيث لم يصدر أي رد أو تعليق رسمي من الإدارة الأمريكية ، فيما استمرت ردود الأفعال الغاضبة والمنددة بالعدوان الأمريكي داخل سوريا ، حيث استدعت وزارة الخارجية السورية القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في دمشق وأبلغته احتجاج وإدانة سوريا للاعتداء الخطير ، وحملت الإدارة الأمريكية المسئولية الكاملة عنه، كما تم استدعاء القائم بالأعمال العراقي إلى وزارة الخارجية للغرض ذاته.
وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها أن المنطقة التي هاجمتها المروحيات الأمريكية لا تحوي أي مواقع عسكرية أو بؤر أو خلايا تحوي مجموعات إرهابية وأن عدد سكان المنطقة يبلغ 2000 شخص.
ووصف الدبلوماسي السوري جهاد مقدسي الهجوم الأمريكي بأنه "جريمة شنعاء"، قائلا :" إذا كان لدى الولايات المتحدة أي دليل على أي عبور المسلحين للعراق ، فبدلا من تطبيق قانون الغاب والتعدي دون سابق استفزاز على دولة ذات سيادة كان عليها أن تأتي إلى السوريين أولا وتطلعهم على هذه المعلومات"، مشيراً إلى أن إدارة بوش أثبتت أنها غير منطقية ولا تحترم القانون الدولي أو حقوق الإنسان وأن سوريا تحتفظ لنفسها بحق الرد بالطريقة المناسبة.
وفي السياق ذاته ، قال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا عمار قربي إن هذه العملية هي جريمة ضد مواطنين أبرياء واختراق لسيادة دولة مستقلة، موضحا أنه مهما كانت الحجج التي قد تساق فهي غير مبررة وهناك إجراءات واتفاقات دولية يجب احترامها، داعيا إلى إدانة دولية واسعة ومحاسبة المسئولين عن هذه الجريمة.
كما أعربت الصحف السورية عن صدمتها من اعتداء مجموعات مروحيات أمريكية على مزرعة في منطقة البوكمال المحاذية للحدود مع العراق دون ادراك تبعات وعاقبة مثل هذه الأعمال "الشائنة" ، وقالت صحيفة (البعث) الرسمية إن هذا الاعتداء هو تأكيد على مؤشرات خطيرة في "الجنون السياسي والغطرسة" ، معتبرة ما حدث انزلاقا للأدارة الامريكية المرتحلة إلى خطوة أقل ما يقال فيها أنها غير مدروسة بل تفتقر إلى الحد الأدنى من الحيثية السياسية .
صحيفة (تشرين) هى الأخرى اعتبرت ما حدث بأنه "وبال حقيقي" للمرشح الجمهوري جون ماكين نتيجة الأخطاء السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية التي ترتكبها إدارة بوش ، قائلة إن الرئيس الأمريكي القادم سيجد نفسه مباشرة عند وصوله إلى عتبات البيت الأبيض أمام كم هائل من الإخفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية الأمريكية التي عليه البدء بمعالجتها بالسرعة القصوى.
إلى ذلك، كشف موقع "سيريانيوز" السوري على الإنترنت أن المنطقة التي استهدفها الهجوم الأمريكي هي منطقة سكنية آمنة وسالمة ولا يوجد بها نشاطات مسلحة أو عمليات تهريب أو ما شابه, مشيرا إلى أن المنزل قيد البناء والذي اقتحمه الجنود الأمريكيون ليس لديه أية صفة عسكرية أو رسمية.
وأضاف أن ضحايا الهجوم الأمريكي هم أحمد ركة خليفة (20 عاما) والحارس علي عباس (50 عاما) وداوود محمد العبد الله (50) وأولاده الأربعة عليان (18) وإبراهيم (22) وفيصل (34) وسليمان (16) بالإضافة إلى زوجة الحارس , وجميعهم مدنيون ومن أبناء المنطقة ، مستغربا قيام القوات الأمريكية باستهداف هذه المنطقة التي لا توجد لها أهمية تذكر.
وفي المقابل ، زعم المتحدث باسم الحكومة العراقية على الدباغ أن الغارة التي شنتها مروحيات أمريكية على منطقة منطقة البوكمال داخل الأراضي السورية استهدفت منطقة يستخدمها مسلحون لشن هجمات داخل العراق.
وأضاف أن هذه المنطقة كانت مسرحا لنشاطات تنظميات معادية للعراق وتنطلق من سوريا ، مشيرا إلى أن العراق طلب من سوريا تسليم المجموعة التي تتخذ من تلك المنطقة مقرا لأعمالها .
واستطرد يقول :" إن العراق يسعى إلى علاقات طيبة ومتميزة مع سوريا وإن وجود بعض الجماعات المعادية التي تدعم وتساهم في نشاطات ضد العراقيين يعرقل تقدم هذه العلاقات".
وتربط سوريا والعراق حدود مشتركة تبلغ طولها 650 كيلومترا وتبعد منطقة البوكمال عن الحدود مع العراق بحوالي خمسة كيلومترات, ويتبع لها معبر حدودي نظامي بين البلدين, وتقابلها على الطرف العراقي من الحدود منطقة القائم.
<td width=1> |
قبل أيام قليلة من انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، فوجىء العالم بغارة للجيش الأمريكي على الأراضي السورية ، الأمر الذي أثار حيرة الجميع حول مغزى هذا الانتهاك الصارخ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟.
بداية ، يمكن القول إن الغارة إن كانت تنم عن شيء ، فإنما تؤكد أن سوريا تدفع الآن ثمن أخطاء وفشل السياسة الخارجية لبوش ، حيث لم يجد أضعف منها حاليا يستعرض عضلاته أمامها ، لرفع أسهم المرشح الجمهوري جون ماكين وللتغطية على الأزمة المالية وإخفاقه في توجيه ضربة عسكرية لإيران .
هذا بجانب السعي لتركيع دمشق أكثر وأكثر عبر إجبارها على فك تحالفها الوثيق مع طهران وتشديد الإجراءات الأمنية على حدودها مع العراق ، وهذا ما أشارت إليه بالفعل صحيفة "التايمز" البريطانية التي ذكرت أن الغارة التي نفذتها أربع مروحيات أمريكية على مزرعة في منطقة البوكمال السورية المحاذية للحدود مع العراق في 26 أكتوبر جاءت في إطار الانتقام من عدم قدرة دمشق على ضبط حدودها التي تعتبر أحد مداخل الجهاديين إلى العراق ، بالإضافة إلى أن هجوم على دولة مستقلة يحتاج موافقة من أعلى السلطات الأمريكية ، الأمر الذي يشير إلى أن الغارة رسالة تحذير لدمشق من عواقب الاستمرار في التحالف مع إيران .
واشنطن تهدف من الرسالة العسكرية أيضا إجبار دمشق على المضي قدما في محادثات السلام مع إسرائيل حتى وإن كانت نتائجها محسومة بالفشل سلفا ، وذلك بهدف إضعاف موقف حماس وحزب الله والقضاء على قوى المقاومة في فلسطين ولبنان.
فبالإضافة لإغراءات واشنطن التي تلوح خلالها برفع سوريا مما تسميه "محور الشر" وإنهاء العزلة الدولية المفروضة عليها في حال تخلت عن دعم المقاومة وانضمت لمحور "الاعتدال العربي" ، هناك ضغط عسكري ملحوظ يمارس على دمشق بين الفينة والأخرى للاستجابة لرغبات واشنطن وتل أبيب ، والدليل على ذلك الغارة الإسرائيلية في سبتمبر 2007 على ما كان يعتقد أنه مبنى سورى قيد الإنشاء لمفاعل نووي ، فقد اكتفت سوريا حينها بالاستنكار وعدم الرد عمليا على الغارة، ودخلت بعد ذلك في مفاوضات سرية مع إسرائيل من خلال الوسيط التركي ، أي أنها رضخت فيما يبدو للرسالة التي حملتها الغارة الإسرائيلية .
هناك أيضا موضوع الاتفاقية الأمنية التي تضغط واشنطن لتوقيعها مع الحكومة العراقية والتي تمهد للاحتلال الدائم بإقامة قواعد عسكرية في كافة أنحاء العراق ، وبالنظر إلى أن سوريا والعرب ليس من مصلحتهم هذا الأمر ، فقد بعثت واشنطن برسالة قوية لدمشق من خلال غارة 26 أكتوبر تتضمن تحذيرا من مغبة دعم المعارضة العراقية للاتفاقية أو تسهيل عبور المقاتلين عبر أراضيها لتصعيد المقاومة المسلحة وإحباطها قبل إتمامها.
توقيت الغارة فيما يبدو أيضا ليس بيعيد عن التوتر المتصاعد بين روسيا وأمريكا ، فهى تبدو وكأنها انتقام من موقف الرئيس بشار الأسد المؤيد لروسيا في أزمتها الأخيرة مع الغرب على خلفية التدخل العسكري في جورجيا ، بجانب محاولة إحباط الخطط الروسية لإقامة قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري ، والتي قد تؤدي في حال إقامتها إلى تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وردع أي تهديد مستقبلي من قبل واشنطن وتل أبيب لدمشق.
ويقفز هنا تساؤل جوهري " هل تحقق الغارة الأمريكية أهدافها ؟ ".
الإجابة على الأرجح " لا " وذلك لعدة أمور طرأت على الموقف السوري في الآونة الأخيرة ، من أبرزها نجاح دمشق في كسر حاجز العزلة الدولية المفروضة عليها عبر استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع فرنسا ولبنان ، وتوثيق تحالفها الاقتصادي والعسكري مع روسيا ، وهى أمور تجعل واشنطن تفكر ألف مرة قبل التفكير في الإقدام على غزو سوريا في حال رفضها الاستجابة لرغباتها.
أحد ضحايا العدوان | <td width=1>
هذا بالإضافة إلى أن سوريا ظهرت أمام العالم مؤخرا وهى ضحية للإرهاب ، والمقصود هنا الانفجار الذي وقع قرب مركز أمني بمنطقة سيدي قداد على طريق مطار دمشق الدولي في 27 سبتمبر الماضي والذي أسفر عن مقتل 17 شخصا وإصابة 14 آخرين.
التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات الأمنية المختصة في سوريا كشفت أن التفجير ناجم عن سيارة مفخخة دخلت إلى سوريا من دولة عربية مجاورة، وأن "الإرهابي" الذي نفذ العملية على علاقة بـ"تنظيم تكفيري" ، الأمر الذي يؤكد أن ضبط الحدود هو أمر خارج قدرات سوريا ، بالإضافة إلى أنها هدف للإرهابيين وبالتالي يتأكد زيف الادعاءات الأمريكية حول دعمها للإرهاب .
وفي ضوء ما سبق ، يرجح البعض أن الغارة لن تحسن موقف بوش أو المرشح الجمهوري جون ماكين ، بل من شأنها خلق تعاطف دولي كبير مع سوريا باعتبارها ضحية جديدة لمغامرات بوش الفاشلة ، وقد تدفع دمشق أيضا لتحويل المزاعم الأمريكية بشأن تسهيلها دخول المسلحين العرب وعناصر القاعدة للعراق لحقيقة واقعة ، لن يكتوي بنيرانها إلا جنود أمريكا.
لماذا لم ترد سوريا ؟
ورغم أن البعض يوجه انتقادات كثيرة لدمشق لالتزامها الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية والأمريكية المتواصلة لحرمة أراضيها ، سواء كان ذلك في غارتي سبتمبر 2007 و26 أكتوبر 2008 ، أو في اغتيال العميد محمد سليمان المستشار الأمني بارز للرئيس بشار الأسد في بداية أغسطس 2008 ، وقبله اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية في فبراير 2008 ، إلا أن هناك من رأى في التأني السوري ذكاء وليس اختباء في الجحور.
فدمشق ترفض أن تكون كبش الفداء الذى يبحث عنه الجمهوريون لتحسين صورتهم قبل انتخابات الرئاسة أو إسرائيل للتغطية على أزمتها الداخلية المتفاقمة جراء الهزيمة التى منيت بها أمام حزب الله فى حرب صيف 2006 ، وجرها لمعركة ليست هى من يحدد توقيتها وبالتالى نتائجها .
بالإضافة إلى أن الوضع العربى الهش الراهن لايوفر لدمشق الغطاء والدعم فى حال ردت عسكريا على الاستفزازات الإسرائيلية والأمريكية ، فالمحور السعودى السورى المصرى الذى كان يشكل في السابق صمام الأمان للأمن القومى العربى في مواجهة الأطماع الصهيونية تفككت أضلاعه إثر الانتقادات التى وجهها الرئيس بشار الأسد لموقف السعودية ومصر السلبى من العدوان الإسرائيلى الأخير على لبنان وتشبيهه لبعض الحكام العرب بأنهم أنصاف رجال.
فواشنطن ما كانت لتجرؤ على انتهاك سيادة سوريا لو كانت متأكدة من وجود موقف عربي متماسك وقوي خلف دمشق ، حيث لم تصدر إدانة رسمية عربية للغارة ، وهذا ما انتقده صراحة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، الذي وصف ما حدث بأنه عدوان سافر على دمشق ويجب أن يكون هناك رد فعل عربي قوي ومسموع ، مشيرا إلى أن الأمريكيين قاموا بذلك في وضح النهار وبالتالي فان الأمر متعمد وليس مجرد خطأ.
وبجانب ما سبق ، فإن حزب الله الذى طالما اعتمدت عليه سوريا في السابق للرد بعملية محدودة وسريعة على الاستفزازات الإسرائيلية والأمريكية ، خرج من اللعبة ولو مؤقتا بعد صدور القرار 1701 الذى أبعده عن الحدود مع إسرائيل .
وهناك أمر آخر يجعل سوريا تفكر ألف مرة قبل الرد على وقاحات تل أبيب وواشنطن ألا وهو الاحتلال الأمريكى للعراق ووجود حوالى 160 ألف جندى أمريكى بالقرب من حدودها ، الأمر الذى وضعها فى مأزق استراتيجى حاد يصعب عليها التعامل معه بشكل منفرد، حيث نتج عنه أن أصبحت سوريا شبه محاصرة ، فمن الغرب ما زالت إسرائيل تحتل هضبة الجولان السورية، بينما أصبحت الولايات المتحدة تحتفظ بقوات عسكرية ضخمة على حدودها من جهة الشرق ، كما أخرج العراق من معادلة موازين القوى فى دائرة الصراع العربى ـ الإسرائيلى ، الأمر الذى تسبب بحرمان سوريا والفلسطينيين من أى دعم محتمل كان يمكن الحصول عليه من العراق فى حال نشوب حرب إقليمية.
أوراق ردع مستقبلية
ويجب التأكيد هنا أن ما سبق لا يعني أن سوريا ستواصل التزام الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية والأمريكية ، فهى وإن كانت فقدت الكثير من أوراق اللعبة فى السنوات الأخيرة ابتداء بانهيار أكبر حلفاءها وهو الاتحاد السوفيتى ووقع هجمات 11 سبتمبر 2001 ووضعها في خانة محور الشر مع إيران واضطرارها للانسحاب من لبنان الذى كان يوفر لها عمقا استراتيجيا فى مواجهة التهديدات الإسرائيلية بالإضافة إلى وصف حركات المقاومة بالإرهاب وتحولها لعبء بعد أن كانت ورقة مساومة لاستعادة الجولان دون حرب ، إلا أنها مع ذلك تمتلك أوراقا مؤثرة يمكن أن تردع إسرائيل وأمريكا مستقبلا عن مواصلة تلك الاستفزازات وتشكل دعما لها فى حال نشوب حرب .
بشار والرئيس الروسي | <td width=1>
وكما يقول المثل الشعبى " رب ضارة نافعة " ، فقد اعتبر حادث تحليق مقاتلات إسرائيلية فوق القصر الرئاسى الذى كان يتواجد فيه الرئيس بشار الأسد في اللاذقية في 28 يونيو 2006 بمثابة شرارة التغيير في الاستراتيجية العسكرية السورية التى طالما ركزت على اقتناء الأسلحة للدفاع عن الأراضى السورية فقط ، حيث انتقلت لمرحلة أخرى تركز على ضرورة إسقاط الطائرات الإسرئيلية قبل أن تصل الحدود السورية بالإضافة إلى تهديد العمق الإسرائيلى عبر التركيز على تحديث منظومة الصواريخ وجاءت حرب 12 يوليو 2006 أيضا لتؤكد لسوريا ضرورة الإسراع في هذا الأمر بعد أن فضح حزب الله الجيش الإسرائيلى الذى لم يتمكن من صد صواريخ حزب الله طيلة 33 يوما هى مدة الحرب.
وبعد الغارة التي شنتها إسرائيل في سبتمبر 2007 ، شرعت القيادة السورية في تحديث قواتها المسلحة بما يمكن وصفه ب "قدرات الحرب غير المتماثلة " ، حيث سعت للحصول على الصواريخ الباليستية بعيدة المدى بهدف بناء ذراع هجومية وتحييد التفوق التقليدي الإسرائيلي في هذا الشأن .
روسيا .. طوق النجاة
وبجانب الاهتمام بتحديث قدراتها العسكرية ، فهناك متغير دولى مهم جدا بدأت تتشكل ملامحه مؤخرا ويصب فى النهاية بمصلحة سوريا ألا وهو سعى روسيا لاستعادة هيبتها فى العالم ، وجاءت خطط واشنطن لبناء نظام دفاع صاروخى في أوروبا الشرقية بالقرب من حدودها لتدفع في هذا الاتجاه بعد أن أصبح أمنها القومى مهددا ، ولذا سارعت إلى إعادة تصويب الصواريخ الروسية العابرة للقارات نحو أوروبا الغربية واستئناف إنتاج القاذفات الإستراتيجية والصواريخ المتطورة والبحث عن قواعد وتسهيلات عسكرية في مناطق حساسة استراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة كالشرق الأوسط .
هنا حدث مجددا التقاء في المصالح بين روسيا وسوريا كما كان الحال في عهد الاتحاد السوفيتى السابق وخلال الحرب الباردة ، فدمشق تبحث حاليا عن قوة كبيرة تدعمها في وجه التهديدات الأمريكية والإسرائيلية ، فيما وجدت روسيا ضالتها لاستعادة قوتها في العالم وخاصة في الشرق الأوسط في سوريا ، وإلى أن يتم إقامة قاعدة عسكرية روسية في ميناء "طرطوس" ، فإن الأرجح أن الرد السوري على أمريكا وإسرائيل متجمد لبرهة من الزمن وليس إلى الأبد.
الغارة الأمريكية
وكانت أربع مروحيات أمريكية قد انتهكت ظهر الأحد الموافق 26 أكتوبر الأجواء السورية في منطقة البوكمال وقامت بالاعتداء على مبنى مدني قيد الإنشاء وأطلقت النار على العمال داخله ، ما أدى إلى استشهاد ثمانية أشخاص بينهم زوجة حارس البناء وأربعة أطفال ، بالإضافة إلى إصابة 14 آخرين.
الموقع الذي استهدفه القصف | <td width=1>
وقال شهود عيان في المنطقة إن المروحيات الأمريكية قامت بإنزال لجنودها قرب المبنى وحاصروه قبل أن يطلقوا وابل نيرانهم ، وبعدها عادت المروحيات إلى الأراضي العراقية .
وتباينت ردود الأفعال حول الغارة ، حيث لم يصدر أي رد أو تعليق رسمي من الإدارة الأمريكية ، فيما استمرت ردود الأفعال الغاضبة والمنددة بالعدوان الأمريكي داخل سوريا ، حيث استدعت وزارة الخارجية السورية القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في دمشق وأبلغته احتجاج وإدانة سوريا للاعتداء الخطير ، وحملت الإدارة الأمريكية المسئولية الكاملة عنه، كما تم استدعاء القائم بالأعمال العراقي إلى وزارة الخارجية للغرض ذاته.
وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها أن المنطقة التي هاجمتها المروحيات الأمريكية لا تحوي أي مواقع عسكرية أو بؤر أو خلايا تحوي مجموعات إرهابية وأن عدد سكان المنطقة يبلغ 2000 شخص.
ووصف الدبلوماسي السوري جهاد مقدسي الهجوم الأمريكي بأنه "جريمة شنعاء"، قائلا :" إذا كان لدى الولايات المتحدة أي دليل على أي عبور المسلحين للعراق ، فبدلا من تطبيق قانون الغاب والتعدي دون سابق استفزاز على دولة ذات سيادة كان عليها أن تأتي إلى السوريين أولا وتطلعهم على هذه المعلومات"، مشيراً إلى أن إدارة بوش أثبتت أنها غير منطقية ولا تحترم القانون الدولي أو حقوق الإنسان وأن سوريا تحتفظ لنفسها بحق الرد بالطريقة المناسبة.
وفي السياق ذاته ، قال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا عمار قربي إن هذه العملية هي جريمة ضد مواطنين أبرياء واختراق لسيادة دولة مستقلة، موضحا أنه مهما كانت الحجج التي قد تساق فهي غير مبررة وهناك إجراءات واتفاقات دولية يجب احترامها، داعيا إلى إدانة دولية واسعة ومحاسبة المسئولين عن هذه الجريمة.
كما أعربت الصحف السورية عن صدمتها من اعتداء مجموعات مروحيات أمريكية على مزرعة في منطقة البوكمال المحاذية للحدود مع العراق دون ادراك تبعات وعاقبة مثل هذه الأعمال "الشائنة" ، وقالت صحيفة (البعث) الرسمية إن هذا الاعتداء هو تأكيد على مؤشرات خطيرة في "الجنون السياسي والغطرسة" ، معتبرة ما حدث انزلاقا للأدارة الامريكية المرتحلة إلى خطوة أقل ما يقال فيها أنها غير مدروسة بل تفتقر إلى الحد الأدنى من الحيثية السياسية .
صحيفة (تشرين) هى الأخرى اعتبرت ما حدث بأنه "وبال حقيقي" للمرشح الجمهوري جون ماكين نتيجة الأخطاء السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية التي ترتكبها إدارة بوش ، قائلة إن الرئيس الأمريكي القادم سيجد نفسه مباشرة عند وصوله إلى عتبات البيت الأبيض أمام كم هائل من الإخفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية الأمريكية التي عليه البدء بمعالجتها بالسرعة القصوى.
إلى ذلك، كشف موقع "سيريانيوز" السوري على الإنترنت أن المنطقة التي استهدفها الهجوم الأمريكي هي منطقة سكنية آمنة وسالمة ولا يوجد بها نشاطات مسلحة أو عمليات تهريب أو ما شابه, مشيرا إلى أن المنزل قيد البناء والذي اقتحمه الجنود الأمريكيون ليس لديه أية صفة عسكرية أو رسمية.
دماء السوريين في مكان الحادث | <td width=1>
وأضاف أن ضحايا الهجوم الأمريكي هم أحمد ركة خليفة (20 عاما) والحارس علي عباس (50 عاما) وداوود محمد العبد الله (50) وأولاده الأربعة عليان (18) وإبراهيم (22) وفيصل (34) وسليمان (16) بالإضافة إلى زوجة الحارس , وجميعهم مدنيون ومن أبناء المنطقة ، مستغربا قيام القوات الأمريكية باستهداف هذه المنطقة التي لا توجد لها أهمية تذكر.
وفي المقابل ، زعم المتحدث باسم الحكومة العراقية على الدباغ أن الغارة التي شنتها مروحيات أمريكية على منطقة منطقة البوكمال داخل الأراضي السورية استهدفت منطقة يستخدمها مسلحون لشن هجمات داخل العراق.
وأضاف أن هذه المنطقة كانت مسرحا لنشاطات تنظميات معادية للعراق وتنطلق من سوريا ، مشيرا إلى أن العراق طلب من سوريا تسليم المجموعة التي تتخذ من تلك المنطقة مقرا لأعمالها .
واستطرد يقول :" إن العراق يسعى إلى علاقات طيبة ومتميزة مع سوريا وإن وجود بعض الجماعات المعادية التي تدعم وتساهم في نشاطات ضد العراقيين يعرقل تقدم هذه العلاقات".
وتربط سوريا والعراق حدود مشتركة تبلغ طولها 650 كيلومترا وتبعد منطقة البوكمال عن الحدود مع العراق بحوالي خمسة كيلومترات, ويتبع لها معبر حدودي نظامي بين البلدين, وتقابلها على الطرف العراقي من الحدود منطقة القائم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى